مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٨

والتقبيل بشرط السلامة.

______________________________________________________

غيره (١).

ومعلوم عدم صحة هذا السند وكونه عاميا ، مع تأمل في المتن أيضا.

ومنه يفهم أنها أخص مما تقدم من التفسير من وجوه ، فافهم.

ولو وجدت صحيحة صريحة لجاز الاستثناء من المزابنة بالمعنى الذي قلناه أيضا تعبدا ، ولكن ما رأيتها ، فلا يجوز هذا الاستثناء الا على المعنى العام القائل به العامة الذين هم أصل هذه المسئلة.

والى بعض هذه الشروط أشار المصنف رحمه الله ، والاستثناء صحيح بناء على ظاهر كلامه المفيد للعموم ، وما رأيت دليلا على الأصل والاستثناء والشرائط غير ما تقدم فافهم.

قوله : «والتقبيل بشرط السلامة» أي يجوز ان يتقبل احد الشريكين أو أكثر من الشريك حصته ، واحدا كان أو أكثر من الثمرة بمقدار معلوم من الثمر ، عشر تغارات مثلا ، لا على سبيل البيع ، بل هو على سبيل القبول والمراضاة.

دليله الأصل والحاجة ، لأنها قد تدعو اليه.

ودليله العمدة صحيحة يعقوب بن شعيب المتقدمة ، وهي صحيحة في الفقيه وفي باب الغرر من التهذيب وغير صحيحة في باب بيع الثمار منه (٢).

ثم ان ظاهر المتن انه مشروط لزومه بالسلامة من الآفة ، فلو نقص بها ، له ان لا يعطي إلا حصة الشريك مما حصل ، وان زاد فالزيادة له.

ويحتمل ان يكون المراد بالشرط عدم الآفة ، بحيث تذهبه بالكلية ، وهو بعيد ، والظاهر ان المراد الأعم ، لكن لا يشمل النقص الذي حصل من التخمين

__________________

(١) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ١٤ من أبواب بيع الثمار ، الحديث ١.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٦ من أبواب بيع الثمار ، الحديث ٢ وقد تقدم ذكر السندين عند قول المصنف (وبيع الثمرة على النخل بالأثمان).

٢٢١

ولو مرّ بثمرة لم يجز التناول على رأى ولا أخذ شي‌ء منها

______________________________________________________

والغلط فيه ، مع انه يحتمل.

ويحتمل ان يكون إسلامه كناية عن الموافقة ، من غير زيادة ونقصان ، فيكون النقص والزيادة مشتركا بينهما.

والظاهر من الرواية هو اللزوم مطلقا ، فكأنه راجع الى معاملة فيكون بحسب الطالع النقص والزيادة سواء بسواء.

ويمكن ان يكون المراد بقوله في الرواية (زاد أو نقص) (١) ، من التخمين لا انه جاءه آفة أولا ، وذلك غير بعيد.

قال في التذكرة : فإن كان ما حصل مساويا لما تقبل به ، فلا بحث ، وان زاد فله ، وان نقص فعليه ، وهو مشعر بما في ظاهر الرواية.

وقال أيضا : هل يجوز البيع؟ يحتمل ذلك ، عملا بالأصل السالم عن معارضة الربا ، إذ لا وزن في الثمرة على رأس الشجر ، وعلى تقدير جواز البيع يثبت احكامه ، وقد تقدم ما يفيد جواز البيع ، خصوصا حسنة الحلبي (٢) ، فتأمل

قوله : «ولو مرّ بثمرة إلخ» إشارة إلى رد قول بعض الأصحاب مثل الشيخ وغيره من المتقدمين ، والمصنف في التذكرة ، بل نقل عليه الإجماع في الخلاف في شرح الشرائع.

وهو انه إذا مرّ الإنسان على ثمر أو زرع من غير قصد الأكل منه ، يجوز له الأكل ، ولا يجوز الإفساد ولا الأخذ منه ، لبعض الروايات.

مثل ما روي عن أبي داود عن بعض أصحابنا عن محمد بن مروان قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أمرّ بالثمرة فآكل منها؟ قال : كل ولا تحمل ، قلت :

__________________

(١) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ١٠ من أبواب بيع الثمار ، الحديث ١.

(٢) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ٦ من أبواب بيع الثمار ، الحديث ١.

٢٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

جعلت فداك ان التجار قد اشتروها ونقدوا أموالهم؟ قال : اشتروا ما ليس لهم (١).

عدم صحة سندها ظاهر.

ويدل على عدم الجواز ، كما هو رأي المصنف هنا ، العقل والنقل من الكتاب والسنة على العموم وهو ظاهر وكثير.

والخصوص مثل صحيحة علي بن يقطين قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل يمر بالثمرة من الزرع والنخيل والكرم والشجر والمباطخ وغير ذلك من الاثمار (الثمر يب) ، أيحل له ان يتناول منه شيئا ، ويأكل بغير اذن صاحبه ، وكيف حاله ان نهاه صاحب الثمرة ، أو أمره القيم ، أو ليس له ، وكم الحد الذي يسعه ان يتناول منه؟ قال : لا يحل له ان يأخذ منه شيئا (٢).

حملها الشيخ على عدم جواز الحمل لا الأكل ، وهو بعيد لوجود السؤال عن الأكل أيضا في الخبر.

وأيده بحديث محمد المتقدم انه قال : (كل ولا تحمل).

وبمرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن الرجل يمر بالنخل والسنبل والثمر ، أفيجوز له ان يأكل منها من غير اذن صاحبها من ضرورة أو غير ضرورة؟ قال : لا بأس (٣).

ومرسلته عندهم بمنزلة المسند الى العدل ، ولهذا قيل صحيحة ابن أبي عمير ، وهي العمدة في هذا الباب.

ووجوب الجمع بين الأدلة يقتضي الفتوى بالجواز ، ولكن قد عرفت ما في

__________________

(١) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ٨ من أبواب بيع الثمار ، الحديث ٤.

(٢) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ٨ من أبواب بيع الثمار ، الحديث ٧ وفي جميع النسخ (وليس له) وفي الاستبصار كما أثبتناه.

(٣) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ٨ من أبواب بيع الثمار ، الحديث ٣.

٢٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

العمل بالمرسل مرارا ، خصوصا مع معارضة الأدلة الكثيرة العقلية والنقلية ، العامة والخاصة ، فإن التصرف في مال الغير من غير اذن صاحبه ممنوع عقلا ونقلا ، وقد يؤل الى فناء مال الغير بالكلية ، يأكل كلّ من يمرّ ، وهو ظاهر.

مع عدم الصراحة في المرسلة وإمكان حملها على حال الضرورة فقط ، أو على من يجوز الأكل من بيوتهم الذي تتضمنهم الآية (١) واستقر عليه الإجماع ، أو الأكل اليسير جدا للذوق والامتحان فقط ، أو على الاذن المفهوم بالفحوى.

على انه يمكن حمل المنع على الكراهة ، وهو أقرب من الحمل الأول ، ولكن الأحوط والاولى هو الاجتناب لما مرّ ، ولتقدم دفع الضرر على جلب النفع مع التعارض ، فتأمل.

وقد نقل عن المحقق في شرح الشرائع ثلاث شروط للجواز.

(أحدها) كون المرور اتفاقا ، فلو قصدها ابتداء لم يجز الأكل ، اقتصارا في الرخصة على موضع اليقين ، كأنه فهم من لفظ المرور في الخبر ، قال في شرح الشرائع : أيضا ، ان المراد بالمرور بها كون الطريق قريبا من الثمرة ، بحيث لا يستلزم قصدها البعد الخارج عن المعتاد ، بحيث يصدق عليه عرفا انه قد مرّ بالثمرة ، لا ان يكون الطريق على نفس الثمرة والشجر ، أو ملاصقة الحائط البستان ونحوه. وليس ببعيد اعتبار القرب الحقيقي ، فإن العرف غير معلوم ، والاحتياط حسن.

(وثانيها) ان لا يفسد ، والمراد ان لا يأكل منها شيئا كثيرا ، بحيث يؤثر فيها أثرا بينا ، ويصدق معه الفساد عرفا ، ويختلف ذلك بحسب اختلاف كثرة الثمرة وقلتها ، وكثرة المارة وقلتها ، أو بهدم حائط أو بكسر غصن يتوقف الأكل عليه الّا (لا ان خ) ان وقع ذلك خطاء ، فإنه لا يحرم الأكل وان ضمنه ، مع احتماله ، ويحتمل عدم

__________________

(١) سورة النور ـ ٦١.

٢٢٤

المطلب الثاني : في بيع الحيوان

كل حيوان مملوك يصح بيعه وأبعاضه المشاعة ، لا المعينة

______________________________________________________

الضمان ، ويمكن فساد الثمرة بسبب الأكل بأن يقع تحت الرجل ونحوه.

ومستند هذا الشرط رواية عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال : لا بأس ان يمرّ على الثمرة ويأكل منها ، ولا يفسد الحديث (١).

(وثالثها) ان لا يحمل معه شيئا ، بل يأكل في موضعه.

وهذا مفهوم من رواية محمد المتقدمة ، ومن حمل صحيحة علي بن يقطين عليه.

ولو كان سند الجواز نقيا ، لأمكن حملها على عدم الشرطين الأولين أيضا ، وهو حمل ظاهر.

وزاد بعض عدم علم الكراهة ، بل عدم ظنها أيضا.

وبعض كونه على الشجرة ، لا مقطوعا محروزا في حرزه.

وان كانت الأخبار مطلقة ، ولكن الاقتصار في مثل هذه المواضع على اليقين ومحل الإجماع ، مهما أمكن ، هو المعقول ، فتأمل.

وينبغي ان يكون فيما لا سور عليه ولا الباب ، فلا يفتح الباب ولا يدخل السور بغير الاذن.

ويؤيده عدم دخول البيت الا مع الاذن.

ويحتمل جواز الأكل بعد الدخول بالاذن ، ولكن الأحوط الاجتناب ، فتأمّل.

واعلم ان في اشتراط جواز الأكل بالشرطين الأخيرين تأملا ، لاحتمال كون الأكل جائزا ، مع تحريم الإفساد والحمل.

قوله : «كل حيوان مملوك إلخ» دليل جواز بيع الحيوان كلا وبعضا

__________________

(١) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ٨ من أبواب بيع الثمار ، قطعة من حديث ١٢.

٢٢٥

الا الآبق منفردا.

وأم الولد مع وجوده والقدرة على الثمن ، أو إيفائه

والوقف

______________________________________________________

مشاعا ، هو الأصل والعمومات ، بل الإجماع مع عدم المنع.

