مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا ان كان بيانا لما يسبيه لعدم حسن العطف ، واختصاصه بالأخت والبنت والزوجة ، فإنه يكفي (من الكافر) (١) ، أو ضمّ اليه (من بحكمهم من أطفالهم).

وبالجملة هذه العبارة ما فهمتها ، لعل المراد جواز التملك مطلقا ثم الشراء منهم.

وفيه أيضا تأمل لأن التملك لغير الشيعة غير ظاهر ، لأن الأدلة دلت على جوازه لهم خاصة ، لطيب ولادتهم بشفقتهم عليهم السلام على مواليهم ، بل للشيعة أيضا.

لأنه إن أخذ بالسرقة ونحوها ، فهو وان كان للأخذ ولكن يجب عليه الخمس ، ونصفه لغيرهم من الاشراف فكيف يتملكه الأخذ ، وهم كيف يجوز لهم ان يبيحوا ذلك.

وان أخذ بالقهر والغلبة والقتال بغير اذن الامام عليه السلام ، فهو (على المشهور) للإمام عليه السلام لمرسلة العباس الوراق التي تقدمت في باب الخمس (٢).

وهي معارضة برواية زكريا ابن آدم عن الرضا عليه السّلام قال : سألته عن سبي الديلم ، ويسرق بعضهم من بعض ويغير المسلمون عليهم بلا امام ، أيحل شراؤهم؟ قال : إذا أقروا (لهم ئل) بالعبودية ، فلا بأس بشرائهم (الحديث) (٣).

وقال في شرح الشرائع : ان كان ، أي المأخوذ سرقة وغيلة ونحوهما مما لا قتال فيه ، فهو لآخذه وعليه الخمس ، وان كان بقتال فهو بأجمعه للإمام عليه السلام

__________________

(١) يعني ان قول المصنف قدس سره (من الكافر) مغن عن ذكر أخته وبنته وزوجته كما لا يخفى.

(٢) الوسائل ، ج ٦ كتاب الخمس ، الباب ١ من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ، الحديث ١٦.

(٣) الوسائل ، ج ١٣ ، كتاب التجارة ، الباب ٢ من أبواب بيع الحيوان ، قطعة من حديث ٣.

٢٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

لرواية البزنطي (١).

وان المعروف من المذهب مضمونها ، ولا نعلم فيه مخالفا ، وحينئذ فلا يضر القطع (٢)

وما عرفتها ، أنا إلا مرسلة الوراق في أخر باب الانفعال من التهذيب ، ويظهر من المنتهى (٣) ان الشيخ ما عمل به ، حيث نقل عنه في أرض السواد : والذي يقتضيه المذهب ان هذه الأراضي وغيرها من البلاد التي فتحت عنوة يخرج خمسها لأرباب الخمس ، وأربعة الأخماس الباقية يكون للمسلمين قاطبة ، إلى قوله : وعلى الرواية رواها أصحابنا ـ ان كل عسكر أو فرقة غزت بغير أمر الإمام فغنمت تكون الغنيمة للإمام خاصة ـ تكون هذه الأرضون وغيرها مما فتحت بعد الرسول صلّى الله عليه وآله الا ما فتح في أيام أمير المؤمنين عليه السّلام ان صحّ شي‌ء من ذلك ، تكون للإمام خاصة إلخ.

وهذه تدل على ان الأول هو المذهب ومقتضاه ، وان ارض السواد لا يجري فيه حكم المفتوحة عنوة ، بناء على هذه الرواية ، وقد مرّ البحث في ذلك ، فتذكر.

ويؤيد عدم القول به معارضة رواية العباس (٤) برواية زكريا بن آدم (٥) المذكورة في باب بيع الحيوان من التهذيب.

وان كان للآخذ كما يقتضيه الأصل وعليه الخمس ، ففيه ما تقدم.

__________________

(١) الوسائل ، ج ٦ كتاب الخمس ، الباب ١ من أبواب الأنفال ، الحديث ١٧.

(٢) الى هنا كلام الشهيد في المسالك ، ولكن لا يخفى ان بعد قوله (لرواية البزنطي) ذكر أمورا ، ثم قال بعد أسطر (الا ان المعروف من المذهب) فلاحظ.

(٣) لاحظ كتاب المنتهى ج ٢ كتاب الجهاد ص ٩٣٨.

(٤) الوسائل ، ج ٦ كتاب الخمس ، الباب ١ من أبواب الأنفال ، الحديث ١٦.

(٥) الوسائل ، ج ١٣ كتاب التجارة ، الباب ٢ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ٣.

٢٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ويمكن ان يقال : المقصود انه ان تملكه الشيعة بالأخذ أو القهر فهو لهم مطلقا ، سواء كان الكل لهم عليهم السلام أو البعض ، فان كان الكل لهم عليهم السلام ، فهو ظاهر ولا اشكال فيه الا ما يتخيل ان الأصحاب قالوا ما أباحوا الا لمستأجر والمساكن والمناكح بالتفسير الذي تقدم ، فالعموم لا يجوز.

ولكن قد عرفت هناك ، ان ظاهر الاخبار التي هي الأدلة ، العموم ، والعلة بطيب الولادة وذكوة الأولاد مذكورة في البعض ، وذلك لا يقتضي التخصيص الذي ذكروه ، وان كان حقا ، فما ذكره هنا أيضا مخصص. وان كان البعض لهم عليهم السلام والباقي للاشراف ، فأمر حصة الاشراف إليهم عليهم السلام.

وبالجملة الأدلة إذا اقتضت ذلك فلا وجه للإيراد ، لأنهم معصومون والحكم لهم ومن عندهم ، فكل ما يفعلون فهو حق.

