مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الإستبصار أيضا : لكن في الأخر الله أكبر أربع مرات ، والظاهر انه غلط في النسخ ، وقال في الفقيه بعد قوله (والإقامة كذلك) ولا بأس ان يقال في صلاة الغداة على اثر حي على خير العمل. الصلاة خير من النوم مرتين للتقية ، (١) فكأنه تتمة الخبر فهو صريح في التقية ، ولكن يكون المراد مع إخفاء (حي على خير العمل) وهذا السند في الفقيه الظاهر انه صحيح ، لان طريقه فيه الى الحضرمي (٢) صحيح وهو ثقة كما قيل وسمى الخبر الذي هو فيه بالصحة في الكتب ، وهو موافق للمشهور بين الطائفة ، وغيره من الاخبار ، لكن يحتاج قوله. والإقامة كذلك ، إلى تأويل فيؤل بأنه كذلك في أكثر فصوله ، فلا ينافيه الحذف والزيادة بدليل آخر.

ثم قال : وقال مصنف هذا الكتاب رض هذا هو الأذان الصحيح لا يزاد ولا ينقص منه ، والمفوضة لعنهم الله قد وضعوا اخبارا وزادوا في الأذان محمد وآل محمد خير البرية ، مرتين ، وفي بعض رواياتهم بعد اشهد ان محمدا رسول الله ، اشهد ان عليا ولى الله ، مرتين ومنهم من روى بدل ذلك اشهد ان عليا أمير المؤمنين حقا ، مرتين.

ولا شك في ان عليا ولى الله وانه أمير المؤمنين حقا ، وان محمدا وآله صلوات الله عليهم خير البرية ، ولكن ليس ذلك في أصل الأذان ، وانما ذكرت ذلك ليعرف بهذه الزيادة المتهمون بالتفويض والمدلسون أنفسهم في جملتنا. انتهى (٣).

فينبغي اتباعه لأنه الحق ، ولهذا يشنع على الثاني بالتغيير في الأذان الذي كان في زمانه صلى الله عليه وآله فلا ينبغي ارتكاب مثله مع التشنيع عليه.

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ من أبواب الأذان والإقامة ذيل حديث ـ ٩.

(٢) طريقه الى الحضرمي وكليب الأسدي كما في مشيخة الفقيه هكذا (وما كان فيه عن أبي بكر الحضرمي وكليب الأسدي ، فقد رويته عن أبي رضى الله عنه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن ابى الحسين بن أبي الخطاب ، عن عبد الله بن عبد الرحيم الأصم ، عن أبي بكر عبد الله بن محمد الحضرمي وكليب الأسدي).

(٣) الوسائل باب ١٩ من أبواب الأذان والإقامة تحت رقم ـ ٢٥ ـ نقل كلام الصدوق قدس سره.

١٨١

(النظر الثاني : في الماهية)

وفيه مقاصد ، المقصد الأول : في كيفية اليومية.

يجب معرفة واجب أفعال الصلاة من مندوبها ، وإيقاع كل منهما على وجهه. فالواجب سبعة.

______________________________________________________

ولا يتوهم عن المنع الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله فيه. لظهور خروجه منه ، وعموم الأخبار الدالة بالصلاة عليه مع سماع ذكره (١) ولخصوص الخبر الصحيح المنقول في هذا الكتاب عن زرارة (الثقة) وصل على النبي صلى الله عليه وآله كلما ذكرته ، أو ذكره ذاكر عنده في أذان أو غيره (٢) ومثله في الكافي في الحسن (لإبراهيم) كما مر.

قوله «(يجب معرفة واجب أفعال الصلاة إلخ)» واعلم ان الذي تقتضيه الشريعة السهلة ، والأصل ، عدم الوجوب على التفصيل والتحقيق المذكور في الشرح وغيره ، وأظن انه يكفى الفعل على ما هو المأمور به ، وفي الاخبار اشارة اليه كما مر البعض ، وستقف على أمثاله أيضا خصوصا في مسائل الحج : إذا الظاهر ان الغرض إيقاعه على شرائطه المستفادة من الأدلة ، واما كونه على وجه الوجوب فلا. وغير معلوم انه داخل في الوجه المأمور به ، بل الظاهر عدمه ، فلا يتم الدليل : بان فعل الواجب على الوجه المأمور به موقوف على المعرفة والعلم فبدونه ما اتى بالمأمور به على وجهه ، فيبقى في عهدة التكليف.

وعلى تقدير تسليم الوجوب ، لا نسلم البطلان على تقدير عدمه ، خصوصا عن الجاهل والغافل عن وجوبه ، وعن الذي أخذه بدليل مع عدم وظيفته دلك ، وكذا المقلد لمن لا يجوز تقليده ، ولا خفاء في صعوبة العلم الذي اعتبروه ، سيما بالنسبة الى النساء والأطفال في أوائل البلوغ. فإنهم كيف يعرفون المجتهد

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ من أبواب التشهد حديث ـ ٣ ـ وباب ٣٤ من أبواب الذكر ، فراجع.

(٢) الوسائل باب ٤٢ من أبواب الأذان والإقامة حديث ـ ١.

١٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وعدالته ، وعدالة المقلد والوسائط ، مع انهم ما يعرفون العدالة : ومعرفتهم إياها وأخذهم عنهم ، فرع العلم بعدالتهم : ومعرفة العدالة ، ما يحصل غالبا إلا بمعرفة الواجبات والمحرمات ، وهم إلى الان ما حصلوا شيئا : وليس بمعلوم لهم العمل بالشياع : بان فلانا عدل ، مع عدم معرفتهم حقيقة العدالة ، بل ولا بالعدلين ، ولا بالمعاشرة : وتحقيقهم ذلك كله بالدليل لا يخفى صعوبته ، مع عدم الوجوب عليهم قبل البلوغ على الظاهر ، بل بعده أيضا ، لعدم العلم بالتكليف بها : نعم يمكن فرض الحصول ، فحينئذ يصح التكليف ، ولكن قد لا يكون ، والمراد أعم.

والحاصل انه لا دليل يصلح ، الا ان يكون إجماعا ، وهو أيضا غير معلوم لي. بل ظني : انه يكفى في الأصول ، الوصول الى المطلوب كيف كان بدليل ضعيف باطل ، وتقليد كذلك ، كما مر إليه الإشارة.

