مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٨

وان يرى العبد ثمنه في الميزان.

______________________________________________________

وفي بعض الاخبار. ان وطأها لا يأخذها أم ولده (١).

كأنه إشارة إلى العزل عنها بحيث لا يحصل منها الولد.

قوله : «وان يرى العبد إلخ» أي يكره ذلك ، ودليله الاخبار.

مثل حسنة ابن أبي عمير عن رجل عن زرارة قال : كنت جالسا عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه رجل ومعه ابن له ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : ما تجارة ابنك؟ فقال : التنخس ، قال : له أبو عبد الله : لا تشتر سبيا ولا عبيا (شيئا ولا عيبا ئل) ، فإذا اشتريت رأسا فلا ترين ثمنه في كفة الميزان فما من رأس يرى ثمنه في كفة الميزان ، فأفلح ، فإذا اشتريت رأسا فغير اسمه واطعمه شيئا حلوا إذا ملكته ، وتصدق عنه بأربعة دراهم (٢).

فيه جواز أخذ بيع المماليك صنعة ، فما يدل على التحريم محمول على الكراهة ، كما مرّ.

مثل شر الناس من باع الناس (٣).

أو على بيع لا يجوز مثل بيع الحر ، وعدم الفرق بين العبد والأمة ، كأنه مراد المصنف ، الا انه جرى على العادة من ذكر حكم الذكر دون النساء ، فيعلم بالحوالة.

واستحباب تغيير الاسم وإطعام الحلو ، أولا والتصدق بأربعة دراهم إذا اشترى ، سواء كان للبيع أو للخدمة أو الوطي ، أم لا كما هو المقرر.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٩٦ مما يكتسب به ، الحديث ١ ولفظ الحديث (عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام ولد الزنا يباع ويشترى ويستخدم؟ قال : نعم ، قلت : فيستنكح ، قال : نعم ولا يطلب ولدها).

(٢) الوسائل ، ج ١٣ كتاب التجارة ، الباب ٦ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ١.

(٣) الوسائل ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٢١ من أبواب ما يكتسب به ، قطعة من حديث ١.

٢٦١

ويجب استبراء الأمة قبل بيعها مع الوطي.

______________________________________________________

وليس ببعيد كونها غايته ، ويكون الاستحباب والتصدق بشي‌ء مطلقا كما قالوا.

وظاهرها اختصاص الكراهة باراءة الثمن في كفة الميزان ، فلو رآه فيها ، أو أراه غيره ، أو أراه في غيره فلا بأس.

ويمكن ان يكون المراد بالثمن ما يشتري به وان كان غير النقدين ، فيشمل الكراهة غيرهما أيضا ، ولكن لا يشمل غير الموزون وحال الوزن ، فلا يدخل العدّ ، وان كان موزونا في الواقع كالدراهم المتعارفة الإن ، وان أمكن كونه كناية عن عدم رؤيته مطلقا ، إذ وزن الدراهم في الميزان قليل ، فلا يكون النهي عنه ، ولكن الظاهر عدم الخروج عن النص ، وان كان الاولى العدم مطلقا.

قوله : «ويجب استبراء الأمة إلخ» يعني يجب على بائع الأمة الموطوءة وطيا محللا ان لا يبيعها حتى يمضى خمس وأربعون ليلة من حين الوطي ان كانت بالغة ولم تحض ، وحيضة ان كانت تحيض بشرط ان تكون من ذوات العدة ، وهي غير الايسة والصغيرة ، ومعنى الاستبراء هنا هذا.

ولعل دليل وجوبه على البائع ، الإجماع مستندا الى بعض الاخبار.

مثل ما في حسنة حفص البختري عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يشتري الأمة من رجل فيقول : اني لم أطأها؟ فقال : ان وثق به فلا بأس بأن يأتيها ، وقال في رجل يبيع الأمة من رجل ، قال : عليه ان يستبرء من قبل ان يبيع (١).

وفيها دلالة على وجوب الاستبراء على المشتري للإتيان بها في الجملة.

ويدل على وجوبها للمشتري.

__________________

(١) الوسائل ج ١٣ ، كتاب التجارة ، أو رد صدره في باب ١١ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ٢ وذيله في باب ١٠ من تلك الأبواب ، الحديث ٢.

٢٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يشتري الجارية التي لم تبلغ المحيض ، وإذا قعدت من المحيض ما عدتها ، وما يحل للرجل من الأمة حتى يستبرئها قبل ان تحيض؟ قال : إذا قعدت من المحيض أو لم تحض فلا عدة لها ، والتي تحيض فلا يقربها حتى تحيض وتطهر (١).

وما في صحيحة الحلبي وحسنته عن أبي عبد الله عليه السلام (في حديث) قال : وسألته عن جل اشترى جارية وهي حائض ، قال : إذا طهرت فليمسها ان شاء (٢).

وهذه دلت على ان الحيضة في الحائض يكفى للاستبراء ، والا لما جاز الوطي ، بمجرد الحيض والطهر منه ، وهو شرط لحل الوطي لا للاستبراء والعدة.

