مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٨

واسترجاع المبيع بعد مدة إذا ردّ الثمن.

______________________________________________________

بظاهرة ، وصرح به في التذكرة ، ونقل عدمه أيضا عن الشافعي ، وقال : الاولى قوله الأول.

ولكن الظاهر انه لا يشترط تعيينه باسمه.

نعم الظاهر انه يشترط فيه أيضا تعيين المدة في العقد بحيث لا يزيد ولا ينقص لما مرّ فينبغي ان لا يخرج عما يشاور فيقول به ، قال في التذكرة : ليس للشارط ان يفسخ حتى يستأمر ، ويأمره بالرد ، لانه جعل الخيار اليه دونه.

والظاهر ان الالتزام كذلك ، ويمكن ان يكون له الفسخ قبلها ، والمخالفة لعدم لزومه ، الا ان يشترط ذلك.

قال في التذكرة : هذا القول الثاني للشافعي ، كما ان الأول قوله الأول ، وانه المعتمد.

قوله : «واسترجاع المبيع إلخ» أي يجوز ان يشترط في العقد ان يكون للبائع استرجاع المبيع إذا رد الثمن ، يعني الفسخ وأخذ ماله ، فينبغي إيقاع الفسخ ولا يكتفي بمجرد إعطاء المال ، وان كان ذلك ظاهر الروايات.

والظاهر جواز العكس أيضا ، وان التعدي إلى المثل والقيمة بحسب الشرط لكن في مدة معينة ، بأن يعين مدة مضبوطة ، مثل سنة ان رجع بالثمن في طولها يكون له مبيعه ، والا يلزم البيع.

وحاصله البيع مع شرط الخيار للبائع مثلا وزيادة شرط في الخيار ، وهو رد الثمن ، كأنه بيع الوفاء.

وقد تقدم ما يدل عليه ، وهو عموم أدلة الشرط ، مع عدم المانع عقلا وشرعا ، ومرسلة إسحاق (١).

__________________

(١) تقدم آنفا.

٤٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

وقول الباقر عليه السلام في رواية اخرى : ان بعت رجلا على شرط فإن أتاك بمالك ، والا فالبيع لك (١).

وغيرهما مثل صحيحة سعيد بن يسار : أرى أنه لك ان لم يفعل ، وان جاء بالمال للوقت فرد عليه (٢).

والظاهر عدم سقوط هذا الخيار بالتصرف لما مرّ ، ولما سيجي‌ء ، ولا بالشرط ، وهو ظاهر.

نعم يمكن بالإسقاط والالتزام بعده كما في غيره.

والعمدة في ذلك قول الأصحاب في الكل ، والتسلط للإنسان على ماله ، والترغيب على العمل بالقول وعدم مخالفته له ، ولأنه لا شك في لزوم الفسخ باختياره ، وكذا اللزوم.

ويدل عليه أيضا رواية السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام قضى في رجل اشترى ثوبا بشرط الى نصف النهار فعرض له ربح فأراد بيعه؟ قال : ليشهد انه قد رضيه واستوجبه ، ثم ليبعه ان شاء فان اقامه في السوق ولم يبع فقد وجب عليه (٣).

والظاهر انه لا يضر السكوني ، للقبول.

وقد ظهر مما تقدم أيضا كون الشرط في متن العقد بين الإيجاب والقبول ، فيقول مثلا : بعتك ذلك بكذا ولى الخيار مدة كذا ، ويقول : قبلت أو اشتريت ، قاله في التذكرة ، ثم قال : لا اعتداد بالشرط قبله وبعده ، وقد مر الإشارة إلى الجواز بالشرط في القبل ، فتذكر وتأمل.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٧ من أبواب الخيار ، الحديث ٢.

(٢) تقدم آنفا.

(٣) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٢ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

٤٠٢

وخيار الغبن ، وهو ثابت للمغبون بما لم تجربة العادة.

______________________________________________________

قوله : «وخيار الغبن إلخ» هذا هو الرابع.

الظاهر ان دليله ما أشار إليه في التذكرة : وهو اي خيار الغبن ثابت عند علمائنا وبه قال مالك واحمد ، لقوله : لا ضرر ولا ضرار في الإسلام (١) ولقوله تعالى : (إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) (٢) ومعلوم ان المغبون لو عرف الحال لم يرض ، ولأن النبيّ صلّى الله عليه وآله اثبت الخيار في التلقي ، وانما أثبته للغبن وقال : انما يثبت للمغبون خاصة إجماعا (٣).

وانما يثبت له بالشرطين ، الزيادة والنقيصة الفاحشتين اللتين لا يتغابن الناس بمثلهما وقت العقد.

والحد في ذلك العرف ، لما تقرر في الشرع ان ما لم يثبت له الوضع الشرعي يحال الى العرف ، جريا على العادة المعهودة من رد الناس الى عرفهم.

وإليهما أشار هنا بقوله : وهو ثابت للمغبون بما لم تجربة العادة.

وأهمل الثاني وهو عدم علم المغبون بالنقصان ، لظهوره ، بل لا يقال المغبون الا معه.

