مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

العيدين ، في الأولى سبع قبل القراءة ، وفي الأخيرة خمس بعد القراءة (١) دليل المطلب الأوّل (٢).

وأيضا صحيحة يعقوب بن يقطين (الثقة) قال : سألت العبد الصالح عن التكبير في العيدين ، أقبل القراءة أو بعدها؟ وكم عدد التكبير في الاولى وفي الثانية والدّعاء بينهما؟ وهل فيهما قنوت أم لا؟ فقال : تكبير العيدين للصّلاة قبل الخطبة ، يكبر تكبيرة يفتتح بها الصلاة ، ثمّ يقرء ويكبّر خمسا ، ويدعو بينهما (بينها ـ خ) ثمّ يكبر اخرى ويركع بها ، فذلك سبع تكبيرات بالّتي افتتح بها ، ثمّ يكبر في الثّانية خمسا ، يقوم فيقرء ، ثمّ يكبر أربعا ويدعو بينهنّ ، ثم يكبّر التكبيرة الخامسة (٣)

وصحيحة محمّد (كأنّه ابن مسلم ، لنقل علاء بن رزين عنه) عن أحدهما عليهما السلام في صلاة العيدين؟ قال : الصلاة قبل الخطبتين والتكبير بعد القراءة سبع في الاولى وخمس في الأخيرة ، وكان أوّل من أحدثها بعد الخطبة عثمان ، لما أحدث أحداثه ، كان إذا فرغ من الصّلاة قام النّاس ليرجعوا ، فلمّا رأى ذلك قدّم الخطبتين واحتبس الناس للصّلاة (٤)

والاخبار في ذلك كثيرة ، مثل صحيحتي هشام بن الحكم (٥) وفي الصحيح عن أبي بصير (٦) على ما في المنتهى : وفيه كلام واعتمد عليه المصنّف في غيرها.

وصحيحة الحلبي (٧)

وأمّا ما يدلّ على التقديم في الاولى ، والتأخير في الثانية كما هو مذهب ابن الجنيد ـ مثل صحيحة عبد الله بن سنان المتقدّمة عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

__________________

(١) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ١٨

(٢) إشارة إلى قوله فيما تقدّم آنفا : «وأما كون التكبير سبعا في الاولى وخمسا في الثانية إلخ».

(٣) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ٨

(٤) الوسائل باب (١١) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ٢

(٥) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ١٦

(٦) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ٧

(٧) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة العيد بعد نقل حديث ـ ١٦

٤٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

التكبير في العيدين في الأولى سبع قبل القراءة ، وفي الأخيرة خمس بعد القراءة (١) ومثلها صحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري الثقة (٢) ـ فرده المصنّف : بعدم الشهرة ، وبقلّته فتوى ورواية ، ولا يبعد حملها على الجواز ، وأولوية الأولى : للجمع أو التقية لو كانت.

وكذا ما روي في الأقلّ ـ مثل رواية زرارة. إنّ عبد الملك بن أعين سأل أبا جعفر عليه السلام عن الصّلاة في العيدين؟ فقال : الصّلاة فيهما سواء. يكبر الإمام تكبير الصلاة قائما كما يصنع في الفريضة ، ثمّ يزيد في الرّكعة الأولى ثلاث تكبيرات وفي الأخرى [الأخيرة ـ خ] ثلاثا سوى تكبيرة الصلاة والرّكوع والسجود وإن شاء ثلاثا وخمسا ، وإن شاء خمسا وسبعا بعد أن يلحق ذلك إلى وتر (٣)

فليس بمعلوم أن يقول أحدّ بمضمونها لأنّ المشهور أنّ الزائدة تسع على ما مرّ ، ونقل في المنتهى أنّها سبع عند ابن بابويه وابن أبي عقيل ، وأنّها عند المفيد ، ثلاث في الثانية كأنّه متّفق مع المشهور في الاولى ، وهذه تدلّ على الثلاث فيهما أو الخمس في الاولى ، والثلاث في الثانية أو السبع فيها والخمس في الثانية كما هو المشهور أو العكس فيهما.

وبظاهرها تدلّ على أن الثلاث لا بدّ منها ولا يكون أقلّ من ثلاثة ، وفوقها ما ذكر بعد كونها وترا

وقد استدلّ الشيخ في التهذيب على استحباب التكبير مطلقا بهذه ، حيث قال : إنّه جوز الاقتصار على الثلاث تكبيرات والخمس تكبيرات ، وهذا يدلّ على أنّ الإخلال بها لا يضرّ بالصلاة ، وفيه تأمّل ، إذ غاية ما يدلّ عليه جواز الإخلال بما فوق الثّلاث : فكأنّه لعدم القائل بوجوب ذلك قال بجواز ترك الكلّ ، ولكنّه غير معلوم لنا : ويمكن صب عبارة المفيد عليه وغيره. على ان متنها لا يخلو عن شي‌ء كما ترى.

__________________

(١) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ١٨

(٢) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ٢٠

(٣) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ١٧

٤٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي الصحّة أيضا تأمّل. لأنه قد يكون زرارة ناقلا عن عبد الملك ، ومثله غير بعيد ، وهو غير معلوم توثيقه ، بل ما نقل فيه ما يدل على مدحه وذمّة في الجملة ، وفي زرارة وابن أذينة أيضا كلام. وبالجملة ترك العمل ـ بما مضى كلّه من الأخبار الصحيحة الصّريحة الكثيرة المفتي بها ـ بمثلها ، محلّ التّأمل.

فكأن العلامة نظر إلى هذه الرّواية ، وإلى قول الشّيخ ، فقال : الوجه عندي أنّ التكبير مستحبّ لما يأتي ، فجائز فيه الزّيادة والنّقصان ، فتأمّل ، فإنّ الظّاهر الوجوب ، لما مرّ. وللتأسّي ، مع قول «صلّوا» ، وكون الفعل للبيان مؤيّد ، وكذا قول الأكثر على الظّاهر ، نعم لو ثبت صحّة هذه يجوز الاقتصار في الواجب أيضا على الثلاث ، فتأمّل. وما رأيت قوله «لما يأتي» في المنتهى الى الآن.