وانطباقه على القوانين ان يقال : هذا المال مستثنى مما يجب فيه الخمس ، سواء قلنا انه غنيمة أو كسب وصنعة.

ويؤيده الأصل ، وان هذا الأخذ لا يقال له غنيمة ، مثل غنيمة الغزاة ، ولا يقال أيضا كسب وصنعة ، ولم يعلم وجوب الخمس في كل ما يستفيده الإنسان.

ولكن هذا يقتضي عدم الوجوب على العامة أيضا ، وتملكهم ذلك من غير اشكال ، وكذا جواز الشراء منهم ، فتأمل.

واما على ما سبق ففيه الاشكال ، ويمكن ان يقال : ان تملك غيرهم وجواز الشراء لهم منهم بحسب الظاهر ، والا ففي الحقيقة ليس بملك لهم ، بل الشراء منهم يرجع الى الاستنقاذ ، كما يشير اليه المصنف فيما بعد بقوله : والتحقيق إلخ ، فتأمل.

واعلم انه كما يجب الاستبراء في البيع والشراء ، يجب ظاهرا في كل ملك حادث وزائل حتى في السبي.

٢٨٣

وكل حربي قهر حربيا صح الشراء منه.

ولو قهر من ينعتق عليه ففي صحة بيعه نظر ، ينشأ من دوام القهر المبطل للعتق لو فرض ودوام القرابة الرافعة للملك بالقهر.

______________________________________________________

ويدل عليه ما تقدم من طهور العلة.

وتدل في السبي بخصوصه رواية الحسن بن صالح عن أبي عبد الله عليه السلام قال : نادى منادي رسول الله صلّى الله عليه وآله في الناس يوم أوطاس (١) : أن استبرؤا سباياكم بحيضة (٢).

قوله : «وكل حربي قهر حربيا إلخ» يريد الإشارة الى ان جواز الشراء ليس بمخصوص من القاهر الظالم المسلم بل أعم منه ومن الكافر.

تمهيد

لو قهر من ينعتق عليه ، ففي صحة بيعه نظر ، ووجهه ما ذكره ، وهو ظاهر.

والظاهر عدم جواز البيع ، وعتقه ، لعموم دليل العتق ، وعدم تملك القريب المتقدم ، فكأنه يخصص دليل الملك بالقهر ، فتأمل.

فما يدل على جواز الشراء ـ مثل رواية عبد الله اللحام قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل يشتري من رجل من أهل الشرك ابنته يتخذها؟ قال : لا بأس (٣).

تحمل على الاستنقاذ ، ويحتمل تخصيص الأول بالمسلم وجعل هذا مؤيدا.

__________________

(١) أوطاس اسم موضع معروف وقع فيه غزوة من غزوات رسول الله صلّى الله عليه وآله (مجمع البحرين لغة وطس).

(٢) الوسائل ، ج ١٤ ، كتاب النكاح ، الباب ١٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ١.

(٣) الوسائل ، ج ١٣ ، كتاب التجارة ، الباب ٣ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ٢.

٢٨٤

والتحقيق صرف البيع الى الاستنقاذ وثبوت ملك المشتري بالتسلط.

______________________________________________________

قوله : «والتحقيق صرف البيع إلخ» ظاهر هذا الكلام انه رجح عدم تملك الكافر الأقارب وعدم جواز البيع كما أشرنا اليه ، والا كان بيعا حقيقيا وهو ظاهر.

ومعنى الاستنقاذ رفع يشد شخص شرعية أم لا عن مال بعوض أو بغير عوض ، والاولى الشراء (١) كما قاله في القواعد. ويدل عليه ما بعده.

وقوله : «وثبوت ملك المشتري بالتسلط» بإطلاقه غير جيد ، إذ قد يكون المملوك ومن بيده ممن ينعتق عليه مأمونا ، فيشكل حينئذ تملك المشتري له بالتسلط أيضا.

ولا ينبغي النظر في لحوق أحكام البيع بالنسبة إلى البائع بعد حكمه بالاستنقاذ أيضا كما فعله في القواعد ، لانه عقد واحد يبعد كونه بيعا حقيقيا بالنسبة إلى البائع وغير بيع بالنسبة إلى المشتري.

على ان سبب عدم كونه حقيقيا بالنسبة اليه انما هو عدم صلاحية المبيع لتملك البائع ، وهو موجب لعدم كونه حقيقيا بالنسبة إليه أيضا.

الا ان يقال : انه يملكه باعتقاده وفي مذهبه ، لا عندنا ، فيكون بيعا عنده لا عندنا.

ويفهم (٢) من شرح القواعد عدم لحوق أحكام البيع بالنسبة إلى البائع ،

__________________

(١) يعني أن الاولى ان يقول : والتحقيق صرف الشراء ، كما عبر به في القواعد.

(٢) قوله قدس سره (ويفهم من. إلخ) اعلم ان النسخ التي عندنا من المخطوطة والمطبوعة مختلفة جدا ففي بعض النسخ المخطوطة هكذا (ويفهم من شرح الشرائع عدم بعد لحوق أحكام البيع إلخ).

وفي بعضها هكذا (ويفهم من شرح ، عدم بعد لحوق أحكام البيع إلخ).

وفي ثالثة هكذا (ويفهم من شرح القواعد عدم بعد لحوق أحكام البيع إلخ).

٢٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

لأن ما بيد الحربي إذا دخل بأمان محترم ـ فلا يجوز انتزاعه بغير السبب المبيع شرعا ـ ووجب ان يترتب عليه احكامه ، فيكون له خيار المجلس والرد بعيب الثمن ونحو ذلك ، ولا يكون للمشتري ذلك ، ولا الأرش بالعيب وغير ذلك.

