مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ناووسيا ، ويعارض مثل هذا لشهادة الكشي ، مع ان على بن الحسن بن فضال فطحي غير مقبول : على انه لا منافاة (١) وهو ظاهر. ولهذا قال المصنف في الخلاصة والأقرب عندي قبول روايته ، وان كان فاسد المذهب للإجماع المذكور ، وسمى الاخبار بالصحة مع وقوعه في الطريق :

والعجب انه نقل عنه خلافه في حاشيته على الخلاصة عن ولده ، وانه قال في المنتهى انه واقفي لا تعويل على روايته :

وما في حسنة زرارة (في الكافي) عن أبي جعفر عليه السلام. وان كان الحديث بعد التشهد فقد مضت صلاته (٢).

وموثقة زرارة في الزيادات قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من السجود الأخير؟ فقال تمت صلاته : واما التشهد سنة في الصلاة ، فيتوضأ ويجلس مكانه ، أو مكانا نظيفا ، فيتشهد (٣) وقريب منه ما في الكافي في الموثق عن عبيد بن زرارة (٤) ، ولعل المراد بالسنة ما ثبت وجوبه بها ، وان الحدث وقع بعد اعتقاد الخروج عن الصلاة نسيانا : وحملها الشيخ والمصنف على من أحدث بعد التشهد الواجب ، للإجماع على وجوب الإعادة مع الحدث في أثنائها ، وهو بعيد. ولعل الأول أقرب : وهما يجريان (٥) في حديث التسليم ، لكن لا ضرورة.

وما في صحيحة محمد عن أحدهما (ع) في الرجل يفرغ من صلاته وقد نسي التشهد حتى ينصرف فقال : ان كان قريبا رجع الى مكانه فتشهد ، والا طلب مكانا نظيفا فتشهد فيه ، وقال انما التشهد سنة في الصلاة (٦) وقد مر معناها : ولعل الأمر بالرجوع الى مكانه للاستحباب ، ودلالته على المطلوب

__________________

(١) اى لا منافاة بين كونه ناووسيا وكونه من أصحاب الإجماع.

(٢) الوسائل باب ١٣ من أبواب التشهد ذيل حديث ـ ١ وفي التهذيب (بعد الشهادتين).

(٣) الوسائل باب ١٣ من أبواب التشهد حديث ـ ٢.

(٤) الوسائل باب ١٣ من أبواب التشهد حديث ـ ٤.

(٥) يعنى ان الحملين المذكورين يأتيان في حديث زرارة المتقدمة آنفا.

(٦) الوسائل باب ٧ من أبواب التشهد حديث ـ ٢.

٢٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

ظاهرة.

وما في صحيحة وحسنة زرارة عنه عليه السلام في صلاة الاحتياط ، (ويتشهد ولا شي‌ء عليه) (١) ولا قائل بالفصل والأخيرتان ليستا في الزيادات :

وقد مر بعض ما يدل عليه أيضا ، مثل صحيحة محمد بن مسلم : وصحيحة. معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه السلام إذا فرغت من طوافك فائت مقام إبراهيم عليه السلام فصل ركعتين واجعله اماما واقرء في الأوّلى منهما سورة التوحيد قل هو الله احد وفي الثانية قل يا ايها الكافرون ثم تشهد واحمد الله وأثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله واسأله ان يتقبل منك الحديث (٢) وصحيحته أيضا عن أبي عبد الله قال : تدعو بهذا الدعاء في دبر ركعتي طواف الفريضة ، تقول بعد التشهد : اللهم ارحمني (٣) :

واما ما يدل على الوجوب ، فقيل المداومة ، وليس بشي‌ء ، والفعل مع (صلوا) : والتأسي ، وفيه ان الوجوب انما يفهم لو علم الوجه : فإنه (ص) كان يفعل الأعم ، فما لم يعلم فعله على سبيل الوجوب ، يحمل على الندب مع القربة ، ومن المعلوم كون التسليم كذلك فهو بالحقيقة دليل الندب.

وما روى عنه (ص) العامة (٤) والخاصة (٥) ـ (مفتاح الصلاة الطهور ، وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم) وهي مشهورة ـ فيه المنع من صحة السند : والشهرة لا يكفي في مثلها ، وعدم وضوح الدلالة ، إذ كونه محللا لا يستلزم وجوبه ،

__________________

(١) الوسائل باب ١١ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، قطعة من حديث ـ ٣.

(٢) الوسائل باب ٧١ من أبواب الطواف حديث ـ ٣.

(٣) الوسائل باب ٧٨ من أبواب الطواف حديث ـ ١.

(٤) سنن أبي داود ، كتاب الطهارة ، (باب ٣١ ـ فرض الوضوء) ، عن على رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، «مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم» ورواه الترمذي أيضا في كتاب الطهارة (باب ٣ ما جاء ان مفتاح الصلاة الطهور ورواه أيضا ، ابن ماجة والدارمي ، واحمد بن حنبل.

(٥) الوسائل باب ١ من أبواب الوضوء حديث ـ ٤ عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : افتتاح الصلاة الوضوء ، وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم ورواه في الفقيه أيضا ان أمير المؤمنين عليه السلام ، فراجع.

٢٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

على انه معلوم عدم حصر المحلل فيه ، إذ لا شك ان جميع منافيات الصلاة محللة ، غاية الأمر لا تجوز فيها. ويحتمل كونه كذلك على سبيل الاستحباب ، فإنه يحللها أيضا القعود الطويل مثلا ،

والأوامر الكثيرة جدا في اخبار الصحيحة ـ مثل (هكذا صل) مع فعله عليه السلام في خبر حماد ـ (١) فيه ، ما في فعلهم ، مع التأسي ، فإنه معلوم من ذلك الخبر : ان المقصود تعليم الصلاة في الجملة ، وانها مشتملة على المندوبات أكثر من الواجبات :

ولا يمكن إثبات الوجوب بمثله والقول بأنه خرج ما ثبت عدم وجوبه فبقي الباقي : ـ لأنا نظن عدم قصد مثله في أمثاله ، ولهذا ما أمر حماد بالقضاء.