ثمّ الظّاهر أنّ أكثر الأخبار المتقدمة تدلّ على عدم وجوب الدّعاء بين التكبيرات ، فإنّ أكثرها خالية عنه ، سيّما صحيحة معاوية (١) ومرسلة عبد الله بن المغيرة (٢) ورواية معاوية (٣) المتقدّمات ، حيث ذكر فيها كيفيّة الصّلاة من غير ذكر الدّعاء ، ولو كان لوجب ذكره.

وكذا صحيحة أبي بصير ، سمّاها بها في المنتهى ثمّ تقرأ ثم يكبّر بعد القراءة خمس تكبيرات إلخ. (٤) وقد تقدّم.

وصحيحتي هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام في صلاة العيدين فقال : تصل القراءة بالقراءة. وقال : تبدء بالتكبير في الاولى ثمّ تقرأ ثم تركع بالسابعة (٥) وصحيحة الحلبي (٦) مثلها ، وهي صريحة في العدم ، والأصل ، وصحيحة محمّد المتقدمة (٧) وصحيحة زرارة المتقدّمة (٨) أيضا وغيرها.

__________________

(١) الوسائل باب (٧) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ١١

(٢) الوسائل باب (٥) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ١

(٣) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ٢

(٤) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ٧

(٥) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ١٦

(٦) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ١٦

(٧) الوسائل باب (١١) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ٢

(٨) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ١٧

٤٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وأمّا ما يدلّ على الوجوب فهو رواية على بن أبي حمزة المتقدّمة (١) وصحيحة يعقوب بن يقطين المتقدّمة (٢) أيضا.

ولكن الدّلالة على الوجوب غير واضحة ، لعدم صريح الأمر ، والدّلالة على الوجوب مع أنّ السّؤال في الثانية كان عن وجود القنوت ، فالجواب يدلّ على الوجود ، لا الوجوب ، ولأنّهما لبيان مطلق كيفيّة الصّلاة ولذا اشتملتا على المندوبات مثل تكبير الرّكوع. مع اشتراك (عليّ) في الاولى : وعدم ضبطه والتعيين يؤيّد العدم. ولهذا اختلف فيه الألفاظ المنقولة.

وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما قال : سألته عن الكلام الّذي يتكلم به فيما بين التكبيرتين في العيدين؟ فقال : ما شئت من الكلام الحسن (٣) نعم لو ثبت عدم القول بالواسطة كان القول بالوجوب حسنا. لوجوب التكبير على الظاهر ، لما مرّ ، والاحتياط معلوم.

وينبغي اختيار ما روى في التهذيب عن محمد بن عيسى بن أبي منصور عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : تقول : بين كلّ تكبيرتين في صلاة العيدين ، اللهم أهل الكبرياء والعظمة ، وأهل الجود والجبروت ، وأهل العفو والرحمة ، وأهل التقوى والمغفرة ، أسألك بحق هذا اليوم الّذي جعلته للمسلمين عيدا ولمحمّد صلى الله عليه وآله ذخرا ومزيدا أن تصلّى على محمّد وآل محمّد كأفضل ما صلّيت على عبد من عبادك ، وصلّ على ملائكتك المقرّبين ورسلك واغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ، اللهمّ إنّي أسألك من خير ما سألك عبادك الصالحون (٤) وأعوذ بك من شرّ ما عاذ بك منه عبادك المرسلون (٥)

وهو قريب ممّا ذكره في المصباح عن غيره ، ويمكن اختيار ما فيه ، للشّهرة ، ولكن سنده غير معلوم ، وزاد عليه في رواية الشيخ عن جابر عن أبي جعفر عليه

__________________

(١) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ٣

(٢) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ٨

(٣) الوسائل باب (٢٦) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ١

(٤) في نسخة «المرسلون» وكما في المطبوعة.

(٥) الوسائل باب (٢٦) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ٢

٤٠٤

ووقتها من طلوع الشمس إلى الزّوال ، ولو فاتت لم تقض ،

ويحرم السّفر بعد طلوع الشّمس قبل الصّلاة

______________________________________________________

السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا كبّر في العيدين قال بين كلّ تكبيرتين : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله ، اللهم أهل الكبرياء والعظمة ، وذكر الدّعاء الى آخره مثله (١) وقال في المنتهى أفضل ما يذكر في القنوت ما نقل عن أهل البيت عليهم السلام والمنقول روايتان إحداهما ما رواه الشيخ ، وذكر حديث جابر ثمّ رواية محمد بن عيسى بن أبي منصور ، فيعلم منه أنّه لا سند لما في المصباح.

قوله : «ووقتها من طلوع الشّمس ـ إلخ» لحسنة زرارة (لإبراهيم في الكافي والتهذيب) عن أبي جعفر عليه السلام قال : ليس في يوم الفطر والأضحى أذان ولا إقامة ، أذانهما طلوع الشّمس ، إذا طلعت خرجوا ، وليس قبلهما ولا بعدهما صلاة ، ومن لم يصلّ مع إمام في جماعة فلا صلاة له ولا قضاء عليه (٢) وفيها دلالة أيضا على كراهة الصلاة قبلها وبعدها إلى الزوال ، كما هو المذكور في الكتب ، إلّا في المدينة ، للرّواية (٣) باستحباب الرّكعتين قبل الخروج في مسجده صلى الله عليه وآله.

وإنّها ليست بفريضة إلّا مع الإمام. وأن لا قضاء لها ، كما في غيرها من الاخبار ، وقد مرّت. فيحمل غيره ، مثل رواية سماعة بعد انبساط الشّمس (٤) على النّدب ، مع الإضمار وعدم الصّحة والصّراحة.

وأمّا تحريم السفر ، فلما مرّ في الجمعة

وأنّها ليست بواجبة على المسافر ، لما في صحيحة زرارة والفضيل بن يسار ، و

__________________

(١) الوسائل باب (٢٦) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ٣

(٢) الوسائل باب (٧) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ٥

(٣) الوسائل باب (٧) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ١٠

(٤) لم نعثر على حديث بهذه العبارة ولكن يدل على المدعى ما رواه سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام ففيها قلت : فإذا كنت في أرض ليس فيها إمام ، فأصلي جماعة بهم؟ فقال : إذا استقبلت (استقلت خ) الحديث ـ الوسائل ، باب (٢٩) من أبواب صلاة العيد ، حديث ـ ٣ فلاحظ

٤٠٥

ويكره بعد الفجر والخطبة بعدها ، واستماعها مستحب

______________________________________________________

هو ثقة (قاله : في المنتهى) (١) ليس في السفر جمعة ولا فطر ولا أضحى (٢) ولكن في الثانية محمّد بن سنان وابن مسكان (٣) والاولى فيها أبان (٤) فلا يضرّ. وأظنّه ابن عثمان ، لنقل فضالة عنه كثيرا. فوجه قول المنتهى في الثانية غير واضح. ونقل في الأوّل أيضا بخطّه ، أنّه إن كان أبان بن تغلب فهو صحيح ، وفيه أيضا تأمّل ، لما مرّ.

