مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وظاهر الأصحاب وجوب القيام حال الخطبة لما في بعض الروايات (١) وانّ أول من جلس معاوية (٢) ، ويظهر عدم الخلاف عندنا الا مع العذر ، فينبغي حينئذ عدم إمكان غيره ، وكلامهم خال عنه.

وينبغي التفات الناس اليه والتفاته إليهم ، لما روى أن كل واعظ قبلة وأنّ كل موعوظ قبلة للواعظ يعني في الجمعة والعيدين وصلاة الاستسقاء (٣) وبه قال الشافعي ، بخلاف أبي حنيفة ، كذا في المنتهى ، وقال أيضا. لو خطب مستقبل القبلة صحت الخطبة. ثم الظاهر من بعض العبارات وبعض الأخبار (٤) وجوب الجلوس بينهما والاحتياط يقتضيه.

وأيضا لا خلاف في وجوب تقديم الخطبتين على الصلاة ، ويدل عليه الرواية أيضا (٥) ، قال في المنتهى : ولا يجب خطبهم عليهم السلام لاختلافها ، وما نعرف خلافا في ذلك ، بل الاشتمال على ما مرّ.

وليس ببعيد اشتراط الطهارة ، ووجوبها فيهما ، لفعلهم ، مع التأسي ، ولأنّهما صلاة وبدل ، والاحتياط يقتضيها والأصل ينفيها ، مع عدم صراحة الأدلة ، فتأمل. وقال في المنتهى ، يشترط في الخطبتين أن يحضرهما العدد المعتبر في الجمعة ، ذهب إليه علماؤنا ، فلو حضر معه ثلاثة لم تصح : والاحتياط يقتضيه ، مع ظاهر بعض الأخبار (٦).

وأيضا ظاهرهم اشتراط عربيتها وان لم يعرفها العدد ، وذلك مشكل ، ولا يبعد رجحان لسان العدد مع تعذر غيرهم ، سوى قراءة القرآن ، خصوصا في الوعظ ،

__________________

(١) الوسائل باب (١٦) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٣ (قال عليه السلام يخطب قائما ، ان الله تعالى يقول (وَتَرَكُوكَ قائِماً).

(٢) الوسائل باب (١٦) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١

(٣) الوسائل باب (٥٣) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٣

(٤) الوسائل باب (٦) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها قطعة من حديث ـ ٧ «قال عليه السلام ثم يقعد الامام على المنبر قدر ما يقرء قل هو الله احد ثم يقول الحديث».

(٥) الوسائل باب (١٥) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١ ـ ٢ ـ ٤

(٦) الوسائل باب (٢) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٢ ولفظ الحديث «قال أبو جعفر عليه السلام لا تكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على أقل من خمسة الحديث».

٣٤١

وعدم جمعة اخرى بينهما أقلّ من فرسخ

______________________________________________________

لصدق الحمد والثناء والوعظ ، وظهور أنّ الفائدة فهمهم ، مع ثنائه تعالى ، ولا غرض في العربية الا أنه كانت اولى للفصاحة والتأسي وغيره : فمع تعذر الفهم يمكن السقوط ، مع إمكان بقاء التأسي ومراعاة ظاهر الخطب.

ثم الظاهر من كلامهم ويمكن الفهم من الرواية أيضا وجوب الترتيب في مقاصد الخطبة ، من الحمد ، ثم الصلاة ، ثم الوعظ ثم القراءة ، والاحتياط يقتضيه.

قوله : «وعدم جمعة اخرى بينهما ـ إلخ» قال في المنتهى ذهب إليه علماؤنا ، فكأنه إجماعي ، ويدل عليه أيضا حسنة محمد بن مسلم عن أبي جعفر في الكافي والتهذيب قال : يكون بين الجماعتين ثلاثة أميال ، يعني لا تكون جمعة الا فيما بينه وبين ثلاثة أميال وليس تكون جمعة إلا بخطبة ، قال : فإذا كان بين الجماعتين في الجمعة ثلاثة أميال فلا بأس بأن يجمّع هؤلاء ويجمّع هؤلاء (١) ورواية محمد بن مسلم في التهذيب عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : تجب الجمعة على من كان منها على فرسخين. ومعنى ذلك إذا كان إمام عادل ، وقال : إذا كان بين الجماعتين ثلاثة أميال فلا بأس أن يجمّع هؤلاء ويجمّع هؤلاء ولا يكون بين الجماعتين أقلّ من ثلاثة أميال (٢).

والظاهر انها معتبرة. وان كان في إبراهيم بن عبد الحميد الواقع في الطريق (٣) قول منقول في الخلاصة عن الشيخ في كتاب رجاله ، انه واقفي من رجال الصادق عليه السلام. وما رأيت ذلك فيه ، بل ذكر فيه من غير مدح ولا ذمّ ، بل قال : له كتاب وقال : في الفهرست ثقة. ونقل المصنّف في الخلاصة عن الفضل بن شاذان ، انّه قال : انه صالح.

والظاهر أنّ الاعتبار بذلك بالنسبة الى كل مصلّ عرفا ، فلو كان بين الامام والعدد المعتبر ، وبين الجماعة الأخرى ثلاثة أميال ، ولم يكن ذلك بين غيرهم ، بل

__________________

(١) الوسائل باب (٧) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١

(٢) الوسائل باب (٧) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٢

(٣) سند الحديث كما في التهذيب هكذا «محمد بن احمد بن يحيى ، عن يعقوب بن يزيد ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن جميل ، عن محمد بن سلم».

٣٤٢

والتكليف والذّكورة ، والحريّة ، والحضر ، والسّلامة من العمى والعرج والمرض والكبر المزمن ، وعدم بعد أكثر من فرسخين.

______________________________________________________

أنقض بمقدار معتد به ، لم يصح جمعتهم هنا ، والفرض بعيد. الا أن يعتبر القدر الحقيقي والمسمّى. ويحتمل جعل الاعتبار بالنسبة الى من انعقد به الجمعة ، ليصح الجمعة حينئذ وبالنسبة إلى المسجد والموضع المعد لها ، ان كان ، والّا فمن نهاية المصلين. ويحتمل ذلك فيهما أيضا. والمحلة في البلدة الكبيرة والبلدة الصغيرة ذلك ، الله يعلم.

قوله : «والتكليف ـ إلخ» عدم الوجوب على المجنون وغير البالغ ، ظاهر ومجمع عليه. ومدلول الاخبار أيضا.

وأما على المرأة والعبد والمسافر والأعمى والأعرج الذي لا يقدر على السعي والمريض والكبير ، ومن بعد عن موضع انعقادها بأكثر من فرسخين ـ فلصحيحة وحسنة زرارة المتقدمة (١) وعلى الأخير غيرها أيضا ، مثل رواية محمد بن مسلم المتقدمة (٢). ويدل على بعضها أيضا صحيحة المتقدمة (٣).