وانه عدل فكأنه (ع) ما علّمه إلا الصلاة الكاملة كما يدل عليه سوق الخبر.

على ان السلام غير موجود في طريق الفقيه والذي هو الصحيح ، بل في طريق الكافي وهو حسن لإبراهيم.

ومثل قولهم سلم ويسلم ـ في مقام الأمر في مواضع كثيرة (٢) ـ فيه ، انه وان وقع ذلك كثيرا جدا ، ولكن ما وقع شي‌ء منه في بيان كيفية الصلاة ، وبيان حصر أفعالها ، بل وقع استطرادا في بيان صلاة الاحتياط ، وقضاء المنسي : أو سجود السهو ، أو طريق التسليم للإمام والمنفرد والمأموم.

نعم ورد في الزيادات خبر أبي بصير ، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في رجل صلى الصبح فلما جلس في الركعتين قبل ان يتشهد رعف؟ قال : فليخرج فليغسل انفه ثم ليرجع فليتم صلاته فان آخر الصلاة التسليم (٣) ولكن فيه انه ليس بصحيح : ومعارض لما سبق (ان أخرها التشهد) : ولا تصريح أيضا ، لأن

__________________

(١) الوسائل باب ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث ـ ٢ ولفظ الحديث (فلما فرغ من التشهد سلم ، فقال : يا حماد هكذا صل).

(٢) راجع الوسائل أبواب التسليم.

(٣) الوسائل باب ١ من أبواب التسليم حديث ـ ٤.

٢٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الجزء المستحب أيضا أخر ، وبعد التسليم ، يحمل على الاستحباب : للجمع بين الاخبار ، مع مراعاة الأصل ، وكذا سائر ما يدل عليه.

والأصل دليل قوى ، سيما مع عدم قوة كثيرة في دليل إفادة الأمر للوجوب مطلقا ، ووجود أكثر المندوبات بصيغة الأمر :

وكأني رأيت الصحيحتين في صلاة الطواف الدالتين على عدم الوجوب (١).

والاحتياط ليس بدليل. مع انه لا يمكن اعتقاد وجوب ما ليس بثابت ، وجوبه ، بل وقد يناقش في إمكان فعله أيضا على هذا الوجه : وكونه ممن لم يثبت عنده ذلك يكون احتياطا ، بل قد يكون خلاف الاحتياط : لانه قد تعرض بفعل شي‌ء من العبادات على غير وجه اعتقد. وقد أشار الى مثله المصنف في المنتهى في بحث رفع اليد في التكبير ، للاحتياط وفي المختلف أيضا موجود مثله.

نعم يمكن الاحتياط في الفعل على طريق الشرطية ، كما تقضى ، وتعاد ، وكسائر العبادات على ما هو المشهور بين الأصحاب ، ولكن على طريق الوجوب فلا : مع انه قد يناقش فيه أيضا ، بل الاحتياط في مثله مشكل : الا انى أظن أن الأحسن هو الاكتفاء بالقربة فقط ، وفيه أيضا قد يناقش ، ولكن أظن إمكانه وعدم الضرر به : فان مثل خبر (حماد) يدل على ان مجرد فعل المأمور به يكفى ، حيث ما فصل الواجب عن الندب ، وما قال افعله على وجهه فتأمل.

وأيضا لا يدل وجوبه في السجود للسهو ان ثبت (على ما يأتي) على وجوبه : لعدم الفصل : لانه ممنوع : فان القول بالوجوب هنا للدليل ، وعدم المعارض ، لا يستلزم القول في غيره ، ولو صح لأمكن القلب ، بأنا قد أثبتنا عدمه في الصلاة ، فكذا في سجود السهو لعدم الفصل ، والظاهر من كلام الشيخ وجوبه في السجدة ، وصرح بعدمه في الصلاة : الله يعلم.

ويدل على وجوب السلام ، بطلان الصلاة بزيادة ركعة أو أكثر عمدا أو سهوا ، وبطلان صلاة المسافر إذا صلاها تماما عمدا ، فان السلام لو لم يكن واجبا

__________________

(١) الوسائل باب ٧١ حديث ـ ٣ وباب ٧٨ من أبواب الطواف حديث ـ ١.

٢٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

لخرج عنها بالصلاة ، على محمد وآله صلى الله عليه وآله فلا تضر تلك الزيادة ، وهذا أحسن الأدلة :

وأجيب عنه بأن القائل بالاستحباب يقول بعدم الخروج الّا بنيته ، أو بالسلام ، أو فعل المنافي ، وذلك مفهوم من الذكرى ، ونقل الشارح الإيماء فيه عن الشهيد (١) وعن الشيخ على :

وفيه بعد واضح ، لانه قريب من القول بوجوب المخرج ، والتخيير بين السلام والمنافي ، وقد منع القائل به في الذكرى ، على ان الشيخ الذي هو رئيس القائلين «قال : في الزيادات ، بعد خبر أبي بصير : قوله عليه السلام (أخر الصلاة التسليم) ، محمول على الأفضل ، واما إتمام الصلاة فلا بد منه ، لان من إتمامها الإتيان بالشهادتين على ما بيناه» (٢)

وهو يشعر بان الخروج يحصل بغيرها. لكن في بعض عباراته إشعار بأنه يحصل بالسلام علينا. فهو مؤيد لما نقل :

ويمكن ان يقال انه يخرج باخر التشهد ، ما لم يقصد ولم يفعل ما يدل على العدم : وان يقال : وان قلنا بالخروج عنها باخر التشهد كما هو الظاهر ويدل عليه ظاهر بعض الاخبار ، وكلام البعض ، مثل قولهم (لا يضر قصد وجوب السلام حيث وقع خارجها)

لكنه قد ورد النص والإجماع بخصوصه ، على انه إذا زاد ركعة ، وأزيد في الصلاة بقصد كونه من الصلاة عمدا أو سهوا قبل فعل المبطل تبطل الصلاة ، وذلك لا ينافي القول بالخروج قبله إذ قد يبطلهما الخارج بالكلية مثل السمعة والعجب على ما نقل وهو أقرب مما مر من القول بان آخر الصلاة ، الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله مع عدم الخروج عنها بها كما مر : وقد صرح به

__________________

(١) قال في روض الجنان : فإن الصلاة انما تتم عند القائل بند ب التسليم ، بنية الخروج ، أو بالتسليم وان كان مستحبا ، أو بفعل المنافي ولم يحصل : وهذا الجواب لا يوجد صريحا في كلام القائلين بالندب ، نعم يمكن استنباطه منه ، وقد أومأ إليه الشهيد ره من غير تصريح وكذلك المحقق الشيخ على رحمه الله انتهى.

