مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

صحته وجزمه بأنه عن الصادق عليه السلام يدل على صحة الاولى.

وروى في التهذيب : كأنه صحيح. عن مرازم (الثقة) عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : سجدة الشكر واجبة على كل مسلم ، تتم بها صلاتك ، وترضى بها ربك وتعجب الملائكة منك ، وان العبد إذا صلى ثم سجد سجدتي الشكر ، فتح الرب تعالى الحجاب بين العبد وبين الملائكة ، فيقول يا ملائكتي انظروا الى عبدي أدى قربتي وأتم عهدي ثم سجد لي شكرا على ما أنعمت به عليه ، ملائكتي ما ذا له؟ قال : فتقول الملائكة يا ربنا رحمتك ، ثم يقول ، ثم ما ذا له؟ فيقول الملائكة يا ربنا جنتك ، فيقول الرب تعالى ثم ماذا؟ فيقول الملائكة يا ربنا كفاية مهمة ، فيقول الرب ثم ماذا فلا ينبغي شي‌ء من الخير الّا قالته الملائكة فيقول الله تعالى يا ملائكتي ثم ماذا فتقول الملائكة يا ربنا لا علم لنا ، فيقول الله تعالى لأشكرنه كما شكرني واقبل إليه بفضلي وأريه رحمتي (١) وفي الفقيه قال : من وصف الله تعالى ذكره ، بالوجه كالوجوه ، فقد كفر وأشرك. ووجهه ، أنبيائه وحججه صلوات الله عليهم وغير ذلك من الترغيب والأدعية فيها ، فلا ينبغي تركه بوجه.

وينبغي إلصاق الصدر والبطن والافتراش. لما روى في الكافي بإسناد حسن الى جعفر بن على ، قال : رأيت أبا الحسن الثالث عليه السلام وقد سجد بعد الصلاة فبسط ذراعيه على الأرض وألصق جؤجؤه بالأرض في دعائه (ثيابه ـ خ) (٢) وعن يحيى بن عبد الرحمن بن خاقان قال رأيت أبا الحسن الثالث عليه السلام سجد سجدة الشكر فافترش ذراعيه ، فألصق صدره وبطنه بالأرض ، فسألته عن ذلك؟ فقال : كذا يجب (٣) (نحب ـ خ) وفيه صحيحا عن الحفص الأعور عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان على صلوات الله عليه إذا سجد يتخوى

__________________

(١) الوسائل باب ١ من أبواب سجدتي الشكر حديث ـ ٥ وفي الوسائل بعد نقل الحديث ، قال : ورواه الصدوق بإسناده عن احمد بن أبي عبد الله نحوه الا انه قال : (وأريه وجهي) ثم قال : قال الصدوق : من وصف الله تعالى ذكره بالوجه الى آخره.

(٢) الوسائل باب ٤ من أبواب سجدتي الشكر حديث ـ ٣.

(٣) الوسائل باب ٤ من أبواب سجدتي الشكر حديث ـ ٢.

٣٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

كما يتخوى البعير الضامر ، يعنى بروكه (١).

وينبغي إلصاق الخد الأيمن والأيسر ، والدعاء فيهما بالمنقول : للرواية المشتملة على الدعاء : اللهم إني أشهدك ، إلى قوله : ثم تعود للسجود ، فتقول مائة مرة شكرا شكرا : ثم تسأل حاجتك إنشاء الله (٢) ولما روى صحيحا عن إسحاق بن عمار في الفقيه عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال : كان موسى بن عمران (ع) إذا صلى لم ينفتل (٣) حتى يلصق خده الأيمن بالأرض وخده الأيسر بالأرض (٤) وزاد في التهذيب ، قال : وقال إسحاق بن عمار بن موسى الساباطي : رأيت من آبائي من يصنع ذلك ، قال محمد بن سنان ، يعنى موسى في الحجر في جوف الليل (٥) كأن في العبارة تأملا : ولعل المراد : قال إسحاق : قال الامام (ع) رأيت إلخ :

ولرواية محمد بن سليمان عن أبيه قال خرجت مع أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام الى بعض أمواله فقام إلى صلاة الظهر ، فلما فرغ خر لله ساجدا فسمعته يقول بصوت حزين وتغرغر دموعه ، رب عصيتك بلساني ولو شئت وعزتك لأخرستني وأتيتك ببصري ولو شئت وعزتك لأكمهتني وعصيتك بسمعي ولو شئت وعزتك لأصممتني وعصيتك بيدي ولو شئت وعزتك لكنعتني وعصيتك برجلي ولو شئت وعزتك لجذمتني ، وعصيتك بفرجي ولو شئت وعزتك لعقمتني وعصيتك بجميع جوارحي التي أنعمت بها علي ، وليس هذا جزائك منى ، قال : ثم عصيت له ألف مرّة وهو يقول العفو العفو قال ثم ألصق خده الأيمن بالأرض ، فسمعته وهو يقول بصوت حزين بؤت إليك بذنبي عملت سوء وظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب غيرك يا مولاي ، ثلاث مرات ثم ألصق خده

__________________

(١) الوسائل باب ٣ من أبواب السجود حديث ـ ١.

(٢) الوسائل باب ٦ من أبواب سجدتي الشكر حديث ـ ١.

(٣) وانفتل عن الصلاة انصرف عنها ـ مجمع البحرين.

(٤) الوسائل باب ٣ من أبواب سجدتي الشكر حديث ـ ٢.

(٥) الوسائل باب ٣ من أبواب سجدتي الشكر حديث ـ ٣.

٣٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الأيسر بالأرض ، فسمعته وهو يقول ، ارحم من أساء واقترف واستكان واعترف ثلاث مرات ، ثم رفع رأسه (١) وفي المصباح أيضا كذلك الّا انه قدم الفرج على الرجل (ولم يكن) بدل ، (وليس).

