مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٨

وقيل : يثبت الربا في المعدود.

______________________________________________________

في الثوب ذلك وان كان أصله لا يباع الا وزنا وهو معلوم ، وهو وجه جواز بيعه من غير كيل.

ويؤيد الجواز الروايات الدالة على جواز بيع الغزل بالثوب مع زيادة الغزل على وزنه ، مثل صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله المتقدمة (١) ومثلها أيضا موجودة.

ويمكن ان يقال أيضا : ان الزيادة عوض العمل ، وقد تقدم في صحيحة محمد بن مسلم (٢) وفيه تأمل.

قال في التذكرة : إذا خرج بالصنعة عن الوزن جاز التفاضل فيه كالثوب بالثوبين إلخ.

ويمكن كون ذلك في مثل المصوغ من النقدين مثل الخاتم والحلي والظروف ، بل يمكن في النقدين أيضا ولهذا يعامل بهما من غير اعتبار الوزن فيهما مع قولهم باعتبار الوزن فيهما.

ولكن يمكن ان يكون للاعتماد على التعارف في الوزن فهو بمنزلة العلم به واخبار البائع ، وقد عرفت عدم الدليل على الأصل ، ويؤيده ما تقدم في بيع المصوغ من النقدين والمراكب المحلاة ، حيث سكتوا عن اعتبار الوزن.

قوله : «وقيل : يثبت الربا في المعدود» قد تقدم ضعفه ، فتذكر.

وفي تأخير هذا عن بيع الثوب بالثوبين إلخ إشارة الى ان ليس ذلك كله من المعدودات ، كما يتوهم من شرح الشرائع ، لأن المراد ما هو العادة في بيعه ذلك ، نعم يمكن كون البيض من ذلك ، كما هو في أكثر البلاد.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٩ من أبواب الربا ، الحديث ١.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٩ من أبواب الربا ، الحديث ١.

٤٨١

ولا يجوز بيع الرطب بالتمر متفاوتا ولا متساويا ، لأنه إذا جف نقص.

______________________________________________________

قوله : «ولا يجوز بيع الرطب بالتمر إلخ» دليله وجود الزيادة الممنوعة بالإجماع والكتاب والسنة المتقدمة وعدم العلم بالتساوي الذي هو الشرط بالإجماع.

ويؤيده الروايات من طريق العامة (١) والخاصة.

مثل ما في صحيحة الحلبي : لا يصلح التمر اليابس بالرطب ، من أجل ان اليابس يابس والرطب رطب ، فإذا يبس نقص ، وقال في أخرها : والفاكهة اليابسة تجري مجرى واحدا (٢).

وفي رواية الأبزاري عنه عليه السلام مثل الأول (٣).

وما في صحيحة محمد بن قيس (الثقة) عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وقال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : الى قوله وكره ان يباع التمر بالرطب عاجلا بمثل كيله إلى أجل ، من أجل ان التمر ييبس فينقص من كيله (٤).

والظاهر ان المراد بالكراهة هنا التحريم ، لما مر ان عليا عليه السلام ما يكره الحلال (٥).

وغيره كذلك ، وهذه تفهم من صحيحة محمد بن مسلم حيث قال : علي عليه السلام يكره ذلك ونحن نكرهه ، ثم قال : وعلى لا يكره الحلال إلخ (٦).

__________________

(١) سيأتي عن قريب.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٤ من أبواب الربا ، الحديث ١ والباب ١٣ من تلك الأبواب ، الحديث ٣.

(٣) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٤ من أبواب الربا ، الحديث ٧.

(٤) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٤ من أبواب الربا ، الحديث ٢.

(٥) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٥ من أبواب الربا ، قطعة من حديث ١ ولفظه (ولم يكن علي عليه السلام يكره الحلال).

(٦) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٦ من أبواب الربا ، الحديث ٧ وفيه (فقال عليه السلام

٤٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر انه لا دخل هنا لقوله (إلى أجل) بل هو ليس في بعض النسخ ، وهو الأظهر ، فكأنه من غلط الكاتب في نسختي لقوله عليه السلام من أجل إلخ.

ولما في رواية العامة لما سئل صلّى الله عليه وآله عن بيع الرطب بالتمر ، فقال صلّى الله عليه وآله : أينقص إذا جف؟ فقالوا : نعم فقال : فلا إذا (١).

وقيل : بالجواز ، ودليله الأصل ، وعموم أدلة جواز البيع ، مع عدم تحقق المانع.

وكأنه حمل الروايات على الكراهة ، ويؤيده لفظة (يكره) و (لا يصلح) فإنه يستعمل غالبا في المباح المرجوح.

وهو للجمع بينهما ، وبين رواية سماعة قال : سئل أبو عبد الله عليه السلام عن العنب بالزبيب؟ قال : لا يصلح الا مثلا بمثل ، قال : والتمر والرطب مثلا بمثل (٢).

وقد عرفت ان الأصل لم يبق مع الدليل ، والعموم يخصص ، وان روايات عدم الجواز كثيرة صحيحة ظاهرة في التحريم ، ورواية الجواز غير صحيحة ولا صريحة ، لاحتمال حملها على بيع العنب بالعنب والزبيب بالزبيب ، وكذا الرطب والتمر ، وهذا أظهر.