(٢) الى هنا كلام الشيخ.

٢٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

القائل بالندب مثل الشارح.

وبالجملة يمكن الجمع بين استحباب السلام والبطلان بالزيادة ، فيرتكب (وان كان بعيدا) للدليل : وعلى هذا لا يضر قصد وجوب التسليم لو أمكن : على انه يرد على ما قيل : انه غاية الأمر يكون الزيادة منافية فلا ينبغي البطلان ، بل يكون مخرجة كسائر المنافيات وكالسلام كما قلتم : فالمرجع هو النص والإجماع.

ثم الظاهر انه لو كان المخرج أحد الأمور ، لا يضر قصد وجوب التسليم مع قطع النظر عما مر ، لانه لا دليل على البطلان بمثله ، إلّا في أثناء الصلاة ، بحيث لا يكون المصلى بعده خارجا عنها ، مع انك قد عرفت ان الدليل على هذا غير تام ، وليس على غيره دليل :

ويحتمل كون مجرد قصد ذلك منافيا ومخرجا ، فتقع خارجها بالكلية ، أو بعد الشروع ، فلا يحتاج الى ارتكاب انه انكشف بعده انه كان خارجا : فإنه بعيد جدا.

وكذا جعل السلام منافيا ، فان ذلك أيضا بعيد على ما يفهم ، ولكن الأول أبعد. ويعارض هذا الدليل القوى ما وقع ، من عدم ضرر الزيادة ، لو جلس في الرابعة مقدار التشهد ، فإنه يعارضه ، ويدل على عدم البطلان بالزيادة مطلقا ، واستحباب السلام بل التشهد ، الّا ان يحمل على فعله ، ويكون ما يدل على البطلان مخصوصا بإتمام المسافر ، أو على ما مر : فكأن سبب البطلان فعل الحضر في السفر فلا يجزى ، كالصوم : فكأنه يعتقد وجوب الأربعة فيه أيضا ابتداء وانتهاء ، مع نهى الشارع ذلك. ولهذا لو فعل ذلك جاهلا لصح ، كأنه بالإجماع والخبر الدال على كون الجاهل فيه ، والجهر معذورا ، وقد تقدم. وسيجي‌ء تحقيق البطلان بالزيادة ان شاء الله.

وليس في (وَسَلِّمُوا) (١) في الآية ، دلالة ، على وجوب السلام في الصلاة ، وهو ظاهر.

__________________

(١) الأحزاب ـ ٥٩.

٢٨٦

وصورته : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أو ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

______________________________________________________

واما تعيين المخرج ، فالظاهر هو التحيير بين : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، كما هو رأي المتأخرين ، مثل المحقق والمصنف والشهيد في أكثر كتبه : ولا يضر قوله في الذكرى : انه مذهب مستحدث في زمان المحقق ، أو قريب منه : بعد ثبوت الدليل : ولكن لا يناسب منه ذلك.

واما الدليل : فقد نقل الإجماع في الذكرى وغيره ، على اجزاء الثاني وكونه مخرجا وسلاما ، وهو مشهور بين أهل الإسلام.

ويدل عليه ما نقل من طرقهم فعله صلى الله عليه وآله ذلك (١) وما روى في الزيادات في الصحيح عن على بن جعفر ، قال : رأيت إخوتي موسى وإسحاق ومحمدا ، بنى جعفر يسلمون في الصلاة عن اليمين والشمال السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله (٢)

ولكن لم يكن ذلك إلا في المأموم إذا كان على يساره احد : فلا يبعد كون ذلك حال التقية ، ولهذا ترك (وبركاته) حيث لم يكن عندهم ، مع وجوده عندنا.

وما في رواية أبي بصير «ثم تؤذن القوم فتقول وأنت مستقبل القبلة ، السلام عليكم (٣)

وما روى من طرقهم عن أمير المؤمنين عليه السلام انه كان يسلم عن يمينه

__________________

(١) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، انه كان يسلّم عن يمينه وعن يساره. السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله. سنن الترمذي (٢٢١ ـ باب ما جاء في التسليم في الصلاة) وعن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة إلخ سنن الترمذي (٢٢٢ باب منه أيضا) وفي مسند احمد بن حنبل عن عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالليل (ثم يسلم تسليمة واحدة السلام عليكم يرفع بها صوته حتى يوقظنا إلخ) ج ٦ ص ٢٣٦ وفي الوسائل باب ٢ من أبواب التسليم حديث ـ ١٤.

(٢) الوسائل ، باب ٢ من أبواب التسليم حديث ـ ٢.

(٣) الوسائل باب ٢ من أبواب التسليم ، قطعة من حديث ـ ٨.

٢٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وشماله السلام عليكم ، السلام عليكم (١)

وفي جامع البزنطي على ما نقل في المنتهى وغيره عن عبد الله بن ابى يعفور عن ابى عبد الله عليه السلام ، قال سألته عن تسليم الامام وهو مستقبل القبلة قال : يقول : السلام عليكم (٢)

وصدق السلام المطلق (في تحليلها التسليم) (٣) : و (آخر الصلاة التسليم) (٤) و (سلم) الموجود في الاخبار الصحيحة الكثيرة ، بل هو المتبادر.