وينبغي فعلها أيضا ، عند حصول نعمة يذكرها : لما روى في التهذيب بالإسناد عن إسحاق بن عمار ، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا ذكرت نعمة الله عليك وكنت في موضع لا يراك أحد فألصق خدك بالأرض ، وإذا كنت في ملاء من الناس فضع يدك على أسفل بطنك وأحسن ظهرك وليكن تواضعا لله عز وجل ، فان ذلك أحب : وترى ان ذلك غمز وجدته في أسفل بطنك (٢) وفيه إشارة إلى غاية الملاحظة والتعبد ، مما يفهم منه الرياء وإخفاء العمل : وجواز اراءة العمل لغيره تحذرا عنه ، فافهم.

والأدعية في السجدة كثيرة ، وينبغي اما اختيار (أشهدك إلخ) فإنه روى في آخرها ، (ثم تسئل حاجتك) (٣) فالظاهر ان المراد انها تستجاب : أو هذه : أو التأمل واختيار الأفضل.

أو قوله ، عفوا أو شكرا مائة مرة (٤) ، أو بعد كل عشرة اضافة ، للمجيب (٥) واقله ثلاثة للرواية (٦).

وروى في التهذيب صحيحا ، عن ابن بكير قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام قول الله عز وجل (اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) (٧) ما ذا الذكر الكثير؟

__________________

(١) الوسائل باب ٦ من أبواب سجدتي الشكر حديث ـ ٥.

(٢) الوسائل باب ٧ من أبواب سجدتي الشكر حديث ـ ٥.

(٣) الوسائل باب ٦ من أبواب سجدتي الشكر حديث ـ ١.

(٤ ـ ٥) إشارة إلى حديثين رواهما في الوسائل باب ٦ من أبواب سجدتي الشكر حديث ـ ٢ ـ ٤ ولفظ الحديث (عن سليمان بن حفص المروزي انه قال كتب الى ابى الحسن الرضا عليه السلام قل في سجدة الشكر مائة مرة شكرا شكرا ، وان شئت عفوا عفوا) ولفظ الأخر (عن على بن الحسين عليهما السلام انه كان يقول في سجدة الشكر مائة مرة : الحمد لله شكرا ، وكلما قاله عشر مرات قال ، شكرا للمجيب ، الحديث).

(٦) الوسائل باب ١ من أبواب سجدتي الشكر حديث ـ ٢ قال عليه السلام (وادنى ما يجزى فيها شكر الله ، ثلاث مرات).

(٧) الأحزاب : ٤١.

٣٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

قال عليه السلام ان تسبح في دبر المكتوبة ثلاثين مرة (١) ويمكن كونه المراد في مثل قوله تعالى (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢) ولعله يحصل في ضمن تسبيحها عليها السلام.

وروى أيضا قوله (ع) ثلاثين مرة ، «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر» إذا فرغ من صلاته ، وهن يدفعن الهدم والغرق والحرق والتردي في البئر وأكل السبع وميتة السوء والبلية التي نزلت على العبد في ذلك اليوم (٣) وروى في التهذيب عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : إذا انحرفت عن صلاة مكتوبة فلا تنحرف الّا بانصراف لعن بنى أمية (٤) وفي رواية اخرى كان عليه السلام يلعن ثمانية أنفس (٥).

قال في الفقيه : وقال أمير المؤمنين عليه السلام من أراد أن يكتال بالمكيال الا وفي فليكن أخر قوله (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٦) فان له من كل مسلم حسنة (٧) وكأنه روى انه كفارة المجلس (٨) ، فينبغي اختياره بعد الانصراف.

ولا ينبغي النوم بعد الصلاة ، خصوصا بعد صلاة الليل ، فإنه روى في التهذيب مسندا عن سليمان بن حفص المروزي ، قال : قال أبو الحسن الأخير عليه السلام : إياك والنوم بين صلاة الليل والفجر ولكن ضجعة بلا نوم لان صاحبه لا يحمد على ما قدما من صلاته (٩) ، اى النائم بعد صلاة الليل قبل الفجر لا يحمد

__________________

(١) الوسائل باب ١٥ من أبواب التعقيب حديث ـ ٣.

(٢) الجمعة : ى ١٠.

(٣) الوسائل باب ١٥ من أبواب التعقيب حديث ـ ١.

(٤) الوسائل باب ١٩ من أبواب التعقيب حديث ـ ٢ هذا نقل بالمعنى والا ففي الرواية يلعن أربعة من الرجال وأربعا من النساء فراجع.

(٥) الوسائل باب ١٩ من أبواب التعقيب حديث ـ ١ هذا نقل بالمعنى والا ففي الرواية يلعن أربعة من الرجال وأربعا من النساء فراجع.

(٦) الصافات : ى (١٨٠ ـ ١٨١ ـ ١٨٢).

(٧) الوسائل باب ٤ من أبواب الذكر حديث ـ ١ الى قوله رب العالمين وأورده في الفقيه في التعقيب.

(٨) الوسائل باب ٣٧ من أبواب الكفارات حديث ـ ١.

(٩) الوسائل باب ٣٥ من أبواب التعقيب حديث ـ ١.

٣٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

على ما فعله من صلاته في الليل ، فكأنه ما فعلها :

فما يدل على التخيير ـ مثل رواية زرارة في الموثق لعبد الله بن بكير عن أبي جعفر عليه السلام قال : انما على أحدكم إذا انتصف الليل ان يقوم فيصلي صلاته جملة واحدة : ثلاث عشر ركعة : ثم ان شاء جلس فدعى ، وان شاء نام ، وان شاء ذهب حيث شاء (١) ـ فكأنه للجواز ، أو مع العذر.

وكذا بعد صلاة الفجر : روى في التهذيب وفي الفقيه ، صحيحا عن العلاء (الثقة) ، عن محمد بن مسلم (الثقة) ، عن احد هما عليهما السلام قال : سألته عن النوم بعد الغداة؟ فقال : ان الرزق يبسط تلك الساعة ، فأنا أكره أن ينام الرجل تلك الساعة (٢) وكأنه ليس المراد الاختصاص بالرجل كما يدل عليه العلة ، وقال فيهما ، وقال الصادق عليه السلام نومة الغداة مشئومة تطرد الرزق وتصفر اللون وتقبحه وتغيره وهو نوم كل مشوم ان الله تعالى يقسم الأرزاق ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس ، فإياكم وتلك النومة (٣).

