مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٣٤

ويستحبّ الجماعة

والإطالة بقدره

______________________________________________________

قوله : «ويستحب الجماعة» دليله عموم أدلّة الجماعة ، وما روي في الكافي والتهذيب (في الحسن) عن عليّ بن عبد الله قال : سمعت أبا الحسن موسى عليه السلام يقول : إنّه لمّا قبض إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله جرت فيه ثلاث سنن ، أمّا واحدة ، فإنّه لمّا مات انكسفت الشّمس ، ـ الى قوله ـ ثمّ نزل فصلّى بالنّاس صلاة الكسوف (١)

وما روي في التهذيب في الصحيح عن الرّهط عنهما عليهما السلام صلاها رسول الله صلى الله عليه وآله والناس خلفه (٢)

وما في رواية روح بن عبد الرّحيم. قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة الكسوف تصلّى جماعة؟ قال : جماعة وغير جماعة (٣)

ورواية محمد بن يحيى الساباطي عن الرّضا عليه السلام قال : سألته عن صلاة الكسوف. تصلى جماعة أو فرادى؟ فقال : أى ذلك شئت (٤)

ورواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا انكسفت الشّمس والقمر فانكسف كلّها فإنّه ينبغي للناس ان يفزعوا إلى إمام يصلّى بهم ، وأيّهما كسف بعضه فإنّه يجزى الرّجل أن يصلّى وحده (٥) وهذه قد تشعر بعدم استحبابها في احتراق البعض ، وبوجوبها حال احتراق الكلّ ، والظّاهر حملها على شدّة الاستحباب في الأوّل ، وعدمها بالنسبة إليه في الثاني كما فعله المصنّف في المنتهى.

قوله : «والإطالة بقدره» لرواية عمّار (في التهذيب) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن صلّيت الكسوف إلى أن يذهب الكسوف عن الشّمس والقمر ، و

__________________

(١) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ١٠

(٢) الوسائل باب (٧) من أبواب صلاة الكسوف والآيات قطعة من حديث ـ ١

(٣) الوسائل باب (١٢) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ١

(٤) الوسائل باب (١٢) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٣

(٥) الوسائل باب (١٢) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٢

٤٢١

والإعادة لو لم ينجل ، وقراءة الطّوال ، ومساواة الرّكوع والسجود للقراءة والتكبير عند الرّفع إلّا في الخامس والعاشر ، فيقول : سمع الله لمن حمده ، والقنوت خمسا ويتخيّر لو اتّفق مع الحاضرة ، ما لم يتضيّق الحاضرة

______________________________________________________

تطول في صلاتك ، فإن ذلك أفضل (١)

وقد روى فيه أيضا مسندا عنهم عليه السلام أنّه انكسفت الشّمس في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله فصلّى بالنّاس ركعتين وطول حتّى غشي على بعض النّاس (٢) فكأنّه محمول على عدم علمه به ، أو مع طلبهم ، واتّفق ذلك اتّفاقا.

وأمّا دليل استحباب إعادتها. فهو صحيحة معاوية بن عمّار قال : قال أبو عبد الله عليه السلام صلاة الكسوف إذا فرغت قبل أن ينجلي ، فأعد (٣)

وقيل بوجوبها لهذه ، وهي تحمل على الاستحباب والأفضليّة من الدّعاء أيضا مع استحبابه أيضا ، مخيّرا ، لما مرّ في صحيحة محمد بن مسلم وزرارة (٤) ، وللاحتياط.

وقد استدلّ على أنّ آخر الوقت هو نهاية الانجلاء بصحيحة معاوية ، لأنّه لو لم يكن وقتا لم يستحبّ الإعادة وقد يمنع ذلك ، لأنّه قد يراد قبل وجود انجلاء مّا. وهو غير بعيد عن الخبر سيّما بقرينة ما مرّ. انه إذا ابتدأ بالانجلاء فقد انجلى. (٥)

ودليل استحباب المساواة قد مرّ.

وأمّا استحباب التكبير عند رفع الرأس عن الرّكوع والسجود ، فهو كتكبير رفع الرّأس في الصلوات ، وما رأيت فيه شيئا بخصوصه.

وأمّا دليل استحباب قول سمع الله لمن حمده في الخامسة والعاشرة فقد مضى ، وكذا القنوت خمسا.

قوله : «ويتخيّر لو اتّفق ـ إلخ» الوجه في بادى النظر في الجمع هو التخيير في

__________________

(١) الوسائل باب (٨) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٢

(٢) الوسائل باب (٩) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ١ ولفظ الحديث «وطول حتى غشي على بعض القوم ممن كان وراءه من طول القيام».

(٣) الوسائل باب (٨) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ١

(٤) الوسائل باب (٧) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٦

(٥) الوسائل باب (٤) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٣ ولفظ الحديث هكذا «إذا

٤٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وسعتهما ، وكذا في التضيّق ، لأنّهما فرضان ولا أولوية ، وتقديم المضيّق للضيق ، وأمّا ظاهر الأخبار فهو أولوية الحاضرة مع ضيقها ، بمعنى وجوب اختيارها يدلّ عليه صحيحة بريد بن معاوية ومحمّد بن مسلم في الفقيه عن أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام قالا إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلّها ما لم تتخوّف أن يذهب وقت الفريضة ، فإن تخوفّت فابدء بالفريضة ، واقطع ما كنت فيه من صلاة الكسوف ، فإذا فرغت من الفريضة فارجع إلى حيث كنت قطعت واحتسب بما مضى (١) حيث عمما في الآيات ، وقيّد أفعلها مطلقا موسّعة ومضيّقة بعدم خوف فوت الفريضة الحاضرة ، وحكما بالقطع معه حينئذ وبفعل الحاضرة ، وفيها دلالة مّا على وجوب الآيات وتقديمها على الحاضرة مع عدم الخوف.

وأيضا يدلّ عليه ما رواه الشّيخ في التّهذيب عن أبي أيّوب إبراهيم بن عثمان (الثّقة) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن صلاة الكسوف قبل أن تغيب الشّمس وتخشى فوت الفريضة؟ فقال : اقطعوها ، وصلوا الفريضة ، وعودوا الى صلاتكم (٢)

وصحيحة محمد بن مسلم في التّهذيب قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك ربما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب قبل العشاء الآخرة. فإن صلينا الكسوف خشينا أن تفوتنا الفريضة؟ فقال : إذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك واقض فريضتك ثمّ عد فيها الحديث (٣) ولا استبعاد في البناء بعد ورود النص ، وعدم ما ينقضه إلّا عموم الفعل الكثير ، فيستثنى بخصوصها.

