مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٣٤

المقصد الخامس :

في الأذان والإقامة : وهما مستحبان في الفرائض اليومية خاصة : أداء وقضاء ، للمنفرد والجامع ، للرجل والمرأة : إذا لم تسمع الرجال :

______________________________________________________

قوله : «(وهما مستحبان : إلخ») لا شك ولا خلاف في كونهما عبادة مشروعة.

واما استحبابهما فيما يشرعان فيه ـ ولو كان للرجل ، جماعة : ومغربا وصبحا. خلافا لبعض الأصحاب في الوجوب حينئذ ـ فلما في صحيحة زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل نسي الأذان والإقامة حتى دخل في الصلاة؟ قال : فليمض في صلاته ، فإنما الأذان سنة (١) وهي ظاهرة في المندوب : فحصر الأذان في السنة : دون الوجوب وعدم التفصيل : دليل العموم ، وما في صحيحة داود بن سرحان قال عليه السلام : ليس عليه شي‌ء (٢) اى على ناسيهما حتى دخل.

ولصحيحة عمر بن يزيد قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الإقامة بغير الأذان في المغرب؟ فقال : ليس به بأس ، وما أحب ان يعتاد (٣).

وصحيحة عبيد الله بن على الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل ، هل يجزيه في السفر والحضر اقامة ليس معها أذان؟ قال : نعم ، لا بأس به (٤) وصحيحة عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه السلام قال : يجزيك إذا خلوت في بيتك إقامة واحدة بغير أذان (٥).

وظاهر هذه الاخبار يدل على عدم وجوب الأذان في شي‌ء من الصلوات ولو جماعة : وبانضمام عدم القول بوجوب الإقامة فقط ، يفيد استحبابها أيضا.

وما يدل على وجوب الأذان والإقامة ، بعض الاخبار الغير الصحيح : مثل :

__________________

(١) الوسائل باب ٢٩ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١.

(٢) الوسائل باب ٢٩ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٢.

(٣) الوسائل باب ٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٦.

(٤) الوسائل باب ٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٣.

(٥) الوسائل باب ٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٤.

١٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

لا تدع الأذان في الصلوات كلها فان تركته فلا تتركه في المغرب والفجر (١) ومثل : لا تصل الغداة والمغرب إلا بأذان واقامة ، ورخص في سائر الصلوات بالإقامة ، والأذان أفضل (٢) ومثل ما روى عن أحدهما عليهم السلام قال : ان صليت جماعة لم يجز إلا أذان واقامة ، وان كنت وحدك تبادر امرا تخاف ان يفوتك ، تجزيك اقامة ، إلا الفجر والمغرب ، فإنه ينبغي ان تؤذن فيهما وتقيم (٣).

ولا يخفى ان في سند الأول صباح بن سيابة (٤) ، وهو مجهول ، وفيه شي‌ء أخر : وفي الثاني ذرعة وسماعة (٥) : وفي الثالث ـ مع دلالته على شدة استحبابه فيهما ، للفظة (ينبغي) فهو مؤيد للحمل عليها ـ القاسم بن محمد ، المشترك ، وكذا على بن أبي حمزة وابى بصير (٦) ، فلا يكون حجة على وجوبهما في الجماعة أيضا.

وأيضا يدل على الوجوب : الأمر الواقع في اخبار صحيحة بقطع الصلاة ، والإعادة بعدها لم نسيهما حتى دخل فيها.

مثل صحيحة على بن يقطين قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل ينسى ان يقيم الصلاة ، وقد افتتح الصلاة؟ قال : ان كان قد فرغ من صلاته فقد تمت صلاته ، وان لم يكن فرغ من صلاته فليعد (٧) وكذا ما في صحيحة محمد بن مسلم عن ابى عبد الله عليه السلام قال : في الرجل ينسى الأذان والإقامة

__________________

(١) الوسائل باب ٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٣. وبقية الحديث (فإنه ليس فيهما تقصير).

(٢) الوسائل باب ٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٥.

(٣) الوسائل باب ٧ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١ ـ وروى ذيله في باب ٦ من ابوابنا حديث ـ ٧.

(٤) وسنده كما في التهذيب هكذا الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن معاوية بن وهب ، أو ابن عمار ، عن الصباح بن سيابة).

(٥) وسنده كما في التهذيب هكذا (الحسين بن سعيد ، عن الحسن أخيه ، عن ذرعة ، عن سماعة).

(٦) وسنده كما في الكافي هكذا (محمد بن يحيى ، عن احمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن على بن أبي حمزة ، عن ابى بصير).

(٧) الوسائل باب ٢٨ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٤.

١٦٢

ويتأكدان في الجهرية ، خصوصا الغداة والمغرب.

______________________________________________________

حتى يدخل في الصلاة؟ قال : ان كان ذكر قبل ان يقرأ ، فليصل على النبي صلى الله عليه وآله وليقم ، وان كان قد قرء فليتم صلاته (١) لعل مراده : الصلاة عليه (ص) بقصد الخروج والقطع : وصحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السلام قال : إذا افتتحت الصلاة فنسيت أن تؤذن وتقيم ثم ذكرت قبل ان تركع فانصرف واذن وأقم واستفتح الصلاة ، وان كنت قد ركعت فأتم على صلاتك (٢) وجه الدلالة انه على تقدير الاستحباب لا معنى للأمر بقطع الصلاة الواجبة لنسيان المندوب ، فيكونان واجبين.

والجواب بالمنع. كما في قطع الصلاة الواجبة للاقتداء. وبان الاختلاف في الاخبار يدل على استحباب القطع. وبأنه يفيد الوجوب مطلقا ولا قائل مشهور به. وبان القائل بوجوب القطع غير ظاهر. وبأنه لا معنى لوجوب القطع والإعادة لنسيانهما ، فتأمل.

فيحمل على الاستحباب ، للجمع ، والأصل ، والشهرة. مع عدم مستند خال عن شي‌ء ، للوجوب. ولكن الاحتياط عدم الترك ، خصوصا في الجماعة ، وفي الفجر والمغرب.

ففهم منها : استحباب الرجوع للناسي مطلقا ، ويكون مستحبا قبل الفراغ ، وقبل الركوع آكد ، وقبل القراءة أشد : وشدة استحبابهما للجماعة ، والفجر والمغرب.

