مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٨

ويجوز ابتياع جزء مشاع من معلوم بالنسبة كالنصف ، اختلفت اجزائه أو اتفقت

وابتياع قدر معين من المتساوي كقفيز من قبة وان جهلت ، لا من المختلف كالذراع من الثوب والجريب من الأرض

______________________________________________________

لعله (١) إشارة إلى خلاف منقول عن سلار ، حيث ذهب الى ان للأعمى الرد مع التصرف ، ولعله لعدم إمكان معرفته الا بالتصرف بالذوق ونحوه.

وهو محل التأمل ، وعموم الدليل يدل على العموم.

لعل التصرف للاختبار ولتحصيل العلم بحال المبيع ، مستثنى من التصرف كما قيل في غير الاختباري ، مثل الحيوان وغيره ، فتأمل.

قوله : «ويجوز ابتياع إلخ» يعني يجوز ان يشتري جزء مشاعا معلوما نسبة من مجموع علم كيله أو وزنه ، كالنصف من قبة حنطة معلومة ، أو ذرعه أو مساحته ، مثل النصف من الأرض المعلومة ، ودليله ظاهر.

وكذا يجوز اشتراء قدر معين من مجموع معلوم عنده ، بحيث ارتفع الجهل المانع (من مبيع متساوي الأجزاء خ ل) من الشراء منه ، متساوي الأجزاء ، مثل قفيز من قبة الحنطة والشعير ، بشرط العلم باشتماله على ذلك المقدار.

ولا يجوز اشتراء قدر معين من مجموع مجهول ، ولا مع جهل اشتماله على المقدار المبتاع ولا اشتراء قدر معين من المختلف اجزاءه ، كذرع من هذا الكرباس ، والثوب المعلوم والجريب من هذه الأرض ، مع عدم تعيين الموضع. ولو عين الابتداء بان يقول : ابتداء الذرع من هذا الرأس ، وابتداء الجريب من هذا لجانب من الأرض ، لجاز وصح ، وان نقل فيه أيضا الخلاف في شرح الشرائع.

لعل دليل الجواز عموم الأدلة ، والعلم ، وعدم المانع.

__________________

(١) اي لعل وجه تعرض المصنف لمساواة الاعمى للمبصر ، هو الإشارة إلى خلاف سلار.

١٨١

ويجب المشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة ، ويكفي مشاهدة الأرض والثوب عن المساحة.

ولو باع بالوصف ثبت للمشتري الخيار مع التغير ،

______________________________________________________

ودليل عدم الجواز فيما لم يجوز ، الجهل والغرر.

ومثل المتن أكثر عباراتهم ، وفيه تأمل إذ لم يقم دليل على اعتبار هذا المقدار من العلم ، فإنهما إذا تراضيا على ذرع من هذا الكرباس من أي رأس أراد المشتري ، أو من اي جانب كان من الأرض ، فما المانع بعد العلم بذلك ، مع ان الغالب هو التساوي في طول من الكرباس مثلا ، وارض متصلة الاجزاء ، بمعنى عدم التفاوت بين اجزائها ، المستلزم لتفاوت في القيمة ، فتأمل فيه.

قوله : «ويجب المشاهدة إلخ» أي يجب أحد الأمرين لصحة البيع في جميع المتعاوضين ، وذلك قد يكفي ، واليه أشار بقوله : (ويكفي مشاهدة الأرض والثوب عن المساحة).

وقد لا يكفي ذلك كما في المكيل والموزون والمعدود ، فإنه يحتاج إليها على ما تقدم.

ويمكن المناقشة في الثوب ، فان الكرباس مذروع ، بقرينة قوله : كالذراع من الثوب ولانه هو المتعارف ، فإنه يشمل غير المخيط ، فكيف يكفي المشاهدة ، الا ان يقال : المراد به هنا المخيط فقط ، أو يقال : ان الذرع غير شرط في المذروع كالأرض ، فإنها قد تذرع مع انه يجوز بيعها مشاهدة وموصوفة بلا ذرع ومساحة بلا نزاع ، ولكن قالوا لا بد في الوصف من ذكر الأوصاف التي يتفاوت بها الثمن كما في السلم ، فتأمل.

قوله : «ولو باع بالوصف إلخ» ثبوت الخيار للمشتري إذا لم يكن المبيع بالوصف الذي اشترى به هو المشهور بينهم.

١٨٢

وان اختلفا فيه قدم قول المشتري مع يمينه.

ولو استثنى شاة من قطيع أو جريبا من ارض بطل البيع مع عدم تعيين المستثنى.

______________________________________________________

ولعل دليله ثبوت الخيار في المعيب ، وهذا مثله ، ويحتمل الإجماع والنص. وكذا للبائع إذا باع بوصف غيره ثم ظهر أعلى ، أو كان ذلك في الثمن ، فإنه كما يجوز الوصف في المبيع يجوز في الثمن أيضا ، ويجوز في الثمن أيضا ، ويجوز للمشتري أيضا في الثمن كما قلناه في المبيع للبائع.

ولي في أمثال هذا الخيار تأمل ، لأن العقد انما وقع على الموصوف بوصف خاص ، والفرض عدم وجوده في هذا المتاع ، فما وقع العقد عليه ، فكيف يصح البيع ويثبت الخيار فيه ، فمقتضى القاعدة بطلان هذا البيع ، لا ثبوت الخيار.

قوله : «وان اختلفا فيه إلخ» اي ان اختلف البائع والمشتري في المتغير ، بان يقول المشتري شرطنا البياض مثلا وهو الآن اسود وينفيه البائع ولا بينة فالقول قول المشتري.

