مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٨

والتولية ، البيع برأس المال ، فإذا قال وليتك إياه ، أو بعتك بمثل ما اشتريت لزم المشتري ما وقع عليه العقد.

______________________________________________________

قوله : «والتولية البيع إلخ» إشارة إلى القسم الثالث ، وهو اولى من الأوليين إذا كان المشتري مؤمنا لكراهة الربح على المؤمن ، والثاني يمكن ان يكون اولى منهما ، وكون الثالث اولى من الأول لحفظ رأس المال خصوصا مع حاجة البائع وغنى المشتري.

وقد ترك المساومة التي هي أولى من الكل ، لما مرّ دليله ، ودلت عليه الاخبار المتقدمة أيضا في كراهة اضافة الربح الى الثمن ، ولعل وجه الترك ظهورها وشهرتها ، لكون أكثر البيوع على ذلك الوجه ، فتأمل.

٣٨١

المقصد الرابع

في اللواحق

وفيه مطالب :

الأول : في الخيار

وفيه فصلان :

الأول : في أقسامه

وهي سبعة :

خيار المجلس ، ويثبت في البيع خاصة ما لم يفترقا اختيارا ، أو يشترطا سقوطه ، أو يوجباه ، ولو أوجبه أحدهما سقط خياره خاصة.

______________________________________________________

قوله : «المقصد الرابع في اللواحق

الى قوله : خيار المجلس إلخ» قال في التذكرة : الأصل في البيع اللزوم ، لان الشارع قد وضعه مفيدا لنقل الملك من البائع إلى المشتري ، والأصل الاستصحاب وكون الغرض تمكين (تمكن خ) كل من المتعاقدين من التصرف فيما صار اليه ، وانما يتم باللزوم ، ليؤمن من نقض صاحبه عليه ، وانما يخرج عن أصله بأمرين أحدهما ثبوت الخيار ، والثاني ظهور عيب في أحد العوضين (١).

لعله يظهر عدم الخلاف في ان مقتضى البيع هو اللزوم مستندا الى الكتاب

__________________

(١) الى هنا كلام التذكرة ، وزاد فيه بعد قوله (ثبوت الخيار) : إما لأحد المتعاقدين أو لهما من غير نقص في أحد العوضين بل للتروي خاصة.

٣٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والسنة ، مثل قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١).

ومثل قول أبي عبد الله عليه السلام : المسلمون عند شروطهم الا كل شرط خالف كتاب الله فإنه لا يجوز ، في صحيحة عبد الله بن سنان (٢) وغير ذلك كما سيجي‌ء ، فهو مؤيد لما قلناه من اللزوم في بيع المعاطاة ، فتذكر.

ثم ان أقسام الخيار سبعة :

(الأول) خيار المجلس ، لعل الإضافة من قبيل اضافة المسبب الى السبب كما في خيار الغبن ، اي خيار سبب ثبوته كون المتعاقدين في مكان العقد ، أو في حكمه ، مثل ان فارقاه مصطحبين ، وبقاءه ببقائهما على تلك الحالة ولم يفارق أحدهما الآخر تفارقا عرفيا.

دليله إجماع الأصحاب كما يفهم من التذكرة ، مستندا الى الاخبار.

مثل صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : المتبايعان بالخيار ثلاثة أيام في الحيوان ، وفيما سوى ذلك من بيع حتى يفترقا (٣).

وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : البائعان (البيعان ئل) بالخيار حتى يفترقا وصاحب الحيوان ثلاث (٤).

وفي حديث آخر (التاجران) بدل (البائعان) (٥).

__________________

(١) سورة المائدة ـ ١.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٦ من أبواب الخيار ، الحديث ٢.

(٣) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٣ من أبواب الخيار ، الحديث ٣.

(٤) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٣ من أبواب الخيار ، الحديث ٦.

(٥) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١ من أبواب الخيار ، الحديث ٦ ولفظ الحديث (عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إذا التاجران ان صدقا وبرا بورك لهما فإذا كذبا وخانا لم يبارك لهما وهما بالخيار ما لم يفترقا الحديث).

٣٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي صحيحة الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام (كأنه ابن يسار الثقة) في حديث : البيعان بالخيار ما لم يفترقا فإذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما (١) ، أي في البيع.

وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : البيعان بالخيار حتى يفترقا وصاحب الحيوان بالخيار إلى ثلاثة أيام (٢) وغير ذلك.

ثم انه ذكر في التذكرة : ان مسقط هذا الخيار أربعة :

(الأول) : الافتراق ، الظاهر ان المراد تفرق أحدهما عن الأخر ، بحيث يقال : انه تفرق لغة وعرفا.

قال فيها : السقوط به إجماعي ، ولما ثبت في الشرع كونه مسقطا ولم يبين معناه شرعا ، كان المراد به العرفي كما في غيره ، مثل القبض والحرز والاحياء.

والظاهر انه يتحقق بالخطإ ، للصدق.

