مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٣٤

وسورة كاملة.

______________________________________________________

بسم الله الرحمن الرحيم ، مع السورة؟ قال : نعم (١) وغير ذلك.

وما يدل على غير ذلك ، فحمله الشيخ على الترك تقية أو الخفية.

ولو لا الإجماع لكان الحمل على جواز الترك ، وفعلها ندبا ، اولى ، لكثرة أخبار صحيحة صريحة في الترك ، مثل صحيحتي عبد الله ومحمد ابني الحلبي عن ابى عبد الله عليه السلام ، انهما سألاه عمن يقرء بسم الله الرحمن الرحيم ، حين يريد ان يقرء فاتحة الكتاب؟ قال : نعم ، ان شاء سرا وان شاء جهرا ، فقالا : أفيقرءها مع السورة الأخرى؟ فقال : لا (٢).

ويمكن حملهما على النافلة ، كما حملهما في المنتهى : ولا يبعد القول بجواز تركها مع السورة ، لجواز الفاتحة فقط ، والتبعيض أيضا ، وعلى غير الصلاة أيضا ، لعدم الصراحة فيها : ولكن الظاهر انه في الصلاة ، وترك التفصيل يدل على العموم.

ففيهما اشعار بعدم تعيين الجهر والإخفات ، فافهم.

واما وجوب السورة في محلها ، ففيها خلاف عند الأصحاب ، واختلفت الروايات : واختار أكثر المتأخرين وجوب سورة كاملة حال الاختيار : قال في المنتهى ذهب إليه أكثر علمائنا.

ولا خلاف بين أهل العلم في جواز الاقتصار على الحمد لصاحب الضرورة : وكذا في جوازه مع ضيق الوقت في الفريضة : وجوازه مطلقا في النوافل.

وجوز البعض الاقتصار عليه اختيارا مع سعة الوقت في الفريضة أيضا ، نقل ذلك عن بعض المتأخرين مثل المحقق في المعتبر ، مع بعض المتقدمين مثل الشيخ في النهاية دليل الوجوب : وقوعها في الصلاة البيانية (٣) فتكون واجبة : وانها لا شك في مواظبته صلى الله عليه وآله مع قول (صلوا كما رأيتموني أصلي) (٤)

__________________

(١) الوسائل باب ١١ من أبواب القراءة حديث ـ ٥.

(٢) الوسائل باب ١٢ من أبواب القراءة حديث ـ ٢.

(٣) الوسائل باب ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث ـ ١.

(٤) مسند احمد بن حنبل ج ٥ ص ٥٣ ولفظ الحديث (. فقال لهما إذا حضرت الصلاة فأذنا واقيما وليؤمكما أكبر كما وصلوا كما تروني أصلي).

٢٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

وروايات عامية (١) ، وخاصية ، نقتصر على الصحيح من الثانية : منها رواية يحيى بن أبي عمران الهمداني ، قال كتبت الى أبي جعفر عليه السلام : جعلت فداك ، ما تقول في رجل ابتدأ ب بسم الله الرحمن الرحيم في صلاته وحده في أم الكتاب ، فلما صار الى غير أم الكتاب من السورة تركها ، فقال العباسي ، ليس بذلك بأس؟ فكتب بخطه عليه السلام : يعيدها مرتين ، على رغم أنفه (٢).

فإذا كان ترك التسمية في السورة موجبا للإعادة ، فتركها مطلقا بالطريق الاولى ، فتكون واجبة : وفي الدلالة تأمل ما ، فإنه يحتمل انه لو قرء فلا بد من البسملة في السورة :

والظاهر عدم توثيق يحيى ، فإنه قال في الخلاصة : انه يونسى ، وغير مذكور في رجال ابن داود : فقوله في المنتهى : ما رواه الشيخ في الصحيح عن يحيى إلخ ، دل على صحته اليه فقط ، فلا ينفع : وهي صريحة في وجوبها في السورة :

ومنها رواية منصور بن حازم (الثقة) قال : قال أبو عبد الله عليه السلام لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر (٣) ويحتمل صحتها : وكان عدم التصريح بالصحة لمحمد بن عبد الحميد بن سالم (٤) ، لاحتمال التوثيق المذكور فيه راجعا إلى أبيه (٥) ، فإنه محتمل ، فتأمل ، ولكن قالوا بصحة ما فيه محمد

__________________

(١) مسند احمد بن حنبل ج ٥ ص ٣٠٥ ولفظ الحديث (عن أبي قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم انه كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحه الكتاب وسورة وفي الركعتين بفاتحة الكتاب) وفي سنن ابى داود باب ما جاء في القراءة في الظفر حديث ٧٩٨ الى غير ذلك لمن تتبع.

(٢) الوسائل باب ١١ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٦ ـ وبعد قوله (على رغم أنفه) أضاف (يعنى العباس) وفي جامع احاديث الشيعة ضبط (العياشي خ ل) وقال في مرآت العقول بعد قوله (يعني العباسي : هو هشام بن إبراهيم العباسي وكان معارض الرضا عليه السلام وكذا الجواد عليه السلام).

(٣) الوسائل باب ٤ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٢.

(٤) وسند الحديث كما في الكافي هكذا (احمد بن إدريس ، عن محمد بن احمد ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن سيف بن عميرة ، عن منصور بن حازم).

(٥) قال النجاشي في كتابه ص ٢٦١ : (محمد بن عبد الحميد بن سالم العطار ، أبو جعفر : روى

٢٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

المذكور ، فيدل على توثيقه ، ولأنهم قالوا : ان طريق الفقيه الى منصور بن حازم صحيح ، مع وجوده في الطريق ، فتأمل :

والظاهران المراد بالسورة غير الفاتحة ، لأنها لا تسمى سورة في هذا المقام ، بل مقابلة لها ، ولأنها لو كان المراد بها إياها ، ما كان المناسب ، النهي عن الأكثر منها.