لعل الكبير والمجنون والاعمى داخلون في المريض.

وأنّ المراد بالوجوب في الصحيحة المذكورة ، الوجوب على القريب إلى موضع الجمعة ، والحاضر في البلد. ولأجل ذلك ما ذكر من كان على رأس فرسخين ، وقال : «الّا خمسة المريض والمملوك والمسافر والمرأة والصبي».

وفصّل في خبر زرارة وجعله أعم بالنسبة إلى الخارج والداخل ، فقال : «ووضعها عن تسعة عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض ومن كان على رأس فرسخين» فلا منافاة.

والظاهر عدم السقوط عن الخنثى ، لعدم صدق المرأة عليها.

وأيضا ، عدم تقييد الأعمى بالعاجز الغير القادر. بل المريض والكبير أيضا ،

__________________

(١) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١ ولكن ليس في الكتب الّتي رأيناه من الكافي والتهذيب والفقيه والأمالي والخصال في صحيحة وحسنة زرارة ، حكم الأعرج الّذي لا يقدر على السّعي.

(٢) الوسائل باب (٤) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٦

(٣) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١٤

٣٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

لظاهر الخبر ، الّا أن يكون هناك إجماع أو نحوه : والظاهر العدم والا لذكر ، فلا ينبغي التعدي عن النّص بالاجتهاد وتقييده به الا أن يقال يجب العمل بعموم الأدلة وما خرج بالدليل الّا المقيد ، بالإجماع ، دون المطلق فتأمل.

قال في المنتهى هذا الحكم ثابت في حق المريض ، لسائر أنواع المرض لعدم التخصيص ، وتناول اسم المرض للجميع سواء زاد المرض بالحضور أو لم يزد ، يسقط عنه ، لحصول المانع فيهما عن الجمعة ، وقال الشافعي إنما تسقط عنه مع زيادة ، أو حصول مشقة غير محتملة.

واما السقوط للمطر : فمحتمل لرواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الزيادات قال : قال أبو عبد الله عليه السلام لا بأس بأن تدع الجمعة في المطر (١) وفي الطريق أبان كأنّه ابن عثمان ، وقد عرفت حاله مرارا ، على أنّها صحيحة في الفقيه.

وعلى تقدير القول بالسقوط حينئذ فلا يبعد ذلك بالعذر الأقوى منه ، مثل الوحل الكثير ، والحر القوي ، والثلج ، والبرد الشديد ، وكذا الخائف على نفسه : ولا يبعد كون الخائف على ماله وعرضه أيضا كذلك ، وذكر الشارح خائف احتراق الخبز ، وفساد الطعام ونحوهما ، والمحبوس بباطل أو حق عاجز عنه أي الذي يخاف ذلك ، وليس ببعيد مع تحقق الضرر المسقط للواجبات.

وأيضا ذلك من راجي العفو عن الدّم الموجب للقصاص أو الصلح ولا يبعد الدية أيضا لو صح الأول ، والظاهر العدم الّا مع التحقق ، وبالجملة يجب العمل بعموم الأدلة حتى يعلم المخصّص فتأمل.

واعلم ان الظاهر أن المراد بمن كان على رأس فرسخين ، من كان على أزيد من ذلك ، لوجوبها على من كان عليه ، في حسنة محمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال تجب الجمعة على كل من كان منها على فرسخين (٢) وفي حسنة محمد بن مسلم أيضا قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجمعة؟ فقال :

__________________

(١) الوسائل باب (٢٣) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١ وسنده كما في التهذيب هكذا «سعد ، عن أحمد ، عن الحسين ، عن فضالة ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ـ إلخ».

(٢) الوسائل باب (٤) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٥

٣٤٤

فان حضر المكلف منهم الذكر وجبت عليهم وانعقدت به

______________________________________________________

يجب على كل من كان منها على رأس فرسخين فإن زاد على ذلك فليس عليه شي‌ء (١) والتصرف في الأولى أولى لوحدتها وإجمالها في الجملة وبالنسبة مع ما يدل على أنه صلى الله عليه وآله إنّما كان يصلى العصر في وقت الظهر سائر الأيام ليصل من حضره إلى منزله قبل الليل : وكذا تعيين المقدار بأنّه إذا صلى الغداة يصلى الجمعة في وقتها وكلاهما في الصحيح في الزيادات (٢) وعموم الأدلة الدالة على الوجوب ، وكون الاستثناء على خلاف الظاهر. وأيضا الظاهر أنه إذا لم يكن المقدار معتدا به عرفا لم يتغير الحكم ، ومعه أصل البراءة متبع حتى يعلم الخروج.

قوله : «فان حضر ـ إلخ» واعلم أنه لا كلام في عدم الوجوب والانعقاد بغير المكلف من الصبي والمجنون ، ووجهه ظاهر ، كالوجوب والانعقاد على من كان على الزائد من فرسخين وحضر. فإن وجه الوجوب والانعقاد به حينئذ واضح ، وهو عدم الوصف المسقط وانما الكلام في العبد والمسافر والأعمى والأعرج والمريض والكبير والمرأة مطلقا وظاهر كلام المصنّف هنا هو الوجوب والانعقاد بغير المرأة مطلقا ، وعدمهما بالمرأة.

ولعل الوجه : أنّ سقوطها للمشقة فهو رخصة منوطة بالعلة ، فعلى تقدير عدمها لا يسقط ولأنّ الساقط هو السعي والشهود ، لا الصلاة كما يدل عليه صحيحة محمد بن مسلم ، واجبة على كل مسلم أن يشهدها الا خمسة (٣) وسقوطه لا يستلزم سقوطها مطلقا ، فتجب وتنعقد بهم ، لعدم المانع. مع صدق الرهط والقوم المشترط في العدد.

هذا كله جار في المرأة أيضا إلا الأخير مع أنه يمكن أن يقال : الغرض تغليب ، كما في سائر الأحكام الشرعية : مع أنّ في بعض الروايات سبع نفر ، وسبعة ، أو خمسة ، فيصدق عليها ، فالفرق بينها وبين غيرها محل التأمل.

ونقل عن ابن إدريس الوجوب عليها وعدم الانعقاد بها ، وهذا الفرق غير واضح ولعل دليله عموم الآية ، وبعض الأخبار الدال على الوجوب على كل

__________________

(١) الوسائل باب (٤) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ٦

(٢) الوسائل باب (٤) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١

(٣) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١٤

٣٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

أحد ، مع ما مرّ ، وفهم اشتراط الرجل في العدد بما مرّ.

