مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

لا يوجب ذلك ، لمواظبتهم على الاستحباب ، فلا تأسي : فإن ذلك (١) بعد العلم بالوجه ، وهو منتف ، فينتفى : وفعلهم مع القرينة يفيد الاستحباب ، وبدونها الإباحة ، كما حقق في محله : وما ثبت (صلوا كما رأيتموني أصلي) (٢) في المندوبات أيضا.

ويؤيده جواز فعله جالسا ، بل مضطجعا وراكبا بغير القبلة : وكذا ماشيا سفرا وحضرا ، بغير القبلة : ويدل على ذلك رواية الحلبي ، أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة النافلة على البعير والدابة؟ فقال : نعم ، حيث ما كنت متوجها ، قال : فقلت : على البعير والدابة؟ قال : نعم ، حيث ما كنت متوجها ، قلت : استقبل القبلة إذا أردت التكبير؟ قال : لا ، ولكن تكبر حيث ما كنت متوجها ، وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وآله (٣).

وليس من (قلت. الى. متوجها) في التهذيب ، وقال : في المنتهى انها صحيحة : وهي في التهذيب كذلك : وفي طريق الكافي ، محمد بن سنان عن ابن مسكان (٤) ومحمد ضعيف : والظاهر ، ان ابن مسكان ، هو عبد الله الثقة ،

__________________

(١) أي دلالة فعلهم عليهم السلام على الوجوب ، بعد العلم بوجه الفعل ، والعلم بوجه الفعل في المقام منتف ، فينتفى الوجوب.

(٢) صحيح البخاري ، باب الأذان للمسافر قال : حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : حدثنا مالك : أتينا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ونحن شبيبة متقاربون ، فأقمنا عنده عشرين يوما وليلة ، وكان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم رحيما رفيقا ، فلما ظن انا قد اشتهينا أهلنا ، أو قد اشتقنا ، سألنا عمن تركنا بعدنا؟ فأخبرناه ، قال : ارجعوا الى أهليكم فأقيموا فيهم ، وعلموهم ، ومروهم ، وذكر أشياء احفظها ، أولا احفظها : وصلوا كما رأيتموني أصلّي ، فإذا حضرت الصلاة ، فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم اكبركم.

وفي مسند احمد بن حنبل ، ج ٥ ص ٥٣ : عن مالك بن حويرث ، وهو أبو سليمان : أنهم أتوا النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ، هو وصاحب له ، فقال : أحدهما ، صاحبين له ، أيوب أو خالد ، فقال : لهما إذا حضرت الصلاة ، فأذنا واقيما وليؤمكما اكبركما : وصلوا كما رأيتموني أصلي.

وقال في الفصل التاسع من غوالي اللئالى : وروى أبو قلابة ، قال : جاءنا مالك بن الحويرث فصلى في مسجدنا ، فقال : والله انى لا صلى وما أريد الصلاة ، ولكني أريد أن اريكم كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى ، قال : وكان مالك ، إذا رفع رأسه من السجدة الأخيرة في الركعة الأولى ، استوى جالسا ثم قام واعتمد على الأرض ، وقال : قال النبي صلى الله عليه وآله : صلوا كما رأيتموني أصلي.

(٣) الوسائل باب ١٥ من أبواب القبلة حديث ـ ٦ ـ ٧.

(٤) سند الحديث في الكافي هكذا (محمد بن يحيى ، عن احمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن

٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

عن الحلبي.

وصحيحة صفوان عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : صل ركعتي الفجر في المحمل (١).

وصحيحة يعقوب بن شعيب.

قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلى على راحلته؟ قال : يومي إيماء ، يجعل السجود اخفض من الركوع : قلت يصلى وهو يمشى؟ قال : نعم يومي إيماء وليجعل السجود اخفض من الركوع (٢) وحسنة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلى النوافل في الأمصار ، وهو على دابته حيث ما توجهت به؟ قال : لا بأس (٣).

وظاهر هذه الاخبار عام في السفر والحضر ، وفي البعض تصريح بالماشى ، فلا اختصاص بالسفر والركوب ، والاخبار كثيرة صحيحة.

والظاهر انه لو تيسر التوجه حال التكبير إلى القبلة ، فالأولى عدم الترك ـ (وان جاز الترك على ما دل عليه العموم ، وخصوص رواية الحلبي (٤) لصحيحة عبد الرحمن بن أبي نجران قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة بالليل في السفر في المحمل؟ قال : إذا كنت على غير القبلة فاستقبل القبلة ثم كبر وصل حيث ذهب بك بعيرك ، قلت : جعلت فداك في أول الليل؟ فقال : إذا خفت الفوت في آخره (٥) اى يجوز في أول الليل إذا خفت فوتها في آخر الليل بنوم ونحوه.

بل لا يبعد أولوية عدم ترك القبلة في الكل ، لما يفهم من سوق هذا

__________________

ابن مسكان عن الحلبي) وفي التهذيب هكذا (احمد بن محمد ، عن على بن النعمان : ومحمد بن سنان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن الحلبي).

(١) الوسائل باب ٣٣ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ، حديث ـ ١.

(٢) الوسائل باب (١٥) من أبواب القبلة حديث ـ ١٥ ـ وأورد ذيله في باب (١٦) من هذه الأبواب حديث ـ ٤ ـ

(٣) الوسائل باب (١٥) من أبواب القبلة حديث ـ ١ ـ

(٤) الوسائل باب (١٥) من أبواب القبلة حديث ـ ٦ ـ ٧ ـ

(٥) الوسائل باب (١٥) من أبواب القبلة حديث ـ ١٣ ـ

٦٢

ولا يجوز ذلك في الفريضة إلّا مع العذر ، كالمطاردة

______________________________________________________

الخبر ، ولأن القبلة أشرف ، وشرط في الجملة : ويحمل غيرها على الرخصة والتجويز : ويدل عليه صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام قال : سألته عن صلاة النافلة في الحضر على ظهر الدابة إذا خرجت قريبا من أبيات الكوفة ، أو كنت مستعجلا بالكوفة؟ فقال : ان كنت مستعجلا لا تقدر على النزول ، وتخوفت فوت ذلك ان تركته وأنت راكب ، فنعم : والا فإن صلاتك على الأرض أحب الى (١) ويفهم منه انه متى تيسر مع الشرائط التامة فهو أفضل.

واما الفرائض على الراحلة وماشيا حال الاضطرار : فيؤتى بها على ما أمكن : واما اختيارا ماشيا ، وعلى الراحلة حال السير ، والوقوف بحيث لا يؤمن من التحرك ، فالظاهر عدم الجواز عليها ، بل حين عدم التحرك أيضا بل كاد ان لا يكون فيه خلاف.