فيتخير بين الرد والإمساك مجانا ، وليس له الأرش ، أي طلب التفاوت

__________________

(١) رواه في التذكرة في البحث الرابع في خيار الغبن ص ٥٢٢ ج ١ كما في المتن ، وفي عوالي اللئالي في ج ١ ص ٢٢٠ الحديث ٩٣ كما في المتن أيضا. ورواه في عوالي اللئالي بزيادة حرف الالف (لا ضرر ولا إضرار في الإسلام) في ج ١ ص ٣٨٣ الحديث ١١ وج ٢ ص ٧٤ الحديث ١٩٥ وج ٣ ص ٢١٠ الحديث ٥٤ ورواه في الوسائل ج ١٧ كتاب احياء الموات ، الباب ١٢ الحديث ٤ بلفظ (لا ضرر ولا ضرار على مؤمن) : ورواه أصحاب الحديث من الخاصة والعامة بلفظ (لا ضرر ولا ضرار) أو مع زيادة حرف الالف ، لاحظ الوسائل ج ١٧ كتاب احياء الموات الباب ١٢ الحديث ٣ و ٥ وكتاب الشفعة ، الباب ٥ الحديث ١ ومسند احمد بن حنبل ج ١ ص ٣١٣ وج ٥ ص ٣٢٧ وسنن ابن ماجة ج ٢ كتاب الاحكام (١٧) باب من بني في حقه ما يضر بجاره ، الحديث ٢٣٤٠ و ٢٣٤١ وموطإ مالك ج ٢ كتاب الأقضية (٢٦) باب القضاء في المرفق ص ٧٤٥ الحديث ٣١ الى غير ذلك مما يعثر عليه المتتبع.

(٢) سورة النساء ـ ٢٩.

(٣) الى هنا كلام التذكرة.

٤٠٣

ولا يسقط بالتصرف ، ولا يثبت به أرش ،

______________________________________________________

إجماعا ، ذكره في التذكرة ، قال : ولو دفع الغابن التفاوت ، احتمل سقوط خيار المغبون ، لانتفاء موجبه ، وهو النقص ، وعدمه لانه ثبت له ، فلا يزول عنه الا بسبب شرعي ، لعله الأظهر بعد الثبوت ، لما مرّ.

قوله : «ولا يسقط بالتصرف إلخ» أي لا يسقط خيار الغبن بالتصرف.

ظاهره مطلق ، والظاهر انه لا يسقط بتصرف الغابن في مال المغبون مطلقا ، سواء كان تصرفا مخرجا عن الملك أم لا ، فيبطل الكل على تقدير الفسخ ، ولو كان عتقا أو كتابة أو استيلادا ، فيرجع المال اليه.

وقيل : انه على تقدير الفسخ والإخراج عن الملك ، له المثل أو القيمة ، فلا يبطل شيئا من العقود ، بل هو بمنزلة التلف.

وفيه تأمل ، ومقتضى الخيار ما تقدم ، نعم ذلك معقول مع التلف وعدم إمكان الرد بوجه فتأمل.

واما تصرف المغبون في مال الغابن ، فيحتمل ذلك أيضا ، لأن الجهل عذر ، وكأنه ما رضي ولهذا ثبت له الخيار.

ولكن ظاهر عبارة التذكرة ان ليس له الفسخ مع الإخراج عن ملكه ، قال : ولا يسقط هذا الخيار بتصرف المغبون ، لأصالة الاستصحاب ، الا ان يخرج عن الملك ببيع وعتق وشبهه ، لعدم التمكن من استدراكه ، وكذا لو منع مانع من الرد كاستيلاد الأمة (ووقفها ـ تذكرة) وعتقها وكتابتها اللازمة ، ولا يثبت الأرش هنا أيضا ، لأصالة البراءة.

وفيه تأمل لحصول الضرر المنفي ، مع انه ما اثبت له ذلك الا لدفعه وما فعله الا جهلا واعتقاد عدم الغبن ، نعم لا شك ان الأحوط ذلك.

وما نجد الفرق بين الغابن والمغبون كما فرق الشارح ، وكذا المحقق الثاني وشارح الشرائع ، ولا بين كونه بائعا ومشتريا ، وهم اعرف.

٤٠٤

وخيار التأخير ، فمن اشترى شيئا ولم يشترط تأخير الثمن ولا قبض (المشتري خ) السلعة ولا قبض البائع الثمن ، تخير البائع بعد ثلاثة أيام في إمضائه أو فسخه.

______________________________________________________

والمسألة مشكلة ، ولها أقسام كثيرة وفروع متكثرة مذكورة في شرح الشرائع ، وليست بواضحة لعدم النص وقول للأصحاب.

وقد ظهر شرح قوله : ولا يثبت به أرش ، اي التفاوت مطلقا ، وليس له الا الرد أو القبول.

والظاهر انه فوري ، للاقتصار على موضع الوفاق في غير المنصوص.

قوله : «وخيار التأخير إلخ» خامس الاقسام خيار التأخير ، ودليل ثبوت الخيار للبائع ـ بين الإمضاء والفسخ إذا باع شيئا ولم يقبض المشتري المبيع ولا سلمه الثمن ، ولا شرط خياره بوجه ـ بعد ثلاثة أيام ـ هو الإجماع المدعى في التذكرة ، مستندا الى الاخبار الكثيرة.

مثل صحيحة علي بن يقطين انه سأل أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يبيع البيع فلا يقبضه صاحبه ولا يقبض الثمن؟ قال : (فان خ ئل) الأجل بينهما ثلاثة أيام ، فإن قبض بيعه ، والا فلا بيع بينهما (١).