واما التأكيد في مطلق الجهرية : فكأنه استفيد من استحباب الجهر ، وليس بمفيد ويحتمل أيضا.

واما استحبابهما للنساء : فيفهم من عموم بعض الاخبار ، وأخذ حكمهن عن حكم الرجل.

وصحيحة ابن سنان قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة تؤذن للصلاة؟ فقال : نعم ، حسن ان فعلت ، وان لم تفعل اجزئها ان تكبر ، وان

__________________

(١) الوسائل باب ٢٩ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٤.

(٢) الوسائل باب ٢٩ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٣.

١٦٣

ويسقط أذان العصر يوم الجمعة ، وفي عرفه ، وعن القاضي المؤذن في أول ورده.

______________________________________________________

تشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله. (١)

وقال المصنف في المنتهى : يجوزان تؤذن المرأة للنساء ويعتددن به ، ذهب إليه علمائنا.

فيحمل ما في صحيحة جميل ـ قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة أعليها أذان واقامة؟ فقال : لا (٢) ـ على نفى شدة الاستحباب ، أو سماع الأجنبي ، فإنه قال : صوتها عورة لا يجوز إسماعها الرجال فيفسد : فلا يجوز اعتداد الرجال على أذانها ، ونقل الاعتداد عن الشيخ ، ورده به (٣).

وليس بواضح تحريم إسماع صوتها ، لعدم الدليل الصالح له ، وسيجي‌ء ، نعم الاولى ترك الاسماع والاستماع ، فالحمل جيد.

وكأن دليل استحبابهما في اليومية : منها الجمعة : الإجماع ، قال المصنف في المنتهى : ولا يؤذن لغير الصلوات الخمس ، وهو قول علماء الإسلام ، ويستحب للصلوات الخمس أداء وقضاء للمنفرد والجماعة : على خلاف مضى : إشارة إلى قول البعض بالوجوب للبعض.

قوله : «(ويسقط أذان العصر إلخ)» لا شك بل لا خلاف في سقوط أذان العصر يوم الجمعة إذا جمع بينها وبين الظهر ، بمعنى عدم استحبابه كما كان :

واما لو لم يجمع فهل يسقط أم لا؟ فاستدلالهم على الأول (٤) ـ بالجمع ، وبسقوط النوافل : وبسقوطه في الجميع بين الظهرين مطلقا على ما روى في الصحيح من الاخبار : بأنه صلى الله عليه وآله جمع بين الظهرين و

__________________

(١) الوسائل باب ١٤ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١.

(٢) الوسائل باب ١٤ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٣.

(٣) قال في المنتهى (قال علمائنا إذا أذنت المرأة أسرت بصوتها لئلا يسمعه الرجال وهو عورة) وقال أيضا (قال الشيخ انه يعتد بأذانهن للرجال ، وهو ضعيف ، لأنها إن جهرت ارتكبت معصية والنهي يدل على الفساد).

(٤) اى على الحكم الأول وهو سقوط أذان العصر يوم الجمعة.

١٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

العشائين بأذان وإقامتين في الحضر من غير علة (١) وفي هذه الصحيحة في الفقيه : من صلى بأذان واقامة صلى خلفه صفان من الملائكة ، ومن صلى بإقامة بغير أذان صلى خلفه صف واحد وحد الصف ما بين المشرق والمغرب (٢) وفيها دلالة على عدم وجوب الأذان مطلقا ، بل الإقامة أيضا : فتأمل ـ يدل على العدم :

وكذا عموم أدلة الاستحباب ، مع عدم الدليل الواضح : وعباراتهم وان كانت عامة ، فليست بحجة سيما مع الدليل المذكور.

وأيضا : الكلام في انه حرام أم لا : فقيل بالتحريم ، لأنه بدعة ، لرواية حفص بن غياث عنه عليه السلام : الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة (٣) : والبدعة حرام وضلالة كما دلت عليها صحيحة مروية في نافلة شهر رمضان جماعة : انها بدعة ، الا وان كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة سبيلها الى النار (٤).

فسقط ما نقل عن الشهيد : ان البدعة ليست بحرام ، بل ما لم يكن في زمانه ص ، وهي قد يكون مكروهة وحراما إلخ (٥).

ولأنه عبادة ، ما وقع الشرع به فيحرم لكونه اختراعا في الشرع.

والظاهر عدم التحريم ، للأصل ، وعموم مشروعية الأذان : وعدم فعلهم ـ والنقل عنهم عليهم السلام ـ لا يدل على التحريم ، وهو ظاهر. والرواية غير صحيحة ، لحفص : وغير صريحة ، لجواز كون المراد به الأذان الثاني للظهر أو الجمعة ، وكونه ثالثا باعتبار الإقامة : وهو الذي مشهور أنه بدعة عثمان ، أو معاوية ، ولا يحتاج الجواز الى النقل بخصوصه ، ويكفى كونه ذكرا في الجملة ، وأدلة مشروعية على العموم فلا يبعد بقاء أصل استحبابه ، ويكون السقوط للترخص وعدم شدة الاستحباب : فلا يضر قصد استحبابه بخصوصه أيضا ، ولو لم

__________________

(١) الوسائل باب ٣٢ من أبواب المواقيت فراجع.

(٢) الوسائل باب ٤ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٦. ونقلها في الفقيه بعد صحيحة عبد الله بن سنان مرسلا بقوله (وروى) فلا حظ الفقيه باب الأذان والإقامة.

(٣) الوسائل باب ٤٩ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١.

(٤) الوسائل باب ١٠ من أبواب نافلة شهر رمضان حديث ـ ١.

(٥) قال في روض الجنان نقلا عن الذكرى ما لفظه : ان البدعة لا تدل على التحريم فان المراد بها ما لم يكن في عهد النبي ص ثم يجدد بعده وهو أعم من الحرام والمكروه انتهى :

١٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

يقصد فلا ينبغي التحريم أصلا. نعم مع القصد يحتمل ، ويحتمل تحريم القصد فقط ، وسيجي‌ء تحقيقه في أذان يوم الجمعة ثانيا.

ويدل على الجواز ، عدم التحريم في القاضي ، والجامع في غير هذا الموضع بالاتفاق ، مع جريان عمدة دليل التحريم وهي كونه بدعة.