ويمكن حمله على عنب يابس مثل الزبيب ، أو الزبيب الرطب اللذين

__________________

كره ذلك علي عليه السلام فنحن نكرهه ، وليس في هذه الرواية جملة (وعلى لا يكره الحلال).

(١) سنن ابن ماجة ج ٢ كتاب التجارات ص ٧٦١ الحديث ٢٢٦٤ ولفظه (قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم ، سئل عن اشتراء الرطب بالتمر؟ فقال : أينقص الرطب إذا يبس؟ قال : نعم ، فنهى عن ذلك).

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٤ من أبواب الربا ، الحديث ٣ وفي الكافي بعد قوله (بمثل) قلت والتمر والزبيب؟ قال : مثلا بمثل.

٤٨٣

وكذا كل ما شابهه كاللحم الطري بالمشوي والعنب بالزبيب ومبلول الحنطة بيابسها.

______________________________________________________

لا تفاوت بينهما بعد اليبوسة ، وكذا الرطب والتمر.

إذ الظاهر ان التفاوت اليسير بينهما لا يضر ، بل انما المضر التفاوت الفاحش الذي لا يتغابن بمثله كما مرّ في المكيال والميزان ، لانه قد يتسامح بمثله ، ولا يجب الرد ، فحكمه حكم العدم.

ولان الغالب لا ينفك عنه ، إذ التساوي الحقيقي متعسر ، بل متعذر ، للتفاوت بين المكاييل والموازين ، بل يوجد التفاوت في مكيل واحد وميزان واحد في الحالين ، وهو ظاهر ، ولهذا جوز في التذكرة وغيرها بيع الخبز بالخبز مع الاختلاف في الاجزاء المائية المستلزمة للتفاوت بين أجزاء الحنطة.

والظاهر انه كذلك وان كان وزنيا.

ويؤيده رواية غياث عن جعفر عن أبيه قال : لا بأس باستقراض الخبز ، ولا بأس بشراء جرار الماء والروايا ولا بالفلس بالفلسين ولا بالقلة بالقلتين ، ولا بأس بالسلف في الفلوس (١).

وجوز أيضا العسل بالعسل ، مثل ان يصفى من الشمع ، والحنطة المبلولة بالمبلولة واللحم الطري بمثله والمقدد بمثله والمشوي بمثله ، مع ان الغالب وجود التفاوت وهو واضح.

وكذا جميع الفواكه مثل العنب بمثله والتمر بمثله مع وجود النوى ، والرطب بمثله وكذا الألبان وغيرها ، وبالجملة وهو ظاهر فليلحظ ذلك.

ثم ان الظاهر هو العموم وعدم الفرق بين أمثال الرطب والتمر وغيرهما مثل العنب والزبيب إذا كان التفاوت بينهما فاحشا ، للدليل الدال على عدم

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٣ كتاب التجارة ، الباب ١ من أبواب السلف ، الحديث ١٢.

٤٨٤

ويجوز بيع لحم الغنم بالشاة على رأى.

______________________________________________________

جواز الرطب بالتمر ، فإن الأول جار في الكل.

وكذا ما في أخر صحيحة محمد الحلبي (١).

ولان قوله : من أجل ان اليابس يابس إلخ ظاهر في العموم.

وللقياس أيضا ، فليس الدليل في غير التمر هو القياس فقط ، مع انه منصوص العلة ، فالظاهر جريانه في الفروع فتأمل.

وفي المتن أيضا إشارة الى ان المراد ، هو التفاوت الفاحش ، حيث قال : وكذا كل ما شابهه ، وقيد اللحم بالطري ومقابله بالمشوي ، فيجوز الطري بمثله وكذا بمثله المشوي لعدم التفاوت الفاحش ، مع ظهور التفاوت في الجملة.

قوله : «ويجوز بيع لحم الغنم إلخ» ينبغي عدم الخلاف في الجواز بالشاة حال حياتها متفاضلا ونسية ، والخلاف بعد الذبح مع أحد الأمرين.

فمن حيث ان العادة بيعها بالوزن بعده ، فيتحقق شرط الربوي وهو الجنسية والوزن هنا. ومن حيث ان المذبوح ليس يتعين بيعه بالوزن ، لعدم تحقق ذلك عادة بل الظاهر جواز بيعه حينئذ جزافا ، فليس بموزون.

وعموم أدلة البيع والعقود ، ـ مع عدم ثبوت دليل وجود الكيل والوزن في مثله ـ يفيد الجواز ، مستندا بعموم ما يستفاد من أكثر العبارات كالمتن والتذكرة وغيرهما. وبالحديث المتقدم عن أمير المؤمنين عليه السلام كره بيع اللحم بالحيوان (٢).

ويمكن جعله دليل التحريم أيضا لما تقدم ، والحمل على المذبوح.

ولكن السند غير معتبر ، لوجود غياث بن إبراهيم التبري (٣) وغيره.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٤ من أبواب الربا ، الحديث ١.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١١ من أبواب الربا ، الحديث ١.

(٣) سند الحديث كما في التهذيب (احمد بن محمد بن علي (يحيى خ) عن غياث بن إبراهيم)

٤٨٥

وبيع قفيز حنطة بقفيز حنطة وفي أحدهما عقد التبن ويسير التراب وشبهه.

