مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

معلومة ، حصل شك أم لا تختبر بثلاثة أيام ، بمعنى انه جوز الاختبار بالحلب في الثلاثة ، فإن ظهرت في ظرفها فله الرد ، لا انه لا بد عن الثلاثة والنقص بعد الأول في كلها ، فإنه إذا حلب أو لا مقدارا ثم حلب آخر كان انقص من الأول نقصانا بينا عرفا ـ بحيث لا يقال له المساوي لقلة التفاوت المتعارف في العبادة والغالب ـ كان له الرد في الحال ، وان زاد بعد ذلك على الأول أو ساواه ، لتحقق التصرية الموجبة ، ولا تزول بالتساوي أخيرا ، لاحتمال كونه بسبب أو هبة من الله قاله في الشرح أيضا.

وقال أيضا : واما جعل الثلاثة ، لمصلحته لجواز ان يحلب الأخير فقط ناقصا عن الأولين فإن له الخيار.

وبالجملة ان كان الكل مساويا مساواة عرفية ، وهي عدم تفاوت فاحش عرفي ، فلا خيار. وكذا ان كان الأول ناقصا ، وان كان الأولان مساويين والأخير ناقصا ، أو الوسط ناقصا ، فالخيار ثابت كذا يفهم من الشرح ، وشرح الشرائع أيضا.

وفيه تأمل خصوصا إذا كان الأخير بعد الناقص في الوسط مساويا للاول وزائدا ، لأنه قد يختلف باختلاف الزمان والمكان والمأكول والمشروب فبمجرد ثبوت نقصان ما ، يشكل القول بثبوت التصرية الموجبة للرد ، مع اقتضاء العقد اللزوم بعد التصرف ، وهو خلاف الأصل والدليل ، من وجهين مع عدم النص فيه ، فينبغي الاقتصار على الموضع الذي ثبت أنه مصراة بالنص والإجماع.

وبالجملة هذه المسألة مشكلة ، لأنها مخالفة لأصل اللزوم ، من جهة الرد مع عدم العيب ، والرد بعد التصرف الممنوع فيما ثبت له الرد مع عدم النص.

ولكن لما كانت تدليسا ـ وقاعدة عدم الضرر ، تقتضي جواز الرد وان تصرف في أيام الثلاثة التي هي محل خيار المشتري في سائر الحيوانات ـ جوّز الرد مع التصرف ، مؤيدا بأخبار العامة ، ولكن تصرفا يعلم به حال اللبن ، لا غير ، لأن في

٤٤١

وتثبت في الشاة والبقرة والناقة على اشكال ، لا في الأمة والاتانة ، ولو صارت التصرية عادة في الثلاثة سقط الخيار ، لا بعدها.

______________________________________________________

التصرية ضررا عظيما فيما المطلوب منه اللبن ولا تعلم الا بالحلب ولا تظهر باليوم واليومين غالبا ، وكثيرا ما يتفق في يومين بسبب التصرية أو مع موجب للزيادة أو المساواة لليوم الأول فنيطت (اي علقت خ) بالثلاثة لدفع ذلك ، مع الخيار في الثلاثة في كل الحيوان ، وجوّز مع التصرف أيضا لدفع الضرر ، وهو منتف في غير هذه الصورة بتجويز أخذ الأرش ، وهو هنا غير مجوز ، لعدم كونه عيبا ، ولا قائل به.

مع ما عرفت من عدم النص الصحيح الصريح في ان كل تصرف مسقط للخيار.

ومع ذلك ينبغي الاقتصار على ما يتحقق ذلك لا مجرد الاختلاف بسبب ما ، نعم ذلك مع الإقرار أو البينة لا بأس به.

ونجد في شرح الشرائع انه عكس الأمر ، حيث ما اكتفى بالإقرار والبينة ، بل شرط معهما النقص أيضا ، واكتفى بمجرد وجود الاختلاف في الوسط وان كان الأول والأخير متساويين ، أو الأخير زائدا على الأول مع نقص في البين ، وهو اعرف ، فافهم.

قوله : «وتثبت في الشاة والبقرة إلخ» الإشكال في البقرة والناقة ، لا في الشاة ، فإن ثبوت التصرية فيها مما لا خلاف فيه على الظاهر.

ووجه الاشكال عدم وجود النص والإجماع ، ووجود العلة الموجبة في الشاة ، فالثبوت ليس ببعيد ، لما تقدم من العلة في الشاة ، إذ لا نص ، بل التدليس الموجب لذلك ، والا لزم الضرر المنفي عقلا ونقلا (١) مؤيدا بأخبار العامة.

فإنه ذكر في التذكرة : ان الأقرب ثبوتها في الناقة والبقرة وبه قال الشافعي

__________________

(١) قد مرّ في شرح قول المصنف قدس سره (وخيار الغبن) فراجع.

٤٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وغيره ممن اثبت الخيار الا داود ، لأن النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : لا تصروا الإبل والغنم (١).

وفي رواية أخرى : من باع محفظة ولم يفصل إلخ.

وفي دلالة الرواية تأمل ، ولكن الظاهر ان أمثالها دليل الغنم ، وانه لو ثبت كونها منهيا عنها ، مع انها موجبة لضرر المشتري ، لدل على جواز الرد وان تصرف لعدم القائل بالفرق ، ولما تقدم.