وكذا الكلام في يوم عرفة ومزدلفة ، بل السقوط هنا أولى ، لرواية صحيحة بعدم فعله ص (١) وانه ليس بسنة.

ثم الظاهر عدم اشتراط سقوط النافلة ، بسقوط الأذان الثاني (للثانية) للجمع : لتعليلهم بأنه للوقت ، ولا وقت ، وقد حصل الإعلام بالأول ، فما دام وقعتا في الوقت الواحد ، يسقط. ويفهم من كلام الشارح ـ ومن بعض المواضع الأخر : مثل رواية محمد بن حكيم عن ابى الحسن ، عليه السلام قال : سمعته يقول : إذا جمعت بين صلاتين فلا تطوع بينهما (٢) وصحيحة منصور عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن صلاة المغرب والعشاء بجمع؟ (٣) فقال : بأذان وإقامتين لا يصلى بينهما شيئا ، قال : هكذا صلى رسول الله صلى الله عليه وآله (٤) : ـ ان الجمع انما يتحقق مع سقوط النافلة ، بل التعقيب أيضا : لأن الأصل عدم السقوط ، وليس بمعلوم ، السقوط الا مع حذف النافلة والتعقيب ، وان كان صدق الجمع في الجملة يقتضيه ظاهرا.

وليس بمعلوم عدم فعل النافلة ، عن رواية دالة على سقوطه على تقدير الجمع : وهي مثل صحيحة الفضيل وزرارة وغيرهما عن أبي جعفر عليه السلام : ان رسول الله صلى الله عليه وآله جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين ، وجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين (٥) وفي الفقيه : في الحضر من غير

__________________

(١) الوسائل باب ٣٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١ ـ ٣ ـ وقوله (وانه ليس سنة) إشارة إلى مفهوم الحديث الأول من هذا الباب.

(٢) الوسائل باب ٣٣ من أبواب المواقيت حديث ـ ٢.

(٣) في النسخة المطبوعة في التهذيب (أيجمع؟) بدل قوله : (بجمع).

(٤) الوسائل باب ٣٤ من أبواب المواقيت حديث ـ ١.

(٥) الوسائل باب ٣٢ من أبواب المواقيت حديث ـ ١١.

١٦٦

وعن الجماعة الثانية إذا لم يتفرق الاولى.

______________________________________________________

علة (١).

بل ناظر الى فعل النافلة مع سقوط الأذان : صحيحة أبي عبيدة (الثقة) قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كانت ليلة مظلمة وريح مطر صلى المغرب ، ثم مكث قدر ما يتنفل الناس ، ثم أقام مؤذنه ثم صلى العشاء الآخرة ثم انصرفوا (٢).

وأيضا يبعد عنه إسقاط النافلة من غير عذر مع دخول وقتها : فيمكن سقوط الأذان والاختصار على الإقامة مطلقا ، مع أفضلية الجمع بين الأذان والإقامة إلا مع ترك النافلة ، فإنه لا يبعد حينئذ أفضلية ترك الأذان لما مر : ولانه غير متحقق إلا في هذه الصورة مع وجود الأدلة العامة على استحبابه ، سيما مع النافلة والتعقيب ، فتأمل : فيترك نافلة المغرب وتصلى بعد العشاء في المزدلفة ، ويحتمل كونها أداء حينئذ ، وقضاء كما هو مقتضى وقتها مطلقا.

وأيضا صرحوا بأن الأذان الأول إذا وقع في وقت أية الصلاتين ، يكون لها ، سواء الأولى أم الثانية ، لخروج وقت الأخرى ، وليس ببعيد : وقد يكون للأولى منهما ، مع خروج الوقت ، لتقدمها ، وعدم العلم بأنه للوقت فقط : ولهذا لو صلاهما في وقت واحدة منهما ، مع عدم الجمع ـ بان يفصل بينهما بزمان كثير ، بشرط عدم خروج وقت تلك الواحدة ـ يؤذن لهما ويقيم.

الا ان يقال : هذا داخل في الجمع ، فيسقط ، ولكنه غير معلوم ، ولا يقال لغة له الجمع ، ولا عرفا : وشرعا غير ظاهر.

ولا شك في عدم سقوط استحباب الأذان الثاني في الورد ، للقاضي. للعموم ، ومشروعيته في الأداء ، وكونه كالأداء ، ووجوده في الخبر في الصلاة المعادة (٣) فالسقوط رخصة : الله يعلم.

واما سقوطهما عن المصلى في موضع صلى فيه الجماعة ، مع عدم تفرقهم. فالظاهر انه راجح ، لا فضل في فعلهما ، كالأذان الثاني يوم الجمعة.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٢ من أبواب المواقيت حديث ـ ١.

(٢) الوسائل باب ٢٢ من أبواب المواقيت حديث ـ ٣.

(٣) الوسائل باب ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٧.

١٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

لورود المنع بقوله عليه السلام أحسنت وادفعه وامنعه أشد المنع : في رواية أبي على قال : صلينا في المسجد الفجر فانصرف بعضنا وجلس بعض في التسبيح ، فدخل علينا رجل المسجد فاذن فمنعناه ودفعناه عن ذلك : فقال الصادق عليه السلام : أحسن ادفعه عن ذلك وامنعه أشد المنع : فقلت فان دخلوا فأرادوا أن يصلوا فيه جماعة؟ قال : يقومون في ناحية المسجد ولا يبدوا بهم امام (١) وفي رواية أبي بصير : الرجل يدخل المسجد وقد صلى القوم ، أيؤذن ويقيم؟ قال : اى ، أبو عبد الله عليه السلام : إذا كان دخل ولم يتفرق الصف ، صلى بأذانهم وإقامتهم ، وان كان تفرق الصف اذن واقام (٢) وفي رواية زيد بن على عن آبائه عليهم السلام قال : دخل رجلان المسجد وقد صلى على عليه السلام بالناس ، فقال لهما على عليه السلام ان شئتما فليؤم أحد كما صاحبه ولا يؤذن ولا يقيم (٣) فكأنها محمولة على عدم التفرق ، وهو غير متحقق مع جلوس البعض معقبا كما دلت عليه الرواية الاولى.