ووجهه أنه بالحقيقة راجع الى ان البائع يقول : بعتك هذا المتاع الحاضر والمشتري ينكره فالقول قوله مع يمينه بأنه ما اشترى الموصوف بهذا الوصف ، فبطل البيع ان كان معينا (معيبا خ ل) والا يطلب موصوفا بوصف عينه ، وحينئذ ينقلب مدعيا والبائع منكرا ، فالقول قوله في عدم بيع موصوف بذلك الوصف ، ولكن تصرف البائع في المبيع الأول وبطلان البيع في نفس الأمر ، وبينه وبين الله مشكل ، فيمكن ان يكون تصرفه في المبيع بطريق المقاصة ، وانه يجوز له ان لا يعطي الثمن ويخلي المبيع للمشتري قبل الإحلاف ، وبعده يسقط حق البائع في الثمن وحق المشتري في المبيع ، فتأمل.

قوله : «ولو استثنى شاة من قطيع إلخ» دليل البطلان حينئذ ظاهر ، لانه

١٨٣

ولو تعذر العد اعتبر مكيال وحسب الباقي عليه.

______________________________________________________

إذا كان المستثنى شاة واحدا مجهولا من القطيع المعين ، أو جريبا كذلك من الأرض المعينة ، يصير المبيع الذي هو القطيع إلا الشاة والأرض الا الجريب مجهولا ، وهو ظاهر ، ولو عين المستثنى في الموضعين يتعين المبيع ، فيصح البيع.

قوله : «ولو تعذر العدّ إلخ» هذا مشعر باشتراط العد في المعدود. ولعل المراد بالتعذر ، المشقة المتعارفة التي لا يتحمل مثلها عادة كما اعتبرت في أمثالها ، فدليل الحكم المشقة وباقي أدلة جواز العقود مع التراضي ، وعدم التفاوت الا قليلا كما في الموازين.

ورواية هشام بن سالم وابن مسكان جميعا (كأنها صحيحة) عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الجوز لا يستطيع ان يعده ، فيكال بمكيال ثم يعد ما فيه ، ثم يكال ما بقي على حساب ذلك العدد؟ فقال : لا بأس به (١).

ومثله يمكن في الوزن لو تعذر ، فيكال الكيل ثم يزن واحدة يعلم وزن الكل.

ويدل عليه رواية عبد الملك بن عمرو قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : اشترى ماءة رواية من زيت (زيتا يب) ، فاعترض راوية أو اثنتين فاتزنهما ثم أخذ سائره على قدر ذلك؟ فقال : لا بأس (٢).

والظاهر جريان ذلك في المكيل أيضا من رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يشتري بيعا فيه كيل أو وزن بغيره (يعيره كا) (٣) ، ثم يأخذ على نحو ما فيه؟ قال : لا بأس (٤).

__________________

(١) الوسائل ، الباب ٧ من أبواب عقد البيع وشروطه ، الحديث ١.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٥ من أبواب عقد البيع وشروطه ، الحديث ١.

(٣) اي بغير ما يكال أو يوزن على نحو ما فيه ، اي بغير كيل ولا وزن. ويشبه ان يكون (بغيره) (يعيره) بالمثناة التحتانية والعين المهملة ، من التعيير ، فصحف (الوافي ج ٣ باب بيع الغرر ، ص ٩٠.

وهذا مؤيد لما في الكافي. وقوله (يعيره) اي يزنه كما في هامش التهذيب نقلا عن المجلسي الأول.

(٤) الوسائل ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٤ من أبواب عقد البيع وشروطه ، الحديث ٤.

١٨٤

ولا يجوز بيع السمك في الآجام وان ضم اليه القصب أو غيره على رأى.

______________________________________________________

ولعل في هذه الاخبار إشارة واشعار بعدم جواز البيع المكيل والموزون والمعدود الا بالوزن والعدّ والكيل مع الإمكان ، ولكن ليست بصريحة بل ظاهرة مع عدم الصحة إلا الأولى.

قوله : «ولا يجوز بيع السمك إلخ» الظاهر هو السمك المملوك المقدور قبضه ، فان الظاهر عدم الخلاف في عدم جواز بيعه بدونهما (١).

وكذا ان لم يضم اليه معلوم على الظاهر.

وأيضا المراد غير المحصور ولا المشاهد ، لان الظاهر عدم الخلاف في جواز بيعه معهما ، وانما الخلاف في السمك المملوك المقدور غير معلوم العدد وغير المشاهد مع الضميمة المعلومة.

وجه الجواز مع الضميمة مطلقا ـ كما هو مذهب الشيخ ـ عموم الأدلة ، مع العلم في الجملة ، وعدم اشتراط المعرفة التامة.

ورواية البزنطي عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا كانت أجمة ليس فيها قصب أخرج شيئا من السمك فيباع وما في الأجمة (٢) ويؤيده بيع الآبق مع الضميمة.

وقيده المتأخرون : بأنه ان كان المقصود هو الضميمة ، صح ، بخلاف العكس ، أو كان كلاهما مقصودين.

وكذا في بيع كل مجهول مع معلوم مثل اللبن في الضرع والحمل ، لأن رواية الشيخ ضعيفة بالقطع ، وبسهل (٣).

__________________

(١) اي بدون كون السمك مملوكا ولا مقدور اقبضه.

(٢) الوسائل ، الباب ١٢ من أبواب عقد البيع وشروطه ، الحديث ٢.

(٣) سند الحديث كما في التهذيب (سهل بن زياد عن احمد بن محمد بن أبي نصر عن بعض أصحابه)

١٨٥

ولا اللبن في الضرع وان ضم اليه ، ما حلب

______________________________________________________

ويمكن حملها على ما إذا كان السمك المخرج مقصودا ، والمؤيد لا يدل وللنهي عن بيع الغرر (١) وعموم الأدلة مقيد به ، جمعا بين الأدلة.