ورواية ربيع بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجارية التي لم تبلغ المحيض ، ويخاف عليها الحبل؟ فقال : يستبرء رحمها الذي يبيعها بخمسة وأربعين ليلة ، والذي يشتريها بخمسة وأربعين ليلة (٣).

وهي تدل على وجوبها على البائع أيضا.

ويدل أيضا عليه حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل اشترى جارية لم يكن صاحبها يطئها ، أيستبرء رحمها؟ قال : نعم ، قلت : جارية لم تحض كيف يصنع بها؟ قال : أمرها شديد غير انه ان أتاها فلا ينزل عليها حتى يستبين له ان كان بها حبل ، قلت : وفي كم يستبين؟ قال : في خمسة وأربعين ليلة (٤).

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٤.

(٢) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، قطعة من حديث ١ وقوله قده (صحيحة) يعني بطريق الشيخ (وحسنة) بطريق الكليني.

(٣) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٧.

(٤) الوسائل ج ١٣ كتاب التجارة ، الباب ١٠ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ١.

٢٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وهما تدلان على المقدار.

وكذا رواية منصور بن حازم قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن عدة الأمة التي لم تبلغ المحيض وهو يخاف عليها؟ قال : خمسة وأربعون ليلة (١).

وعبد الرحمن بن أبي عبد الله (عن أبي عبد الله عليه السلام خ) في الرجل يشتري الجارية ولم تحض أو قعدت من المحيض كم عدتها؟ فقال : خمسة وأربعون ليلة (٢).

وحملهما الشيخ على من هي في سن من تحيض ولم تحض.

ويدل على وجوب الاستبراء عليه أيضا للوطي أخبار أخر.

مثل صحيحة الحلبي وحسنته عن أبي عبد الله عليه السّلام انه قال في رجل ابتاع جارية ولم تطمث؟ قال : ان كانت صغيرة ولا يتخوف عليها الحبل فليس له عليها عدة وليطأها ان شاء ، وان كان قد بلغت ولم تطمث فان عليها العدة الحديث (٣).

وفي مضمونها تأمل.

وتدل على وجوب الاستبراء على البائع مع العزل أيضا صحيحة سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : سألته عن رجل يبيع جارية كان يعزل عنها هل عليه فيها استبراء؟ قال : نعم (الحديث) (٤).

وبالجملة وجوب الاستبراء عليهما ظاهر لما تقدم وسيأتي ، وان كان الوجوب على البائع ، مع علمه بالوطي وعلى المشتري وان لم يعلم ان احتمل ولم يظهر خلافه ،

__________________

(١) الوسائل ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٥.

(٢) الوسائل ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٦.

(٣) الوسائل ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، قطعة من حديث ١.

(٤) الوسائل ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ١٠ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، قطعة من حديث ١.

٢٦٤

بحيضة أو بخمسة وأربعين يوما.

______________________________________________________

كذا قيل :

وفيه تأمل ، لعدم الفرق والخبر فيهما عام ، نعم البائع إذا لم يطأها ـ وكانت مستبرءا عند شرائها ، ولم تزوج (ولم يجوّز خ ل) لغيره ـ ، فلا يبعد جواز بيعها من غير الاستبراء ، وكذا لو علم المشتري بعدم حصول الوطي.

واما كونه بالمقدار المذكور فدليله ما تقدم من الاخبار ، الا انه ليس فيها صحيح صريح ، إذ الاخبار بعضها غير صحيح وبعضها غير صريح مع وجود المعارض.

مثل ما في صحيحة سعد بن سعد الأشعري : وعن ادنى ما يجزي من الاستبراء للمشتري والبائع؟ قال : أهل المدينة يقولون : حيضة ، وكان جعفر عليه السلام يقول : حيضتان ، وسألته عن ادنى استبراء البكر؟ فقال : أهل المدينة يقولون : حيضة وكان جعفر عليه السلام يقول : حيضتان (١) وحملها الشيخ على الاستحباب للجمع بين الاخبار.

وكذا صحيحة محمد بن إسماعيل قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الجارية تشترى من رجل مسلم يزعم انه قد استبرئها أيجزي ذلك أم لا بد من استبرائها؟ قال : استبرئها بحيضتين (الحديث خ) (٢).

وأيده بمضمرة سماعة بن مهران قال : سألته عن رجل اشترى جارية وهي طامث أيستبرء رحمها بحيضة أخرى أم تكفيه هذه الحيضة؟ فقال : لا بل تكفيه هذه الحيضة ، فإن استبرئها بأخرى فلا بأس ، هي بمنزلة فضل (٣).

هذه مضمرة ضعيفة ، مع ما تقدم في أدلة الحيضة الواحدة من عدم

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٤ ، كتاب النكاح ، الباب ١٠ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، قطعة من حديث ١.

(٢) الوسائل ، ج ١٤ ، كتاب النكاح ، الباب ٦ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، قطعة من حديث ٥.

(٣) الوسائل ج ١٤ ، كتاب النكاح ، الباب ١٠ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٢.

٢٦٥

وكذا المشتري.

______________________________________________________

الصراحة ، مع صحة أدلة الحيضتين وصراحتها ، الا ان المشهور ذلك ، بل ليس الخلاف عندنا بمعلوم في ذلك ، والجمع بين الأدلة واجب وهو جمع حسن ، فتأمل.