ولما ثبت (٥) أنّ حكمها حكم الجمعة. ولعلّ المراد مع كونها واجبة أيضا ساقطة عن المسافر (لا المندوب) كما مع الامام والجماعة. ويدلّ عليهما بعض الاخبار المتقدّمة.

ويدلّ على الثاني صحيحة سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرّضا عليه السلام ، قال : سألته عن المسافر إلى مكّة وغيرها ، هل عليه صلاة العيدين ، الفطر والأضحى؟ قال : نعم ، إلّا بمنى يوم النحر (٦) فحمل على النّدب ، لما مرّ. وعدم صراحته على الوجوب.

وأمّا ما يدلّ على كراهة السّفر بعد طلوع الفجر ، فهي صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا أردت الشخوص في يوم عيد فانفجر الصبح وأنت في البلد ، فلا تخرج حتّى تشهد ذلك العيد (٧)

وقد نقل الإجماع في استحباب استماع الخطبة. ولعلّ وجه الاتّعاظ ، وإسماع ذكر الله تعالى والصّلاة على النبيّ صلّى الله عليه وآله. والخلاف في الخطبة ، وقد مرّت الأخبار ، وفيها دلالة على الوجوب. وقولهم : حكمها حكم

__________________

(١) قال في المنتهى (ص ٣٤٢ بعد نقل صحيحة زرارة) وما رواه في الموثق عن الفضيل بن يسار ، قال : الحديث.

(٢) الوسائل باب (٨) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ٢ ـ ٤

(٣) سند الحديث كما في التهذيب هكذا «احمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن حماد بن عثمان ، وخلف بن حماد ، عن ربعي بن عبد الله (عن خ) والفضيل بن يسار ، عن ابى عبد الله عليه السلام» ولا يخفى انه ليس في سند الحديث ، ابن مسكان.

(٤) سند الحديث كما في التهذيب هكذا «سعد ، عن احمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن ابان ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهم السلام»

(٥) الظاهر انه عطف على قوله : «لما في صحيحة زرارة».

(٦) الوسائل باب (٨) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ٣

(٧) الوسائل باب (٢٧) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ١

٤٠٦

ولو اتّفق عيد وجمعة ، تخيّر من صلّى العيد في حضور الجمعة. ويعلم الامام ذلك. وفي وجوب التكبيرات الزائدة والقنوت بينها ، قولان ويستحب الإصحار بها إلا بمكّة.

______________________________________________________

الجمعة ، إلّا الخطبة تقديما ، إشارة اليه ، فتأمّل. وعلى تقدير الاستحباب ، ظاهر وجه الاستحباب ، المساواة مع الوجوب. ويحتمل الوجوب كما في الجمعة ، والأصل ينفيه ، ونقل الإجماع مطلقا. ولكن لا بدّ من التأمّل في دلالتها على الوجوب.

قوله : «ولو اتفق عيد وجمعة تخير من صلّى العيد في حضور الجمعة» قال الشّارح : هو المشهور. ولا فرق في ذلك بين من كان منزله قريبا أو بعيدا ، خلافا لابن الجنيد حيث حصر الرّخصة بالبعيد ودليله صحيحة الحلبي أنّه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الفطر والأضحى إذا اجتمعا يوم الجمعة؟ قال : اجتمعا في زمان عليّ عليه السلام ، فقال : من شاء أن يأتي الجمعة ، فليأت. ومن قعد فلا يضرّه ، وليصلّ الظهر. وخطب علي عليه السلام خطبتين جمع فيهما خطبة العيد وخطبة الجمعة (١)

وهذه بعمومها تدفع مذهب ابن الجنيد. ومذهب من قال : بوجوب الصّلاتين ، مع التأييد بالشهرة والأصل وغيرها لو كان (٢) مثل ما في مفهوم رواية إسحاق بن عمّار عن أمير المؤمنين عليه السلام. فمن كان مكانه قاصيا فأحبّ أن ينصرف عن الأخرى فقد أذنت له (٣) وكأنّه تمسّك بها ابن الجنيد. مع المفهوم والضّعف والندرة ، في مقابلة الشهرة.

قوله : «ويستحبّ الإصحار بها ـ إلخ» للخبر ، وكذا الاستثناء. فإنّ في الخبر تصلّي في المسجد الحرام (٤)

__________________

(١) الوسائل باب (١٥) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ١

(٢) أي صحيحة الحلبي تدفع مذهب ابن الجنيد ، ومذهب من قال : بوجوب الصلاتين وأيضا تدفع غيرها من الاخبار.

(٣) الوسائل باب (١٥) من أبواب صلاة العيد ، قطعة من الحديث ـ ٣

(٤) الوسائل باب (١٧) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ٣ ـ ٨

٤٠٧

والخروج حافيا بالسكينة ، ذاكرا. وأن يطعم قبله في الفطر ، وبعده في الأضحى ، ممّا يضحّى به.

______________________________________________________

قوله : «والخروج» ماشيا «حافيا» لما روي أنّه صلّى الله عليه وآله لم يركب في جنازة ولا عيد (١) وأنّ عليا عليه السلام قال : من السّنّة أن يأتي العيد ماشيا ، ويرجع ماشيا (٢)

ويدلّ على الحفاة أنّ الرّضا عليه السلام في عهد المأمون خرج حافيا. راويا عن النبيّ صلّى الله عليه وآله. أنه قال : من اغبرّت قدماه في سبيل الله حرّمهما علي النّار (٣)

ويمكن الاستدلال بها على الحفاة في الحرم ، وعلي صلاة الجنازة. بل مطلق العبادة مثل زيارة الحسين عليه السلام وغيرها.