ويدل عليه صحيحة محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : اني ابتعت أرضا ، فلما استوجبتها قمت فمشيت خطا ثم رجعت فأردت أن يجب البيع (٣).

وحسنة محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : بايعت رجلا ، فلما بايعته قمت فمشيت خطا ، ثم رجعت الى مجلسي ليجب البيع حين افترقنا (٤).

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١ من أبواب الخيار ، الحديث ٣.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

(٣) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٢ من أبواب الخيار ، الحديث ٢.

(٤) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٢ من أبواب الخيار ، الحديث ٣.

٣٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذه كالصريحة في ان الاعتداد بمجرد المفارقة بالخطى.

ويفهم من كلامهم انها يتحقق بشي‌ء يسير ، مثل خطوة ، كما صرح في التهذيب والاستبصار (١).

وحسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : أيما رجل اشترى من رجل بيعا ، فهو بالخيار حتى يفترقا ، فإذا افترقا وجب البيع ، قال : وقال أبو عبد الله عليه السلام : ان أبي اشترى أرضا يقال لها العريض من رجل ، فابتاعها من صاحبها بدنانير ، فقال : أعطيك ورقا بكل دينار عشرة دراهم ، فباعه بها ، فقام أبي فاتبعته ، فقلت : يا أبه لم قمت سريعا؟ قال : أردت أن يجب البيع (٢) اي فقمت فمشيت ، كأنه المراد بقرينة قوله : فاتبعته ، فمجرد القيام لا يكفى.

لعل فيها دلالة على جواز بيع ما في الذمة قبل القبض وفي زمان الخيار في الجملة.

ومنها يعلم ان تفرق أحدهما يكفي ولو كان قليلا ، وقد مرّ في الصرف ما يدل على ان مفارقتهما عن المجلس لا يضر ، بل لا بد من تفرق أحدهما الأخر ، وان ضرب الحائل لا يضر ، لانه ليس بمفارقة.

ويحتمل عدم تحقق المفارقة بموت أحدهما ، فيثب الخيار للحي ولورثة الميت لقيامهم مقامه.

وفيه تأمل لعدم صدق البائع والتاجر المذكور في الاخبار ، عليهم ، لعل العدم أظهر ، فتأمل.

والظاهر ان الثبوت لمن أوقع العقد سواء كان مالكا أو وكيلا ، وليس

__________________

(١) قاله في مقام الجمع بين الاخبار المتعارضة في هذه المسألة : بقوله (لان القدر الموجب للبيع شي‌ء يسير ولو مقدار خطوة فإنه يجب به البيع).

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٢ من أبواب الخيار ، الحديث ٤.

٣٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ببعيد ثبوته للوكيل بمجرد التوكيل في العقد ، لكونه من توابع العقد ، وهو الظاهر من الاخبار ، لصدق البائع ، وهو المذكور فيها ، من دون قيد المالك ، والوكيل مع الوكالة في الخيار ، ويمكن توقفه على الوكيل ، وترك للظهور وقيد به ، لأن الأصل عدم دخوله في توكيل العقد.

والظاهر انه يحصل بالتوكيل قبل العقد ، وان قلنا بعدم جواز الوكالة فيما ليس للموكل فعل ذلك حين الوكالة ، لأنه تابع أصل تجري الوكالة فيه ، مثل ان يوكل في بيع شي‌ء ثم بيع ذلك الشي‌ء وآخر وهكذا ، بل عتقه وإجارته وغير ذلك ، كما يظهر من باب الوكالة وسيجي‌ء تحقيق ذلك ان شاء الله تعالى.

هذا ، قال في التذكرة : لو اشترى الوكيل أو باع أو تعاقد الوكيلان ، فالأقرب تعلق الخيار بهما وبالموكلين جميعا في المجلس ، والا فبالموكلين (١).

وفيه خروج عن ظاهر النص في الجملة ، فتأمل وانه لا يبعد ثبوت الخيار للمالك أيضا على تقدير كون العاقد وكيله ، لان يده يد الموكل بل هو البائع حقيقة.

وعدمه أظهر ، لعدم صدق البائع والتاجر في هذا العقد والبيع لغة وعرفا وشرعا الا على الوكيل ، فتأمل.

(الثاني) اشتراط سقوط الخيار في متن العقد بالمعنى الذي تقدم ، ولعله لا خلاف عندنا فيه أيضا ، و (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وصحيحة المسلمون عند شروطهم وغيرها ، دليله أيضا.

(الثالث) الاختيار ، قال في التذكرة : يقطع خيار المجلس إجماعا ، وصورته ان يقولا تخايرنا أو اخترنا إمضاء العقد ، أو أمضيناه أو اخترناه أو التزمناه وما أشبه ذلك.

__________________

(١) هكذا في النسخ وفي التذكرة (والا فبالوكيلين) وهو الصواب.

٣٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر ان ذلك بعد العقد ، ولو كان قبله أو في أثنائه فهو يلحق بالشرط المسقط كما أشار إليه في التذكرة.