وعدم نقل الإيجاب عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام والسلف ، بل كانوا يكتفون بمجرد الاعتقاد ، وفعل صورة الواجبات : ومثل تعليم النبي ص الأعرابي ، مع ان الصلاة معلوم اشتمالها على ما لا يحصى كثرة من الواجبات ، وترك المحرمات ، والمندوبات. وكذا سكوتهم عليهم السلام عن أصحابهم في ذلك.

وبالجملة : لي ظن قوى على ذلك ، من الأمور الكثيرة وان لم يكن كل واحد منها دليلا ، فالمجموع مفيد له ، وان لم يحضرني الان كله.

وان أمكن الوجوب على العالم المتمكن من العلم على الوجه المشروط : على ان دليلهم لو تم ، لدل على وجوب القصد حين الفعل ، وانه غير واجب إجماعا : ولكن ظني لا يغني من العلم شيئا ، فعليك طلب الحق ، والاحتياط ما استطعت.

فقول الشارح ـ فصلاة المكلف بدون أحد الأمرين (أي الاجتهاد والتقليد) مع شرائطه باطلة ، وان طابق اعتقاده وإيقاعه للواجب والندب للمطلوب شرعا ـ محل التأمل ، بعد تسليم الوجوب أيضا ، خصوصا على قاعدته : وهي ان الأمر بالشي‌ء لا يستلزم النهي عن ضده الخاص ، ومنعه دليل. ان النهي في العبادة

١٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

مستلزم للفساد.

وكذلك قوله بعده : (وكما يجب معرفة الواجب من الندب يجب إيقاع كل منهما على وجهه فيوقع الواجب على وجه الوجوب والمندوب على وجه الندب ، فلو خالف : بان نوى بالواجب الندب عمدا أو جهلا بطلت الصلاة ، للإخلال بالواجب على ذلك الوجه المقتضى للبطلان الا ما استثنى وليس هذا منه (١)).

على انه قد لا يتأتى الفعل على وجه الندب مثلا ، مع اعتقاده وعلمه الان بالوجوب مثلا : ويمكن تصويره في الجملة.

وأيضا بعد فرض العلم لا ينبغي تفريع الجهل ، الا ان يؤل بالنسيان.

وأيضا دليل لا يدل على البطلان ، بل على التحريم ، وبطلان ذلك الفعل على تقدير تسليم ما سبق : ولنا ان لا نسلم ، بل نقول : وقع القصد غير صحيح ولا على وجه الشرع ، واما الفعل ، فلا يخرج بمجرد قصده عما كان مع علمه واعتقاده : وبطلانه انما يستلزم بطلان الصلاة لو علم انه جزء منها ، بحيث لو ترك على اى وجه يبطل الباقي ، وذلك غير معلوم.

وقوله فيما بعد «(ولعدم إتيانه بالمأمور به إلخ)» ممنوع ، لما مر انه من اين يعلم ان القصد على ذلك الوجه ، داخل في الوجه المأمور به ، بل المأمور به ، الفعل على الوجه المعتبر المستفاد ، واما كونه واجبا فهو مستفاد من أصل الأمر به فليس بداخل في المأمور الخارج عنه ، وهو ظاهر ، مع انه قد يغفل عنه فيما بعد وقوله «(يمتنع اعادته لئلا يلزم زيادة أفعال الصلاة عمدا)» قد يقال انه ليس من أفعال الصلاة على الوجه الأول : ولو اكتفينا بالصورة ، فمن اين الدليل على ان الزيادة في أفعالها مطلقا مبطلة عمدا أو جهلا ، وعلى هذا الوجه.

وأيضا انما يتحقق الزيادة بعد فعل الثاني ، والظاهر انه ليس بمبطل ، ولو صح البطلان وسلم في العامد فعله على وجه الندب مع علمه ، فأين الدليل على الجاهل.

__________________

(١) الى هنا كلام الشارح.

١٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا قوله «(ولو عكس ، بان نوى بالمندوب من الافعال الوجوب ، فان كان الفعل ذكرا بطلت الصلاة أيضا ، للنهي المقتضي للفساد ، ولانه كلام في الصلاة ليس منها ، ولا مما استثنى منها ، وان كان فعلا كالطمأنينة اعتبر في الحكم بإبطاله الكثرة (١) : إلى قوله : مع احتمال البطلان به مطلقا ، للنهي المقتضي للفساد ، ويؤيده أن تروك الصلاة لا يعتبر فيها الكثرة عدا الفعل الكثير كالكتف والاستدبار ، ودخوله تحت الفعل الكثير انما يتم لو لم يكن النهي حاصلا في أول الفعل الذي مجردة كاف في البطلان)».

لانه لو سلم النهي مطلقا ، فأين دلالته على الفساد والبطلان للصلاة : والعجب انه ما سلم البطلان في نفس العبادة ، لتغاير الوجهين ، فكيف يقول هنا ببطلان الصلاة للنهي (على تقدير التسليم) عن فعل مندوب غير جزء واجب ولا شرط ، على قصد الوجوب ، وانه يدل على فساد أصل الصلاة :

نعم لو ثبت النهي ، وان كل كلام أجنبي في الصلاة يبطلها ، يتوجه البطلان في الذكر فقط : ولكن المطلق غير ظاهر ، بل يحتمل رجوع النهي إلى القصد فقط ، لا أصل الفعل ، لانه اعتقد كونه عبادة وزاد عليه عدم جواز الترك ، وذلك غير معلوم الضررية ، بل بالقصد فقط مع عدم فوت شي‌ء من العبادة بزعمه أيضا ، ففعل الصلاة مع جميع واجباته ، غاية الأمر أنه أراد تأكيد عبادة ما كانت مؤكدة ، خطاء ، أو تعمدا فما حصل وهو بعيد ، فلا يضر بأصلها ، هذا.

ويحتمل البطلان في الأول (٢) ، فإنه ترك واجبا بزعمه ، لانه فعل ندبا ، وان لم يخرجه عنه ، ولكن ما فعله على ذلك الوجه ، بل فعل على غير ذلك الوجه ، فيبقى في العهدة :

لعل يكون استقراب الشهيد في البيان (٣) الصحة في العكس مطلقا

__________________

(١) وتمام العبارة هكذا (التي تعتبر في الفعل الخارج عن الصلاة : وان لم يكن كثير الم تبطل ، ويقع لغوا ، مع احتمال إلخ).

(٢) يعني بالأول : ما لو نوى بالواجب الندب عمدا أو جهلا.

(٣) إشارة الى ما نقله في روض الجنان ، بعد العبارة المتقدمة بقوله : واستغرب الشهيد ره إلخ.

١٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

لأن نيته الوجوب إنما أفادت تأكيد الندب ، إذا لواجب والندب يشتركان في الاذن في الفعل ، وينفصل الواجب عنه بالمنع من الترك. ونية هذا القدر مع كون الفعل مشروعا في نفسه غير مؤثر).

إشارة الى ما ذكرنا في عدم بطلانه. فلا يرد عليه قوله (ويضعف بأنه تأكيد للشي‌ء بما ينافيه إلخ) لأنه يبعد خفاء مثله على مثله : كيف وقد قال هو أيضا رحمة الله : ويشتركان ، وينفصل الواجب عنه بالمنع : وهو صريح ، بعدم بقاء الندب مع الوجوب مع انه أمر مقرر واضح في الأصول والفروع : فيكون مراده ، بتأكيد الندب : تأكيد كونه عبادة فتأمل.

ثم (١) ان عدم التأييد بالمؤيد المذكور ظاهر ، وان ثبت البطلان بوقوع التروك بدليل ، بان يكون ترك شرط مثلا ، مثل الاستدبار ، وستر العورة ، وترك القيام ، أو صرح بالبطلان به.

لعدم الثبوت فيما نحن فيه ، بل وقع وجود الترك فقط على تقدير التسليم ، الا ترى انه نوزع في البطلان بالكتف ، على تقدير تسليم تحريمه ، ووقوع النهي عنه : وبالجملة معلوم عدم دلالة مجرد وجوب ترك شي‌ء في الصلاة ، على بطلانها على تقدير الفعل. نعم ، قد يفهم ذلك من المقام والقرائن مع صريح النهي ، وليس فيما نحن فيه :

وفي قوله (٢) (ويجاب أيضا إلخ) تأمل : إذ على تقدير اعتبار ذلك في أمر ما ، لا يلزم كون الكل كذلك حتى ولو كان اه فتأمل.

__________________

(١) أراد قدس سره بالمؤيد المذكور ما نقله آنفا عن الروض ، بقوله : ويؤيده أن تروك الصلاة إلخ.

(٢) والأنسب نقل عبارة روض الجنان ، حتى يظهر مقصود الشارح قدس سره ، فإنه بعد رده ما نقل عن الشهيد في البيان ، بقوله : ويضعف بأنه تأكيد للشي‌ء بما ينافيه إلخ قال : وأورد ، بأن النية إنما تؤثر في الشي‌ء المقابل لمتعلقها ، وما جعله الشارع ندبا يستحيل وقوعه واجبا ، فكأن الناوي نوى المحال ، فلا تؤثر نيته ، كما لو نوى الصعود الى السماء ، ويجاب : بان المانع قصد ذلك وتصويره بصورة الواجب ، وان لم يكن كذالك شرعا ، ولو كان المعتبر من ذلك ما يطابق مراد الشارع لم يتصور زيادة الواجب فان المكلف إذا اتى به لم يتصور كون ما يأتي على صورته واجبا انتهى.

١٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وكأنك عرفت بما مر ما في قوله (واعلم ان المعتبر في الفعل الكثير هنا مجموع ما نوى به الوجوب لا القدر الزائد على المندوب : فلو نوى بجلسة الاستراحة الوجوب ، لم يستثن منه مسمى الجلوس ، واعتبار الكثرة في الباقي وعدمها ، لوقوع المجموع غير مشروع باعتبار النية ، فلا يصرف منه الى الاستراحة المشروعة شي‌ء ، لتنافى الوجه ، واحتمل الشهيد في بعض تحقيقاته : تخصيص الحكم بالزائد ، فلا تبطل الا ان يكون الزائد كثيرا إلخ).

لأن مبنى كلام الشهيد هنا : على عدم بطلان الندب بقصد الوجوب ، فحينئذ ذلك يقع صحيحا ، وما بعده ان كان كثيرا تبطل به الصلاة ، لأنه الخارج فقط : فالكثرة يحتمل اعتبارها بعد إسقاطه ، لا المجموع :

والظاهر ان الشارح هنا سلم عدم البطلان الا مع الكثرة ، والا ما كان الاحتياج إلى الكثرة وتحديدها ، فلو كان القصد يضر ويبطل الفعل ويخرجه عن العبادة ، فالحق مع الشارح ، والا فالحق ما قاله الشهيد.

اما القول في المسئلة ، فالظاهر وجوب العلم في الجملة ، والفعل على ذلك الوجه كذلك.

وأيضا الظاهر الصحة مطلقا على تقدير الانطباق على ما قاله الشارع : وعلى تقدير العدم فان كان عالما عامدا ، وقصد بالواجب الندب ، ان أمكن : فالظاهر البطلان مع الاكتفاء به ان كان جزء ركنا ، أم لا : لنية الضد ، ولكل امرء ما نوى ، وانما الأعمال بالنيات (١).

وفي العكس : ان كان قولا زائدا على الحرف ، يبطل على تقدير القول ببطلانها بالكلام مطلقا.

ويحتمل الصحة في الذكر ، والدعاء ، والقرآن المجوز في الأثناء.

وان كان فعلا ، يبطل مع الكثرة ، ويصح بدونها.

وان كان ناسيا يصح عنه مطلقا ، ويبطل عن الجاهل ، مع احتمال كون الجهل عذرا ، وهو بعيد.

__________________

(١) الوسائل باب ٥ من أبواب مقدمة العبادات حديث ـ ٦ ـ ٩.

١٨٧

الأول : القيام وهو ركن تبطل الصلاة لو أخل به عمدا أو سهوا.

______________________________________________________

واما الذي يفعل من غير اعتقاد وجوب وندب ، بل يفعله بأنه عبادة مثلا ، ولا يعتقده كما هو ، ولا يبدل ، فالظاهر فيه الصحة أيضا ، الله يعلم.

بل لا يبعد الصحة في الفاعل مطلقا ، ولو كان ذهنه خاليا حال فعله بأنه عبادة ، كما يفعل كثيرا من اجزاء الصلاة غافلا حين فعله عن ذلك بالكلية ، فتأمل ، الله يعلم.

قوله : «(الأول القيام ، وهو ركن إلخ)» ادعى في المنتهى إجماع المسلمين على وجوب القيام ، بل على ركنيته أيضا ، وليس بصريح.

ولا شك في وجوبه منتصبا ، للإجماع والاخبار ، مثل ما روى في الفقيه ، حيث قال : وقال : في حديث آخر ذكره له ، ثم استقبل القبلة ، ولا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك ، فان الله عز وجل يقول لنبيه صلى الله عليه وآله في الفريضة (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) (١) وقم منتصبا ، فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : من لم يقم صلبه (خ ـ ئل) في صلاته ، فلا صلاة له ، واخشع ببصرك لله عز وجل ، ولا ترفعه الى السماء ، وليكن حذاء وجهك في موضع سجودك (٢).