واستحباب السّكينة والوقار والذّكر لله في الطريق ، لما نقل عن الرّضا عليه السلام في الرّواية السالفة وتبعه المأمون (٤) في المشي والحفاة التّواضع والذّكر. واستحباب الطّعام قبل الخروج ، دليله النّصّ (٥) وليكن الفطر من أضحيتك ، للرّواية أيضا (٦)

وأمّا دليل الإفطار في الفطر بالحلو ، فكأنّه حبّ الحلو ووجود الإفطار به في الصوم (٧) وقول الأصحاب : وروى عنه صلى الله عليه وآله أنه كان يأكل في الفطر قبل خروجه تمرات ثلاثا أو خمسا (٨) وفي الذكرى ، أفضل الحلو السكر ، ولكن

__________________

(١ ـ ٢) جامع احاديث الشيعة ، كتاب الصلاة باب ١١ من أبواب صلاة العيدين حديث ـ ١٣ والحديث منقول عن عوالي اللئالى عن النبي صلى الله عليه وآله ، ولفظ الحديث «عن أبي سعيد الخدري عن النبي (ص) أنّه كان يخرج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى المصلّى ماشيا ، وأنّه ما ركب في عيد ولا جنازة ، وقال : من السنة أن يأتي إلى العيد ماشيا ، ثم يركب إذا رجع».

(٣) روى الدارمي الجزء الأخير من الحديث في سننه ، كتاب الجهاد «باب في فضل الغبار في سبيل الله». وأصول الكافي الطبعة الحديثة ، ج ١ باب مولد الرضا عليه السلام. والوسائل كتاب الصلاة باب (١٩) من أبواب صلاة العيدين حديث ـ ١

(٤) كذا في المطبوعة والظاهر انه تصحيف «ويتبعه المأموم» والمأمون لم يحضر الصلاة أصلا.

(٥) الوسائل باب (١٢) من أبواب صلاة العيد فراجع.

(٦) الوسائل باب (١٢) من أبواب صلاة العيد فراجع.

(٧) الوسائل كتاب الصوم ، باب (٩) من أبواب آداب الصائم حديث ـ ٦

(٨) جامع احاديث الشيعة باب (١٠) في صلاة العيدين حديث ـ ١١ ولفظ الحديث : الجعفريات

٤٠٨

وعلى منبر من طين

والتكبير في الفطر عقيب أربع صلوات أوّلها المغرب ليلة ، وفي الأضحى عقيب خمسة عشرة إن كان بمنى أولها ظهر العيد ، وفي غيرها عقيب عشر.

______________________________________________________

المفهوم من الرّواية التمر ، فتأمّل. ولعلّ له دليلا آخر. وأمّا الإفطار بتربة الحسين (ع) ، وإن ورد به الرّواية (١) ولكن للعلم بعدم الصّحة ـ وثبوت تحريم مطلق الطين ، خصوصا التربة المشرفة ، والندرة ـ لا ينبغي فعله : ويمكن حملها على المريض. واستحباب عمل منبر وعدم نقله إلى الصحراء لخبر في التهذيب (٢)

قوله : «والتكبير في الفطر عقيب أربع ـ إلخ» دليل الاستحباب. الشهرة ، والأصل ، وحديث سعيد النقّاش المذكور في التهذيب. قال : قال أبو عبد الله عليه السلام لي أما إنّ في الفطر تكبيرا ولكنّه مسنون ، قال : قلت وأين هو؟ قال : في ليلة الفطر في المغرب والعشاء الآخرة ، وفي صلاة الفجر وفي صلاة العيد ، ثمّ يقطع : قال قلت : كيف أقول؟ قال : تقول «الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا». وهو قول الله (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) (يعني الصيام) (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) (٣) ـ (٤) والشهرة جبرت ضعف السند ، وعدم القائل بالفرق أفاد الاستحباب في الأضحى أيضا ، مع اختلاف المنقول وندرة القول بالوجوب ونقل عن السيد الوجوب للإجماع : وقوله «(وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ). (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ) (٥)» ولبعض الأخبار مثل حسنة محمّد بن مسلم (في الكافي والتهذيب لإبراهيم). قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام : عن قول الله عزّ وجلّ ، (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ)؟ قال : التكبير في أيام التشريق

__________________

بإسناده عن على عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا أراد ان يخرج الى المصلى يوم الفطر كان يفطر على تمرات أو زبيبات. ولا حظ الوسائل ، باب (١٣) من أبواب صلاة العيد

(١) جامع احاديث الشيعة باب (١٠) في صلاة العيدين حديث ـ ٩ ـ ١٦ ولفظ الحديث «وروى أفضل ما يفطر عليه طين قبر الحسين»

(٢) الوسائل باب (٣٣) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ١

(٣) البقرة : ١٨٥

(٤) الوسائل باب (٢٠) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ٢

(٥) البقرة : ٢٠٣

٤٠٩

ويكره التنفل بعدها وقبلها إلّا بمسجد النبي (ص) فإنّه يصلّي ركعتين فيه قبل خروجه.

______________________________________________________

صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر (من) يوم الثالث وفي الأمصار عشر صلوات ، فإذا نفر بعد الأولى أمسك أهل الأمصار ، ومن أقام بمنى فصلّى بها الظهر والعصر فليكبّر (١) ولا قائل ، بالفصل فوجب في المغرب أيضا.

وكذا حسنة زرارة (فيهما له) : قلت لأبي جعفر عليه السلام التكبير في أيّام التّشريق في دبر الصّلوات؟ فقال : التكبير بمنى في دبر خمس عشرة صلاة وفي سائر الأمصار في دبر عشر صلوات ، وأوّل التكبير في دبر صلاة الظهر يوم النحر ، تقول فيه : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله ، والله أكبر ، الله أكبر (ولله الحمد الله أكبر) على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام وإنّما جعل في سائر الأمصار في دبر عشر صلوات لأنّه إذا نفر النّاس في النفر الأوّل ، أمسك أهل الأمصار عن التكبير وكبّر أهل منى ما داموا بمنى إلى النّفر الأخير. (٢)

وفي دلالة الأخبار على الوجوب خفاء ، والآية وإن كانت ظاهرة ، إلّا أنّه قليل القائل ، مع عدم التّصريح بأنّ المراد ذلك. فإنّه يحتمل غيره أيضا ، وإن كانت الحسنة فسّرها ولكن ما ارتفع الاحتمال.