وان تلك الصيغة من الاثنين ، فإذا قال أحدهما بوكالة الأخر أيضا يمكن صحة ذلك.

وانه إذا قال أحدهما ما يدل على الاختيار والإمضاء دون الأخر يسقط خياره دونه.

(الرابع) التصرف ، فان كان من البائع في المبيع فهو فسخ منه للعقد ، فيبطل ، وان كان من المشتري فهو التزام منه فما بقي له الخيار ، وان كان في الثمن فالظاهر ان الأمر بالعكس ، وان كان منهما فالظاهر انه يقدّم من تصرفه فسخ ، وهو ظاهر.

قال في التذكرة : لو اختار أحدهما الإمضاء والأخر الفسخ قدم الفسخ على الإجازة ، إذ لا يمكن الجمع ولا انتفائهما لاشتماله على الجمع بين النقيضين ، فيتعين تقديم أحدهما ، لكن الذي اختار الإمضاء ، قد دخل في عقد ينفسخ باختيار صاحبه الفسخ ، ورضى به ، فلا اثر لرضاه به لازما بعد ذلك (١).

ثم ان المراد بالتصرف غير ظاهر ، هل هو اللازم والمخرج عن الملك أو أعم؟ فهو مجمل ، وكذا دليله أيضا غير واضح ، إذ مجرد التصرف في المبيع مثلا لا يدل على الفسخ من جانب البائع ، إذ قد يكون سهوا أو لغرض أخر مباح أو حرام.

وبالجملة انه أعم ، الا ان تدل قرينة ، ومع ذلك قد لا يكون الفعل كافيا في اختيار الفسخ ، ويحتاج الى اللفظ ، فتأمل.

ولعله موكول الى العرف ، فكل ما يعد تصرفا مؤذنا إلى انه في ملكه

__________________

(١) الى هنا كلام التذكرة.

٣٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

واختياره وقصده ، فهو التصرف المعتبر ، دون الغير ، فتأمل.

لعله يظهر فيما سيجي‌ء له وجه تحقيق ما.

والمصنف هنا أشار الى الثلاثة وما ذكر التصرف ، ولعله لظهوره ، ولما سيجي‌ء في خيار الحيوان انه مسقط.

وقيد المفارقة المسقطة ، بالاختيار ، وما رأيت له دليلا في النص ، ولعل وجهه ما يتخيل ان الفعل الجبري بمنزلة العدم ، فإنه ما فعله باختياره ، فكأنه بعد باق في محله ، خصوصا إذا كان عارفا بالمسألة وأراد الجلوس ، لعله يظهر له وجه يدل على عدم مصلحته في هذا العقد.

ولانه لو لا ذلك لم يتم لإثبات هذا الخيار كثير فائدة ، إذ قد يجبر أحدهما الأخر على المفارقة.

وفي الكل تأمل ، خصوصا الأخير ، إذ الظاهر ان مفارقة أحدهما يسقط خيار الأخر أيضا كما مرّ في الخبرين ، فالفسخ بيده من دون ان يجبر الأخر على التفرق.

قال في التذكرة : لو أكرها على التفرق وترك التخاير لم يسقط خيار المجلس ، الا ان يوجد منه ما يدل على اللزوم ، وهو أظهر الطريقين عند الشافعية ، إلى قوله : ولو ضربا حتى يفترقا بأنفسهما ، فالأقرب عدم انقطاع الخيار ، هذا.

وظاهر الاخبار عام ، فلو لم يكن إجماع ونحوه ، يمكن القول بالسقوط ، ويؤيده ان الأمر بيده لو أراد الفسخ لقال : فسخت (١) ، الا ان يمنع عن ذلك أيضا قهرا وكان جاهلا ، أو يكون له بعد تأمل ، فتأمل.

واعلم ان الظاهر ان هذا الخيار مخصوص بالبيع عند الأصحاب ، حتى انه لم

__________________

(١) وفي بعض النسخ هكذا (ولو أراد عدم الفسخ لقال : التزمت).

٣٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

يجر في الصلح في المعاوضة التي شبيه بالبيع ، لعدم كونه بيعا ، وكون الدليل مخصوصا بالبيع ، مع عدم القول بالقياس ، وقد صرح به في التذكرة.

وأيضا الظاهر ان ثبوته في أنواع البيع إجماعي ، إلا في صورتين نقل الخلاف فيهما في التذكرة.

الاولى : من باع مال نفسه من ولده ، ومثله بيع مال احد ولديه على الأخر ، قال : فالأقرب ثبوت الخيار هنا ، وهو أصح وجهي الشافعية.

وفيه تأمل إذ لا إجماع فيه على ما يظهر ، والاخبار التي هي المستند لا تشملهما ، لقوله عليه السلام : البيعان.

ولانه جعل له غاية لا يمكن هنا ، وهي تفرق أحدهما عن الأخر ، وقد مرّ ان أصل العقد يقتضي اللزوم.