وفيه تأمل لأن المشتري إذا رده بالعيب أو أخذ الأرش ، ما أخذ شيئا محرما

__________________

وفي النسخة المطبوعة بالطبع الحجري هكذا (ويفهم من شرح القواعد عدم لحوق أحكام البيع إلخ).

ولعل الأخير أصوب.

وكيف كان : فان كانت نسخة الأصل (ويفهم من شرح الشرائع فالذي وجدناه مناسبا ، ما ذكره في المسالك عند قول المحقق (ره) في أوائل كتاب العتق (ولو اشترى انسان من حربي ولده أو زوجته إلخ) بعد توجيه عبارة المحقق بجواز التوصل للمسلم لتملك أموال أهل الحرب بكل سبب الذي منه الشراء. وبعد قوله (ره) : وليس هذا بيعا حقيقيا وانما هو وسيلة إلى وصول المسلم الى حقه ، بما هذا لفظه (وهذا كله إذا لم يكن مال الحربي معصوما بان دخل دار السلام بأمان ، فلا يجوز أخذ ماله بغير سبب مبيح له شرعا ، وحينئذ صحة البيع ولزوم أحكامه التي من جملتها جواز رده معيبا أو أخذ أرشه) انتهى.

واما ان كانت نسخة الأصل (ويفهم من شرح القواعد) فالذي وجدناه مناسبا ، هو ما ذكره فخر المحققين في إيضاح القواعد (ج ١ ص ٤٣٦) عند قول والده العلامة قدس سرهما في القواعد (والتحقيق صرف الشراء الى الاستنقاذ وثبوت الملك للمشتري بالتسلط إلخ) بعد بيان التدافع بين علة الملك ، وهو القهر ، وعلة العتق وهو القرابة ، قال : والحق ان البيع هنا استنقاذ وافتداء ، ومعناه ، عوض عن يد شرعية في نفس الأمر كهذه ، أو ظاهرا ، أو غير شرعية ، ثم قال : ويتفرع على ذلك : انه هل يلحقه أحكام البيع من الخيار والأرش وغير ذلك؟ يحتمل ذلك ، لأنه بالنسبة إلى المشتري كالبيع ، والا لزم ضرورة وقال عليه السلام : لا ضرر ولا ضرار ، ومن انتفاء العلة وهي البيع انتهى.

ولعل أصح ما نقلناه من النسخ وهو الأخير ، وهو إسقاط لفظة (بعد).

وأوضح ما احتملناه من كون نسخة الأصل (شرح الشرائع ، أو شرح القواعد) هو الأخير أيضا لاستلزام الأول زيادة لفظة (عدم) أيضا ، ولقول الشارح قدس سره هنا : (بالنسبة إلى البائع) وما في المسالك مطلق أو مخصوص بالمشتري ، نعم قد يؤيد الأول (وهو شرح القواعد) تعليل الشارح بقوله (لان ما بيد الحربي إذا دخل بأمان محترم) وهذا التعبير موجود في المسالك كما نقلناه عبارته دون إيضاح القواعد ، والله العالم.

هذا كله ان قرء لفظة (بعد) بفتح الباء ، والا فلو قرء بضم الباء ينعكس الحكم المستفاد من المخطوطة والمطبوعة ، فتصح على النسخ المخطوطة دون المطبوعة.

٢٨٦

ولو ظهر استحقاق ما أولده رد الأمان على المالك وغرم عشر القيمة مع البكارة والا فنصفه وقيمة الولد يوم سقوطه حيا ورجع على البائع بالثمن وقيمة الولد دون العقر على رأى.

______________________________________________________

حتى يكون منافيا للأمان ، وهو ظاهر.

ويشكل تملك البائع الثمن أيضا ، إذ لا بيع بالنسبة إليه ، فلا يستحق العوض بوجه ، لانه ليس ما في يده ملكه ، فكيف يكون بيعا بالنسبة اليه.

ولأنه بالنسبة إلى المشتري ليس ببيع ، لعدم صلاحيته لملك البائع ، فكيف بكون بالنسبة إليه بيعا حقيقيا.

ومجرد كونه مأمونا داخلا بلاد الإسلام بالأمان لا ينفع ، لكون ما بيده معتوقا عليه.

والظاهر ان الكلام على هذا التقدير ، والا يكون بيعا وشراء حقيقين مع الأمان.

ويمكن كون التملك باعتبار اعراض المشتري ورضاه بذلك وتسليطه عليه.

وهو أيضا مشكل ، لأنه إنما أعطاه عوضا عن المبيع ، وهو لا يستحق ذلك فالظاهر بقاؤه على ملكه حينئذ.

وبالجملة مقتضى النظر عدم تملكه الثمن على هذا التقدير ، وعدم تحقق بيع شرعي أصلا ، لا بالنسبة اليه ولا بالنسبة إلى المشتري ، فتملكه أيضا للمبيع مشكل الا ان تفرض في دار يمكن التملك هناك بالتسلط.

فتأمل في إطلاق قول المصنف بأنه يملك بالتسلط ، وكذا في إطلاق قول المحشي.

قوله : «ولو ظهر استحقاق ما أولده إلخ» أي لو اشترى امة ظنا انها

٢٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

مال البائع ، وأولدها ، ثم ظهر انها لغير البائع ، وجب ان ترد الأمة إلى مالكها ، ويغرم عشر قيمتها أرشا للبكارة ، ان كانت باكرة وأزال بكارتها ، وان كانت ثيبا فيغرم نصف عشر القيمة للدخول ، والولد حر ، ويجب ان يغرم قيمته يوم سقوطه حيا للمالك ، إذ لا قيمة قبله ، وبعده حر ، ما ثبت لمالك الجارية عليه سبيل ، مع انه نماء ملكه وفوته عليه المشتري ، فيغرم القيمة ، ثم يرجع على البائع بالثمن الذي أعطاه وقيمة الولد أيضا.