واما المعقولة بحيث يؤمن من تحركها ويستوفى الافعال ، والأرجوحة (٢) كذلك ، فقال المصنف في المنتهى (٣) : بعدم جواز الفريضة عليهما اختيارا : واستدل الشارح على عدم الجواز على الراحلة مطلقا ، معقولة وغيرها ، بصحيحة عبد الرحمن عن الصادق عليه السلام : لا يصلي على الدابة الفريضة إلّا مريض يستقبل به القبلة (٤)

قال : ووجه عمومها الاستثناء المذكور : قال : من الاخبار الشاملة لما ذكر وللمعقولة ،

قال : فالقول بالفرق ضعيف.

وهذه الصحيحة رأيتها في الأصول في آخر باب صلاة المضطر من الزيادات ، وتتمتها (ويجزيه فاتحة الكتاب ، ويضع بوجهه في الفريضة على ما أمكنه من شي‌ء ويومي في النافلة إيماء).

__________________

(١) الوسائل باب (١٥) من أبواب القبلة حديث ـ ١٢ ـ

(٢) في حديث عائشة وزواجها (انها كانت على أرجوحة) الأرجوحة حبل يشد طرفاه في موضع عال ثم يركبه الإنسان ويحرك وهو فيه : النهاية لابن أثير.

(٣) قال في المنتهى السادس : البعير المعقول والأرجوحة المعلقة بالحبال لا يصح الفريضة فيهما مع الاختيار ، لأنهما لم يوضعا للقرار بخلاف السفينة الجارية والواقفة لأنها كالسرير والماء كالأرض انتهى

(٤) الوسائل باب (١٤) من أبواب القبلة حديث ـ ١ ـ

٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ولكن صحتها غير واضحة ، لاشتراك عبد الرحمن : وان كان ، ابن أبي عبد الله بدل ، عن أبي عبد الله ، كما في بعض النسخ ، فيكون مضمرة (١) وعمومها غير مسلم بالنسبة إلى الدابة وأحوالها من العقل وغيره.

نعم ، الاستثناء يدل على العموم في المصلى : إذا لو كان تقدير الكلام : لا يصلى على الدابة الغير المعقولة ، أو لا يصلى عليها على جميع أحوالها ، إلا مريض ، لصح الكلام من غير قصور ، فلا يكون الاستثناء دليل عمومها (٢).

وما رأيت شيئا يدل على العدم ، إلا رواية النضر عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : لا تصلى شيئا من المفروض راكبا ، قال النضر في حديثه : الّا ان يكون مريضا (٣) وصحتها غير واضحة (٤).

ورواية سليمان بن صالح ، وهي ضعيفة ، وفي الدلالة مثلها (٥).

على ان الظاهر من الركوب ، هو المتعارف المتداول من غير عقل ، وعدم استيفاء الافعال ، فيشكل جعلها دليلا ، وردّ الأصل ، والحكم بالتحريم ، وبعدم الصحة : بمثلها.

كأنه لذلك ما استدل في المنتهى والذكرى بالأخبار على هذا المدعى : على انه روى في التهذيب في صلاة السفر من الزيادات رواية على بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال : سألته عن رجل جعل لله عليه ان يصلى

__________________

(١) سند الحديث كما في التهذيب في آخر باب صلاة المضطرب من الزيادات هكذا (سعد ، عن احمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن حماد بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه السلام) فعلى هذا لا تكون الحديث مضمرة.

(٢) وحاصل الكلام : ان هنا عمومين : أحدهما بالنسبة الى المصلى ، وثانيهما بالنسبة إلى أحوال الدابة من المعقولة وغيرها ، والعموم الأول مسلم ، دون الثاني.

(٣) الوسائل باب (١٤) من أبواب القبلة حديث ـ ٧ ـ

(٤) وسندها كما في التهذيب هكذا (محمد بن على بن محبوب ، عن احمد بن الحسن (الحسين خ ل) عن النضر ، عن ابن سنان ، عن ابى عبد الله عليه السلام).

(٥) أوردها في الكافي ، في باب بدء الأذان والإقامة : وسندها ومتنها هكذا (محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن سليمان بن صالح ، عن ابى عبد الله عليه السلام ، قال : لا يقم أحدكم الصلاة وهو ماش ، ولا راكب ، ولا مضطجع ، الّا ان يكون مريضا ، وليتمكن في الإقامة كما يتمكن في الصلاة ، فإنه إذا أخذ في الإقامة فهو في الصلاة).

٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

كذا وكذا هل يجزيه ان يصلى ذلك على دابته وهو مسافر؟ قال : نعم (١) وفي الطريق محمد بن أحمد العلوي ، ما أعرفه الآن (٢) : لكنهم قالوا : طريقه فيه اليه صحيح ، فيحتمل الصحة ، وهي ظاهرة في جواز صلاة النذر على الدابة ، ولا فرق بين الفرائض : فأقل الحال ان يحمل على المعقولة ، للجمع : وورد في الاخبار الصحيحة : صلى رسول الله صلى الله عليه وآله على راحلته الفريضة في يوم مطير (٣) وظاهر مثلها فيما ذكرناه ، بان قد يكون في المعقولة ، حيث انها غير مقيدة بالضرورة (٤) ، ومجرد المطر وبلة الأرض ليس بضرورة مجوزة ، فيكون إشارة الى ان مع عدم الضرورة الاولى هو الترك ، الله يعلم.

ورأيت خبرا صحيحا دالا على جواز الفريضة في مثل الأرجوحة : وهي رواية على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال سألته عن الرجل هل يصلح له ان يصلى على الرف المعلق بين نخلتين؟ فقال : ان كان مستويا يقدر على الصلاة فيه فلا بأس (٥) وترك التفصيل يدل على العموم : قال في الذكرى : وهذه تعطى جواز الصلاة في الأرجوحة.

واما الصلاة في السفينة : فان لم يمكن الخروج ، لا كلام في صحة الصلاة فيها ، والصلاة مهما أمكن قياما أو قعودا ، ويتحرى القبلة ، ويدور معها إلى القبلة حيث أمكن : ويدل عليه الاخبار أيضا (٦) ، مع وضوحه ، وكذا لا كلام (٧). بشرط استقرارها ووقوفها بالكلية وعدم التحرك أصلا.

واما حال السير مع الإمكان : فالقوانين الفقهية تقتضي الخروج ، والصلاة في مكان مستقر ، والى القبلة : ويدل عليه حسنة حماد بن عيسى ،

__________________

(١) الوسائل باب (١٤) من أبواب القبلة حديث ـ ٦ ـ

(٢) وسنده كما في التهذيب هكذا (محمد بن على بن محبوب عن محمد بن أحمد العلوي ، عن العمركي البوفكي عن على بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام.

(٣) الوسائل باب (١٤) من أبواب القبلة حديث ـ ٥ ـ ٨ ـ ٩ ـ

(٤) ولكن في مكاتبة الحميري الى أبي الحسن عليه السلام قيد الحكم بالضرورة الشديدة راجع الوسائل باب ١٤ من أبواب القبلة حديث ـ ٥ ـ

(٥) الوسائل باب (٣٥) من أبواب مكان المصلى حديث ـ ١ ـ

(٦) الوسائل باب (١٣) من أبواب القبلة فراجع.