ومثلها ما في رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (٢) الا ان في الطريق علي بن حديد الضعيف (٣) ولا يضر ، لفتوى العلماء وغيرها.

وما في رواية عبد الرحمن بن الحجاج ، قال له أبو بكر بن عياش : سمعت

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٩ من أبواب الخيار ، الحديث ٣.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٩ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

(٣) سند الحديث كما في الكافي (عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن علي بن حديد عن جميل عن زرارة) بأحد الطريقين من الكافي.

٤٠٥

ولو تلف بعد الثلاثة فمن البائع وكذا قبلها على رأى.

______________________________________________________

صاحبك (يعني أحدهما «ع») يقول : من اشترى شيئا فجاء بالثمن ما بينه وبين ثلاثة أيام ، والا فلا بيع له (١) وغير ذلك من الاخبار.

الا ان ظاهر الاخبار هو فسخ البيع من رأسه وبطلانه بغير اختيار الفسخ ، وكأنهم حملوها على عدم لزوم بيع له ، لأصل البقاء من غير فاسخ.

والأصل متروك بالاخبار ، ولا إجماع هنا ، لانه نقل في شرح الكتاب في شرح الرأي بعده ، ان ظاهر كلام ابن الجنيد والشيخ هو بطلان البيع ، والأول عن الجماعة ، فلا يبعد القول بما يدل عليه الاخبار.

ولعل مراد التذكرة بالإجماع في الفسخ على عدم لزوم البيع ، وجواز المشتري منع البائع عن التصرف في المبيع ، الله يعلم.

ويدل على بقاء البيع الى شهر ، خبر مع ضعفه (٢) وعدم القائل به ظاهرا ، وقد تقدم.

ويحتمل الحمل على استحباب الصبر له وعدم الفسخ ، فتأمّل.

قوله : «ولو تلف بعد الثلاثة إلخ» دليل كون تلف المبيع بعد الثلاثة من البائع ، ما تقرر عندهم ، ان المال إذا تلف قبل القبض فهو من مال مالكه الأول ، فكأنه إجماع ، وظاهر الاخبار المتقدمة أيضا ذلك ، وهو ظاهر.

واما قبلها فيدل عليه بعض الاخبار أيضا ، مثل رواية عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل اشترى متاعا من رجل وأوجبه ، غير انه ترك المتاع عنده ولم يقبضه ، قال : آتيك غدا ان شاء الله تعالى فسرق المتاع ، من مال من يكون؟ قال : من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٩ من أبواب الخيار ، قطعة من حديث ٢.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٩ من أبواب الخيار ، الحديث ٦.

٤٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

من بيته فإذا أخرجه من بيته ، فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد اليه ماله (١).

وما روى عنه صلّى الله عليه وآله : كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه (٢).

ومقتضى القاعدة المذكورة ذلك أيضا ، لأنه يصدق عليه انه تلف قبل القبض ، وهو ظاهر الاخبار الدالة على ذلك مثل رواية عقبة كما مرت.

ولكن قد تقرر أيضا عندهم انه إذا تلف المال في زمن الخيار فهو من مال من لا خيار له ، وان كان لهما الخيار فتلف المبيع من البائع والثمن من المشتري ، وذلك يقتضي كون التلف بعدها من المشتري.

الا ان يقال : ان ذلك بعد القبض ، أو يقال : ببطلان البيع حينئذ كما هو مذهب البعض ومدلول الاخبار ، لكن ليس مذهب المصنف هنا.

ويظهر من المتن والشرح أيضا ان لا نزاع في كون الضمان على البائع لو كان التلف بعدها ، وانما النزاع في القبل فإنه من البائع بناء على القاعدة المقررة ، ومن المشتري لأنه ماله ، ولم تثبت القاعدة فهو مؤيد للبطلان ، والذي نقل لكون الضمان حينئذ على البائع أنه قبلها لما كان لازما فالمال للمشتري مخلصا ، فكأنه وديعة عند البائع ، فهو ليس بضامن ، بل التلف من مال صاحبها وهو المشتري ، بخلاف ما بعدها ، فان له الخيار فكان المال له حينئذ ، فالتلف منه حيث ما فسخ.

وفيه تأمل ، مع انه مناف لما تقرر عندهم ، وكان القائل بأن التلف من البائع لا يقول بتلك القاعدة ، فهي غير مسلمة ولا مجمع عليها.

قال في الشرح : ورواية عقبة ليست بصريحة في محل النزاع ، ولا عموم لها ،

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٠ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

(٢) عوالي اللئالي ج ٣ ص ٢١٢ الحديث ٥٩.

٤٠٧

والخيار فيما يفسد الى الليل ، فان جاء بالثمن ، والا فالبائع أحق.

______________________________________________________

إذ لا اداة فيه.

لكن لا يخفى الصراحة وفهم العموم عرفا كما قيل في أحل الله البيع ونحوه ، الا انها غير معتبرة الإسناد ، لمجهولية عقبة ومحمد بن عبد الله بن هلال المذكور في سندها (١) الا ان الظاهر انها مقبولة الأصحاب.

وبالجملة لو قلنا ببطلان العقد كما هو ظاهر الاخبار ، فلا شك في كون الضمان من البائع ، وكذا ان قلنا بالصحة والفسخ ، ان ثبت عموم تلك القاعدة ، أي كون التلف قبل القبض ممن في يده ، والا فالظاهر انه من مال المشتري لأنه ماله ، فتأمل.