وهو يدل على الوجوب والشرطية معا : وعلى عدم اعتبار القبلة للنافلة ، وقد مر البحث فيه.

وقد ذكر قبل هذا خبرا عن زرارة (٣) فالظاهر أن هذا أيضا عنه ، فيكون صحيحا ، فمعنى قوله : «(ذكره له)» ذكر أبو جعفر عليه السلام ذلك الخبر لزرارة ، بقوله (ثم استقبل) وقد ذكره في موضع آخر.

وقال أبو جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة (الطويلة التي يستفاد منها أكثر أفعال الصلاة) وأقم صلبك (٤).

واما الركنية فغير ظاهر ، نعم يمكن فهم البطلان بنسيانه من ظاهر هذا

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ١٤٤.

(٢) الوسائل باب ٩ من أبواب القبلة حديث ـ ٣.

(٣) الوسائل باب ٩ من أبواب القبلة حديث ـ ٢.

(٤) الوسائل باب ١ من أبواب أفعال الصلاة ، قطعة من حديث ـ ١.

١٨٨

ويجب على الاستقلال

______________________________________________________

الخبر ، حيث فهم البطلان مع عدمه : وكذا البطلان مع التكرار : بل ركنيته أيضا على ما يفهم من كلامهم ، مثل الشارح ، لأنهم يقولون : انما الركن القيام حال النية ، وتكبيرة الإحرام ، والمتصل بالركوع ، ولا يتصور نقصانه وزيادته ، إلا بزيادة الركوع ونقصانه ، فلا بد من البطلان ، غاية الأمر يكون مستندا الى الركوع ، ولا يتحقق استناد البطلان اليه : ولكن لي فيه تأمل ، لعدم ظهور دليل على ذلك عندي.

على ان جعل القيام المتصل بالركوع ركنا لا فائدة تحتها (تحته ـ ظ) وانه يمكن سهوه من غير سهو الركوع ، بان يركع عن الانحناء سهوا ، والظاهر تحقق الركوع حينئذ ، لعدم دخول الانحناء عن قيام في حقيقته ، فتأمل.

ثم اعلم ، ان الظاهر ان المراد بالقيام الواجب ـ المعتبر في الواجبات ـ هو الاستقلال ، في القيام ، وعدم الاستناد إلى شي‌ء ، بحيث لو لم يكن لوقع. ويدل عليه صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : لا تمسك بخمرك (١) وأنت تصلى ، ولا تستند الى جدار الا ان تكون مريضا (٢).

وابن سنان مشترك ، وان كان الظاهر انه عبد الله الثقة ، الا انه يرجح عليه ما ليس فيه مثله : وكذا الكلام في أحمد بن محمد ، والنضر ، (٣) فتأمل.

فإن الأصل مع ما تقدم دليل الاستحباب ، والاحتياط ظاهر.

ويدل على عدم الوجوب صحيحة على بن جعفر (المذكورة في الفقيه والتهذيب) سأل أخاه موسى بن جعفر عليه السلام عن الرجل هل يصلح له ان يستند إلى حائط المسجد وهو يصلى؟ أو يضع يده على الحائط ، وهو قائم من غير مرض ولا علة؟ فقال : لا بأس (٤).

واخبار أخر في التهذيب ، مثل سئل عن التكائة في الصلاة على الحائط

__________________

(١) الخمر ، بالتحريك ما واراك من خزف ، أو جبل ، أو شجر ، ومنه قوله عليه السلام : لا تمسك بخمرك وأنت تصلي ، أي لا تستند إليه في صلاتك ، مجمع البحرين.

(٢) الوسائل باب ١٠ من أبواب القيام حديث ـ ٢.

(٣) سند الحديث كما في التهذيب هكذا (احمد بن محمد ، عن النظر ، عن ابن سنان ، عن ابى عبد الله عليه السلام).

(٤) الوسائل باب ١٠ من أبواب القيام حديث ـ ١.

١٨٩

فان عجز اعتمد

فان عجز قعد

فان عجز اضطجع وأومأ ، فإن عجز استلقى

______________________________________________________

يمينا وشمالا؟ فقال : اى الصادق عليه السلام ، لا بأس (١). وأيضا سئل عن الرجل يصلى متوكئا على عصى ، أو على حائط؟ فقال : لا بأس بالتوكأ على عصى والاتكاء على الحائط (٢).

وكان الأصحاب حملوها على عدم الاعتماد على الوجه المذكور ، بل مجرد الاتصال ، للأولى (٣) وكأنه للشهرة ، فإن الخلاف عن أبي الصلاح موجود ، وكأنه حمل الاولى على الندب ، للأصل ، وظاهر صدق القيام المأمور به ، والأوامر المطلقة ، والكثرة ، وعدم صراحة الاولى والأول أحوط.

ثم على تقدير وجوبه فغير معلوم كونه داخلا في ماهية القيام الركني : للأصل ، وصدق القيام بدونه ، والله يعلم ، فتأمل.

ولو صح الخبر الأول ، فلا يبعد القول المشهور ، للشهرة ، وعدم صراحة الثانية في كون الصلاة فريضة ، مع ان الظاهر من القيام ، الاستقلال وعدم المعاونة في الصلاة بالغير ، ويدل على وجوب القيام أخبار أخر.

وعلى تقدير وجوب الاستقلال : فان عجز اعتمد وجوبا ولو كان بالأجرة.

فإن عجز بالكلية إلا عن الجلوس ، جلس ، ولو كان بزيادة المرض والمشقة التي لا تتحمل ، كأنه للإجماع على ما يفهم من المنتهى ، ونفى الحرج ، مع عدم سقوطها ، وعدم الانتقال من الأعلى مع إمكانه ، إلى الأدنى.

فإن عجز عن ذلك أيضا بالكلية ، اضطجع ، والبحث في الاعتماد حينئذ مثل القيام. لعل الاضطجاع على الأيمن أولا ، ثم الأيسر ، ثم الاستلقاء كما يدل عليه ما نقل في الفقيه ، قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : المريض يصلى قائما ، فان لم يستطع صلى جالسا ، فان لم يستطع صلى على جنبه الأيمن ، فان لم يستطع صلى على جنبه الأيسر ، فان لم يستطع استلقى وأومأ إيماء ، وجعل

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ من أبواب القيام حديث ـ ٣.