هذا كله ظاهر ، إذ الكلام مع الجهالة كما يشعر به قوله (ولو ظهر) فإنه يدل على عدم العلم والظهور.

وهل يرجع بما حصل له في مقابلته نفع ، مثل ما دفع اليه للعقر ، وهو العشر ونصفه في مقابلة الانتفاع بالبضع وكأجرة خدمة ، أم لا؟ اختار المصنف هنا العدم ، لانه بسبب ما حصل له من الانتفاعات ، فما ذهب عليه شي‌ء ، فان رجع يلزم حصول المعوض من غير عوض ، فيحصل الظلم على البائع.

واستشكل في التذكرة ، وقال في الكتاب قبل الركن الثالث : فيه قولان (١) :

والظاهر الرجوع لانه غره وحثه بالانتفاع بها بمجرد دفع ثمن المبيع من غير عوض ، ولو عرف ان له عوضا لم ينتفع به ، فلو لم يرجع يلزم الظلم والغرم عليه مع كونه جاهلا من جهة البائع العالم الغاصب ، دونه وقد مرّ هناك أيضا.

وهذا كله ظاهر ، واما وجوب كون العقر هو المذكور ، فهو المشهور ، ومستنده الرواية المذكورة في باب التدليس ، وهي صحيحة العباس بن وليد بن صبيح

__________________

(١) حيث قال العلامة قدس سره في المتن : وهل يرجع بما حصل له في مقابلته نفع كالسكنى والثمرة واللبن وشبهه؟ قولان.

٢٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الثقة (١) عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل تزوج امرءة حرة ، فوجدها امة قد دلست نفسها له؟ قال : ان كان الذي زوجها إياه من غير مواليها فالنكاح فاسد ، قلت : فكيف يصنع بالمهر الذي أخذت منه؟ قال : ان وجد مما أعطاها شيئا فليأخذه ، وان لم يجد شيئا فلا شي‌ء له عليها ، وان كان زوجها إياه ولي لها ، ارتجع على وليها بما أخذت منه ، ولمواليها عليه عشر قيمتها (ثمنها ئل) ان كانت بكرا ، وان كانت غير بكر فنصف عشر قيمتها بما استحل من فرجها ، قال : وتعتد منه عدة الأمة ، قلت : فان جاءت بولد؟ قال : أولادها منه أحرار إذا كان النكاح بغير إذن الموالي (٢).

وهذه وان كانت في غير ما فرضناه ، وفي متنها شي‌ء الا انه عممها الأصحاب ، وان الظاهر عدم الفرق بين موردها وما نحن فيه ، لأن المأخوذ بسبب الدخول بالبكر أو الثيب مع جهل الواطي بالحال ، بل الظاهر هنا ثبوت ذلك بالطريق الأولى ، لان المولى ليس له علم ، وفي المورد كان المدلس هو المولى على الظاهر ، الا ان يحمل على كون المدلس هي ، ولكن المزوج هو المولى كما هو الظاهر من أول الرواية ، فتأمل.

وتدل على رد الجارية إلى صاحبها مع قيمة الولد والرجوع الى البائع بها (فيها خ ل) وبالثمن.

صحيحة جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل يشتري الجارية من السوق ، فيولدها ثم يجي‌ء مستحق الجارية؟ فقال : يأخذ الجارية المستحق ويدفع اليه المبتاع قيمة الولد ويرجع على من باعه بثمن الجارية وقيمة

__________________

(١) هكذا في الكافي ، ولكن في الوسائل والتهذيب هكذا (العباس بن وليد عن الوليد عن أبي عبد الله عليه السّلام).

(٢) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٦٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ١.

٢٨٩

ولو كانت الجارية سرقت من ارض الصلح ردها على البائع أو وارثه واستعاد الثمن ، ولو فقد الوارث سلمت الى الحاكم ولا تستسعى في ثمنها على رأى.

______________________________________________________

الولد التي أخذت منه (١).

ومثلها رواية أخرى (٢).

وكأن في الرجوع بقيمة الولد على البائع إشارة إلى الرجوع اليه بما انتفع في مقابله ، لان الولد نفع عظيم ، ومع ذلك رجع الى ما دفع عوضا له.

ولا يدل السكوت عن غرم العقر على عدم وجوبه على المشتري الواطي ، لثبوته عند الأصحاب بدليل آخر مثل ما تقدم.

وقيل : يجب عليه مهر أمثالها للمالك ، والأصل ، والندرة ـ مع عدم ظهور دليل ، مع ظهور ما تقدم ـ دليل العدم ، فتأمل.

واما حال العلم ، فيعلم مما تقدم فيما أشرنا إليه فيما قبل الركن الثالث ، في شرح قوله : «ولو باع غير المملوك إلخ» من لزوم كون الولد رقا لمولى الجارية ، وغير ذلك ، فتأمل.

قوله : «ولو كانت الجارية إلخ» دليل وجوب ردها إلى البائع مع كونها مملوكة من ارض الصلح.

رواية مسكين السمان (في الصحيح) عن أبي عبد الله قال : سألته عن رجل اشترى جارية سرقت من ارض الصلح؟ قال : فليردها على الذي اشتراها منه ، ولا يقربها ان قدر عليه أو كان موسرا ، قلت : جعلت فداك فإنه قد مات ومات

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٨٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٥.