وقال أيضا : ولان لبن البقرة أكثر نفعا من الإبل والغنم ، فتجويز داود فيهما (٢) دونها ضعيف.

وبالجملة : ينبغي جواز الرد في كل تدليس بشي‌ء يوجب زيادة الثمن بإظهار ما ليس فيه ، مع كونه مطلوبا منه ، فلهذا لا يثبت بالتصرية في غير الثلاثة عند أصحابنا كما يظهر من التذكرة مثل الأمة ، والأتان ، هي بفتح الهمزة جمعها الأتن ، وهي الحمارة ، لأن اللبن غير مقصود منهما.

نعم يمكن إثبات جواز الرد في الأمة بتحمير الوجه واسوداد الشعر الأبيض ووصله وغير ذلك ، وان لم يكن عدمه عيبا ، فتأمل ، خصوصا مع التصرف.

قال في التذكرة : وقد يلحق بها التدليس ، فلو حبس ماء القنات ثم أرسله عند البيع أو الإجارة فيخيل (فيتخيل خ) المشتري كثرته ثم ظهر له الحال ، وكذا لو حمّر وجه الجارية أو سود شعرها وجعده ، أو أرسل الزنبور في وجهها فظنها المشتري سمينة ثم بان الخلاف فله الخيار.

اما لو لطخ ثوب العبد بسواد فتخيل المشتري كونه كاتبا فلا خيار ، فإن

__________________

(١) التذكرة ج ١ ص ٥٢٦ في أحكام خيار العيب.

(٢) أي في الشاة والإبل دون البقرة.

٤٤٣

والا باق القديم ،

______________________________________________________

الذنب للمشتري حيث اغتر بما ليس فيه كثير تغرير إلخ.

ومنها يعلم انه لو أقر وقال انه كاتب مثلا ، يكون له الخيار وان لم يشترط في متن العقد ، وهو ظاهر فتأمل.

ثم ان الظاهر عدم الفرق في التصرية بين كون البائع فعل ذلك قصدا ، أو صار من عند نفسه ذلك لعدم الحلب اتفاقا ، ويؤيده ثبوت الرد للمشتري بالعيب السابق ، وان كان البائع جاهلا به قاله أيضا في التذكرة ، فتأمل حيث فهم في التصرية الرد من النهي (١).

ولعلك فهمت شرح قوله (ولو صارت التصرية عادة إلخ) يعني إذا صارت الحلبات في الثلاثة كلها متساوية أو الأولى انقص لا خيار ، واما ان لم تصر في الثلاثة كذلك بل اختلفت بالزيادة والنقصان بان صار مثلا ، أو لا زيادة ثم نقص الثاني ، فله الخيار وان عادت بعد الثلاثة إلى الأول أو زادت ، لما مرّ.

وظاهره ان ما ذكره في مطلق التصرية ، ويمكن جعله في غير المعلوم بالإقرار والبينة ، لما مرّ أيضا فتذكر وتأمل

قوله : «والإباق القديم» : ظاهره ان مجرد الإباق قبل البيع عيب يثبت به الرد أو الأرش للمشتري وان لم يأبق عنده أصلا ، وان كان قديما ، بل وجد عند غير البائع.

وفيه تأمل ، إذ ينبغي صدق العيب ، وبمجرد ذلك ، الصدق غير ظاهر ، خصوصا إذا كان عتيقا وصغيرا وانتقل إلى أيدي متعددة وهو الان يكون مقيدا ومسلوبا عنه ذلك عيبا عنده ، نعم لو أبق مع ذلك عند المشتري ، أو علم منه ذلك مكررا ، أو عادة ، أو ان حاله ذلك ، الا انه قد حفظ وما حصل له ذلك والا لفعل

__________________

(١) يعني فهم العلامة قدس سره من قوله صلّى الله عليه وآله (لا تصروا) جواز الرد بعد تحقق التصرية.

٤٤٤

وعدم الحيض ستة أشهر ممن شأنها الحيض.

______________________________________________________

ذلك مهما قدر ، فهو عيب ، وتجدده عند المشتري في زمان الخيار كالقديم والحديث عند البائع قبل القبض مثل سائر العيوب.

ويدل على كونه في الجملة عيبا ، ما قال في التهذيب : قال محمد بن علي : فأبق؟ قال : لا يرد الا ان يقيم البينة أنه أبق عنده (١).

كأنه تتمة صحيحة أبي همام الاتية في عيوب السنة.

فظاهر المتن كما هو ظاهر أكثر العبارات غير بعيد ، فتأمل.

قوله : «وعدم الحيض إلخ» دليل كون عدم الحيض ستة أشهر ممن شأنها الحيض ، عيبا ترد به.

رواية داود بن فرقد قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل اشترى جارية مدركة فلم تحض عنده حتى مضى لها ستة أشهر وليس بها حمل؟ قال : ان كان مثلها تحيض ولم يكن ذلك من كبر فهذا عيب ترد منه (٢) وهي صحيحة ودلالتها واضحة وموافقة للاعتبار من ان عدم الحيض غالبا موجب لعدم النسل وانه موجب لبعض الأمراض.

ولكن ينبغي ان لا يكون مجرد بلوغ تسع سنين والتأخير ستة أشهر موجبا لذلك لانه قد عرف بالتجارب أنه متأخر عن أربعة عشر سنة وزيادة من غير ان يعد عيبا ونقصا.