(٢) الوسائل باب ١٠ من أبواب القيام حديث ـ ٤.

(٣) أي صحيحة ابن سنان المتقدم آنفا.

١٩٠

ويجعل قيامه فتح عينيه ، وركوعه تغميضهما ، ورفعه فتحهما ، وسجوده الأول تغميضهما ، ورفعه فتحهما وسجوده ثانيا تغميضهما ، ورفعه فتحهما ، وهكذا في الركعات.

______________________________________________________

وجهه نحو القبلة ، وجعل سجوده اخفض عن ركوعه (١).

ويدل عليه في الجملة أيضا ، حسنة أبي حمزة (كأنه الثمالي الثقة) عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) (٢) قال : الصحيح يصلى قائما ، (وَقُعُوداً) المريض يصلى جالسا ، (وَعَلى جُنُوبِهِمْ) الذي يكون أضعف من المريض الذي يصلى جالسا (٣).

ولعل في جمع الجنوب ، إشارة إلى الصلاة بجميع الجنوب ، فيكون مقدما على الاستلقاء ، ولا يكون هو مذكورا ، أو انه أعم من الاستلقاء أيضا ، لأنه فيه أيضا يقع بعض الجنب على الأرض ، وبعض الاخبار خال عن الترتيب بين الجنبين ، كعبارة المصنف ، والترتيب اولى ، كما في الرواية المذكورة.

ثم الاولى ، بل الواجب ان لا يومي لو قدر على رفع المسجد ، للإمكان ، مع انه معلوم كونه اولى من الإيماء ، ولعله لا خلاف عندنا فيه ، ويدل عليه صحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال : سألته عن المريض كيف يسجد؟ فقال : على خمرة أو على مروحة ، أو على سواك ، يرفعه اليه هو أفضل من الإيماء ، وانما كره (من كره) السجود على المروحة ، من أجل الأوثان التي كانت تعبد من دون الله ، وانا لم نعبد غير الله قط ، فاسجد على المروحة والسواك وعلى عود (٤).

والظاهر انه يريد بالأفضلية الوجوب ، وفيه دلالة أيضا على عدم اشتراط الدرهم في السجدة.

والظاهر ان الإيماء بالرأس مقدم على العين ، وان كان المذكور في الاخبار هو الإيماء بالعين بالغمض والفتح ، وجعل السجود أغمض.

__________________

(١) الوسائل باب ١ من أبواب القيام حديث ـ ١٥.

(٢) سورة آل عمران ، الآية ـ ١١٩.

(٣) الوسائل باب ١ من أبواب القيام حديث ـ ١.

(٤) الوسائل باب ١٥ من أبواب ، ما يسجد عليه حديث ـ ١ ـ ٢.

١٩١

ولو تجدد عجز القائم ، قعد ، ولو تجددت قدرة العاجز ، قام.

ولو تمكن من القيام للركوع خاصة وجب.

______________________________________________________

ثم الظاهر انه لا خلاف عندنا في وجوب الانتقال من الحالة الأدون إلى الأعلى والبناء على ما فعل من الصلاة : وبالعكس كما يفهم من المنتهى : لكن هل يقرء حال الانتقال لو حصل حال القراءة : فثالث الاحتمالات ، الترك في الأول ، والقراءة في الثاني ، كما في الألفية : للأولوية : والظاهر الترك مطلقا كما هو مذهب البعض. لان الظاهر بعض الاخبار اشتراط الاستقرار حال القراءة : مثل قوله عليه السلام على ما روى في باب الإقامة في الكافي ، وليتمكن في الإقامة كما يتمكن في الصلاة ، فإنه إذا أخذ في الإقامة فهو في صلاة (١) وأيضا ما روى في الكافي عن السكوني عن ابى عبد الله عليه السلام انه قال في الرجل يصلى في موضع ثم يريد ان يتقدم؟ قال : يكف عن القراءة في مشيه حتى يتقدم الى الموضع الذي يريد ، ثم يقرء (٢) : ولانه لا شك في اعتباره قبل حصول هذه الحالة ، فيستصحب ، الله يعلم.

وأيضا لا شك في انه لو تمكن من القيام ليركع عن قيام فقط : يجب ذلك.

وانه لو كان قيامه خلقة ، أو لمرض ، واصلا الى حد الركوع ، يقوم ، ثم ينحني للركوع : ولا يبعد اعتبار ما يفعله الصحيح ، ويحتمل الاكتفاء بصدق الانحناء ، الله يعلم.

والظاهر ان ركوع الجالس يتحقق بانحنائه ، بحيث يسمى عرفا : وينبغي ان ينحني بحيث يحاذي وجهه ركبتيه ، أو موضع جبهته ، ويرفع أليتيه عن ساقيه ، ويجلس متربعا حال القيام ، ويتورك في التشهد وبين السجدتين : كل ذلك على الأفضل ، لا الوجوب : للأصل ، ونقل الإجماع على عدم وجوب التربيع في المنتهى ، ولما في بعض الاخبار : يجلس كيف أراد متربعا وممدود الرجلين وغيره (٣) ولكن الأفضل التربيع المشهور ، لأنه أقرب الى حال القيام ، ولقول

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ من أبواب الأذان والإقامة قطعة من حديث ـ ١٢.

(٢) الوسائل باب ٣٤ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ١.

(٣) الوسائل باب ١١ من أبواب القيام فراجع.

١٩٢

الثاني النية وهي ركن تبطل الصلاة بتركها عمدا وسهوا : ويجب ان يقصد فيها تعيين الصلاة ، والوجه ، والتقرب ، والأداء ، والقضاء. وإيقاعها عند أول جزء من التكبير ، واستمرارها حكما الى الفراغ ، فلو نوى الخروج ، أو الرياء ببعضها ، أو غير الصلاة بطلت.

الثالث ، تكبيرة الإحرام :

______________________________________________________

الصادق عليه السلام : كان أبي إذا صلى جالسا يتربع (١) وفي قوله عليه السلام (إذا قوي قام) (٢) دلالة على وجوب القيام ، والبناء بعد الجلوس ، فتأمل.

قوله : «(الثاني النية)» ما عرفت منها الا قصد فعل المقصود لله تعالى : اى لامتثال امره وطلبا لرضاه ، للإجماع المنقول في المنتهى وغيره ، ولا ثمرة في البحث : في انها ركن أو شرط : بعد ان تحقق إجماعهم على ما نقل في المنتهى : ان تركها عمدا وسهوا مبطل ، وتكرارها مع التكبير كذلك : ومعلوم ان فعلها لا لله مبطل ، وكذا أبعاضها ، فان لم يكن فعل ذلك خارجا عن الصلاة مبطلا ، وأمكن التلافي ، فتلافى صحت ، والا بطلت وامانية الخروج بمجردها : فالظاهر عدم البطلان بها ، الا ان يفعل شيئا على ذلك الوجه ، فيكون مثل ما مر ، فتأمل.