هذا دليل عدم الجواز مع عدم مقصودية الضميمة.

واما دليل الجواز معها ، فهو ان المجهول حينئذ بمنزلة العدم ، ويحتمل عدم الخلاف ، وللجمع المتقدم.

والتحقيق انه ان كان هنا إجماع ، فهو المتبع ، والا فالظاهر عدم الفرق ، فان ما جزءه مجهول مطلقا ، فهو مجهول ، قال في التذكرة : كما لا يجوز بيع الحمل منفردا لا يجوز منضما الى غيره ، بان يقول : بعتك هذه الجارية وحملها ، لان جزء المبيع إذا كان مجهولا كان المبيع مجهولا ، نعم يجوز انضمامه تبعا لا مستقلا.

وفيه تأمل ، الا ان يريد جعله شرطا خارجا عن المبيع ، وصرح بأنه يجوز جعله شرطا ، فتأمل.

فإن كان بيع المجهول ممنوعا فهو كذلك ، والا فلا ، ولهذا ما فرق في الضميمة في الآبق ، والمنع غير ظاهر بحيث يقاوم عموم أدلة الكتاب والسنة وحصول التراضي ، وعموم ان للمالك التصرف في ماله كيف يشاء ، لانه فسر بيع الغرر في الصحاح بأنه مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء ، والاحتياط لا يترك.

وقد علم مما تقدم البحث في قوله : (ولا اللبن في الضرع وان ضم اليه ما حلب).

والجواز معه (مطلقا خ) هنا أيضا مذهب الشيخ لما مرّ ، ولموثقة زرعة عن سماعة ، لهما (٢) قال : سألته عن اللبن يشتري وهو في الضرع؟ قال : لا الا ان يحلب

__________________

وأراد بالقطع الإرسال بقوله (عن بعض أصحابه).

(١) عوالي اللئالي ، ج ٢ ص ٢٤٨ الحديث ١٧.

(٢) أي لأجل وجود زرعة وسماعة في طريق الحديث سمي موثقة.

١٨٦

ولا الجلود على الظهور ولا الحمل

______________________________________________________

إلى سكرجة (١) ، فتقول : اشترى منك هذا اللبن الذي في السكرجة وما في ضرعها بثمن مسمى ، فان لم يكن في الضرع شي‌ء كان ما في السكرجة (٢) (٣) اي كان المبيع ذلك.

وهذه تدل على وقوع البيع بلفظ المضارع ، وتقديم القبول ، وعدم المقارنة ، وعلى انه ان لم يحصل الغائب كان الثمن في مقابلة الموجود كما تقدم في رواية الآبق ، وعلى عدم اشتراط الكيل والوزن في اللبن ، الا انها مضمرة وموثقة.

قوله : «ولا الجلود على الظهور» ما أشار الى الخلاف هنا ، فكأنه غير جائز بالاتفاق.

ويحتمل عند الشيخ الجواز مع الانضمام ، بل مطلقا ، إذ ما نجد مانعا ، فإنه لا جهل ، لانه معلوم في الجملة مع مشاهدة ما عليه الجلد. ودليله معلوم مما تقدم الا ان يكون مجمعا عليه.

قوله : «ولا الحمل إلخ» يمكن ان يكون مراده ، لا يجوز كالجلود ولو كان مع الضميمة مطلقا الا مع امه ، إذ الظاهر جواز بيعه مع امه بالاتفاق.

قال في التذكرة : لو باع الحمل مع امه جاز إجماعا ، سواء كان في الآدمي وغيره. لعل مراده اعتبار كون الأم أصلا والحمل تبعا ، كما تقدم.

قال بعد هذا : لو قال : بعتك هذه الدابة وحملها لم يصح عندنا ، لما تقدم ان الحمل لا يصح جعله مبيعا ولا جزء منه ، فتأمل.

والبحث في عدم جوازه منضما الى امه أو غيرها مطلقا ، يعلم مما تقدم ، فلا

__________________

(١) هي بضم السين والكاف والراء والتشديد ، إناء صغير يؤكل فيه الشي‌ء القليل من الآدم ، وهي فارسية الى ان قال : قيل : والصواب فتح الراء (مجمع البحرين).

(٢) الاسكرجة في المواضع الثلاثة ـ كا ـ فيقول اشتر منى ـ كا.

(٣) الوسائل ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٨ من أبواب عقد البيع وشروطه ، الحديث ٢.

١٨٧

ولا ما يلقح الفحل

وكذا كل مجهول مقصود أضيف إلى مثله أو معلوم.

ويجوز بيع الصوف على ظهر الغنم على رأى

______________________________________________________

يبعد الجواز مطلقا مراعاة في الأخير إلى حين القبض كسائر المبيعات.

واما بيع ما يلقح الفحل ـ وهو ما تحمل الناقة ، في القاموس لقحت الناقة قبلت اللقاح ، اي حملت ـ فيبعد جوازه مع الضميمة المقصودة أيضا ، لكونه معدوما ، والوجود شرط بلا خلاف على الظاهر.

وقد علم البحث أيضا في عدم جواز بيع كل مجهول إلخ. ويفهم منه جوازه مع عدم كون المجهول مقصودا ، كما هو رأي المتأخرين ، وقد مرّ البحث فيه ، فتأمل.