واعلم ان البائع لو ترك الاستبراء وباعها قبله ، اثم بترك الاستبراء الواجب ، وليس بمعلوم إثمه بإيقاع عقد البيع ، لعدم توجه النهي الصريح اليه ، فلا يكون نفس البيع حراما ، خصوصا عند من يقول : بعدم استلزام الأمر بالشي‌ء النهي عن ضده الخاص ، لان المطلوب وقوع هذا قبل هذا ، (١) وإذا ترك الأول لا يحرم الثاني ، ولهذا لو اشتغل في هذا الزمان الذي أوقع المتأخر بفعل الأخر ، لم يأثم بذلك ، وانه لم لم يفعل ذلك الفعل المتأخر ، لم يأثم بترك الأول ، وانه لو فعل المتقدم ثم فعل المتأخر لم يأثم أيضا.

وبالجملة الإثم بترك المتقدم ، وليس فعل المتأخر إياه ، ولا مما لا يمكن فعل المتقدم الا بتركه كما قلناه في استلزام الأمر بالشي‌ء النهي عن ضده الخاص مرارا (٢) ، ولهذا تريهم يقولون بصحة تقديم مناسك المتأخر مع الإثم مع انها عبادة ، وقد مر هناك ما يفيد هذا المحل ، فتذكر.

وعلى تقدير تحريم البيع ، تحريم الشراء محتمل ، وقد مرّ مثله في بحث بيع من وجب عليه الجمعة ممن لا يجب ، فتذكر.

وبالجملة الظاهر صحة العقد لعدم صراحة النهي الدال على الفساد ، والاجتناب أحوط ، لأنه فرج.

__________________

(١) يعني ان المطلوب وقوع الاستبراء قبل البيع.

(٢) حاصله : ان الإثم يحصل بترك الاستبراء (الذي هو المتقدم) وليس فعل البيع (المتأخر) اثما ، وليس البيع الذي هو المتأخر مما لا يمكن فعله الا بترك الاستبراء الذي هو المتقدم ، لان فعل المتأخر ، أعني البيع ، ليس معلولا للترك المتقدم (اعني ترك الاستبراء) بل فعله مستند إلى إرادة مستقلة كما قرر ذلك في مسألة استلزام الأمر بالشي‌ء النهي عن ضده الخاص.

٢٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وانه (١) على تقدير وقوع العقد الحرام عليهما ، فالحرام على المشتري هو الوطء مطلقا ، لا سائر الانتفاعات ، للأصل ، وأدلة جواز التصرف في الاملاك ، خرج منه الوطي بدليله ، وبقي الباقي.

ولما في صحيحة محمد بن إسماعيل قلت : يحل للمشتري ملامستها؟ قال : نعم ولا يقرب فرجها (٢).

ولما في رواية عبد الله بن محمد عن أبي عبد الله عليه السلام لا بأس بالتفخيذ لها حتى تستبرأها ، وان صبرت فهو خير لك (٣).

ولأن العلة براءة الرحم وعدم الاختلاط.

ويحتمل كون الحرام الوطي في القبل كما هو الظاهر مما تقدم ، واحتياط الفروج يقتضي الأعم ، وكذا إطلاق الفرج ، وعموم ظاهر أدلة الاستبراء.

وانه ليس وجوب الاستبراء عليهما على نهج واحد ، فان الاستبراء واجب ، والوطي المنافي الذي يجب وبه يعتد ، كذلك لما مرّ ، ولانه المقصود من وجوب الاستبراء بحيضة ثم الوطي مطلقا ، وان عزل.

وان الظاهر إلحاق الأمور الناقلة للأمة والمبيحة للفرج ، بالبيع والشراء في وجوب الاستبراء وتحريم الوطي ، لظهور العلة ، مع احتمال الخصوص ، وهو بعيد ، خصوصا من جانب المتملك ، فان المقصود لم يتم الا بذلك ، وهو ظاهر.

وانه لا كلام في وجوب تسليم البائع الجارية إذا باعها من غير الاستبراء ، وهو ظاهر ، لان عدم الاستبراء وتركه الواجب لا يستلزم جواز منع المال عن صاحبه ،

__________________

(١) عطف على قوله قدس سره (واعلم ان البائع لو ترك) وكذا قوله بعد ذلك (وانه ليس وجوب الاستبراء) وقوله بعد ذلك (وان الظاهر) وقوله (وانه لا كلام) وقوله (وان الظاهر ان هذا الحرام).

(٢) الوسائل ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٦ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، قطعة من حديث ٥.

(٣) الوسائل ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٥ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، قطعة من حديث ١.

٢٦٧

ويسقط لو أخبر الثقة بالاستبراء.

______________________________________________________

وهو ظاهر والمنع بعيد.

وان الظاهر ان هذا الحرام يكون صغيرة لا تخل بالعدالة ، لو لم يصرّ ، فتأمل.

قوله : «ويسقط لو أخبر الثقة إلخ» لعل المراد من يحصل الوثوق بكلامه في انه لم يكذب في قوله : انه ما وطاءها ، أو استبرأها بعد ذلك ، لانه مسلم متصرف ويخبر عن فعله ، فيحمل على صدقه ، خصوصا في عدم وطيه.