وادعى أيضا في المنتهى الإجماع على مقارنتها أول التكبير ، ولو كان الإجماع متحققا فذلك ، والا فلا دليل يصلح ، نعم لا بد ان لا يكون غافلا عن الفعل غير قاصد لله ، ولو أريد بها هذا المقدار ، فليس ببعيد وجوبها.

قوله : «(الثالث تكبيرة الإحرام)» وكان وجوبها بإجماع المسلمين : وركنيتها : بمعنى البطلان بتركها عمدا أو سهوا : قول العلماء الا نادر من العامة على ما نقله في المنتهى ، فكأنه إجماعي عندنا : ويدل عليه أيضا أخبار كثيرة صحيحة ، مثل صحيحة زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل ينسى تكبيرة الافتتاح؟ قال : يعيد (٣) وصحيحة محمد عن أحدهما عليهما السلام (كأنه

__________________

(١) الوسائل باب ١١ من أبواب القيام قطعة من حديث ـ ٤.

(٢) الوسائل باب ٦ من أبواب القيام قطعة من حديث ـ ٣ ـ ولفظ الحديث (إذا قوي فليقم).

(٣) الوسائل باب ٢ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ـ ١.

١٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

محمد بن مسلم الثقة ، لنقل العلاء عنه وغيره) في الذي يذكر انه لم يكبر في أول صلاته؟ فقال : إذا استيقن انه لم يكبر ، فليعد ، ولكن كيف يستيقن (١) وصحيحة على بن يقطين قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل ينسى ان يفتتح الصلاة حتى يركع؟ قال : يعيد الصلاة (٢).

وحمل ما يدل على خلافه على الشك : في التهذيب والمنتهى ، وهو صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام عن رجل نسي أن يكبر حتى دخل في الصلاة؟ فقال : أليس كان من نيته ان يكبر؟ قلت : نعم قال : فليمض في صلاته (٣) وصحيحة البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : قلت له رجل نسي أن يكبر تكبيرة الافتتاح حتى كبر للركوع؟ فقال : اجزئه (٤) :

وحمل الاولى غير بعيد ، لان قوله (أليس إلخ) دال على ان حصل له الشك ، فيبني على فعلها ، لانه كان من قصده ان يفعل ، فالظاهر فعلها ، للعادة والقصد :

وحمل الثانية لا يخلو من بعد : ولو لم يكن الإجماع لكان حملها ـ على الاجزاء مع تكبير الركوع ، والأول على عدم الاجزاء مع عدمه ـ جيدا ، لحمل المطلق على المقيد. أو على الاستحباب : لان خبر ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال في الرجل يصلى فلم يفتتح بالتكبير ، هل تجزيه تكبيرة الركوع؟ قال : لا ، بل يعيد صلاته إذا حفظ انه لم يكبر (٥) ليس بصريح في الإعادة إذا لم يذكر الا بعد تكبيرة الركوع : فيحتمل ان يكون مع عدم الذكر الى ان يكبر له لا تجب الإعادة ، وقبله تجب : مع انه غير صحيح : لكن الإجماع ظاهرا ، وعدم القائل ، والاحتياط ، وظاهر خبر ابن أبي يعفور ، مع الاشعار فيه : بأنه قد يقال : لم يفتتح مع الشك : لقوله (إذا حفظ) بعد قول القائل (لم يفتتح) : ومجي‌ء النسيان

__________________

(١) الوسائل باب ٢ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ـ ٢.

(٢) الوسائل باب ٢ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ـ ٥.

(٣) الوسائل باب ٢ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ـ ٩.

(٤) الوسائل باب ٣ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ـ ٢.

(٥) الوسائل باب ٣ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ـ ١ ـ ولا يخفى ان الحديث منقول في الكافي عن الفضل بن عبد الملك أو ابن أبي يعفور ، وفي التهذيب عنهما فراجع.

١٩٤

وهي ركن تبطل الصلاة بتركها عمدا أو سهوا.

وصورتها : الله أكبر : فلو عكس ، أو اتى بمعناها مع القدرة ، أو قاعدا معها ، أو قبل استيفاء القيام ، أو أخل بحرف واحد ـ بطلت.

والعاجز عن العربية يتعلم واجبا.

______________________________________________________

بمعنى الشك وكثرة الاخبار ، وقوله عليه السلام (كيف يستيقن) ـ مؤيد للإعادة والركنية بالمعنى المذكور.

واما الركنية : بمعنى كون الزيادة أيضا موجب للإعادة : فما رأيت ما يدل عليه ولا على النية ، ولا على القيام المتصل.

قوله : «(وصورتها : الله أكبر إلخ)» قال في المنتهى : الصيغة التي تنعقد بها الصلاة الله أكبر ، وعليه علمائنا. ومن هذا يفهم الإجماع على وجوب هذه ، بمعنى انه لو ترك هذه الصورة ـ ولو بالمرادف ، أو بتغيير ما ، كتعريف منكر أو بالعكس وغيره ـ يبطل الصلاة : ويجب الإعادة للأخبار المتقدمة ، لعدم الإتيان بتكبيرة الافتتاح الواجب حينئذ : ولانه ليس بمتلقى من الشارع غيرها ، فيتعين. مع فعله صلى الله عليه وآله إياها : وقوله صلى الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني أصلي (١) على ما روى.

وكذا فعله من غير قيام ، لما مر من وجوب القيام ، بل ركنيته في الأركان عندهم.

ولكن ذلك كله مع الاختيار :

فلو عجز عن الصورة المذكورة يأتي بمعناه ، ولو كان بغير العربية ، لعدم جواز سقوط التكليف بمثله ، والأمر بالإتيان بما استطيع ، ولا يبعد الإجماع : حيث قال في المنتهى : الذي نذهب إليه انه لا تنعقد الصلاة بمعناها ، ولا بغير العربية ، إلى قوله : ولو عجز وجب التعلم ، فإن خشي الفوت كبر بلغته ، وبه قال الشيخ ، الى قوله : وقال قوم من الجمهور يكون كالأخرس : ثم نقل عن الشافعي وابن

__________________

(١) رواه البخاري ، والدارمي ، واحمد بن حنبل : قال البخاري في صحيحه ، في كتاب الأذان ، باب ١٨ عن أبي قلابة ، قال حدثنا مالك (أتينا النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم الى ان قال : ارجعوا الى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم ، وذكر أشياء احفظها أو لا احفظها : وصلوا كما رأيتموني أصلي إلخ.)