ودليل عدم جواز البعض المعين منه ، مثل يده ، هو عدم إمكان الانتفاع به ، وكأنه الإجماع أيضا ، وهو ظاهر.

واما استثناء الآبق منفردا من جواز البيع ، فقد مرّ دليله.

ولعل دليل صحة بيعه منضما يدل على عدم الفرق بين كونه تابعا أم لا ، حيث قال : اشترى منك إلخ (١) فتذكر.

واستثناء أم الولد بالقيدين ، يشعر بجواز بيعها في ثمن رقبتها على تقدير كونه دينا وغير مقدور ، سواء كان المولى حيا أو ميتا.

وكذا بعد موت الولد ، الا انه لا دليل الا على جواز بيعها بعد موت الولد وموت المولى ، مع كون ثمنها دينا غير مقدور ، غير ان يقال الإجماع يسند الى بعض الاخبار دل على عدم الجواز مع القيدين.

والأدلة العامة والخاصة ـ مثل حسنة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن أم الولد؟ قال : أمة تباع وتورث وتوهب وحدها حد الأمة (٢) ـ تقتضي جواز بيعها وسائر التصرفات مطلقا ، خرج منها عدم جواز بيعها مع القيدين بالإجماع ، وبقي الباقي على حاله ، وسيجي‌ء تمام البحث والاخبار في كتاب العتق ان شاء الله تعالى.

وقد مرّ عدم جواز بيع الوقف أيضا ، مع الإشارة إلى جوازه في بعض المحل.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٣ ، كتاب التجارة ، الباب ١١ من أبواب عقد البيع وشروطه ، الحديث ٢.

(٢) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ٢٤ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ٣.

٢٢٦

والعمودين للمشتري ، والمحرمات عليه نسبا ورضاعا.

______________________________________________________

قوله : «والعمودين للمشتري إلخ» دليل عدم جواز بيع العمودين ونحوهما ، هو عدم استقرار ملكهما ، بل ينعتق في الحال عقيب الملك بلا فصل ، فعدم جواز البيع ظاهر.

وانما يزيد (يؤيد خ ل) الدليل عدم استقراره في الملك وعتقه ، فكأنه الإجماع في العمودين ، اي الآباء والأولاد في الرجل والمرأة.

ومن يحرم على الرجل نكاحها من المحرمات النسبية له ، مثل الأخت وبناتها وبنات الأخ وان نزلت والعمة وعمة الأب والام وعمة الأجداد والجدات وان علت وكذا الخالة وخالة الأبوين ، لا عمة العمة وخالة الخالة. وبالحقيقة يرجع تحريم العمة والخالة إلى تحريم أولاد الجد والجدة ، فمن ليست بأولاد منهما ليست بمحرمة.

في الرجل (١) ، دون المرأة ، فإنها تملك سوى الأبوين والأولاد.

وانما الخلاف في المحرمات الرضاعية ، وسيجي‌ء تحقيق ذلك كله.

هذا كله واضح.

ولكن في قوله : (للمشتري) تأمل ، فإن ظاهره انه لا يجوز البيع على المشتري أبويه وأولاده إلخ.

وهو محل التأمل ، فإن الظاهر يجوز البيع عليه ، بل شراءه أيضا ، الا انه ينعتق عليه.

فيحتمل ان يكون المراد بيعا وشراء مفيدا لاستقرار الملك ، ولكن حينئذ ينبغي ان يقال : لا يصح الشراء ، أو يكون المراد لا يجوز لمن اشترى أبويه أن يبيعهما ، والتخصيص غير جيد ، مع المناقشة في كونهما مملوكين حين نفي البيع. وبالجملة

__________________

(١) متعلق بقوله : (ومن يحرم على الرجل).

٢٢٧

قيل : ولو استثنى البائع الرأس والجلد كان شريكا بقدر القيمة. وكذا لو اشترك اثنان وشرط أحدهما ذلك.

______________________________________________________

العبارة غير جيدة ، والمقصود ظاهر.

قوله : «قيل : ولو استثنى البائع إلخ» يعني لو باع شخص الحيوان واستثنى رأسه أو جلده ، قيل : كان البائع شريكا مع المشتري في كل الحيوان المبيع بقدر قيمة الرأس أو الجلد ، فتنسب القيمة إلى ثمن المشتري ويكون له بتلك النسبة من جميع اجزاء المبيع ويكون للمشتري الباقي ، يعني يكون مشتركا بينهما بالنسبة المعلومة.

وكذا قيل : لو اشترك اثنان وشرط أحدهما الرأس أو الجلد له.

وجهه غير ظاهر بحسب العقل ، بل النقل (العقل خ ل) يقتضي خلافه.

اما صحة الشرط ، فلعموم. المسلمون عند شروطهم (١) ، والأصل وعموم الأدلة والتراضي ، وعدم المانع ، وليس هنا شي‌ء سوى الجهالة ، ولهذا قيل بالبطلان لأجلها ، وفيه تأمل لحصول العلم في الجملة ، وعدم معلومية الجهل المانع ، مع ما مرّ.

وما نجد فرقا بين المذبوح وما يراد ذبحه ، وذبح ، وقيل : بالصحة فيهما والبطلان في غيرهما.