وبيع درهم ودينار بدرهمين أو بدينارين ، ومد تمر ودرهم بمدين أو بدرهمين وكذا ما شابهه.

______________________________________________________

وبالجملة لو ثبت ان بيع الحيوان المأكول بعد الذبح لا يجوز الا وزنا ، لا يجوز الا باللحم من جنسه متفاضلا ونسية ، والا جاز.

قوله : «وبيع قفيز حنطة إلخ» معطوف على بيع اللحم ، اي يجوز ذلك. وهو إشارة إلى دفع التوهم بأنه إذا كان في أحدهما عقد تبن أو تراب ونحوه ، أو في كليهما ، يمكن عدم الجواز ، لعدم العلم بالتساوي في اجزاء الربوي ، فصرح بالجواز لرفع ذلك ، لان أمثال ذلك لا يضر ، للتعارف ، وعدم الخلو عنه غالبا ، فيحصل الضرر المنفي بالعقل والنقل لو كان معتبرا ، وللمسامحة بمثل هذا المقدار في المعاملة. ولهذا لا يثبت بمثله الغبن ، وقد تقدم أمثال ذلك ، فكأنه مجمع عليه.

قال في التذكرة : يجوز بيع مد حنطة فيها فضل وهو عقد تبن ، أو حب أسود ، أو تراب بمجرى العادة بمد حنطة مثله ، أو بخالص عن ذلك عند علمائنا. وكذا إذا كان في أحدهما شعير سواء كثر (كان أكثر خ) عن الأخر أو ساواه ، زاد في الكيل أولا ، عملا بالأصل السالم عن الربا ، لان التقدير تساويهما وزنا أو كيلا ، والفضل بالتراب وغيره بمجرى العادة ، والشعير لا يضر ، لقلته كالملح في الطعام والماء في الخل.

قوله : «وبيع درهم إلخ» وهو أيضا عطف على فاعل (يجوز) يريد الإشارة إلى انه إذا كان احد الطرفين مشتملا على المخالف جنسا للطرف

__________________

وفي موضع أخر من التهذيب هكذا (محمد بن احمد بن يحيى عن الحسن بن علي عن النوفلي عن غياث بن إبراهيم).

٤٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الأخر ، بحيث يصلح كونه في مقابلة المخالف ، لا بمعنى ان يسوى ذلك ، بل بمعنى ان يكون ما لا يجوز المعاملة به ومقصودا في العقد ، ولا يكون تابعا ، ولا يسوي شيئا ، يجوز البيع حينئذ ، مع حصول بيع الربويين متفاضلا.

قال في التذكرة : وهو جائز عند علمائنا اجمع ، وبه قال أبو حنيفة : حتى لو باع دينارا في خريطة بماءة دينار جاز له.

ومستند الإجماع : عموم أدلة الجواز ، مع عدم تحقق الربا ، لأنه انما يكون في بيع احد المتجانسين المقدرين بالكيل أو الوزن ، متفاضلين أو نسية بالاخر ، وهنا ليس كذلك ، لان المركب من الجنسين ليس بجنس واحد ، وهو ظاهر.

ولاحتمال ان يكون المقابل للمجانس ما يساويه قدرا ، من جنسه ، ويبقى الباقي في مقابل غير المجانس ، وان كان أضعاف ذلك ، فلا يحصل الربا ، وهو ظاهر.

وبالجملة : الأمر إذا احتمل الصحة محمول عليها.

ويؤيده الروايات في بيع المراكب المحلاة ، والسيوف كذلك بهما. مثل رواية أبي بصير قال : سألته عن السيف المفضض يباع بالدراهم قال : إذا كانت فضته أقل من النقد فلا بأس ، وان كان أكثر فلا يصلح (١).

وسأله عبد الرحمن بن الحجاج عن شراء ألف درهم ودينار بألفي درهم ، قال : لا بأس بذلك (٢).

ولا يضر عدم صحة السند والإضمار (٣) ، لأنه مؤيد وسند (٤).

__________________

(١) و (٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٥ و ٦ من أبواب الصرف ، الحديث ٨ و ١

(٣) سند الحديث كما في الكافي (محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج).

(٤) هكذا في النسخ ولعل الصواب «لا سند» قال العلّامة المجلسي في مرآة العقول في شرح الحديث : التاسع صحيح وسنده الآخر حسن كالصحيح.

٤٨٧

وان يبيع الناقص بمساوية من الزائد ويستوهب الزيادة.

ولا ربا بين الولد ووالده.

______________________________________________________

قوله : «وان يبيع الناقص إلخ» عطف مثل ما تقدم واشارة إلى التخلص عن الربا إذا أراد التفاضل في بيع الربويين ، مثل ان أراد بيع قفيز حنطة بقفيزين من شعير ، أو الجيد بالرديين وغير ذلك ، يبيع المساوي بالمساوي قدرا ويستوهب الزائد.

وهو ظاهر لو حصل القصد في البيع والهبة.

وينبغي الاجتناب عن الحيل مهما أمكن ، وإذا اضطر يستعمل ما ينجيه عند الله ولا ينظر الى الحيل وصورة جوازها ظاهرا لما عرفت من علة تحريم الربا ، فكأنه الى ذلك أشار في التذكرة بقوله : لو دعت الضرورة إلى بيع الربويات مستفضلا مع اتحاد الجنس إلخ وذكر الحيل منها ما تقدم.