(٧) يعنى لا كلام في صحة الصلاة إذا كانت السفينة مستقرة.

٦٥

ولو فقد علم القبلة عول على العلامات. ويجتهد مع الخفاء.

______________________________________________________

لإبراهيم ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يسأل عن الصلاة في السفينة؟ فيقول : ان استطعتم ان تخرجوا الى الجدد ، (كأنه البر) فاخرجوا ، وان لم تقدروا فصلوا قياما ، وان لم تستطيعوا فصلوا قعودا وتحروا القبلة (١).

وما يدل على الجواز ـ مثل رواية جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في السفينة؟ فقال : ان رجلا اتى أبي فسأله ، فقال : إني أكون في السفينة والجدد منى قريب فأخرج فأصلي؟ فقال له أبو جعفر عليه السلام اما ترضى ان تصلى بصلاة نوح (٢) ، مع مخالفته للقواعد ، وعدم الصحة ، لوجود على بن سندي في الطريق (٣) وهو مجهول ـ يمكن حمله على ان يكون في الخروج مشقة ، وان كان البر قريبا : أو على الصلاة في السفينة حين قيامها ، وما صرح بالصلاة فيها مع عدم الاستقرار ، وصلاة نوح عليه السلام ما يعلم كونه حال عدم الاستقرار فيحتمل كونها في حال الاستقرار ، والأخير أولى.

قوله : «(ولو فقد إلخ)» دليل تقديم العلم بالقبلة ـ بنحو المشاهدة ، ومحراب المعصوم ، كمحراب المدينة المشرفة ، ومسجد الكوفة ، والبصرة ، والمدائن على ما نقل فيها من التواتر ـ على العلامات ظاهر.

وكذا العمل بها مع تعذر العلم بغيرها.

وكذا العمل ببعض الأمارات المفيدة للظن في الجملة عند تعذرها ، مثل العمل بالرياح ، والقمر الليلة السابعة عند المغرب ، وليلة أربعة عشر نصف الليل ، وليلة احدى وعشرين عند الصبح : فان القمر قريب من قبلة العراق في هذه الليالي : كل هذا تخمينى :

ولا دور في العمل بالرياح : لجواز العلم بها من الجهة. ثم بوقوع الغيم مثلا ، والبعد عن الموضع بالسير ، يحصل الاشتباه بالجهة ، مع العلم بعدم تغيير الرياح عن تلك الجهة التي كانت منها : أو من غير الجهة مثل البرودة وغيرها.

__________________

(١) الوسائل باب (١٣) من أبواب القبلة حديث ـ ١٤ ـ

(٢) الوسائل باب (١٤) من أبواب القبلة حديث ـ ١١ ـ

(٣) سند الحديث كما في التهذيب هكذا (محمد بن على بن محبوب ، عن على بن السندي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج إلخ).

٦٦

فإن فقد الظن صلى إلى أربع جهات كل فريضة ، ومع العذر (التعذر ـ خ ل) يصلى الى اى جهة شاء.

______________________________________________________

وقبور المسلمين وقبلتهم ، كالامارات ، مع عدم ظهور الغلط : لحمل عمل المسلمين على الصحة مع المسامحة في القبلة.

ولو علم الماهر في الهيئة ، فعلمه كالعلامات ، بل مقدم عليها مع العلم اليقيني : لعدم النص الصحيح الصريح في العلامات : مع احتمال اختصاصه ببعض بلاد العراق دون البعض.

وعلى تقدير فقد الكل : فعبارة أكثر الأصحاب تفيد وجوب الصلاة الى أربع جهات : لان اليقين ، بل الظن بالبراءة انما يحصل بها : فيجب :

ومع التعذر يكتفى بالممكن.

وحين وجوب التعدد لو تأخر عمدا ، فلا يبعد الصلاة بالممكن ، والقضاء لباقي الجهة.

ويحتمل التحري على الظاهر والاكتفاء بإحدى الجهات : لقوله تعالى (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (١) فإنها نزلت في قبلة المتحير : روى في الفقيه في الصحيح ان معاوية بن عمار سأله (اى أبا عبد الله عليه السلام) لتقدم ذكره (٢) : عن الرجل يقوم في الصلاة ، ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى انه قد انحرف عن القبلة يمينا أو شمالا؟ فقال له : قد مضت صلاته ، وما بين المشرق والمغرب قبلة (٣) ونزلت هذه الآية في قبلة المتحير : (٤)(وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) ـ (٥) ـ).

وفي الكافي في الصحيح عن زرارة قال : قال أبو جعفر عليه السلام : يجزى التحري أبدا إذا لم يعلم اين وجه القبلة (٦) وفيه وفي التهذيب في الصحيح

__________________

(١) سورة البقرة : (١١٥)

(٢) لا يخفى ان من تقدم ذكره كما في الفقيه ، هو أبو جعفر عليه السلام ، فراجع باب القبلة من الفقيه

(٣) الوسائل باب ١٠ من أبواب القبلة حديث ١.

(٤) لا يخفى انه من الممكن ان يكون قوله (ونزلت هذه الآية الى آخره) من كلام الصدوق ويؤيد هذا الاحتمال ، عدم نقله في التهذيب والوسائل.

(٥) سورة البقرة : (١١٥)

(٦) الوسائل باب (٦) من أبواب القبلة حديث ـ ١ ـ

٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

عن سليمان بن خالد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيم فيصلي لغير القبلة ، ثم يضحى فيعلم انه صلى لغير القبلة كيف يصنع؟ قال : ان كان في وقت فليعد صلاته وان كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده (١) وصحيحة زرارة ، وان كان فيها إرسال ابن ابى عمير ، قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن قبلة المتحير؟ فقال : يصلى حيث يشاء (٢) ثم قال في الكافي : وروى انه يصلى الى أربع جوانب (٣) وصحيحة عبد الرحمن ابن ابى عبد الله (الثقة) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا صليت وأنت على غير القبلة واستبان لك انك صليت وأنت على غير القبلة ، وأنت في وقت ، فأعد ، وان فاتك الوقت فلا تعد (٤) وصحيحة يعقوب بن يقطين (الثقة) قال : سألت عبدا صالحا عن رجل صلى في يوم سحاب على غير القبلة ، ثم طلعت الشمس وهو في وقت ، ا يعيد الصلاة إذا كان قد صلى على غير القبلة ، وان كان قد تحرى القبلة بجهده أم تجزيه صلاته؟ فقال : يعيد ما كان في وقت ، فإذا ذهب الوقت فلا اعادة عليه (٥) وغيرها من الاخبار الكثيرة ـ وان لم تكن صحيحة ـ في جواز التحري وعدم الإعادة في غير الوقت ، مع عدم الصلاة الى جميع الجهات : فإنها تدل على عدم وجوبها إليها ، بل يكفي التحري ، إذ لو كانت إليها واجبة لم يكن كذلك ، بل يجب الإعادة على كل تقدير.