بل ينبغي ان ينظر إلى أمثالها سنا مع الاتفاق بالبلد والمزاج في الجملة ، فإن وجد منها الحيض دونها يكون عيبا ترد به ، وكأنه إليه أشار عليه السلام بقوله : (ان كان مثلها تحيض) وما يريد منه البلوغ الشرعي مثل تسعة سنين لما مرّ ، ولأنه

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٢ من أبواب أحكام العيوب ، قطعة من حديث ٢.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٣ من أبواب أحكام العيوب ، الحديث ١.

٤٤٥

والثفل في البرز وشبهه الخارج عن العادة ،

______________________________________________________

كان مفروضا في السؤال ، وحينئذ يستفاد انها مع ذلك وعدم الكبر وحبس الحيض ستة أشهر عيب ترد به ، ولا يعلم حكم الأقل (١) من ستة أشهر نفيا وإثباتا.

وظاهر شرح الشرائع (٢) انها تدل على الأقل أيضا ، فإن ظاهرها عدم التقييد بستة ، بل البناء على عدم حيض مثلها ونفي الكبر فلو قيل : بأنه متى تأخر عن عادة أمثالها في تلك البلاد ، ثبت الخيار ـ كان حسنا.

والظاهر انها خالية عن ذلك ، لان فيها حكم من تأخر حيضها ستة أشهر مع كون أمثالها تحيض وعدم الكبر ، فتأمل.

نعم يمكن ان يقال : ان ثبت عرفا أنّ تأخر الحيض أقل من ستة أشهر أيضا عيب ، فهو كذلك ، لا لهذا الخبر ، بل لما تقدم والا فلا.

ثم انه يعلم جواز الرد بعد ستة أشهر ، ولا شك في ذلك مع عدم التصرف ، واما معه فظاهر هذا الخبر ذلك ، لان عدم التفصيل دليل العموم في أمثال هذا المقام ، على ان الغالب ان لا يتم الخادم (٣) ستة أشهر من غير تصرف موجب للسقوط المقرر عندهم ، مثل اسقني ماء وأغلق الباب ، فيكون هذا العيب أيضا مستثنى لعدم ثبوته الا بعد ذلك.

ويحتمل تقييده بعدم التصرف لما تقدم ، وظاهر الدليل الأول.

قوله : «والثفل في البرز إلخ» الثفل بالضم ، والثافل ما استقر تحت

__________________

(١) وفي بعض النسخ هكذا (ولا يعلم حكم إلا بأقل).

(٢) قال في المسالك بعد نقل صحيحة داود ما هذا لفظه : (وفي دلالته على اعتبار ستة أشهر نظر ، فإنه عليه السلام انما علق الحكم على حيض مثلها وأراد به نفي الصغر والياس ، وان كان ذلك مستفادا من إثبات الإدراك ونفي كونه عن كبر ، فان من المعلوم ان مثلها تحيض في تلك المدة وأقل منها ، والسؤال وقع عن تأخر الحيض ستة أشهر ، والجواب لم يتقيد به وحينئذ ، فلو قيل بثبوت الخيار متى تأخر حيضها عن عادة أمثالها في تلك البلاد كان حسنا) المسالك ج ١ ص ١٩٥.

(٣) اي الجارية المذكورة في الصحيحة.

٤٤٦

وبول الكبير في الفراش عيوب (عيب خ ل).

اما تحمير الوجه ووصل الشعر والثيبوبة فليست عيوبا ، لكن يثبت بها الرد لو شرط أضدادها ولا أرش ،

______________________________________________________

الشي‌ء ، والبرز بالفتح والكسر حب يؤخذ عنه دهن يقال له دهن الكتان ، كأنه بتقدير المضاف دهن البرز ويطلق على الدهن كما في الصحاح.

دليل عدم الخيار بمقدار العادة ، هو اقتضاء العادة ، فكأنه عالم به واشترى فلا خيار ، فان معنى قوله بعتك هذا الدهن بتقدير الدهن مع الثفل ، ولا يضر الجهل الحاصل بالدهن من جهة جهل ذلك الثفل ، لعدم الاعتداد به ، وعدم اشتراط العلم بالوزن الى هذا المقدار ، كالتراب والتبن في الطعام والدهن مع الظرف ، وللضرورة غالبا.

وكذا لو كان كثيرا وعالما به ، ومع عدم ذلك فالظاهر انه عيب يترتب عليه احكامه.

وقوله (بول الكبير) عطف على الثفل ، أو ما قبله ، أو مبتدا وخبره عيب.

والظاهر ان بول المملوك في الفراش ـ كبيرا سواء كان عبدا أو امة ـ عيب ، وما يعرف به الكبر الذي كون البول حينئذ عيبا ، هو العرف والبلوغ بسن يكون ذلك حينئذ قليلا.

قوله : «اما تحمير الوجه إلخ» قد مرّ ما يستفاد ذلك منه ، ويدل على اللزوم مع الاشتراط ، أدلة جواز الاشتراط واللزوم بعده.

وقد مرّ انه مع عدم الإتيان بالشرط ثبت لمشترطه الخيار في الرد فقط ، بان يخرج العقد من اللزوم والوجوب الى الجواز ، ولا يثبت به الأرش لعدم الموجب.