وكأن المن والسلوى ينزل على بني إسرائيل ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس فمن نام تلك الساعة لم ينزل نصيبه ، فكان إذا انتبه فلا يرى نصيبه احتاج الى السؤال والطلب (٤) وقال الرضا عليه السلام في قول الله عز وجل (فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً) (٥) قال الملائكة تقسم أرزاق بنى آدم ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس فمن نام فيما بينهما نام عن رزقه (٦) :

ويدل على كراهته فوت الثواب العظيم : قال في التهذيب والفقيه قال : رسول الله صلى الله عليه وآله من جلس في مصلاه من (صلاة خ ـ ل) طلوع الفجر الى طلوع الشمس ستره الله من النار (٧).

__________________

(١) الوسائل باب ٣٥ من أبواب التعقيب حديث ـ ٢.

(٢) الوسائل باب ٣٦ من أبواب التعقيب حديث ـ ١.

(٣ ـ ٤) الوسائل باب ٣٦ من أبواب التعقيب حديث ٣ ـ ٤.

(٥) الذاريات : ٤.

(٦) الوسائل باب ٣٦ من أبواب التعقيب حديث ـ ٦.

(٧) الوسائل باب ١٨ من أبواب التعقيب حديث ـ ٤.

٣٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

روى في التهذيب بإسناده عن ابن عمر عن الحسن بن على عليه السلام قال : سمعت أبي على بن أبي طالب عليه السلام يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله أيما امرء مسلم جلس في مصلاه الذي صلى فيه الفجر يذكر الله حتى تطلع الشمس كان له من الأجر كحاج رسول الله (ص) وغفر له ، فان جلس فيه حتى يكون ساعة تحل فيه الصلاة فصلى ركعتين أو أربع غفر له ما سلف من ذنبه وكان له من الأجر كحاج بيت الله (١) كأنه يريد بحاج رسول الله زائره :

ويدل على كراهة الصلاة بعد صلاة الصبح في الجملة : وروى في التهذيب مسندا عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله قال الله عز وجل يا بن آدم اذكرنى بعد الفجر ساعة ، واذكرنى بعد العصر ساعة أكفك ما أهمك (٢) وروى عن جابر أيضا في الفقيه عن أبي جعفر عليه السلام قال : ان إبليس إنما يبث جنود الليل من حين تغيب الشمس الى مغيب الشفق ويبث جنود النهار من حين يطلع الفجر الى مطلع الشمس ، وذكر ان النبي (نبي الله ـ خ) صلى الله عليه وآله كان يقول أكثر واذكر الله عز وجل في هاتين الساعتين وتعوذوا بالله من شر إبليس وجنوده ، وعوذوا صغاركم في هاتين الساعتين فإنهما ساعتا غفلة (٣) وفي الفقيه : قال الباقر عليه السلام النوم أول النهار خرق ، والقائلة نعمة ، والنوم بعد العصر حمق والنوم بين العشائين يحرم الرزق (٤) ، والنوم على أربعة أوجه ، نوم الأنبياء عليه السلام على أقفيتهم لمناجاة الوحي ، ونوم المؤمنين على ايمانهم ، ونوم الكفار والمنافقين على يسارهم ، ونوم الشياطين على وجوههم (٥).

وهذه تدل على كراهة النوم بعد العصر ، وبين العشائين أيضا ، وعلى كراهة النوم على اليسار : وعلى الوجه : واستحباب الأيمن : وعلى استحباب

__________________

(١) الوسائل باب ١٨ من أبواب التعقيب حديث ـ ٢.

(٢) الوسائل باب ١ من أبواب التعقيب حديث ـ ٣.

(٣) الوسائل باب ٣٦ من أبواب التعقيب حديث ـ ٥.

(٤) الوسائل باب ٤٠ من أبواب التعقيب حديث ـ ٤.

(٥) الوسائل باب ٤٠ من أبواب التعقيب ، قطعة من حديث ـ ٥.

٣٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

القيلولة.

ويدل عليه أيضا ما قال فيه ، وروى قيلوا فان الشياطين لا تقيلوا (١) ويدل على كراهة النوم على الوجه ما قال فيه أيضا ، وقال الصادق عليه السلام من رأيتموه نائما على وجهه فأنبهوه (٢) وفيه دلالة على جواز إيقاظ النائم كما في بعض الاخبار الصحيحة وقد تقدم :

ويدل على كراهة النوم في النهار مطلقا ما قال فيه ، وقال الصادق عليه السلام ثلاثة فيهن المقت من الله عز وجل ، نوم من غير سهر ، وضحك من غير عجب ، وأكل على الشبع (٣) : فكان القيلولة خارج عنه ، أو هي مقيدة بالسهر :

ويدل على استحبابها ما روى فيه بقوله : واتى أعرابي النبي صلى الله عليه وآله. فقال يا رسول الله انى كنت ذكورا وانى صرت نسيا؟ فقال ا كنت تقيل؟ قال نعم ، وقال وتركت ذاك؟ قال : نعم قال عد : فعاد فرجع اليه ذهنه (٤) ولا يبعد الكراهة مع عدم الحاجة لأنه سبب الغفلة عن الله وذكره ، الّا ان يكون للإعانة على السهر كما ورد ، نعم المعين على السهر القيلولة ، كالسحور على الصوم (٥) ، أو الحاجة : ولو كان مجرد غلبته بحيث يصير ناعسا في العبادة ، واما ما روى في زيادات التهذيب ـ عن معمر بن خلاد قال أرسل إلي أبو الحسن الرضا عليه السلام في حاجة فدخلت عليه فقال انصرف فإذا كان غدا فتعال ولا تجئ الّا بعد طلوع الشمس فإني أنام إذا صليت الفجر (٦) فإنه يدل على نومه بعده ـ فيحتمل ان يكون ذلك لبيان الجواز ، أو للسهر ، فيحتمل عدم الكراهة حينئذ.

وحمله الشيخ على كون النوم لعذر ، لعل ما قلناه داخل فيه ويحتمل كون

__________________

(١) الوسائل باب ٣٩ من أبواب التعقيب حديث ـ ٣ ولفظ الحديث (قيلوا فان الشيطان لا يقيل).