ويدل على عدم الوجوب الى أكثر من جهة أيضا ، ما يفهم منها من انه لو وافق القبلة لم يعد أصلا ، ومنها يفهم أيضا عدم اشتراط العلم بالمسائل سابقا ، بل يكفي الموافقة ، فتأمل.

ويدل عليه أيضا ما رواه الحلبي في الحسن في الكافي : لإبراهيم : عن أبي عبد الله عليه السلام في الأعمى يؤم القوم وهو على غير القبلة؟ قال : يعيد

__________________

(١) الوسائل باب (١١) من أبواب القبلة حديث ـ ٦ ـ

(٢) الوسائل باب (٨) من أبواب القبلة حديث ـ ٣ ـ

(٣) الوسائل باب (٨) من أبواب القبلة حديث ـ ٤ ـ

(٤) الوسائل باب (١١) من أبواب القبلة حديث ـ ١ ـ

(٥) الوسائل باب (١١) من أبواب القبلة حديث ـ ٢ ـ

٦٨

والاعمى يقلد : ويعول على قبلة البلد مع عدم علم الخطاء : والمضطر (والمصلى ـ خ ل) على الراحلة يستقبل ان تمكن ، والا فبالتكبير ، وإلا سقط : وكذا الماشي

______________________________________________________

ولا يعيدون ، فإنهم قد تحروا (١) وما يدل على الصلاة الى أربع ، كما مر وخبر خراش ـ عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت (له يب) جعلت فداك : ان هؤلاء المخالفين علينا يقولون : إذا أطبقت علينا أو أظلمت فلم نعرف السماء كنا وأنتم سواء في الاجتهاد؟ فقال : ليس كما يقولون : إذا كان ذلك فليصل لأربع وجوه (٢) وما في الكافي ـ بعد صحيحة زرارة التي فيها الإرسال عن ابن أبي عمير من قوله ـ وروى انه يصلى الى أربع جوانب ، لعله إشارة إلى رواية خراش ـ فمع ضعف سنده ، وإرساله لا تعارض هذه الاخبار الكثير الصحيحة الصريحة : مع الأصل ، والشريعة السهلة السمحة ، ونفى الضيق ، والمساهلة في أمر القبلة كما فهمته : على انه يمكن حمله على الاستحباب وما مر مندفع بهذه الأدلة.

ودليل تقليد الاعمى ـ بل العامي ، مع عدم القدرة والضيق في العامي : ويمكن مع السعة أيضا ، بمعنى العمل بقول العدل العارف بالقبلة : ان هذه قبلة ـ ظاهر مما تقدم : من سهولة أمر القبلة ، والشريعة السهلة السمحة ، ونفى الحرج والضيق بالعقل والنقل.

ولا شك في جوازه للمقلد مطلقا : بمعنى أخذ العلامة من اهله ، وطريق جعلها ، بحيث يكون متوجها الى القبلة ، ثم يلاحظها على ذلك الوجه بنفسه ، ولا يتوجه إلى القبلة بقول الغير : ان هذه قبلة وان كتفك بحذاء الجدي : ولعله المراد بوجوب الاجتهاد في القبلة وتحريم التقليد. وكذا الكلام في الوقت.

وفي ما مر دلالة ما ، على الجميع ، فتأمل : فما أبعد إيجاب الصلاة على الاعمى دائما إلى الأربع ، وعدم جواز التقليد له ، وأبعد من الجاهل. (٣).

__________________

(١) الوسائل باب (١١) من أبواب القبلة حديث ـ ٧ ـ

(٢) الوسائل باب (٨) من أبواب القبلة حديث ـ ٥ ـ

(٣) اى بعد ما ظهر جواز تقليد للأعمى والعامي ، فما أبعد الحكم موجب الصلاة الى أربع جهات على الاعمى دائما وأبعد من ذلك وجوبها على الجاهل كذالك.

٦٩

وعلامة العراق ومن والاهم : جعل الفجر على المنكب الأيسر ، والمغرب على الأيمن ، والجدي بحذاء المنكب الأيمن ، وعين الشمس عند الزوال على الحاجب الأيمن : ويستحب لهم التياسر قليلا الى يسار المصلى.

وعلامة الشام : جعل بنات النعش حال غيبوبتها خلف الاذن اليمنى ، والجدي خلف الكتف الأيسر عند طلوعه ، ومغيب سهيل على العين اليمنى ، وطلوعه بين العينين ، والصبا على الخد الأيسر ، والشمال على الكتف الأيمن.

وعلامة المغرب : جعل الثريا على اليمين ، والعيوق على الشمال ، والجدي على صفحة الخد الأيسر.

وعلامة اليمن : جعل الجدي وقت طلوعه بين العينين ، وسهيل عند مغيبه بين الكتفين ، والجنوب على مرجع الكتف.

______________________________________________________

قوله : «(وعلامة العراق إلخ)» هذه علامات لا (ما ـ خ) تعرف حالها ، وبينها تدافع ما ، والجمع بالنسبة إلى البلاد ، غير واضح إلا بالنسبة الى من يصرف علم الهيئة :

وما نقل من الشارع إلا في قبلة العراق حديثان : أحدهما في التهذيب عن الطاطري من غير اسناد عن جعفر بن سماعة عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن القبلة؟ فقال : ضع الجدي في قفاك وصله (١) والأخر في الفقيه : قال رجل للصادق عليه السلام انى أكون في السفر ولا اهتدى الى القبلة بالليل؟ فقال : ا تعرف الكوكب الذي يقال له جدي؟ قلت نعم : قال : اجعله على يمينك ، وإذا كنت في طريق الحج فاجعله بين كتفيك (٢).

ولا يخفى ما فيهما سندا ومتنا.

فان الطريق إلى الطاطري غير معلوم : وهو على بن الحسن الطاطري ، كان واقفيا ثقة في حديثه ، واقفي المذهب من وجوه الواقفية ، وكان شديد العناد

__________________

(١) الوسائل باب (٥) من أبواب القبلة حديث ـ ١ ـ

(٢) الوسائل باب (٥) من أبواب القبلة حديث ـ ٢ ـ

٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

في مذهبه ، صعب العصبة على من خالفه من الإمامية وجعفر بن سماعة أيضا واقفي :

وسند الأخر في غاية المجهولية ، وان نقله في الفقيه.

والاجمال بحسب المتن : انه لم يعلم في أي بلد ، وفي أي وقت مع وسعة القفا واليمين : وهذه كلها دليل الوسعة فيها كما مر : والاخبار الصحيحة الصريحة في ان ما بين المشرق والمغرب قبلة (١) والآية (٢) ظاهرة في ذلك.