قوله : «والخيار فيما يفسد إلخ» هذه من توابع خيار التأخير ، والعبارة لا تخلو عن شي‌ء.

لعل المقصود ان الصبر واجب على البائع إلى الليل إذا باع ما يفسد ولم يبق الى الليل ولم يقبض الثمن.

قيل : المراد بالفساد ما يعم نقص القيمة بتغيير الطعم والوصف المفضي الى ذلك ، مثل بعض المطبوخات كالهريسة وبعض الفواكه الى ان يقرب الليل ، بحيث لو لم يبع حينئذ لم يحصل له المشتري بعد ذلك ، لفساده عرفا ، وحينئذ يثبت له الخيار بين الصبر حتى يتلف ويأخذ الثمن من المشتري ، والفسخ وبيعه ، أو يتصرف بوجه آخر ، فلا يطالب المشتري بشي‌ء ، لأن في الإبقاء ضرر على البائع مع عدم الخيار وإلزام المشتري بالثمن ضرر على المشتري مع إمكان التخلص في الجملة بالخيار ، وذلك يقتضي عدم البيع كما في خيار التأخير الذي أصل هذه المسألة ، ويدل عليه دليلها.

__________________

(١) سند الحديث كما في الكافي (محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن عبد الله بن هلال عن عقبة بن خالد).

٤٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وهو رواية محمد بن أبي حمزة أو غيره عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام ، أو أبي الحسن عليه السلام في الرجل يشتري الشي‌ء الذي يفسد من يومه ويتركه حتى يأتيه بالثمن؟ قال : ان جاءه فيما بينه وبين الليل بالثمن ، والا فلا بيع له (١).

فلعله يريد ب (بين الليل) المقدار الذي يبتاع فيه ويتصرف فيه قبل ان يفسد ، كما أشرنا إليه ، لظهور المقصود ، فيمكن ان يكون الخيار في العبارة بمعنى الصبر ، ولم يبين الخيار لظهوره انه بعد ذلك له الخيار ، لكن بالمعنى الذي قلناه ، أو يكون الى الليل ، صلة الفساد ، يعني الخيار ثابت فيما يفسد الى الليل ، اي لم يبق الى الليل الا مع الفساد ، ومعلوم ان الخيار في وقت يقرب الى الفساد بالمقدار الذي قلناه ، والأمر في العبارة هين ان علم المقصود ، لعله علم.

ثم ان الظاهر عدم عدّ هذا الخيار من السبعة ، لأنه من توابع خيار التأخير وفرد منه ، كما يفهم من التذكرة ، حيث ذكرها في مسألة بين مسائل خيار التأخير ، وكأنه يقول : خيار التأخير في غير الفاسد بعد ثلاثة أيام وفيما يفسد الى الليل بعد مضى زمان إمكان حفظه بحيث لو لم يبع حينئذ لم يمكن بيعه بعد ذلك عادة لفساده.

ولانه لو عدّ منها ، يلزم كون الخيار ثمانية مع خيار العيب ، ولا يناسب إدخال بعض في البعض وعدم عدّ واحد منها الا هذا ، فتأمل.

فروع من التذكرة

(الأول) : لو قبض المشتري السلعة ولم يقبض البائع الثمن فلا خيار له.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١١ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

٤٠٩

وخيار الرؤية ثابت لمن اشترى أو باع موصوفا أو غائبا ، بعد مشاهدة ، فإن خرج على الوصف أو العهد فلا فسخ والا تخير البائع ان زاد وصفه ، والمشتري ان نقص.

______________________________________________________

الظاهر انه مطلقا ، حالا ومؤجلا بعده ، لان ثبوت الخيار على خلاف الأصل ، فيقتصر فيه على موضع الوفاق والنص ، فتأمل فيه.

(الثاني) : انه لو قبض البعض لم يبطل خياره ، وهو مذكور في رواية عبد الرحمن المتقدمة (١) ولكن يدل على عدم البيع ، لقوله (فلا بيع له) فليس له الا دفع الكل ، أو قبوله لعدم التبعيض.

(الثالث) : لو سلم بعض المبيع ، كان له الخيار في الكل لما تقدم ، ولعل فيما يأتي في خيار الرؤية دلالة عليه.

قوله : «وخيار الرؤية إلخ» هو سادس الاقسام ، لعل في ثبوت أصل هذا الخيار أيضا عندنا لا خلاف فيه ، وان لم يوافق الوصف ما وصف وتغير الغائب بعد الرؤية تغيرا موجبا لزيادة الثمن أو نقصانه عادة وعرفا ، ففي الزيادة الخيار للبائع وفي النقصان للمشتري ، وهو ظاهر.

لعل المستند صحيحة جميل بن دراج قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل اشترى ضيعة وقد كان يدخلها ويخرج منها ، فلما ان نقد المال صار الى الضيعة فقلبها (ففتشها ـ قيه) ثم رجع فاستقال صاحبه ولم يقله ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : لو انه قلب منها ، أو نظر الى تسعة وتسعين قطعة منها ثم بقي منها قطعة لم يرها لكان له في ذلك خيار الرؤية (٢).

لعلها محمولة على عدم كونها على الوصف الذي بيع به ، ويدل على ان

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٩ من أبواب الخيار ، الحديث ٢.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٥ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

٤١٠

وخيار العيب سيأتي :

الفصل الثاني : في الأحكام

خيار الشرط يثبت في كل عقد سوى النكاح والوقف والإبراء والطلاق والعتق. ويسقط بالتصرف ،

______________________________________________________

خروج البعض يكفى.