ويدلّ على الأولويّة ، بمعنى أن الأحسن اختيار الحاضرة في وسعتهما بالمفهوم عناية ، ويدلّ عليها عدم الخلاف في وجوب الحاضرة بين المسلمين وفرضها في الكتاب والسّنّة بخلاف الآيات ، فتقديم الحاضرة وجوبا مع ضيقها مطلقا غير

__________________

انجلى منه شي‌ء فقد انجلى».

(١) الوسائل باب (٥) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٤

(٢) الوسائل باب (٥) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٣

(٣) الوسائل باب (٥) من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ـ ٢

٤٢٣

وتقدم على النّافلة وإن خرج وقتها

______________________________________________________

بعيد ، وإن كان في دلالة الأخبار على صورة تقديمها مع ضيق الآيات أيضا تأمّل ، وكذا تقديمها استحبابا مع وسعتهما وتقديم المضيّق وجوبا غير بعيد كما هو مختار القواعد (الشّارح ـ خ ل)

وأما تقديمها على النّافلة فهو ظاهر ، لأنّ الاهتمام بالفريضة أكثر ، لأنّها أهمّ ، ولما في بعض الرّوايات من عدم النافلة لمن عليه الفريضة (١) ولما في رواية محمد بن مسلم قلت : فإذا كان الكسوف في آخر الليل فصلّينا صلاة الكسوف فاتتنا صلاة الليل فبأيتهما نبدأ؟ فقال : صلّ صلاة الكسوف واقض صلاة الليل حين تصبح (٢) وهي تتمة الصحيحة السابقة رواها الشيخ في التهذيب ، فدلّ على تقديمها على صلاة الليل ، وقضائها بعد الصبح وإن كان قبل فريضة ، والظاهر أنّ هذا الحكم أعم من كون الفريضة مضيّقة وموسعة ، وكذا النّافلة ، وإن احتمل اختيار أولويتها مع ضيقها وسعة الفريضة ، والظاهر أنّ الأولوية مع السعة بمعنى الاستحباب كما مرّ في الفريضة.

__________________

(١) الوسائل باب (٢) من أبواب قضاء الصلوات حديث ـ ٢

(٢) الوسائل باب (٥) من أبواب صلاة الكسوف حديث ـ ٢

٤٢٤

المقصد الخامس : في الصلاة على الأموات

تجب على الكفاية الصّلاة على كلّ مسلم

______________________________________________________

قوله : «المقصد الخامس : في الصّلاة على الأموات : تجب على الكفاية الصّلاة على كلّ مسلم ـ إلخ» قال المصنّف في المنتهى. ويجب الصّلاة على الميّت البالغ من المسلمين بلا خلاف.

والمراد بالمسلم ههنا هو كلّ مظهر للشّهادتين ما لم يظهر منه خلافه ، بإنكار ما علم بالضرورة ثبوته من الدّين.

فدليل الوجوب هو الإجماع مع الأخبار من طرقهم (١) ومن طرقنا. مثل صحيحة هشام بن سالم (الثقة في التهذيب والفقيه) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : شارب الخمر والزّاني والسّارق يصلّى عليهم إذا ماتوا؟ فقال نعم (٢) فيجب على

__________________

(١) راجع صحيح البخاري ومسلم وسنن ابن ماجه وغيرها من الصحاح والسنن كتاب الجنائز.

(٢) الوسائل باب (٣٧) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ١

٤٢٥

ومن هو بحكمه ممّن بلغ ستّ سنين ، ذكرا كان أو أنثى ، حرّا أو عبدا

______________________________________________________

كلّ مسلم وإن كان مخالفا ولكنّه يمكن الانصراف بعد الرّابعة من غير دعاء ، لعدم ظهور وجوب الدّعاء له والدّعاء عليه وبالدّعاء ، والانصراف بعد الخامسة بالدّعاء ، وبغير الدّعاء بينهما (١) واختيار صلاته ، كما قيل في الغسل ، ولعلّ الثاني (٢) بغير دعاء أولى.

ويمكن مع الدّعاء للعموم ، وعدم ثبوت ، عدم جواز الدّعاء ، ولهذا وقع في الأدعية بعد المؤمنين والمؤمنات الدّعاء للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ، وعدم الاتّفاق على وجوب تعذيبهم ، واحتمال الترحّم لهم من الله تعالى (هذا مع عدم النّصب والعداوة) لعموم الأخبار الدّالّة على وجوبها (٣) على أمّة محمد صلى الله عليه وآله وكونها خمس تكبيرات مع الأدعية ، ولمّا سقط الدّعاء بعد الرّابعة بإجماع ونحوه بقي الباقي ، ويشعر الاكتفاء في المنافق على أربع ، بجواز الاقتصار عليه هنا أيضا ، فتأمّل.

ولا تجب. بل لا يجوز على غير المسلم. وإن كان من أهل القبلة ، وعلى ظاهر الإسلام ، للحكم بأنّه كافر ، ولا يجوز الصّلاة عليه بالإجماع ، وبقوله تعالى «وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً». (٤)

وأمّا وجوبها على من بحكمه. وهو أطفال المسلمين الّذين لم يبلغوا ولم يعتبر كلامهم وشهادتهم. ففيه أقوال ثلاثة : الوجوب مطلقا إذا استهلّ. قيل : هو قول ابن الجنيد لصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا يصلى

__________________

(١) حاصل مفاد العبارة يرجع الى احتمالات خمسة ، أحدها : الانصراف من الصلاة بعد الرابعة من غير دعاء ، ثانيها : الانصراف بعد الرابعة بالدعاء ، ثالثها ورابعها : الانصراف بعد الخامسة بالدعاء أو بغير الدعاء بينهما ، وخامسها : اختيار صلاة الميت المخالف.

(٢) المراد بالثاني ، هو الانصراف بعد الخامسة ، وسمّاه ثانيا لتكرّر لفظ الانصراف في عبارته ـ قدس سره.