(٢) الوسائل ، ج ١٤ كتاب النكاح ، الباب ٨٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٣ وفي الباب روايات أخر بهذا لمضمون.

٢٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

عقبه؟ قال : فليستسعها (١).

وقد عمل بها البعض فأيدت بالعمل ، الا ان مسكين مجهول ، ومضمونه خلاف القوانين ، ولهذا قال البعض : يجب ردها الى المالك وورثته بعده ، ثم الى الحاكم لانه وكيل الامام عليه السّلام ، وهي حينئذ ماله عليه السلام فيفعل بها ما يفعل بسائر أمواله التي استورثها ممن لا وارث له ، وهو الظاهر.

ولا تستسعى ، إذ لا دليل على الاستسعاء الا هذه الرواية وقد عرفت حالها من الضعف ، وفي متنها أيضا شي‌ء وانها مخالفة للقوانين ، إذ تحصيل الثمن الذي أعطاه إلى البائع السارق ، من مال المسروق منه بعيد جدا.

ولكن يلزم من العمل بها القول بذلك أيضا ، لوجوده فيها ، الا ان المصنف رحمه الله رده (٢) مع القول بمضمونها في الجملة ، فكأنه رآه غير معقول أصلا ، فتأمل.

وقيل بوجوبه كما هو ظاهرها.

والظاهر تركها بالكلية والعمل بالأدلة ، ولكن يلزم ان يذهب ثمن المشتري ان لم يقدر على السارق البائع ولا محذور في ذلك وهو ظاهر.

ويمكن حمل الرواية على صيرورة السارق البائع مالكا لها بشراء أو إرث أو هبة ونحوها ، فلا يبعد حينئذ الاستسعاء في ثمنها ، لانه نوع مقاصة ، فإنه تعذر أخذ الثمن ، بل لا يستبعد بيعها في ذلك ، وتملكها مقاصة مع التعذر ، وينبغي استيذان الحاكم لو أمكن ، والا بنظارة العدول للتقويم.

والحمل بعيد ، وقد تصدى لتوجيه ظاهرها بعض ، وليس بتمام ، فالترك اولى لما مرّ.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٣ كتاب التجارة ، الباب ٢٣ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ١.

(٢) اي الاستسعاء.

٢٩١

ولو وطئ احد الشريكين سقط عنه الحد مع الشبهة ، والا قدر (بقدر خ) نصيبه.

______________________________________________________

قوله : «ولو وطئ احد الشريكين إلخ» دليل عدم وجوب الحد مع الشبهة ، هو الأصل ، وعدم تحقق الزنا ، وادرءوا الحدود بالشبهات.

ودليل سقوط ما يقابل ملكه فيها من الحد ، هو عدم تحقق الزنا في الكل ، ولهذا لا يسترق ولدها مع علمه بالتحريم المقتضى للرقبة.

واما دليل ضرب الباقي الذي ليس بنصيبه مع علمه بالتحريم من غير شبهة ، فكأن كونه زنا بالنسبة إلى حصة الشريك حينئذ ، ولانه لو لم يحدّ في مثله يلزم الفساد ، وهو ظاهر ، فيجب سد هذا الباب ودفع المفاسد.

وأيضا يدل عليهما رواية عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجال اشتركوا في أمة فأتمنوا بعضهم على ان تكون الأمة عنده فوطئها؟ قال : يدرأ عنه من الحد بقدر ماله فيها من النقد ويضرب بقدر ما ليس له فيها ، وتقوم الأمة عليه بقيمة ويلزمها ، وان كانت القيمة أقل من الثمن الذي اشتريت به الجارية ألزم ثمنها الأول ، وان كانت قيمتها في ذلك اليوم الذي قومت فيه أكثر من ثمنها الزم ذلك الثمن وهو صاغر ، لانه استفرشها ، قلت : فإن أراد بعض الشركاء شرائها دون الرجل؟ قال : ذلك له ، وليس له ان يشتريها حتى تستبرأ ، وليس على غيره ان يشتريها إلا بالقيمة (١).

وهي ضعيفة باشتراك يونس ومجهولية إسماعيل بن مرار (٢) مع مخالفتها للقوانين أيضا كما مرّ ، ولعل لا خلاف فيه مستندا الى ما تقدم.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٣ كتاب التجارة ، الباب ١٧ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ١.

(٢) سند الحديث كما في الكافي : (علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن يونس عن عبد الله بن سنان).

٢٩٢

فان حملت قوم عليه حصص باقي الشركاء من الام والولد يوم سقوطه حيا.

______________________________________________________

ومعلوم ان المراد بالحد ، هو الجلد ، لعدم تبعيض الرجم ، فكان الإحصان الموجب له لا يتحقق في الشركة ، لعدم كونه زنا في الكل ، وإذا احتيج الى تبعيض الواحد فيحتمل باعتبار مقدار السوط ، أو كيفية الضرب ، فتأمل.

قوله : «فان حملت قوم عليه إلخ» دليل تقويم الأمة ، انها صارت أم ولد للواطي ، فيجب ان يكون بحيث لا يمكن بيعها ، وتنعتق بموت مولاها ، فيرد على الشركاء قيمة حصصهم ، لان الحمل بمنزلة إتلاف العين ، والولد انه حر (١) حصل من امة للغير فيها حصة ، فوجب عليه قيمته يوم ولد حيا.

وهو ظاهر في صورة الجهل مما تقدم.

واما مع العلم فيقتضي القاعدة ان يكون حصص الشركاء رقا لهم ، فلا يكون كله حرا ، ويمكن التقويم حينئذ من جهة السراية ان قيل بها في مثله ، فإنه فهري ، وقد اشترط فيها الاختيار ، وسيجي‌ء تحقيقه ان شاء الله تعالى.