والظاهر انه لا بد من ذلك ولا يجوز حمله على الكذب ، ولانه ليس بأقل من خبر المرأة بحصول الحيض وانقضاء العدة.

ولما مرّ في حسنة ابن البختري فقال : ان وثق به فلا بأس بأن يأتيها (١).

ولما في رواية أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الرجل يشتري الجارية وهي طاهر ويزعم صاحبها انه لم يمسها منذ حاضت؟ فقال : ان ائتمنته تمسّها (فمسّها يب) (٢).

وقال في شرح الشرائع : انها صحيحة ، ولي فيه تأمل ، لأن الظاهر ان أبا بصير هذا ، هو الذي شعيب بن يعقوب العقرقوفي (٣) ابن أخته وقائده ، فهو يحيي بن القاسم ، وهو واقفي ، وان كان شعيب ثقة ، والقرينة على ذلك نقل شعيب هذه الرواية عن أبي بصير ، وان تنزل عن ذلك فلا شك ان شعيبا وأبا بصير مشتركان ، فلا يصح ، وهو أعرف رحمه الله.

وما في رواية ابن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يشتري الجارية (وخ) لم تحض؟ قال : يعتزلها شهرا ان كان قد مست ، قلت :

__________________

(١) الوسائل ج ١٣ كتاب التجارة ، الباب ١١ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ٢ وصدر الحديث (في الرجل يشتري الأمة من رجل ، فيقول : اني لم أطأها ، فقال : إلخ).

(٢) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٦ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٤.

(٣) سندها كما في التهذيب (الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن شعيب عن أبي بصير).

٢٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

أفرأيت ان ابتاعها وهي طاهر وزعم صاحبها انه لم يطئها منذ طهرت ، فقال : ـ اي أبو عبد الله عليه السلام ـ ان كان عندك أمينا فمسّها ، وقال : ان ذا الأمر شديد ، فان كنت لا بد فاعلا فتحفظ ، لا تنزل عليها (١).

حملت على من تحيض في كل شهر.

ولقول العبد الصالح عليه السلام في رواية محمد بن حكيم قال : إذا اشتريت جارية فضمن لك مولاها انها على طهر فلا بأس بأن تقع عليها (٢).

واما ما مرّ في صحيحة محمد بن قول أبي الحسن عليه السلام يستبرئها بحيضتين (٣).

فيحمل ان يقيد بما إذا لم يكن المخبر ممن يثق به ، إذ ليس فيه غير رجل مسلم ، لحمل المطلق على المقيد.

أو يحمل على الاستحباب ، فإنها محمولة عليه ، لاشتمالها على الحيضتين ، لعدم القائل بهما على الظاهر ، ولغيرها من الروايات التي مرت ، على انه ليست بصريحة في ان الزاعم هو البائع ، وانه القائل له عن علم بأنها مستبرأة أو لم يطئها ، وهو ظاهر ، فقد يكون الزاعم هو المشتري من عند نفسه أو لعلامة ، أو البائع ، ولكن من غير علم وخبر ، بل فهم زعمه من قرائن ، أو قال من غير جزم ، والأصل مؤيده ، فتأمل.

وقال في شرح الشرائع : إنما عبر بالثقة لو روده في النصوص المذكورة في هذا الباب ، مع قوله : والظاهر ان المراد بالثقة العدل.

وما رأيتها في نص ، فان النصوص هي التي ذكرتها على ما رأيتها ، وهو أعرف.

__________________

(١) الوسائل ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٦ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٢.

(٢) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٦ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٣.

(٣) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٦ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٥.

٢٦٩

أو كانت لامرأة.

______________________________________________________

والظاهر انه يكفي ذلك للشراء والبيع بعده أيضا ، فلا يكون الشراء محرما على تقدير كونه قبل الاستبراء حراما ، وكذا البيع بعده.

وبالجملة الاستبراء التحقيقي انما يجب على المشتري ، للوطي ، لما مرّ ، ولهذا قيد المصنف وغيره مثل المحقق وجوب الاستبراء على البائع بقوله : مع الوطي.

وكذا في الرواية مثل موثقة عمار الساباطي قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : الاستبراء على الذي يريد ان يبيع الجارية واجب ان كان يطئها (١).

قوله : «أو كانت لامرءة» دليله الأصل والاخبار الصحيحة.

مثل صحيحة حفص عن أبي عبد الله عليه السلام في الأمة تكون للمرأة فتبيعها؟ قال : لا بأس بأن يطأها من غير ان يستبرئها (٢).

وصحيحة رفاعة قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الأمة تكون لامرأة فتبيعها؟ قال : لا بأس بأن يطئها من غير ان يستبرئها (٣).

ومع ذلك الأفضل استبرائها لعموم الأخبار المتقدمة.

ولرواية زرارة قال : اشتريت جارية بالبصرة من امرأة ، فخبّرتني انه لم يطأها أحد فوقعت عليها ولم استبرئها ، فسألت عن ذلك أبا جعفر عليه السّلام فقال : هو ذا ، انا قد فعلت ذلك وما أريد أن أعود (٤).

وهي ظاهرة في ان الترك اولى ، مع عدم صحة السند.