(٢) الوسائل باب ٤٠ من أبواب التعقيب حديث ـ ٦.

(٣) الوسائل باب ٤٠ من أبواب التعقيب حديث ـ ٧.

(٤) الوسائل باب ٣٩ من أبواب التعقيب حديث ـ ١ ـ ٤.

(٥) الوسائل باب ٤ من أبواب آداب الصائم حديث ، ٧ ـ ولفظ الحديث (قال رسول الله صلى الله عليه وآله تعاونوا بأكل السحور على صيام النهار وبالنوم عند القيلولة على قيام الليل).

(٦) الوسائل باب ٣٦ من أبواب التعقيب حديث ـ ٨.

٣٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

مجيئه من غير اختياره ، وهو بعيد.

وينبغي الانصراف عن اليمين للرواية (١).

__________________

(١) الوسائل باب ٣٧ من أبواب التعقيب ، فراجع.

٣٢٨

«المقصد الثاني في الجمعة»

وهي : ركعتان كالصبح عوض الظهر.

______________________________________________________

قوله : «المقصد الثاني في الجمعة» قال في المنتهى : يدل على وجوب صلاة الجمعة : الكتاب ، والسنة ، والإجماع.

اما الكتاب فقوله تعالى «إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ» (١) والأمر للوجوب وقد فسّر بالصلاة ، والخطبة الموجبة لوجوبها.

واما السنة : فما رواه الجمهور ، إلى قوله : ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح ، وابن يعقوب بإسنادهما عن أبي بصير ، ومحمد بن مسلم جميعا ، عن أبي عبد الله عليه السلام. قال : إن الله عز وجل فرض في كل سبعة أيام خمسا وثلاثين صلاة ، منها صلاة واجبة على كل مسلم أن يشهدها إلّا خمسة : المريض ، المملوك ، والمسافر ، والمرأة ، والصبي (٢) وروي في الحسن والصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : انما فرض الله على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة ، منها صلاة واحدة فرضها الله في جماعة ، وهي الجمعة ، ووضعها عن

__________________

(١) سورة الجمعة ، الآية ـ ٩

(٢) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١٤

٣٢٩

ووقتها عند زوال الشمس يوم الجمعة إلى أن يصير ظلّ كلّ شي‌ء مثله.

______________________________________________________

تسعة : عن الصغير ، والكبير ، والمجنون ، والمسافر ، والعبد ، والمرأة والمريض ، والأعمى ، ومن كان على رأس فرسخين. (١) وفي الصحيح عن أبي بصير ، ومحمد بن مسلم جميعا ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : من ترك الجمعة ثلاث جمع متوالية طبع الله على قبله (٢).

واما الإجماع فإنه لا خلاف بين المسلمين في ذلك ، انتهى.

ولا شك ولا ريب في وجوبها في الجملة ، بل هو ضروري لا يحتاج إلى الاستدلال : وانما الكلام في كيفيّة وجوبها وشرائطها ، وسيتحقق إن شاء الله تعالى.

وكذا لا ريب في كونها ركعتين كالصبح.

قوله : «ووقتها ـ إلخ» قال في المنتهى : والوقت شرط للجمعة ، وهو الزوال إلى أن يصير ظل كل شي‌ء مثله ، وهو مذهب علمائنا أجمع إلّا ما نقله الشيخ عن السيد المرتضى ، أنه يجوز أن يصلى الفرض عند قيام الشمس يوم الجمعة ونقل في المختلف عن ابن إدريس أنّه قال : ما وجدت ذلك في مصنّفات السيد ، بل وجدت خلافه ، فإنّه اختار في المصباح أنّه لا يجوز الّا بعد الزّوال. وكذلك الأذان ، وهو الصحيح ، ولعلّ شيخنا سمعه من المرتضى قدس سرّه في الدرس مشافهة.

ويدل عليه أخبار كثيرة ، مثل صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى الجمعة حين تزول الشمس قدر شراك ، ويخطب في الظل الأوّل ، فيقول جبرئيل : يا محمد قد زالت الشمس فأنزل ، فصل وإنما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين ، فهي صلاة حتى ينزل الإمام (٣) ودلالتها من جهة التأسي ومن جهة انه علم ذلك ، وغيره غير معلوم ، فلا يجوز فيه ومن قول جبرئيل : «يا محمد قد زالت ـ إلخ» فإنّ المفهوم منه أنّ الزّوال هو الوقت.

__________________

(١) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١

(٢) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١٥

(٣) الوسائل باب (٨) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٤

٣٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة ابن سنان ، (كأنه عبد الله بقرينة نقل النضر عنه ، وهو ابن سويد ، لنقله عنه) ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال وقت صلاة الجمعة عند الزّوال ، ووقت العصر يوم الجمعة ، وقت صلاة الظهر في غير يوم الجمعة ، ويستحب التبكير (١) بها (٢) وصحيحته عنه أيضا قال : لا صلاة نصف النهار الّا يوم الجمعة (٣).

وصحيحة زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إنّ من الأمور أمورا مضيقة وأمورا موسّعة ، وإن الوقت وقتان ، والصلاة مما فيه السعة ، فربما عجّل رسول الله صلى الله عليه وآله وربما أخر ، إلا صلاة الجمعة ، فإن صلاة الجمعة من الأمر المضيّق إنما لها وقت واحد حين تزول : ووقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر في سائر الأيام (٤). وبالجملة كون أوّل وقتها هو أول الزوال ظاهر في الجملة.

والأصل والنصوص ، والاحتياط ، وعدم دليل صالح لغيره ، مع الاخبار الكثيرة ، وتحقّق كونه وقتا دون غيره ، وعدم ضبطه ، دليل واضح على المطلوب.

وأما آخر وقتها ، فهو غير مبيّن في الأخبار صريحا ، ويحتمل امتداده بامتداد وقت الظهر كما هو مقتضى البدليّة.