وما ورد في عدم الصلاة الى غير القبلة ، وعدم الميل عنها ، فاما محمولة (محمول خ ل) على الاستحباب عن القبلة المعتبرة عندهم ، أو على القبلة المفهومة منهما ، أو يكون للعالم بها ولو من علم الهيئة مما قرره العلماء بضرب من الاجتهاد في علم الهيئة مع المهارة في ذلك العلم تحقيقا ، لا تقليدا أو تخمينا وسماعا :

وأهل هذا العلم في هذا العصر قليل جدا ، ورأيناه منحصرا في خالي (٣) الذي ما سمح الزمان بمثله بعد نصير الملة والدين رحمه الله من علماء هذا الفن ومن حكماء المسلمين المتدينين وفقه الله لمرضاته ومن علينا بوجوده ، وأفاض

__________________

(١) الوسائل باب (٩) و (١٠) من أبواب القبلة فراجع.

(٢) إشارة إلى قوله تعالى (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).

(٣) هو العلامة الفلكي الرياضي المشارك في الفنون النظرية والعلوم العقلية المولى إلياس الأردبيلي نزيل الهند من أعلام القرن العاشر ، ترجم له شيخنا العلامة الشيخ آغا بزرگ الطهراني صاحب الذريعة رحمه الله تعالى في إعلام القرن العاشر من موسوعته القيمة (طبقات اعلام الشيعة) وقال :

المولى إلياس خال المحقق المقدس المولى أحمد الأردبيلي الذي توفي ٩٩٣ حكى عنه المولى أحمد في زبدة البيان صفحة ٣٧ في بحث القبلة عقيدته في الجدي والقطب ووصفه بأنه لا نظير له اليوم في هذا العلم ، يعنى علم الفلك والرياضي. وترجم له صاحب تاريخ أردبيل في ج ١ ص ١٢٤ وقال ما ملخصه ومعربة الشيخ الياس بن أبيه الفاضل العلامة المشهور ، المرجوع إليه في جميع العلوم وخاصة في علوم الفلك والهندسة ، وكان أوحد عصره في سائر الفنون الرياضية.

استدعاه الملك همايون شاه التيمورى فلبى دعوته وغادر العراق متجها نحو كابل حيث اجتمع بها بالملك التيمورى فأعجب به وأكرمه واجازه بهدايا سنية واقطعه أراضي شاسعة ذات مزارع وقرى عامرة من ناحية موهان من مقاطعة (أود) وأصبح من المقربين لديه وقرأ عليه الملك كتاب درة التاج لقطب الدين الرازي فحسده على علمه ومنزلته بعض من حضر ، منهم أويس الگواليري حيث ادى ذلك الى ان غادر موهان

٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

علينا من علمه : ومن قلة التوفيق ان العبد بعد المفارقة عن خدمته قريبا من خمس وعشرين سنة ـ والطلب من الله الكريم ليلا ونهارا الوصول الى خدمته ـ وصلت إليه في الحضرة الشريفة الغروية على ساكنها الصلاة والتحية وكنت مريضا في بعض تلك المدة ، وغافلا في البعض غير شاكر لتلك النعمة حتى فارقنى ، وأرجو من الله الكريم ان لا يؤاخذنى ، بل يمن على مرة أخرى بالتشرف الى صحبته ونيل أخذ الضروري من هذا العلم وسائر العلوم الحقيقي الضروري من جنابه بمحمد وآله ان الله ولى التوفيق واهله :

فلعدم معرفة هذا العلم ، ما ذكرنا في هذه المسائل غير هذا ، لانه لا يستفاد من غيره.

ولنذكر هنا ما استفدنا من خدمته مما في قول الشارح ، وهو المشهور بين المتفقهة ، بل الفقهاء أيضا : ان الاعتبار بالجدي ليس إلا في حال الارتفاع والانخفاض ، لأن علامة قبلة أهل العراق هو القطب ، فلا يكون الجدي على محاذاته إلا في هذه الحالة : اما إذا لم يكن فالاعتبار بالقطب فقط : وهو نجم خفي في وسط الأنجم التي هي بصورة السمكة لا يكاد يدركه الا حديد البصر ، وهو علامة دائما ، كالجدي في الحالتين ، إذ لا يتغير عن مكانه الا يسيرا لا يكاد يبين للحس ، فلا يؤثر في الجهة : وحركته الدورية اليسيرة ، دورة لطيفة حول قطب العالم الشمالي (١) :

ورأيت قريبا من هذا الكلام في كلام بعض الفقهاء العامة :

وهو ان (٢) هذا غلط ظاهر ، لأن الجدي أقرب الى القطب الشمالي من تلك النجمة وهو مبرهن في كتب الهيئة.

وان ليس الجدي حال الاستقامة على القطب الشمالي ، بل له أوضاع متعددة : وهو انما يكون على القطب وخط نصف النهار حال كونه مائلا الى

__________________

الى گجرات فمكة فالعراق فاردبيل واقام بها الى آخر حياته.

وانظر تفاصيل ذلك في كتاب نزهة الخواطر ج ٤ ص ٤٣.

(١) الى هنا ملخص ما ذكر الشارح في روض الجنان

(٢) هذا بيان لقوله فيها تقدم أنفا وما استفدناه من خدمته.

٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الغرب كثيرا ، وهو أيضا معلوم بالبرهان ومن الأسطرلاب وغيره :

ويؤيده أنهم يجعلونه حال الاستقامة وعكسها محاذيا للمنكب فيلزم كون قبلة العراق خط نصف النهار ، مع انه معلوم ، وهم صرحوا بأنها مائلة عنه الى الغرب ، واستخرجه سلمه الله في الكوفة والنجف الأشرف : قال انها مائلة عنه باثني عشر درجة تخمينا :

والذي علمنا به ان الجدي أقرب الى القطب من تلك النجمة : انا وضعنا قصبة ورأينا منها الجدي في أول الليل مثلا ، وعلّمنا على تلك النجمة علامة تحاذيها ، ثم نظرنا بعد نصف الليل بكثير رأيناه من تلك القصبة ورأينا تلك النجمة خرجت عن محاذات تلك العلامة بكثير ، تقريبا أكثر من ثلث الدائرة ، ثم نظرنا قريب الصباح ما رأيناه منها وقد وصلت تلك الى نصف دائرة كبيرة تقريبا ، وهو واضح لمن جرب وتأمل ، والله الموفق للسداد والصواب واليه المرجع والمآب.

فلنختصر على هذا ، وما يتوجه الى كلامه لعدم العلم.

وكذا إفادة أن نيروز الفرس على جميع الاصطلاحات لا يتغير عن الواحد المعين ، وهو تحويل الشمس الى الحمل : ويفهم من كلام الشيخ على رحمه الله في حاشيته على القواعد في تحقيقه خلاف ذلك ، ويقول انه محقق في كتب هذا الفن وليس فيه اشتباه ، ولا خلاف فيه بين أهل التاريخ وأهل هذا العلم ، وكتب في ذلك حاشية كتبناها على ذلك المحل.