وهذه تدل على الاهتمام بالجماعة ، والاولى تدل على عدم العلم بالمسئلة ، فتأمل فيه ، وهي يدل على سقوطهما عن المفرد والجامع.

والظاهر عدم اشتراط المسجد ، لعدم القيد في كلام الامام عليه السلام : وظاهر الجواب يدل على العلة ، وهي وجوب الجماعة.

فيكون السقوط مطلقا عند العامل بها : مع عدم الصحة : لمقارنتها بالفتوى والشهرة : فتخصيص المصنف بالجماعة الثانية ، غير واضح : الا ان تخصيص الاخبار بها ، لما مر من الرواية الدالة على إعادتهما ، للجمع بينهما.

اما من لم يعمل بها فلا يقول بالسقوط : ويؤيده ما روى عن أبي عبد الله

__________________

(١) الوسائل باب ٦٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٢ ـ وصدر الحديث هكذا (عن ابى على ، قال : كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فأتاه رجل ، فقال : جعلت فداك صلينا إلخ).

(٢) الوسائل باب ٦٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ١.

(٣) الوسائل باب ٦٥ من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٣.

١٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه السلام انه سال عن الرجل إذا أدرك الإمام حين سلم؟ قال : عليه ان يؤذن ويقيم ويفتتح الصلاة (١).

وكذا عموم أدلة استحبابهما والترغيب فيهما مع عدم صحة المسقط. ويمكن القول هنا بان السقوط اولى ، للتخفيف والرخصة : للروايات المتقدمة ، خصوصا رواية أبي بصير ، فان سندها ليس فيه الا ابان (٢) ، فإنه لا بأس به : وعلى بن الحكم ، والظاهر انه الثقة ، ويكون المنع محمولا على المبالغة ، والاولى على من لم يقبله ولم يعتقده ، وان كان بعيدا.

وورد اخبار بسقوطهما لسماعهما عن الغير : بقول الباقر عليه السلام ، على ما روى : فانى مررت بجعفر وهو يؤذن ويقيم فلم أتكلم فأجزأني ذلك (٣) وفي رواية عمرو بن خالد عن أبي جعفر عليه السلام قال : كنا معه فسمع اقامة جار له بالصلاة ، فقال : قوموا ، فقمنا وصلينا معه بغير أذان ولا اقامة : قال ويجزيكم أذان جاركم (٤) وفي هذه الاخبار دلالة ما ، على عدم وجوبهما ، لكن السند غير صحيح (٥).

ورواية عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ـ قال : سئل عن الرجل يؤذن ويقيم ليصلي وحده ، فيجي‌ء رجل أخر فيقول له نصلي جماعة ، هل يجوزان يصليا بذلك الأذان والإقامة؟ قال : لا ، ولكن يؤذن ويقيم (٦) ـ يدل على استحباب الإعادة لو اذن واقام بنية الافراد ، ثم جاء أخر ويقول له نصلي الجماعة : ولا يضر عدم صحة السند في مثله.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٥.

(٢) وسند الحديث كما في التهذيب هكذا (احمد بن محمد ، عن على بن الحكم ، عن ابان ، عن ابى بصير).

(٣) الوسائل باب ٣٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٢.

(٤) الوسائل باب ٣٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٣.

(٥) وسند الحديث كما في التهذيب هكذا (سعد عن ابى الجوزاء المنبه بن عبد الله ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد).

(٦) الوسائل باب ٢٧ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١.

١٦٩

وكيفيته : ان يكبر أربعا ، ثم يشهد بالتوحيد ، ثم بالرسالة ، ثم يدعو إلى الصلاة ، ثم الى الفلاح ، ثم الى خير العمل ، ثم يكبر ، ثم يهلل مرتين مرتين : والإقامة كذلك ، الا انه يسقط من التكبير الأول مرتان ، ومن التهليل مرة ، ويزيد مرتين : قد قامت الصلاة : بعد : حي على خير العمل.

ولا اعتبار بأذان الكافر ، وغير المميز وغير المرتب : ويجوز من المميز.

______________________________________________________

قوله : «(وكيفيته إلخ)» لا يبعد العمل بالكيفية المذكورة المشهورة. ودل عليها بعض الاخبار الصحيحة (١) وان دلت الاخبار على غيرها أيضا (٢) مثل كونهما مثنى مثنى ، فحمل على الاستعجال أو التقية. ويحتمل التخيير ، مع أفضلية المشهورة ، والحمل على السفر.

قوله : «(ولا اعتبار بأذان الكافر إلخ)» العمدة في الأدلة : الإجماع المنقول ، والأصل : والغفران للمؤذنين (٣) وكونه أمينا (٤) ـ يدل عليه أيضا.

ويدل على جواز الاعتداد بأذان الصبي : الخبر (٥) بل بالإجماع المنقول ، على الظاهر ، لعل المراد به المميز : والخبر مروي عن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول : لا بأس ان يؤذن الغلام قبل ان يحتلم ، ولا بأس ان يؤذن المؤذن وهو جنب ، ولا يقيم حتى يغتسل (٦) ولا يضر عدم صحة السند (٧) ، مع

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ من أبواب الأذان والإقامة ، فراجع.

(٢) الوسائل باب ١٩ من أبواب الأذان والإقامة ، فراجع.

(٣) الوسائل باب ٢ من أبواب الأذان والإقامة ، فراجع.

(٤) الوسائل باب ٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٢ ـ ولفظ الحديث (المؤذن مؤتمن ، والامام ضامن) وفي حديث ـ ٦ ـ من هذا الباب (وقال الصادق عليه السلام في المؤذنين : إنهم الامناء) وفي حديث ـ ٧ ـ من هذا الباب أيضا عن بلال قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول (المؤذنون أمناء المؤمنين على صلاتهم وصومهم ولحومهم ودمائهم الحديث) الى غير ذلك فراجع.

(٥) الوسائل باب ٣٢ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٢ ـ ونقل ذيل الحديث في باب ٩ من ابوابنا حديث ـ ٦ ـ وفي الباب روايات أخر فراجع.

(٦) الوسائل باب ٣٢ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٢ ـ ونقل ذيل الحديث في باب ٩ من ابوابنا حديث ـ ٦ ـ وفي الباب روايات أخر فراجع.