والاحتياط : وعدم تحقق ذلك مع عدم نقلها في غير أوّل الوقت ينفيه (٥) : والمساواة غير واجبة على تقدير ثبوت البدلية :

ولا يبعد كونه آخر فضيلة الظهر ، فيكون صيرورة الظل مثل الشخص ، وعبارة المنتهى المتقدمة تشعر بأنّه المجمع عليه ، ويؤيّده أنّه لا بدّ لآخره من وقت مضبوط بحيث لا يتغيّر وليس الّا ذلك ، فان مقدار فعلها كما يتبادر من بعض الأخبار والعبارات غير مضبوط فإنه قد يطول وقد يقصر ، والشريعة السهلة تقتضي الوسعة ، فإنّ التكليف بمقدارها بعد الزوال بلا فصل. شاق جدا ، وقد يعرض الشغل وعدم الطهارة وقد يجتمع الناس ، وقد لا يجتمع وبالجملة الظاهر من الشرع عدم جعل

__________________

(١) التبكير لعله سرعة المشي الى المسجد لدرك صلاة الجمعة في أول وقتها

(٢) الوسائل باب (٨) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٥

(٣) الوسائل باب (٨) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٦

(٤) الوسائل باب (٨) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٣

(٥) اى ينفى القول بامتداد وقتها إلى آخر وقت الظهر.

٣٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

ذلك ضابطا ، وهو الظاهر عند التأمل.

ويدل عليه بعض الاخبار المتقدمة ، حيث يدل على أن وقت العصر يوم الجمعة. هو وقت الظهر في سائر الأيام ، فيدل على أنه ليس بمقدار فعلها ، بل القدمين والقامة بعد الزوال كما مر في الظهر أنّه بعدها ، للنافلة :

وأيضا تدل عليه رواية إسماعيل بن عبد الخالق قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن وقت الظهر ، فقال : بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك إلّا في يوم الجمعة أو في السفر ، فانّ وقتها حين تزول الشمس (١) والظاهر منها بيان أوله ، ففي هذه الأخبار إشعار بأفضلية تقديم العصر يوم الجمعة ، وأن وقت الجمعة وقت نافلة الظهر في غير يوم الجمعة من القامة والذّراع والقدمين وغير ذلك كما مرّ :

ولكن الوسعة في الدين ـ وضيق ذلك الوقت غالبا عن الخطبة بعد الزوال واجتماع الناس. سيّما مع تجويز التطويل في الخطبة ، والعلم بدخول الوقت حين الزّوال مع عدم العلم بالخروج الى المثل ، وعدم صراحة الأخبار فيما ذكر ، وعدم دليل صالح للخروج سوى ذلك : ومعلومية عدم شمول الروايات ما زاد عن المثل ، وعدميتها للأقلّ من المثل مع ظاهر نقل الإجماع في المنتهى على ما مرّ ، وعدم القائل الواضح بغيره ـ يرجح القول بالمثل كما اختاره المصنّف وغيره.

ومع ذلك ينبغي الاحتياط والتعجيل بحيث يقع في مقدار ما استثنى للنافلة في غير يوم الجمعة ، على أنه قد جوز النافلة بعد ذلك على ما مرّ.

ولكن قال في الفقيه : وقال أبو جعفر عليه السلام وقت صلاة الجمعة يوم الجمعة ساعة تزول الشمس ووقتها في السفر والحضر واحد وهو من المضيق وصلاة العصر يوم الجمعة في وقت الاولى في سائر الأيام (٢) وقال أبو جعفر عليه السلام أول وقت الجمعة ساعة تزول الشمس إلى أن تمضي ساعة (٣) فلا يبعد ملاحظة ذلك ، فإنّه ضامن لصحة ما فيه ، مع جزمه بأنه عنه عليه السلام ، وليس عندنا ما يخالفه ،

__________________

(١) الوسائل باب (٨) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٧

(٢ ـ ٣) الوسائل باب (٨) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١٢ ـ وبقية الحديث بعد قوله : الى ان تمضي ساعة «فحافظ عليها. فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : لا يسأل الله عبده فيها خيرا إلّا أعطاه».

٣٣٢

فإن خرج صلّاها ظهرا ، ما لم يتلبّس في الوقت.

ولا تجب إلّا بشروط : الامام العادل ، أو من يأمره.

______________________________________________________

بل الأخبار المتقدمة مؤيدة ، له ، وفي الكافي أيضا مثل الخبر الأوّل ، فلو لم يكن إجماع وإجمال في الساعة ، تعيين المصير إليها ، ولعله لا إجمال فتحمل على المشهورة ، فإن الظاهر من أكثر الأخبار انّ الغرض بيان أوّل الوقت ولهذا سوى بين الحضر والسفر ، فالمقصود سقوط وقت النافلة التي كانت في الظهر حضرا ، الله يعلم.

قوله : «فان خرج ـ إلخ» المراد ب «صلاها ظهرا» فعل صلاة الجمعة ، أي الواقعة يوم الجمعة وقت الظهر ، ظهرا لا جمعة : وإطلاق الجمعة على صلاة الظهر ، لا مسامحة فيه ، وهو واقع في الروايات : مثل «الجمعة في السفر ما أقرء فيهما؟ قال : اقرئهما بقل هو الله أحد» (١) وهو كثير ، ووجهه ظاهر لأنّ الوقت شرط ، وقد مضى ، والجمعة لا تقضى ، والظهر لا يسقط إلّا بفعلها ، فيتعيّن فعل الظهر.

واما اشتراط عدم التلبّس بفعلها ظهرا ، فيشعر بأنّه إذا تلبس في الوقت ولو بالتكبير ، علما بأنه يخرج الوقت بعده أو جهلا ، صحت الجمعة أداء وليس بواضح الدليل : لان الوقت شرط ، وقد خرج ، فكيف تصح أداء في غير وقته. ولا يبعد تقييده بإدراك الركعة في الوقت ، لما روي : من أدرك من الوقت ركعة ، فقد أدرك (٢) وعدم الخلاف عندهم في ذلك على الظاهر ، الّا أن يكون لهم دليل في الجمعة بخصوصها بإدراكها بمجرد التلبس ، لأنّه بدل الظهر ، فكان وقته ، وقته.