ثم انه ادعى الإجماع في المنتهى في جواز حذف (وبركاته) واختار جواز الاقتصار على قول (السلام عليكم) ويدل عليه الاخبار المتقدمة ، وان كان الظاهر في البعض انه للتقية ، وليس الإجماع إلّا مع ضم (ورحمة الله) وهو مذهب أبي الصلاح على ما نقل في المنتهى ، فلا ينبغي التغيير على تقدير اختياره ، مقدما للخروج.

واما الدليل على الأول ، فهو الصدق ، والاخبار عن أهل البيت عليهم السلام ، مثل رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إذا كنت إماما فإنما التسليم ان تسلم على النبي (عليه وآله السلام ـ يب) وتقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة ، ثم تؤذن القوم فتقول وأنت مستقبل القبلة ، السلام عليكم وكذلك إذا كنت وحدك ، تقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، مثل ما سلمت وأنت امام (٥).

ورواه مروان بن مسلم عن أبي كهمش عن أبي عبد الله عليه السلام ،

__________________

(١) سنن ابن ماجة (٢٨ ـ باب التسليم) حديث ـ ٩١٧ ولفظ الحديث (عن أبي موسى قال : صلى بنا على يوم الجمل صلاة ذكرنا صلاة رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ، الى ان قال : فسلم على يمينه وعلى شماله).

(٢) الوسائل باب ٢ من أبواب التسليم حديث ـ ١١.

(٣) رواه ابن ماجة ، والدارمي ، واحمد بن حنبل ، وأبي داود عن على رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : مفتاح الصلاة الطهور ، وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم ، وفي الوسائل باب ١ من أبواب الوضوء حديث ـ ٤ وباب ١ من أبواب التسليم فراجع.

(٤) الوسائل باب ١ من أبواب التسليم ، قطعة من حديث ـ ٤.

(٥) الوسائل باب ٢ من أبواب التسليم حديث ـ ٨.

٢٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

قال : سألته عن الركعتين الأولتين إذا جلست فيهما للتشهد ، فقلت وانا جالس : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، انصراف هو؟ قال : لا ، ولكن إذا قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فهو الانصراف (١)

وصحيحة الحلبي قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : كلما ذكرت الله عز وجل به والنبي صلى الله عليه وآله فهو من الصلاة ، فإن قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت (٢)

وبها استدل في النهاية ، على عدم الخروج بالسلام عليه (ص) ، مع دعوى الإجماع على ذلك ، فلا يضر مثل قول (وسلام على المرسلين) في القنوت مثلا ، مع انه موافق للفظ القرآن ، وعلى عدم جواز التعيين (٣) أيضا ، لأنه المنقول.

ويدل عليه أيضا رواية أبي بصير في التشهد الطويلين (٤)

وأيضا استدل بصحيحة الحلبي في المنتهى على بطلان الصلاة على تقدير تقديم السلام علينا على التشهد ، لانه يلزم الخروج عن الصلاة قبل تمامها ، وقبل التشهد الواجب. وبما رواه الشيخ في الزيادات بإسناده عن ميسر عن أبي جعفر عليه السلام قال شيئان يفسد الناس بهما صلاتهم ، قول الرجل تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك : وانما هو شي‌ء قالته الجن بجهالة فحكى الله عنهم : وقول الرجل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين (٥) ولا ريب في انه ليس المطلوب إسقاط هذا بالكلية ، بل تقديمه على التشهد ، وهذه موجودة في الفقيه أيضا :

ولعل عدم الريب ، للإجماع والاخبار المتقدمة : وقد نقل الإجماع على عدم وجوبهما معا في الذكرى والنهاية وغيرهما ، فثبت التخيير.

__________________

(١) الوسائل باب ٤ من أبواب التسليم حديث ـ ٢.

(٢) الوسائل باب ٤ من أبواب التسليم حديث ـ ١.

(٣) هكذا في النسخ المخطوطة والمطبوعة التي عندنا ، ولكن الظاهر (التغيير) بدل (التعيين) كقول : السلام على عباد الله الصالحين وعلينا ، أو قال : السلام علينا وعلى عباد الله العابدين ، أو المخلصين ، كما مثل بهما في المنتهى.

(٤) الوسائل باب ٣ من أبواب التشهد حديث ـ ٢.

(٥) الوسائل باب ١٢ من أبواب التشهد حديث ـ ١.

٢٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

واعلم ان القول في التعيين ، أشكل من القول بالوجوب ، أو الندب : إذ قد نقل عن يحي بن سعيد القول بتعين الأول : للروايات المتقدمة : ولكن ليست فيها دلالة واضحة سيما في الصحيحة : فعلى تقدير وجوب الثاني ، يحتمل بطلان الصلاة باختيار الأول : ويؤيده ما يدل على البطلان به مطلقا كما مر : ونقل عن السيد وابى الصلاح وجوبه : فلو اختاره يحتمل البطلان بناء على مذهب يحيى ، وظاهر بعض الروايات الدالة على كون المخرج منحصرا فيه ، فيكون السلام الأجنبي ، الغير المخرج واقعا فيها ، على كلا التقديرين عند الأخر فما بقي ثمة احتياط.

فقول المصنف والمتأخرين ـ مثل الشهيدين والمحقق الثاني : انه لو سلم بقصد الوجوب فلا يضر بالصلاة بوجه ـ محل التأمل :

وكذا قول الشهيد في الذكرى ـ بان الاحتياط للدين أن يأتي بهما جميعا ، مقدما للسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، ناويا به الندب ، ثم يأتي بالثانية بنية الوجوب ، لا العكس.

فإنه لم يأت به خبر منقول ولا مصنف مشهور سوى ما يوجد في بعض مصنفات المحقق ومن بعده ، مع اختياره في الرسالة. انه ما يقدمه منهما يكون واجبا والثاني مستحبا ، ولو عكس لم يجز

وكذا ظاهر المحقق والمصنف في المنتهى ـ محل التأمل : إذ لا يخرج بما ذكره في الذكرى عن خلاف الرسالة. بل عن خلاف المحقق والمصنف ، فإنهما قالا بأيهما بدء كان الأخر مستحبا. وعن خلاف موجب الثاني لاحتمال البطلان ، لوقوع السلام الثابت بالأخبار ، انه مخرج ، بغير قصد الإخراج والوجوب ، بل عن خلاف يحيى الموجب له أيضا ، حيث قدمه بنية الندب ، مع عدم الإخراج.