وقد ما مرّ فيه من عدم ظهور العموم ، وورد النفر ، وسبعة وخمسة أيضا ولا شك في صدقه عليها. ويحتمل التغليب أيضا في الرهط كسائر الأحكام ولا يلزم حمل ما يشمل النساء ، مثل النفر على ما يخص المذكر من الرهط والقوم لحمل المطلق على المقيد ، لإمكان القول بعدم المنافاة فتأمل.

ثم الذي يقتضيه النظر والتأمل عدم الوجوب على واحد منها ، للأصل والاستصحاب ، ولسقوط الفرض أيضا عنهم ، لما في حسنة وصحيحة زرارة المتقدمة «ووضعها عن تسعة» (١) وما في صحيحة المنصور (واجبة الا على خمسة) (٢).

فالإيجاب والانعقاد بهم الذي فرعه ، يحتاج إلى دليل. وما ذكر غير تام لعدم تسليم الرخصة لجواز كونه عزيمة كالقصر في السفر ، وعدم تسليم المناط ، وعلى تقديره قد يكون مجرد مظنة فلا ينعدم بانعدامه كالقصر بزوال المشقة وسقوط الشهور والسعي ، لا ينافي سقوطها لدليل ، وقد مرّ. ولا عموم للآية والاخبار ، وعلى تقديره يقيد بغيرها.

نعم نقل في التهذيب رواية عن حفص بن غياث ، حديثا طويلا فيه ، قال : سمعت بعض مواليهم يسأل ابن أبي ليلى ، إلى قوله (٣) ففسّرها لي! فقال : الجواب عن ذلك ، أن الله عز وجل فرض على جميع المؤمنين والمؤمنات ، ورخص للمرأة والمسافر والعبد أن لا يأتوها ، فلما حضروها ، سقطت الرخصة ولزمهم الفرض الأول ، فمن أجل ذلك ، أجزء عنهم. فقلت : عمن هذا؟ فقال : عن مولانا أبي عبد الله

__________________

(١) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١

(٢) الوسائل باب (١) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١٦

(٣) وتتمة الحديث (عن الجمعة؟ هل تجب على المرأة والعبد والمسافر؟ فقال ابن أبي ليلى : لا تجب الجمعة على واحد منهم ولا الخائف. فقال الرجل : فما تقول ان حضر واحد منهم الجمعة مع الامام فصلاها معه ، فهل تجزيه تلك الصلاة عن ظهر يومه؟ فقال : نعم فقال له الرجل : وكيف يجزى به ما لم يفترضه الله عليه عما فرضه الله عليه؟ وقد قلت ان الجمعة لا تجب عليه ، ومن لم تجب عليه الجمعة فالفرض عليه ان يصلى أربعا ، ويلزمك فيه معنى ان الله فرض عليه أربعا فكيف اجزء عنه ركعتان مع ما يلزمك ان من دخل فيما لم يفرضه الله عليه لم يجز عنه مما فرضه الله عليه؟ فما كان عند ابن أبي ليلى فيها جواب وطلب اليه ان يفسرها له فأبى ثم سئلت عن ذلك ففسرها لي الحديث.

٣٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه السلام (١).

لو صح هذا الكلام ، لدل على عدم الفرق بين المرأة وغيرها ، في الوجوب ، وأنّ السقوط رخصة. وفيه اشعار بعدم السقوط عن غيرهم ، والانعقاد ، حيث ما فرق بين المرأة وغيرها. وقال عليه السلام : «فسقطت الرخصة» فالفرقان غير واضحين سيّما الأول المشهور.

الا انها غير معتبرة. لحفص العامي ، والقاسم بن محمد المشترك ، وكذا سليمان المجهول ، وعباد بن سليمان المجهول. وإرسال بعض الموالي. (٢) وفي الزيادات في الصحيح ، عن أبي همّام (الثقة) عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : إذا صلت المرأة في المسجد مع الامام يوم الجمعة ، الجمعة ركعتين. فقد نقصت صلاتها. وان صلت في المسجد أربعا ، فقد نقصت صلاتها. لتصل في بيتها أربعا أفضل (٣) وهذه صحيحة دالة بظاهرها (٤) على صحة الجمعة ، وأنها تجزي عن الظهر منها ، فتجب. لعدم استحباب الجمعة وسقوط الفرض ، وأنها تجزى لظاهر «نقصت صلاتها ولتصل في بيتها أفضل». الا أن في المتن اشتباها ما ، من عدم صحة «نقصت» هل بالمعجمة ، فيكون بطلت ، أو بالمهملة ، فيكون قلة الثواب ، وعدم الأفضلية ، كما يشعر به «أفضل» والاحتياط لها الصلاة في بيتها أربعا ، وكذا لغيرها.

وأما مع الاتفاق فيحتمل أولوية الخروج ، وفعل ما هو الواجب ، ومع العدم لا يبعد الاستصحاب. لانه لا دليل الا هذه الصحيحة. وهي لا تفيد الوجوب الحتمي العيني لصلاة الجمعة عليها ، بل التخييري ان أفادت.

ولكن قال في الشرح : ادعى بعضهم الاتفاق عليه أي على أن فعل المسافر

__________________

(١) الوسائل كتاب الصلاة باب (١٨) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١

(٢) سند الحديث كما في التهذيب هكذا «سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن عباد بن سليمان ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان ، عن حفص بن غياث ، قال : سمعت ـ إلخ».

(٣) الوسائل باب (٢٢) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١

(٤) وذلك بقرينة الجملة الثانية ، وهي قوله عليه السلام (وان صلت في المسجد أربعا نقصت صلاتها) والحديث تدل على مرجوحية خروجها عن المنزل.

٣٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

والعبد الجمعة جائز ، وإن لم تجب عليهما ، ويجزئهما عن الظهر. ولكن البعض غير معلوم ، كالمنقول. وعلى تقديره يكون وجوبا تخييريا.

وعدم الرواح إلى الجماعة المسنونة للعبد أولى مع عدم الإذن. لأنه ما يجب عليه ، فلا يبعد كونه تصرفا في نفسه بغير اذن المولى ، فلا يجوز ، فلا يصح ما يترتب عليه.

وأيضا يؤيد عدم الوجوب على المسافر ، أنّه على تقديره يلزم جواز انعقادها مع كون الجميع مسافرا. والظاهر أنّه لا يقول أحد بوجوبها ، بل جوازها أيضا سفرا ، ويفهم من الاخبار مثل صحيحة ربعي في الفقيه : ليس في السفر جمعة ولا فطر ولا أضحى (١).

ومثل صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال لنا صلوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة (٢).