قوله : «ولا تجب الّا بشروط ـ إلخ» قال في المنتهى : أما اشتراط الإمام ، أي المعصوم عندنا (أو نائبه ـ خ) أو إذنه ، فهو مذهب علمائنا أجمع ، والحسن والأوزاعي ، وحبيب بن أبي ثابت ، وأبي حنيفة ـ إلخ ثم استدل عليه بما رواه الجمهور عنه صلى الله عليه وآله أنه قال : أربع إلى الولاة الفيئى ، والحدود ، والصدقات ، والجمعة (٣) وقال في خطبته : من ترك الجمعة في حياتي أو بعد موتي ، وله إمام

__________________

(١) الوسائل كتاب الصلاة باب (٧١) من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٢

(٢) الوسائل كتاب الصلاة باب (٣٠) من أبواب المواقيت حديث ـ ٤ ولفظ الحديث (روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال : من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة).

(٣) المنتهى ص (٣١٧) مسئلة «يشترط في الجمعة الإمام العادل».

٣٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

عادل ، أو جائر ، استخفافا بها ، أو جحودا لها ، فلا جمع الله شمله ، ولا بارك له في أمره الحديث (١) ثم استدل بأحاديث من طريق الخاصة. أظن ليس فيها دلالة على المطلوب ، مثل حسنة زرارة ، قال : كان أبو جعفر عليه السلام يقول : لا تكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على أقل من خمسة رهط ، الامام وأربعة (٢) ومثل حسنة محمد بن مسلم ، قال : سألته عن الجمعة؟ قال : بأذان إقامة ، يخرج الامام بعد الأذان ، فيصعد المنبر ، فيخطب. ولا يصلى الناس ما دام الامام على المنبر (٣) مع أنّها مغيرة ، نعم تدل على جواز الخروج بعد الأذان والخطبة على المنبر ، وكراهة الصلاة ما دام عليه.

وكذا ما في رواية سماعة فقال : أما مع الإمام فركعتان وأما من يصلى وحده فهي أربع ركعات بمنزلة الظهر (٤) مع أنّ قوله : «بمنزلة الظهر» غير مناسب ، لأنها الظهر ، الا أن يرجع الى قوله : «الركعتان» وهو بعيد ، مع عدم صحة السند. فالعمدة في هذه المسئلة الإجماع ، ولعل له سندا ما وصل إلينا.

ويمكن كونه رواية حماد بن عيسى عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم السلام قال : إذا قدم الخليفة مصرا من الأمصار جمّع بالناس ليس لأحد غير ذلك (٥) وهي مع عدم صحة السند ، تفيد الأخصّ من المطلوب.

ومثلها رواية أبي العباس الآتية ، وبالجملة ، ما رأيت ما يصح سندا له : مع أن الآية ، والأخبار المعتبرة الكثيرة جدا غير مقيدة به ، إلا أن الآية مجملة لا يفهم كون المراد منها صلاة الجمعة مفصلة إلّا بالإجماع ونحوه ، وكذا أكثر الأخبار خالية عن تفصيلها. مثل واحدة فرضها الله في جماعة وهي الجمعة ووضعها عن تسعة (٦) ومثل :

__________________

(١) سنن ابن ماجة ج ١ كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (٧٨) باب في فرض الجمعة حديث ـ ١٠٨١.

(٢) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٢

(٣) الوسائل باب (٦) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٧

(٤) الوسائل باب (٥) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٣

(٥) الوسائل باب (٢٠) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١

(٦) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها قطعة من حديث ـ ١

٣٣٤

وحضور أربعة معه.

______________________________________________________

ومنها صلاة واجبة على كل مسلم أن يشهدها الا خمسة ـ إلخ (١) وغيرها ، ولا يفهم التفصيل والاحكام الا بالإجماع.

والحاصل انا ما نقدر أن نخلي الإجماع لضعفه ، ونتشبث بالاخبار والآية ، للإجمال ، فلا بد لنا من التشبث به واعتباره ، وأهله يقولون بالتقييد.

وأما الأخبار فالظاهر منها العموم نعم يفهم كونها مقيدة بمن يكون إماما للجماعة ويقدر على الخطبة لا غير ، بل الظاهر منها نفى شرط آخر.

وأما اختصاص الإجماع في الشرط المذكور حال الظهور لا الغيبة فليس بظاهر من كلام المصنّف في المنتهى. وبعض العبارات الأخر ظاهر في العموم ، وليس عندي كتاب آخر حاضر : والشارح يدعي كونه حال الظهور فقط : ويدل عليه أن الآية والأخبار عامة بل دالة على عدم الشرط مطلقا ، والإجماع حال الظهور ظاهر من غير نزاع ، فيقيد به ، وأما في حال الغيبة فيبقي على ظاهرها ، وسيجي‌ء زيادة تحقيق إن شاء الله.

قوله : «وحضور أربعة معه» وهو مذهب الأكثر. لعلّ دليله الأوامر المطلقة والعامة خرج الأقل بالإجماع وبقي الباقي تحتها. فيه أنّ الأوامر ما دلت إلا بالإجماع ، والإجماع في الخمسة ، وأيضا يخرج الخمسة كما تحتها بالدليل.

وحسنة زرارة (لإبراهيم بن هاشم) قال : كان أبو جعفر عليه السلام يقول : لا تكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على أقل من خمسة رهط ، الإمام وأربعة (٢) ولا يخفى أن دلالته بالمفهوم ومع ذلك ليس بصريح في الوجوب

ورواية أبي العباس (كأنه الفضل بن عبد الملك البقباق الثقة) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : أدنى ما يجزي في الجمعة سبعة أو خمسة أدناه (٣) وفي الطريق (٤) أبان

__________________

(١) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها قطعة من حديث ـ ١٤

(٢) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٢

(٣) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١

(٤) سنده كما في الكافي هكذا (الحسين بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن على بن مهزيار ، عن فضالة ، عن ابان بن عثمان ، عن أبي العباس عن أبي عبد الله عليه السلام)

٣٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

بن عثمان ، قيل ناووسي ، قال في المختلف : لا يقال ذلك. لانه وان كان ناووسيا ، الا أن أبا عمر والكشي قال : أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه والإقرار له بالفقه. وقبله في الخلاصة أيضا لذلك ، فيمكن جعلها صحيحة. ومع ذلك قال في المختلف والمنتهى موثق أبي العباس :

وفي دلالتها أيضا على الوجوب خفاء ، وضمّ سبعة يشعر بأنه الأدنى أيضا ، وذلك ما يمكن الا الجمع الذي جمع به الشيخ ، وسيجي‌ء.