الجنس إلخ وذكر الحيل منها ما تقدم.

قوله : «ولا ربا بين الولد ووالده إلخ» عموم أدلة تحريم الربا يقتضي وجود الربا بين كل احد تصح بينهم المعاملة ولكن المشهور استثناء المذكورات ، ونقل الإجماع عن السيد بعد خلافه ، على عدم ثبوت الربا بين الولد ووالده ، مستندا إلى رواية عمرو بن جميع عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : ليس بين الرجل وولده ربا ، وليس بين السيد وعبده ربا (١).

ورواية زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : ليس بين الرجل وولده ، وبينه وبين عبده ولا بين اهله ربا ، انما الربا فيما بينك وبين ما لا تملك ، قلت : فالمشركون بيني وبينهم ربا؟ قال : نعم ، قلت : فإنهم

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٧ من أبواب الربا ، الحديث ١.

٤٨٨

ولا بين السيد وعبده المختص.

______________________________________________________

مماليك ، فقال : انك لست تملكهم ، انما تملكهم مع غيرك ، أنت وغيرك فيهم سواء ، فالذي بينك وبينهم ليس من ذلك ، لان عبدك ليس مثل عبدك وعبد غيرك (١).

والإجماع غير ظاهر ، ولهذا ذهب السيد أولا إلى الثبوت ، وقال : معنى نفي الربا ، نهى ، مثل معنى (فَلا رَفَثَ) (٢).

وقيل مثل ذلك في (لا غيبة للفاسق) (٣).

وابن الجنيد ذهب الى عدم الثبوت من جانب الوالد فقط.

والحديث غير صحيح.

وعموم أدلة التحريم قوى.

ويمكن ان يقال : لا ربا بين الرجل وولده ، بمعنى جواز أخذ الوالد من مال ولده ، لا العكس.

ويؤيده أخبار أخر ، مثل ان الولد وماله لوالده (٤).

فيمكن الاقتصار على موضع الإجماع لو كان ، وهو أخذ الوالد عن الولد الصلبي فقط.

واما عدم الثبوت بين العبد وسيده ، فبناء على القول بأنه لا يملك واضح. واما على القول الأخر ، فلا يظهر ، إذ الرواية غير صحيحة ، ولا نعرف غيرها ، الا ان يدعى الإجماع ، فيقتصر على موضعه ، وهو القن الخاص ، لا المكاتب مطلقا ، ولا المشترك ، كما تشعر به الرواية المتقدمة.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٧ من أبواب الربا ، الحديث ٣.

(٢) سورة البقرة ـ ١٩٧.

(٣) لاحظ عوالي اللئالي ج ١ ص ٤٣٨ الحديث ١٥٣ وهامشه.

(٤) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة الباب ٧٨ من أبواب ما يكتسب به فراجع.

٤٨٩

ولا بين الرجل وزوجته. ولا بينه. وبين الحربي.

ويثبت بين المسلم والذمي على رأي

______________________________________________________

واما بين الزوج والزوجة فمثل ما تقدم ، فان كان إجماع فنقتصر عليه ، مثل الدائمة كما اختاره في التذكرة ، مؤيدا بجواز أكلها من بيت زوجها ، وفي بعض الروايات الصحيحة تسلط الزوج على مالها بحيث لا يجوز لها العتق وغيره الا بإذنه.

فلا يبعد عدمه بينهم من الطرفين على تقدير الإجماع ، والا فعموم أدلة منع الربا متبع.

واما بين المسلم والكفار ، فظاهر رواية زرارة تحققه مطلقا.

ولكن صريح روايته في الكافي والتهذيب ، حيث قال بعد رواية عمرو بن جميع : وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ليس بيننا وبين أهل حربنا ربا ، (فانا يب) نأخذ منهم ألف درهم بدرهم ، ونأخذ منهم ولا نعطيهم (١) خلافه.

الا ان سند رواية زرارة أوضح (٢) ، ويؤيده عموم الأدلّة.

ويمكن حمل الأخيرة على من كان ماله فيئا ، فيجوز أخذه منه ، وهو الحربي الغير المأمون ، فبالحقيقة ليس ربا وبيعا ، بل استنقاذا وفيئا.

واما بين المسلم والكتابي ، أو المأمون ، فالظاهر ثبوته مطلقا ، لتحقق الربا ، فيجري دليله هنا ، ولهذا لا يجوز من جانبه.

واما العدم ، فما نعرف له وجها الا ما سيأتي مع ما فيه.

وبالجملة ان ثبت دليل من إجماع ونحوه على عدم الربا فيتبع ، والا

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٧ من أبواب الربا ، الحديث ٢.

(٢) سند الحديث كما في الكافي (محمد بن يحيى عن محمد بن احمد عن محمد بن عيسى عن ياسين الضرير عن حريز عن زرارة).

٤٩٠

المطلب الرابع : فيما يندرج في المبيع

وألفاظه ستة :

الأول : الأرض والساحة والبقعة والعرصة ،

______________________________________________________

فعموم الكتاب والسنة ، بل الإجماع متبع كما هو مقتضى الأصول ، فتأمل.