وفي صحيحة جميل وصحيحة محمد بن مسلم : وتصنعون كما تصنعون في الظهر في غير يوم الجمعة (٣) فارتكابه بعيد ، نعم يمكن منع الملازمة على بعد فتأمل.

وبالجملة أجد ان الأصل والاستصحاب راجح لعدم الدليل الناقل إلى الوجوب.

وأبعد من القول المشهور ، القول باحتسابهم من العدد مع عدم الوجوب ، كأنه يريد العيني وهو أيضا بعيد ، لأن الظاهر ـ على تقدير خروجه عن الذين تجب عليهم الجمعة ، وسقوط فرضه عنهم ـ عدم الاحتساب (الاستحباب خ ل) ولا ينفع صدق شرط الاحتساب. وهو الرجولية ، لأنّ مجرد ذلك لا يكفي ، لأنّ عددها من المكلفين بها على الظاهر.

فالمسئلة فيها ثلاثة أقوال (٤) : الثالث الانعقاد وعدم الوجوب وعدمهما وثبوتهما

__________________

(١) الوسائل باب (١٩) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ـ ١

(٢) الوسائل باب (٧٣) من أبواب القراءة في الصلاة قطعة من حديث ـ ٦

(٣) الوسائل باب (٧٣) من أبواب القراءة في الصلاة قطعة من حديث ـ ٨ ـ ٩

(٤) الأول : الانعقاد والوجوب عليهم ، الثاني عدم الانعقاد وعدم الوجوب.

٣٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر الأوسط ، مع عدم الفرق بين المرأة وغيرها مطلقا كما هو المشهور ، ولا كما فعله ابن إدريس أيضا الله يعلم.

ثم قول الشارح ـ وينبغي أن يستثنى أيضا المريض الذي يوجب حضوره مشقة شديدة ، أو زيادة في المرض ، ونحوه من ذوي الأعذار الموجبة لذلك ، ومن يخاف فوت المال أو النفس ، للنهي عن العبادة على ذلك التقدير المقتضي للفساد ـ محل التأمل ، لعدم تسليم التحريم في الكل نعم قد يصل الى تلك المرتبة فيحرم السعي للمشقة التي يحرم ارتكابها كما في الغسل والوضوء وترك التيمم والصوم في المرض واستلزامه هلاك المال الواجب حفظه ، والنفس كذلك مع أنه قد يناقش في البعض هنا ، لجواز كونه رخصة ولطفا ولا يصح القياس : ولهذا قال البعض بصحة حج المريض الساقط عنه الوجوب.

وقال في المنتهى : ولو حضر وجب عليه وانعقد به وهو قول أكثر أهل العلم ، وقال فيه أيضا : ولو كان الإمام مريضا أو محبوسا بالعذر كالمطر وشبهه فتكلّف الحضور. صحّ أن يكون إماما ، إذا اجتمع الشرائط ، لا نعرف فيه مخالفا وهو صريح فيما قلنا. وأيضا نقل الإجماع على عدم وجوبها على الأعرج وعلى صحتها وانعقادها به أيضا ، في المنتهى.

وعلى تقدير تسليم التحريم يكون السعي حراما لا الصلاة جماعة وجمعة الا أن تعرض المشقة أو الفوت معها أيضا بحيث لا يجوز ، فلا بدّ من التقييد به ، بل لا يحتاج حينئذ إلى الاستثناء لما علم أنّ الصلاة باطلة على تقدير تحريمها بل تجب الصلاة على حال يقدر دائما ومطلقا. وهو ظاهر ، على انك تعلم أنّ النهي والفساد أيضا انما يصح على ما ذكرناه مرارا ، لا على اعتقاد الشارح من أن الأمر بالشي‌ء لا يستلزم النهي عن الضد الخاص الّا ان يقال : النهي وارد عن الصلاة مع المشقة وخوف تلف المال ، فتأمل وأنّه لا يستلزم الفساد ، واستدل عليه ، وقواه بوجوب الترتيب بين مناسك منى ، مع الصحة بالإخلال ، وبأنّه قد يكون حراما من جهة الاشتمال على الحرام والتصرف في ملك الغير مثلا ، لا لكونها عبادة ، وهذا يدل على ضعف الكلام السابق ، وقد مضى مثله ، وسيجي‌ء أيضا.

٣٤٩

ويشترط في النائب : البلوغ ، والعقل ، والايمان ، والعدالة ، وطهارة المولد ، والذكورة.

______________________________________________________

قوله : (ويشترط في النائب ـ إلخ) وقد ادعى الشارح الاتفاق على الستة الأول في إمام الجمعة مطلقا ، البلوغ والعقل الى آخره : ولولا الإجماع المنقول في المنتهى ، لأمكن القول بصحة إمامة الصبي المميز ، مع الاعتماد عليه ، لانّ عباداته شرعية بظني : وقد صرح به في المنتهى في كتاب الصوم وغيره.

وأيضا ورد الخبران بذلك مثل : لا بأس بالغلام الذي لم يبلغ الحلم أن يؤم القوم (١) واوله الشيخ بعدم البلوغ بالاحتلام ، والبلوغ بغيره ، لخبر أبي إسحاق عن النوفلي عن السكوني ، وخبر إسحاق بن عمّار : ولا يؤم حتى يحتلم (٢) ويمكن التأويل بغير المميز وبامامة مثله وليس بصحيح من الطرفين والأصل والإجماع ينفيه وأما الإيمان ، فالظاهر انه هو التصديق اليقيني بالأصول الخمسة ، ولو لم يكن عن دليل. والشارح وغيره اعتبروه عن دليل. ويفهم مما نسب الى خواجه نصير الملة والدين عدم ذلك. وقد مرّ ما يمكن الاكتفاء به ، ويؤيده عدم نقل تكليف من النبي والأئمة صلوات الله عليهم بذلك ، بل الاكتفاء بمجرد القول في الإسلام والايمان ، وأن الغرض إصابة الحق بأي طريق كان ، وان لم يكن الطريق صحيحا ، أو يكون فاسدا إذ لا فساد في المقصود بفساد الطريق.

واما الدليل على اعتباره فهو الإجماع كما نقله في المنتهى ، حيث قال : ويعتبر فيه الايمان ، وهو مذهب علمائنا أجمع ، وأنّ غيره فاسق كما نقل عن المصنّف أيّ فسق أعظم من عدم الإيمان ، وقال في الشرح أيضا ومع ذلك للشارح كلام في عدم عدالة غير المؤمن في شرح الشرائع ، ولنا أيضا كلام عليه هناك.