وأقوى الأدلة صحيحة منصور عن أبي عبد الله عليه السلام قال يجمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زادوا فان كانوا أقلّ من خمسة فلا جمعة لهم ، والجمعة واجبة على كل أحد لا يعذر الناس فيه الا خمسة : المرأة والمملوك والمسافر والصبي والمريض (١) وهو مشترك ولكن الظاهر أنه ابن حازم الثقة كما صرح به في المختلف ، الا أنه ليس مثل الصريح :

وفي دلالتها على الوجوب العيني تأمل.

وكذا رواية ابن أبي يعفور عنه عليه السلام قال : لا تكون جمعة ما لم يكن القوم خمسة (٢) وهذه أضعف مع ضعف السند (٣) ، وقريب منها رواية الفضل بن عبد الملك (كأنه البقباق الثقة فالخبر معتبر ، ولا يضر وجود أبان بن عثمان لما مر) قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات ، فان كان لهم من يخطب لهم جمعوا إذا كانوا خمسة نفر ، وانما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين (٤) وفي السند تأمل كما عرفت ، والدلالة غير واضحة كما مرّ ، وظاهرها دالة على عدم اشتراط الامام ، بل من يقدر على الخطبتين ، فتأمل. فإن مثله كثير في هذا المعنى ، مثل صحيحة محمد بن مسلم (٥).

__________________

(١) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٧ وباب (١) حديث ـ ١٦

(٢) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٨

(٣) بوجود عثمان بن عيسى المرمى بالوقف ، فان سنده كما في التهذيب هكذا (الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان ، عن ابن أبي يعفور)

(٤) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٦

(٥) الوسائل باب (٣) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١

٣٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ونقل عن الشيخ والصدوق وابن حمزة انّ أقل العدد الذي يجب معه الجمعة عينا سبعة ، ويستحب مع الخمسة بمعنى أفضل الواجبين ، ودليلهم الأصل ، والإجماع على الوجوب بالسبعة ، دون الأقل فإنّ الآية والأخبار مجملة فالمدار عليه وقد مر الجواب عن أدلة الوجوب ، بالأقل وسيجي‌ء أيضا.

وصحيحة عمر بن يزيد (الثقة على الظاهر) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة وليلبس البرد والعامة ، ويتوكأ على قوس أو عصا ، وليقعد قعدة بين الخطبتين ، ويجهر بالقراءة ، ويقنت في الركعة الأولى منهما قبل الركوع (١) الا أن دلالتها على عدم الوجوب بالخمسة بالمفهوم لكنه مفهوم الشرط ، وهو معتبر عند أكثر الأصوليين ، ولو كانت واجبة على الأقل ما كان ينبغي التقييد في مثل هذه بمثل هذا القيد ، وهو ظاهر.

ورواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : يجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين (٢) ولا تجب على أقلّ ، منهم الامام وقاضيه ، والمدعى حقا ، والمدعى عليه ، والشاهدان والذي يضرب الحدود بين يدي الامام (٣) وفي الطريق حكم بن مسكين (٤) وهو مجهول لانه مذكور في رجال ابن داود بغير تعديل وجرح : الا أنه مذكور في الأول (٥) ، وغير مذكور في الخلاصة : وفي طريق الاستبصار الحسين بن عبيد الله الغضائري ، وفي التهذيب نقل عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عنه ، كأنه الأشعري الثقة واليه صحّ وان محمد بن الحسين هو ابن ابى الخطاب الثقة على الظاهر لانه ينقل الأشعري عنه. ولهذا ما قدح في رجاله إلا في الحكم

وهذه مذكورة في الفقيه أيضا عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : تجب الجمعة على سبعة نفر من المؤمنين ، ولا يجب على أقل منهم الإمام ـ إلخ.

__________________

(١) الوسائل باب (٦) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٥

(٢) في نسخة : «المؤمنين»

(٣) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٩

(٤) فان سنده في التهذيب هكذا (محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن الحكم بن مسكين عن العلاء عن محمد بن مسلم)

(٥) أي في قسم الموثقين.

٣٣٧

والجماعة.

______________________________________________________

لكن طريقه اليه لا صحيح ولا ضعيف ، الا انه ضامن لصحة ما فيه ، وحجة بينه وبين ربه وقال فيه : قال زرارة قلت له : على من تجب الجمعة؟ قال : تجب على سبعة نفر من المسلمين ولا جمعة لأقل من خمسة من المسلمين أحدهم الإمام ، فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم (١).

والظاهر أنه هنا من الخبر ، وأنه عن أبي جعفر عليه السلام كما يدل عليه ما قبله وما بعده : فإنه نقل زرارة عنه عليه السلام وكأنه حذف هنا للظهور : مع أنه معلوم أن مثل زرارة لا ينقل مثل هذه المسئلة عن غير الامام ، ولا ينقله الصدوق في الكتاب المضمون. فصحت هذه أيضا والمعارضة في الجملة. فلا بد من الجمع ، وهو الدليل القوى ، للشيخ ، ولهذا استحسنه في الذكرى ، وحمل أخبار الخمسة على الصحة والواجب التخييري ، والسبعة على العيني ، كما فعله في الكتابين ، ورواية أبي العباس مشعرة به. فسقط جواب الشارح بعدم التكافؤ. لأن دليل الخمسة صحيح ، ودليل السبعة ضعيف ، وصحّ استحسان الذكرى هذا الّا ان الكثرة مع الأول ولا احتياط الا بفعلها مع الخمسة ، وفعل الظهر أيضا فتأمل ، فإنه مع ذلك غير ظاهر الحصول ، لعدم الجزم في النية. ولا شك في صحة الظهر بعد مضيّ وقت الجمعة ، وفعلها أيضا ، وان ترك عمدا.