(٣) الوسائل باب (٣٧) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٣

(٤) التوبة : ٨٤ ولا يخفى ما في الاستدلال بالآية بالأولوية من الوهن لأنها بالنظر إلى ما فعله النبي صلى الله عليه وآله بجنازة رأس المنافقين. عبد الله بن أبي من الإتيان بالصلاة عليه يعطينا خبرا بأنّها نزلت في عدم جواز الدعاء له لا الصلاة عليه والصلاة أعم من الدعاء فالدليل أخص من المدعى ، فان تم الإجماع فهو والّا فالآية تدل على عدم جواز الدّعاء لهم لا الصلاة عليهم.

٤٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

على المنفوس وهو المولود الّذي لم يستهلّ ولم يصح ولم يورث من الدّية ولا من غيرها وإذا استهلّ فصلّ عليه وورّثه (١)

ولكن في الصّحة تأمّل ، لأنّه نقل الشيخ في التهذيب والاستبصار عن ابن أبي عمير من غير اسناد (٢) وصحّة إسناده إليه فيهما غير ظاهر ، وما صحّح في كتب الرّجال أيضا ، نعم سمّى في المنتهى وغيرها بها ، وذكر ابن داود أنّ الطريق إليه وإلى أحمد بن محمد بن عيسى ، وعليّ بن جعفر واحد ، وإليهما صحيح ، فيكون إليه كذلك ، إلّا أنّ ذلك غير واضح عندي لأنّي أجد اختلاف الطرق ، ولكن يفهم كون الطريق إليه صحيحا من فهرسته ، حيث قال فيه : أخبرنا بجميع كتبه ورواياته جماعة عن محمّد بن عليّ بن الحسين عن أبيه ، ومحمد بن الحسن عن سعد بن عبد الله ، والحميري عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن أبي عمير ، وطريقه إلى محمد بن عليّ صحيح والباقي ثقات ، إلّا أنّ إبراهيم ما صرّح بتوثيقه ، وخبره قد يسمى بالحسن ، وقد يسمى بالصحيح ، ويمكن تصحيحه من فهرسته بطريق آخر ، فافهم.

ولصحيحة عليّ بن يقطين قال : سألت أبا الحسن عليه السلام لكم يصلّى على الصبيّ إذا بلغ من السّنين والشهور؟ قال : يصلّى عليه على كلّ حال ، إلّا أن يسقط لغير تمام (٣) ولغيرهما من الأخبار الغير الصحيحة ، لعلّ المراد بالتمام المستهلّ لما تقدّم ولعدم صدق الميّت بعد الخروج إلّا عليه.

والثاني : عدم الوجوب حتّى يبلغ ، قيل : هو قول ابن أبي عقيل للأصل ، وتعليقها بالإسلام ، ولما روى عن أبي عبد الله عليه السلام إنما تجب أن يصلّى على من وجب عليه الصّلاة والحدود ، ولا يصلّى على من لم تجب عليه الصلاة ولا الحدود. (٤)

ولما روى عنه أيضا أنّه سئل عن المولود ما لم يجر عليه القلم هل يصلّى عليه؟

__________________

(١) الوسائل باب (١٤) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ١

(٢) سند الحديث كما في التهذيب هكذا «ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام»

(٣) الوسائل باب (١٤) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٢

(٤) الوسائل باب (١٥) من أبواب صلاة الجنازة قطعة من حديث ـ ٣

٤٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

قال : لا. إنّما الصّلاة على الرّجل والمرأة إذا جرى عليهما القلم (١)

وللجمع بين الأخبار ، يحمل ما يدلّ على خلافه على الاستحباب أو التّقيّة ، ويؤيّده ما في حسنة زرارة (في الكافي والتهذيب والاستبصار) عن أبي جعفر عليه السلام في ابن ابنه فطيم فصلّى عليه وكبّر عليه أربعا ثمّ أمر به فدفن ، ثمّ أخذ بيدي فتنحّى بي ثمّ قال : إنّه لم يكن يصلّى على الأطفال ، إنّما كان أمير المؤمنين عليه السلام يأمر بهم فيدفنون من وراء ولا يصلى عليهم ، وإنّما صلّيت عليهم من أجل أهل المدينة ، كراهية أن يقولوا : لا يصلّون على أطفالهم (٢)

الثالث : الوجوب عليه إذ أكمل له ستّ سنين ولا يجب قبله ، واستدلّ المصنّف وغيره عليه بحسنة الحلبي وزرارة (وهي صحيحة في الفقيه) عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه سئل عن الصلاة على الصّبيّ متى يصلّى عليه؟ قال : إذا عقل الصلاة قلت : متى تجب الصلاة عليه؟ فقال : إذا كان ابن ستّ سنين ، والصيام إذا أطاقه (٣) ولا دلالة فيها صريحا. لعدم صراحة قوله «إذا عقل الصلاة» في الستّ ، والظّاهر من قوله «متى يجب» هو السؤال عن وجوبها عليه ، بمعنى مباشرته لها ، بقرينة ذكر الواجبة عليه ، وبقرينة قوله «والصيام إذا أطاقه» فهي محمولة على التمرين ، إلّا أنّه يكون التمرين بعد إكمال الستّ والشّروع في السبع ، فيكون المراد بالسبع في المشهور في التمرين ، هو البلوغ لا الإكمال أو يكون التخيير ، أو بالنسبة إلى الأطفال ، فمن يعقل ويفهم قبل إكمال السبع ففيه وإلّا فبعده ، بل قد يكون بعده أيضا لعدم فهمه.