والذي يتخيل كما مرّ إليه الإشارة ، عدم صحة العقد عليه ، لعدم ورود العقد والصيغة والرضا على ما لم (١) يوجد فيه الشرط.

__________________

(١) هكذا في النسخ كلها ، والظاهر زيادة كلمة (عدم) أو لفظة (لم).

٤٤٧

ويرد الرقيق من الجنون والجذام والبرص الحادثة ما بين العقد وسنة لا أزيد مع عدم التصرف.

______________________________________________________

فتأمل فيه ، لعل العلم بان الشرط مقتضاه عدم اللزوم لا عدم البطلان ، أو وقع العقد عليه ، فتأمل.

قوله : «ويرد الرقيق إلخ» دليل جواز الرد مع هذه العيوب ـ وان حدثت في آخر السنة ، وان كان عند المشتري ، وانفضاء زمان الخيار ، مع كونه مخالفا للأصل والقوانين.

هو الرواية (الروايات خ) الكثيرة ، مثل صحيحة أبي همام قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول : يرد المملوك من احداث السنة من الجنون والجذام والبرص ، فإذا اشتريت مملوكا فوجدت به شيئا من هذه الخصال ما بينك وبين ذي الحجة فرده على صاحبه.

قال في التهذيب : قال محمد بن علي : فأبق ، قال : لا يرد الا ان يقيم البينة أنه أبق عنده (١).

كأنها تتمة الرواية ، لعل محمدا كان حاضرا فقال : فان أبق فالى متى يكون الرد؟ قال الرضا عليه السلام : لا يرد إلخ.

وهذه تدل على ان مجرد الإباق مرة واحدة عند البائع بعد ان وجد عند المشتري موجب للرد كما أشرنا إليه هناك.

وأظن ان محمد بن علي هو الحلبي لبعض القرائن (٢).

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٢ من أبواب أحكام العيوب ، قطعة من حديث ٢ وهذا المتن بنقل الشيخ في التهذيب ، واما بنقل الكليني فبعد قوله (والبرص) ما هذا لفظه (فقلنا : كيف يرد من احداث السنة؟ قال : هذا أول السنة فإذا اشتريت (الى ان قال) فقال له محمد بن علي : فالإباق من ذلك؟ قال : ليس الإباق من ذلك الا ان يقيم البينة انه كان أبق عنده).

(٢) ان كان المراد منه محمد بن علي بن أبي شعبة الحلبي ، فليس بجيد ، لانه قد مات في زمن الصادق

٤٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي رواية علي بن أسباط عن الرضا عليه السلام ضم القرن أيضا الى الثلاثة ، حيث قال : سمعته يقول : الخيار في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري ، وفي غير الحيوان ان يتفرقا ، واحداث السنة ترد بعد السنة ، قلت : وما أحداث السنة؟ قال :

الجنون والجذام والبرص والقرن ، فمن اشترى فحدث فيه هذه الأحداث فالحكم ان يرد على صاحبه الى تمام السنة من يوم اشتراه (١).

ورواية محمد بن علي قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول : يرد المملوك من احداث السنة من الجنون والجذام والبرص والقرن قال : فقلت : وكيف يرد من احداث السنة؟ فقال : هذا أول السنة يعني المحرم ، فإذا اشتريت مملوكا فحدث به من هذه الخصال ما بينك وبين ذي الحجة رددته على صاحبه (٢).

ولعل المراد ان العقد وقع في أول المحرم ، فهو أول السنة حينئذ ، ويتم السنة آخر ذي الحجة الآتية.

ولا يضر عدم صحة سند الخبرين ، لجهل محمد في الأخيرة (٣) على اني أظنه محمد بن علي الحلبي ، فصح ووقف علي بن أسباط وغيره فيما سمعته (سبقها خ ل) (٤).

ولكن إثبات القرن مشكل ، لعدم وقوعه في المقطوع بالصحة ، وعدم ظهور

__________________

عليه السلام على ما نقله في تنقيح المقال عن السيد صدر الدين رحمه الله ، وان كان غيره فحاله مجهول.

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٢ من أبواب أحكام العيوب ، الحديث ٤.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٢ من أبواب أحكام العيوب ، نحو الحديث ٢ بسند الثاني للشيخ.

(٣) سند الحديث كما في التهذيب ص ١٣٥ محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن عبد الحميد عن محمد بن علي قال : إلخ.

(٤) سند الحديث كما في الكافي عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن علي بن أسباط عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

٤٤٩

ومعه الأرش خاصة.

______________________________________________________

القول به.

وفي البرص أيضا إشكال لورود أن العهدة فيه ثلاثة أيام في رواية عبد الله بن سنان المتقدمة في خيار الحيوان عن أبي عبد الله عليه السلام : عهدة البيع في الرقيق ثلاثة أيام ان كان بها حبل أو برص أو نحو هذا ، وعهدته سنة من الجنون ، فما بعد السنة فليس بشي‌ء (١).

والظاهر انها صحيحة ، إذ ليس فيه من به شي‌ء إلا الحسن بن علي الوشاء ، الظاهر توثيقه من كتاب الرجال (٢) ولهذا قد سمى ما هو فيه بها ، والأصل وأدلة لزوم البيع يؤيده.