١٩٥

والأخرس يعقد قلبه ويشير بها.

______________________________________________________

الجنيد الانعقاد ب (الله الأكبر) ورده بوجود (أكبر) منكرا كما هو المشهور في حسنة حماد الطويلة (١) وقال : انها رواها الشيخ في الصحيح عن حماد. وفي السند في التهذيب وفي الكافي (إبراهيم) فكأنه ثقة عنده ، ولكن كثيرا يعبر عنه بالحسنة وهي صحيحة في الفقيه.

وكذا الكلام لو تغير بالتقديم والتأخير ، وان كان ظاهر قوله تعالى (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى) (٢) يدل على جواز أمثالها ، بل ما يصدق عليه اسم الله ، فكأنه تعين بالبيان.

واما وجوب عقد قلب الأخرس مع التحريك والإشارة ، فكأنه لإجماعهم ، مع وجود خبر في القراءة والتشهد بالإشارة والتحريك (٣) وانه لا بد له من شي‌ء يدل على كونه في الصلاة ، ويكون أولها ، ومجرد قصد ذلك لا ينبئ ، فيضم اليه ما يشعر به : مع ان التحريك كان واجبا فلا يسقط.

والكل كما ترى ، والاحتياط واضح : ولو كان الإجماع فهو دليل ، وعدم ظهور الخلاف.

والظاهر أيضا وجوب إسماع نفسه تحقيقا أو تقديرا ، إذ لا نعلم الخلاف ، ويدل عليه بعض الاخبار الصحيحة ، مثل صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : لا يكتب من القراءة والدعاء الا ما اسمع نفسه (٤) وورد خلافه أيضا في صحيحتين (٥) :

ولو لم يكن إجماع ، وكان قائل بجواز الترك ـ لكان حمل صحيحة زرارة على الندب حسنا ، مع صراحتها في التكبير ، للجمع.

__________________

(١) الوسائل باب ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث ـ ١.

(٢) سورة الأعلى : ١٥.

(٣) الوسائل باب ٥٩ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ١ ـ ولفظ الحديث (عن ابى عبد الله عليه السلام قال : تلبية الأخرس وتشهده وقرائته القرآن في الصلاة تحريك لسانه وإشارته بإصبعه) ولاحظ حديث ـ ٢ ـ من هذا الباب أيضا ففيه قوله عليه السلام وكذلك الأخرس في القراءة في الصلاة والتشهد وما أشبه ذلك.

(٤) الوسائل باب ٣٣ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ١.

(٥) الوسائل باب ٣٣ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٤ ـ ٥.

١٩٦

ويتخير في السبع أيتها شاء جعلها تكبيرة الافتتاح : ولو كبر ونوى الافتتاح ، ثم كبر ثانيا كذلك ، بطلت صلاته ، فان كبر ثالثا كذلك ، صحت.

ويستحب رفع اليدين بها الى شحمتي أذنيه.

______________________________________________________

قوله : «(ويتخير إلخ)» الظاهر عدم الخلاف في التوجه ، بسبع تكبيرات ، في الفرائض ، إحداها الواجبة ، قال في المنتهى : لا خلاف بين علمائنا فيه ، في أول كل فريضة ، ونقل عن البعض استحبابه في سبعة مواضع : الأول كل فريضة ، وأول نوافل الليل ، وأول الوتر ، وأول نافلة المغرب ، وأول نافلة الإحرام ، وأول الوتيرة ونافلة الزوال : ثم رجح المطلق ، لإطلاق الاخبار ، ولكونه ذكرا ، فتأمل.

ويدل عليه صحيحة زيد الشحام ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام :الافتتاح؟ فقال : تكبيرة تجزيك ، قلت : فالسبع؟ قال : ذلك الفضل (١) وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : التكبيرة الواحدة في افتتاح الصلاة تجزى ، والثلاث أفضل ، والسبع أفضل كله (٢) وهذا يدل على التبعيض أيضا مع غير الدعاء.

ويدل على الدعاء كما هو المشهور ، حسنة الحلبي (٣) وفي رواية أخرى : إذا افتتحت الصلاة فكبر ، إن شئت واحدة ، وان شئت ثلاثا ، وان شئت خمسا ، وان شئت سبعا (٤) فيدل على اختيار الفرد.

قال في المنتهى : قال أصحابنا : والمصلى بالخيار أيها شاء جعلها تكبيرة الافتتاح ، فان نوى بها أول التكبيرات ، وقعت البواقي في الصلاة إلخ.

واعلم انه لا خلاف بين المسلمين ـ على ما قاله في المنتهى ـ في استحباب رفع اليدين بتكبيرة الإحرام.

والظاهر انه يجزى إلى محاذاة الوجه والخدين ، وهو مضمون أكثر الأخبار

__________________

(١) الوسائل باب ١ من أبواب تكبيرة الإحرام ، حديث ـ ٢.

(٢) الوسائل باب ١ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ـ ٤.

(٣) الوسائل باب ٨ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ـ ١.

(٤) الوسائل باب ٧ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ـ ٣.

١٩٧

وإسماع الإمام من خلفه.

______________________________________________________

الصحيحة (١) ويؤيد تفسير قوله تعالى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (٢) برفع اليد فيها إلى محاذاة النحر (٣).

ويكون منضمة الأصابع ، متوجه ببطن الكف إلى القبلة ، كما يدل عليه صحيحة منصور (٤).

ويستحب رفع الصوت في تكبيرة الإحرام ، للإمام ، وإخفاء غيره من التكبيرات السبع كما في الخبر (٥).

وكذا التعوذ : يدل على رجحانه ، فعلهم عليهم السلام ، ووجوده في رواية التوجه (٦).

وعلى عدم الوجوب ، بعض الروايات مع الأصل ، مثل ما في صحيحة حماد (قال بخشوع ، الله أكبر ، ثم قرء الحمد ـ (٧) ـ) وما روى عنه عليه السلام (فإذا قرئت فسم) (٨) والشهرة.

فالاية (٩) محمولة على الاستحباب في غير الصلاة مطلقا ، وفيها في الركعة الأولى منها باتفاقهم ، كما يفهم.