ويمكن أن يستدلّ عليه بصحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : سألته عن الصّبي أيصلّى عليه إذا مات وهو ابن خمس سنين؟ قال :

__________________

(١) الوسائل باب (١٤) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٥

(٢) جامع احاديث الشيعة باب (٣) من أبواب الصلاة على الميت حديث ـ ٤ الوسائل باب (١٥) من صلاة الجنازة حديث ـ ١ وفي التهذيب باب الزيادات من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل باب (١٣) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ١

٤٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

إذا عقل الصلاة صلّي عليه (١) مع رواية زرارة (في الكافي) قال : مات ابن لأبي جعفر عليه السلام فأخبر بموته فأمر به فغسل وكفن ومشى معه وصلّى عليه وطرحت خمرة فقام عليها ثمّ قام على قبره حتّى فرغ منه ، ثمّ انصرف وانصرفت معه حتّى انّى لأمشي معه ، فقال : أما إنّه لم يكن يصلّى على مثل هذا ، وكان ابن ثلاث سنين ، كان على عليه السلام يأمر به فيدفن ولا يصلّى عليه ، ولكن النّاس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله ، قال : قلت : فمتى تجب عليه الصّلاة؟ فقال : إذا عقل الصّلاة وكان ابن ستّ سنين (٢)

وبما روى في الفقيه. وصلّى أبو جعفر عليه السلام على ابن له صبيّ صغير ، له ثلاث سنين ، ثمّ قال : لولا أنّ النّاس يقولون : إنّ بني هاشم لا يصلون على الصغار من أولادهم ما صلّيت عليه ، وسئل متى تجب الصلاة عليه؟ قال : إذا عقل الصّلاة وكان ابن ستّ سنين (٣) يحتمل كون الثانية صحيحة ، لاحتمال كونها عن زرارة (ويؤيّده كونها في الكافي عن زرارة) مع الضمان والاولى (٤) ليس فيها إلّا ابن مسكان المشترك (٥) فيحتملها أيضا ، والشهرة بل الإجماع المنقول في المنتهى يجبر ما فيها مع موافقتها لما هو صحيح ، وأيضا قد روى (في الصحيح في التهذيب في الصلاة على الصبيان) عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام قلت : متى يعقل الصّلاة وتجب عليه؟ فقال : لستّ سنين (٦) فقد علم العقل ببلوغ الستّ [ستّ سنين ـ خ ل] مع التعليق على العقل ، فيثبت المطلوب ، وهذه تدلّ على نفى المذهبين السّابقين وأدلتهما ، فيحمل مثل صحيحتي ابن سنان وعلي بن يقطين على التقيّة ،

__________________

(١) الوسائل باب (١٣) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٤

(٢) الوسائل باب (١٣) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٣

(٣) الوسائل باب (١٥) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٤ وباب ١٣ منها حديث ٢

(٤) المراد بها رواية زرارة في الكافي ، قال : مات ابن آه

(٥) سند الحديث كما في الكافي هكذا «محمد بن يحيى ، عن احمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران. عن ابن مسكان ، عن زرارة»

(٦) الوسائل باب (٣) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث ـ ٢ وصدر الحديث هكذا «في الصبي متى يصلى؟ قال : إذا عقل الصلاة ، قلت ـ إلخ

٤٢٩

ويستحبّ على من لم يبلغها.

______________________________________________________

أو الاستحباب كما حمل الشّيخ والمصنّف ، ويؤيّده روايتا زرارة المتقّدمتان ، ولعلّ الاستحباب أقرب ، ولكن ظاهر الرّواية هو التقيّة ، إلّا أنّه يبعد فعل العبادة مع المشقة ، بمجرّد قول النّاس : انّهم ما يصلّون على الأطفال ، لعلّ المراد نفي الوجوب وعدم التأكيد والمبالغة ، ويدل عليه استحباب الدّعاء للأطفال فيكون المعنى أنّه لم تجب الصّلاة على مثله ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يدفنهم بغير الصلاة جوازا ، ونحن ما نقدر عليه ، بل نتكلّف المشقّة ، ونعمل لرفع كلام النّاس عنّا ، ويؤيّده جريان أكثر أحكام المسلم في الأطفال ، فناسب جوازها أيضا ، وكذا عموم بعض أخبار الصّلاة على الميّت مع الاشتراك في الغسل والكفن ، ولبعد ارتكابهم المحرّم بمجرّد فعل النّاس ، وقولهم إنّهم ما يصلّون على الأطفال ، مع إمكان عدم رواحة ـ إلى عند القبر ، والاكتفاء بقوله صلّوا عليه وأنا ثقيل ما أقدر أتكلّف ، أو أنّه يقال : إنّه صلّى في البيت ، وبالجملة القول بالاستحباب أقرب من التقيّة للكثرة وقرب الفهم ، وكذا القول بالوجوب بالستّ. لما مرّ مؤيّدا بالشهرة.

بل يفهم الإجماع من قول المصنّف في المنتهى حيث قال : وتجب الصلاة على من بلغ ستّ سنين فصاعدا ، ولا خلاف في ذلك إلّا من سعيد بن جبير. فإنّه قال : لا تجب الصلاة. لنا ، الإجماع ، ولا اعتداد بمخالفته إلخ. وقال أيضا فيه : لا تجب الصّلاة على من لم يبلغ ستّ سنين ، ذهب إليه علماؤنا ، وهو قول سعيد بن جبير ، خلافا لباقي الجمهور.

فكأنّه ما التفت إلى خلاف ابن الجنيد وابن أبي عقيل للانقراض ونحوه ، ويؤيّده عدم وجود صحيح صريح يدلّ على خلاف المشهور ، فإنّ حسنة زرارة المتقدّمة لا تدلّ إلّا على عدم الوجوب على من بلغ ثلاث سنين مثلا كما في [بعض] الرّوايات المتقدّمة أيضا ، لا الستّ.

ويمكن حمل جري القلم على ما يعمّ التعبّد تمرينا ، وكذا وجوب الصّلاة أيضا والحدود على التعزير (١) مع عدم صحّة الأخبار.

__________________

(١) إشارة إلى ما رواه في الوسائل باب (٤) من أبواب مقدمات العبادات حديث ـ ٢ ـ ٤

٤٣٠

وكيفيتها ، أن ينوي ويكبّر ، ثمّ يتشهّد الشّهادتين ، ثمّ يكبّر ويصلّى على النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم ، ثمّ يكبّر ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ، ثمّ يكبّر ويدعو للميّت إن كان مؤمنا ، وعليه إن كان منافقا.

______________________________________________________

وصحيحتا عبد الله وعلي تؤيّدان (١) المشهور أيضا لأنّهما دلّتا على الوجوب على مطلق المستهلّ ، وقد أخرج الأقلّ من الستّ ، لما مرّ ، بقي الباقي تحت الأمر ، والاحتياط أيضا يقتضي ذلك.

قوله : «وكيفيّتها ـ إلخ» دليل وجوب خمس تكبيرات ، بينها أربعة أدعية ـ الإجماع المنقول في المنتهى ، قال فيه : وهي خمس تكبيرات بينها أربعة أدعية ، وعليه علماؤنا أجمع.

وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : التكبير على الميت خمس تكبيرات (٢) وكذا صحيحة أو حسنة أبي ولاد (وحكم في المنتهى بالصحة) قال : سألت أبا عبد الله عن التكبير على الميت؟. فقال : خمس (تكبيرات يب) وذكر الشّهادة بالوحدانيّة ، والصلاة ، والدّعاء للميّت ، بعد كلّ تكبيرة (٣) فيمكن الحمل على الاستحباب ، لكن وجه ترك الشهادة على الرّسول غير ظاهر.

وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : لما مات آدم (ع) فبلغ إلى الصلاة عليه ، فقال : هبة الله لجبرئيل ، تقدّم يا رسول الله فصلّ على نبي الله ، فقال جبرئيل : إنّ الله أمرنا بالسجود لأبيك ، فلسنا نقدّم على أبرار ولده ، وأنت من أبرّهم. فتقدّم فكبّر عليه خمسا ، عدّة الصلوات الّتي فرضها الله على أمة محمّد (ص) ، وهي السّنة الجارية في ولده إلى يوم القيامة (٤) فيحمل ما يدلّ على أقل من ذلك ، مثل الأربع ، على التّقيّة أو المنافق.

ويؤيّده حسنة حمّاد بن عثمان وهشام بن سالم (الثقة) جميعا عن أبي عبد الله

__________________

(١) إشارة إلى صحيحة عبد الله بن سنان وصحيحة على بن يقطين المتقدمتين في القول الأوّل.

(٢) الوسائل (٥) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٦

(٣) الوسائل (٢) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٥

(٤) الوسائل (٥) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ١٣

٤٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه السلام قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يكبّر على قوم خمسا ، وعلى قوم آخرين أربعا ، فإذا كبّر على رجل أربعا ، اتّهم ، يعني بالنّفاق (١)

وفيه إشارة بأنّ الخمس لغير المنافق من أصناف المسلمين ، فيلزم الخمس على المخالف أيضا ، فتأمّل.

وما دلّ على الزّائد (٢) يحمل على الاستحباب ، مع إرادة أهله وسئوالهم ، أو على غيره ، كما حمله الشيخ على الخمس (٣) وبالجملة ، الظاهر أنّ الزّيادة لا تبطل ، وليس بواضح كونه ركنا تبطل بالزّيادة ، نعم لو لم يقم دليل على عدد (وزيادة خ) وزاده على قصد الشّرعيّة بخصوصه ، يمكن الإثم ، لا البطلان ، وهو ظاهر.

وأمّا وجوب النيّة فهو ظاهر ممّا مرّ.

وينبغي قصد الجماعة معها إماما كان أو مأموما. وليس بمعلوم الوجوب على الثاني هنا ، لعدم سقوط شي‌ء.

وأمّا الأدعية ، فالرّوايات فيها مختلفة ، وكاد أن لا يوجد المشهور في رواية واحدة ، ففي صحيحة محمد بن مسلم وزرارة أنّهما سمعا أبا جعفر عليه السلام يقول : ليس في الصّلاة على الميّت قراءة ولا دعاء موقّت ، إلّا أن تدعو بما بدا لك ، وأحقّ الأموات أن يدعى له [المؤمن] وأن تبدء بالصلاة على النّبي صلى الله عليه وآله (٤) والظاهر أنّهم لا يقولون بها إلّا أن يقال : المراد. الابتداء بالدّعاء وهو إنّما يكون بعد الثانية ، فيقولون بها.

ورواية سماعة مشتملة على الشهادتين ، والصّلاة على محمد وآل محمّد وعلى الأئمّة الهداة ، والدّعاء للمؤمنين والمؤمنات والدّعاء للميّت طويلين بعد كلّ تكبيرة (٥) وهي مع ضعفها ـ (بعدّة عن سهل وزرعة وسماعة) ـ ما رأيت القائل

__________________

(١) الوسائل كتاب الطهارة باب (٥) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ١

(٢) الوسائل كتاب الطهارة باب (٦) من أبواب صلاة الجنازة فراجع

(٣) قال الشيخ في التهذيب في باب الصلاة على الميت : قد بينا فعل أمير المؤمنين عليه السلام مع سهل بن حنيف وانه صلى عليه السلام عليه خمس مرات ، كلما فرغ من خمس تكبيرات جاء قوم فأعاد ثانيا ، خمس مرات.

(٤) الوسائل باب (٧) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٣

(٥) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٦

٤٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

بها.

وحسنة زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في الصلاة على الميّت؟ قال : تكبّر. ثمّ تصلّى على النبي (ص) ثمّ ذكر الدّعاء للميّت ، وكذا الدّعاء له بعد الثانية بقوله : اللهمّ إن كان زاكيا فزكّه وإن كان خاطئا فاغفر له ، وذكر دعاء للمصلي بعد الثالثة بقوله : «اللهمّ لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده» وذكر دعاء آخر بعد الرّابعة للميّت بقوله «اللهمّ اكتبه عندك في عليّين ـ إلخ» ثمّ قال : ثمّ كبّر الخامسة وانصرف (١)

وصحيحة أبي ولّاد عنه (ع) وذكر فيها الشّهادة الأولى مع الصّلاة على محمّد وآل محمّد ثمّ الدّعاء للميّت وذكر فعل ذلك بعد كلّ تكبيرة (٢)

وفي حسنة الحلبي قال : «تكبّر ، ثمّ تشهّد ، ثمّ تقول : إنّا لله وإنّا إليه راجعون الحمد لله ربّ العالمين ربّ الموت والحياة صلّ على محمّد وأهل بيته» وذكر دعاء له (ص) ثمّ ذكر دعاء طويلا للميّت ـ الى قوله ـ اللهمّ عفوك عفوك ، ثمّ تكبر الثانية وتقول مثل ما قلت حتّى تفرغ من خمس تكبيرات (٣)

وأقرب إلى المشهور رواية محمد بن مهاجر عن أمه أمّ سلمة قالت : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلّى على ميّت كبّر وتشهّد ، ثمّ كبّر وصلّى على الأنبياء ودعا ، ثمّ كبّر ودعا للمؤمنين [واستغفر للمؤمنين والمؤمنات] ثمّ كبر الرّابعة ودعا للميّت ، ثمّ كبّر الخامسة وانصرف ، فلما نهاه الله عزّ وجلّ عن الصّلاة على المنافقين كبّر وتشهّد ثمّ كبّر وصلّى على النّبيّين ثمّ كبّر ودعا للمؤمنين ثمّ كبّر الرّابعة وانصرف ولم يدع للميّت (٤) وفيه دلالة على عدم وجوب الدّعاء على المنافقين فعلى المخالف بالطريق الاولى ولعلّ المراد بالمنافقين ، هم الكفّار الّذين يظهرون الايمان ، وقيل : الناصب ، ويدلّ عليه

__________________

(١) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٢

(٢) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٥

(٣) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٣

(٤) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ١

٤٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

بعض الأخبار (١) وقيل : المخالف مطلقا.