والظاهر ان الغرض فيهما ، إذ يبعد استثناء الرأس والجلد فيما لا يراد ذبحه ، ولو فرض فالظاهر البطلان ، لما تقدم من عدم جواز بيع جزء معين ، وذلك يرجع الى ذلك ، لا للجهالة كما قيل ، نعم يمكن ان يكون القصد والغرض ذلك ثم ما وقع الذبح بالبرء أو السمن وحصل الزيادة ، ولو ذبح يحصل الضرر ، فيمكن كون

__________________

(١) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ٦ من أبواب الخيار ، الحديث ١ و ٢ و ٥ وصحيح البخاري ، كتاب الإجارة باب أجرة السمسرة.

٢٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الحكم ذلك.

كما يدل عليه رواية الغنوي عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل شهد بعيرا مريضا ، وهو يباع ، فاشتراه رجل بعشرة دراهم ، فجاء وأشرك فيه رجلا أخر بدرهمين بالرأس والجلد ، فقضى ان البعير برء ، فبلغ ثمانية (ثمنه كا ـ بل) دنانير؟ قال : فقال عليه السلام : لصاحب الدرهمين خمس ما بلغ ، فان قال : أريد الرأس والجلد فليس له ذلك ، هذا الضرار ، وقد اعطى حقه إذا اعطى الخمس (١).

وينبغي ان يحمل عليها رواية السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال : اختصم الى أمير المؤمنين عليه السلام رجلان اشترى أحدهما من الأخر بعيرا واستثنى (البيع خ ل) البائع الرأس والجلد ، ثم بدا للمشتري ان يبيعه؟ فقال للمشتري هو شريكك في البعير على قدر الرأس والجلد (٢).

فيمكن حملها على انه كان المقصود الذبح ثم حصل العدول عن ذلك ، فيكون البيع صحيحا ، ويكون هو شريكا للمشتري في الكل بمقدار ما ادى ، لان مصلحتهما في ذلك ، فيكون المقصود انه لا بد من ان يعطيه بشرط ان ذبح ، والا فيكون شريكا.

ويمكن ان فعل ذلك صلحا وبرضاهما للمصلحة.

وبالجملة صحة البيع على ذلك الوجه غير بعيد ان ذبح ، فان لم يذبح فما في الروايتين غير بعيد ، ان حصل بالذبح ضرر على الشريك ولم يذبح والا فما شرط.

على ان الروايتين ضعيفتان ، فيمكن طرحهما ان كانتا مخالفتين للقواعد ، فتأمل.

__________________

(١) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ٢٢ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ١ وليس في الوسائل قوله (فجاء) ولكن موجود في الكافي والتهذيب.

(٢) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ٢٢ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ٢.

٢٢٩

والوحشي من الحيوان يملك بالاصطياد ، أو بأحد العقود الناقلة ، أو بالاستنتاج ، وغير الوحشي بالأخيرين.

واما الآدمي فإنما يملك في الأصل بالقهر عليه إذا كان كافرا أصليا الا اليهود والنصارى والمجوس مع القيام بشرائط الذمة فإن أخلوا ملكوا ثم يسرى الملك إلى أعقابهم (به خ) وان أسلموا.

إلا الآباء والأمهات وان علوا والأولاد وان نزلوا سواء كان المالك ذكرا أو أنثى ، ولا يملك الرجل الأخوات والعمات والخالات وان علون وبنات الأخ وبنات الأخت وان نزلن ، فان ملك أحد هؤلاء انعتق في

______________________________________________________

قوله : «والوحشي من الحيوان إلخ» تملك الحيوان الوحشي بالاصطياد ، وبأحد العقود ـ مثل البيع عن مالكه الجائز بيعه ، وبحصول النتيجة في ملكه ـ ظاهر بالنص والإجماع ، كظهور التملك في الحيوان الغير الوحشي بالأخيرين ، يعني العقود الناقلة مثل البيع والهبة والصدقة وحصول النتيجة ، وليس بمنحصر فيما تقدم ، تملكهما ، فإنه يحصل بالإرث ونحوه مثل النذر ، الا ان يريد بالعقد ما يعم ، ولو قال بالأمور ، لكان اولى من العقود.

قوله : «واما الآدمي فإنما يملك إلخ» يعني انه لا يتملك الآدمي في الأصل إلا بهذا الوجه ، وهو القهر والغلبة على الكافر الحربي ، دون الذمي الذي يقبل من الجزية ، ويقوم هو بشرائطه التي كان الإخلال بها خرقا للذمة ، وعلة لكون فاعله حربيا حكما ، (مثل خ ل) من اليهودي والنصراني والمجوس ، فان خرقوا ملكوا مثل الحربي وقد مرّ تفصيل ذلك في كتاب الجهاد.

ثم يسري الملك من ذلك الكافر المملوك إلى أعقابه ، أي من يحصل منه مسلما كان أو كافرا مسلمين كانوا أو كفارا.

قوله : «الا الآباء والأمهات إلخ» هذا مشعر بان المراد بالملك في قوله

٢٣٠

الحال ولو ملك البعض انعتق ما يملكه وحكم الرضاع حكم النسب على رأى.