ونقل في الفقيه أيضا روايتي عمرو بن جميع ، ولكنه بغير سند ، ثم قال : وقال الصادق عليه السلام : ليس بين المسلم وبين الذمي ربا ، ولا بين المرأة وبين زوجها ربا (١).

ولكن هذا أيضا بغير سند ، وتعارضها رواية زرارة ، مع أنها أوضح سندا ، إذ ليس فيها الا (محمد بن احمد عن محمد بن عيسى) والأول مشترك ، وفي الثاني قول.

فالقول بعدم الربا في الذمي مثل الحربي ، بل أبعد ، لقلة القائل وعدم إمكان التأويل وإرسال الخبر الا انه في الفقيه المضمون.

ولكن الخروج عن الأدلة القطعية التي تقدمت ، بمثله ، مشكل. ولهذا اختار المصنف والأكثر الثبوت بين المسلم والذمي مطلقا.

قوله : «المطلب الرابع : فيما يندرج في المبيع إلخ» أي ألفاظ البيع ـ التي تستعمل غالبا ، ويندرج تحتها أشياء التي باحث عنها العلماء ولها توابع وأمثال ـ ستة ، حتى في كتب العامة أيضا.

أولها الأرض وتابعها الساحة ، وهي ساحة الدار ، والبقعة ، وهي قطعة من الأرض ، والعرصة ، عرصة الدار ، وهو ما في وسطها.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٧ من أبواب الربا ، الحديث ٥.

٤٩١

فلا يندرج تحتها الشجر والزرع والبذر الكامن.

ويتخير المشتري مع جهله به بين الرد والأخذ بالثمن.

______________________________________________________

قوله : «فلا يندرج تحتها إلخ» دليل عدم الدخول ، ان الألفاظ محمولة على المعاني العرفي الشرعي لو كان (١) ، وعلى اصطلاح المخاطبين ان كان ، والا فالعرفي العامي ، والا فاللغوي.

والمراد بالمعاني ما يفهم منها بحسب التخاطب ارادة اللافظ ذلك مطابقيا كان أو تضمنيا ، أو التزاميا.

ومعلوم عدم فهم المذكورات من تلك الألفاظ.

وكأنه لذلك لا خلاف فيه عندنا ، كما لا خلاف في عدم الدخول مع الاستثناء ، والدخول فيما إذا قال : بما فيها ونحوه.

قوله : «ويتخير المشتري إلخ» أي لو كان المشتري جاهلا بوجود الأشياء في الأرض المبتاعة ـ كما لو اشتراها بالوصف ، أو رآها قبل الزرع والغرس ـ له الخيار في فسخ العقد وأخذ ثمنه ، وإبقائه وأخذها بالثمن ، والرضا به مجانا بغير شي‌ء.

ولعل دليله : ان وجود هذه الأشياء فيها سبب لتعطيلها غالبا ، والعقد يقتضي الانتفاع بالفعل ، من غير مضى زمان كثير عادة ، ففيه ضرر على المشتري ، ولا ضرر كالعيب ، وليس إياه حتى يكون الأرش أيضا جائزا ، وهو ظاهر.

ويمكن سقوط خياره ان قطع النظر عن الزرع والبذر مع عدم الضرر على المشتري كما في الأحجار المدفونة.

قال في التذكرة : فإن ترك البائع له سقط خياره قاله الشافعي ، وعندي

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ والصواب (على المعاني العرفية الشرعية لو كانت).

٤٩٢

ويدخل في ضمان المشتري بالتسليم اليه ، وان تعذر انتفاعه به.

وتدخل الحجارة المخلوقة فيها دون المدفونة.

______________________________________________________

فيه اشكال ولعل الأول أولى للأصل وزوال ضرره الموجب له ، لانه المفروض. ولعل اشكال المصنف في غيره (١).

قوله : «ويدخل في ضمان المشتري» أي مع كون الأرض المبتاعة مشغولة ويتعذر الانتفاع بها فيدخل في ضمان المشتري بالقبض والتسليم ، لان مقتضى القبض والتسليم ذلك ، والأصل عدم مانعية عدم الانتفاع ، خصوصا مع العلم والرضا.

ويؤيده (على اليد ما أخذت) (٢).

ولعله لا خلاف عند الأصحاب حينئذ.

نعم فيه تأمل مع عدم العلم بما فيها ، ان لم نقل بأن المأخوذ بالسوم مضمون ، كما هو الظاهر ، ومذهب المختلف ، لعدم الدليل عليه ، وتقدم.

ويظهر من التذكرة عدم حصول القبض في الدار بالتسليم مع شغله بالامتعة.

وهو غير بعيد ، لان التسليم غير تام ، فان تسليم التام للدار انما يتحقق بكونها مفرغة.

لعل قوله (به) في المتن راجع الى المبيع المفهوم ، أو الأرض باعتباره ، أو الى ما فيها مثل البذر والباء سببية.

قوله : «ويدخل الحجارة إلخ» دليل دخولها فهمه من اللفظ عرفا ،

__________________

(١) قال في التذكرة ج ١ ص ٥٧١ وللمشتري الخيار مع جهله ، فان تركه البائع له سقط خياره وعليه القبول ، قاله الشافعي : وعندي فيه اشكال.