قوله : «وخيار العيب» هو السابع لما عرفت.

قوله : «الفصل الثاني : في الأحكام إلخ» قال في التذكرة : الأقرب عندي دخول خيار الشرط في كل عقد معاوضة ، خلافا للجمهور.

ويدل على عدم الخلاف عندنا ، ما تقدم من عموم أدلة العقود والإيفاء بها ، وبالشرط دليل واضح على الكل حتى يوجد المانع من إجماع ونحوه ، وقد ادعى الإجماع (١) في شرح الشرائع على النكاح والوقف والطلاق والعتق والإبراء لعله دليلها.

وبالجملة الإجماع والنص دليل الجواز واللزوم في كل عقد الا ما ثبت فيه الدليل على المنع.

وقد الحق بالطلاق الخلع والمبارأة وبالعتق التدبير والمكاتبة المطلقة.

وقد استدل على المستثنيات ببعض المناسبات ، وليس بتام ، والعمدة الإجماع ان كان. وقد استثنى من العقود بعض ما تقدم ، مثل بيع من ينعتق ، وبيع العبد على نفسه إن جوّز ، ولعل مقصود المصنف من قوله : (في كل عقد) ما يعم الإيقاعات مما يحتاج في ترتب الأثر الشرعي على لفظ ، فلا يحتاج بل لا يمكن جعل (سوى) للاستثناء المنقطع ، مع قلة وجوده بلفظ (سوى) والأمر في ذلك هين.

قوله : «ويسقط بالتصرف» ظاهره ان التصرف مطلقا يسقط خيار

__________________

(١) اي على المنع.

٤١١

فلو تصرف أحدهما سقط خياره خاصة.

______________________________________________________

الشرط ، وقد مر ان التصرف المسقط ما يصدق عليه عرفا مطلقا الا ما استثنى مثل ركوب الدابة للسقي والعلف والحفظ والركوب للرد.

قال في التذكرة : سواء كانت المسافة قصيرة أو طويلة ، فتأمل.

والظاهر انه كذلك إذا كان للامتحان والاختبار ، واما ما سوى ذلك فالظاهر انه كلما صدق عليه انه تصرف ، فهو مسقط عندهم.

قال في التذكرة : ولو كان شيئا خفيفا ـ مثل اسقني وناولني الثوب أو أغلق الباب ـ سقط الرد.

ثم اعلم اني ما رأيت دليلا على كون التصرف مطلقا مسقطا ، ولا بيانا للتصرف المسقط الا ما تقدم من الرواية الدالة على بطلان الخيار بالتصرف في الدابة بالحدث وفي الجارية باللمس والتقبيل والنظر الى ما لا يجوز قبل الشراء (١).

وأيضا ان ليس كل التصرف في كل خيار مسقط ، لما تقدم من ان التصرف في خيار الغبن وخيار المجلس ليس بمسقط ولعل عندهم دليلا ما نعرفه من إجماع ونحوه فيما يقولون بسقوطه بالتصرف وبيان المسقط وما فهمنا نستفهم الله يفهمنا بفضله ولطفه.

والظاهر انه يسقط بالإسقاط أيضا ، لما مرّ غير مرة.

قوله : «فلو تصرف أحدهما إلخ» ان كان التصرف من المشتري في المبيع ، فمعنى سقوط الخيار واضح ، وكذا ان كان من البائع في الثمن.

واما ان كان من المشتري في الثمن ومن البائع في المبيع فالظاهر انه موجب لفسخ العقد ، ويمكن إطلاق سقوط الخيار عليه ، إذ لا خيار له حينئذ ، إذ ليس له ان يلتزم لبطلانه ، ولا ان يبطله لتحصيل الحاصل.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٤ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

٤١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فلا مناقشة في العبارة بخصوص تصرف البائع كما قال في شرح الشرائع وحاشية الإرشاد : ان هذا في طرف المشتري واضح ، فان تصرفه يوجب البيع له ويسقط خياره ، واما في طرف البائع فهو فسخ للبيع ، فان الضابط ان ما كان اجازة من المشتري كان فسخا من البائع وإطلاق سقوط الخيار عليه حينئذ تكلف ، نعم يمكن ثبوت الحكم في طرف البائع إذا تصرف في الثمن فإنه يسقط خياره في المبيع ومعه يصح الحكم (١).

إذ لا مناقشة كما فهمت ، وعلى تقديرها ليست مخصوصة بالبائع ، فإن تصرف المشتري في الثمن أيضا كذلك ، فلا ينبغي جعل التصرف منه مسقطا وإنشاء مناقشة في طرف البائع ، والأمر في ذلك هين.

وانما العمدة والمقصود تحقيق المسئلة بدليلها ، وقد عرفت عدم فهمنا دليلها.

على ان الظاهر عدم سقوط خيار الشرط بالتصرف مطلقا ، لأن غالبه الاحتياج الى الثمن والتصرف فيه فلو كان تصرف البائع فيه مسقطا لخياره فلا يترتب عليه الفائدة.

ويؤيده ما تقدم من مرسلة إسحاق بن عمار انه باع رجل داره إلى سنة للاحتياج الى ثمنه ، قال : لا بأس بهذا ان جاء بثمنها إلى سنة ردها عليه (٢).