وقد نقل في شرح الشرائع : القول بعدم الجواز عن ابن إدريس وفخر

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ١٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، قطعة من حديث ٥ وبعده (وعلى الذي يشتريها الاستبراء أيضا ، قلت : فيحل له ان يأتيها دون الفرج؟ قال : نعم قبل ان يستبرأها).

(٢) الوسائل ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء ذيل حديث ١.

(٣) الوسائل ج ١٤ ، كتاب النكاح ، الباب ٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ١.

(٤) الوسائل ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٢.

٢٧٠

أو يائسة أو صغيرة أو حاملا أو حائضا.

______________________________________________________

لمجتهدين في ذلك ، وفي عدم الاكتفاء بخبر البائع بالاستبراء ، وكلاهما لا يخلوان عن بعد ، وان كان الاحتياط في الفروج الموصى به يقتضي ذلك ، ونقل الأول عن ابن إدريس ، مع نقله عنه عدم وجوب الاستبراء عليه ، ولعله على تقدير الوجوب ، أو نسختي غلط (١).

قوله : «أو يائسة أو صغيرة إلخ» أما دليل سقوط الاستبراء وعدم وجوبه في الصغيرة ، ظاهر.

وقد مرّ في الروايات مثل ما في صحيحة الحلبي وحسنته عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال : في رجل ابتاع جارية ولم تطمث؟ قال : ان كانت صغيرة لا يتخوف عليها الحبل ، فليس (له ئل) عليها عدة وليطأها ان شاء (٢).

وفيه تأمل.

وفي رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال : في الجارية التي لم تطمث ولم تبلغ الحبل إذا اشتراها الرجل؟ قال : ليس عليها عدة ، يقع عليها (الحديث) (٣).

وفيها أيضا تأمل لأنه يفهم تجويز الوقوع على غير البالغ ، مع انه حرام قبل البلوغ عندهم ، أو البالغ التي لم يتخوف عليها الحبل لصغرها من غير استبراء ، وهو غير جائز.

فلعل المراد عدم التحريم من جهة الاستبراء ، أو الوقوع بعد البلوغ ، فتأمل.

واما دليل السقوط عنها وعن الآئسة فهو أيضا روايات.

__________________

(١) من قوله قدس سره (ونقل الأول عن ابن إدريس) إلى هنا ليس موجودا في النسخ المخطوطة التي عندنا ، بل هو موجود في النسخة المطبوعة فقط.

(٢) الوسائل ج ١٤ ، كتاب النكاح ، الباب ٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، قطعة من حديث ١.

(٣) الوسائل ج ١٤ ، كتاب النكاح ، الباب ٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، حديث ٣.

٢٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

مثل رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يشتري الجارية التي لم تبلغ المحيض ، وإذا قعدت عن المحيض ما عدتها؟ وما يحل للرجل من الأمة حتى يستبرئها قبل ان تحيض؟ قال : إذا قعدت من المحيض أو لم تحض فلا عدة لها ، والتي تحيض فلا يقربها حتى تحيض وتطهر (١).

ويمكن ان يكون المراد من نفي القرب حد الجماع والوطي ، وهو المتعارف والمتبادر ، مثل قوله تعالى (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ) (٢) وغير ذلك.

ويؤيده الأصل وانتفاء الحمل الذي هو السبب والحكمة غالبا ، وكما يظهر من الروايات والعبارات.

فيحمل ما يشعر بالعدة ـ في بعض الروايات الدالة على ان عدة التي لم تبلغ المحيض ، والتي قعدت عن المحيض خمسة وأربعون يوما ، وهي في روايات متعددة ـ على الاستحباب.

على انها غير صحيحة ومخالفة للأصل والشهرة ، بل الإجماع في الصغيرة ، وللأكثر الأصح منها ، وعدم دليل صحيح عام ، وهذا جار في جميع المستثنيات.

وحملها الشيخ على انها التي يخاف عليها الحبل ، فكأنه قريب البلوغ ومحتمله وغير متحقق.

وكذا اليأس ، ويؤيد ذلك القيد المذكور في بعضها.

قال في رواية منصور بن حازم قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن عدة الأمة التي لم تبلغ المحيض وهو يخاف عليها؟ فقال خمسة وأربعون ليلة (٣).

والاحتياط العدة في الآئسة باجتناب الوطي مطلقا ، بل سائر الانتفاعات ،

__________________

(١) الوسائل ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٤.

(٢) سورة البقرة ـ ٢٢٢.

(٣) الوسائل ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٥.

٢٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

لقوله : (ولا يقربها).

ولما في رواية عبد الله بن محمد عن أبي عبد الله عليه السلام فقال : لا بأس بالتفخيذ لها حتى يستبرئها ، وان صبرت فهو خير لك (١).

وفي الصغيرة المتحققة (المتحقق خ ل) صغرها وجوب اجتناب الوطي ، لا للاستبراء ، واستحباب ترك باقي الانتفاعات.

وقد مرّ دليل السقوط عن الحائض في الرواية (٢).

ويؤيده حصول الاستبراء بحيضة ، والأصل ، وعدم دليل عام صحيح ، وهذا. جار في الحامل أيضا ، وسيجي‌ء حكمه مفصلا.