ولعلّ المراد بالتشهّد فيها ، الشهادتان. وليس ببعيد. وبالدّعاء في قوله : «ودعا» هو الصّلاة على الأنبياء فقط ، فيكون عطفا تفسيريّا ، ولهذا تركه في الثانية ، فما بقي المخالفة إلّا في الصّلاة على الأنبياء ، وما ذكر الأصحاب إلّا نبيّنا (ص) ، فينبغي الصّلاة عليه وعليهم.

والأصل ، وعدم الذّكر في بعض الأخبار ـ مثل ما مرّ من الصّحاح الدالّة على خمس تكبيرات فقطّ من غير ذكر دعاء ، والاختلاف العظيم الّذي لا يكاد يتحقّق الاشتراك في أمر مجمل ، مثل الشّهادتين بعد الاولى ـ يدلّ على عدم الوجوب.

وعلى تقديره ، فلا يتعيّن شي‌ء ، حتّى الشهادة بعد الاولى ، والصّلاة بعد الثانية ، وغير ذلك ، لما سمعت من الأخبار ، كما هو مذهب الشّرائع. إلّا أنّ (٢) الخروج عن شهرة الأصحاب مشكل ، فلا ينبغي الترك.

ولا يبعد العمل برواية أمّ سلمة ، وإن كانت مجهولة ، للشّهرة. وقد يكون عندهم غيرها ، أو ثبت صحّتها ، والمجهولية عندنا لا تضرّ ، قال في المنتهى : وينبغي أن تصلّى على الأنبياء لأن في حديث محمد بن مهاجر «ثمّ كبر الثّانية وصلّ على الأنبياء» وغيره من الاخبار.

ولا يبعد كون العمل برواية سماعة ، أولى ، لاشتمالها على الكلّ في الكلّ (٣) وزيادة عفوك عفوك بعد الخامسة ، كما ذكره في الذّكرى (٤)

وقريب من رواية أمّ سلمة ما ذكره في الفقيه قال فيه : وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلّى على ميّت ، كبّر فتشهّد ، ثمّ كبّر فصلّى على النّبي وآله ودعا ، ثمّ كبّر ودعا للمؤمنين والمؤمنات ، ثمّ كبّر الرّابعة ودعا للميّت ، ثمّ كبّر وانصرف. فلمّا نهاه الله عزّ وجلّ عن الصلاة على المنافقين. فكبّر وتشهد ، ثمّ كبّر فصلى على

__________________

(١) الوسائل باب (٤) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٢

(٢) استثناء من قوله قدس سره : آنفاً «يدل على عدم الوجوب».

(٣) اى كل الأدعية الأربعة ، بعد كل تكبيرة.

(٤) نقله في الذكرى عن المفيد فراجع.

٤٣٤

وبدعاء المستضعفين إن كان منهم. وأن يحشره مع من يتولّاه إن جهله

______________________________________________________

النّبي وآله ، ثمّ كبّر ودعا للمؤمنين والمؤمنات ، ثمّ كبر الرابعة وانصرف. فلم يدع للميّت. (١)

ومن صلّى على ميّت ، فليقف عند رأسه ، بحيث إن هبت ريح ورفعت ثوبه أصاب الجنازة ، ويكبّر ويقول : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، أرسله بالحقّ بشيرا ونذيرا بين يدي السّاعة. ويكبّر الثانية ، ويقول : اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، وارحم محمّدا وآل محمّد ، وبارك على محمّد وآل محمّد كأفضل ما صلّيت وباركت وترحّمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد ، ويكبّر الثالثة ، ويقول : اللهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، الاحياء منهم والأموات ، ويكبّر الرّابعة ، ويقول : اللهمّ هذا عبدك وابن عبدك وابن أمتك نزل بك وأنت خير منزول به ، اللهمّ إنّا لا نعلم منه إلّا خيرا وأنت أعلم به منّا ، اللهمّ إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ، واغفر له ، اللهمّ اجعله عندك في أعلى علّيّين واخلف على أهله في الغابرين وارحمه برحمتك يا أرحم الرّاحمين ، ثمّ يكبر الخامسة ، ولا يبرح عن مكانه حتّى يرى الجنازة على أيدي الرّجال (٢)

وقال : فيه أيضا : وروى زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال : الصّلاة على المستضعف والّذي لا يعرف مذهبه. يصلّى على النّبي وآله (صلى الله عليه وآله) ويدعى للمؤمنين والمؤمنات. ويقال : اللهمّ اغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم. ويقال : في الصلاة على من لا يعرف مذهبه. اللهمّ إنّ هذه النّفس أنت أحييتها وأنت أمتّها ، اللهمّ ولها ما تولّت واحشرها مع من أحبّت (٣) وهذه صحيحة.

وروى في الصحيح عن صفوان بن مهران الجمّال عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال : مات رجل من المنافقين ، فخرج حسين بن عليّ عليهما السّلام ، وذكر

__________________

(١) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجنازة ذيل حديث ـ ١

(٢) أورده بتمامه في الفقيه ، باب الصلاة على الميت رقم ـ ١٧

(٣) الوسائل باب (٣) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ١

٤٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الدّعاء عليه الى قوله : اللهمّ أذقه حرّ عذابك ، فإنّه كان يوالي [يتولى خ ل] أعدائك ويعادي أوليائك ويبغض أهل بيت نبيّك (١) وهذه تدلّ على أنّ المنافق ، هو الكافر الناصب لا المخالف مطلقا.