ودلت على انه لو تصرف المشتري أيضا فيه بأخذ الغلة لم ينفسخ ، وهو ظاهر.

ويؤيده أيضا عمل الناس ، فان مدار شرط استرجاع الثمن ، على التصرف فيه ، وليس الغرض من بيعه بذلك الشرط الا التصرف في الثمن وبقاء الخيار إلى المدة المشترطة ، فالظاهر عدم السقوط حينئذ ، بل عدم سقوط خيار المشتري أيضا

__________________

(١) الى هنا عبارة المسالك.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٨ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

٤١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

بالتصرف في المبيع ، للأصل والأدلة المتقدمة ، مع عدم دليل في السقوط بالتصرف مطلقا.

ولان الغالب انما يشتري للانتفاع ـ في الجملة في هذه المدة ـ بالمبيع في مقابلة ثمنه ، والا كان يقرضه ويترك هذا البيع ليفوز بثواب القرض.

نعم يمكن ذلك في خيار الشرط الذي ما اشترط فيه استرجاع المبيع ، ولا استرجاع الثمن ، فإنه كما يجوز اشتراط استرجاع المبيع يجوز اشتراط استرجاع الثمن أيضا ، وهو ظاهر والدليل مشترك ، الا ان مرسلة إسحاق في المبيع فقط.

ثم على تقدير تسليم ذلك مطلقا يمكن إخراج ما شرط فيه عدم سقوطه بالتصرف ، سواء تلفظ ذلك ، أو يكون ذلك من نيتهما وقصدهما ، ويكون علمهما ـ بأنه انما يفعلان ذلك للتصرف ـ كافيا.

ويمكن : حمل كلام الأصحاب : ان التصرف في خيار الشرط مسقط ، على غير الصور التي ذكرناها ، أو حمل على تصرف المشتري في الثمن والبائع في المبيع تصرف دالا على الملك والفسخ مثل البيع والعتق ، وقد عرفت صحة إطلاق سقوط الخيار عليه مع الفسخ.

فقد علم ان حمل العبارة على ما استشكلوه من تصرف البائع في المبيع أسهل ، وخلافه أشد إشكالا وأصعب.

هذا كله مع عدم الدليل أصلا على ما رأيناه ، على سقوط خيار الشرط بالتصرف ، مع ثبوته بالدليل اليقيني من الكتاب والسنة والإجماع.

ثم ان الظاهر انه على تقدير اشتراط الاسترجاع ، إن جي‌ء بعين الثمن أو مثله ان كان مثليا مع وجوده أو قيمته مع عدمه ، أو كان قيميا ينبغي القبول ورد المبيع ، لاقتضاء العرف ذلك سيما إذا كان معلوما بينهما ، الا ان يعلم ان المقصود رد العين لغرض من الأغراض ، فلا بد منه الا ان يصطلحا.

٤١٤

ولو تصرفا أو تصرف أحدهما بإذن الآخر سقط خيارهما.

والخيار موروث ،

______________________________________________________

والظاهر انه كذلك فيما اشترط استرجاع المبيع ، خصوصا إذا كان مثليا موجودا مثله ، مثل النقدين وبعض الغلات ، الا ان يعلم ان المقصود استرجاع العين كما قلناه في الثمن ، الا ان الظاهر ان الغالب يكون المقصود استرجاع المبيع ، لكونه غالبا من الأعيان التي يتعلق الأغراض بها ، فلعل تجويز المثل في الأول واشتراط العين في الثاني في شرح الشرائع مبنى عليه وهو اعلم.

قوله : «ولو تصرفا أو تصرف أحدهما إلخ» اما سقوط خيار المتصرف فلما ثبت عندهم ان التصرف مسقط ، وقد تقدم ، واما سقوط خيار الآذن فإنه يدل على رضاه بثبوت البيع ان كان من البائع لتصرف المشتري في المبيع ، فكان قوله (تصرف فيه) بمنزلة ان المال لك والبيع لازم ثابت فافعل ما تريد.

وفيه تأمل لعدم ظهور الدلالة ، خصوصا إذا كان التصرف غير مستلزم للزوم المال للمتصرف.

وان كان في الثمن فهو دال على بطلان البيع والفسخ ، فكأنه يقول : فسخت فتصرف في مالك.

وفيه أيضا تأمل. نعم يمكن الفهم مع القرينة في الصورتين ، فافهم.

ويعلم منه ما إذا كان الآذن المشتري والمتصرف البائع في الثمن والمبيع.

وإذا عرفت ان سقوط الخيار مبنى على دلالة اللفظ بالاختيار والفسخ ، فلا فرق في سقوط في سقوط خيار الآذن بين تصرف المأذون وعدمه ، فخياره يسقط بمجرد الاذن ، سواء تصرف المأذون أم لا ، ولهذا حكم جماعة بذلك ، فتأمل.

قوله : «والخيار موروث» ظاهره ان مطلق الخيار موروث ، ولعل دليله انه حق من الحقوق المالية قابل للانتقال ، فينتقل الى الوارث كالمال ، مثل الشفعة واستيفاء الدية والقصاص ، فيقوم الورثة مقام المورث في جميع أحكام الخيار ، ولكن

٤١٥

ويقوم الولي مقام من تجدد جنونه ، ويملك المشتري بالعقد على رأى.

______________________________________________________

في ثبوت خيار المجلس له تأمل.