والمشهور استحباب الإخفات في التعوذ. وفي بعض الاخبار الجهر (١٠). واختيار ما هو ظاهر قوله تعالى (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ) الآية) (١١) كأنه اولى.

__________________

(١) الوسائل باب ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام ، فراجع.

(٢) سورة الكوثر ، الآية ـ ٢.

(٣) الوسائل باب ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ـ ١٣ ـ ١٤ ـ ١٥ ـ ١٦ ـ ١٧.

(٤) الوسائل باب ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ـ ٦.

(٥) الوسائل باب ١٢ من أبواب تكبيرة الإحرام فلاحظ.

(٦) الوسائل باب ٨ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ـ ١٠.

(٧) الوسائل باب ١ من أبواب أفعال الصلاة ، قطعة من حديث ـ ١.

(٨) لم نجد حديث بهذا اللفظ ، ولكن الحكم مستفاد من حديث ٨ باب ١١ من أبواب القراءة في الصلاة ، فراجع.

(٩) المراد قوله تعالى (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) النحل ، الآية ـ ٩٨.

(١٠) الوسائل باب ٢١ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٣ ـ وباب ٥٧ من هذه الأبواب حديث ـ ٥.

(١١) سورة الأعراف ، الآية ـ ٢٠٥.

١٩٨

وعدم المد بين الحروف.

______________________________________________________

والظاهر من الاخبار : ان رفع اليدين حين التكبير (١) ولا يبعد ان يكون الانتهاء برجوعهما الى محلهما : وقول البعض : بانتهائه بانتهاء الرفع ، غير واضح : مع ان الغالب لم ينته التكبير بانتهاء الرفع ، للترسل في التكبير.

واستحباب عدم المد بين الحروف ـ مثل مد الألف الذي بين اللام والهاء ، بحيث لا يخرج عن موضوعه ، وكذا مد (الله) بحيث تصير همزة الاستفهام ، ومد (أكبر) بحيث تصير جمعا لكبر وهو الطبل (٢) ـ فدليله إخراج الحروف على ما هو عليه من الصفات الحسنة مبالغة فيه ، وهو حسن ومطلوب : كذا قيل :

والذي أظن انه لو وصل الى الاستفهام ، والجمع ، يكون حراما وباطلا ، لانه تبديل الصيغة الشرعية : فظاهر العبارة ، وكذا عبارات البعض ، والمصنف في المنتهى ، يدل على الاستحباب والكراهة فقط : قال فيه ، قال في المبسوط : يجب ان يأتي بأكبر على وزن افعل ، فلو مد خرج عن المقصود ، لأنه حينئذ يصير جمع كبر ، وهو الطبل : وهو جيد مع القصد ، واما مع عدمه فإنه بمنزلة مد الالف : ولانه قد ورد الإشباع في الحركات الى حيث ينتهي إلى الحروف ، في لغة العرب ، ولم يخرج بذلك عن الوضع.

وفيه تأمل واضح : للتغيير وعدم الفرق بين وجود حرف وعدمه في القراءة ، والتجويز بهذه المثابة في كل موضع غير ظاهر : الا ان يريد قليلا بحيث لا يصل الى تلك المرتبة التي يحصل معها الاستفهام ، والجمع ، ولكن ظاهر كلام المنتهى خلاف ذلك.

وأيضا : الظاهر انه لو أتى بالنية لفظا ، يأتي بقطع همزة (الله) : لعدم اعتباره في نظر الشارع : ولعدم صدور (الله) عن الشارع (إلا بهمزة القطع ـ خ ل).

الا مقطوعا : فيصدق التغيير مع عدم النقل فيه.

واما البطلان مع التكرار : فقد عرفت انه فرع كون التكبير ركنا بالمعنى المشهور ، وما عرفناه. ومع ذلك لا يبعد اشتراط تكرار النية في البطلان ، فإنه بغير

__________________

(١) الوسائل باب ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام ، فراجع.

(٢) الكبر بفتحتين : الطبل له وجه واحد وجمعه كبار مثل جبل وجبال : مجمع البحرين.

١٩٩

الرابع ، القراءة : وتجب في الثنائية ، وفي الأوليين (١) من غيرها ، الحمد.

______________________________________________________

النية كأنه ليس بتكبيرة الإحرام ، بل ذكر مجوز ، الا ان يقصد به الإحرام ، فتأمل.

واما اشتراط البطلان ، بعدم قصد ابطال السابق مع النية ، فهو بناء على ان مجرد قصد الابطال مبطل ، والظاهر خلافه كما مر ، فتأمل.

قوله : «(وتجب في الثنائية) قال في المنتهى : ويتعين الحمد في كل ثنائية ، وفي الأوليين من الثلاثية والرباعية ، ذهب إليه علمائنا اجمع.

ويدل على وجوبها ما رواه محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : سألته عن الذي لا يقرء بفاتحة الكتاب في صلاته؟ قال : لا صلاة له الا ان يقرئها في جهر أو إخفات (٢).

وقال أيضا (٣) : ان بسم الله الرحمن الرحيم ، آية من أول الحمد ، ومن كل سورة (هي في أولها) إلا البراءة ، وهي بعض سورة في أثناء النمل.

فيجب في الصلاة قرائتها مبتدا بها في أول الفاتحة ، وهو مذهب فقهاء أهل البيت عليهم السلام.

ويدل عليه أخبار صحيحة ، مثل صحيحة محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن السبع المثاني والقرآن العظيم ، أهي الفاتحة؟ قال : نعم ، قلت : بسم الله الرحمن الرحيم ، من السبع المثاني؟ قال : نعم ، هي أفضلهن (٤) واخبار أخر.

وتدل على كونها جزء من كل سورة أيضا ، صحيحة معاوية بن عمار ، قال : قلت : لأبي عبد الله عليه السلام إذ أقمت للصلاة ، اقرء بسم الله الرحمن الرحيم ، في فاتحة الكتاب؟ قال : نعم ، قلت : فإذا قرأت فاتحة القرآن ، اقرء

__________________

(١) باليائين المثناتين من تحت ، تثنية الاولى ، ويجوز بالتاء تثنية اولة ، والأول أشهر ، روض الجنان.

(٢) الوسائل باب ١ من أبواب القراءة في الصلاة. حديث ـ ١.

(٣) اى قال في المنتهى : وعبارة المنتهى هكذا مسئلة : بسم الله الرحمن الرحيم آية من أول الحمد ومن كل سورة الا البراءة : وهي بعض آية من سورة النمل).

(٤) الوسائل باب ١١ من أبواب القراءة حديث ـ ٢.

٢٠٠