ويشعر بجواز بيع الحمل مع الضميمة مطلقا ـ وان كانت صوف الحامل ـ رواية إبراهيم الكرخي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : ما تقول في رجل اشترى من رجل أصواف مائة نعجة وما في بطونها من حمل بكذا وكذا درهما؟ فقال : لا بأس بذلك ، ان لم يكن في بطونها حمل كان رأس ماله في الصوف (١).

وهذه تدل على جواز بيع الأصواف ونحوه من الأوبار والاشعار وحدها.

الا ان إبراهيم مجهول ، ولكن الظاهر انه لا يضر ، لأنه مؤيد بعموم الأدلة المتقدمة مع عدم ظهور مانع ، وهو ظاهر ، ولكن ينبغي الجزّ في الحال ، وينصرف اليه العقد مطلقا ، أو اشتراط مدة معلومة ان لم يجزّ في الحال ، لانه قد ينبت بعد الجزّ.

والظاهر ان المشاهدة فيهما تكفي وان سلم كونها مما يوزن حال الانفصال ، ولا يقيد جواز بيعها بالوزن حينئذ تخمينا ، لانه حال كونها على الظهور ليست منه جزما كالثمرة على النخل ، فيجوز بيعها على الظهر من غير ضميمة ، وأشار المصنف رحمه الله بقوله ـ ويجوز بيع الصوف إلخ ـ اليه. والى قول ، بعدم الجواز إلا

__________________

(١) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ١٠ من أبواب عقد البيع وشروطه ، حديث ١.

١٨٨

والمسك في فأره وان لم يفتق

______________________________________________________

بضميمة ، فتأمل.

واعلم ان الظاهر عدم الانعقاد على القول بعدم الجواز في جميع هذه الصور ، لان الظاهر ان مقصود الناهي منه لا يتم الا بعدم الانعقاد ، وان مقصوده عدم كون مثلها صالحا للبيع والانتقال للغرر والسفه ، فتأمل.

وأيضا قد جوز الصلح في بعض هذه العقود بدل البيع ، مع عدم جواز البيع ، وفيه تأمل لاشتراكه مع البيع في المفسدة المشار إليها بالغرر. ونقل اشتراط المعلومية في الصلح كالبيع في الدروس ، فتأمل وسيجي‌ء في بابه.

قوله : «والمسك في فأره إلخ» أي يجوز بيعه في نافجته وان لم يفتق اي تكشف بحيث يعلم كما هو. قال في شرح الشرائع : وهي الجلدة المشتملة على المسك ، يجوز بيعه وان لم يفتق بناء على أصل السلامة ، فإن ظهر بعد الفتق معيبا لزمه حكمه. والمراد بفتقه على ما ذكره جماعة إدخال خيط فيه ثم إخراجه وشمه.

قواعدهم تقتضي عدم جواز بيعه في الفأرة للجهالة ، فإنهم ما يجوزون في ظاهر كلامهم بيع المشموم بالمشاهدة ، بل يوجبون الشم معها.

وقد جوزوا بيعه من دون مشاهدته وشمه مع مشاهدة (سعة خ ل) الفأرة في المسك.

ولعله لإجماع ونص فهم ذلك من التذكرة ، ويؤيده عموم الأدلة التي أشرنا إليها غير مرة ، مع الأصل وعدم مانع ظاهر يصلح لذلك ، ووجود العلم في الجملة ، وعدم وجوب الاستقصاء مع عدم تفويت ، إذ لو كان معيبا يتخير.

وأيضا قد يعلمه أهل الخبرة في الفأرة. وهذا مؤيد لعدم اشتراط العلم في كثير مما سبق ، فتذكر.

ومؤيد أيضا لعدم نجاسة جميع ما ينفصل عن الحي ، فإنها طاهرة عندهم بالإجماع مع أنها جلدة رماها الغزال ، فتأمل.

١٨٩

والاندار للظروف ما يحتمل

______________________________________________________

قوله : «والاندار للظروف إلخ» أي يجوز بيع الموزون المظروف ، بان يوزن مع ظرفه ثم يسقط من المجموع مقدارا للظرف تخمينا ، بحيث يحتمل كونه مقدار الظرف لا انقص ولا أزيد يقينا ، بل وان تفاوت لا يكون الا قدرا يسيرا يتساهل بمثله عادة ، ثم يدفع الثمن الباقي مع الظرف إلى البائع.

ويظهر من بعض العبارات مثل عبارة الشرائع ـ يجوز ان يندر للظروف ما يحتمل الزيادة والنقيصة ، ولا يجوز وضع ما يزيد إلا بالمراضاة ـ ان الاندار المحتمل لا يحتاج إلى المراضاة ، وانما المحتاج اليه ما يزيد.

لعل المراد انه يجوز ذلك للمشتري لقلة التفاوت لو كان ، ولتعارف التسامح بمثله بين الناس غالبا مع انه غير معلوم ، فيحمل على الغالب مع عدم اليقين ، ولا يجوز له إندار الزيادة إلا برضا البائع ، فلا يرد كلام الشارح : وكذا لا يجوز النقيصة إلا بالمراضاة ، فتأمل.

وهذا الحكم خلاف القواعد ، وخلاف ما في رواية علي بن أبي حمزة قال : سمعت معمر الزيات يسأل أبا عبد الله عليه السلام فقال : جعلت فداك اني رجل أبيع الزيت يأتيني من الشام فآخذ لنفسي شيئا مما أبيع؟ قال : ما أحب لك ذلك ، قال : اني لست انقص لنفسي شيئا مما أبيع قال : بعه من غيرك ولا تأخذ منه شيئا ، أرايت لو ان رجلا قال لك : لا أنقصك رطلا من دينار كيف كنت تصنع؟ لا تقربه ، قال له : جعلت فداك فإنه يطرح ظروف السمن والزيت لكل ظرف كذا وكذا رطلا ، فربما زاد وربما نقص؟ قال : إذا كان ذلك عن تراض منكم فلا بأس (١).