ثم في مدة بقائه : الظاهر انه ما دام عدم حصول التفرق بين الميت والطرف الآخر.

والظاهر انه لا فرق بين تعدد الوارث ووحدته في الثبوت لهم وبقائه إلى مدة عدم التفرق بين الميت ومبايعة.

والظاهر ان ليس لأحدهم الفسخ وللآخر البقاء ، للتبعيض المنفي ، فلو اختلفا قدم الفسخ ، فتأمل.

قوله : «ويقوم الولي إلخ» الظاهر ان الولي حينئذ هو الحاكم على ما تقرر عندهم ، ان الجنون المتعقب على البلوغ والرشد سبب لولاية الحاكم ، لانقطاع ولاية الآباء عنه بهما ، فيكون الجنون بمنزلة الموت في توقف خيار المجلس على تفرقه وصاحبه ، فتأمل.

قوله : «ويملك المشتري بالعقد إلخ» الرأي هو المشهور ومذهب الأكثر ، وقيل به وبانقضاء الخيار.

يحتمل كون الانقضاء سببا وكاشفا ، والظاهر الأول لما مرّ غير مرة.

ولعل دليل الرأي انه لا شك في تحقق العقد بالإجماع ، فيمكن ان يستدل بمثل (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فافهم.

ويؤيده تعريف العقد بأنه انتقال ملك ، أو سبب انتقاله ، ولانه يجوز له تصرف الملاك الذي هو فرع الملك مثل العتق من غير تقدير انتقال لازم اليه بالعزم المقارن للصيغة ، فإنه تكلف بعيد.

مع انه لا يمكن هذا ولا يفيد إلا في صورة كان الخيار مخصوصا بالمشتري.

ولما في الاخبار التي تقدمت في جواز بيع المبتاع قبل القبض : انه يجوز البيع بعد الشراء وبعد التملك.

٤١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ولما مرّ في بعض الاخبار الصحيحة هنا أيضا انه يجوز البيع قبل القبض على مالكه الأول فقال المالك : اشترى متاعي؟ فقال عليه السلام : ليس هو متاعك ولا بقرك ولا غنمك (١).

فإذا لم يكن له يكون للمشتري ، وليس فيها قيد بعد خروج زمان الخيار.

ولما في خيار التأخير : ان من اشترى شيئا فجاء بالثمن قبل الثلاثة فله بيعه ، والا فلا ، فافهمه (٢).

ولما في اخبار إسقاط خيار المجلس بالخطى والتفرق ، فإنه يدل على حصول الملك والبيع قبله (٣) ، وانما يجب بعده.

وللأخبار الدالة على ان مال العبد للمشتري مطلقا ، أو مع علم البائع من غير قيد بمضي زمان خيار الثلاثة وغيره ، بل ظاهرها ان ذلك بمجرد الشراء ، فتأمل (٤).

ولعل دليل القول (٥) ، الأصل ، خرج بعد الانقضاء بالإجماع بقي الباقي.

وجواز تصرف البائع في المبيع قبله ، وهو فرع الملك.

الجواب ان الأصل يضمحل مع الدليل ، وجواز التصرف المخرج الذي هو فرع الملك لحصول الفسخ بالعزم ـ ممنوع ، ولهذا قيل : إذا باع أو أعتق لم يصح وان أفاد الفسخ ، والذي يقول بالصحة ، يقول انتقل اليه قبل البيع ثم خرج عن ملكه بالعقد.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٥ من أحكام العقود ، الحديث ٣.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٩ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

(٣) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٢ من أبواب الخيار ، فراجع.

(٤) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٧ من أبواب بيع الحيوان ، فراجع.

(٥) اي القول الآخر.

٤١٧

ولو فسخ بعد النماء ، فالنماء للمشتري.

وكل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال البائع.

______________________________________________________

وبالجملة الأول أظهر وأشهر ، ويؤيده وجود الاختلاف في كلام الشيخ الذي نقل الخلاف عنه وعدم الصراحة ، حيث قال : فان كان الشرط لهما أو للبائع فإذا انقضى الخيار ملك المشتري بالعقد المتقدم (١).

فإنه يفيد عدمه للمشتري فقط ، وما نقل عن القول المطلق السالم عن المعارض في المشهور ، مع ان المشهور انه المخالف ، وما ذكر في الدروس والشرح وغيره الا خلافه ، الا انه أشار في شرح الشرائع إلى خلاف ابن الجنيد ، ويمكن كونه أيضا مثل خلاف الشيخ رحمه الله ، إذ الخلاف مطلقا بعيد ، الله يعلم.

قوله : «ولو فسخ بعد النماء إلخ» إشارة إلى فائدة الخلاف ، وهي كثيرة ، مثل ان النماء الحاصل بعد العقد وقبل الفسخ ، مثل كسب المملوك ومهر الأمة الموطوءة بالشبهة ، والبيض واللبن والثمرة والأصواف وغيرها ، فإنها للمشتري فيأخذها ويرد المبيع على الأول ، وللبائع على الثاني ، وهو ظاهر.

قوله : «وكل مبيع تلف إلخ» المراد تلف المبيع المعين الذي ورد العقد على عينه بآفة من الله لا بجناية جان ، قبل القبض ، سواء كان في زمان الخيار مطلقا أم لا ، فالظاهر ان الثمن أيضا كذلك ، من غير فرق.