نعم لو ثبت انه لا يضر ـ لانه مثل الدعاء والثناء في التشهد ، وبعد الشهادتين ، كما دل عليه بعض الروايات ، خصوصا ما يدل على تعيين التشهد ، ويحمل غيره على القبل ، كما نقلناه عن المصنف ، وظاهره عدم الخلاف والريب فيه ، ولم يكن قصد الندب يضر عند يحيى ، ويحمل كلام الرسالة ونحوها من

٢٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

كلام المحقق والعلامة على انه لم يجز ، فلا بد من الإتيان بالمجزي ، فلا تبطل ، أو على انه جعل الأول مندوبا ومخرجا ، والثاني واجبا مبطلا. وهو غير بعيد ـ لخرج عن الخلاف وتم الاحتياط.

ثم قال فيه : ولو أبى المصلي إلّا عن إحداهما فيختار (السلام عليكم) فإنه مخرج بالإجماع ولا يضر بصلاته بوجه. وفيه أيضا تأمل. لأنه يلزم البطلان بناء على ما ذكره يحيى بن سعيد من تعيين الأول ، وبناء على بعض الروايات المتقدمة ، مع عدم دليل صالح له باعترافه ، والإجماع ، ما نعرفه مع وجود المخالف.

وبالجملة لا احتياط هنا ، بل ينبغي ارتكاب ما هو الأقل محذورا ، وفيه أيضا تأمل ، نظرا إلى الشهرة ، والى قول المتقدمين ، مثل الشيخ في التهذيب : فإنه قال : من قال (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) فقد انقطعت صلاته ، فان قال بعد ذلك ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جاز ، ومعلوم ان مراده مع صحة الصلاة ، وكذا ذكره في مصباح المتهجد. ونقل في التهذيب رواية أبي بصير في التشهد الطويل أيضا (١) ، والصدوق في الفقيه : فإنه قال في التشهد : قل في تشهدك ، بسم الله الى قوله. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، ثم تسلم وأنت مستقبل القبلة إلخ.

وكذا بالنسبة الى الاخبار سيما ما نقل في تعليم التشهد كما سنذكره وقول المتأخرين مثل الشهيد والثانيين في حاشيتيهما على الإرشاد والشرائع ، قال زين الدين في شرح الكتاب (٢) (والذي استفيد من بعض الاخبار واختاره جماعة تقديم ، السلام علينا ، وتأخير السلام عليكم ، دون العكس) وغير ذلك : فالظاهر اختيار الجمع وتقديم الأول ، لما تقدم : ولأنه ان لم يكن مخرجا يكون من تتمة التشهد ، كما ورد في العبارات والروايات : وان كان مخرجا فلا كلام : بخلاف العكس فإنه غير موجود في العبارات والروايات كما اعترف به الشهيد :

__________________

(١) الوسائل باب ٣ من أبواب التشهد حديث ـ ٢.

(٢) أي في روض الجنان.

٢٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

وينبغي ترك نيّة الندب والوجوب ، فإنه الأولى على الظاهر : لما مر ولعدم ثبوت دليل الوجه خصوصا في المشتبهات والمشكلات : وان كان للمناقشة فيه مجال.

ولا يبعد اختيار مدلول الروايات ، لعدم العلم بالإجماع وظهور الخبر مع نقله في الكتب المعتبرة ، ذكره رئيس المجتهدين والمحدثين محي الدين في مثل المصباح والتهذيب الذين عليهما مدار الدين.

قال في التهذيب ، الحسين بن سعيد عن النضر عن زرعة عن أبي بصير : وزرعة وان قيل انه واقفي ، لكن قيل مع ذلك ثقة ويبعد الكذب في مثل هذا النقل ، ولهذا أقبله العلماء مثل الشيخ وجعله عمل المسلمين.

وكذا الصدوق في كتابه المضمون بصحته مع حجيته بينه وبين ربه : وبالجملة يحصل الظن القوى بصدوره عنه عليه السلام مع غيره من الأخبار المشترك معه في المضمون ، وفتوى العلماء كما عرفت. واختاره العلامة أيضا في المنتهى ونقل النضر الثقة (كأنه ابن سويد) عنه : والظاهر ان أبا بصير أيضا ، المشهور الثقة ، ولهذا ما يصحح في الكتب ، بل حكم بالصحة مع توثيق غيره ، ولا شك في حصول ظن قوي بصحة فعله : بل أقوى مما في غيره : ولكن ظني لا يغني من جوع.

روى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام. قال : إذا جلست في الركعة الثانية فقل : بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله اشهد ان لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وان محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، أشهد انك نعم الرب وان محمدا نعم الرسول اللهم صل على محمد وآل محمد وتقبل شفاعته في أمته وارفع درجته ثم يحمد الله (حمد الله ـ يب) مرتين أو ثلاثا ، ثم تقوم ، فإذا جلست في الرابعة ، قلت : بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله اشهد ان لا إله إلّا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، أشهد انك نعم الرب وان محمدا نعم الرسول ، التحيات لله والصلوات الطاهرات الطيبات الزاكيات

٢٩٢

ويخرج به من الصلاة.

______________________________________________________

الغاديات ئل) الرائحات السابقات الناعمات لله ما طاب وزكى وطهر وخلص وصفى فلله ، واشهد ان لا إله إلّا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة أشهد ان ربي نعم الرب وان محمدا نعم الرسول واشهد ان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله ، الحمد لله رب العالمين اللهم صل على محمد وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد (وسلم على محمد وعلى آل محمد ـ ئل) وترحم على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد واغفر لنا ولا خواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم ، اللهم صل على محمد وآل محمد وامنن على بالجنة وعافني من النار ، اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر للمؤمنين والمؤمنات ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين الّا تبارا ، ثم قل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام على أنبياء الله ورسله ، السلام على جبرئيل وميكائيل والملائكة المقربين السلام على محمد بن عبد الله خاتم النبيين لا نبي بعده ، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، ثم تسلم (١).