__________________

(١) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ٢٠ من أبواب عقد البيع وشروطه ، الحديث ١ أورد صدره في باب ٦ من أبواب آداب التجارة ح ٢.

١٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

نعم وهو ظاهر رواية حنان قال : كنت جالسا عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له معمر الزيات : انا نشتري الزيت في زقاقة (زقاق ـ كا) (١) ، ويحسب لنا فيه نقصان لمكان الأزقاق؟ (زقاق ـ كا) فقال أبو عبد الله عليه السلام : ان كان يزيد وينقص فلا بأس ، وان كان يزيد ولا ينقض فلا تقربه) (٢).

وسند هذه أوضح ، وفيها الزيادة ، وهي مقبولة ، وتحمل على يقين الزيادة كما يظهر من الشرائع فتأمل.

يريد بقوله : (فآخذ لنفسي مما أبيع؟ قال : ما أحب لك ذلك) عدم جواز البيع على نفسه للوكيل في البيع.

وحمل ذلك على الاستحباب مناسب ، لعموم أدلة الجواز ، وعدم صحة المنع ، ويؤيده لفظة (لا أحب) فتأمل.

والظاهر انه يجوز عدم الاندار ، اي الاسقاط ، بل بيع الظرف مع المظروف بثمنه ، بان يجعل ذلك أيضا جزء من المظروف ويشتري ، ولا يضر جهل معرفة الموزون حينئذ ، ولا كون الظرف غير موزون ، ومعه جهله أيضا ، لحصول العلم بالمجموع ، ولا يحتاج الى العلم بكل جزء من المركب بعد العلم بالكل ، كما في سائر ما يباع منضما ، هكذا قيل.

ويفهم منه مساهلة في الوزن على تقدير الجواز الذي ليس ببعيد ، لما مرّ من الدليل ، وعدم المانع ، وللمشقة ، وللتراضي ، لأنه لم يعلم وزن ما يشترط في بيعه الوزن ولا ثمنه وكون قيمة الظرف مثل قيمة المظروف ، مع ان التفاوت موجود في الغالب ، فلو لم يكن ما قلناه ويجب ملاحظة الوزن ، لما جاز مثله ، وكذا الاندار ، فتأمّل.

__________________

(١) الزقاق بكسر الزاء جمع الزق وهو السقاء والقربة.

(٢) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ٢٠ من أبواب عقد البيع وشروطه ، الحديث ٤.

١٩١

والمقبوض بالسوم أو البيع الفاسد مضمون على المشتري.

______________________________________________________

قوله : «والمقبوض بالسوم إلخ» المناسب مضمون على القابض ، ثم الذي يظهر من كلامهم عدم الخلاف في ان المقبوض بالسوم ، اي المال الذي أخذ للبيع أو الشراء مضمون مثل الغصب ، فلو تلف مطلقا فالقابض ضامن.

وجهه غير ظاهر ، مع الأصل ، والذي يقتضيه النظر هو كونه امانة ، لعل لهم نصا أو إجماعا كما هو الظاهر من تشبيه البيع الفاسد به في الضمان ، فتأمل.

وكذا المأخوذ بالبيع الفاسد ، سواء كان القابض عالما بالفساد أو جاهلا.

دليلهم الخبر المشهور : على اليد ما أخذت حتى تؤدي (١) والقاعدة المشهورة.

كل عقد يضمن بصحيحة يضمن بفاسده وما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

وصحتهما غير ظاهر ، والأصل يقتضي العدم.

وهو مع الجهل بالفساد قوى ، ومع علم الآخر أقوى. ومع ذلك قال في شرح الشرائع : لا إشكال في الضمان مع الجهل بالفساد ، فتأمل.

ومع علمه بالفساد ـ وبعدم جواز تصرفه وحفظه ووجوب رده الى مالكه معجلا ـ كالمغصوب ، وذلك قد يكون بعلمه (٢) بطلب من المالك على تقدير الفساد ، وعدم رضاه بكونه عنده

وفتوى العلماء له بذلك ، فهو ضامن ، للأصل وما يتفرع عليه كما قيل في الغصب ، حتى انه يضمن العين والمنفعة وان لم ينتفع بها ، مثل اجرة الدابة في المدة التي كانت عنده.

واما مع الجهل بالفساد ـ سيما في أمر غير ظاهر الفساد ، وكذا بعد العلم به ولكن مع عدم العلم بوجوب الرد في الحال ـ فالضمان غير ظاهر.

__________________

(١) عوالي اللئالي ج ١ ص ٢٢٤ الحديث ١٠٦ وص ٣٨٩ الحديث ٢٢ وج ٢ ص ٣٤٥ الحديث ١٠ وج ٣ ص ٢٤٦ الحديث ٢ وص ٢٥١ الحديث ٣.

(٢) في بعض النسخ المخطوطة بدل كلمة (بعلمه) كلمة (بعجلة).

١٩٢

والزيادة المتصلة والمنفصلة للمالك.

ولو كانت بفعله شاركه بقدرها ، وان لم تكن عينا.

______________________________________________________

ولو ظن ان المالك رضي لهذا المال بالبدل المعلوم فهو راض بان يتصرف فيه عوضا عما في يده ، فالأكل حينئذ ليس أكلا بالباطل ، بل بالرضا ، فإنه رضي بالتصرف فيه ، بان يجوز له التصرف في بدله وقد جوز صاحبه ذلك ، وعرف كل واحد عن صاحبه ذلك ، فحينئذ يجوز تصرف كل واحد في بدل ماله ، وان لم يكن بسبب البيع ، بل بسبب الاذن المفهوم مع البدل ، وكأنه يرجع الى المعاطاة والإباحة مع العوض من غير بيع ، ولا نجد منه مانعا ، غاية الأمر ان يكون لكل واحد الرجوع عن قصده الأول وأخذ ما له عينا وزيادة.