وأجاب في التذكرة عن القول بالعدم ـ لعدم البيعان الذي في الخبر ـ بأنه ورد على الغالب.

وفيه تأمل ، لأنه غير معلوم ، وعلى تقدير التسليم فمن اين يعلم هنا الخيار ، والدليل الذي ورد مخصوص بالغالب.

ثم العجب انه جعل هذا الخيار للطرفين في يد الولي دائما ما لم يسقط بالشرط والتخاير ، مع ان في الأصل المنصوص عليه ما كان كذلك ، فينبغي السقوط بالتصرف هنا وبمفارقة المجلس ، بجعله نازلة منزلة الرفيق.

كما انه جعله بمنزلة الشخص وقال : هو أحد وجهي الشافعية ، وليس بجيد ، وحينئذ انما يلزم بإسقاط الخيار أو اشتراط سقوطه في العقد ، والا يثبت دائما.

والثانية لو اشترى من ينعتق عليه بالملك كالأب ، فالظاهر هنا عدم ثبوت الخيار للمشتري ، ترجيحا لأدلة العتق التي دلت على ان من اشترى أباه مثلا ، ينعتق عليه فلا خيار له ان يجعله رقا بعد ان صار معتقا ، فتخير البيعين انما يكون في

٣٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

المبيع الذي يجوز تملكهما ، وهنا ليس كذلك.

ولانه لم يعهد في الشرع عود المعتق رقا ، ويبعد القول بعدم الملك في زمان الخيار ، لما ثبت ان العقد مملك ، وسيجي‌ء.

ويشعر به أدلة عتق من ينعتق على المشتري ، ويبعد أيضا القول بأنه بالفسخ ينكشف عدم الملك ، وهو ظاهر.

ثم الظاهر ان ليس للبائع أيضا الخيار هنا ، لبعض ما تقدم ، خصوصا مع علمه.

وبالجملة لعل ترجيح العتق ـ الذي يترجح عندهم بأدنى شي‌ء ـ لا يبعد ، عملا بمقتضى العقد من غير لزوم محذور ، الا تخصيص دليل الخيار على تقدير القول بعمومه ، على ان في عمومه تأملا ، فتأمل ولا إجماع حتى يلزم خلافه ، بل تخصيصه أيضا.

قال في التذكرة : لو اشترى من ينعتق عليه بالملك كالأب والابن لم يثبت خيار المجلس هنا أيضا (١) الى قوله : النظر الى جانب العتق أقوى ، وهو أحد قولي الشافعية (٢) لقوله صلّى الله عليه وآله : لن يجزى ولد والده الا بان يجده مملوكا يشتريه فيعتقه (٣) فإنه يقتضي إنشاء إعتاق بعد العقد ، وهو ممنوع ، إلى أخره وهذا يشعر بعدم الخلاف عند الأصحاب ، حيث خص المدعى ، ودليله بأحد قولي الشافعية ، فإن عندنا انه ينعتق ولا يحتاج إلى إنشاء عتق ، فكأنه إليه أشار بقوله : وهو ممنوع ، نعم يمكن الاستدلال بعموم أدلة خيار المجلس ، وقد مرّ جوابه.

__________________

(١) وتمامه : لانه ليس عقد مغابنة من جهة المشتري ، لأنه وطن نفسه على الغبن المالي والمقصود من الخيار ان ينظر ويتروى لدفع الغبن عن نفسه ، واما من جهة البائع فهو وان كان عقد معاوضة ، لكن النظر إلخ.

(٢) وفي التذكرة (وفي الأخر يثبت لقوله إلخ).

(٣) سنن ابن ماجة ، ج ٢ ، (٣٣) كتاب الأدب (١) باب بر الوالدين ، ص ١٢٠٧ الحديث ٣٦٥٩.

٣٩٠

وخيار الحيوان وهو ثابت للمشتري خاصة ثلاثة أيام من حين العقد على رأي شرطاه أولا.

______________________________________________________

قوله : «وخيار الحيوان إلخ» الظاهر ان ثبوت الخيار ثلاثة أيام للمشتري في الحيوان ، مما لا خلاف فيه للأصحاب وقد ادّعى عليه الإجماع في التذكرة قال :

وهو عند علمائنا اجمع ، خلافا للجمهور كافة ، لنا الأخبار المتواترة عن أهل البيت عليهم السلام بذلك ، وهم أعرف بالأحكام ، حيث هم مظنتها ومهبطها وملازموا الرسول صلّى الله عليه وآله.

قد مرت الأخبار الدالة عليه في خيار المجلس.

ويدل عليه أخبار أخر ، مثل صحيحة علي بن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال : الشرط في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري اشترط أم لم يشترط ، فإن أحدث المشتري فيما اشترى حدثا قبل الثلاثة أيام فذلك رضى منه فلا شرط له ، قيل له : وما الحدث؟ قال : ان لامس أو قبل أو نظر منها الى ما كان يحرم قبل الشراء (١).