والظاهر : انه ليس بشرط في جواز تقديم ، السلام علينا إلخ على ، السلام عليكم ، كالسلام على النبي ، ذكر جميع ما في هذه الروايات ولا البعض ، كما فهم من كلام الأصحاب ، وبعض الروايات : فلا يضر في الاختصار حيث صعب حفظ ما فيها ، هذا نهاية ما وصل إليه فهمي والله المعين والمفهم.

وفي قوله : (ويخرج به) أي بأحدهما : إشارة إلى انه مع الاستحباب ، يخرج بالسلام ، لا بالصلاة ، من دون انضمام مخرج : ويحتمل عدم الخروج مع بقاء قصد الاستمرار ، حتى يسلم ، أو يفعل غيره ، كما مر.

__________________

(١) الوسائل باب ٣ من أبواب التشهد حديث ـ ٢. ولفظ الحديث بين ما نقله في الوسائل والتهذيب اختلاف يسير فراجع

٢٩٣

ويستحب (عن ـ خ) ان يسلم المنفرد إلى القبلة ويشير بمؤخر عينيه (١) الى يمينه ، والامام بصفحة وجهه والمأموم على الجانبين ان كان على يساره احد ، والّا فعن يمينه.

______________________________________________________

قوله : (ويستحب ان يسلم إلخ) دليل استحباب التسليمة الواحدة للإمام والمنفرد ، وتسليمتين للمأموم ، صحيحة عبد الحميد بن عواض عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ان كنت تؤم قوما اجزئك تسليمة واحدة عن يمينك ، وان كنت مع امام فتسليمتين ، وان كنت وحدك فواحدة مستقبل القبلة (٢)

ويدل على اشتراط المرتين بوجود انسان على يسار المأموم ، كما صرح به الشيخ في التهذيب وغيره ، صحيحة منصور ، (كأنه ابن حازم ، وهو ظاهر ، وصرح به في الاستبصار ،) قال : قال أبو عبد الله عليه السلام الامام يسلم واحدة ، ومن وراه يسلم اثنين ، فان لم يكن عن شماله احد يسلم واحدة (٣) فيحمل المطلق على المقيد. وعلم التقييد والتأويل ، فإنه أطلق أولا وقيده ثانيا.

ويدل أيضا عليه رواية عنبسة بن مصعب (٤) والظاهر من الأحد الإنسان وصرح به الشيخ في التهذيب.

وأيضا الظاهر : ان المقصود ، السلام عليه. ولهذا تردد في وجوب الرد ، مثل وجوبه على المأموم في الرد على الإمام. والظاهر العدم فيهما ، للأصل ، وغير ظاهر تسمية ذلك تحية ، بل هو تسليم الصلاة ، ولو ظهر ذلك للمأموم ومن على يساره يجب الرد : ولكن (الظهور ـ خ) الظاهر بعيد ، والاحتياط يقتضي الرد. فكلام بعض الأصحاب في تعميمه ، ولو كان حائطا ، ما نرى له دليلا.

ويمكن حمل صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم ومعمر بن يحيى و

__________________

(١) (مؤخر العين كمؤمن الذي يلي الصدغ) مجمع البحرين.

(٢) الوسائل باب ٢ من أبواب التسليم حديث ـ ٣.

(٣) الوسائل باب ٢ من أبواب التسليم حديث ـ ٤.

(٤) الوسائل باب ٢ من أبواب التسليم حديث ـ ٦.

٢٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

إسماعيل كلهم عن أبي جعفر عليه السلام قال يسلم تسليمة واحدة إماما كان أو غيره (١) على مأموم لم يكن على يساره احد ، كما قاله الشيخ ، ولما مر من حمل المطلق على المقيد ، ويحتمل الجواز من دون الفضيلة :

ويدل على الفضل ، وان الواحد هو الإنسان أيضا ، رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام المتقدمة : وانما التسليم ان يسلم على النبي عليه وآله السلام وتقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة ، ثم تؤذن القوم فتقول وأنت مستقبل القبلة السلام عليكم ، وكذلك إذا كنت وحدك ، تقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، مثل ما سلمت وأنت إمام ، فإذا كنت في جماعة فقل مثل ما قلت وسلم على من على يمينك وشمالك فان لم يكن على شمالك احد فسلم على الذين على يمينك ، ولا تدع التسليم على يمينك ان لم يكن على شمالك احد (٢).

ثم الذي يستفاد من الاخبار تسليم الامام على اليمين ، فكأنه المراد بالإيماء بصفحة الوجه ، وكذا المأموم الذي ليس على يساره احد : والذي على يساره احد ، يسلم على اليمين والشمال.

واما المنفرد يسلم تجاه القبلة ويومي بمؤخر عينيه ، فما رأيت له دليلا : وكذا التسليم الإمام إلى القبلة مع الإيماء بصفحة وجهه.

والظاهر من التسليم على اليمين والشمال هو المتبادر والمتعارف ، ولعل مرادهم انه يسلم متوجها الى القبلة ثم الإشارة إلى اليمين بعد إتمامه.

وتجاه القبلة كأنه مأخوذ من رواية أبي بصير ، والإيماء إلى اليمين من غيرها : فلا تضاد.

ولكن الظاهر انه على اليمين : وليس في رواية البزنطي في جامعه عن أبي بصير ـ قال : قال أبو عبد الله عليه السلام إذا كنت وحدك فسلم تسليمة واحدة

__________________

(١) الوسائل باب ٢ من أبواب التسليم حديث ـ ٥.

(٢) الوسائل باب ٢ من أبواب التسليم حديث ـ ٨.

٢٩٥

الثاني : التوجه بسبع تكبيرات ، بينها ثلاثة أدعية ، إحداها تكبيرة الافتتاح.

______________________________________________________

على يمينك (١) ـ دلالة على الإيماء بمؤخر العين ، ولا في رواية ابن عواض ، على تسليم الامام تجاه القبلة كما ذكر في المنتهى ، بل ما قلناه من التفصيل.