نعم إذا علم عدم الرضا الا بوجه البيع أو اشتبه ذلك ، يتوجه عدم جواز التصرف ، والضمان على تقدير فهم عدم الرضا بالمكث عنده ، وكونه امانة على تقدير غيره.

ويحتمل جواز التصرف على تقدير التقاص أيضا في بعض المحال ، بان غاب المالك وامتنع الاطلاع عليه وإيصاله اليه وأخذ ما له منه ، كما في غير هذه الصورة.

وبالجملة دليل الحكم المشهور بينهم ـ وهو جعل حكم المقبوض بالسوم والعقد الفاسد مثل الغصب في أكثر الأحكام حتى في إلزامه بالإيصال الى صاحبه فوريا فلا يصح عباداته في أول وقتها على تقدير القول بمنافاة حقوق الآدمي لها كما هو الظاهر ـ غير ظاهر ، فالحكم مشكل ، ولا شك انه ينبغي ملاحظة ذلك مهما أمكن ، فتأمل.

قوله : «والزيادة المتصلة إلخ» كالولد والسمن وغيرهما ، ومعلوم كونهما للمالك ، لأنهما تابعان للأصل.

قوله : «ولو كانت بفعله إلخ» أي لو كانت الزيادة بفعل القابض جاهلا ، فهو شريك المالك بالنسبة سواء كانت عينا مثل الصبغ ، أو لا مثل تعليم

١٩٣

ولو نقص بفعله فعليه أرشه

ولو تلفت فالقيمة يوم التلف على رأى.

______________________________________________________

صنعة ، بان يقوم بلا تلك الزيادة مرة ومعها اخرى ، ويجعل ما به التفاوت للقابض شريكا بذلك المقدار ، فالزيادة مختصة بالقابض.

ويحتمل ان ينسب قيمة العين الزائدة واجرة عمله ، إلى قيمة العين الخالية عنها ، ثم يقوم العين معها ويجعل القابض بتلك النسبة شريكا للمالك في قيمة المجموع ، فالزيادة بينهما.

هذا إن كانت زائدة على قيمة العين ، وعين القابض واجرة عمله منفردين.

ويحتمل كون الزيادة الحاصلة في العين بسبب الصبغ مثلا زائدا على قيمة الصبغ وفعل الصباغة ، وكذا الزائد عن اجرة التعليم ، للمالك ، كالأصل ، فتأمل.

ولو نقص شي‌ء من العين ، عينا أو صفة فارشه على القابض ، كالأصل ، فتأمل.

ولا ينظر إلى التفاوت السوقي مع عدم زيادة ونقصان عين أو صفة لا له ولا عليه.

قوله : «ولو تلفت فالقيمة إلخ» إشارة الى ما يجب على القابض بعد التلف بعد ان أشار الى وجوب رد العين مع الزيادة والأرش مع النقصان.

فقيل : تجب القيمة يوم القبض ، لانه يوم الضمان. وقيل : يوم التلف لان العين كانت مضمونة مع الزيادة المتصلة والمنفصلة ، فذلك يقتضي كون الضمان يوم التلف ، لانه قد يكون ذلك خاليا عنها يوم القبض ، فلا يلزم (ضمان خ) الزيادة ، هكذا قيل.

وفيه تأمل ، لأن المراد بالضمان يوم القبض مع ضمان الزيادة والأرش ، وان كانا بعد يوم القبض ، والظاهر عدم النزاع في ذلك ، ولكن هذا يستلزم عدم

١٩٤

ولو باعه بدينار غير درهم نسية أو نقدا مع جهالة النسبة ، أو بما يتجدد من النقد بطل.

______________________________________________________

التفاوت في يوم القبض ويوم التلف الا بالنظر الى التفاوت السوقي ، وهو معتبر ، وما قيل لا اعتبار به فإنما هو مع رد العين.

وقيل بعدم الاعتبار في الزيادة والنقصان بعد يوم القبض على تقدير الضمان يوم القض ، وهو بعيد.

والظاهر يوم التلف ، لانه مكلف برد العين ما دامت باقية ، ولم ينتقل إلى القيمة إلا بعد التلف فالمعتبر حين التلف.

ويحتمل أعلى القيم كما في الغصب ، وهو بعيد.

ويمكن مع العلم المتقدم ، والطلب ، ومنع القابض.

هذا كله في القيمي ، إذ في المثلي ، المثل الا مع التعذر ، فالقيمة حين الأخذ.

قوله : «ولو باعه بدينار إلخ» أي لو قال : بعتك هذا بدينار الا درهما مع جهل النسبة بين الدينار والدرهم ، سواء كان البيع نقدا أو نسيئة ، بطل البيع ، لجهل الثمن بسبب الاستثناء المجهول.

ويحتمل ان يكون معناها : لو باع بدينار غير درهم نسيئة مما يتعامل به وقت الأجل ، أو نقدا مع جهالة النسية بطل.

سبب البطلان في الأول عدم وضوح النقد ، وفي الثاني عدم وضوح النسية ، والكل مشترك في جهل الثمن.

وكذا يبطل للجهالة لو باع بما يتجدد من النقد ، وهو ظاهر.