لعل فيها دلالة على جواز النظر الى وجه الأمة مطلقا ، فافهم.

وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : في الحيوان كلّه شرط ثلاثة أيام للمشتري وهو بالخيار فيها ان اشترط أو لم يشترط (٢).

وصحيحة ابن سنان (كأنه عبد الله الثقة) قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يشتري الدابة أو العبد ، ويشترط الى يوم أو يومين ، فيموت العبد أو الدابة أو يحدث فيه الحدث على من ضمان ذلك؟ فقال : على البائع حتى ينقضي الشرط ثلاثة أيام ويصير المبيع للمشتري (شرط البائع أو لم

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ ، كتاب التجارة ، الباب ٤ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ ، كتاب التجارة ، الباب ٣ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

٣٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

يشترط يب) (١).

والاخبار في ذلك كثيرة وليس فيه النزاع والشك.

انما الشك في موضعين ، (أحدهما) ثبوته لبائعه أيضا و (٢) لمن يبيع الدراهم والمتاع بالحيوان ، مثل ان يقول : بعتك هذه الدراهم أو المتاع بهذا الحيوان ويقول صاحبه اشتريتها به ، والظاهر ثبوته حينئذ له.

وبالجملة الظاهر انه ثابت لمن ينتقل اليه الحيوان بعقد البيع ، سواء يقال له البائع أو المشتري ، واتى في الصيغة بلفظ البيع أو الشراء ، قدمها أو أخرها ، لأن الحكمة في الخيار فيه ان الحيوان مظنة العيب ، ويختفى عيبه كثيرا ولا يظهر غالبا.

وأيضا يتعلق به أغراض كثيرة مختلفة ، ولا يعلم حصولها منه الا بالاختبار ومرور الأيام ، فشرّع الخيار ليعلم ذلك ، وهو يدل على ثبوته لكل من ينتقل اليه.

والعمدة في ذلك الأخبار المتقدمة ، مثل صحيحة وحسنة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام يقول : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : البائعان (البيعان كا ـ ئل) بالخيار حتى يفترقا وصاحب الحيوان ثلاث (ثلاثة ـ كا) (٣).

الظاهر ان المراد ان صاحبه الذي عنده ومالكه بالفعل ـ لا الذي كان ـ مخير ثلاثة أيام.

وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : البيعان بالخيار حتى يفترقا وصاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيام (٤).

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ ، كتاب التجارة ، الباب ٥ من أبواب الخيار ، الحديث ٢.

(٢) يعني ثانيها لمن يبيع الدراهم إلخ.

(٣) الوسائل ، ج ١٢ ، كتاب التجارة ، الباب ٣ من أبواب الخيار ، الحديث ٦ وقوله قدس سره (صحيحة وحسنة) يعني حسنة بطريق الكافي وصحيحة بطريق التهذيب.

(٤) الوسائل ، ج ١٢ ، كتاب التجارة ، الباب ١ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

٣٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وما في صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : عهدة البيع في الرقيق ثلاثة أيام ان كان بها حبل أو برص أو نحو هذا (١) تأمل فيه.

وبالجملة الظاهر شمول هذه الاخبار لمن قلناه ، وان قلنا بشموله لغيره أيضا.

ويمكن ان يراد بالمشتري في سائر الاخبار أيضا ما يعمه بنوع من الاعتبار ، فافهم.

واما ثبوته لبائعه الذي انتقل عنه ، فالأصل ، وما تقدم من الكتاب والسنة الدالة على لزوم البيع دليل عدمه.

مؤيدا بالشهرة ، بل الإجماع المدعى ، قاله في الدروس ، لأن القائل به السيد المرتضى على ما نقل ، وما ذهب اليه بعده احد ، فصار بعده إجماعا.

وبمفهوم الأخبار المتقدمة ، وان لم يكن المفهوم حجة مطلقا ، ولكن يفهم من سوق الاخبار كونه حجة هنا ، حيث قال : الخيار للمتبايعين حتى يفترقا ولصاحب الحيوان ثلاثة ، في الخبرين المتقدمين ، ولو كان الخيار لهما في الحيوان أيضا ما كان ينبغي ان يخصص بأحدهما بعد ان ذكر الخيار لهما في غيره ، ولا يفصل ، بل يقول : هما بالخيار ما لم يفترقا وفي الحيوان ثلاثة أيام ، هذا هو مقتضى كلام من بكلامه الاعتداد والاحتجاج.

وكذا في سائر الأخبار المتقدمة.

مثل ما في رواية فضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : ما الشرط في الحيوان؟ فقال : ثلاثة أيام للمشتري ، قلت : فما الشرط في غير الحيوان؟

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ ، كتاب التجارة ، الباب ٣ من أبواب بيع الخيار ، الحديث ٧ وتمام الحديث (وعهدته سنة من الجنون ، فما بعد السنة فليس بشي‌ء).

٣٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

قال : البيعان بالخيار ما لم يفترقا إلخ (١).