ثم العجب من المصنف رحمه الله وغيره : انهم يقولون باستحباب التياسر ، لأهل العراق ، عن العلامة الموضوعة ، مع تغيير العلامة ، وعدم بيان قدره ، فإنه يتفاوت للبعد بأدنى شي‌ء : مع ان خط قبلة أهل العراق منحرف عن حائط البيت على تقدير صحة موافقته للبيت ، بل يقرب من بين الباب والحجر على طريق الانحراف لمن وقف في المقام وجعل الجدي خلف المنكب : على انا وجدنا كلما خرجنا من المسجد ميّلنا الى الشرق أكثر حتى وصلنا العراق : ووجدنا أيضا قبلة مسجد الكوفة مائلا إلى الغرب مما ذكروه على ما فسر المنكب الشيخ على : مع انه قال : انما الاعتبار بقبلة المسجد وانهم قالوا ليس هذا الا على

٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

مذهب من قال : ان الحرم قبلة الخارج ، ومذهبهم ليس كذلك ويذكرونه في كتبهم بحيث يفهم الفتوى.

وأكثر منه تعجبي من جعل الشيخ على رحمه الله قبلة الخراسان مثل قبلة العراق ، مع كونه مائلا إلى الشرق كثيرا ، مع ما مر :

ومن قوله : ان الاعتبار بالمسجد مع تيامن قبلة المسجد عن جعل الجدي خلف المنكب بناء على تفسيره المنكب ، وجعل ذلك علامة الخراسان ، وهو ما يقابل خلف الاذن الأيمن :

والظاهر في تفسيره ما ذكره الشارح من انه مجمع العضد والكتف كما نقل عن الصحاح وهو موافق للمسجد ظاهرا ، وأظن فيها الوسعة ، ولكن يفهم من كلام الشارح عدم ذلك ، وكذا من غيره في الجملة مثل الذكرى :

نعم لو كان هذه العلامات ثابتة في الشرع ـ أو عند أهل العلم بحيث يعلم يقينا ـ لا يبعد عدم جواز الانحراف مع انه تحققنا ان غاية ما يستفاد من هذا العلم ، مسامتة البلد الذي تحقق عندهم عرضه وطوله لمكة ، ان وافق على الوجه الذي قرروا ، مثل جعل خط مائل عن خط نصف النهار كوفة ، باثني عشر درجة بين قدميه ، فكيف يحكم بتحريم الميل ووجوب الاستقامة ، والحال انه قد يصير بسبب ذلك الى عين الكعبة أو قريبا منها.

وكذا يمكن تحريم ذلك في محراب المعصوم ، وذلك أيضا غير واضح ، لاحتمال الاكتفاء بما يجوز من الوسعة : ويدل عليه تجويز الصف المستطيل أطول من البيت ، بل الحرم : فقول الشارح (١) : اما توهم اغتفار إلخ ، محل تأمل وبالجملة الذي يظهر لي ـ من الاخبار الصحيحة ، والايات الكريمة ، والشريعة السمحة السهلة ، وقول عظماء الأمة ، من العامة والخاصة ـ هو الوسعة ، واغتفار التفاوت بين العلامات سيما إذا كان يسيرا : حيث اعتبروا علامات مختلفة لأهل العراق مثلا وأطلقوا ، وكذا لغيره : مثل جعل بنات النعش علامة ، مع كونها متعددة مختلفة المواضع : واعتبار مهب الرياح : واعتبروا القبور

__________________

(١) قال في روض الجنان : واما توهم اغتفار التفاوت الحاصل بينها وعدم تأثيره في الجهة ففاسد إلخ وملخص مرامه ان دعوى فساد الاغتفار محل تأمل.

٧٤

والمصلى في الكعبة يستقبل اى جدرانها شاء : وعلى سطحها يصلى قائما ، ويبرز بين يديه شيئا منها.

______________________________________________________

والمحاريب في كل بلد من بلاد المسلمين ، مع انا نجد في أكثر بلاد المسلمين الاختلاف الكثير ، بل في بلدة واحدة ، خصوصا في بلد العامة : حيث يكفى عندهم ما بين المشرق والمغرب على ما تسمع وترى : ويؤيده ورود الأخبار مختلفة مجملة : وبعد الإهمال من الشارع في مثل هذه الدقيقة التي يضر بالعمدة من العبادات ادنى الالتفات عنها كما يفهم من كلام الشارح والذكرى وغيره : مع اعتبارهم استحباب التياسر على نحو الاجمال قدرا ومحلا.

وعدم طريق ـ الى التحقيق لمحاذاة البيت ولا بالقرب منه لبلد ما ، فكيف بكل البلاد ، وعدم تحقق كون غيره من المواضع قبلة ، بحيث يكون الخروج عنه مضرا بأدنى خروج ، مع عدم الأثر ـ ما نجده مناسبا للشريعة : الله يعلم والاحتياط معلوم.

قوله : «(والمصلى إلخ)» دليل صحة الصلاة ، من جهة كونها إلى القبلة واضح : لأنه متوجه الى جزء من البيت الذي هو القبلة لا محالة.

واما من جهة كونها في البيت ، فغير واضح : لورود المنع عن الفريضة فيه ، في صحيحة محمد ، وهو محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال : لا تصلح صلاة المكتوبة في جوف الكعبة (١) وخبر معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : لا تصلى المكتوبة في جوف الكعبة (٢). وحمل على الكراهة ، لخبر يونس بن يعقوب ، قال : قلت : لأبي عبد الله عليه السلام ، حضرت الصلاة المكتوبة ، وانا في الكعبة ، أفأصلي فيها؟ قال : صل (٣) وليس في الطريق فيه الأحسن بن على بن فضال : (٤) وأظنه خيرا : من العمومات :

__________________

(١) الوسائل ، باب ١٧ من أبواب القبلة ، حديث ـ ٤ ـ

(٢) الوسائل ، باب ١٧ من أبواب القبلة ، قطعة من حديث ـ ٣ ـ وبقية الحديث (فإن النبي صلى الله عليه وآله ، لم يدخل الكعبة في حج ولا عمرة ، ولكن دخلها في الفتح : فتح مكة : وصلى ركعتين بين العمودين ، ومعه أسامة بن زيد).

(٣) الوسائل ، باب ١٧ من أبواب القبلة ، حديث ـ ٦ ـ

(٤) سنده كما في التهذيب هكذا (الحسين بن سعيد ، عن الحسن بن على بن فضال ، عن يونس بن

٧٥

ولو صلى باجتهاد أو لضيق الوقت ثم انكشف فساده ، أعاد مطلقا ان كان مستدبرا ، وفي الوقت ان كان مشرقا أو مغربا ، ولا يعيد ان كان بينهما : ولو ظهر الخلل وهو في الصلاة ، استدار إن كان قليلا ، والا استأنف.

______________________________________________________

فالحمل جيد : ويؤيده قوله : (لا يصلح) في الصحيح المتقدم ، قال الشيخ في الاستبصار : وذلك صريح بالكراهة.

وصحة المندوبة أظهر : لعدم المنع ، والاخبار (١).

وكذا المصلى على سطحها مع إبراز شي‌ء من الجزء الأخير من المصلى.