(٢) لاحظ عوالي اللئالي ج ١ ص ٢٢٤ الحديث ١٠٦ وص ٣٨٩ الحديث ٢٢ وج ٢ ص ٣٤٥ وج ٣ ص ٢٤٦ الحديث ٢ وص ٢٥١ الحديث ٣.

٤٩٣

وعلى البائع النقل وتسوية الحفر.

ويتخير المشتري مع الجهل ، ولا خيار للمشتري بترك البائع لها ، مع انتفاء الضرر بها ،

الثاني : البستان ويدخل فيه الأرض والشجر لا البناء على اشكال ،

______________________________________________________

فإنها جزء مفهوم كالتراب وسائر الاجزاء.

ودليل عدم دخول المدفونة ، عدمه ، لعدم الجزئية المفهومة ، فإنها بمنزلة البذر والأمتعة المدفونة فيها ، وهو ظاهر.

والظاهر ان له الخيار على تقدير الضرر العرفي ، ولو كان بسبب طول زمان التفريغ بالأحجار المخلوقة ونحوها مع الجهل ، لما تقدم ، قاله في التذكرة :

بقوله : يتخير المشتري إلخ.

قوله : «وعلى البائع النقل إلخ» الظاهر ان هذا أيضا على تقدير الضرر العرفي ، فلو لم يكن لا يجب ، كالكنوز المدفونة ، والأحجار تحت الأرض بحيث لا يصل إليها الزرع وعرق الغرس.

والحاصل ان ذلك مع الضرر الذي يعد عرفا ضررا وعيبا ، ولكن له ذلك ان لم يتضرر المشتري بالتطويل ونحوه.

وعليه على التقديرين طمّ الحفر وتسوية الأرض ، بحيث يزول عنه ما يعده وجوده في الأرض عيبا وضررا ، وان لم يكن كذلك ، لا يجب ، وهو ظاهر.

قوله : «ويتخير المشتري مع الجهل إلخ» دليله قد مرّ. ويمكن تعليق قوله (ولا خيار للمشتري إلخ) إلى الموضعين اللذين ذكر فيهما الخيار له ، وان بعد.

قوله : «الثاني : البستان إلخ» دخول الأرض والأشجار والكلاء

٤٩٤

نعم يدخل في القرية والدسكرة مع الشجر دون المزارع.

الثالث : الدار ويندرج فيه الأرض والحيطان والسقوف الأعلى والأسفل الا ان يستقل الا على بالسكنى عادة.

______________________________________________________

والحيطان وغيرها ، مما يفهم كونه كالجزء فيه ، ظاهر.

واما البناء فان كان هناك قرينة دالة على دخوله فيه ـ أو كان العرف يقضي دخول مثل ذلك البناء في البستان ، لأنه بمنزلة الجزء ، كالموضع الذي يعمل لحافظه ، ووضع الثمرة ، ولجلوس من يدخله وطبخه ـ يدخل ، والا فلا.

يعلم ذلك من الضابط ، مع أصل عدم البيع ، فما يدخل عرفا ، يدخل ، والا فلا.

واختار في التذكرة عدم الدخول ، قال : وهو عندنا ، وعند الشافعي يدخل.

لعل مراده ما ليس بداخل فيه عرفا ، مثل ما ذكرنا.

واعلم ان جهل مثل هذا لا يضر في صحة البيع ، وقد أشرنا إليه فتذكر.

قوله : «نعم يدخل في القرية إلخ» كان الدسكرة قرية صغيرة.

دخول البناء الذي فيهما ظاهر مما تقدم. وكذا دخول الشجر الذي فيهما. وكذا الساحات الداخلة في السور ، والسور أيضا ونحوها مما يفهم ، كعدم دخول مزرعة (مزارعة خ) من الأراضي البعيدة والقريبة إلا مع القرينة الظاهرة ، مثل بذل ثمن كثير في مقابلة بيوت ثلاثة لا يسوى عشر عشير.

قوله : «الثالث الدار ويندرج فيه الأرض إلخ» الظاهر ان لا خلاف ولا شبهة في دخول الأرض والبيوت الداخلة فيها تحتانية وفوقانية مع الحيطان الدائرة عليها ، والسقوف الأسفل والأعلى (١) ، الا ان يكون الأعلى مستقلا

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ والصواب (السقوف السفلى والعليا).

٤٩٥

والثوابت وما اثبت من المرافق كالسلم المثبت والخشب المستدخل في البناء والأبواب المغلقة والاغلاق والرفوف المثبتين.

ولا يندرج الأشجار ، وان قال بحقوقها ،

______________________________________________________

بالسكنى ، بان يكون لها باب على حدة من غير هذه الدار المبتاعة ويكون ممتازا كالدار على حدة ، وحينئذ لا يدخل البيت الأعلى وحيطانه وسقفه. والظاهر دخول أرضه التي هي سقف البيوت التحتانية الداخلة في الدار المفروضة.

قوله : «والثوابت وما اثبت من المرافق إلخ» يدخل في بيع الدار ما اثبت فيها ليدوم ويبقى مثل المرافق كالسلم إلخ.

لعل المراد المرافق الذي تحتاج اليه (١) غالبا مما هو الجزء ونحو ما ذكر.