ودليل كون التلف حينئذ من مال مالكه الأول ـ قبل قبضه مطلقا ، في زمان الخيار أم لا ، سواء قصر في الحفظ والتسليم أم لا ثمنا كان أو مبيعا ، مع انه ليس بملك له الآن وحين التلف ـ كأنه الإجماع المستند الى بعض الاخبار.

__________________

(١) قال الشيخ في الخلاف مسألة ١٩ من كتاب البيوع ما هذا لفظه (العقد يثبت بنفس الإيجاب والقبول ، فان كان مطلقا فإنه يلزم بالافتراق بالأبدان ، وان كان مشروطا يلزم بانقضاء الشرط ، فان كان الشرط لهما أو للبائع فإذا انقضى الخيار ملك المشتري بالعقد المتقدم ، وان كان الخيار للمشتري وحده زال ملك البائع عن الملك بنفس العقد ، لكنه لم ينتقل إلى المشتري حتى ينقضي الخيار فإذا انقضى ملك المشتري بالعقد الأول).

٤١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

مثل رواية عقبة بن خالد المتقدمة في شرح قوله : ولو تلف بعد الثلاثة إلخ (١) وقوله عليه السلام : كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه على ما روى في التذكرة ، وفي الأولى إيماء إلى التعميم في البائع والمشتري ويمكن ارادة المشتري أيضا من البائع في الثانية ، فإنه لغة يطلق عليهما.

ولا يضر عدم ظهور صحة السند ، لعدم الخلاف في العمل والقبول على الظاهر.

فتأمل فإن الأمر مشكل ، لكون الملك للمشتري مثلا قبل القبض في زمان الخيار على ما مرّ وبعده ، فالبائع غير مقصر ، والقاعدة تقتضي كونه من ماله.

وأيضا قالوا : ان المراد بكونه من مال البائع ، فسخ العقد ، فيكون التالف من مال البائع مثلا وفي ملكه ، فليس للمشتري الا الثمن أو مثله لو أعطاه ، وليس له طلب مثل المبيع وقيمته ، والنماء الحاصل الى حين التلف أيضا مثل الولد والكنز الذي وجده المملوك ، والمال الذي وهب له ، وقبل وقبض وقيل : وهو مشكل أيضا إذ كان ملكا للمشتري وتلف كيف يصير التلف في ملكه ، فقيل بتجدد الملك للبائع قبل الهلاك بجزء لا يتجزى من الزمان ، مثل دخول العبد المأمور بعتقه في ملك الأمر المعتق عليه (منه خ) ، ودخول الدية في ملك الميت ، فتأمل فيه.

هذا إذا كان بآفة إلهية لا بجناية جان ، فان كان بها ، فان كان المتلف هو المشتري فذلك قبض منه فتلف من ماله ولا ضمان على البائع ، فان لم يكن له خيار يأخذ الثمن ، وان كان له خيار أو لأجنبي له ، فله الرضا وأخذ الثمن والفسخ وأخذ القيمة أو المثل ، وان كان البائع أو الأجنبي ، فان لم يكن للمشتري ولا للأجنبي له (٢) خيار يأخذ من المتلف المثل أو القيمة ، وكذا لو كان له خيار واختار البيع

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٠ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

(٢) هكذا في النسخ كلها والظاهر زيادة لفظة (له).

٤١٩

وبعد القبض وانقضاء الخيار من المشتري.

وان كان في الخيار فهو ممن لا خيار له ، ولو كان الخيار لهما معا فالتلف من المشتري ،

ولو أبهم الخيار في أحد المبيعين صفقة بطل العقد ،

______________________________________________________

واختار الفسخ ، يأخذ الثمن من البائع ويرجع هو على الأجنبي بالقيمة أو المثل.

قوله : «وبعد القبض إلخ» هذا مما لا شك فيه ، لان المال صار له بحيث لا تعلق لأحد به بوجه.

قوله : «وان كان في الخيار إلخ» ان كان التلف بالآفة الإلهية بعد القبض في أيام الخيار ، فالحكم ما ذكره ، والظاهر انه ان كان الخيار للأجنبي فإن كان المشترط له الخيار ، أيا منهما فحكمه حكم الخيار لهما ، وان كان المشتري فحكمه حكمه ، وكذا ان كان البائع ، وظاهر كلام البعض مثل المحقق الثاني وغيره ان خيار الأجنبي مثل خيار البائع ، أو هما ، هذا.

واما إذا كان بجناية جان فهو كما تقدم ، ولكن دليل المسألة بفروعها غير ظاهر ، سوى ما يتخيل في البعض من الاعتبار وما فهمنا ، نستفهمه يفهمنا الله تفضلا منه وكرما.

قوله : «ولو أبهم الخيار إلخ» إشارة إلى شرط من شروط صحة خيار الشرط ، وهو تعيين محل ما يشترط فيه الخيار مع تعدد ما يقع عليه العقد ، مثل ان يبيع عبدين ويريد اشتراط الخيار في أحدهما فلا بد ان يعين ، فان لم يعين بل قال : في أحدهما فقط ، بطل العقد للزوم الجهل في الشرط ، فيبطل ، وبإبطاله يبطل المشروط.

يعني انه انما وقع التراضي الذي هو مدار صحة العقد على هذا الوجه الخاص وما حصل ، فلا يحصل أصلا ، لعدم هذه وعدم وقوع عقد غير ذلك ، فافهم.

٤٢٠