ويمكن حمل غيرها على استحباب قبوله للبائع ، أو الثانية على كراهة (هية خ ل) رده وان جاز ، لعله اولى من الحمل الأول وأنسب بالعبارة ويوافق الشهرة ، فتأمل.

واما انه إذا تصرف ـ فليس له الا الأرش ، فلا يجوز الرد وقبله كان مخيرا ـ فلما تقدم وثبت عندهم ان الرد يسقط مع التصرف في المبيع مطلقا دون الأرش إلا ما استثنى ، وهذا ليس منها.

وقد مرّ الإشارة الى اني ما رأيت دليلا صحيحا صريحا في التخيير مطلقا ، ولكن يظهر عدم الخلاف (فيما خ) بينهم ، وهم اعرف.

وقد علمت أيضا ان الاخبار الدالة على الرد هنا خالية عن قيد عدم التصرف ، بل ظاهرها الرد مع التصرف أيضا ، لبعد عدم التصرف سنة في مملوك اشترى للخدمة ولو بمثل اسقني كما مرّ غير مرّة.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٣ من أبواب الخيار ، الحديث ٧.

(٢) سند الحديث كما في التهذيب ص ١٢٥ احمد بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام.

٤٥٠

المطلب الثالث : في الربا

______________________________________________________

ولان عدم التفصيل في مثله يفيد العموم ، بل نص في ذلك ، فلا يبعد استثناء هذه العيوب أيضا من عدم جواز الرد مع التصرف.

على انه قد تقدم عدم نص صريح في المنع كلية ، وعلى تقديره أيضا يجوز التخصيص بهذه الرواية ، وليس تقييد هذه بعدم التصرف بأولى من عدم تقييد تلك بعدم هذه العيوب واستثنائها منه ، بل الظاهر ان هذه اولى كما تقدم من البعد ، ولكن القائل به غير ظاهر وهم اعرف رحمهم الله.

قوله : «المطلب الثالث : في الربا» وهو في اللغة بمعنى الزيادة مطلقا.

واما في الشرع ، فالظاهر أنه الزيادة التي في المعاملة مطلقا مع الشرائط الآتية ، ومن خصه بالبيع كالمصنف بدّل (المعاملة) ب (البيع).

واصطلاحا بيع احد المثلين بالآخر مع الزيادة وانضمام شرائطه التي تأتي.

ثم ان الظاهر ان المحرم عند الأصحاب ، هو المعاملة وما يحصل بها مما يأخذه من صاحبه ما يقابل رأس المال والزيادة ، وكذا ما يعطيه كما يدل عليه دليله الذي سنذكر ، فيمكن تعريفه بها ، بل هذا اولى بحسب المعنى ، ولهذا (١) قال في مجمع البيان : معنى (أحل الله البيع وحرم الربا) أحل الله البيع الذي لا ربا فيه وحرم الذي فيه الربا ، وهذا مؤيد للمصنف من تخصيص التحريم بالبيع ، والأول انسب باللفظ ولكثرة المناسبة للمعنى اللغوي ، والأمر في ذلك هين بعد تحقيق المراد بالدليل.

والظاهر انه لا يحتاج الى استثناء الزيادة التي تجوز بين الولد والوالد والزوجين والحربي والمسلم في التعريف كما فعله في شرح الشرائع ، لأنها أيضا ربا ،

__________________

(١) أي لأجل ما نقله من الأصحاب من ان المحرم هو المعاملة.

٤٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

الا انه جائز بالدليل ، ولهذا يقال : لا يحرم الربا بين هؤلاء ، والأمر فيه أيضا سهل.

ثم الظاهر ان دليل المخصص ، كالمصنف ، ان الربا حرام (١) بالكتاب ، مثل قوله تعالى (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا) ، الى قوله (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) (٢) وسيجي‌ء الإشارة اليه ، والسنة والإجماع.

ولا شك في تحقق ذلك في البيع ، ويمكن في القرض أيضا ، واما غيرهما فلا يعلم ثبوته فيه ، مع أصل الإباحة المؤيد بظواهر الآيات والأحاديث الدالة على ان حصول التراضي يكفي للإباحة ، وعلى حصر المحرمات ، وليس هذا منها ، وان الناس مسلطون على أموالهم (٣) وخرجاهما بها ، وبقي الباقي.

والأكثر على العموم ، ويمكن ان يستدل لهم : بان الربا معلوم تحريمه بالثلاثة المتقدمة ، ومعلوم كونه لغة بمعنى الزيادة ، وليس بمعلوم نقله عنه في اصطلاح الشرع ، نعم قد يوجد في اصطلاح الفقهاء ، فكل يصطلح على ما اقتضاه دليله.

فذلك (٤) ليس بدليل ، لانه ليس بحقيقة شرعية ولا عرفية ، بل هو ظاهر ومبين في محله ، فبقي الحمل على معناه اللغوي ، الا انه يخرج عنه ما هو حلال بالإجماع ونحوه ، ويبقى الباقي تحت التحريم ، وهذا مسلك مقرر في الاستدلال.

ويؤيده ما نقل في مجمع البيان في علة تحريم الربا : انها عدم تعطيل المعاش والإجلاب والتجارة ، إذ لو وجد المدين من يعطيه دراهم وفضلا بدراهم لم يتجر ، وقال الصادق عليه السلام : انما شدد في تحريم الربا لئلا يمتنع الناس من اصطناع المعروف قرضا ورفدا إلخ (٥) (٦).