١٩٥

القطب الثاني : في متعلّق البيع

ومطالبه ثلاثة

الأوّل : في بيع الثمار

انما يجوز بيعها بعد ظهورها. وفي اشتراط بدو الصلاح الذي هو الاحمرار أو الاصفرار ، أو بلوغ غاية تؤمن عليها الفساد ، أو ينعقد حب الزرع والشجر ، أو الضميمة ، أو بشرط القطع ـ قولان

______________________________________________________

في بيع الثمار

قوله : «انما يجوز بيعها إلخ» أي لا يجوز بيع الثمار قبل ظهورها بوجه من الوجوه ، ويجوز بعده في الجملة.

وتحقيق الكلام في بيع الثمار انه لو باعها قبل الظهور ، اي قبل الوجود والتحقق ، وهو معلوم يعلمه العارفون.

وفي رواية سماعة ما يدل على ان المراد بالظهور خروج الطلع أيضا (١) وكذلك في صحيحة يعقوب بن شعيب بغير ضميمة إلى شي‌ء أصلا ، من أصله وغيره عاما واحدا (٢).

فقد ادعى في التذكرة والدروس وغيرهما الإجماع على عدم الانعقاد ، وعدم الصحة (٣) ، ولانه بيع غرر ، ولانه بيع معدوم غير معلوم ولا موصوف وليس معه شي‌ء

__________________

(١) الوسائل ج ١٣ كتاب التجارة ، الباب ٣ من أبواب بيع الثمار ، الحديث ١.

(٢) الوسائل ج ١٣ كتاب التجارة ، الباب ١ من أبواب بيع الثمار ، قطعة من حديث ٨.

(٣) عبارة التذكرة هكذا (وان باعها ـ اي الثمرة منفردة ـ لا يصح إجماعا ، لأنه غير موجود ولا معلوم الوجود لاحظ) ج ١ ص ٥٠٢ في بيع الثمار.

١٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

يصلح كون الثمن مقابلا له.

ويدل عليه أيضا بعض الروايات ، مثل رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سئل عن النخل والثمرة يبتاعها الرجل عاما واحدا قبل ان يثمر؟ قال : لا حتى يثمر ويأمن ثمرتها من الآفة الحديث (١).

وهذه صريحة في الدلالة على عدم الجواز حتى يثمر ، ومعلوم ان قبل ظهور الثمر لا يصدق عليه ذلك.

ولكنها ضعيفة بالقطع (٢) الى الحسن بن سماعة ، وعلي بن أبي حمزة كأنه البطائني الذي قائد أبي بصير المكفوف ، وهو يحيى بن أبي القاسم الواقفي أيضا ، وبالقول بان عبد الله بن جبلّة واقفي (٣).

ورواية أبي الربيع الشامي قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : كان أبو جعفر عليه السلام يقول : إذا بيع الحائط فيه النخل والشجر قبل ان يطلع ثمرة سنة واحدة ، فلا يبايعن حتى تبلغ ثمرته ، وإذا بيع سنتين أو ثلاثة فلا بأس ببيعه بعد ان يكون فيه شي‌ء من الخضرة (٤) (٥).

__________________

(١) الوسائل ج ١٣ كتاب التجارة ، الباب ١ من أبواب بيع الثمار ، قطعة من حديث ١٢.

(٢) سند الحديث كما في التهذيب هكذا (الحسن بن محمد بن سماعة عن عبد الله بن جبلة عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير).

(٣) طريق الشيخ الى الحسن بن محمد بن سماعة كما في مشيخة التهذيبين هكذا (وما ذكرته في هذا الكتاب عن الحسن بن محمد بن سماعة ، فقد أخبرني به : احمد بن عبدون عن أبي طالب الأنباري عن الحسن بن محمد بن سماعة. وأخبرني أيضا : الشيخ أبو عبد الله والحسين بن عبيد الله واحمد بن عبدون كلهم عن أبي عبد الله الحسين بن سفيان البزوفري عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة) فعلى هذا ما ادعاه قدس سره من القطع الى الحسن بن سماعة غير وجيه.

(٤) هكذا في النسخ المخطوطة والمطبوعة ، ولكن ليس في كتب الحديث جملة (قبل ان يطلع ثمرة).

(٥) الوسائل ج ١٣ كتاب التجارة ، الباب ١ من أبواب بيع الثمار ، الحديث ٧.

١٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي المتن شي‌ء ، والدلالة خفية ، وأبي الربيع غير ظاهر التوثيق ، ولا اعتبار بما فهم من كلام الشهيد.

وفي الطريق خالد بن جرير وهو ممدوح وغير مصرح بتوثيقه وان كان الظاهر مما روى بطريق صحيح عن علي بن الحسن انه قال : خالد بن جرير الذي ينقل عنه الحسن بن محبوب ، صالح (١).

وعلي بن الحسن كأنه ابن فضال ، ولا بأس به ، وان قيل : انه فطحي.

قال في شرح الشرائع : رواية أبي بصير ضعيفة ، وفي رواية أبي الربيع ، ابن الحسن ، وفيه تأمل لعدم ابن الحسن ، والسكوت عن أبي الربيع وخالد ، لعل نسختي غلط.