وهو كالصريح في النفي عن البائع ، فليس الاستدلال بمفهوم اللقب الضعيف جدا ، بل بسوق الكلام والمقابلة ولزوم اللغوية ، ويحتمل كونه مفهوم الوصف كما ذكره في التذكرة فتأمل.

ولعل دليل السيد على ثبوت الخيار له ، عموم بعض ما يدل على الخيار في الحيوان ثلاثة أيام ، وشمول لفظة صاحب الحيوان الذي تقدم في الاخبار ، له أيضا ، وما ذكر له هذا الدليل.

ورواية محمد بن مسلم المتقدمة عن أبي عبد الله عليه السلام قال : المتبايعان بالخيار ثلاثة أيام في الحيوان وفيما سوى ذلك من بيع حتى يفترقا (٢).

ويمكن ان يقال : بمنع العموم بحيث يظن شموله لمحل النزاع ، وظاهر صاحب الحيوان ، هو الصاحب الآن كما تقدم.

نعم رواية محمد بن مسلم ظاهرة في ذلك ، وقيل : صحيحة وصريحة في الثبوت ، وهو الظاهر.

الا ان فيه بعض الشك والمناقشة ، لوجود أبي أيوب الخزاز ، وهو محتمل لغير المشهور الثقة ، وان كان الظاهر انه هو ، ومحمد بن مسلم أيضا مشترك ، وان كان الظاهر فيه أيضا انه المشهور الثقة (٣).

ولعدم صراحتها في ثبوت الخيار لبائع الحيوان بغيره ، لاحتمال ان يكون لواحد منهما الخيار ، لا لكل واحد ، وهو المشتري لما تقدم ، ولاحتمال ان يكون

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، أورد صدره في باب ٣ الحديث ٥ وذيله في باب ١ الحديث ٣ من أبواب الخيار.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٣ من أبواب الخيار ، الحديث ٣.

(٣) سند الحديث كما في التهذيب (الحسين بن سعيد عن صفوان عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم).

٣٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

لأحدهما وعلى الأخر القبول ، فبينهما خيار ولا ينافيهما قوله بعده : وفيما سوى إلخ كما يفهم من شرح الشرائع ، إذ يقال : بجريانهما فيه أيضا.

وليس دليل خيار المجلس منحصرا فيهما ، لما تقدم من الإجماع والاخبار مع عدم المعارض.

ويمكن ان يقال أيضا : لا عموم في المتبايعين ، فيحتمل العهدين والجنس في الجملة ، لا الاستغراق ، ويكون المراد بالمتبايعان اللذان باع أحدهما حيوانا واشترى الآخر أيضا بحيوان ، فيكون لكل واحد منهما الخيار في الحيوان في الجملة وفي بعض الصور ، وهي هذه.

ويؤيده ما تقدم من ثبوت الخيار لمن انتقل اليه الحيوان مطلقا.

وأيضا على تقدير تسليم الاستغراق ، ما قال في كل بيع وشراء ، يعني حصل له عموم الافراد لا عموم الأحوال والأوضاع ، فيحتمل ان يكون المراد كل المتبايعين بالخيار في الحيوان الذي انتقل اليه أو في حيوانه ، سواء كان لهما الخيار في عقد واحد ، بان يكون الثمن والمثمن كلاهما حيوانا ، ولكل في عقد ، للمشتري فقط فيما إذا كان في المبيع فقط حيوان ، أو للبائع فقط فيما إذا كان الثمن ذلك فقط.

ويؤيده أيضا ما تقدم في بعض الاخبار والاعتبار والجمع في الجملة ، إذ يمكن الاستدلال بالاخبار على نفيه للبائع كما تقدم من سوق الكلام ، أو من جهة المفهوم وإرجاعه إلى مفهوم الوصف لا اللقب كما أشار إليه في التذكرة ، وحفظ عمومات الكتاب والسنة الدالة على وجوب الوفاء بالعقد ولزومه مهما أمكن والشهرة ، بل الإجماع.

ويؤيده أيضا ان القائل به لم يعمل بالخبر الواحد مع سلامته من الضعف فكيف معه مما تقدم ، فالعجب من السيد القائل بعدم العمل به ، الفتوى بمثل هذا الخبر في مثل هذه المسألة ، وأمثاله كثيرة منقولة عنه قدس الله سره ، ولعل له دليلا

٣٩٥

ولو شرطا سقوطه أو أسقطاه (إسقاطه خ) بعد العقد ، أو تصرف المشتري سقط.

______________________________________________________

أخر غير ما وصل الى الجماعة الناقلين ، الله يعلم.

والثاني في ابتداء هذه الثلاثة ، هل هو من حين العقد ، أو بعد التفرق؟.

الظاهر الأول حيث دلت الاخبار على ان خيار الحيوان ثلاثة أيام ، وخيار غيره ما لم يتفرقا ، فإنه يفهم منه ان كليهما في الابتداء سواء ، وانما الاختلاف في النهاية.