__________________

(١) قوله (ان الربا حرام) خبر لقوله (ان دليل المخصص).

(٢) سورة البقرة ـ ٢٧٥.

(٣) عوالي اللئالي ج ١ ص ٢٢٢ الحديث ٩٩ وص ٤٥٧ الحديث ١٩٨ وج ٢ ص ١٣٨ الحديث ٣٨٣ وج ٣ ص ٢٠٨ الحديث ٤٩.

(٤) أي ما اصطلح عليه الفقهاء ليس بدليل.

(٥) الرفد بالكسر ، العطاء والعون.

(٦) الى هنا كلام مجمع البيان.

٤٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والذي رأيته في الكافي حسنة (في الحسن عن خ ل) هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : انما حرم الله عز وجل الربا لكيلا يمتنع الناس من اصطناع المعروف (١).

ورواية سماعة قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : اني رأيت الله تعالى قد ذكر الربا في غير آية وكرّره ، فقال : أو تدري لم ذلك؟ قلت : لا قال : لئلا يمتنع من اصطناع المعروف (٢).

كان ما في المجمع إشارة الى هذا ، وقوله (قرضا ورفدا) يكون تفسيرا منه.

ومعلوم انه انما يلزم ذلك ان لو كان التحريم مخصوصا بالبيع دون سائر المعاوضات ، لأخذ الزيادة بتبديل صيغة بعت بصالحت ونحو ذلك وهو ظاهر.

بل هذا يدل على عدم جواز أكثر الحيل التي تستعمل في إسقاط الربا ، فافهم.

ويؤيده أيضا ما نقل فيه عن ابن عباس ، قال ابن عباس : كان الرجل منهم إذا حل دينه على غريمه فطالبه به قال المطلوب منه له : زدني وأزيدك في المال ، فيتراضيان عليه ويعملان ، فإذا قيل لهم هذا ربا ، قالوا : هما سواء ، يعنون بذلك ان الزيادة في الثمن حال البيع والزيادة فيه بسبب الأجل عند محل الدين سواء ، فذمهم الله والحق بهم الوعيد به وخطأهم في ذلك بقوله (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) اي أحل الله البيع الذي لا ربا فيه وحرم البيع الذي فيه الربا ، والفرق بينهما ان الزيادة في أحدهما لتأخر الدين وفي الآخر لأجل البيع إلخ (٣).

وكأنه لذلك حرموا الزيادة لزيادة الأجل في الفروع ، وليس ذلك بيعا

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١ من أبواب الربا ، الحديث ٤.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١ من أبواب الربا ، الحديث ٣.

(٣) رواه في مجمع البيان ج ٢ ص ٣٨٩ في بيان المعنى لآية ٢٧٥ من سورة البقرة ((الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا) الآية).

٤٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ولا قرضا ، فيعلم العموم عندهم حتى انه ذكر ذلك من ينكر العموم ، كالمصنف في سائر كتبه كالمتن.

وكان ذلك دليل تحريم الزيادة الحكمية.

ويؤيده أيضا ما ذكره في الفقيه في ذيل صحيحة يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام (١).

حيث يظهر انه منها : والربا ربا آن ربا يؤكل وربا لا يؤكل ، فاما الذي يؤكل فهو هديتك الى الرجل تريد الثواب أفضل منها ، وذلك قول الله تعالى (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) (٢).

واما الذي لا يؤكل فهو ان يدفع الرجل الى الرجل عشرة دراهم على ان يرد عليه أكثر منها فهذا الربا الذي نهى الله عنه إلخ.

وهذا كالصريح في ان الربا ليس بمخصوص بالبيع بل ولا بالدين أيضا ، لأن إعطاء غيره لأن يرد عليه الأكثر ، يشملهما وغيرهما.

وأيضا ظاهر ان الربا ليس له معنى شرعي يختصه (يخصصه خ) باسم الحرام ، بل له معنى لغوي ، وانه قد يكون حراما وقد لا يكون ، فهو يدل على صحة الاستدلال المتقدم.

وانه لا يحتاج لي القيد في تعريف الربا ليخرج ما حل منه كما مرّ ، وهو ظاهر.

ولا يخفى ان هذا الكلام يصح جعله دليلا ومؤيدا لما جعلناه مؤيدا ، من غير ان يكون من تتمة الرواية الصحيحة ليعقوب بن شعيب لاستناده الى الآية الكريمة ، وهي قوله تعالى (وَما آتَيْتُمْ) الآية ، حيث دلت على تقسيم الربا والحلال منه ، فيكون

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ج ٣ (٨٧) باب الربا ص ١٨٢ ذيل حديث ٤١.

(٢) سورة الروم ـ ٣٩.

٤٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

هو الزيادة مطلقا ، ويتم الدليل ، فتأمل.