وورد رواية بالصلاة على السطح مستلقيا متوجها الى البيت المعمور موميا (٢) : ردت بعدم الصحة : مع فوت بعض أركان الصلاة.

قوله : «(ولو صلى باجتهاد أو لضيق الوقت إلخ)» الذي يظهر من صحيح الاخبار : هو مذهب السيد والمصنف في المنتهى : وهو عدم الإعادة إذا كان بين المشرق والمغرب : والميل إلى القبلة لو ظهر الخلل في الأثناء : والإعادة في الوقت وعدمها خارجه مطلقا (٣) إذا لم يكن كذلك : وليس شي‌ء صحيح صريح ينافي ذلك ، مع إمكان حمله على الاستحباب.

ولا فرق بين الناسي ، والجاهل ، والاعمى ، والمتحير الذي صلى الى جانب واحد ، والمقلد وغيرهم ، لما مر من الوسعة وان ما بين المشرق والمغرب حد القبلة ، مع ما في الصحيحين المتقدمين) وان فاتك الوقت فلا تعد (٤) : وان كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده) (٥) وما في صحيحة يعقوب بن يقطين المتقدمة (٦) وما في رواية عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى على غير القبلة ، فيعلم وهو في الصلاة قبل ان يفرغ من صلاته؟ قال ان كان متوجها

__________________

يعقوب إلخ).

(١) الوسائل ، باب (١٧) من أبواب القبلة ، وباب (٣٦) من أبواب مقدمات الطواف وما يتبعها ، فراجع.

(٢) الوسائل ، باب (١٩) من أبواب القبلة ، حديث ـ ٢ ـ

(٣) اى سواء كان مشرقا أو مغربا أو مستدبرا وقوله (إذا لم يكن كذلك أي إذا لم يكن بين المشرق والمغرب.

(٤) الوسائل ، باب (١١) من أبواب القبلة ، حديث ـ ١ ـ

(٥) الوسائل ، باب (١١) من أبواب القبلة ، حديث ـ ٦ ـ

(٦) الوسائل ، باب (١١) من أبواب القبلة ، حديث ـ ٢ ـ

٧٦

ولا يتعدد الاجتهاد بتعدد الصلاة.

المقصد الرابع

فيما يصلى فيه

وفيه مطلبان الأول ، اللباس : يجب ستر العورة في الصلاة بثوب طاهر الا ما استثنى. مملوك أو ماذون فيه.

______________________________________________________

فيما بين المشرق والمغرب ، فليحول وجهه إلى القبلة ساعة يعلم : وان كان متوجها الى دبر القبلة ، فليقطع الصلاة ، ثم يحول وجهه إلى القبلة ، ثم يفتتح الصلاة (١).

وفي هذه دلالة على كون المشرق والمغرب دبرا ، وكونهما متحدين في الحكم مع الاستدبار ، وصحيحة معاوية المتقدمة صريحة في عدم الإعادة مطلقا إذا كانت الى ما بين المشرق والمغرب (٢) : وعدم التفصيل في الاخبار دليل العموم ، مع الأصل والآية.

قوله : «(ولا يتعدد الاجتهاد بتعدد الصلاة)» دليله واضح الا ان يحدث شي‌ء يوجب التجديد ، فيجب : وليس مراد المصنف أيضا إلا ذلك ، وهو ظاهر.

قوله : «(يجب ستر العورة إلخ)» كان دليله إجماع المسلمين : وفي الاخبار أيضا اشارة اليه (٣). وكذا الى شرطيته للصلاة ، مع إجماع الأصحاب على ما نقل.

وكذا اشتراط طهارة الثوب إجماعي ، ولانه يعلم من الأمر بالإعادة مع النجس (٤) ، والأمر بالتطهير والغسل مطلقا في الآية (٥) والخبر (٦) وفي الرعاف خصوصا (٧) وقد تقدم النجاسات وما يطهرها وما يستثنى منها.

وكذا وجوب كون اللباس مملوكا أو مأذونا ، ولان التصرف في مال الغير

__________________

(١) الوسائل ، باب (١٠) من أبواب القبلة ، حديث ـ ٤

(٢) الوسائل ، باب (١٠) من أبواب القبلة ، حديث ـ ١

(٣) الوسائل ، باب (٢١) و (٢٧) من أبواب لباس المصلي

(٤) الوسائل ، باب (٤٣) من أبواب النجاسات فراجع.

(٥) لعله إشارة إلى قوله تعالى (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) سورة المدثر ـ ٤

(٦) الوسائل ، باب (١٩) من أبواب النجاسات

(٧) الوسائل ، باب (٧) من أبواب نواقض الوضوء وباب (٢) من أبواب قواطع الصلاة فراجع.

٧٧

فلو صلى في المغصوب عالما بالغصب ، بطلت

______________________________________________________

لا يجوز إلا بإذنه عقلا ونقلا : ولا يبعد الاكتفاء باذن (الاذن ـ خ) الفحوى إذا أفاد علما ، ومنه كونه لمن اشتمل عليه الآية الكريمة كالصديق (١) ، فإنه إذا جاز أكل نفيس ماله وإعدامه بالكلية ، فالصلاة في ثوبه ـ التي هي من العبادة ، ويحصل له الأجر والثواب ، مع بقائه على حاله من غير نقص ولا تغير يضر ـ بالطريق الاولى : مع ان ظاهر حال المسلم يقتضي الاذن والرضا بمثله : فالظاهر الاكتفاء كما في المكان ، والاحتياط أمر آخر.

واما اشتراط ذلك في الصلاة : فالظاهر ذلك ، كما يفهم من أكثر العبارات.

فلو صلى في مال الغير عالما بعدم الاذن ، وعدم الجواز ، غير ناس لهما : تبطل الصلاة : ويفهم من المنتهى الإجماع ، حيث قال : فالذي عليه علمائنا بطلان الصلاة ، بعد دعوى إجماع المسلمين على التحريم : لانه لا شك في كون الحركات الواقعة فيه جزءا لها ومنهيا عنها ، فهي عبادة منهي عنها ، والنهي في العبادة مفسد لها عند علمائنا على ما ظهر في الأصول.

ولا فرق في ذلك بين الساتر وغيره ، حتى الخاتم وفصه ، لعموم الدليل ، وهو اجتماع الأمر والنهي في جزئيّ حقيقي ، والثواب والعقاب ، من غير تعدد الوجه ، بحيث يتعلق كل منهما بغير ما يتعلق به الأخر : وعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه فقط : إذ النهي ليس بوجه مطلوب للشارع ، وان المتبادر من مثل هذا النهي البطلان ، وان الذمة مشغولة ، والخروج حينئذ غير ظاهر : لأنا ما فهمنا الصحة الا من امره ورضاه وقد علم عدم ذلك بالنهي : ولا يحتاج الى ان يقال : الأمر بالرد ، مستلزم للنهى : حتى يرد عليه بحث الشارح (٢) مع انه ما يرد ، على ما فهمته مرارا.