(٧) فان سنده كما في التهذيب في باب الأذان والإقامة هكذا (الحسين بن سعيد ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن غياث بن كلوب فهر العجلي ، عن إسحاق بن عمار).

وفي باب الزيادات هكذا محمد بن احمد بن يحيى عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن غياث بن كلوب ، عن إسحاق بن عمار.

١٧٠

ويستحب ان يكون عدلا صيتا ،

بصيرا بالأوقات.

قائما على مرتفع.

______________________________________________________

انها صحيحة في باب الزيادات.

وكأن دليل اشتراط الترتيب أيضا ، الإجماع : وصحيحة زرارة عن الصادق عليه السلام قال : من سها في الأذان فقدم أواخر ، أعاد على الأول الذي أخره حتى يمضى على أخره (١) ولأنه عبادة متوقفة على السماع ، وما سمع الا بالترتيب : ومعنى اشتراط الترتيب : عدم الاعتداد بغير المرتب : ولا يبعد الإثم مع اعتقاد مشروعية عدم الترتيب عمدا.

قوله : «(ويستحب ان يكون عدلا)» استحباب كونه عدلا : بمعنى شدة استحباب اختيار العدل ذلك ، وترك الفاسق أو نصب الحاكم إياه ظاهرا ، وان لم نقل بجواز تقليده ، لحصول الظن القوى ، بل العلم مع القرائن.

وكذا البصارة والبصيرة ، ورفع الصوت : ويدل عليه ما في صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إذا أذنت فلا تخفين صوتك ، فان الله يأجرك مد صوتك فيه (٢).

والقيام على المرتفع : يدل عليه الفعل في زمانه صلى الله عليه وآله على ما نقل (٣).

ويدل عليهما قوله صلى الله عليه وآله : إذا دخل الوقت يا بلال اعل فوق الجدار وارفع صوتك بالأذان (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ٣٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١.

(٢) الوسائل باب ١٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٥.

(٣) سنن أبي داود ج ١ (باب الأذان فوق المنارة ، حديث ـ ٥١٩ ـ ولفظ الحديث (عن امرءة من بنى النجار ، قالت : كان بيتي من أطول بيت حول المسجد ، وكان بلال يؤذن عليه الفجر ، فيأتي بسحر ، فيجلس على البيت ، ينظر الى الفجر الحديث).

(٤) الوسائل باب ١٦ من أبواب الأذان والإقامة قطعة من حديث ـ ٧. وصدر الحديث هكذا (عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : كان طول حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ، قامته ، فكان يقول لبلال : إلخ).

١٧١

مستقبلا للقبلة.

متأنيا في الأذان

محدرا في الإقامة ، واقفا على أواخر الفصول.

متطهرا ، قائما على مرتفع مستقبلا للقبلة.

______________________________________________________

وكذا الاستقبال : مع وجود الأمر في الخبر (١).

ويدل على استحباب التأني قوله عليه السلام : إذا أذنت فترسل : اى تمهل (٢) وما روى عن الصادق عليه السلام انه قال : التكبير جزم (٣) في الأذان مع الإفصاح بالهاء والالف (٤).

والوقف والحدر أيضا موجودان في الخبر (٥) والوقف : بمعنى إسكان أواخر الفصول هنا على ما قالوه ، وفي الخبر اشارة اليه : ففيه كما سيجي‌ء إشارة إلى جواز الوقف بمجرد حذف الحركة : ويشترط القراء (السكون خ ل ـ) معه بمقدار قطع النفس. والخبر هو حسنة زرارة : قال قال أبو جعفر عليه السلام : الأذان جزم بإفصاح الألف والهاء والإقامة حدر (٦) وفي حسنة أخرى في الفقيه عن الصادق عليه السلام : الأذان والإقامة مجزومان (٧) وفي الأخر موقوفان (٨).

ويدل على اشتراط الطهارة والقيام مستقبل القبلة في الإقامة دون الأذان بالمعنى المذكور ، صحيحة ابن سنان (أظنه عبد الله) عن الصادق عليه السلام قال : لا بأس ان تؤذن وأنت على غير طهور ، ولا (تقيم الا وأنت على وضوء (٩) و

__________________

(١) جامع احاديث الشيعة ، باب ٢٣ في الأذان ، وعنوان الباب (يستحب ان يكون المؤذن مستقبل القبلة إلخ) وفي الوسائل باب ٤٧ من أبواب الأذان والإقامة ، وعنوان الباب (باب جواز الأذان الى غير القبلة واستحباب استقبالها خصوصا في التشهد إلخ.)

(٢) قال في المنتهى ص ٢٥٦ : روى الجمهور عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال إذا أذنت فترسل ، وإذا قمت فاحدر إلخ.

(٣) في الحديث التكبير جزم ، يريد بالجز الإمساك عن إشباع الحركة ، والتعمق فيها ، وقطعها أصلا ، يقال : جزمت الشي‌ء جزما من باب ضرب قطعته عن الحركة. مجمع البحرين.

(٤) الوسائل باب ١٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٣.

(٥) الوسائل باب ٢٤ من أبواب الأذان والإقامة فراجع

(٦) الوسائل باب ٢٤ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٢.

(٧) الوسائل باب ١٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٤.

(٨) الوسائل باب ١٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٥.

(٩) الوسائل باب ٩ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٣.

١٧٢

تاركا للكلام خلالهما.

والكلام لغير مصلحة الصلاة بعد قد قامت الصلاة.

______________________________________________________

صحيحة عبد الله بن سنان قال : لا بأس بالمسافران يؤذن وهو راكب ويقيم وهو على الأرض قائم (١) وصحيحة محمد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام يؤذن الرجل وهو قاعد؟ قال : نعم ، ولا يقيم الا وهو قائم (٢) وصحيحة أحمد بن محمد عن العبد الصالح عليه السلام قال : يؤذن الرجل وهو جالس ، ولا يقيم الا وهو قائم : وقال : تؤذن وأنت راكب ، ولا تقيم الا وأنت على الأرض (٣) وصحيحة محمد عن أحدهما عليهما السلام قال : سألته عن الرجل يؤذن وهو يمشي ، أو على ظهر دابته ، أو على غير طهور؟ فقال : نعم إذا كان التشهد مستقبل القبلة فلا بأس (٤) لعل القيد لشدة الاستحباب :

وكأن به استدل الشيخ على اشتراط القبلة في شهادتي الأذان ، ونقل عنه في المنتهى.