والظاهر دخول ما على الأبواب مثل السلاسل والحلق. وكذا لو كان على الحيطان. وكذا الحمام الداخل ، والبئر ومائهما وغير ذلك. ودليله ما تقدم.

والظاهر عدم الخلاف فيه ، كعدم دخول المنقولات مثل الدلو والبكرة والرشا والسرير والرف الموضوع على الخشب من غير ان يثبت بالأوتار ، والسلم الغير المثبت ، والأقفال الحديدة ومفاتيحها والكنوز والدفائن ، كل ذلك ظاهر مما تقدم.

قوله : «ولا يندرج الأشجار إلخ» لأن الشجر ليس جزء من الدار ولا من حقوقها ، إذ حق الدار ما يتعلق بها ويستعمل فيها ، وكان مما يحتاج اليه فيها ، والشجر ليس كذلك.

وفيه تأمل ، لأن المتبادر من الدار ما دار عليه الحيطان مما اثبت فيه الغير المنقول ، فالظاهر الدخول وان لم يقل (بحقوقها) ، الا ان تدل قرينة أو عرف على

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ والصواب (المرافق التي تحتاج إليها).

٤٩٦

الا ان يقول : وما أغلق عليه بابه وشبهه.

والمنقولات الا المفاتيح ، ولا الرحى المنصوبة.

______________________________________________________

عدم الإرادة ، بأن يكون فيها أشجار كثيرة ، مثل بستان ونحو ذلك. واما الشجرة الواحدة في الساحة ، فالذي يفهم من العرف دخولها. ولهذا نقل عن المبسوط دخول النخل والشجر في بيع الدار في الدروس ، فتأمل.

قوله : «الا ان يقول وما أغلق عليه بابه إلخ» مثل وما دار عليه حائطه.

وجه دخول الشجر ونحوه حينئذ ظاهر ، لدخوله تحت اللفظ.

قيل : يصح مثل هذا الكلام وان لم يكن هناك حائط وباب ، مثل الأراضي الخالية عنهما ، فلا فرق في الصحة بينهما ، الا ان الدلالة في الأولى صريحة ، والاستعمال حقيقة ، وفي الثانية كناية ومجاز ، وهو ظاهر.

قوله : «والمنقولات الا المفاتيح إلخ» أي لا يدخل المنقولات في بيع الدار مثل الدلو وغيره مما تقدم بما تقدم ، الا مفتاح الغلق الذي من الخشب المنصوب في الباب أو الحائط ، لأنه يدخل مثل أصله دون مفتاح القفل الحديد ، لان مفتاحه لم يدخل كأصله.

قوله : «ولا الرحى المنصوبة إلخ» إشارة الى عدم دخول ما اثبت ، لا على وجه الدوام ، بل أثبت لسهولة الانتفاع. لعدم الدليل ، مثل الحجر التحتاني للرحى والرف والدن والإجانة (١) والسلم المثبتات بالمسمار والأوتاد المثبتة في الأرض والجدار ، ومعجن الخباز ، وخشب القصار ونحوها.

والظاهر ذلك ، لاستصحاب تملك البائع ، وأصل عدم الدخول ، مع عدم ظهور دخولها تحت الاسم دلالة مفهومة معتبرة.

__________________

(١) الإجانة واحدة الأجانين ، وهي المركن والذي يغسل فيه الثياب (مجمع البحرين لغة اجن).

٤٩٧

الرابع : العبد ولا يتناول ماله وان قلنا انه يملك بالتمليك ، وفي الثياب الساترة للعورة إشكال.

______________________________________________________

قوله : «الرابع العبد إلخ» الظاهر عدم دخول المال الذي مع العبد في بيعه ، سواء قلنا انه يملك أم لا يملك ، وقد مرّ هذه فتذكر.

وظاهر المتن انه على تقدير عدم تملكه يدخل ما معه ، وهو غير ظاهر.

وأيضا لا يظهر لقوله : (بالتمليك) كثير فائدة.

قوله : «وفي الثياب الساترة إلخ» يفهم منه عدم الإشكال في عدم دخول غير الساتر في بيع العبد والاشكال فيه.

وفيه إشكال ، لأن الظاهر انه يحتمل دخول ما هو لابسه غالبا ، والعادة يقتضي عدم نزعه عنه ، وانه يكون معه غالبا ، فيدخل تحت بيعه ، فإنه صار كالجزء.

ويحتمل عدمه ، للاستصحاب ، وعدم شمول اللفظ له. وهما جاريان في الساتر مع زيادة كون الساتر ضروريا شرعا ، وذلك يقوى دخوله.

وقال في التذكرة : لا بأس به ، اي بقول الشافعي : بان ما على العبد من الثياب يدخل ، اعتبارا للعرف وهو الذي اخترناه في القواعد ، ولا وجه لدخول الساتر الا ان العرف يقضي دخول ما عليه ، وان كانت اللغة تقتضي عدم دخول شي‌ء أصلا ، لعدم صدق العبد على ما عليه لغة أصلا ، وانما باع العبد ، وذلك جار في غير الساتر أيضا.

وكذا البحث في عذار الدابة (١) ومقودها ويدخل نعلها ، لانه كالجزء.