والإجماع غير ظاهر ، وكذا الدّليل على المغرب ، مع أنّ الآية قد فسّرت بأيّام التّشريق ، وليس العيد منها على المشهور ، وكذا ليس التكبير في تمام الثّلاث واجبا ، وكذا لا صراحة في «وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ» على مراده ، وبالجملة الندرة يضعّف القول بالوجوب ، مع البراءة الأصليّة ، وعدم شي‌ء صحيح صريح ينفى ، مع أن دليله لا يخلو عن قوّة ، والاحتياط يقتضيه ، فلا ينبغي التّرك بوجه ، واختيار ما في الحسنة لاعتبار روايته ، ووجودها في الكتب المعتبرة ، فإنّ في الصورة اختلافات كثيرة.

قوله : «ويكره التنفل ـ إلخ» قد مرّ دليله ، وأمّا الاستثناء فلرواية محمد بن الفضل الهاشميّ عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ركعتان من السّنةّ ليس تصلّيان

__________________

(١) الوسائل باب (٢١) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ١

(٢) الوسائل باب (٢١) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ٢ وفي الوسائل عن ابى عبد الله عليه السلام

٤١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

في موضع إلّا في المدينة؟ قال : تصلّي في مسجد الرّسول صلى الله عليه وآله في العيد قبل أن يخرج إلى المصلّي ليس ذلك إلّا بالمدينة ، لأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله فعله (١) وفيها دلالة على تمام المطلوب.

ولكن في الدلالة على الكراهة تأمّل : نعم يفهم عدم الاستحباب ، فتأمّل :

والظاهر كون الاستحباب في المسجد ، وإن كان ظاهر قوله «في المدينة» أعم وإن خصّه بالمسجد ، ويدلّ عليه التأسّي أيضا : وان كان السّند ليس بصحيح (٢) لكنّه مؤيّد بالشهرة بل قريب بالإجماع والأصل ، مع كونها من المندوبة.

وقال الشّارح : «والمراد أنّ من كان بالمدينة يستحب له أن يقصد المسجد قبل خروجه فيصلّى فيه ركعتين ، ثمّ يخرج إلى المصلّى وفي تأدّي ذلك من أكثر العبارات خفاء. انتهى ولا يبعد فهمه ، فافهم.

وقال أيضا ، ولو أقيمت الصلاة في مسجد لعذر ، استحبت صلاة التحية فيه أيضا ، لأنّه موضع ذلك.

الظاهر أنّه لا يحتاج إلى العذر مع أنّ في المدّعى والدّليل تأمّلا ، لعموم أدلّة الكراهة ، إلّا أنّه لما كان في الأدلة ضعف كما أشرنا إليه ، وثبت استحباب التحية بخصوصها ، فتحمل تلك على الكراهة لا بسبب ، بل مجرّد العيد فيستثنى النّوافل الّتي لها سبب كما قيل : في الكراهة في الأوقات الخمسة.

__________________

(١) الوسائل باب (٧) من أبواب صلاة العيد حديث ـ ١٠

(٢) سند الحديث كما في الكافي «محمد بن يحيى ، عن الحسن بن على ، عن عبد الله ، عن العباس بن عامر ، عن ابان ، عن محمد بن الفضل الهاشمي»

٤١١

المقصد الرّابع :

في صلاة الكسوف

تجب عند كسوف الشّمس والقمر ،

______________________________________________________

قوله : «المقصد الرّابع : في صلاة الكسوف ، تجب عند كسوف الشمس والقمر ـ إلخ» قال في المنتهى صلاة كسوف الشّمس والقمر فرض علي الأعيان. وهو مذهب فقهاء أهل البيت عليهم السلام ، فيفهم منه الإجماع.

ويدلّ عليه من الأخبار صحيحة جميل (في الاستبصار والفقيه) عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال : صلاة العيدين فريضة ، وصلاة الكسوف فريضة (١) وليست بموجودة في التهذيب في خبره ، بل في خبر أبو أسامة فقطّ ، وفيه أبو جميلة ، كأنّه المفضّل بن صالح الضعيف.

__________________

(١) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الكسوف والايات حديث ـ ٢

٤١٢

والزّلزلة ، والآيات ، والرّيح المظلمة ، وأخاويف السّماء صلاة

______________________________________________________

وصحيحة أخرى لجميل بن درّاج عن أبي عبد الله عليه السلام في زيادات التهذيب قال : وقت صلاة الكسوف في الساعة التي تنكسف ، عند طلوع الشّمس وعند غروبها. قال : قال أبو عبد الله عليه السلام هي فريضة (١) ومثلها صحيحة محمّد بن حمران الثّقة (٢) وغيرها من الأخبار. والتأسي.

وأمّا دليل وجوبها للزلزلة ، فكأنّه إجماع الأصحاب والخبر ، قال في المنتهى : قال علماءنا : تجب صلاة الكسوف للزّلزلة أيضا ، واستدلّ عليه بصحيحة عمر بن أذينة عن رهط عن كليهما عليهما السلام ، ومنهم من رواه عن أحدهما : أنّ صلاة كسوف الشّمس والقمر والرّجفة والزّلزلة عشر ركعات وأربع سجدات ، صلّاها رسول الله والنّاس خلفه في كسوف الشّمس ففرغ حين فرغ وقد انجلى كسوفها الخبر (٣)

قال في التّهذيب في آخر الخبر ، والمصنّف في المنتهى : الرّهط الّذين رووه الفضيل ، وزرارة ، وبريد ومحمد بن مسلم : كأن الرّجفة والزّلزلة واحد. نقله في الشّرح عن الصّحاح ، أو الرّجفة ما يرجف النّاس ويخوفهم من سائر الأخاويف ، وفي دلالة الخبر على الوجوب خفاء مّا ، والإجماع يزيله.

وأمّا دليل وجوبها لسائر الآيات والأخاويف السماويّة ـ وهي الآيات الخارجة عن العادة ، المخوفة للنّاس عادة ، فلا يضرّ عدم خوف البعض ، ولا يكفي خوف البعض ـ فهي صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم (في التهذيب والفقيه) قالا : قلنا لأبي جعفر عليه السلام هذه الرّياح والظلم الّتي تكون هل يصلّى لها؟ فقال : كلّ أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع ، فصلّ له صلاة الكسوف

__________________

(١) الوسائل : أورد صدره في باب (٤) حديث ـ ٢ وذيله في باب (١) حديث ـ ١ من أبواب صلاة الكسوف والآيات.