وروى فيه أيضا (في الصحيح) عن عبيد الله بن عليّ الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال : إذا صلّيت على عدو الله (عزّ وجلّ) فقل : اللهمّ إنّا لا نعلم منه إلّا أنّه عدوّ لك ولرسولك. وذكر دعاء عليه.

ثمّ قال : وإن كان مستضعفا ، فقل : اللهمّ اغفر للّذين ـ إلى آخر ما تقدّم ـ فإن كنت لا تدري ما حاله ، فقل : اللهمّ إن كان يجب الخير وأهله فاغفر له وارحمه وتجاوز عنه. وإن كان المستضعف منك بسبيل ، فاستغفر له على وجه الشّفاعة منك ، لا على وجه الولاية (٢)

وقال فيه أيضا : ومن حضر مع قوم يصلون على طفل ، فليقل : اللهمّ اجعله لأبويه ولنا فرطا (٣) ويحتمل كونه خبرا. وكلام الفقيه.

وقال الشّارح : والمراد بالمستضعف على ما فسّره في الذّكرى. من لا يعرف الحقّ ولا يعاديه ولا يوالي أحدا بعينه. وحكى عن الغرية ، أنه يعرف بالولاء ويتوقّف عن البراء ، وقال ابن إدريس : هو من لا يعرف اختلاف النّاس في المذاهب ، ولا يبغض أهل الحقّ على اعتقادهم. والكلّ متقارب.

ودعاء المستضعفين على ما رواه الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام. وإن كان منافقا مستضعفا ، فكبّر وقل : اللهمّ أغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم (٤) وفي هذا الخبر دلالة علي أنّ المنافق ، هو المخالف مطلقا ، لوصفه له بكونه قد يكون مستضعفا ، فكيف يختصّ بالناصب. وعلى أنّ المستضعف لا بدّ أن

__________________

(١) الوسائل باب (٤) من أبواب صلاة الجنازة قطعة من حديث ـ ٢

(٢) الفقيه (باب الصلاة على الميت) رقم ـ ٤٧ ونقل قطعة منه في الوسائل باب (٤) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ١

(٣) الفقيه باب الصلاة على الميت رقم ـ ٤٢

(٤) الوسائل كتاب الطهارة باب (٣) من أبواب صلاة الجنازة قطعة من حديث ـ ٣

٤٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

يكون مخالفا ، فيقرب حينئذ تفسير ابن إدريس ، كما سقط قول بعضهم : أنّ المراد به من لا يعرف دلائل اعتقاد الحقّ وإن اعتقده. فإنّ الظاهر كون هذا القسم مؤمنا ، وإن لم يعرف الدّليل التفصيليّ (١)

وهذا يشعر بما قلنا في المؤمن ، وان لم يكن الشارح وغيره قائلا به. والذي رأيت في حسنة الفضيل بن يسار ، في التهذيب والكافي (وإن كان واقفا) لا (منافقا) فيسقط بحث الشّارح بالكليّة.

فلعلّ المراد بالواقف ، الواقف عن القول بالحقّ والايمان ، فالمراد غير المؤمن بقرينة المقابلة والدّعاء.

وروى فيهما ، في الحسن : عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إذا صلّيت على المؤمن فادع له ، واجتهد له في الدّعاء ، وإن كان واقفا مستضعفا ، فكبّر وقل : اللهمّ اغفر للّذين (٢)

وفي رواية الحلبي في الكافي بعد قوله : «وإن كان مستضعفا ـ إلخ» : وإذا كنت لا تدري ما حاله ، فقل : اللهمّ إن كان يحبّ الخير وأهله فاغفر له وارحمه وتجاوز عنه. وإن كان المستضعف منك بسبيل فاستغفر له على وجه الشّفاعة (منك ـ خ) لا على وجه الولاية (٣)

وفي رواية أخرى ، قال عليه السلام : الترحّم على جهتين ، جهة الولاية وجهة الشّفاعة (٤) فما اعرف ما نقله الشارح ، وهو أعرف بما نقل. والدّلالة حينئذ على كون المستضعف ، مخالفا ظاهر من المقابلة ، والدّعاء له بما ليس للمؤمنين.

ويفهم ممّا نقلنا جواز الدعاء للمخالف أيضا ، فتأمّل.

وقد فهم ممّا سبق أنّ المراد بالمنافق ، هو الكافر النّاصب ، لا المخالف مطلقا ، و

__________________

(١) لا يخفى ان من قوله : (والمراد بالمستضعف) الى قوله : (الدليل التفصيلي) من كلام الشارح.

(٢) الوسائل باب (٣) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٣

(٣) الوسائل باب (٣) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٤

(٤) الوسائل باب (٣) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٥

٤٣٧

وأن يجعله له ولأبويه فرطا ، ان كان طفلا ثم يكبر الخامسة وينصرف

______________________________________________________

يدلّ عليه روايات كثيرة معتبرة ، حيث تضمّنت أنّه عدوّ الله وعدوّ آل محمّد كما مرّ (١) وان لا يجب الدعاء عليه لما مرّ. ويفهم من رواية الحسين عليه السلام أنّ رجلا من المنافقين مات فخرج الحسين بن عليّ عليهما السلام يمشي معه ، فلقيه مولى له ، فقال له الحسين : أين تذهب يا فلان؟ قال : فقال له مولاه : أفر من جنازة هذا المنافق أن أصلّي عليها. فقال له الحسين : انظر أن تقوم على يميني فما سمعتني أقول : فقل مثله : فلما أن كبّر عليه وليّه ، قال الحسين عليه السلام : الله أكبر ، اللهمّ العن إلى آخر الدّعاء المنقول (٢) ويفهم منها أنّ الدّعاء بعد التكبير الأوّل ، فكأنّه ليس بصلاة متعارف ، وأنّ الغرض لعنه ، فلا ينافي قوله تعالى «وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً» (٣)

كما يدلّ عليه حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال : لما مات عبد الله بن أبي بن سلول حضر النّبيّ صلّى الله عليه وآله جنازته فقال عمر لرسول الله صلّى الله عليه وآله : يا رسول الله ا لم ينهك الله أن تقوم على قبره؟ فسكت ، فقال : يا رسول الله ألم ينهك الله أن تقوم على قبره؟ فقال له ويلك : وما يدريك ما قلت؟ إنّي قلت : اللهمّ احش جوفه نارا واملأ قبره نارا وأصله نارا قال أبو عبد الله عليه السلام : فأبدى من رسول الله ما كان يكره (٤) وروي هذا الخبر في الفقيه عن صفوان بن مهران الثقة بتغيير مّا وقد عرفت المستضعف والمجهول حاله ودعاءهما ، ودعاء المخالف وصلاته. والظاهر أنّه يكفي القرائن للعلم بالحال ، مثل كونه من البلد الفلاني مع اتصاف أقاربه بذلك والشهرة. وينبغي أن يقال : في دعاء الطفل : «اللهمّ اجعله لأبويه ولنا سلفا وفرطا وأجرا» قال في المنتهى : لما رواه الشيخ عن زيد بن عليّ عن آبائه عن عليّ عليهم السلام قال : في الصّلاة على

__________________

(١) الوسائل باب (٤) من أبواب الجنازة فلاحظ.