______________________________________________________

فإنما يملك) وكذا في قوله (ولا يملك إلخ) هو الملك المستقر الباقي زمانا ، ليحسن الاستثناء ، لان الظاهر ان المستثنيات يملكون ولكن يعتقون في الحال ، وقد أشار إليه بقوله بعيد هذا (فان ملك آه) ولا بعد في ذلك ، فان الظاهر من الملك هو الملك التام الذي يترتب عليه الأثر ، بحيث يكون له قدرة بعد وقوع الملك على تصرف ما من التصرفات في المملوك ، وظاهر ان لا تصرف له في هؤلاء بعده ، فإنهم معتقون ، بل لو لا ضبط قاعدتهم (لا عتق إلا في ملك (١)) كان الحكم بالعتق بنفس الشراء مثلا ، وهو ظاهر.

واما الدليل على ذلك كله فالظاهر أنه الإجماع مستندا الى الاخبار ، الا في الرضاع كما أشار إليه المصنف ، حيث ما نقل الخلاف هنا الا فيه ، وكذا في غير هذا الكتاب.

والاخبار في ذلك كثيرة ، مثل رواية أبي بصير وأبي العباس وعبيد بن زرارة كلهم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا ملك الرجل والديه أو أخته أو عمته أو خالته أو بنت أخيه أو بنت أخته ، (وذكر أهل هذه الآية من النساء) عتقوا جميعا ، ويملك عمه وابن أخيه وابن أخته والخال ، ولا يملك امه من الرضاعة ولا أخته ولا عمته ولا خالته ، (انهن يب) فإذا ملكن عتقن ، وقال : ما يحرم من النسب فإنه يحرم من الرضاعة ، وقال : يملك الذكور ما خلا والدا ولدا ، ولا يملك من النساء ذوات رحم محرم ، قلت : وكيف يجري في الرضاع؟ قال : نعم يجري في الرضاع مثل ذلك (٢).

__________________

(١) يظهر من كلامه قدس سره أنها قاعدة ولكن نقلها في المهذب البارع لابن فهد الحلي بعنوان الرواية ، لاحظ عوالي اللئالي ج ٢ ص ٣٩٩ وج ٣ ص ٤٢١.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٤ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ١.

٢٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذه وان كان في طريقي الكتابين محمد بن عيسى وابان بن عثمان (١). وفيهما قول ، مع اني أظن عدم الباس بهما ، الا ان مثلها مكررة في التهذيب والاستبصار مع القول بالصحة ، وانها صحيحة في الفقيه ، لان الظاهر ان أبي العباس هو الفضل بن عبد الملك وطريقه اليه صحيح (٢) وهو ثقة في الكتب ، والطريق الى عبيد بن زرارة أيضا لا بأس (٣) به.

ويؤيدها الشهرة وغيرها.

مثل صحيحة الحلبي وابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : في امرءة أرضعت ابن جاريتها؟ قال : تعتقه (٤).

وصحيحة عبيد بن زرارة في الكافي قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عما يملك الرجل من ذوي قرابته فقال : لا يملك والده ولا والدته (٥) ولا أخته ولا ابنة أخيه ولا ابنة أخته ولا عمته ولا خالته ، ويملك ما سوى ذلك من الرجال من ذوي قرابته ، ولا يملك امه من الرضاعة (٦).

__________________

(١) سند الحديث كما في التهذيب احمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن ابان بن عثمان عن أبي بصير ، وأبي العباس وعبيد كلهم عن أبي عبد الله عليه السلام.

(٢) طريق الصدوق الى الفضل بن عبد الملك كما في المشيخة هكذا (وما كان فيه عن الفضل بن عبد الملك فقد رويته عن أبي رضي الله عنه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن جعفر بن بشير عن حماد بن عثمان عن الفضل بن عبد الملك المعروف بابي العباس البقباق الكوفي).

(٣) وطريق الصدوق الى عبيد بن زرارة هكذا (وما كان فيه عن عبيد بن زرارة فقد رويته عن أبي رضي الله عنه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين الثقفي عن عبيد بن زرارة بن أعين).

(٤) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٤ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ٣.

(٥) والديه ولا ولده (يب).

(٦) الوسائل ، ج ١٦ ، كتاب العتق ، الباب ٧ في ان الرجل إذا ملك احد الآباء. انعتق عليه ، الحديث ٥.

٢٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر عدم الفرق بين الام والابن من الرضاعة وغيرهما.

وصحيحة محمد بن مسلم أيضا عن أبي جعفر قال : لا يملك الرجل والده ولا والدته ولا عمته ولا خالته ويملك أخاه وغيره من ذوي قرابته من الرجال (١).

ورواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرءة ترضع غلاما لها من مملوكة (مملوكها ـ كا) حتى تفطمه يحل لها بيعه؟ قال : لا ، حرم عليها ثمنه (٢) أليس قد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. أليس قد صار ابنها؟ فذهبت اكتبه ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : وليس مثل هذا يكتب (٣) يعني انه ظاهر لا يحتاج إلى الكتابة.

قال في شرح الشرائع : انها صحيحة ، ولي فيها تأمل ، لأن الظاهر من التهذيب والاستبصار عدمها ، لان الظاهر انه روى فيهما عن الحسن بن محمد بن سماعة بغير واسطة ، والسند اليه غير ظاهر (٤) ، وحاله معلوم (٥).

ورواية أبي حمزة (الثمالي) قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة ما تملك من قرابتها؟ قال : كل أحد الا خمسة أبوها وأمها وابنها وابنتها وزوجها (٦).