ويدل على اعتبار الاعتقاد بإمامة الأئمة كلهم. إجماعنا وصحيحة أبي عبد الله البرقي ، قال كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام أتجوز جعلت فداك الصلاة خلف من وقف على أبيك وجدك؟ فأجاب عليه السلام لا تصل وراءه ، (٣) والأخبار

__________________

(١) الوسائل باب (١٤) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٣ ـ ٨

(٢) الوسائل باب (١٤) من أبواب صلاة الجماعة قطعة من حديث ـ ٧

(٣) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٥

٣٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

الكثيرة الدالة على توقف النجاة والقبول عند الله على اعتقاد الكلّ وان الغير. هالك (١) فلا يجوز جعل من لم يعتقد ذلك اماما شافعا ، وانّه فاسق ، إذ لا فسق أعظم من اعتقاد غير الحق المستند الى تقصيره وقلة تأمله ، والاكتفاء بتقليد السابقين. وإغماض العين عن الحقّ مع وضوح الطريق الموصل إلى الحق ، وليس ذلك الا مثل ترك الاعتقاد بإثبات الواجب ، والتوحيد ، والصفات الثبوتية ، والسلبية ، والاعتقاد بالنبوة والمعاد ، فكما لم يكن صاحبه معذورا ويكون كافرا وفاسقا. فكذا هذا يكون غير مؤمن وفاسقا. وهو واضح بعد ثبوت حقيقة مذهب الإمامية ، وهو ظاهر لمن أنصف وتأمل في القرآن العزيز وكتب الأخبار والسير سيّما ما من طرقهم ، فإنه أدل وأبعد عن الشبهة ، مثل كتاب التفسير الثعلبي ، وكتاب ابن طلحة الشافعي ، وكتاب الشافعي المغازلي ، ومسند أحمد بن حنبل ، وخوارزمي ، وبعض المواضع من الصحاح الستة ، وقد جمع بعض الأصحاب منها في بعض المصنّفات : مثل العلامة ، وشيخ الطائفة ، والشيخ إبراهيم في الفرقة الناجية والصراط المستقيم من بعض علماء الجبل ، ومن أراد فليطلب منها.

وأما العدالة : فتعريفها بين علماء العامة والخاصة في الأصول والفروع مشهور ، بأنّها ملكة راسخة في النفس تبعث على ملازمة التقوى والمروءة ويتحقق التقوى بمجانبة الكبائر ، وهي ما توعد عليه بالنار في الكتاب أو السّنة وعدم الإصرار على الصغيرة فعلا أو حكما ، وهو فعلها مع قصد ذلك مرة أخرى وقيل هو عدم الندامة والتوبة ، والظاهر الأول ، فإنّه حينئذ تكون مساوية للكبيرة. لاحتياجها ، إلى الندامة والتوبة في زوال الفسق.

وانه مع الغفلة (٢) والتردد بين الفعل وعدمه يكون مصرا فاعلا للكبيرة ، والظاهر عدمه.

وقالوا : المراد بالمروءة ملكة تبعث على مجانبة ما يؤذن بخسّة النفس ودناءة الهمة من المباهاة والمكروهات ، وصغار المحرمات مع عدم الإصرار ، كسرقة لقمة ،

__________________

(١) الوسائل باب (١ ـ ٢٩) من أبواب مقدمات العبادات.

(٢) عطف على قوله : «هو عدم الندامة».

٣٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

وتطفيف الميزان بحبة ، وكالأكل في الأسواق والمجامع والبول في الشوارع وقت سلوك الناس ، وكشف الرأس عند من ليس كذلك ، وكذا مد الرجل والنوم عندهم.

والظاهر انه ينتفي الكراهة بالنسبة إلى الفاعل في غير صغار المحرمات ، والتقييد بفعل هذه الأمور عند من ينبغي ملاحظته وتعظيمه ، والذي يشعر مثل هذا الفعل عنده بعدم اعتباره عنده وخفته ، كما يشعر تعريفها ، فيخرج فعل مثله عند أهله وأولاده وعبيده وجواريه وأمثالهم ، ولا بد من كونها مما يستهجن في العرف ويستنكر من الفاعل مع عدم ورود الشرع به. مثل الحناء والكحل والتحنك في بعض البلاد ، فليس بذلك بأس ، فإن ما حسّنه الشارع فهو حسن ، وليس بتقبيح الغير اعتداد ، بل ذلك التقبيح قبيح وحرام. ومع ذلك يتفاوت بحسب الأشخاص والأحوال ، وما نعرف مأخذه ، ويمكن استخراجه من بعض الأخبار ، لكن غير الأخير (١) فإنّ الشي‌ء المباح لا قبح فيه ، فيبعد منعه وقدحه في العدالة مع عدم قدح الصغيرة ، ويحتمل أن يكون مجمعا عليه في غير العدالة التي اشترطها البعض في مستحق الزكاة والخمس ، فإنه صرح الشهيد رحمه الله على أنّه على تقدير اشتراطها لا يحتاج إلى المروءة.

والظاهر مع ذلك لا بد من المداومة على الصلوات في أول أوقاتها والتزام الجماعة ، وعدم الترك ، بالكلية كما يدل عليه الخبر المروي في كتاب الصدوق في الصحيح عن عبد الله بن أبي يعفور الثقة قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال : أن تعرفوه بالستر والعفاف ، وكف البطن والفرج واليد واللسان ، ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله تعالى عليها النار ، من شرب الخمر والزنا والربا ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزحف وغير ذلك ، والدلالة على ذلك كله أن يكون ساترا لجميع عيوبه ، حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه وتفتيش ما وراء ذلك ، ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في الناس ويكون منه التعاهد للصلوات

__________________

(١) اى ارتكاب صغار المحرمات.

٣٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الخمس إذا واظب عليهن ، وحفظ مواقيتهن بحضور جماعة من المسلمين ، وأن لا يتخلف عن جماعتهم في مصلاهم الا من علة ، فإذا كان كذلك لازما لمصلاه عند حضور الصلوات الخمس فإذا سئل عنه في قبيلته ومحلته قالوا : ما رأينا منه إلا خيرا ، مواضبا على الصلوات متعاهدا لأوقاتها في مصلاه فان ذلك تجيز شهادته وعدالته بين المسلمين ، وذلك ان الصلاة ستر وكفارة للذنوب وليس يمكن الشهادة على الرجل بأنه يصلى إذا كان لا يحضر مصلاه ويتعاهد جماعة المسلمين ، وانما جعل الجماعة والاجتماع إلى الصلاة لكي يعرف من يصلى ممن لا يصلى ومن يحفظ مواقيت الصلوات ممن يضيع ، ولو لا ذلك لم يكن أحد أن يشهد على آخر بصلاح ، لأنّ من لا يصلي ، لا صلاح له بين المسلمين ، فان رسول الله صلى الله عليه وآله همّ بان يحرق قوما في منازلهم لتركهم الحضور لجماعة المسلمين ، وقد كان فيهم من يصلى في بيته فلم يقبل منه ذلك. وكيف يقبل شهادة أو عدالة بين المسلمين ممّن جرى الحكم من الله عز وجل ومن رسول الله صلى الله عليه وآله فيه الحرق في جوف بيته بالنار ، وقد كان يقول صلى الله عليه وآله : لا صلاة لمن لم يصل في المسجد مع المسلمين الّا من علة (١) وأمثالها كثيرة.