وقال في المنتهى ، ولا شك في الجواز ، وانما الكلام في الأفضل ، ونقل عدم الإيماء عن المبسوط.

واعلم انه لا ينبغي الاكتفاء في الفتوى بمجرد ما ذكره بعض الأصحاب ، مثل الإيماء بمؤخر العين ، لقوله في النهاية مع تركه في المبسوط ، وجعل من على اليسار أعم من الحائط لذكر ابن بابويه ذلك ، للتساهل في سنن المستحبات ، مع حسن الظن بأنهم لا يقولون مثله عن رأي.

لأنه لا بد من دليل ، وقد لا يكون ما اعتقدوه دليلا ، دليلا عند المفتي ، كما مر في حديث البزنطي ، ومثل دلالة استحباب الجلوس ، على استحباب السجدة بين الأذان والإقامة كما ذكره الشارح : نعم لا يبعد العمل بالسنن المنقولة ، مع عدم صحة سندهما ، للرواية المعتبرة المشهورة بين العامة (٢) والخاصة (٣) : ويمكن تعميمها مع عدم العلم بالمستند ، وظهور عدم الفتوى بغير الخبر ، فتأمل. وكأنه من جملته القصد بالسلام على الأنبياء ، والأئمة ، والملائكة ، والمأمومين ، والامام ، ومن على اليسار : فان دليله غير واضح : والظاهر ان مثله لا يقال الا عن نص ، الله يعلم.

قوله «(الثاني : التوجه بسبع تكبيرات إلخ)» ولا شك في استحباب ذلك في الجملة : ونقل في التهذيب عن على بن الحسين بن بابويه في رسالته ، انه في سبع صلوات ، وقال : ولم أجد له خبرا مسندا : وتفصيل ما ذكره : أول كل

__________________

(١) الوسائل باب ٢ من أبواب التسليم حديث ـ ١٢.

(٢) جامع احاديث الشيعة باب ٩ من أبواب المقدمات حديث ـ ٨ ولفظ الحديث (عدة الداعي ومن طريق العامة : روى عبد الرحمن الحلواني مرفوعا الى جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله من بلغه من الله فضيلة فأخذ بها وعمل بما فيها ايمانا بالله ورجاء ثوابه أعطاه الله تعالى ذلك وان لم يكن كذلك).

(٣) الوسائل باب ١٨ من أبواب مقدمة العبادات : فراجع.

٢٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

فريضة ، وأول ركعة من صلاة الليل ، وفي المفردة من الوتر وأول ركعة من نافلة الزوال ، وأول ركعة من نوافل المغرب ، وأول ركعة من نافلة الإحرام. وقال : هذه الستة المواضع التي ذكرها ، وزاد الشيخ في ركعة الوتيرة.

وكذا في استحباب البعض ثلاثا أو خمسا ، ومن دون الأدعية تدل عليه الاخبار (١) والأقوال.

واما الأدعية : فالذي يدل عليه حسنة الحلبي (لإبراهيم المذكورة في الكافي) عن ابى عبد الله عليه السلام قال : إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطا ثم كبر ثلاث تكبيرات ، ثم قل اللهم إلخ ثم تكبر تكبيرتين ، ثم قل لبيك إلخ ، ثم تكبر تكبيرتين ، ثم تقول وجهت إلخ ثم تعوذ من الشيطان الرجيم ثم اقرء فاتحة الكتاب (٢).

والظاهر منه الاستحباب في كل صلاة ، الّا ان يريد بها الفريضة اليومية للتبادر ، فلا يفهم السبع : والظاهر العموم كما صرح به المصنف في المنتهى وظاهر سائر الكتب.

وأيضا ينبغي الإخفات فيها إلّا للإمام في تكبيرة الإحرام ، ورفع اليد. لقوله عليه السلام (فارفع كفيك) ، واختيار الأخيرة للإحرام.

ولا شك ان المراد استحباب السبع لا كل واحدة واحدة لوجوب الإحرامية.

وان المراد بثلاثة أدعية ما ذكرناه ، ففي العبارة بثلاثة أدعية ما ذكرناه ، ففي العبارة تسامح. لعدم وقوع الكل بينها ، وصرح بها في المنتهى ، ولو ثبت الدعاء بعد السادسة ـ بقوله : يا محسن إلخ كما ذكره الشارح ، ويوجد في بعض الحواشي ـ ليتم من غير مسامحة ، الّا انه غير مشهور ، وغير ما صرح به في غير هذا الكتاب ، مع عدم الاشعار بدعاء التوجه.

الدعاء الأول. على ما في الحسنة المذكورة ، اللهم أنت الملك الحق

__________________

(١) الوسائل باب ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث ـ ١٠ وباب ١ ـ ٧ من أبواب تكبيرة الإحرام.

(٢) الوسائل باب ٨ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١.

٢٩٧

الثالث : القنوت ويستحب عقيب قراءة الثانية قبل الركوع ويدعو بالمنقول وفي الجمعة قنوت آخر بعد ركوع الثانية.

______________________________________________________

لا إله إلا أنت سبحانك انى ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي انه لا يغفر الذنوب إلّا أنت.

والثاني : لبيك وسعديك والخير في يديك والشر ليس إليك والمهدي من هديت لا ملجأ منك إلا إليك سبحانك وحنانيك تباركت وتعاليت سبحانك رب البيت : وفي الفقيه ، بعد (هديت) عبدك وابن عبديك ذليل بين يديك منك وبك ولك وإليك لا ملجأ ولا منجا ولا مفر منك إلّا إليك تباركت وتعاليت سبحانك وحنانيك سبحانك رب البيت الحرام.

والثالث : (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) ـ (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) ـ (حَنِيفاً مُسْلِماً) ـ (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ـ (إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ) ـ وانا من المسلمين ، وزاد في الفقيه بعد (الأرض) على ملة إبراهيم ودين محمد ومنهاج على ، وحذف (عالم الغيب).