وما في رواية محمد بن مسلم ـ من قوله : وفيما سوى ذلك من بيع ـ حتى يفترقا ، أظهر ، فافهم.

ولان المتبادر في الأجل المذكور بعد العقد ، اتصاله بزمان العقد.

ولأن الأصل اللزوم وعدم الخيار ، ومعلوم كونه ثلاثة من زمان العقد وبعده غير معلوم ، فلا يصار اليه لعدم دليل يقاوم ما يدل على اللزوم.

وما يستدل على غير ذلك ضعيف ، ولهذا اختار في الشرائع الأول ، والمصنف هنا أيضا ، كما أشار إليه بقوله : ثلاثة أيام من حين العقد على رأى ، اي على رأيي ، كما هو المشهور والمنقول عنه ان الرأي المطلق رأيه.

ولكن في اختياره الثبوت للمشتري خاصة ، تأمل تقدم ، وقوله : شرطاه أولا ، يعني الخيار ثابت ثلاثة في الحيوان سواء شرط المتبايعان ذلك أم لا ، كأنه إشارة الى ان ما ورد فيها ، الشرط في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري اشترط أم لم يشترط ، معناه ان الخيار الذي جعله الله شرطا له ولا بد منه (فيه خ) ثلاثة ، لا انه خيار مع الشرط ، لقوله : اشترط أم لا يشترط ، ولانه مع الشرط تابع له ، وليس مخصوصا بالثلاثة ولا بالحيوان.

قوله : «ولو شرطا سقوطه إلخ» دليل سقوط خيار الحيوان بالشرط في العقد بالمعنى الذي تقدم ، وكذا سقوطه بالإسقاط وبالتزام العقد وإمضائه بعده ،

٣٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ظاهر ، وقد تقدم.

واما السقوط بالتصرف المعبر عنه في الاخبار بالحدث ، فدليله أيضا الإجماع المدعى في التذكرة ، مستندا الى ما تقدم في صحيحة علي بن رئاب مع تفسير الحدث ، وهو التصرف باللمس والتقبيل والنظر الى ما لا يجوز له النظر اليه قبل الشراء (١).

ولكن معلوم كون هذه التصرفات في الجارية ، فما علم حال غيرها من الحيوانات ، وسائر التصرفات الأخر فيها.

قال في التذكرة : ولا فرق بين ان يكون التصرف لازما كالبيع أو غير لازم كالهبة قبل القبض والوصية فإنه بأجمعه مسقط للخيار ، ثم قال : وكما كان يسقط هذا الخيار بالتصرف كيف كان ، فكذا يسقط باشتراط سقوطه في العقد ، وكذا بالتزامه واختيار الإمضاء بعد العقد.

وهذه العبارة تدل على ان كل ما يسمى تصرفا فهو مسقط ، وظاهر رواية على مشعر بخلافه ، لحصره في الجارية باللمس والتقبيل والنظر ، فيمكن ما كان مثلها أو أعلى كذلك ، واما الأدنى فلا.

ويؤيد العموم صحيحة محمد بن الحسن الصفار قال : كتبت الى أبي محمد عليه السلام في الرجل اشترى من رجل دابة ، فأحدث فيها حدثا من أخذ الحافر أو نعلها أو ركب ظهرها فراسخ ، إله أن يردها في ثلاثة أيام التي له فيها الخيار بعد الحديث الذي يحدث فيها ، أو الركوب الذي ركبها فراسخ؟ فوقع عليه السلام : إذا أحدث فيها حدثا فقد وجب الشراء ان شاء الله (٢).

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٤ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٤ من أبواب الخيار ، الحديث ٢.

٣٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

هذه وان كانت دالة بظاهرها على ان كل حدث مسقط للخيار ، الا ان الحدث مجمل ، ويمكن ان يكون كل ما هو عيب مسقطا.

وكذا كل ما هو ظاهر انه تصرف ويسمى حدثا ، وإخراج التصرف نسيانا وغلطا.

وكذا التصرف للإصلاح مثل جله وستره وعلفه وسقيه وربطه وجعله في مكان وأمثال ذلك ، وإخراج التصرفات للامتحان والاختبار أيضا ، لأن الغرض من الخيار ثلاثا ذلك كما أشير اليه.

ويمكن ان تحمل عليها ما في رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام عن رجل اشترى شاة فأمسكها ثلاثة أيام ثم ردّها؟ قال : ان كان في تلك الثلاثة يشرب لبنها ردّ معها ثلاثة أمداد ، وإن لم يكن لها لبن فليس عليه شي‌ء (١).

يحتمل ان يكون المراد بالرد في الثلاثة ، مع انها ضعيفة بعلي بن حديد (٢) ومخالفة للقوانين ، حيث أوجب رد عوض اللبن ، وهو ملك المشتري في زمان الخيار عند الأكثر ، وانه ثلاثة أمداد مع احتمال كونه أقل أو أكثر ، كأنه محمول على كونه كذلك.