فيمكن فهم اعتبار الاجتناب عن الكبائر ، ومن الإصرار على الصغائر لانه كبيرة عند العلماء لما روي عنه صلى الله عليه وآله لا كبيرة مع التوبة ، ولا صغيرة مع الإصرار (٢) في العدالة ، وكذا يمكن فهم المواظبة على الجماعة والمواقيت ، وتفسير الكبيرة أيضا في الجملة ، وأما الملكة المعتبرة فلا : ولا يفهم أيضا ترك المروءة خصوصا إذا كان مباحا ولا يمكن إثباتهما (٣) بعدم الاعتداد ، مع عدم الملكة والأفعال الخسيسة في مثل هذه الأمور الجليلة فتأمل.

ويمكن فهم ثبوتها بالشياع والمعاشرة حيث علم انّه إذا سئل في قبيلته ومحلته ، شهد له بذلك : وأنه لا يجوز كتمان عدالته ، ولا يجوز التفتيش ومذمته.

__________________

(١) الوسائل باب (٤١) من كتاب الشهادات حديث ـ ١

(٢) الوسائل كتاب الجهاد : باب (٤٨) من أبواب جهاد النفس وما يناسبه حديث ـ ٣

(٣) أي الملكة وترك المروة.

٣٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ويشعر بجواز غيبة الفاسق ، ومن لم يحضر الجماعة ، ومن لم يحفظ المواقيت ولكن يقتصر على ذكر ذلك والأولى الترك الّا مع الفائدة. وأنه بمجرد المواظبة عليها وعدم ظهور منكر منه يجوز الشهادة على خيريته وعدالته ، وليس ذلك ببعيد ، لانه قد يحصل من ذلك مع بعض القرائن العلم بخيريته ، وكذا إذا تاب وفعل ما يسقط به الذنوب.

والحاصل أنه قد يعلم العدالة بأدنى معاشرة ، لأن الإنسان قد يفهم من شخص حالة : يتيقّن انه مع تلك الحالة لا يخالف الشرع ، وأنّ ما فهم من تقواه ليس الا لله وليس لغرض من الأغراض وأن لم يعرف جميع المناكير والمعارف ولم يعاشره كثيرا. وبهذا يخلص الإنسان عن الدور في تحصيل الواجبات مع العلم بالعدالة بنفسه ، ولعل في هذا اشارة اليه.

وفي الاخبار الأخر أيضا دلالة على اشتراط العدالة في إمام الجماعة مثل ما روى في الفقيه وغيره عن أبي ذر أنه قال إنّ امامك شفيعك الى الله عز وجل فلا تجعل شفيعك سفيها ولا فاسقا (١) وفي الفقيه أيضا قال الصادق عليه السلام ثلاثة لا يصلى خلفهم ، المجهول ، والغالي وإن كان يقول بقولك والمجاهر بالفسق وإن كان مقتصدا (٢) وفيه دلالة صريحة على عدم الاكتفاء بجهل الحال ، بل لا بدّ من العلم المتعارف ، بالعدالة ، فلا يدل القيد بالمجاهر ، على الجواز في غيره ، بعد التصريح بالعدم في المجهول وهو ظاهر : كيف والفسق مانع ، والعدالة شرط ، فما لم يحصل العلم بحصوله ، ورفع المانع ، لم يحصل المشروط والممنوع ، ولا يكفي في مثله الأصل العدم ، كيف فإنه يعتبر فيه الأمور الوجودية ، وهي فعل الطاعات : بل قيل هي ملكة وهي وجودية : والأصل في الكل عدم الفعل ، فلا يكفى مجرد الإسلام ، بل الايمان ، مع ظهور الفسق كما هو مذهب الأكثر.

ولنا زيادة تحقيق في ذلك في بعض تعليقات الشرائع : وللشارح هناك كلام ، يريد تقوية كفاية الإسلام ، وأن غير المؤمن ليس بفاسق ، ولنا أيضا كلام ،

__________________

(١) الوسائل باب (١١) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٢

(٢) الوسائل باب (١١) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٤

٣٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ويفهم من هنا أيضا ضعفه ، فإن الرواية الصحيحة السابقة ، دلت على عدم جواز الاقتداء وراء الواقفة : ومن لم يكن عدوا لعدوه عليه السلام مع المحبة وأنه عدو فتأمل.

ويؤيده ان الأصل عدم ترك القراءة وعدم الصحة بدونها والاعتماد على الغير ، وعدم براءة الذمة بعد الشغل بالدليل ، خرج الذي ثبت عدالته ، بالآية ، والإجماع ، والاخبار ، وبقي الباقي تحت المنع ، وكذا ثبوت الأحكام والفروج والأموال والحدود والقصاص وغيرها.

وفيه أيضا وفي التهذيب أيضا في الصحيح عن عمر بن يزيد سأل أبا عبد الله عليه السلام عن امام لا بأس به في جميع أموره ، عارف ، غير انه يسمع أبويه الكلام الغليظ الذي يغيظهما أقرء خلفه؟ قال : لا تقرأ خلفه ما لم يكن عاقا قاطعا أي للرحم (١) وفيها أيضا دلالة على ان قطع الرحم والعقوق مانع وفسق ، وكذا عدم عرفانه المذهب الحقّ وأن مجرد إسماع الكلام الغليظ للأبوين ليس بمانع ولا قطع ولا عقوق.

وروى فيهما أيضا عن الصادق عليه السلام سعد بن إسماعيل عن أبيه أنه قال : سألته عن الرجل تقارف الذنوب يصلى خلفه أم لا؟ قال : لا. (٢) وروى إسماعيل بن مسلم أنه سأل الصادق عليه السلام عن الصلاة خلف رجل يكذب بقدر الله عز وجل؟ قال : ليعد كل صلاة صلّاها خلفه (٣).

وفيه دلالة على اشتراط ظهور العدالة وأنه لا يعذر الجاهل ، حيث ترك التفصيل بأنّه إن كان عالما أو جاهلا اه.