والظاهر ان المراد مع بقاء الزوجية ، يعني إذا ملكها تبطل الزوجية للإجماع.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٦ كتاب العتق ، الباب ٧ ان الرجل إذا ملك احد الآباء. الحديث ٢.

(٢) في النسخ التي عندنا (قال ثم قال) والصواب ما أثبتناه كما في التهذيب والوسائل.

(٣) الوسائل ج ١٦ كتاب العتق ، الباب ٨ ان حكم الرضاع في ذلك حكم النسب ، الحديث ٣.

(٤) سند الشيخ الى الحسن بن محمد بن سماعة كما في مشيخة التهذيب هكذا (وما ذكرته في هذا الكتاب عن الحسن بن محمد بن سماعة فقد أخبرني به احمد بن عبدون عن أبي طالب الأنباري عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة).

(٥) وسند الحديث كما في التهذيب هكذا (الحسن بن سماعة عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان).

(٦) الوسائل ج ١٦ كتاب العتق ، الباب ٩ ان المرأة إذا ملكت. الحديث ١.

٢٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذه وان كانت غير صحيحة الا ان الأصل والعمومات يقتضي تملكها كل احد (١) ، ولا خلاف ظاهرا في الأربعة ، فثبت عدم تملكها وتملك غيرها ، وكأنه لا خلاف فيهما في المرأة.

هذا ، واما ما يدل على خلاف ما تقدم ـ مثل ما في رواية عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا يملك الرجل أخاه من النسب ، ويملك ابن أخيه ، ويملك أخاه من الرضاعة إلخ (٢) وغيرهما مما يدل على جواز التملك في الرضاع.

مثل رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في بيع الامام من الرضاعة؟ قال : لا بأس بذلك إذا احتاج (٣).

ورواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا اشترى الرجل أباه أو أخاه فملكه فهو حر ، الا ما كان من قبل الرضاع (٤).

فمع عدم صحتها ـ وقلتها بالنسبة الى ما ينافيها ، فإنه كثير جدّا ـ يمكن حملها على كراهة التملك ، واستحباب العتق بعده. هذا في الخبر الأول ونحوه.

وقال الشيخ في الآخرين : فهذان الخبران لا يعارضان الأخبار التي قدمناها ، لأنها أكثر ، وأشد موافقة بعضها لبعض (لبعضها خ ل) ، فلا يجوز ترك تلك ، والعمل بهذه ، مع ان الأمر على ما وصفناه.

على انه يمكن ان يكون الوجه فيه إذا كان الرضاع لم يبلغ الحد الذي يحرم ،

__________________

(١) هكذا في النسخ ، ولعل الصواب (لكل أحد).

(٢) الوسائل ، ج ١٦ كتاب العتق ، الباب ٧ مع ان الرجل إذا ملك احد الآباء. الحديث ٧.

(٣) التهذيب ، ج ٨ في العتق واحكامه ص ٢٤٥ ، الحديث ١١٩.

(٤) التهذيب ، ج ٨ في العتق واحكامه ، ص ٢٤٥ الحديث ١١٨.

أقول : رواهما في الوسائل ، ج ١٦ ، كتاب العتق ، ص ١٢ في هامش الصفحة ولم نجدهما في الوسائل.

٢٣٤

ويملك لقيط دار الحرب دون دار الإسلام ، ويقبل إقراره بعد بلوغه بالرق ، وكذا كل مقربه مع جهالة حريته.

______________________________________________________

فإنه والحال على ذلك جاز بيعها على جميع الأحوال.

على ان الخبر الثاني يحتمل ان لا يكون المراد بإلّا الاستثناء ، بل يكون (إلّا) قد استعملت بمعنى الواو ، وذلك معروف في اللغة ، فكأنه قال : إذا ملك الرجل أباه فهو حر ، وما كان من جهة الرضاع.

واما الخبر الأول فيحتمل ان يكون إنما أجاز بيع الام من الرضاع لأبي الغلام حسب ما قدمناه في خبر إسحاق بن عمار عن العبد الصالح (عليه السلام) ولا يكون المراد بذلك انه يجوز ذلك للمرتضع ، وليس في الخبر تصريح بذلك ، بل هو محتمل لما قلناه ، وإذا كان كذلك لم يعارض ما قدمناه (١).

وهذه التأويلات وان كانت بعيدة ، الا انه لما قوى الحكم الأول ، والطرح غير مستحسن عنده ـ وان كانت الأخبار ضعيفة ونادرة ـ فليس ببعيد ارتكابها (٢) ، ولكن لا بد من حمل عدم تملك الأخ في الخبر الثاني أيضا ، ولعله الذي تقدم في الخبر الأول.

قوله : «ويملك لقيط دار الحرب إلخ» يعني لقيط دار الحرب التي يسترق أهلها بالسبي.

ودليله ظاهر مما تقدم الا انه شرط في جواز ذلك عدم كون مسلم فيها يمكن كون اللقيط والدا له ، وان كان محبوسا ، دليله جواز كون الولد منه ، وقد ترك الأصل

__________________

(١) إلى هنا عبارة التهذيب ، من كتاب العتق.