__________________

(١) سورة النور ، (٦١) قال تعالى ((وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا). إلى قوله (أَوْ صَدِيقِكُمْ)).

(٢) قال الشارح في روض الجنان ما هذا لفظه :

فلو صلى في الثوب المغصوب : كما هو مقتضى السياق ، في حال كون المصلى عالما بالغصب بطلت صلاته ، ان ستر العورة : ومثله ما لو قام فوقه أو سجد عليه إجماعا ، لرجوع النهي إلى جزء الصلاة ، أو شرطها ، فيفسد : ولو لم يكن ساترا ، أو كان غير ثوب ، كالخاتم ونحوه ، فكذلك عند المصنف وجماعة لأن الحركات الواقعة في الصلاة منهي عنها : لأنه تصرف في المغصوب ، وهي اجزاء الصلاة فتفسد : لأن النهي في العبادة

٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

على انه لم يتم إلا في سعة الوقت : ولا خصوصية له بالساتر.

وفرق المحقق ومن تابعه ـ مثل الشارح والشهيد في الذكرى بين الساتر وغيره ـ غير جيد ، لما فهمته مما مر.

وقول البعض ـ إذا كان النهي في شرط العبادة بعدها (١) ـ غير محقق : لان الدليل الذي مذكور في الأصول أشرت إليه فيما سبق ، ولا يدل ذلك على البطلان ، الا ان يكون ذلك الشرط عبادة مستقلة : الا ترى ان ازالة النجاسة شرط لصحة الصلاة مثلا ، ولا يضر نهيها بماء مغصوب ، وفي مكان مغصوب ، وبآلة مغصوبة ، وبفعل غاسل قهرا ، بخلاف الغسل ، فإنه يبطل لكونه عبادة.

ولي في التعليقات على شرح العضدي في تحقيق هذه المسئلة ، تحقيق ، أظنه جيدا.

وانا متعجب من الشارح حيث رضى بالبطلان في الساتر : مع ان الدخل الذي رد به بطلان غير الساتر ، بعنيه جار فيه : لانه الدخل الذي ذكره بعض العامة في دليل أصحابنا والقائلين بالبطلان في نفس العبادة أو جزئها أو شرطها ، وهذه بحسب العبارة ولا بد من الوقوع على العبادة ليصح الدليل.

__________________

يقتضي الفساد : ولأنه مأمور بإبانة المغصوب عنه ، وبرده الى مالكه ، فإذا افتقر الى فعل كثير كان مفادا للصلاة ، والأمر ما بالشي‌ء يستلزم النهي عن ضده : وفي الدليلين منع : اما الأول ، فلان الحركات المخصوصة الواقعة في الصلاة ، انما تعلق النهي فيها بالتصرف في المغصوب ، من حيث هو تصرف في المغصوب ، لا عن الحركات ، من حيث هي حركات الصلاة ، فالنهي تعلق بأمر خارج عنها ، ليس جزء ولا شرطا ، ولا يتطرق إليها الفساد ، بخلاف ما لو كان المغصوب ساترا ، أو مسجدا ، أو مكانا : لفوات بعض الشروط ، أو بعض الاجزاء واما الثاني : فكلية كبراه ممنوعة ، وقد تقدم الكلام عليها في إزالة النجاسات ، فإن الأمر بالشي‌ء انما يستلزم النهي عن ضده العام ، اعنى الترك مطلقا : وهو الأمر الكلي ، لا عن الأضداد الخاصة من حيث هي كذلك ، وان كان الكلى لا يتقوم الا بها ، فإنه مغاير لها : ولهذا كان الأمر بالكلي ليس أمرا بشي‌ء من جزئياته عند المحققين ، فلا يتحقق النهي عن الصلاة ، لأنها أحد الأضداد الخاصة : ومن ثم فرق المحقق في المعتبر بين الأمرين ، فاختار البطلان في الأول ، دون الثاني وقواه في الذكرى ، وهو واضح ، وان كان الاحتياط يقتضي البطلان : والحق به في المعتبر الصلاة في خاتم من ذهب دون الصلاة في الحرير ، مع كونه غير ساتر للنص على تحريم الصلاة فيه عن النبي وأهل بيته عليهم السلام وقيد العالم بالغصب ، يخرج الجاهل به ، فلا تبطل صلاته ، لارتفاع النهي ، ويتناول الجاهل بحكمه فتبطل صلاة العالم بالغصب انتهى.

(١) هكذا في النسخ المطبوعة والمخطوطة التي عندنا : ولكن الظاهر (يفسدها) بدل (بعدها) كما لا يخفى.

٧٩

وان جهل الحكم من جميع ما ينبت من الأرض كالقطن والكتان والحشيش.

______________________________________________________

وكذا الفرق بين النهي الصريح وغيره ليس بجيد : لأنه إذا وجد النهي فالدليل جار ، ففرق المحقق أيضا ـ بين خاتم ذهب ومال الغير ، وبين الحرير الذي ليس بساتر ، بالبطلان فيه دونهما ، لوجود النهي الصريح عن الصلاة في الحرير دونهما : وارتضاه الشارح ـ مما يتعجب منه :

ومما ذكرنا من الدليل على البطلان ظهر فائدة قيد المصنف رحمه الله : عالما بالغصب : ويمكن استفادة علم التحريم أيضا منه ، فاستفد.

ومعنى قوله : «(وان جهل الحكم)» جهل بطلان الصلاة في المغصوب ، لا التحريم ، فافهم : فلا تبطل صلاة الجاهل بهما ، ولا ناسيهما ، لعدم جريان الدليل : وقد صرح هنا الشارح بعدم تكليف الناسي ، فالجاهل بالطريق الاولى ، لكونه تكليف الغافل ، ولما نقل (ان الناس في وسع مما لا يعلمون) (١) : نعم لو كان دليل آخر يدل على اشتراط اباحة الثوب في نفس الأمر والبطلان مع عدمها لثبت المطلوب :

وكذا لو ثبت وجوب التكليف حين فعل الصلاة ، بالترك والاشتغال بتحصيل العلوم وشرائط الصلاة ، يتم الدليل الذي يعتقده : فيبطل باعتقادي ، اعتقاد المصنف لا الشارح ومن قال بمقالته ، ومن اين ذلك الثبوت ، والاحتياط واضح.

قوله : «(من جميع ما ينبت من الأرض)» صفة للثوب : لعل مراده بالثوب هنا ما يستر ، كما هو الظاهر من قوله (والحشيش).

وقوله فيما سيأتي «(ولو بالورق)» كالصريح في جواز الورق ونحوه مع الاختيار.

والأصل ـ والأمر المطلق من غير منع ، وحصول الغرض ظاهرا ـ يقتضيه : مع

__________________

(١) جامع احاديث الشيعة باب ٨ من أبواب المقدمات ، حديث ـ ٦ ـ ولفظ الحديث هكذا : عن عوالي اللئالي عن النبي صلى الله عليه وآله قال : الناس في سعة ما لم يعلموا.

٨٠