وظاهر كلام الأصحاب ان كله حر ، ويقوم ويعطي حصة الشركاء إياهم.

ثم ان الظاهر انه ينبغي إيقاع البيع لتنتقل اليه ، ويحتمل كون التقويم وحده ، أو مع الضمان ، أو الدفع كافيا.

والظاهر ان القيمة هي أكثر القيم من حين الحمل الى زمان الانتقال ، لا باعتبار السوق ، ويحتمل حين الحمل لانه وقت الإتلاف.

والأول أظهر ، لأنه لو زاد زاد في ملك الأول ، ومعلوم ان قيمة الولد إنما تعطى إذا لم يقوم حاملا.

__________________

(١) عطف على قوله (الأمة) يعني تقويم الولد انه حر.

٢٩٣

ولو اشترى عبدا في الذمة فدفع اليه عبدين ليتخير أحدهما ، فأبق واحد منهما ضمن التالف بقيمته وطالب بما اشتراه.

______________________________________________________

وانه لا بدّ من العقر لحصة الشركاء العشر أو نصفه.

وفي أرش البكارة تأمل ، والظاهر العدم لدخوله تحت عقر البكر ، فتأمل ، وكذا في غير هذه ، ولهذا سكت عنه الأكثر.

قوله : «ولو اشترى عبدا في الذمة إلخ» أي لو اشترى شخص من آخر عبدا موصوفا غير معين ، فدفع البائع إليه عبدين بالوصف ليختار أحدهما ، فأبق أحدهما بعد ان وصل الى المشتري ، من عنده ، قيل : يضمن ذلك العبد الآبق بقيمته ، بناء على ان المقبوض بالسوم مضمون ، على ما هو المشهور عندهم ، وان لم يكن دليله واضحا.

هذا ان لم يقصر ، فان قصر في الحفظ فالضمان ظاهر ، ويطلب ما اشتراه ، فان اختار الآبق أو الموجود فهو له ، والآخر للمالك.

وليس له عدم الرضا ان كان بالوصف ، وله طلب الموصوف ، بل يمكن عدم الضمان أيضا مع عدم التفريط ان لم يكن بالوصف ، لعدم كونه بالوصف ، فلا يكون مأخوذا بالسوم ، بل معه أيضا ، لعدم معلومية صدق المأخوذ بالسوم ، إذ قد لا يكون هو راضيا ببعث الاثنين ، هذا.

ولما كان مقتضى رواية محمد بن مسلم غير موافقة للأصول ، مع عدم الصحة ، ما ذهب هنا إليها.

رواها الشيخ في التهذيب عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام عن رجل اشترى ، وفي الكافي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن رجل اشترى من رجل عبدا وكان عنده عبدان ، فقال للمشتري : اذهب بهما فاختر أيهما شئت ورد الأخر ، وقد قبض المال ، فذهب (وذهب ئل) بهما المشتري فأبق أحدهما من عنده؟ قال : ليرد الذي عنده منهما ويقبض نصف الثمن ممّا أعطى

٢٩٤

ولو دفع الى مأذون مالا ليشتري نسمة ويعتقها ويحج بالباقي فاشترى أباه ، ثم ادعى كل من مولاه ومولى الأب وورثة الآمر شراءه من ماله حكم به لمولى المأذون ، الا ان يقيم احد الآخرين البينة بما ادعاه.

______________________________________________________

من البيع (البائع خ ل ئل) ، ويذهب في طلب الغلام ، فان وجده يختار (اختار كا) أيهما شاء ورد النصف الذي أخذه ، وان لم يجد (يوجد كا) كان العبد بينهما نصفه للبائع ونصفه للمبتاع (١).

وقد عمل بها البعض كالشيخ وجماعة ، وفي مضمونها تأمل واضح ، لأنها مخالفة للأصول من وجوه ، لهذا تصدى الأصحاب لتأويلها لتوافقها.

وفي التأويلات أيضا تأمل ، والاولى تركها لعدم الصحة والعمل بأصول وقوانين المذهب ، وهو ظاهر وقد علم ، فتأمل.

قوله : «ولو دفع الى مأذون مالا إلخ» أي لو دفع شخص الى عبد مأذون في المعاملة والتجارة مالا واوصى بان يشتري به مملوكا ويعتق ويعطى الباقي ليحج عن الموصى ، فمات الموصى ، فاشترى المأذون أباه ، وأعتقه وأعطاه الباقي حتى حج ، ثم يدعى مولى المأذون أن الأب مملوك له لان عبده المأذون اشتراه ، ومولى الأب يدعى انه قد اشتراه بمالي ، بأن يكون وكيلا له أيضا بالاذن وله عنده مال ، أو انه أخذ الأب من مالي وأعطاه ابنه ليشتريه وغير ذلك ، وورثة الموصى انه اشترى بما دفعه الى المأذون مورثنا ، فهو اشترى بمالنا.

ففي رواية ابن أشيم عن أبي جعفر عليه السّلام عن عبد لقوم مأذون له في التجارة دفع اليه رجل ألف درهم فقال له : اشتر بها نسمة وأعتقها عني وحج عني بالباقي ، ثم مات صاحب الالف فانطلق العبد فاشترى أباه فأعتقه عن الميت ودفع إليه الباقي يحج عن الميت ، فحج عنه ، فبلغ ذلك موالي أبيه ومواليه وورثة الميت

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٣ كتاب التجارة ، الباب ١٦ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ١.