وبالجملة ، الخبر ليس ينفي من كل وجه ، والإجماع غير ظاهر لفتوى الشيخ في التهذيب والاستبصار على الكراهة والصحة ، قال بعد ان نقل الاخبار : قال محمد بن الحسن : الأصل في هذا (الخبر خ) ان الأحوط ان لا يشتري الثمرة سنة واحدة إلا بعد ان يبدو صلاحها ، فان اشتريت فلا تشتر الا بعد ان يكون معها شي‌ء آخر ، فان خاست كان رأس المال فيما بقي ، ومتى اشترى من غير ذلك لم يكن البيع باطلا ، لكن يكون فاعله قد فعل مكروها. وقد صرح بذلك في الاخبار التي قدمناها أبو عبد الله عليه السلام ، منها حديث الحلبي وان النبيّ صلّى الله عليه وآله نهى عن ذلك لأجل قطع الخصومة الواقعة بين الصحابة ولم يحرمه ، وكذلك ذكر ثعلبة بن زيد وزاد فيه : انه انما نهاهم ذلك العام بعينه دون سائر الأعوام ، وفي حديث يعقوب بن شعيب ، ان أبي عليه السلام كان يكره ذلك ، ولم يقل انه كان يحرمه. وعلى هذا

__________________

(١) سند الحديث كما في التهذيب ، ج ٧ ص ٨٦ باب بيع الثمار ، الحديث ١٥ هكذا (الحسن بن محبوب عن خالد بن جرير عن أبي الربيع الشامي).

١٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الوجه لا تنافي بين الاخبار (١).

ورواية الحلبي حسنة (لإبراهيم) في التهذيب والكافي ، وصحيحة في الفقيه ، مع التصريح فيها بجواز البيع ثلاث سنين من غير انضمام ، وفي أولها ما يدل على عدم جواز بيع الثمرة سنة ، حيث قال : (وان اشتريته في سنة واحدة فلا تشتره حتى تبلغ) ولكن قال في أخرها : (وسئل عن الرجل يشتري الثمرة المسماة من ارض فتهلك ثمرة تلك الأرض كلها ، فقال : ـ اي أبو عبد الله عليه السلام ـ قد اختصموا في ذلك ـ أي في مثل هذه ـ الى رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فكانوا يذكرون ذلك ، فلما راهم لا يدعون الخصومة ، نهاهم عن ذلك البيع حتى تبلغ الثمرة ولم يحرمه ، ولكن فعل ذلك من أجل خصومتهم (٢).

وقد تقدم رواية ثعلبة بن زيد من دون الزيادة التي ذكرها ، نعم فيها فقال صلّى الله عليه وآله : اما إذا فعلوا فلا تشتروا النخل ، العام حتى يطلع فيه شي‌ء ولم يحرمه (٣).

فكأنه فهم من ما نقله من قوله : (العام) فافهم.

وثعلبة مجهول.

ورواية يعقوب بن شعيب (صحيحة) قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن شراء النخل؟ فقال : كان أبي يكره شراء النخل قبل ان يطلع ثمرة السنة ، ولكن السنتين والثلاث ، كان يقول : ان لم يحمل في هذه السنة حمل في السنة الأخرى (٤).

__________________

(١) إلى هنا كلام الشيخ في التهذيب ، لاحظ ج ٧ ص ٨٨ باب بيع الثمار.

(٢) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ١ من أبواب بيع الثمار ، الحديث ٢.

(٣) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ١ من أبواب بيع الثمار ، الحديث ١.

(٤) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ١ من أبواب بيع الثمار ، الحديث ٨.

١٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ونقل في الدروس عن الصدوق (١). جواز البيع أزيد من سنة من غير الضميمة لهذه الرواية فيمكن ان يكون هو أيضا موافقا للشيخ ، فكيف يتحقق الإجماع.

ولكن الذي رأيته في كتاب من لا يحضره الفقيه للصدوق رواية الحلبي المتقدمة ، وهي صريحة في جواز البيع فوق سنة واحدة من غير انضمام ، والنهي عن سنة واحدة في أولها ، وفي أخرها انه لم يحرمه.

واما الدليل العقلي : وهو انه غير معلوم فلا يجوز بيعه ، فقد يقال : انه قد جوز في الرواية وليس بمعدوم بالكلية ، فيمكن جوازه ، ولهذا يجوز في السنين المتعددة ، مع انه يجري فيها ، بل ذلك اولى ، مع قول البعض بجواز بيعه كذلك للروايات الكثيرة كما ستجي‌ء ، وإذا صرح في الرواية فلا مجال للرد بمثله ، والجمع بين الأدلة واجب ان أمكن ، وحمل المانعة على الكراهة حمل جيد جدا.

مع ان روايتي المنع اللتين ذكرنا سندهما غير سالم ، وفي الدلالة أيضا تأمل.

ولكن يدل عليه أيضا صحيحة سليمان بن خالد (وان كان فيه أيضا قول) قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : لا تشتر النخل حولا واحدا حتى يطعم (٢) (وان كان يطعم يب) وان شئت ان تبتاعه سنتين فافعل (٣).

__________________

(١) عبارة الدروس هكذا (والمشهور عدم جواز بيعه أزيد من عام ولم يخالف فيه الا الصدوق ، لصحيحة يعقوب بن شعيب انتهى) ومقصود الشارح قدس سره انه ليس في الفقيه صحيحة يعقوب بن شعيب ، بل الموجود فيها صحيحة الحلبي الدالة على خلاف ما نسبه الدروس اليه.

(٢) قوله (وان كان يطعم) في هامش التهذيب نقلا عن المولى محمد باقر المجلسي ما لفظه (ليس الواو في بعض النسخ المصححة وعلى نسخة الواو ، فكان المراد ، وان كان يعلم عادة ان يطعم بعد ذلك. وعلى نسخة عدمها فكان المراد ، ان كان النخل من شأنه أن يطعم بان يكون مضى من زمان غرسه خمس عشر سنين أو أكثر ويمكن ان يكون المراد : إذا كان من نيتها ان يطعم ، اي لم يشتره بشرط القطع والله يعلم).

(٣) الوسائل ج ١٣ كتاب التجارة ، الباب ١ من أبواب بيع الثمار ، الحديث ٩.

٢٠٠