(٢) الوسائل باب (٤) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٦

(٣) التوبة : ٨٤

(٤) الوسائل باب (٤) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٤

٤٣٨

ويجب استقبال القبلة ، وجعل رأس الجنازة إلى يمين المصلّي

______________________________________________________

الطفل أنّه كان يقول : اللهمّ ـ إلخ (١)

والفرط بفتح الفاء والرّاء ، هو المتقدّم على القوم ، ليصلح لهم ما يحتاجون إليه. في أصل الوضع. قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنا فرطكم على الحوض (٢) وهذه أذكار كلّها مندوبة لا واجبة.

مسئلة ، ثمّ تكبّر الخامسة ، وتقول : عفوك عفوك (الى أن قال :) ويستحب الاسرار بالذّكر لما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّه صلى الله عليه وآله جهر ، ثمّ قال : «إنّما جهرت لتعلموا» لا أنّه مسنون ولأنّه دعاء في الحقيقة ، وكان الإخفاء فيه أقرب الى الإجابة ، لبعده عن الرّياء.

وقول ابن عبّاس ليس بحجّة. وليس كلّه دعاء.

قوله : «ويجب استقبال القبلة ـ إلخ» لعلّ دليل وجوب الاستقبال ، وجعل رأس الميّت إلى يمين المصلّي ، واستلقائه على قفاه ، والقيام هو التأسّي. لثبوت فعل النّبي صلّى الله عليه وآله كذلك ، كما هو المشهور والمتعارف إلى الآن بين المسلمين طرّا.

وحديث عمّار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام ـ أنّه سأل عمّن صلّى عليه فلما سلّم الإمام فإذا الميّت مقلوب رجلاه إلى موضع رأسه؟ قال : يسوى وتعاد الصلاة عليه. وإن كان قد حمل ، ما لم يدفن. فإن دفن فقد مضت الصّلاة عليه ، ولا يصلّى عليه وهو مدفون (٣)

يدلّ على اشتراط الكيفيّة في الجملة. وأنّه يجب الإعادة إلى أن يدفن. ولكن السّند غير صحيح (٤) وفي المتن أيضا قصور ، من جهة «سلّم». والعمدة في ذلك

__________________

(١) الوسائل كتاب الطهارة باب (١٢) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ١

(٢) صحيح البخاري ، كتاب الفتن ، باب ما جاء في قول الله تعالى : «وَاتَّقُوا فِتْنَةً ...» ولفظ الحديث «قال النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم انا فرطكم على الحوض ، ليرفعن الىّ رجال منكم حتى إذا أهويت لا ناولهم اختلجوا دوني ، فأقول : أي رب أصحابي!؟ يقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك اه»

(٣) الوسائل باب (١٩) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ١

(٤) سند الحديث كما في التهذيب هكذا «محمد بن احمد بن يحيى ، عن احمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى»

٤٣٩

ولا قراءة فيها ولا تسليم.

______________________________________________________

كلّه قول الأصحاب. والاخبار الدّالّة على ترتيب الجنائز ، تؤيّده ، مثل ما في رواية الحلبي. ورأس الرّجل ممّا يلي يمين الإمام (١)

وكذا في وجوب التقارب ، وعدم جواز البعد (المفرط ـ خ) الخارج عن العادة. ونقل الشارح عن الذّكرى عدم جواز البعد بمأتي ذراع. وقد مرّ من الفقيه القرب ، بحيث لو هبت الرّيح يصل ثوب المصلّي إلى الجنازة. فكان مراده الاستحباب. وكذا في عدم الارتفاع والانخفاض ، وكون الامام بحيث تكون الجنازة محاذية له واغتفار ذلك في المتعدّد ، وفي المأموم مطلقا.

وكذا التباعد ، والاحتياط يقتضي ذلك كلّه ، وإلّا فلا دليل يوجب ذلك ، إلّا أن يكون هنا إجماع.

قوله : «ولا قراءة فيها ـ إلخ» الظاهر أنّ المراد نفي وجوبها وندبيّتها أيضا. أو نفي شرعيّتها وهما متقاربان : قال المصنّف في المنتهى : ولا قراءة فيها وعليه فتوى علمائنا اجمع ، فدليله الإجماع.

وما رواه الشّيخ في الاستبصار عن الكافي في الحسن ، عن محمد بن مسلم وزرارة ومعمرين يحيى وإسماعيل الجعفيّ عن أبي جعفر عليه السلام قال : ليس في الصلاة على الميّت قراءة ولا دعاء موقّت تدعو بما بدالك ، وأحقّ الموتى أن يدعي له ، المؤمن ، وأن يبدء بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله (٢) ونقل مثلها في الصحيح في التهذيب وقد تقدّم ، وهي أدلّ ما يدلّ على وجوب الدّعاء.

ويدلّ على ذلك أيضا ترك ذكر القراءة فيما مرّ من الأخبار الصحيحة في بيان الصّلاة أنّها خمس تكبيرات ، فتأمّل :

وقد حمل الشّيخ رواية على بن سويد عن الرّضا عليه السلام فيما نعلم ـ قال في الصّلاة على الجنائز : تقرأ في الأولى بأمّ الكتاب ، وفي الثانية تصلّي على النّبي وآله وتدعو في الثالثة للمؤمنين والمؤمنات وتدعو في الرّابعة لميّتك والخامسة تنصرف

__________________

(١) الوسائل باب (٣٢) من أبواب صلاة الجنازة قطعة من حديث ـ ٧

(٢) الوسائل باب (٧) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ١

٤٤٠