واعلم ان الظاهر عدم الاستبراء في أمة الطفل على الولي البائع ولا على المشتري ، وكذا على امة المحبوب والعنين ، ولا على التي علم عدم الوطي بيقين ، مثل ان يملك رجل في مجلس امة لا يجب استبرائها ، لكونها ملك امرءة ثم باعها في الحال ، فإنه لا استبراء عليه ولا على المشتري الذي يعلم ذلك مثلا.

وان يكون بعيدا عنها بحيث لا يمكن الوصول إليها ، أو قريبا ولكن كان مع المشتري ولم يفارقه زمانا يمكنه الوصول إليها وغير ذلك.

ودليله الأصل ، مع عدم دليل صحيح على الوجوب ، فإن عمدة أدلة وجوب الاستبراء على البائع هو الإجماع مستندا الى بعض الاخبار ، ولا إجماع في أمثال ذلك على ما يظهر ، للأصل ، والخبر ليس بحيث يشمل هذه الصور لا عموما ولا خصوصا.

ولان المفهوم من الروايات المتقدمات وعبارات الأصحاب ، ان ما لم يطأ ولا يتخوف من الحمل لا يجب الاستبراء ، ولهذا قيد وجوبه على البائع بالوطي وعلى

__________________

(١) الوسائل ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٥ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، قطعة من الحديث ١.

(٢) الوسائل ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٤.

٢٧٣

ويحرم وطئ الحامل قبلا قبل مضى أربعة أشهر وعشرة أيام.

______________________________________________________

المشتري باحتماله في الروايات.

مثل موثقة عمار الساباطي ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : الاستبراء على الذي يريد ان يبيع الجارية واجب ان كان يطأها (الحديث) (١).

ويؤيده عدم الاستبراء في أمة المرأة ، والفرض انتفاء الوطي والحبل فيما صورناه ، فليس الحكم فيما ذكرناه ملحقا بحكم الامرأة ، للاشتراك في عدم الوطي ليكون قياسا يقتضي أصول الشرع عدمه كما قاله في شرح الشرائع.

على انه سلم ان الصورة الأخيرة ليست محل الإشكال ، فإنه لا استبراء فيها من غير اشكال.

ثم إذا نظر الى ما ذكرناه يظهر أن الحيلة ـ ببيع الأمة التي يجب استبرائها على امرأة ، ثم الاشتراء منها ـ لا تنفع ولا تسقط وجوب الاستبراء عن المشتري ، فتأمل ، واحفظ ، وهو حسن في الكل حتى فيما ذكرناه ، فإنه فرج موصى بالاحتياط فيه في الرواية.

قوله : «ويحرم وطي الحامل إلخ» قد اختلفت الأقوال والروايات في وطي الأمة الحامل.

والدليل والجمع بينها يقتضي جواز الوطي إذا كان من الزنا ، لانه قد ثبت عندهم إلغاء الوطي المحرم وان لا حرمة له ولا عدة ، مع حصول العلم به.

وهو مشكل ، وكأنه إليه أشار (بقوله أوّلا خ) (أو حاملا) ، حيث استثناها من وجوب الاستبراء (ليندفع التدافع بينه وبين قوله ويحرم وطي الحامل خ) ، إذ يحمل الأول على ما بعد الأربعة أشهر وعشرة أيام ، وهو الظاهر من المتن ، فيكون الوطي بالحامل مطلقا جائزا بعد أربعة أشهر وعشرا وحراما قبله قبلا.

__________________

(١) الوسائل ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ١٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، قطعة من حديث ٥.

٢٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

للجمع بين صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام في الوليدة يشتريها الرجل وهي حبلى؟ قال : لا يقربها حتى تضع ولدها (١).

ولا تتوهم عدم الصحة ، لاشتراك محمد بن قيس ، لأني قد عرفت كونه الثقة ، لثبوت نقل عاصم بن حميد (٢) عنه كما هنا ، دون غيره ، ولغير ذلك وقد بينته في غير هذا المحل.

وصحيحة أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : الرجل يشتري الجارية وهي حامل ما يحل له منها؟ فقال : ما دون الفرج ، قلت : فيشتري الجارية الصغيرة التي لم تطمث ، وليست بعذراء ا تستبرئها؟ قال : أمرها شديد ، إذا كان مثلها تعلق (اي تحمل) فليستبرئها (٣).

وبين صحيحة رفاعة بن موسى قال : سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قلت : اشترى الجارية فتمكث عندي الأشهر لا تطمث وليس ذلك من كبر ، قلت : وأريتها النساء فقلن ليس بها حبل ، أفلي أن انكحها في فرجها؟ قال : فقال : ان الطمث قد تحبسه الريح من غير حبل ، فلا بأس ان تمسها في الفرج ، قلت : فان كانت حبلى فمالي منها ان أردت؟ فقال : لك ما دون الفرج الى ان تبلغ في حملها أربعة أشهر وعشرة أيام ، فإذا جاز حملها أربعة أشهر وعشرة أيام فلا بأس بنكاحها في الفرج (٤).

__________________

(١) الوسائل ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ١.

(٢) فان سندها (كما في الكافي) هكذا : عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس.