وفي خبر آخر : إذا أقمت الصلاة ، فأقم مترسلا فإنك في الصلاة (٥) وفيه دلالة على اشتراط ما سبق : من الطهارة ، والاستقبال ، وتحريم الكلام ، ويدل عليه أيضا صحيحة عمرو بن أبي نصر قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام أيتكلم الرجل في الأذان؟ قال : لا بأس : قلت في الإقامة؟ قال : لا (٦) ورواية ابن أبي عمير.

قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يتكلم في الإقامة؟ فقال : نعم ، فإذا قال المؤذن : قد قامت الصلاة : فقد حرم الكلام على أهل المسجد الحديث (٧) وغير ذلك من الاخبار ، ولكن غير صحيحة : ويحتمل الصحة في رواية ابن أبي عمير : وفيها دلالة على تحريم الكلام ، بعد : قد قامت الصلاة :

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٤.

(٢) الوسائل باب ١٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٥.

(٣) الوسائل باب ١٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٦.

(٤) الوسائل باب ١٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٧.

(٥) الوسائل باب ١٣ من أبواب الأذان والإقامة قطعة من حديث ـ ٩.

(٦) الوسائل باب ١٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٤.

(٧) الوسائل باب ١٠ من أبواب الأذان والإقامة قطعة من حديث ـ ٧.

١٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

لا قبله ولا يبعد ان يكون المراد به الاشتراط بالمعنى المذكور سابقا : ويشعر به صحيحة محمد بن مسلم قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : لا تتكلم إذا أقمت الصلاة فإنك إذا تكلمت أعدت الإقامة (١) وفيه إشعار أيضا بتخصيص التحريم على المؤذن.

والظاهر عدم الاشتراط ، وعدم التحريم ، للأصل ، والشهرة ووجود المبالغة في المندوبات كثيرا ، وظهور الخبر الأول فيها : وصحيحة حماد بن عثمان قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يتكلم بعد ما يقيم الصلاة؟ قال : نعم (٢) وكذا ما في خبر الحسن بن شهاب ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : لا بأس ان يتكلم الرجل وهو يقيم الصلاة (للصلاة ـ خ ل) ، وبعد ما يقيم إنشاء (٣) فالحمل على المبالغة والكراهة طريق صالح للجمع.

ولا يحتاج الى الحمل على حال التعذر والضرورة : والاحتياج الى الكلام بما يتعلق بمصلحة الصلاة ، بناء على ما ذكر في بعض الاخبار الغير الصحيحة (٤) وصحيحة زرارة في الفقيه قال : إذا أقيمت الصلاة حرم الكلام على الامام وأهل المسجد إلا في تقديم امام (٥) مع مخالفة الشهرة والكثرة ، ولزوم الحمل على خلاف الظاهر في الموضعين : فان الظاهر هو التعميم في الكلام ، وعدم التفاوت الا بحسب الضرورة ، ولا ضرورة في التقديم والتأخير ، بل معها أيضا كالصلاة ، فتأمل.

وكذا يمكن حمل ما يدل على اشتراط الأمور السابقة ، على الاستحباب والمبالغة لعدم الصراحة عن الامام عليه السلام في البعض ، وعدم الصحة في البعض ، ووجود مثلها في الندب ، وللشهرة ، وللأصل : والاحتياط يقتضي عدم الترك.

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٣.

(٢) الوسائل باب ١٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٩.

(٣) الوسائل باب ١٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١٠.

(٤) الوسائل باب ١٠ من أبواب الأذان والإقامة فراجع

(٥) الوسائل باب ١٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١.

١٧٤

فاصلا بركعتين ، أو بسجدة ، أو جلسة :

وفي المغرب بخطوة أو سكتة

______________________________________________________

واما الفصل بينهما بما ذكر : ففي الاخبار (١) وفي بعضها أقل التسبيح بينهما الحمد لله (٢) وفي البعض رأيت الصادق عليه السلام اذن واقام من غير ان يفصل بينهما بجلوس (٣) وفي البعض ركعتين بينهما في الظهرين (٤) وفي الفجر أيضا (٥) وفي بعض أخر ركعتين مطلقا (٦) وفي البعض القعود أو التسبيح أو الكلام (٧) وهو يدل على عدم قصور الكلام بينهما ، وما ورد فيه من النهي يحمل على ما فيهما ، أو يحمل هذا على الدعاء ونحوه.

واما المغرب : فإنه روى فيه نفس (٨) كأنه المراد بالسكتة ، وحملت على ضيق الوقت ، لما ورد في أخرى عن الصادق عليه السلام قال : من جلس فيما بين أذان المغرب والإقامة كان كالمتشحط بدمه في سبيل الله (٩) وهو جمع حسن.

وينبغي ترك الخطوة لعدم الخبر (١٠) ولو ترك السجود لكان أحسن لذلك (١١).

ولعل لهم دليلا ، فإنهما مشهور ان بينهم.

__________________

(١) الوسائل باب ١١ من أبواب الأذان والإقامة فراجع ، وعنوان الباب (باب استحباب الفصل بين الأذان والإقامة بجلسة أو كلام أو تسبيح أو ركعتين أو نفس أو سجود).

(٢) الوسائل باب ١١ من أبواب الأذان والإقامة قطعة من حديث ـ ٥.

(٣) الوسائل باب ١١ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٩.

(٤) الوسائل باب ١١ من أبواب الأذان والإقامة قطعة من حديث ـ ١٣.

(٥) الوسائل باب ٨ من أبواب الأذان والإقامة قطعة من حديث ـ ٧.

(٦) الوسائل باب ١١ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٢.

(٧) الوسائل باب ١١ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٤.

(٨) الوسائل باب ١١ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٧.

(٩) الوسائل باب ١١ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١٠.

(١٠) ويدل عليه ما رواه في جامع احاديث الشيعة باب (٢٦) في الأذان ، حديث ـ ١٣ ـ ولفظ الحديث (عن فقه الرضا عليه السلام قال : وان أحببت أن تجلس بين الأذان والإقامة فافعل ، فان فيه فضلا كثيرا ، وانما ذلك على الامام ، والمنفرد فيخطو تجاه القبلة خطوة برجله اليمنى ثم تقول ، الحديث).