(٢) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٧

(٣) الوسائل باب (٧) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ١

٤١٣

ركعتين في كلّ ركعة خمس ركوعات ، يكبر للإحرام ، ثم يقرء لحمد وسورة ، ثم يركع ، ثم يقوم ، فيقرء الحمد وسورة ، ثم يركع وهكذا خمسا ، ثم يسجد سجدتين ، ثم يقوم ، فيصلّي الثانية كذلك ويتشهد ويسلم

______________________________________________________

حتّى يسكن (١) وليس فيها دلالة على الوجوب لغير السّماويّة : إلّا أن الظّاهر أنّ المراد بالسماوية كلّ ما يحدث فوق الأرض ، للعرف.

وصحيحة عبد الرّحمن بن أبي عبد الله (الثقة. في الفقيه) عن أبي عبد الله عليه السلام. قال : سألت الصادق عليه السلام عن الرّيح والظلمة تكون في السّماء؟ والكسوف؟ فقال الصّادق عليه السلام : صلاتهما سواء (٢) قد استدلّ بها المصنّف في المنتهى ، وفي الدّلالة على الوجوب ، الخفاء المتقدّم ، المرفوع ، وغير ذلك من الأخبار الدّالة على العلة (المطلوب خ) (٣) على ما نقل في الفقيه ، فإنّها تدلّ على الوجوب لكلّ مخوف أرضيّة أو سماوية.

وأمّا كيفيتها : فقال المصنّف في المنتهى : وهي ركعتان في كلّ ركعة خمس ركوعات ، وهو مذهب أهل البيت عليهم السلام واستدلّ بالاخبار ، من العامة والخاصّة ، مثل صحيحة الرّهط المتقدّمة ، وصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم كما سيجي‌ء ومثلها روايتا أبي بصير وابن أبي يعفور (٤)

وأمّا ما يدلّ على كون الرّكوع أربعا ـ مثل رواية أبي البختري عن أبي عبد الله عليه السلام. أنّ عليّا عليه السلام صلّى في كسوف الشّمس ركعتين في أربع سجدات ، وأربع ركعات : قام فقرء ثمّ ركع ، ثمّ رفع رأسه فقرء ثمّ ركع ، ثمّ قام فدعا مثل ركعتيه ، (ركعته ، ركعتين خ) ثمّ سجد سجدتين : ثمّ قام ففعل مثل

__________________

(١) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ١

(٢) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٢

(٣) الوسائل باب (١) حديث ـ ٣ ـ ٤ ـ ٥ وباب (٢) حديث ـ ٣ ـ ٤ من أبواب صلاة الكسوف والآيات فراجع.

(٤) الوسائل باب (٧) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٢ ـ ٣

٤١٤

ويجوز أن يقرأ بعض السورة ، فيقوم من الرّكوع فيتمها ، من غير أن يقرأ الحمد ، وإن شاء وزّع السورة على الرّكعات الاولى وكذا الثانية

______________________________________________________

ما فعل في الأولى في قراءته وقيامه وركوعه وسجوده سواء (١) ورواية يونس بن يعقوب قال : قال أبو عبد الله عليه السلام انكسف القمر فخرج أبي وخرجت معه إلى المسجد الحرام. فصلى ثماني ركعات كما يصلّى ركعة وسجدتين (٢) : وحملهما الشّيخ على التّقيّة ـ فهو متروك بالإجماع ، وضعف السّند. فإنّ في الأولى أبو البختري ، وهو وهب بن وهب ضعيف جدّا (٣) ، وفي الثّاني بنان بن محمد مهمل ، والمحسن بن احمد غير ظاهر ، وفي يونس بن يعقوب قول (٤) لكنه اعتقد خيريته ، فلا يقاوم الأخبار الصحيحة الكثيرة المعمولة.

وقال في المنتهى : إنّ محمد بن خالد رواه تارة عن الصّادق وتارة عن أبي البختريّ وهو يوجب تطرّق التّهمة فيه. وأيضا فإنّ محمّد بن خالد ضعيف في الحديث ، وأبا البختريّ أيضا ضعيف وبنان بن محمّد والمحسن بن أحمد عن يونس ، وهؤلاء لا أعرفهم.

وفيه تأمّل ، لأنّه لا يضرّ النقل تارة عن الإمام بلا واسطة ، وتارة بواسطة ، وقد جعل الشيخ رحمه الله أيضا مثله قدحا : وفيه ما فيه.

ومحمد بن خالد الظّاهر أنّه البرقي الّذي وثّقه الشّيخ ، واختار ذلك المصنّف في الخلاصة ، نعم : قال النجاشي : أنّه ضعيف الحديث ، وهو أيضا ليس بصريح بالتضعيف في نفسه ، ولهذا نقل عن ابن الغضائري : حديثه يعرف وينكر ويروى عن الضعفاء.

ويونس بن يعقوب. الظّاهر أنّه ثقة كما اختار ، في الخلاصة قبول روايته.

ويدلّ على تمام الكيفيّة ما رواه الرّهط المذكور في التّهذيب عنه عليه السلام.

__________________

(١) الوسائل باب (٧) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٤

(٢) الوسائل باب (٧) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٥

(٣) سنده كما في التهذيب هكذا : «محمد بن على بن محبوب ، عن احمد بن محمد ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن أبي البختري»

(٤) سنده كما في التهذيب هكذا : «محمد بن على بن محبوب ، عن سنان ، (بنان خ) بن محمد ، عن المحسن