وقال أيضا فيهما قال إسماعيل : قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل يحب أمير المؤمنين عليه السلام ولا يتبرأ من عدوه ، ويقول : هو أحب الىّ ممن خالفه؟ قال : هذا مخلط وهو عدو فلا تصل وراءه (خلفه يب) ولا كرامة الا أن تتقيه (٤) وقيد

__________________

(١) الوسائل باب (١١) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ١

(٢) الوسائل باب (١١) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ١٠ والحديث مروي عن الرضا عليه السلام فراجع.

(٣) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٨

(٤) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٣

٣٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

إسماعيل في التهذيب والفقيه بالجعفي ، وهو ثقة ، فالخبر صحيح فيهما : وفيه دلالة على عدم كون الجاهل معذورا في مثله للتقصير كما مر.

ويدل على الاهتمام بعدالة الامام وأفضليته ، أنه منع في خبر الإمامة إلّا الأفضل ، قال في الفقيه قال رسول الله صلى الله عليه وآله : امام القوم وافدهم ، فقدموا أفضلكم (١) وقال عليه السلام ان سرّكم أن تزكوا صلاتكم فقدموا خياركم (٢) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : من صلى بقوم وفيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم إلى سفال الى يوم القيامة (٣).

وهذا يدل على تقديم الأعلم على الأسن والهاشمي ، بل الأقرء أيضا فتأمل فإن في الجعفرية خلاف ذلك كما ستسمع : ويدل عليه أيضا ان تقديم المفضول على الفاضل قبيح ، وهو أصل من أصول الطائفة والظاهر أنه في مثل هذه لا يكون حراما وخلافه واجبا ، بل الاولى ، كما يفهم من فعل بعض الأصحاب يقدمون على أنفسهم من هو أنقص أو يقال إنه حق له ، فله أن يسامح بوجه ، مثل رعاية صاحب مسجد أو منزل ، أو لترغيب الناس بالصلاة وراء أمثاله :

وأيضا يدل على عدم اعتبار الفاسق ـ مع انه عيب أخروي بل دنيوي أيضا ـ المنع الوارد في بعض العيوب الظاهرة مثل ما روى في التهذيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال خمسة لا يؤمون الناس على كل حال المجذوم والأبرص ، والمجنون ، وولد الزّنا والأعرابيّ (٤).

وفي الفقيه عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام انه قال خمسة لا يؤمون الناس ولا يصلون بهم صلاة فريضة في جماعة الأبرص ، والمجذوم وولد الزنا والأعرابي حتى يهاجر والمحدود (٥).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام لا يصلين أحدكم خلف المجذوم والأبرص

__________________

(١) الوسائل باب (٢٦) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٢

(٢) الوسائل باب (٢٦) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٣

(٣) الوسائل باب (٢٦) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ١

(٤) الوسائل باب (١٥) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٥

(٥) الوسائل باب (١٥) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٣

٣٥٦

وفي العبد والأبرص والأجذم والاعمى ،

______________________________________________________

والمجنون ، والمحدود وولد الزّنا ، والأعرابي لا يؤم المهاجرين (١).

وقال عليه السلام الأغلف لا يؤم القوم وان كان أقرئهم لانه ضيع من السنة أعظمها ، ولا تقبل له شهادة ، ولا يصلى عليه ، الا أن يكون ترك ذلك خوفا على نفسه (٢).

وقال الباقر والصادق عليهما السلام : لا بأس أن يؤم الأعمى إذا رضوا به ، وكان أكثرهم قراءة وأفقههم (٣) ولا يؤم صاحب الفالج الأصحاء (٤).

وقال أبو جعفر عليه السلام : ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى بأصحابه جالسا ، فلما فرغ قال : لا يؤمّن أحدكم بعدي جالسا (٥) وفيه دلالة ما ، على التأسي.

وأيضا ورد منع بأن يؤم المتيمم بالمتوضي (٦).

وأيضا ورد المنع في العبد مع العدالة. وان كان بعض هذه جائزا على الكراهة في الأخيرين ، والخلاف في البعض. والغرض انه إذا كان مثل هذه العيوب مانعا ، فالفسق بالطريق الاولى عند ذوي البصائر.

ولا يبعد الاكتفاء بما في رسالة علي بن بابويه الى ابنه الصدوق ، حيث قال : قال أبي في رسالته إلىّ : لا تصل خلف أحد إلا خلف رجلين ، أحدهما من تثق بدينه وورعه ، وآخر تتقيه بسيفه (وسوطه ـ خ ل) وسطوته وشناعته على الدين. وصل خلفه على سبيل التقية والمداراة ، وأذن لنفسك وأقم واقرء لها ، غير مؤتم به.

ويفهم ذلك مما رواه في الزيادات عن أبي علي بن راشد ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام ان مواليك قد اختلفوا ، فأصلي خلفهم جميعا؟ فقال : لا تصل الا خلف من تثق بدينه وأمانته (٧) كأنها جامعة لصفة العدالة ، ويدل على عدم الاعتبار

__________________

(١) الوسائل باب (١٥) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٦

(٢) الوسائل باب (١٣) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ١

(٣) الوسائل باب (٢١) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٣

(٤) الوسائل باب (٢٢) من أبواب صلاة الجماعة قطعة من حديث ـ ١ ـ ٢

(٥) الوسائل باب (٢٥) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ١

(٦) الوسائل باب (١٧) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٥ ـ ٦ ـ ٧

(٧) الوسائل باب (١٠) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٢

٣٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

بالاختلاف في الفروع وغيره وروى في التهذيب عن عبد الله بن يزيد (المجهول) قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المجذوم والأبرص ، يؤمان المسلمين؟ قال : نعم ، قلت : هل يبتلي الله بها المؤمن؟ قال : نعم ، وهل كتب الله البلاء الا على المؤمن (١). وحمله الشيخ على حال الضرورة ، أو إمامته لمثله ، للجمع بينه وبين ما تقدم من رواية محمد بن مسلم في الفقيه (٢) وأبي بصير في التهذيب وفي الكافي (٣) وقد ادعى صحتهما المصنّف في المنتهى والشارح. وليست بواضحة. لاشتراك ابن مسكان وأبي بصير (٤) وعدم صحة طريق الفقيه إلى محمد (٥) ولعلهما يعرفان انه عبد الله الثقة. وكذا أبو بصير.

ويؤيده حسنة زرارة (لإبراهيم ، في الكافي) قال : قلت له : الصلاة خلف العبد؟ فقال : لا بأس به إذا كان فقيها ، ولم يكن هناك أفقه منه (٦) وقال : قلت له : أصلي خلف الاعمى؟ قال : نعم إذا كان له من يسدده ، وكان أفضلهم. وقال : قال أمير المؤمنين عليه السلام لا يصلين أحدكم خلف المجذوم والأبرص والمجنون والمحدود وولد الزنا. والأعرابي لا يؤم المهاجرين (٧) وهذه أيضا تدل على عدم تقديم المفضول على الفاضل في الجملة. والجواز للعبد والأعمى.