(٢) وفي بعض النسخ وهامش نسخة مخطوطة ما لفظه (ويمكن حملها علما لتملك في الجملة ثم العتق ، لما دلّ عليه الاخبار المتقدمة ، فإنها تدل على الملك ثم العتق ، فإن الذي لا يقولون معنى ، نحن نقول بموجبها ، إذ لا يدل الا على التملك فقط ونحن نقول به كما في الأبوين من النسب ، وانما النزاع في البقاء في الملك وحصول العتق ، وان كان ظاهر هما (ها خ) الأول ، وهذا لا يجوز (لا يجرى خ) في هذين الخبرين ، ولكن إلخ).

٢٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر أيضا هنا. وكذا الإلحاق بالأغلب والأكثر ، كأنه بالإجماع مستندا الى الاخبار.

مثل صحيحة حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال : المنبوذ حر (١) إلخ ، وهي (عامة) في كون اللقيط ، حرا ، خرج منه لقيط دار الحرب الخالي عن مسلم موصوف ، بقي الباقي على حاله ، فتأمل.

ويقبل إقرار اللقيط بالرق اللقيط بالرق بعد بلوغه ورشده ، وكذا كل من يقر برقية نفسه مع الجهل بنسبة المقتضى لحريته.

وكان دليله الإجماع المستند الى الحكم بالظاهر.

وصحيحة عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : كان علي بن أبي طالب عليه السلام يقول : الناس كلهم أحرار الا من أقر على نفسه بالعبودية وهو مدرك من عبد أو امة ، ومن شهد عليه بالرق صغيرا كان أو كبيرا (٢)

وفيه دلالة على عدم اشتراط الرشد في المقر بالرق ، وان العقل يكفي ، الا ان يدخل في قوله : (وهو مدرك) وان الأصل هو الحرية ، وان الرقية تثبت على الصغير أيضا بالمشهور ، ولا يحتاج دعوى ذلك عليه الى ان يكبر ، وان العبد والجارية سواء فتأمل.

والخبر المشهور عنه صلّى الله عليه وآله : إقرار العقلاء على أنفسهم جائز (٣) وسائر أدلة قبول الإقرارات الجائزة.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٦ كتاب العتق ، الباب ٦٢ ان اللقيط حر ، الحديث ٣.

(٢) الوسائل ، ج ١٦ ، كتاب العتق ، الباب ٢٩ ان الأصل في الناس الحرية ، الحديث ١.

(٣) عوالي اللئالي ، ج ١ ص ٢٢٣ الحديث ١٠٤ وج ٢ ص ٢٥٧ الحديث ٥ وج ٣ ص ٤٤٢ الحديث

٢٣٦

ولو أسلم عبد الكافر بيع عليه من مسلم.

______________________________________________________

ثم انه لو أنكر ورجع لا يقبل رجوعه ، بل مع البينة أيضا ، لتكذيبه إياها بإقراره أولا.

ولو ادعى شبهة يمكن الصدق أمكن قبوله ، للظاهر ، ولعدم حصول العلم بمجرد إقراره أولا ، والظاهر القبول كما قيل.

واختلف في قبول إقرار اللقيط بالرق ، فقيل : لا يقبل لعدم علمه بحال نسبه ، والظاهر القبول لما مرّ الا مع إظهار ما يدل على عدمه ، فيسمع الرجوع ، ومع البينة بالطريق الاولى.

وكذا في اعتبار الرشد في الإقرار بالرق ، فإن أكثر العبارات خالية عنه ، ولا يبعد اعتباره ، لعدم الاعتداد بكلام السفيه وعدم قبوله في المال ، فكذا في النفس بالطريق الاولى ، بل قد يستلزم القبول في المال ، بان يكون في يده مال أو يكسب ، فتأمل ، واحتمال إرادته في الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام (١).

قوله : «ولو أسلم عبد الكافر إلخ» يعني لو حكم بإسلام عبد كافر ، للكافر ، يكلف الكافر على بيعه جبرا ، من مسلم لعدم السبيل للكافر على المسلم (٢) كما تقدم في مسئلة عدم جواز شراء الكافر المسلم.

لعله لا خلاف فيه ، ويمكن وجوب الشراء كفاية حينئذ ، والأصل يقتضي العدم ولا يستلزم (٣) البيع عليه ، ذلك ، لانه قد يكون مشروطا.

نعم يمكن ان يأخذه الحاكم من يده ويسلمه إلى ثقة ، ويوصل إليه النفقة الزائدة عن النفقة ، فتأمل.

__________________

(١) تقدم آنفا.

(٢) إشارة إلى قوله تعالى (لَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً).

(٣) يعني وجوب البيع على الكافر ، لا يستلزم وجوب الشراء على المسلم ، لان وجوب البيع قد يكون مشروطا بوجود المشتري.

٢٣٧

ولو ملك احد الزوجين صاحبه ، صح وبطل العقد.

ولا يقبل ادعاء الحرية من مشهور الرقية (المشهور بالرقية خ) إلا بالبينة.

______________________________________________________

قوله : «ولو ملك احد الزوجين إلخ» لعله لا خلاف في بطلان العقد حينئذ ، وقد مرّ في خبر عدم تملك المرأة خمسة ، ان أحدها زوجها (١) وقد عرفت ان معناه عدم بقاء الزوجية مع الملك ، يعني تملك ولم يكن زوجا.

وقد استدل عليه بوجوه غير تامة ، ولا يحتاج الى ذكرها ، لأن الإجماع مع الاخبار المعتبرة في الكافي يكفي.