قوله : (الثالث. القنوت) لا شك في كونه راجحا : والأدلة عليه كثيرة : وانما الخلاف في وجوبه واستحبابه ، والظاهر هو الثاني : للأصل ، وصحيحة البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : قال أبو جعفر عليه السلام في القنوت ، ان شئت فاقنت وان شئت فلا تقنت ، قال أبو الحسن عليه السلام وإذا كانت التقية فلا تقنت وانا أتقلد هذا (١) وما رواه في الصحيح عن عبد الملك بن عمرو (الممدوح في الجملة) قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القنوت قبل الركوع أو بعده قال لا قبله ولا بعده (٢) وصحيحة سعد بن سعد الأشعري قال : ليس القنوت إلّا في الغداة والجمعة والوتر والمغرب (٣).

ولا شك في دلالتها على عدم الوجوب : فما يدل عليه يحمل على

__________________

(١) الوسائل باب ٤ من أبواب القنوت حديث ـ ١.

(٢) الوسائل باب ٤ من أبواب القنوت حديث ـ ٢.

(٣) الوسائل باب ٢ من أبواب القنوت قطعة من حديث ـ ٦.

٢٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الاستحباب : للجمع ، والشهرة مؤيدة. ولا يبعد كون مقصود الصدوق بالوجوب (١) تأكيد الاستحباب ، فإنه يقول ذلك في كتابه كثيرا.

ولا دلالة في الآية (٢) ولا في صحيحة وهب بن عبد ربه عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له (٣) لقوله (فلا) رغبة (٤).

وأيضا في الطريق ، يونس (٥) ، ولعله ابن عبد الرحمن ، وليس بمعتمد عند الصدوق على الظاهر ، لعله لذلك ما سماه في المنتهى بالصحة ، أو لاشتراكه : ورواية وهب عنه عليه السلام قال : القنوت في الجمعة ، والعشاء ، والعتمة (٦) والوتر ، والغداة ، فمن ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له (٧) لو كان وهب هو ابن عبد ربه الثقة. لكان الخبر صحيحا كما هو الظاهر : ولا خفاء في عدم دلالتهما على الوجوب ، وعلى التقدير يحمل عليه لما مر.

والذي يدل على الرجحان مطلقا بل الاستحباب صحيحة صفوان الجمال. قال : صليت خلف أبي عبد الله عليه السلام أياما فكان يقنت في كل صلاة يجهر فيها أو لا يجهر فيها (٨) والذي يدل عليه مع تفسير المحل صحيحة زرارة وحسنته عن أبي جعفر عليه السلام قال : القنوت في كل صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع (٩).

__________________

(١) قال الصدوق في الفقيه ، باب وصف الصلاة من فاتحتها الى خاتمتها : (والقنوت سنة واجبة من تركها متعمدا في كل صلاة ، فلا صلاة له ، قال الله عز وجل «(وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ)) يعنى مطيعين داعين).

(٢) سورة البقرة الآية ٢٣٨.

(٣) الوسائل باب ١ من أبواب القنوت حديث ـ ١١.

(٤) هكذا في النسخ المطبوعة والمخطوطة التي عندنا ، ولعل الصواب إسقاط لفظة (فلا).

(٥) سند الحديث كما في الكافي هكذا (على ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن وهب بن عبد ربه).

(٦) هكذا في النسخ ولعل العتمة مصحف المغرب ، أو أراد نافلة العشاء ، أو أراد من المغرب العشاء.

(٧) الوسائل باب ٢ من أبواب القنوت حديث ـ ٢.

(٨) الوسائل باب ١ من أبواب القنوت حديث ـ ٣.

(٩) الوسائل باب ٣ من أبواب القنوت حديث ـ ١.

٢٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ويدل على القنوتين في الجمعة ما سيجي‌ء.

وفي الوتر غير ثابت كون الثاني قنوتا ، ولكن لا شك في استحباب الدعاء بعد الركوع أيضا كما هو المذكور في مظانه.

وأيضا لا شك في استحبابه في مطلق الصلاة ، نافلة وفريضة : ويدل عليه الاخبار ، مثل صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن القنوت؟ فقال : في كل صلاة فريضة ونافلة (١) ومثلها قوله عليه السلام في أخرى اقنت في كل ركعتين فريضة أو نافلة قبل الركوع (٢) ، وفيها إشارة إلى استحبابه ، فافهم.

ويدل على عدم القنوت بعد الركوع صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ما اعرف قنوتا الا قبل الركوع (٣).

وينفى ذلك صريحا في الوتر أيضا ، صحيحة يعقوب بن يقطين قال سألت عبدا صالحا عليه السلام عن القنوت في الوتر والفجر وما يجهر فيه ، قبل الركوع أو بعده؟ فقال قبل الركوع حين تفرغ من قرائتك (٤).

واما ما يدل على عدم تعيين شي‌ء : ما رواه إسماعيل بن الفضل (في الصحيح على الظاهر) قال سألت أبا عبد الله (ع) عن القنوت وما يقال فيه؟ قال ما قضى الله على لسانك ولا اعلم فيه شيئا موقتا (٥).

ويدل على كونه مطلق الدعاء ، في غير الوتر ، والاستغفار فيه : صحيحة عبد الرحمن (الظاهر انه ابن أبي عبد الله ، الثقة) عنه عليه السلام. القنوت في الفريضة الدعاء ، وفي الوتر الاستغفار (٦) كأنه للافضلية ، وقد روى صحيحا في

__________________

(١) الوسائل باب ١ من أبواب القنوت حديث ـ ٨.

(٢) الوسائل باب ١ من أبواب القنوت حديث ـ ٩.

(٣) الوسائل باب ٣ من أبواب القنوت حديث ـ ٦.

(٤) الوسائل باب ٣ من أبواب القنوت حديث ـ ٥.

(٥) الوسائل باب ٩ من أبواب القنوت حديث ـ ١.

(٦) الوسائل باب ٨ من أبواب القنوت حديث ـ ١ وفي نقل الحديث تقديم وتأخير ولفظ الحديث (القنوت في الوتر الاستغفار وفي الفريضة الدعاء).

٣٠٠