والظاهر الموافق للأصل عدم الجواز للابرص والأجذم كالمجنون والمحدود ، لعدم العقل والفسق وولد الزّنا ، بناء على عدم عدالته. والأعرابي يحمل على الجاهل ، أو بناء على عدم تقديم المفضول على الفاضل. ويؤيده أنّه لو قيل بالجواز ، كما في خبر

__________________

(١) الوسائل باب (١٥) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ١

(٢) الوسائل باب (١٥) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٣

(٣) الوسائل باب (١٥) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٥

(٤) سند الحديث كما في الكافي هكذا (جماعة ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن الحسين بن عثمان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير).

(٥) وطريق الصدوق الى محمد بن مسلم ، كما في المشيخة هكذا (قال : وما كان فيه عن محمد بن مسلم الثقفي. فقد رويته عن على بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه محمد بن خالد ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم).

(٦) الوسائل ، باب (١٦) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ١ وأورد ذيله في باب (٢١) من هذه الأبواب ، حديث ـ ٥

(٧) الوسائل باب (١٥) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ٦

٣٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

عبد الله ، يلزم القول بحمل النهي للتحريم ، على الكراهة وذلك خلاف الأصل والحقيقة. وبالجملة المنع موافق للأصل ، وشغل الذمة والاحتياط مع دعوى صحة الخبر من دون ظهور الفساد ، والحسنة التي هي كالصحيحة ، فيحمل خبر الجواز على ما قاله الشيخ (ره).

والظاهر جواز امامة العبد والاعمى ، لهذه الرواية ، وكثرة العلماء. ولصدق الأخبار العامة في جواز الجماعة والإمامة. ويحمل على الكراهة خبر السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه (ع) قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : لا يؤم المقيد المطلقين ، ولا يؤم صاحب الفالج الأصحاء ، ولا صاحب التيمم المتوضئين ، ولا يؤم الأعمى في الصحراء الا أن يوجه إلى القبلة (١) على انه لا ضرورة. وكذا روايته عن الصادق عن أبيه عن علي عليهم السلام أنه قال : لا يؤم العبد إلا أهله (٢) ولا ضرورة أيضا لجواز القول بظاهره ، فيخصص العمومات بها. ويجوز القول بصحة إمامته مطلقا للعمومات ، وعدم صحة هذه فافهم. ويؤيده ما ذكره الشارح. أنه لا قائل بالعدم في الأعمى إلا المصنّف في النهاية.

ويدل على صحة إمامة العبد ، ما رواه في التهذيب صحيحا عن محمد بن مسلم (الثقة) قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العبد يؤم القوم إذا رضوا به ، وكان أكثرهم قرآنا؟ قال : لا بأس به (٣) وفيه وفيما قبله أيضا دلالة على تقديم الأفضل.

ويدل عليه أيضا ما رواه عن سماعة ، قال : سألته عن المملوك يؤم الناس؟ فقال : لا ، الا أن يكون هو أفقههم وأعلمهم (٤).

قال في التهذيب : والأحوط أن لا يؤم العبد إلا أهله (٥) لرواية السكوني المتقدمة.

ويدل على صحة إمامة الأعمى مع ما مرّ ، صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله

__________________

(١) الوسائل باب (٢٢) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ١ ، وأورد ذيله في باب (٢١) من هذه الأبواب. حديث ـ ٧

(٢) الوسائل باب (١٦) من أبواب صلاة الجماعة ، حديث ـ ٤

(٣) الوسائل باب (١٦) من أبواب صلاة الجماعة ، حديث ـ ٢

(٤) الوسائل باب (١٦) من أبواب صلاة الجماعة ، حديث ـ ٣

(٥) العبارة المنقولة للمقنعة ، فراجع

٣٥٩

قولان. وفي استحبابها حال الغيبة وإمكان الاجتماع ، قولان.

______________________________________________________

عليه السلام قال لا بأس بأن يصلى الاعمى بالقوم ، وان كانوا هم الذين يوجهونه (١)

وقال في المنتهى في بحث إمامة الجماعة : ولا بأس بإمامة الأعمى إذا كان من ورائه من يسدده ويوجهه القبلة ، وهو مذهب أهل العلم ، لا نعرف فيه خلافا ، الّا ما نقل عن أنس ـ إلخ.

فقوله : (٢) «قولان» محل التأمل.

وكذا ما نقل عنه الشارح من القول به في النهاية ، وأنّه مذهب الأكثر ، في التذكرة (٣) الا ان يقال : الخلاف في إمامته بخصوص الجمعة وهو أيضا بعيد. لانه قال في المنتهى أيضا : انه لو حضر وجبت عليه الجمعة ، لعدم العذر وتنعقد به ، فلا فرق حينئذ بين الإمامين ، فتأمّل. ويؤيده أنّه قال : في بحث الجمعة وامامها. ويجوز إمامة الأعمى ، وهو قول أكثر أهل العلم. لانه فقد حاسة لا يخل بشي‌ء من أفعال الصلاة ، فكان حكمه حكم فاقد السمع.

قوله : (وفي استحبابها حال الغيبة ـ إلخ) قال في المنتهى : لو لم يكن الامام ظاهرا هل يجوز فعل الجمعة؟ قال الشيخ في النهاية يجوز إذا أمنوا الضرر وتمكنوا من الخطبة ، وذكر في الخلاف أنه لا يجوز ، وهو اختيار المرتضى وابن إدريس وسلّار وهو الأقوى عندي : لنا ما تقدم من اشتراط الإمام أو نائبه ، فمع الغيبة يجب الظهر لفوات الشرط.

واعلم أن هنا أبحاثا ،

الأول : اشتراطها بالإمام المعصوم أو نائبه. أم لا :

الثاني : أن الشرط مخصوص بحال الظهور أو يشمل حال الغيبة أيضا.

الثالث : أن المراد بالنائب هل هو الخاص ، أو عام يشمل الفقيه حال الغيبة.

__________________

(١) الوسائل باب (٢١) من أبواب صلاة الجماعة حديث ـ ١

(٢) أي قول المصنف في الإرشاد.

(٣) قال في الروض : وأما الأعمى فلعدم تمكنه من التحفظ من النجاسات أفتى به المصنف في النهاية معللا بذلك ، ونقله في التذكرة عن الأكثر ، مع أن القائل به غيره ، غير معلوم ، فضلا عن الأكثريّة.

٣٦٠