(٣) الوسائل ، ج ١٤ ، كتاب النكاح ، أو رد صدره في باب ٥ الحديث ٣ وذيله في باب ٣ الحديث ٩ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٤) الوسائل ج ١٤ ، كتاب النكاح ، أو رد صدره في باب ٤ الحديث ١ وقطعة منه في باب ٥ الحديث

٢٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

لوجوب (١) حمل المطلق والعام على المقيد والخاص ، ولا شك ان الأولين بالنسبة الى هذه كذلك.

ويؤيده أصل عدم التحريم ، وعدم وجوب الاستبراء (استبرائها خ) ، وجواز التصرف فيما ملكت الايمان كما يدل عليه العقل والنقل ، وأوضحية سند المقيد ، إذ يمكن المناقشة في سندهما باشتراك أبي بصير ومحمد وان كانت مما يمكن الدفع ، وان النكتة والحكمة عدم اختلاط المنى والأنساب ، وبعد الأربعة أشهر وعشرة أيام لم يصر كذلك ، كما هو المشهور ، بل في أربعة أشهر ، إلا ان العشرة للاحتياط والتحقيق.

واما صحيحة رفاعة بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن الأمة الحبلى يشتريها الرجل؟ قال : سئل عن ذلك أبي فقال : أحلّتها آية وحرمتها آية أخرى ، وأنا ناه عنها نفسي وولدي فقال الرجل : فانا أرجو ان انتهى إذا نهيت نفسك وولدك (٢).

فهي بعيدة عن قانون المذهب ، وهو ظاهر ، فكأنه للتقية ، حيث علم عليه السلام انه لما لم يكن يتبع ـ في حكمه الذي يحكم ـ ، قال ذلك ، وقد رأيت هذا التوجيه في رواية عنه عليه السلام لمثل (٣) هذه الرواية.

ولعل الآيتين (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) (٤)) الدالة على جواز الوطي من غير

__________________

من أبواب نكاح العبيد والإماء وقطعة منه في باب ٥ الحديث ٢ من أبواب نكاح العبيد والإماء وفيه كما في الكافي أيضا : فأريها بدل أريتها.

(١) تعليل لقوله قده : للجمع بين صحيحة محمد بن قيس وبين صحيحة رفاعة.

(٢) الوسائل ، ج ١٤ ، كتاب النكاح ، الباب ٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٢.

(٣) الوسائل ، ج ١٤ ، كتاب النكاح ، الباب ٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٣.

(٤) سورة المؤمنون ـ ٦.

٢٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

استبراء في مطلق الإماء وهذه مؤيدة لجميع المواضع التي أخرجت عن وجوب الاستبراء مما تقدمت.

(وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (١) الدالة على عدم جواز دخول الحامل الا بعد وضع الحمل.

وظاهر القوانين يقتضي تخصيص الأولى بالثانية على تقدير شمولها للإماء ، فإن ظاهر (ما ملكت) عامة بالنسبة إلى الأحوال والأشخاص الحامل وغيرها ، وهذه مخصوصة بالحامل ان فرضنا شمولها للإماء.

ولعل هذا اولى من تخصيص هذه بالأولى ، بأن يجعل في الحرائر فقط لحرمة الولد وعدم الفرق بين الأمة وغيرها عقلا في وجوب أصل العدة.

وأيضا الظاهر منها كراهية ذلك حيث ما نهى الا نفسه ومن خص به ، والا لوجوب نهى الكل ، فهو مؤيد لعدم التحريم مطلقا.

ولا شك ان الاجتناب مطلقا أحوط واولى لهذه الرواية وغيرها ، وقد مرّ ان الاجتناب مطلقا ، ـ اي من سائر الانتفاعات أيضا ـ أحوط.

ودل على جوازها ما في صحيحة أبي بصير المتقدمة (٢).

ويدل عليه أيضا ما في رواية عمار الساباطي قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : الاستبراء على الذي يريد ان يبيع الجارية واجب ان كان يطأها وعلى الذي يشتريها الاستبراء أيضا ، قلت : فيحل له ان يأتيها دون الفرج؟ قال : نعم قبل ان يستبرئها (٣).

ويدل على ان الصبر أفضل ، النهي المطلق في بعض الروايات كما تقدم

__________________

(١) سورة الطلاق ـ ٤.

(٢) الوسائل ، ج ١٤ ، كتاب النكاح ، الباب ٥ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٣.

(٣) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ١٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٥.

٢٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

بقوله عليه السّلام : (ولا تقربها) (١).

وما في رواية إبراهيم بن عبد الحميد قال : سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الرجل يشتري الجارية وهي حبلى ، أيطأها؟ قال : لا ، قلت : فدون الفرج؟ قال : لا يقربها (٢).

قال الشيخ : قوله : ولا يقربها فيما دون الفرج ، محمول على الكراهة التي قدمناها ، دون الحظر.

لما تقدم وصرح بذلك في رواية عبد الله بن محمد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : فقال : لا بأس بالتفخيذ لها حتى تستبرئها وان صبرت فهو خير لك (٣).

ورواية إبراهيم بن عبد الحميد الدالة على عدم جواز وطي الحامل مطلقا (٤).