قوله : «والجماعة» كأنّ دليله الإجماع كما نقل في الشرح. قال في المنتهى : ولا نعرف فيه خلافا ، ويدل عليه بعض الاخبار أيضا. مثل قوله عليه السلام : في حسنة وصحيحة زرارة. واحدة فرضها الله في جماعة (٢) وفي صحيحة محمد بن مسلم ، هل يصلون الجمعة جماعة؟ قال : نعم ، [و] يصلون أربعا إذا لم يكن من يخطب (٣) وما في حسنة زرارة المتقدمة ، خمسة رهط الامام وأربعة (٤) ويدل عليه اشتراط الإمام

__________________

(١) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٤

(٢) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها قطعة من حديث ـ ١

(٣) الوسائل باب (٣) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١ وصدر الحديث «عن أحدهما عليهما السلام ، قال : سألته عن أناس في قرية هل يصلون الحديث».

(٤) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها قطعة من حديث ـ ٢ وصدر الحديث «قال : كان أبو جعفر عليه السلام يقول : لا تكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على أقل من خمسة رهط الحديث».

٣٣٨

والخطبتان من قيام المشتملة كل منهما على حمد الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله عليهم السلام والوعظ وقراءة سورة خفية.

______________________________________________________

في الاخبار.

قوله : «والخطبتان ـ إلخ» قال في المنتهى : وهو قول عامة أهل العلم الا الحسن البصري. ويدل عليه الاخبار أيضا.

مثل ما في حسنة محمد. فيصعد المنبر فيخطب (١) ويصلون أربعا ان لم يكن من يخطب (٢) وصحيحة عبد الله. انما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين فهي صلاة حتى ينزل الامام (٣) وغيرها من الاخبار الكثيرة على اعتبار الخطبة ، وكونها ثنتين. ونقل الإجماع على كونها ثنتين أيضا.

واما اشتمال الخطبة على الأمور المذكورة ، فليس عليه دليل واضح سوى الإجماع إن كان وأنه المفهوم من الخطبة. قال في المنتهى : (ولا يكفي الخطبة الواحدة ، بل لا بد من الخطبتين. فلو أخلّ بواحدة منهما فلا جمعة له. ذهب إليه علماؤنا أجمع ، إلى قوله : ويشترط في كل خطبة حمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي وآله صلى الله عليهم وقراءة شي‌ء من القرآن والوعظ. فهذه الأربعة لا بدّ منها ، فلو أخلّ بأحدها لم يجزيه. وبه قال الشافعي : وقال أبو حنيفة : تجزي من الخطبة كلمة واحدة الحمد لله ، أو الله أكبر أو سبحان الله ، أو لا إله إلا الله وما شابه ذلك).

يشعر بالإجماع على اشتراط الأربعة عندنا. وانّ المخالف منهم واستدل عليها ببعض الأخبار الغير الصحيحة والصريحة (٤) وبرواية سماعة المشهورة (٥) مع عدم الصحة واشتمالها على ما لم يقل بوجوبه.

وقالوا : لا بد من كون القراءة بآية تامة الفائدة بالنسبة إلى الخطبة ، وإن لم تكن

__________________

(١) الوسائل باب (٦) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها قطعة من حديث ـ ٧

(٢) الوسائل باب (٣) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها قطعة من حديث ـ ١

(٣) الوسائل باب (٦) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٤

(٤) راجع المنتهى في آداب الخطبة ص ٣٢٦

(٥) الوسائل باب (٢٤ حديث ـ ١ و ٢٥) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٢

٣٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

مشتملة على مقصد الخطبة ، وليس بواضح المعنى ، والدليل والاحتياط يقتضي قراءة سورة ، وذكر ما في رواية سماعة ، بل صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في خطبة يوم الجمعة ، الخطبة الأولى ـ إلخ (١) وهي مذكورة في الكافي ومشتملة على الأمور المعتبرة والزيادة وقراءة سورة في الاولى ، و (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ) ، الآية (٢) في الثانية. فيمكن فهم عدم وجوب السورة وكفاية الآية فيهما ، لعدم القائل بالفصل كما قيل مع مراعاة ما يشترط في الصلاة في الخطبة غير الاستقبال. لما تشعر به الرواية أنهما بدل الركعتين ، وانها الصلاة ما دام على المنبر ورعاية (ظ) ما في حسنة محمد بن مسلم قال : سألته عن الجمعة؟ فقال : أذان واقامة ، يخرج الامام بعد الأذان فيصعد المنبر فيخطب ، ولا يصلى الناس ما دام الامام على المنبر ، ثم يقعد الامام على المنبر قدر ما يقرء قل هو الله احد ، ثم يقول فيفتتح خطبته ثم ينزل فيصلي بالناس ، ثم يقرء بهم في الركعة الأولى بالجمعة ، وفي الثانية بالمنافقين (٣) وهي تدل على اتحاد الامام والخطيب ، ويشعر به بعض الاخبار المتقدمة أيضا فافهم ، وكذا صحيحته المتقدمة في بيان الخطبة (٤).

ولا يبعد جوازهما قبل الزوال لما مرّ في خبر جبرئيل «يا محمد قد زالت ـ إلخ» (٥) ولا يدل ما في الحسنة المتقدمة ـ (يخرج الامام بعد الأذان) وكذا غيرها مثل (وهي الصلاة).

على أنه واجب كونهما بعد الوقت ، وليست الآية أيضا صريحة في ذلك ، نعم ظاهرهما ذلك ، خصوصا الخبر على تقدير عدم جواز تقديم الأذان ، فيحمل على الندب للمتقدمة ، والأحوط عدم ذلك وينبغي السلام على الجماعة. لما مر في الخبر (٦). وكذا الجلوس حتى يفرغ المؤذنون (٧).

__________________

(١) الوسائل باب (٢٥) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١

(٢) النحل : (٩٠)

(٣) الوسائل باب (٢٥) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٣

(٤) الوسائل باب (٢٥) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١

(٥) الوسائل باب (٨) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٤

(٦) الوسائل باب (٢٨) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١

(٧) الوسائل باب (٢٨) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٢

٣٤٠