٢٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

جميعا فاختصموا جميعا في الألف ، فقال موالي العبد المعتق : انما اشتريت أباك بمالنا ، وقال الورثة ، إنما اشتريت أباك بمالنا ، وقال مولى العبد : انما اشتريت أباك بمالنا؟ فقال أبو جعفر عليه السلام : اما الحجة فقد مضت بما فيها لا ترد ، واما المعتق فهو رد في الرق لموالي أبيه ، واي الفريقين بعد ، أقاموا البينة انه اشترى أباه من أموالهم كان له رقا (١).

وقد عمل الشيخ بمضمونها ، ولما كان فيه تأمل.

من جهة كون ان ظاهرها انه مأذون في التجارة فقط ، فكيف يصح له ان يكون وكيلا من غير اذن المولى.

وان يحج بنفسه فكيف يستأجر الغير.

وانه كان وكيلا له فكيف يفعل ما فعل بعد موته.

وانه فعله بالألف الذي أخذ من الأمر فكيف يتصور الدعوى المذكورة.

وانه ما كان لمولى الأب شيئا (شي‌ء ظ) في يد المأذون ولا هو وكيل له.

وانه لا يمكن شراء مال شخص ، منه بماله فكيف يدعى ذلك.

ومن جهة انه كيف يكون الحج صحيحا مع الحكم بان العبد لمولى العبد من غير اذنه فيه.

ومن جهة ان ظاهره ان ليس للورثة عليه شي‌ء مع تحقق تسلمه المال.

ومن جهة ان مولى الأب مع بعد دعواه كيف حكم بان العبد له والشراء بماله ، على ان العبد وما في يده يكون لمولاه.

وان كان يمكن دفعها بتصرف ما ، مثل ان المراد بدعوى مولى الأب بالشراء عدم صحة بيع الغير ، بل بقاءه في ملكه فيكون له حتى يثبت الغير ، وكذا

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٣ كتاب التجارة ، الباب ٢٥ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ١ وراجع عوالي اللئالي ج ٢ ص ٢٥٠ الحديث ٢٢.

٢٩٦

ولو اشترى كل من المأذونين صاحبه من مولاه صح عقد السابق ولو اقترنا بطلا.

______________________________________________________

الباقي ، الا انها تأويلات بعيدة في خبر مخالف للقوانين.

وضعيف لجهل صالح بن رزين وابن أشيم ، كأنه علي بن احمد بن أشيم المذكور في الخلاصة ، ورجال ابن داود انه مجهول (١) وقال في شرح الشرائع : ان ابن أشيم غال ، وهو اعرف.

فالحكم بما هو مقتضى القوانين انه إذا حصل الدعوى في العبد الذي اشتراه المأذون المذكور ، فهو رق لمولى المأذون ، لأنه مال في يد عبده فهو له كالعبد كما إذا كان هو المشتري وسلم له ذلك المال ، ولهما يمين عليه مع عدم البينة ، ومع إقامتهما فقط البينة ينظر الى الترجيح وبعد التساوي من جميع الوجوه ، يمكن ترجيح ورثة الآمر بأصل صحة البيع ، وبان مولى الأب بمنزلة الداخل حيث يدعى بقاه على رقه وعلى تقدير اقامة الكل البينة ، فيحتمل ذلك أيضا ، مع القول بتقديم بينة الخارج ، والا فهو لمولى المأذون للتساقط بالتعارض.

ويحتمل أخذه منه لحصول الشهود الأربعة بأنه ليس له ، ويحكم لمن تخرجه القرعة بعد اليمين من المدعيين.

والمصنف سكت عن حال الحجج ، ودعوى الورثة على العبد فان كان ثابتا وعينا ، يؤخذ ويعمل بالوصية مع الثبوت ، وان كان في الذمة ينتظر العتق ، الا ان يعلم صرفه للموالي بإذنهم.

وبالجملة دعواهم وحكمه معلومان ، ولا يحتاج الى الذكر هنا.

قوله : «ولو اشترى كل من المأذونين إلخ» دليل صحة الشراء السابق ظاهر ،

__________________

(١) سند الحديث كما في التهذيب (الحسين بن سعيد عن ابن محبوب عن صالح بن رزين عن ابن أشيم عن أبي جعفر عليه السلام).

٢٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

لانه عبد مأذون في التجارة مطلقا واشترى عبدا من مولاه للتجارة.

واما بطلان اللاحق ، فلان العبد المشتري لاحقا صار ملكا لغير الاذن له ، فلا يصح شراؤه له ، وهو أيضا ظاهر.

واما بطلانهما إذا اقترنا وهو باعتبار القبول ، فكأنه لخروج العبد عن ملك الاذن حين التكلم بالكلمة الأخيرة (بالتكلم الأخير خ ل) فحينئذ لا يكون وكيلا ولا مأذونا ، فلا يصح شراؤه له.

ولأن المالك إذا تصدي لبيعه وتكلم بالإيجاب فكأنه عزله عن الوكالة وأخرجه عن كونه مأذونا كما هو المتبادر ، والظاهر ، فلا يصح شراء أحدهما.

وبالجملة صحة الشراء موقوفة على بقاء الوكالة ، وهو غير ظاهر حينئذ.

ويمكن الرجوع الى الموليين ، فمن عزله لا يصح ، ومن لا فلا.

ومع الاشتباه والغفلة يمكن ان يقال بالصحة ، لأصل البقاء ، والظاهر انه حين إيقاع الصيغة كان وكيلا ، وان خرج عن الوكالة والملكية بعدها بلا فصل ، فلا يبعد صحة العقدين حينئذ ، فينتقل كل الى مولى الأخر ، فتأمل.

ولكن قال في التذكرة : دليل البطلان معا ، ان حالة شراء كل واحد منهما لصاحبه ، هي حالة بطلان الاذن (١).