وروى في الفقيه عن إبراهيم بن عمر (كأنها صحيحة لأن طريقه اليه صحيح ، وهو أيضا ثقة في النجاشي وغيره ، ومقبول في الخلاصة) عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) قال : هو هديتك الى الرجل تطلب (تريد ئل) منه الثواب أفضل منها فذلك ربا يؤكل. (١)

وقد نقل في الكافي عن إبراهيم هذا ما تقدم بعينه بطريق حسن ، وقد وثق إبراهيم ، النجاشي وغيره وقبله المصنف في الخلاصة ، وان ضعفه الغضائري ، والأول أرجح وهو ظاهر ، لأن الغضائري مع كونه واحدا ما ثبت توثيقه ، فإنه الحسين بن عبيد الله.

ويؤيده أيضا ما يدل على عدم الزيادة مع الشرط في القرض ، وبدونه لا بأس به.

وهي في روايات كثيرة ، مثل صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يستقرض الدراهم البيض عددا ثم يعطي سودا (وزنا خ) وقد عرف أنها أثقل مما أخذ وتطيب نفسه ان يجعل له فضلها؟ فقال : لا بأس إذا لم يكن فيه شرط ولو وهبها له كلها صلح (٢).

وأمثالها كثيرة ، وكأنه لذلك ما ظهر الخلاف في القرض من المصنف وغيره ، وان خص التعريف بالبيع في التذكرة وغيرها ، فتأمل.

وأيضا يؤيده عموم بعض الروايات ، مثل عموم ما في صحيحة عمر بن يزيد

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٣ من أبواب الربا الحديث ٢.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٢ من أبواب الصرف ، الحديث ٢.

٤٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الثقة) عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث انه قال يا عمر قد أحل الله البيع وحرم الربا ، بع واربح ولا تربه قلت : وما الربا؟ قال : دراهم بدراهم مثلين بمثل (١) فان الدراهم بالدراهم تعم جميع المعاوضات التي يكون فيها الشرط الدراهم بالدراهم مثلان بمثل وهو ظاهر ، ومثلها أيضا موجود.

وظاهر ان ليس مخصوصا بالدراهم ولا بالمثلين لدليل أخر.

ومثلها موثقة عبيد بن زرارة (لابن بكير المجمع عليه) عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : لا يكون الربا الا فيما يكال أو يوزن (٢).

وما في صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام : لا يصلح التمر اليابس بالرطب (٣).

وما في صحيحة أبي بصير وغيره عن أبي عبد الله عليه السلام قال : الحنطة والشعير (بالدقيق خ) رأسا برأس لا يزداد واحد منهما على الآخر (٤).

ورواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أيجوز قفيز من حنطة بقفيزين من شعير؟ قال : لا يجوز الا مثلا بمثل ، ثم قال : ان الشعير من الحنطة (٥).

وصحيحة محمد بن مسلم قال : سألته عن الرجل يدفع الى الطحان الطعام

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٦ من أبواب الربا ، الحديث ٢. وتمام الحديث (وحنطة بحنطة مثلين بمثل).

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٦ من أبواب الربا ، الحديث ٣ هكذا في النسخ ولكن في الكافي وفي التهذيب والوسائل (سمعت أبا عبد الله عليه السلام).

(٣) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٤ من أبواب الربا ، قطعة من حديث ١.

(٤) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٨ من أبواب الربا ، الحديث ٣.

(٥) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٨ من أبواب الربا ، الحديث ٢.

٤٥٦

وتحريم معلوم من الشرع ،

______________________________________________________

فيقاطعه على ان يعطي صاحبه لكل عشرة أرطال اثنى عشر دقيقا ، فقال : لا قلت : فالرجل يدفع السمسم الى العصار ويضمن له لكل صاع أرطالا مسماة ، قال :لا (١).

وهذه أوضح دلالة ، ولا يضر الإضمار في سنده ، لما مرّ غير مرّة.

وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : الفضة بالفضة مثلا بمثل والذهب بالذهب ، ليس فيه زيادة ولا نقصان ، الزائد والمستزيد في النار (٢).

وهذه أوضح دلالة وسندا.

وبالجملة أمثال ذلك كثيرة ، وان لم يكن نصا في جميع المعاملات ، ولكن ظاهر فيها ، وبعضها نص في دخول بعض المعاملات ، مثل تقبيل الحنطة بالدقيق على الطحان ، وكذا السمسم على البزار على ما تقدم في الصحيح ومثل القرض على ما تقدم ، فلا بد من القول بهما.

ولهذا يظهر القول من المصنف أيضا بهما ، واستدل برواية محمد المتقدمة على تحريم التقبيل ، وحينئذ لا يحسن إخراج البعض وإدخال البعض ، فان حمل الربا في الآية على البيع فقط لم يحسن ، لخروجهما مع التحريم.

ويبعد حمله على البيع ، وعليهما ، لعدم الفهم ، ولهذا لم يحمله عليهما احد.

وكذا يبعد تخصيص الآية بالبيع مع التحريم فيهما وإثباتهما بالخبر وغيره ، وهو ظاهر.

فالظاهر العموم ، وهو الأحوط ، فتأمل.

قوله : «وتحريمه معلوم من الشرع» يدل عليه الثلاثة كما مرّ ، والاخبار في

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٩ من أبواب الربا ، الحديث ٣ والحديث عن أبي جعفر عليه السلام فلا يكون مضمرا.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١ من أبواب الصرف ، الحديث ١.

٤٥٧

وانما يثبت في بيع احد المتساويين جنسا بالآخر مع زيادة عينية أو حكمية ، إذا كانا مقدرين بالكيل أو الوزن.