قال بعض المحققين : المراد بالتصرف المسقط للخيار ، هو ما يكون المقصود منه التملك ، لا الاختبار ولا حفظ المبيع كالركوب لسقي الدابة.

وفيه تأمل ، لأن ظاهر الروايات أعم من ذلك ، فان ظاهر هذا الكلام انه إذا تصرف فيه لا لغرض ، بل لعبا ولهوا ، أو يكون لغرض غير التملك لا يكون مسقطا ، والرواية بخلافها.

فهذه العبارة غير جيدة حيث يفهم منها ان التصرف المسقط ، منحصر فيما

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٣ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

(٢) سند الحديث كما في التهذيب (عن احمد بن محمد بن عيسى عن علي بن حديد عن أبي المعزى) ولا يخفى ان ضعفه من طريق الشيخ في التهذيب واما بطريق الكليني فحسن أو صحيح بأحد الطريقين ، فراجع.

٣٩٨

وخيار الشرط وهو ثابت لمن شرطاه سواء كان أحدهما أو هما معا أو أجنبيا أو لأحدهما معه.

______________________________________________________

يكون المقصود منه التملك ، وقليلا ما يوجد التصرف الذي يكون المقصود منه التملك ، فان التملك حاصل قبله ، ولا يحصل به.

لعل مراده : ان قصده التصرف في ماله وجعله به لازما ، والظاهر انه غير منحصر في ذلك كما مرّ.

وغير المسقط في الاختبار والحفظ ، وجعل الركوب للسقي كذلك ، على انه قد لا يكون السقي محتاجا الى الركوب ، فتأمل فإن المسألة مشكلة كسائرها.

قوله : «وخيار الشرط وهو ثابت لمن شرطاه إلخ» أي له ، فحذف للظهور ، وجواز حذف العائد الفضلة.

هو ثالث الاقسام ، ودليل ثبوته ـ بأقسامه وعمومه ، مع عدم مخالفته للشرع ـ الإجماع المدعى في التذكرة.

والمستند ما تقدم ، من مثل (أوفوا) و (المسلمون عند شروطهم ما لم يخالف الكتاب والسنة).

وتدل عليه أيضا بخصوصه رواية إسحاق بن عمار قال : أخبرني (حدثني يب ئل) من سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول : وقد سأله رجل وانا عنده فقال له : رجل مسلم احتاج الى بيع داره فمشى إلى أخيه فقال له : أبيعك داري هذه ، : وتكون لك أحب الى من ان يكون لغيرك على ان تشترط لي ان أنا جئتك بثمنها إلى سنة ان ترد علىّ؟ فقال : لا بأس بهذا ، ان جاء بثمنها إلى سنة ردها عليه ، قلت : فإنها كانت فيها غلة كثيرة فأخذ الغلة لمن تكون الغلة؟ قال : الغلة للمشتري ، الا ترى انها لو أحرقت لكانت من ماله (١).

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٨ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

٣٩٩

ويجب ضبط المدة ، ومبدأها العقد ما لم يشترطا غيره ،

ويجوز اشتراط المؤامرة.

______________________________________________________

ولا يضر إرسال إسحاق ، لأنه مؤيد ومقبول.

ولا يخفى ان فيها عدم سقوط الخيار بالتصرف في المبيع والمثمن ، وان النماء في زمان الخيار للمشتري فيكون المبيع ملكا له ، وان التلف في زمان خيار الشرط من المشتري ، وهو موافق للمشهور ان التلف بعد القبض في زمان الخيار من مال من لا خيار له.

واخبار أخر مثل صحيحة سعيد بن يسار في الكافي : أرى أنه لك ان لم يفعل ، وان جاء بالمال للوقت فرد عليه (١).

قوله : «ويجب ضبط المدة إلخ» دليل وجوب ضبط المدة بحيث لا يزيد ولا ينقص ، رفع الجهالة الممنوعة المبطلة للعقد وان كان مثل مجي‌ء الحاج وادراك الغلات ، بعد ما مرّ من ان الأجل له قسط من الثمن ، فيؤل الى جهل احد العوضين.

ودليل ان مبدئها حين الفراغ من العقد أيضا ما مرّ ، وهو ان كل ما يشترط من الأجل في العقود ، المتبادر منه كون ابتداءه من حين العقد ، وهو ظاهر ، ولا دليل على غيره ، فيتبع.

وثبوت خيار المجلس بأصل الشرع لا يدل على كون مدة الخيار المشروط غير ذلك حتى يكون ابتداءه بعد انقضائه كما نقل عن الشيخ ، إذ لا مانع من التداخل في بعض المدة ، كما في خيار الحيوان.

قوله : «ويجوز اشتراط إلخ» يعني يجوز لكل واحد من المتعاقدين ان يشترط ان يشاور من يريد.

دليله ما تقدم من عموم جواز الشرط الا المخالف ، والمخالفة ليست هنا

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٧ من أبواب الخيار ، قطعة من حديث ١.

٤٠٠