(١١) يدل عليه ما رواه في الوسائل باب ١١ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١٤ ـ ١٥ فراجع.

١٧٥

والالتفات يمينا وشمالا

ومع التشاح يقدم الأعلم.

ومع التساوي يقرع.

ويجوز ان يؤذنوا دفعة.

والأفضل ان يؤذن كل واحد بعد فراغ الأخرى.

ويؤذن خلف غير المرضى.

______________________________________________________

ولعل دليل كراهة الالتفات : فوت الاستقبال المستحب.

وكان دليل تقديم الا علم ـ بأحكام الأذان ، أو مطلقا مع التشاح ـ فضيلة العلم : وكذا الصفات المرجحة عقلا ، ونقلا. ولقوله صلى الله عليه وآله : يؤذن لكم خياركم. (١)

ومع (بعد ـ خ ل) التساوي ، القرعة.

ودليل جواز الأذان دفعة : الأصل ، وعموم الأدلة.

وأفضلية أذان كل واحد بعد الفراغ : لعل دليل عدم الخلط ، وعدم حصول الاضطراب.

واما الأذان خلف غير المرضي إلخ : فدليله بعض الاخبار الدالة على الايمان في المؤذن وان كان ظاهر بعض الاخبار : الاكتفاء بالإسلام (٢) بل جواز تقليد مؤذنيهم في الوقت (٣).

والذي يدل على اشتراط الايمان ، هو خبر عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن الأذان هل يجوز ان يكون عن غير عارف؟ قال : لا يستقيم الأذان ولا يجوز ان يؤذن به الا رجل مسلم عارف ، فان علم الأذان واذن به ، ولم يكن عارفا لم يجز أذانه ولا اقامته ولا يقتدى به (٤)

__________________

(١) الوسائل باب ١٦ من أبواب الأذان والإقامة قطعة من حديث ـ ٣.

(٢) الوسائل باب ٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٤.

(٣) الوسائل باب ٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١. ولفظ الحديث (قال أبو عبد الله عليه السلام : صل الجمعة بأذان هؤلاء فإنهم أشد شي‌ء مواظبة على الوقت).

(٤) الوسائل باب ٢٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١.

١٧٦

فان خاف الفوات اقتصر على التكبيرتين ، وقد قامت الصلاة.

والحكاية.

ويكره الترجيع لغير الاشعار

والتثويب بدعة

______________________________________________________

فإن خشي فوت الصلاة اقتصر على تكبيرتين ، وعلى قوله : قد قامت الصلاة : لأن ذلك أهم فصول الإقامة وفي رواية معاذ بن كثير عن الصادق عليه السلام : قال إذا دخل الرجل المسجد وهو لا يأتم بصاحبه ، وقد بقي على الإمام آية أو آيتان فخشي ان هو اذن واقام أن يركع : فليقل : قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، الله أكبر ، الله أكبر لا إله إلا الله وليدخل في الصلاة (١).

ودليل استحباب حكاية الأذان ولو في الخلاء بخصوصه ، بعض الاخبار (٢) لكن من غير تبديل : حوعلة ، بحوقلة : اى لا حول ولا قوة إلا بالله : ولا يبعد امتثال ما ورد في الخبر الصحيح ، وترك الاستخراج بالاجتهاد : بان المستحب هو الذكر ، وغيره مكروه ، فيكون الحوعلة كذلك : وهو مدخول بالنص ، فيكون مستثنى عن الكلام ، الا ان يثبت الرواية في خصوصها.

واما استحباب ترك القرآن والدعاء ، والاشتغال بحكاية الأذان كما قالوا : فغير ظاهر ، لان الكل عبادة ، ولم يعلم استحباب ترك أحدهما للآخر الا بدليل. نعم ينبغي ترك الكلام والأكل وغير ذلك ، والاشتغال بحكايته.

واما كراهة الترجيع ـ اى تكرار الشهادتين ، أو الأعم ، لغير الإشعار ـ فلانه يشعر بالمشروعية مع عدم الحاجة.

واما كون التثويب بدعة. وهو الصلاة خير من النوم : فلانه غير منقول ، بل في الاخبار عدم معرفته عليه السلام ، له روى في الحسن (٣) (لإبراهيم) عن

__________________

(١) الوسائل باب ٣٤ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١.

(٢) الوسائل باب ٤٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٢.

(٣) سند الحديث كما في الكافي هكذا (على بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن معاوية بن وهب) وهذا السند كما ترى ليس فيه إبراهيم ، فقوله قدس سره : (في الحسن لإبراهيم) لعله سهو من قلمه الشريف.

١٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

التثويب الذي يكون بين الأذان والإقامة؟ فقال : ما نعرفه (١) اى ما نقول به ، فهو مشعر بالتقية. وفي الاخبار ما يدل على جوازه وفعلهم عليهم السلام (٢) حمل عليها.

والعمدة انه تشريع ، وتغيير للأذان المنقول ، وزيادة بدل ، ما هو ثابت شرعا ، فيكون حراما. ولو قيل من غير اعتقاد ذلك ، بل مجرد الكلام ، فلا يبعد كونه غير حرام.

واما استحباب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله كلما ذكره في أذانه ، أو ذكره غيره. فالأمر به بخصوصه في الأذان موجود في الكافي في الحسن (لإبراهيم) عن زرارة قال : قال أبو جعفر عليه السلام إذا أذنت فأفصح بالألف والهاء ، وصل على النبي (صلى الله عليه وآله) كلما ذكرته أو ذكره عندك (فقيه) ذاكر في أذان أو غيره (٣) ومثله صحيحا في الفقيه.

وفيه لا يجزيك من الأذان إلا ما أسمعت نفسك ، أو فهمته (٤) مع العمومات : فلو لم نقل بالوجوب لعدم القائل أو قلته ، فلا أقل من الاستحباب.

ولا يبعد استحبابه بغير الصوت بحيث يفهم عدم كونه من الأذان خصوصا عند من لم يعرف. لعل في بعض الروايات إشارة الى ذلك ، حيث إخفاء الصوت بما يستحب قوله عند بعض الايات (٥) ، مثل لا بشي‌ء من آلائك رب أكذب : في آية الرحمن (٦).