مثل ما في حسنة محمد بن قيس في قضاء أمير المؤمنين عليه السلام في امرءة مالكه لزوجها : لو كنت فعلت (اي جامعت) لرجمتك ، اذهبي فإنه عبدك ليس له عليك سبيل الخبر (٢).

وفي صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام : تفارقه وليس له عليها سبيل وهو عبدها (٣) وفي الصحيح عن إسحاق بن عمار عنه عليه السلام ليس بينهما نكاح (٤).

وفي رواية سعيد بن يسار قال : سألته عن المرأة الحرة تكون تحت المملوك فتشتريه ، هل يبطل نكاحه؟ قال : نعم ، لانه عبد مملوك لا يقدر على شي‌ء (٥).

قوله : «ولا يقبل ادعاء الحرية إلخ» فيجوز شراؤه والتصرف فيه تصرف الملاك ، الا ان يأتي بالبينة.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٦ كتاب العتق الباب ٩ ان المرأة إذا ملكت. الحديث ١.

(٢) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٤٩ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، قطعة من حديث ٣.

(٣) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٤٩ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، قطعة من حديث ١.

(٤) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٤٩ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، قطعة من حديث ٤.

(٥) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٤٩ من أبواب نكاح العبيد والإماء ٢.

٢٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

عدم القبول بمجرد الشهرة مشكل ، لأن الأصل الحرية ، وهي ليست بحجة شرعية.

لعل المراد ب (المشهور بالرقية) كونه رقا ظاهرا ، بان يرى يباع ويشترى من غير إنكار كما قال في التذكرة : العبد الذي يوجد في الأسواق يباع ويشتري يجوز شراؤه ، وان ادعى الحرية لم يقبل منه ذلك إلا بالبينة ، وكذا الجارية إلى قوله : اما لو وجد في يده وادعى رقيته ولم يشاهد شراؤه له ولا بيعه إياه ، فان صدقه حكم عليه بمقتضى إقراره ، وان كذبه لم يقبل دعواه الرقية إلا بالبينة ، عملا بأصالة الحرية ، وان سكت من غير تصديق ولا تكذيب ، فالوجه ان حكمه حكم التكذيب ، إذ قد يكون السكوت لأمر غير الرضا.

وان كان صغيرا ، فإشكال ، أقربه أصالة الحرية فيه (١).

هذا ، وينبغي التأمل في قوله : (وحكمه حكم التكذيب) إذ يمكن جواز الشراء حينئذ دون صورة التكذيب ، لانه شخص متصرف وصاحب يد ، ويدعي دعوى ممكنا ، فالظاهر صدقه ما لم يظهر له مكذب ومنازع ، كما إذا ادعى زوجية امرءة وملكية أموال ، فيكون الحكم لظاهر (بظاهر خ) اليد ، كما نقل عن تحريره في شرح الشرائع ، الا انه يكون دعواه مقبولا مع البينة ، ويمكن بدونها أيضا ، فتأمل.

وأيضا ان في الحكم الأول تأملا ، إذ قد يكون الشراء والبيع الذي رأيناه مع سكوته في الكل مثل هذه الصورة ، فكيف يجوز شراؤه مع قوله ، فالوجه ان حكمه حكم التكذيب ، فتأمل.

والظاهر ان مراده بقوله : (فحكمه حكم التكذيب) في عدم قبول دعوى رقيته فقط إلا بالبينة.

__________________

(١) إلى هنا كلام التذكرة.

٢٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر عدم الإشكال في قبول دعوى الحرية من غير بينة بعد البلوغ والرشد من الذي يبيع طفلا.

وكذا في جواز شراء الطفل من يد مسلم يدعي رقيته ، لما تقدم. وقيل : ، هو أيضا مختار التحرير ، وان قوله : (أقربه الحرية) يشعر بعدم جواز شراءه ، لأنه إذا حكم بالحرية فمقتضاه ذلك ، فيشكل حينئذ جواز شراء الأطفال التي تحت تصرف البياع ، وكذا استخدامهم.

والظاهر الجواز ، والاحتياط طريق السلامة.

ويدل على جواز شراء من يباع وعدم سماع قوله الا مع البينة مطلقا ، رواية حمزة بن حمران قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ادخل السوق وأريد اشتري الجارية ، فتقول إني حرة؟ فقال : اشترها الا ان تكون لها بينة (١).

قال في التذكرة : في صحيحة عن حمزة بن حمران ، وفي شرح الشرائع صحيحة حمزة بن حمران ، وحمزة غير موثق ، بل ما ذكره المصنف في الخلاصة ، نعم ذكره النجاشي وابن داود من غير مدح ولا ذم.

وأيضا ما ينبغي ذكر هذه وترك صحيحة عيص الآتية ، وكأنها حملت على من ثبت رقيتها برؤية بيعها وشرائها ونحوها ، وهو بعيد ، نعم يمكن إخراج من يكذب بائعها في دعوى الرقية ، بالإجماع والأصل وتعارض القولين ، وبقي الأطفال والساكت تحتها ، ويمكن إخراجهما أيضا ، للأصل ولما مرّ من ان كل انسان حر ، فتأمل ، والأول أظهر إلا ما يدل على خلافه.

وصحيحة عيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مملوك ادعى انه حر ولم يأت بينة على ذلك ، أشتريه؟ قال : نعم (٢).

__________________

(١) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ٥ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ٢.

(٢) الوسائل ، كتاب التجارة ، الباب ٥ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ١.

٢٤٠