وكذا ما في رواية إسحاق بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عن الجارية يشتريها الرجل وهي حبلى ، أيقع عليها؟ قال : لا (٥).

محمول على ما تقدم من التخصيص.

مع عدم الصحة ، لوقف إبراهيم ، والقول بفطحية إسحاق. مع وجود ابان المشترك (٦) ، والظاهر انه ابن عثمان ، وفيه أيضا قول بأنه ناووسي.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ١.

(٢) الوسائل ، ج ١٤ ، كتاب النكاح ، الباب ٥ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٥.

(٣) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٥ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، قطعة من حديث ١.

(٤) تقدم بيان موضعها آنفا.

(٥) الوسائل ، الباب ٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، حديث ٦.

(٦) سندها (كما في التهذيب) هكذا علي بن إسماعيل عن فضالة عن ابان عن إسحاق بن عمار.

٢٧٨

ويكره بعده.

فان وطئ عزل ، ولو لم يعزل كره (له خ) بيع ولدها ، واستحب له عزل نصيب من ميراثه.

______________________________________________________

وحملت هذه الروايات كلها على الحامل من غير العلم اليقيني بأنه من زنا ، لما ثبت عندهم من عدم الحرمة للزنا ، وعدم العدة ، ولبعده ، وللأصل وتبادر كونه من غيره ، ولوجوب حمل الحبل الموجود في شخص على غير الزنا وان لم يكن لها زوج حلال ، لاحتمال الشبهة ، ولهذا لا يجوز الحدّ بمجرد ذلك فتأمل.

ويمكن الجمع أيضا بينهما بحمل ما يدل على عدم الجواز مطلقا على غير الزنا ، والمقيد على الزنا ، وعلى الوطي بالقبل والمقيّدة بالدبر فقط ، وغير ذلك.

والظاهر انّ الدبر كالقبل لما في صحيحة محمد بن قيس (لا يقربها) (١) وكذا رواية إبراهيم (٢) ، وفي رواية إسحاق (لا يقع عليها (٣).

ولا يبعد شمول الفرج لهما ، وهو في الروايات ، ويؤيده التحريم مطلقا في غير المستبرأة ، وقد مرّ ، فتأمل.

قوله : «ويكره بعده» قد مرّ دليله ، وهو مثل شمول العمومات لها ظاهرا المحمولة عليها ، للجمع والاحتياط في الفروج وغير ذلك.

قوله : «فان وطئ عزل إلخ» يدل على ذلك ما روى عن إسحاق بن عمار (في الصحيح) قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اشترى جارية حاملا ، وقد استبان حملها فوطئها؟ قال : بئس ما صنع ، قلت : ما (فما خ) تقول فيها؟ قال : عزل عنها أم لا؟ قلت : أجبني في الوجهين ، فقال : ان كان عزل عنها فليتق

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، حديث ١.

(٢) تقدم بيان موضعها.

(٣) تقدم موضع بيانها أنفا ، وقوله (لا يقع عليها) منقول بالمعنى ، فلاحظ.

٢٧٩

ويجوز شراء ما يسبيه الظالم من الكافر وأخته وبنته وزوجته.

______________________________________________________

الله ولا يعد ، وان كان لم يعزل عنها فلا يبيع ذلك الولد ولا يورثه ، ولكن يعتقه ويجعل له شيئا من ماله يعيش به ، فإنه قد غذّاه بنطفته (١).

وهذه تدل على استحباب العزل ، وعلى كراهة الوطي أيضا ، بل التحريم ، كما ترى ، حملت عليها ، كما تقدم ، لما تقدم.

ويدل عليه أيضا رواية السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام ان رسول الله صلّى الله عليه وآله دخل على رجل من الأنصار ، وإذا وليدة عظيمة البطن تختلف ، فسألها فقال : اشتريتها يا رسول الله وبها هذا الحبل ، قال : أقربتها؟ قال : نعم ، قال : أعتق ما في بطنها ، قال يا رسول الله : وبما استحق العتق؟ قال : لان نطفتك غذّت سمعه وبصره ولحمه ودمه (٢).

وهذه تدل على جواز الوطي مطلقا ، فيمكن حملها على ما بعد الأربعة أشهر وعشرة أيام ، وعلى وجوب العتق ، فتحمل على الاستحباب لعدم الصحة وللجمع ، فتأمل.

قوله : «ويجوز شراء إلخ» الغرض من هذه العبارة انه يجوز تملك العبيد والإماء المسبيّة من دار الحرب من الكفار ، سواء اكتسبت بالقهر والغلبة مثل ما يسبيه حكام الجور وسلاطينه ، أو يكون بسرقة ونحوهما ، سواء كان السابي مسلما أو كافرا ، وان من أخذ وقهر من الكفار أخته وبنته وزوجته وابنه يتملكهم ، ثم من بعد تملكهم يجوز الشراء منهم ، حتى انه لو قهر حربي حربيا يجوز الشراء منه.

فالعبارة غير جيدة ، لأن قوله : (من الكافر) ان كان صلة السبي لا يحسن ، ولا يحسن عطف وأخته إلخ أيضا عليه.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٩ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ١.

(٢) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٩ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٣.

٢٨٠