وورد في الكافي خبر مرفوع إليهم عليهم السلام ، قال : يقول الرجل إذا فرغ من الأذان وجلس (اللهم اجعل قلبي بارا ورزقي دارا واجعل لي عند قبر

__________________

(١) الوسائل باب ٢٢ من أبواب الأذان والإقامة ، حديث ـ ١.

(٢) الوسائل باب ٢٢ من أبواب الأذان والإقامة ، حديث ـ ٢ ـ ٣ ـ ٤.

(٣) الوسائل باب ٤٢ من أبواب الأذان والإقامة ، حديث ـ ١. وصدر الحديث في باب (١٥) من ابوابنا حديث ـ ١.

(٤) الوسائل باب ١٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١ ـ ٦. وباب ١٦ حديث ـ ٢ ـ باب ٤٢ ـ حديث ـ ١ ـ من أبواب الأذان والإقامة

(٥) الوسائل باب ٢٠ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٨.

(٦) الوسائل باب ٢٠ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٤ ـ ٦.

١٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

نبيك (ص) قرارا ومستقرا ـ (١) ـ وفي التهذيب ، مع انه منقول عن الكافي ، مضروب على ، قبر ، ورسولك ، بدل نبيك ، وصلى الله عليه وآله بعده (٢) كأنه أحسن : وفي بعض المواضع (وعيشي قارا) بعد بارا : ولعل القرار ، هو المقر والمستقر : ويحتمل كون الأول بحسب الظاهر ، والأخر بحسب الحقيقة وهو القرب المعنوي والاستقرار عنده في رحمة الله ، لا مجرد الدفن عنده ، أو بالعكس : وقيل : الثاني بالنسبة إلى الدنيا ، والأخر بالنسبة إلى الآخرة ، ولفظ القبر يأباه ، ولعل المراد ما اشرناه.

وورد أيضا : ان رفع الصوت بأذان في منزله ، موجوب لكثرة الولد ، ورفع السقم عنه وعن عياله (٣).

وورد أيضا تكرار الفصول لإرادة الجماعة (٤) ، واخبار الناسي ، والنيام فيدل على جواز إيقاظ النائم للصلاة.

وروى تقديم أذان الفجر لمن كان وحده ، لا في الجماعة (٥).

ولا بأس بالنداء في الفجر قبله ، والسنة مع الفجر : وفي الصحيح يؤذن بليل ينفع الجيران لقيامهم إلى الصلاة (٦) وفيه أيضا إشارة الى ما مر من جواز الإيقاظ ، وانه لا يكون بين الأذان والإقامة إلا الركعتان ، كلها في الصحيح (٧) : وفي الصحيح أيضا : وان شئت زدت على التثويب (حي خير العمل (٨) مكان

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١.

(٢) فان لفظ الحديث في التهذيب هكذا (قال : يقول الرجل إذا فرغ من الأذان وحبس ـ اللهم اجعل قلبي بارا ورزقي دارا واجعل لي عند قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فرارا ومستقرا ـ فراجع التهذيب باب عدد فصول الأذان والإقامة ووصفهما (رسولك خ).

(٣) الوسائل باب ١٨ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١.

(٤) الوسائل باب ٢٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١.

(٥) الوسائل باب ٨ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٦.

(٦) الوسائل باب ٨ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٧.

(٧) الوسائل باب ٨ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٧.

(٨) هكذا في النسخ المطبوعة والمخطوطة التي عندنا ، ولكن في الوسائل والتهذيب (حيّ على الفلاح).

١٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الصلاة خير من النوم) (١) ففيه منعه في الجملة : وان حي على خير العمل تثويب ، ولا بأس به ، لوجود المعنى : فيحمل ما وقع فيه فعل التثويب وعدم منعه ، على ذلك ، فتأمل.

ونقل في الفقيه : قال أبو جعفر عليه السلام لمحمد بن مسلم ، يا محمد بن مسلم : لا تدعن ذكر الله على كل حال ولو سمعت المنادي ينادي بالأذان وأنت على الخلاء فاذكر الله عز وجل ، وقل كما يقول المؤذن (٢) فكأن الأصحاب من هنا ـ حيث أشعر بقول الذكر ـ أخذوا حذف الحيعلة : واما التبديل بحوقلة فغير ظاهر. فكأنه من عموم ذكر : ولعل قوله عليه السلام (قل كما يقول المؤذن) أعم ، ولا يبعد إطلاق الذكر على الحيعلة أيضا ، لأنه النداء إلى صلاة هي عبادة الله : وكذا الفلاح ، وخيرتها عن كل عبادة الله ، ذكر له تعالى ، فتأمل.

وقال في الفقيه : روى الحارث بن مغيرة عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال : من سمع المؤذن يقول : اشهد ان لا إله إلا الله ، واشهد ان محمدا رسول الله : فقال : (مصدقا محتسبا : وانا اشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله ، اكتفى بها عن كل من ابى وجحد ، وأعين بها من أقر بها وشهد) : كان له من الأجر عدد من أنكر وجحد وعدد من أقر واشهد (٣) : وطريقه اليه صحيح ، وهو ثقة ثقة في كتاب النجاشي فصح الخبر إنشاء الله.

واعلم انه قال في الفقيه. وروى أبو بكر الحضرمي وكليب الأسدي عن أبي عبد الله عليه السلام انه حكى لهما الأذان فقال : الله أكبر الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر ، اشهد ان لا إله إلّا الله. اشهد ان لا إله إلّا الله ، اشهد ان محمدا رسول الله. اشهد ان محمدا رسول الله ، حي على الصلاة. حي على الصلاة ، حي على الفلاح. حي على الفلاح ، حي على خير العمل. حي على خير العمل ، الله أكبر. الله أكبر ، لا إله إلّا الله. لا إله إلّا الله ، والإقامة كذلك (٤) وكذا في التهذيب وفي

__________________

(١) الوسائل باب ٢٢ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٢.

(٢) الوسائل باب ٤٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٢.

(٣) الوسائل باب ٤٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٣.

(٤) الوسائل باب ١٩ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ٩.

١٨٠