٤١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

إنّ الصلاة في كل هذه الآيات كلّها سواء ، وأشدها وأطولها كسوف الشّمس : تبدء فتكبّر بافتتاح الصلاة ، ثمّ تقرأ أمّ الكتاب وسورة ، ثمّ تركع. ثمّ ترفع رأسك من الرّكوع فتقرء أمّ الكتاب وسورة (ثمّ تركع الثانية ، ثمّ ترفع رأسك من الرّكوع فتقرأ أمّ الكتاب وسورة ـ يب) ثمّ تركع الثالثة ، ثمّ ترفع رأسك من الرّكوع فتقرء أمّ الكتاب وسورة ، ثمّ تركع الرّابعة ثمّ ترفع رأسك من الرّكوع فتقرء أمّ الكتاب وسورة ، ثمّ تركع الخامسة ، فإذا رفعت رأسك قلت : سمع الله لمن حمده ، ثمّ تخر ساجدا فتسجد سجدتين ، ثمّ تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الأولى ، قال : قلت : وإن هو قرء سورة واحدة في الخمس ركعات ، ففرقها بينها؟ قال : أجزأه أمّ القرآن (الكتاب ـ خ) في أوّل مرّة ، فإن قرأ خمس سورة قرأ مع كلّ سورة أمّ الكتاب ، والقنوت في الرّكعة الثانية قبل الرّكوع إذا فرغت من القراءة ثمّ تقنت في الرّابعة مثل ذلك ، ثمّ في السادسة ، ثمّ في الثامنة ثمّ في العاشرة (١) هكذا تتمة حديث الرّهط في التهذيب ، والظّاهر أنّه سقط (٢) قبل قوله : الثالثة ، الثانية ثمّ ترفع رأسك من الرّكوع فتقرء أمّ الكتاب وسورة ثمّ تركع.

والتشهّد وغيره ، علم من سائر الصلوات ، وعدم الخلاف.

وهي تدلّ أيضا على أنّه لا بدّ من أمّ الكتاب في كلّ موضع أتمّ السّورة ، وعدمها في التّبعيض.

ويدلّ عليه أيضا صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم وحسنتهما قالا : سألنا أبا جعفر عليه السلام عن صلاة الكسوف كم هي (من ـ خ) ركعة؟ وكيف نصليها؟ فقال : هي عشر ركعات وأربع سجدات ، تفتح الصلاة بتكبيرة ، وتركع بتكبيرة ، وترفع رأسك بتكبيرة ، إلّا في الخامسة الّتي تسجد فيها ، وتقول سمع الله لمن حمده ، وتقنت في كلّ ركعتين قبل الرّكوع ، وتطول القنوت والرّكوع علي قدر

__________________

بن احمد ، عن يونس بن يعقوب».

(١) الوسائل باب (٧) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ١

(٢) الظاهر ان النسخة التي كانت عنده قدس سره قد سقطت منها هذه الجملة والا فالنسخة التي عندنا من التهذيب لم يسقط منها شي‌ء.

٤١٦

ووقتها من حين ابتداء الكسوف إلى ابتداء الانجلاء ،

______________________________________________________

القراءة والرّكوع والسّجود ، فإن (فإذا ـ خ) فرغت من قبل أن ينجلي فاقعد وادع الله عزّ وجلّ حتّى تنجلي ، فإن انجلى قبل أن تفرغ من صلاتك فأتمّ ما بقي ، تجهر بالقراءة ، قال : قلت : كيف القراءة فيها؟ فقال : إن قرءت سورة في كلّ ركعة ، فاقرأ فاتحة الكتاب ، وإن نقصت من السّورة شيئا فاقرأ من حيث نقصت ولا تقرأ فاتحة الكتاب قال : وكان يستحب أن يقرأ فيها بالكهف والحجر ، إلّا أن يكون اماما يشقّ على من خلفه فإن استطعت أن تكون صلاتك بارزا لا يجنّك بيت فافعل ، وصلاة كسوف الشّمس أطول من صلاة كسوف القمر ، وهما سواء في القراءة والرّكوع والسجود (١)

وهذه تدلّ علي تطويل القراءة والقنوت والمساواة بينهما وبين الرّكوع والسجود. وعدم وجوب الإعادة. واستحباب الذّكر بعدها حتي تنجلي ، والإتمام لو انجلى قبل الفراغ ، وهو واجب على تقدير مضيّ الوقت الّذي يسع ، وإلّا فلا يبعد الاستحباب ، وظاهر الخبر الوجوب مطلقا ، وكذا ظاهر المصنّف في المنتهى حيث قال : ولو خرج الوقت في الكسوفين ولم يفرغ منها أتمّها رواه الشّيخ عن زرارة ـ إلخ. واستحباب الجهر مطلقا.

قوله : «ووقتها ـ إلخ» قد دلّت على ابتداء وقتها صحيحتا جميل ومحمد بن حمران (٢) وأمّا ما يدلّ على أنّ الأخر هو الشّروع في الانجلاء ، فهو صحيحة حمّاد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ذكروا انكساف القمر وما يلقى النّاس من شدّته! قال : فقال أبو عبد الله عليه السلام : إذا انجلى منه شي‌ء فقد انجلى (٣) فالظاهر من قوله «انجلى» رفع ما نيط على الانكساف ومنه الصّلاة : والأصل أيضا يدلّ عليه. والعلة كذلك.

وأمّا الاستصحاب ـ وتحقّق شغل الذّمّة ، والاحتياط ، وعدم صدق الانجلاء

__________________

(١) الوسائل باب (٧) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٦

(٢) الوسائل باب (٤) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٢

(٣) الوسائل باب (٤) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٣

٤١٧

فلو قصر عنها سقطت. وكذا الرّياح والأخاويف

______________________________________________________

حقيقة ، ولهذا يصحّ إطلاق الكسوف على الكسف في الجملة ، واحتمال حمل الحديث على زوال شدّة الكسف وضرره كما يدلّ عليه أوّل الخبر ـ فيدلّ على بقاء الوقت ما لم ينجل بالكلية ، كما هو مذهب الشّهيد رحمه الله. وغيره ، فتأمّل. فإنّ الكلّ محتمل ، لعل ما قاله المصنف قريب ، لصحيح الخبر ، والأصل ، والعلة المنقولة فإنّ الصّلاة لرفع ضرره المتوهم ، وقد ارتفع وقد يمنع عدم صدق الانجلاء حقيقة ، ولهذا ينقسم إلى الكلّ والبعض ، ويدلّ عليه ما في الصّحاح المتقدّم (وقتها الساعة الّتي تنكسف) و (هذه ساعة تنكسف فيه الشّمس) فتأمّل ، فإنّ الثاني محتمل قريب ، ولا تترك الاحتياط ، وفائدة الخلاف ظاهرة.

وأمّا دليل السقوط مع عدم السّعة فظاهر ، لأنّها موقّتة ، فلا يمكن التّكليف في وقت لا يسعها ، وكأنّه الإجماع أيضا والأصل.