______________________________________________________

ذلك كثيرة (١) وقد مرّ البعض.

وتكفي في ذلك صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

درهم ربا أشد عند الله من سبعين زنية كلها بذات محرم (٢).

وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهداه في الوزر سواء (٣).

وقال علي عليه السلام : لعن رسول الله صلّى الله عليه وآله الربا واكله وموكله وبايعه ومشتريه وكاتبه وشاهديه (٤).

الظاهر ان المراد بالأكل ، التملك والتصرف ، الا انه لما كان الأكل عمدة في التصرف ، عبر به كما قاله المفسرون في تفسير (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا) الآية) (٥).

وقد أشار المصنف بقوله (معلوم) إلى أنه يقيني ، بل ضروري دين الإسلام ، فيكفر مستحله كغيره ، وصرح بذلك في التذكرة ، ومعلوم ان الشبهة المحتملة مسموعة كما في غيره.

قوله : «وانما يثبت في بيع إلخ» إشارة إلى تعيين محل الربا. وظاهره انه البيع فقط ، مع انه يوجد في كلامه وجوده في غيره أيضا ، مثل القرض وتقبيل

__________________

(١) لاحظ الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١ من أبواب الربا.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١ من أبواب الربا ، الحديث ١.

(٣) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٤ من أبواب الربا ، الحديث ١ والحديث عن علي عليه السلام.

(٤) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٤ من أبواب الربا ، الحديث ٢.

(٥) قال في مجمع البيان في تفسيره لآية ٢٧٥ من سورة البقرة ((الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا) إلخ) ص ٣٨٩ وانما خص الأكل لأنه معظم المقاصد من المال ، الى ان قال بعد الاستشهاد ببعض الآيات : والمراد بالأكل في الموضعين سائر وجوه الانتفاع دون حقيقة الأكل.

٤٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الطحان الحنطة بالدقيق ، والبزار السمسم بالزيت ، وقد صرح بذلك في التذكرة ، ومثل عدم جواز الزيادة لزيادة الأجل ، وقد تقدم هنا أيضا.

لعل مراده الإشارة إلى الشرطين الأخيرين.

(الأول) اتفاق العوضين في الجنس.

(والثاني) كونهما مقدرين بالكيل أو الوزن ، والزيادة لا بد منها ، لتحقق حقيقة الربا.

قالوا : هي أعم من ان تكون عينية مثل درهم بدرهمين وقفيز بقفيزين ، أو حكمية ، وتحصل بانضمام الأجل ، بأن يبيع قفيزا نقدا بقفيز نسية ، فان فيه زيادة حكمية وان لم تكن ظاهرة وعينية ، لان للأجل عندهم قسطا من الثمن.

وكذا يقال : فيما إذا كانت الزيادة منفعة ، مثل زيادة صنعة أو اجرة دار ودابة ، وهذا في الحقيقة داخل في الأول.

فاما دليل اشتراط اتفاق الجنس والكيل والوزن ، فالظاهر هو الإجماع عند الأصحاب ، وان كان في النسية الإجماع محل التأمل كما سيظهر مستندا الى الاخبار.

مثل صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : البعير بالبعيرين والدابة بالدابتين يدا بيد ليس به بأس ، وقال : لا بأس بالثوب بالثوبين يدا بيد ، ونسية ، إذا وصفتهما (١).

وصحيحة سعيد بن يسار قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البعير بالبعيرين يدا بيد ونسية؟ فقال : نعم لا بأس (٢).

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٧ من أبواب الربا الحديث ١.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٧ من أبواب الربا قطعة من حديث ٧.

٤٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : في حديث لا بأس بمعاوضة المتاع ما لم يكن كيلا ولا وزنا (١).

وما في صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : إذا اختلف الشيئان فلا بأس مثلين بمثل يدا بيد (٢).

وما في صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ويكره قفيز لوز بقفيزين وقفيز تمر بقفيزين ، ولكن صاع حنطة بصاعين تمر ، وصاع من تمر بصاعين من زبيب (٣).

ورواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن البيضة بالبيضتين؟ قال : لا بأس به ، والثوب بالثوبين؟ قال : لا بأس به ، والفرس بالفرسين؟ قال : لا بأس به ثم قال : كل شي‌ء يكال أو يوزن فلا يصلح مثلين بمثل إذا كان من جنس واحد ، فإذا كان لا يكال ولا يوزن فلا بأس به اثنين بواحد (٤).

ولا يضر اشتراك ابن مسكان ولا ابن رباط (٥).

وما تقدم في باب الصرف من الروايات الصحيحة الدالة على جواز بيع المثلين بمثل مع التخالف.

مثل صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن بيع الذهب بالفضة مثلين بمثل يدا بيد ، فقال : لا بأس (٦) وأمثالها كثيرة.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٧ من أبواب الربا الحديث ٣.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٣ من أبواب الربا الحديث ١.

(٣) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٣ من أبواب الربا قطعة من الحديث ٣.

(٤) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٦ من أبواب الربا ، الحديث ٣.

(٥) سند الحديث كما في التهذيب (عن الحسن بن محمد بن سماعة عن ابن رباط عن ابن مسكان عن منصور بن حازم).

(٦) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٢ من أبواب الصرف ، الحديث ٦.

٤٦٠