والظاهر ان الشراء مقدم ، نعم وقت الانتقال الى ملك الغير بعد الشراء ، اي وقوع الصيغة وقت البطلان ، والظاهر انه مع ذلك بينهما ترتب عقلي ، وذلك كاف ، لأن الإذن شرط في موجب الانتقال ، لا فيه ، وهو التكلم بالصيغة لا غير.

وأيضا الأصل الصحة مع وجود الصيغة والشرائط الموجبة للصحة.

__________________

(١) عبارة التذكرة هكذا (وان اقترن العقدان في وقت واحد بطلا ، لان حالة شراء كل واحد منهما لصاحبه هي حالة بطلان الاذن من صاحبه له (ج ١ ص ٤٩٩).

٢٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

واعلم انه يفهم من التذكرة الفرق بين الاذن والوكالة.

وان في عدم بقاء الوكالة للمملوك تأملا دون اذنه.

وانه على تقدير الوكالة يصح العقد ان قيل بعدم بطلان الوكالة بالبيع ، لانه يفهم ان الاذن يبطل البيع جزما ، وفي بطلان الوكالة تأمل يحتمل البقاء والصحة مع انتقاله الى الغير ، فيصح وكالته من دون اذن مولاه الجديد.

وما يفهم الفرق بينهما ، الا ان يقال : الاذن ما يفهم جواز التصرف معه ما دام عبدا مأذونا ، بخلاف الوكالة ، وذلك يفهم من قصده وكلامه.

وهذا تصرف في مفهوم الوكالة والاذن معا بالتخصيص.

ثم التردد في بقاء الوكالة وعدمه في الاذن ، فإن الظاهر ان بقائهما يحتاج إلى اذن المولى الجديد.

ثم صحة العقد على تقدير عدم بطلانها ظاهرة ، لكن بقائها غير ظاهر ، لان الظاهر انها موقوفة على اذن المولى الجديد ، فتأمل.

وقال أيضا : ما نريد ببطلان العقد فساده ، بل هما موقوفان مثل الفضولي.

وذلك غير بعيد فان جوزا صحا ، والا فالمجوز دون الأخر.

ويؤيد ما ذكره في أصل المسألة من صحة السابق وبطلان المقترن رواية أبي خديجة (الا انها مخالفة لبعض القوانين ، مع ضعفها بابي خديجة ومعلى بن محمد وغيره (١).

عن أبي عبد الله عليه السلام في رجلين مملوكين مفوض إليهما ، يشتريان ويبيعان بأموالهما ، وكان بينهما كلام ، فخرج هذا يعدو الى مولى هذا ، وهذا الى مولى هذا ، وهما في القوة سواء ، فاشترى هذا من مولى هذا العبد وذهب هذا فاشترى هذا من مولى هذا العبد الآخر ،

__________________

(١) سند الحديث كما في الكافي (الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي عن احمد بن عائذ عن أبي سلمة (خديجة يب) عن أبي عبد الله عليه السلام.

٢٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

فانصرفا الى مكانهما ، فشبث كل واحد منهما بصاحبه ، وقال له : أنت عبدي قد اشتريتك من سيدك؟ قال : يحكم بينهما من حيث افترقا ، يذرع الطريق ، فأيهما كان أقرب فهو الذي سبق الذي هو أبعد ، وان كانا سواء فهما ردا (١) على مولاهما ، جاءا سواء وافترقا سوآء ، الا ان يكون أحدهما سبق صاحبه ، فالسابق هو له ، ان شاء باع وان شاء أمسك وليس له ان يضرّ به (٢).

ثم قال الشيخ عقيبها (٣) : وفي رواية أخرى : إذا كانت المسافة سواء ، يقرع بينهما فأيهما وقعت القرعة له (به خ) كان عبدا (٤) للآخر (٥).

قال في التذكرة : الرواية بالقرعة لم نقف عليها ، لكن الشيخ رحمه الله ذكر هذا الإطلاق في النهاية والتهذيب (٦).

والظاهر ان القرعة لاستخراج الواقع أولا مع علم المتقدم واشتباه تعيينه ، أو مع الشك في التقدم وعدمه ، اما مع الاقتران فلا وجه للقرعة (٧).

هذا كلام معقول ، ولكن ظاهر كلام الشيخ ان القرعة في المساواة ، الا انه قد يظهر من رواية أبي خديجة انه حينئذ يكون الاقتران ، ولكنه ليس بلازم وهو ظاهر ، ولكن ينبغي ضرب القرعة بحيث يطلع المتقدم لو كان والاقتران الموجب للبطلان أيضا وهو ظاهر ، فيكون ثلاثا ، أحدها المتقدم والآخر المتأخر والآخر المقترن.

ولا يخفى ان ظاهر رواية أبي خديجة ان الشراء للعبدين أنفسهما ، وكذا ظاهر رواية

__________________

(١) فهو رد ـ كا وخ ل يب.

(٢) الوسائل ، ج ١٣ كتاب التجارة ، الباب ١٨ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ١.

(٣) وكذلك في الكافي أيضا.

(٤) كان عبده كا.

(٥) الوسائل ، ج ١٣ كتاب التجارة ، الباب ١٨ من أبواب بيع الحيوان ، الحديث ٢.

(٦) لا يخفى ان هذه الرواية لم يذكرها الشيخ فقط ، بل نقلها الكليني في الكافي ، وانما نقلها الشيخ عن الكافي فلاحظ (باب نادر من كتاب المعيشة ج ٥ ص ٢١٨ ذيل حديث ٣.

(٧) الى هنا كلام التذكرة.

٣٠٠