وامّا غير الكسوفين ، فقد نقل ـ على عدم اشتراط بقاء الزّلزلة مقدار الصلاة ، وأنّ وقتها مدّة العمر ـ الإجماع وفي غيرها الخلاف فقيل : يشترط وقت تسع الصلاة فيه ، وهو وقتها ، وقيل : لا. فوقتها العمر ، كما في الزّلزلة.

دليل الأوّل الأصل ، وكونها موقّتة ولا معنى حينئذ للإيجاب من دون الوسع فيه ، ولكن الأصل لم يبق مع الدّليل ، وكونها موقتة بالمعنى المتنازع غير ظاهر ، فتكون واجبة أداء دائما كالزّلزلة ، أو لا يكون معتبرا فيها اعتبار الأداء ولا القضاء. لعدمه ، إلّا أن يكون إجماعا ، وهو غير ظاهر.

ودليل اعتبار الأداء الأخبار الدّالّة على الوجوب حين الوقوع ، وهي لا تدلّ على اعتبار الأداء والقضاء ، فيكون هذه الأخاويف علامة للوجوب ، لا بيانا لوقتها ، حتّى احتمل ذلك في الكسوفين أيضا.

ولكن الظّاهر أنّه بعيد فيهما ، لنقل الإجماع ، وظاهر كونهما موقّتة ، للأداء والقضاء كما يشعر به بعض الأخبار ، ويؤيّده صحيحتا جميل ومحمّد (في السّاعة الّتي تنكسف فيه الشمس) ولا يبعد قول ذلك في الغير أيضا ، لما في صحيحة زرارة

٤١٨

ولو تركها عمدا أو نسيانا حتّى خرج الوقت قضاها واجبا ، أمّا لو جهلها فلا قضاء إلّا في الكسوف ، بشرط احتراق القرص أجمع ، ووقت الزّلزلة مدّة العمر ويصلّيها أداء وإن سكنت.

______________________________________________________

الّتي هي دليل الوجوب (فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن (١)) وهو كالصريح في عدم الوجوب بعدها : وكذا ما يدلّ على العلة كما هو المذكور في الفقيه (٢) ويؤيّده ما يدلّ على وجوب القضاء في غير الزّلزلة ، وهو فرع التّوقيت ، وأيضا الظاهر من أمثالها بيان الوقت ، كما في «لِدُلُوكِ الشَّمْسِ».

قوله : «ولو تركها ـ إلخ» خصص بغير الزّلزلة ونحوها : لعدم التّوقيت فيها وكونها أداء دائما : لعدم الوسعة في وقتها غالبا ، وعدم ما يدلّ على التّوقيت ، بل نقل الإجماع على عدمه.

وأمّا الفوريّة الّتي تنافي عدم التّوقيت في الجملة ، وظاهرا ، فليس بواضح الدّليل.

وأمّا دليل قضاء غيرها ـ مع الترك في الوقت الّذي يسعها عمدا أو نسيانا أو غير ذلك ، مع سبق العلم ـ فهو عموم من فاتته فريضة (٣) ومن نام عن صلاة أو نسيها فليقضها إذا ذكرها (٤) وفي الكسوف بخصوصه رواية عمّار ، وإن لم تعلم حتّى يذهب الكسوف ثمّ علمت بعد ذلك ، فليس عليك صلاة الكسوف ، فإن أعلمك أحد وأنت نائم ، فعلمت ثمّ غلبتك عينك فلم تصلّ فعليك قضاءها (٥) وفيها دلالة على عدم وجوب القضاء على تقدير عدم العلم ، واستدلّ المصنّف بها

__________________

(١) الوسائل كتاب الصلاة باب (٢) من أبواب صلاة الكسوف والآيات قطعة من حديث ـ ١ وصدر الحديث هكذا (قلنا : لأبي جعفر عليه السلام هذه الرياح والظلم التي تكون ، هل يصلى لها؟ فقال : كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصل له)

(٢) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث

(٣) الوسائل باب (٦) من أبواب قضاء الصلوات ، فلاحظ.

(٤) الوسائل باب (١) حديث ـ ١ وباب (٢) حديث ـ ٣ من أبواب قضاء الصلوات.

(٥) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ١٠

٤١٩

أمّا لو جهلها فلا قضاء إلّا في الكسوف بشرط احتراق القرص أجمع ووقت الزّلزلة مدّة العمر ، ويصلّيها أداء وإن سكنت

______________________________________________________

على كون خروج الوقت بآخر الانجلاء ، لا بابتدائه : لأنّ الذّهاب لا يصدق بالأوّل (١) وفيه منع ، مع عدم صحّة السّند ، فتأمّل.

ويدلّ على وجوب القضاء مع عدم العلم أيضا بشرط احتراق الكلّ ـ الخبران الأوّلان أيضا في الجملة ، وصحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا انكسفت الشّمس كلّها واحترقت ولم تعلم ، ثمّ علمت بعد ذلك ، فعليك القضاء ، وإن لم يحترق كلّها. فليس عليك قضاء (٢) ورواية محمّد بن مسلم والفضيل في الفقيه أنّهما قالا : قلنا لأبي جعفر عليه السلام ا يقضى صلاة الكسوف من إذا أصبح فعلم وإذا أمسى فعلم؟ قال : إن كان القرصان احترقا كلاهما كلهما قضيت ، وإن كان إنّما احترق بعضهما فليس عليك قضاء (٣) وغيرها من الأخبار.

وحمل صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام ـ قال : سألته عن صلاة الكسوف. هل على من تركها قضاء؟ قال : إذا فاتتك فليس عليك قضاء (٤) على عدم الاحتراق بالكليّة ، وعدم العلم ، ويقيّد أوّل حديث عمّار بعدم احتراق الكلّ.

وأمّا غير الكسوفين. فالظّاهر عدم القضاء إلّا في صورة العمد أو النّسيان ، أو غيره ، مع العلم لما مرّ.

وأمّا دليل وقت صلاة الزّلزلة مدّة العمر ـ إلخ ، فقد مرّ. وقد مرّ أيضا أنّه لا دليل على الفوريّة إلّا مع القول بأنّ الأمر للفور. فلا فرق بينها وبين غيرها إلّا أن يدّعى الإجماع.

__________________

(١) ففي المنتهى بعد نقل خبر عمار ، ما هذا لفظه «والذهاب انما يكون بالانجلاء التام»

(٢) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٢

(٣) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ١

(٤) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٧

٤٢٠