وإذا خلع الثياب من العبد وجرده وباعه لم يدخل الثياب قطعا ، والعرف في العبد غير بعيد ، بخلاف الدابة فإنها يباع من غير عذار ومقود والأصل عدم

__________________

(١) وعذار اللحية جانباها يتصل أعلاها بالصدع وأسفلها بالعارض ، أستعير من عذر الدابة ، وهو ما على خديها من اللجام (مجمع البحرين لغة عذر)

٤٩٨

الخامس : الشجر ويندرج فيه الأغصان والورق والعروق ،

ويستحق الإبقاء مغروسا ، ولا يستحق المغرس ، بل يستحق منفعته للإبقاء.

ويدخل في بيع النخل خاصة الثمرة غير المؤبرة. ولو انتقل النخل بغير البيع ، أو انتقلت شجرة غيره به أو كانت الثمرة مؤبرة فلا انتقال.

______________________________________________________

الدخول حتى يتحقق ، فتأمل.

قوله : «الخامس الشجر إلخ» دليل الدخول ما تقدم ، من كون العرف يقضي بالشمول ، لان الغصن مطلقا رطبا ويابسا والورق كذلك حتى ورق التوت الذي بمنزلة ثمرته كالجزء ، وكذا العروق ، وهو ظاهر ، إلا في ورق التوت فان فيه تأملا.

قوله : «ويستحق الإبقاء إلخ» كان المراد : الشجر الرطب الذي يقضي العادة بأنه انما اشتراه للإبقاء ، لا الذي يقتضي أنه للقطع للسقف أو الحطب.

وأيضا المراد مع خلوه عن قيد بمغرسه وبشرط بقائه وعدمه ، والا فالشرط متبع ، وحينئذ الظاهر عدم دخول المغرس ، لعدم شمول اللفظ له بوجه ، ولا يقتضي العرف أيضا ذلك ، نعم يقتضي بقائه في ذلك المغرس فقط ، وشرائه بأن يكون دائما له ، لا يستلزم ذلك أيضا ، فإنه يجوز الانتفاع دائما بالاستحقاق دون الملكية ، وما علم من البيع الا ذلك.

وبالجملة الأصل دليل قوى ، وما يعلم نقل المغرس بمثل بيع الشجر ، وكأنه لا خلاف عند نافيه كما يظهر من التذكرة : وحينئذ لو انقلع الشجر ليس للمشتري غرس أخر ، ولا التصرف في ذلك المغرس بوجه.

قوله : «ويدخل في بيع النخل إلخ» إذا بيع النخل ، فان كانت مؤبرة ولم يشترط كون الثمرة للمشتري ، فهو للبائع ، لما تقدم وللإجماع المدعى في التذكرة.

٤٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ويدل عليه الاخبار أيضا من العامة (١) والخاصة. مثل قول الصادق عليه السلام : من باع نخلا قد أبّره فثمرته للذي قد باع الا ان يشترط المبتاع ، ثم قال : ان عليا عليه السلام قال : قضى رسول الله صلّى الله عليه وآله بذلك (٢).

ومثلها من طريق العامة (٣).

ومعلوم كونه له مع الشرط عملا به.

واما إذا لم يؤبر ، فالظاهر انه للمشتري عند علمائنا ، لما يظهر من التذكرة وغيرها ، الإجماع عليه. ويؤيده مفهوم الأخبار المتقدمة. ولان الغالب انه قبل ان أبر يعد من جزء النخل ، فتأمل.

فإن صح الإجماع فبها ، والا فبعد الظهور لا يدخل كما في غير النخل ، وفي النخل بالانتقال بغير البيع وبعد التأبير فإنه للبائع ، واليه أشار بقوله (ولو انتقل النخل بغير البيع إلخ) لعدم الدليل ، إذ لا حجية في المفهوم المتقدم ، وهو ظاهر ، وذلك معلوم مما تقدم. وللأخبار الدالة على ان الثمرة في غير النخل بعد الظهور للبائع.

قال في التذكرة : لو انتقل بغير البيع النخل ، فالثمرة بعد الظهور لمن كان له أو لا مطلقا مؤبرة كانت أم لا ، دليله ظاهر مع الإجماع.

__________________

(١) لاحظ صحيح البخاري ج ٢ كتاب البيوع ، باب من باع نخلا قد أبرت أو أرضا مزروعة أو بإجارة. وصحيح مسلم ج ٣ كتاب البيوع (١٥) باب من باع نخلا عليها تمر ص (١١٧٢) الحديث (٧٧) والموطأ ج ٢ كتاب البيوع (٧) باب ما جاء في تمر المال يباع أصله (٦١٧) الحديث (٩) وسنن ابن ماجة ج ٢ كتاب التجارات ص (٧٤٥) (٣١) باب ما جاء فيمن باع نخلا مؤبرا أو عبدا له مال ، الحديث (٢٢١٠).

(٢) الوسائل ج ١٢ كتاب التجارة الباب (٣٢) من أبواب أحكام العقود ، الحديث (٣) الا انه أسقط قوله (ثم قال : ان عليا عليه السلام إلخ).

(٣) لفظ الحديث في الصحاح والسنن كما نقلناه أنفا هكذا (عن ابن عمران النبيّ صلّى الله عليه (وآله) وسلم قال : من اشترى نخلا قد أبّرت فثمرتها للبائع الا ان يشترط المبتاع).

٥٠٠