ومنها صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : سألته عن الرجل يقرء السورتين في الركعة؟ فقال : لا ، لكل سورة ركعة (١).

ومثلها ما في رواية عمر بن يزيد عنه عليه السلام ، اقرء سورتين في ركعة؟ قال : نعم ، قلت ا ليس يقال : أعط كل سورة حقها من الركوع والسجود؟ فقال : ذاك في الفريضة ، فأما في النافلة فليس به بأس (٢) ، وحملها ـ على انه ان اختار سورة فلا ينقصه ، ولا يقرء اثنتين منها ـ بعيد.

وأظن يدل على وجوب السورة صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : من غلط في سورة فليقرء (قل هو الله احد) ثم ليركع (٣) ، للأمر. والا لكان ينبغي ان يقول : فليترك ثم ليركع ، فظاهر عدم وجوبه معينا. ومثلها موجود في الاخبار لاخر ، وكذا الأخبار الدالة على الاكتفاء حال الضرورة والحاجة والمرض كما سيجي‌ء.

وقد استدل بالآية ، اى (فَاقْرَؤُا) (٤) مع ضم مقدمات كثيرة : ولا دلالة ، إذ ظاهر القرآن ان الخطاب مخصوص بجماعة في وقت خاص ، لا انه في مطلق

__________________

عبد الحميد عن ابى الحسن موسى عليه السلام وكان ثقة من أصحابنا الكوفيين له كتاب النوادر إلخ) فقوله وكان ثقة يحتمل رجوع ضميره إلى الأب أو الابن.

(١) الوسائل باب ٤ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٣ ـ ولفظ الحديث (لكل ركعة سورة) وفي باب ٨ من تلك الأبواب حديث ـ ١ ـ نقله بلفظ (لكل سورة ركعة). والأول منقول عن الاستبصار والثاني منقول عن التهذيب فراجع.

(٢) الوسائل باب ٨ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٥.

(٣) الوسائل باب ٤٣ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ١.

(٤) سورة المزمل ، الآية ـ ٢٠ ـ وتمام الآية الشريفة (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ ، وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) الآية).

٢٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الصلاة ، وهو ظاهر.

ودليل عدم الوجوب ، الأصل ، ومثل صحيحة على بن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول : ان فاتحة الكتاب تجوز وحدها في الفريضة (١) ومثلها في الصحيح روى على بن رئاب عن الحلبي عنه عليه السلام (٢).

فعلى ، رواها تارة بلا واسطة ، وتارة بواسطة. والشيخ في التهذيب جعل مثلها قدحا في الحديث في مواضع. والظاهر أنه ليس كذلك ، فالأصل فيها (على) فكأن لذلك ، ترك في الاستبصار ، الثانية.

وأيضا ، قد يكون الحلبي من غير المشهورين الذين هم ثقات.

وأيضا ، طريق الشيخ الى الحسن بن محبوب (٣) قالوا حسن ، الا ما أخذ من كتبه ومصنفاته ، فإنه صحيح ، وقد يكون هذه حسنة ، بل هو الظاهر ، لان الشيخ رواه عنه بغير واسطة ، وغير معلوم كونه من المصنفات.

ويمكن ان يقال انها (٤) ليست بصريحة في جواز الاكتفاء لكل أحد ، في جميع ركعات جميع الفرائض ، في جميع الأوقات : بل غير ظاهر لمن نظر فيما قبل الآية وتفريعها (٥) ، ولأن في العرف ما يفهم جمع (ما) كما هو مقتضى عموم ما (٦) ، بل الاكتفاء بأدنى شي‌ء ، إذ هو ظاهر : ولانه يبعد في كلام الله بكون ما يدل ظاهرا على وجوب جميع ما أمكن ، حتى جميع القرآن في الصلاة ، والمراد سورة ، اعتمادا على الإجماع ، مع الزيادة فتأمل.

فيحتمل تخصيصها بمن لم يعلم غيرها ، وفي ضيق الوقت ، وفي بعض

__________________

(١) الوسائل باب ٢ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ١.

(٢) الوسائل باب ٢ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٣.

(٣) سند الاولى كما في التهذيب هكذا (سعد بن عبد الله ، عن احمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن على بن رئاب) وسند الثانية هكذا (الحسن بن محبوب ، عن على بن رئاب ، عن الحلبي) ولا يخفى ان في الحديث الثاني (تجزى) بدل (تجوز) فلاحظ.

(٤) اى الآية الشريفة.

(٥) فإن قوله تعالى (فَاقْرَؤُا) متفرع على قوله تعالى ((إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ) الآية).

(٦) هكذا في النسخ المخطوطة التي عندنا ، وفي النسخة المطبوعة هكذا (ولان العرف ما يفهم جميع ما هو مقتضى عموم (ما إلخ).

٢٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الركعات ، وبعض الصلوات مثل المنذورة مع التقييد بعدم السورة ، أو مطلقة :

والاولى حملها على حال الضرورة التي اتفق الكل على اجزاء الفاتحة حينئذ ، للجمع بين الاخبار ، ووجوب حمل المطلق والعام على المقيد والخاص ، لورودهما في أخبار شتى ، منها صحيحة عبد الله بن سنان (الثقة) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : يجوز للمريض ان ان يقرء في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها ، ويجوز للصحيح في قضاء صلاة التطوع بالليل والنهار (١) وفيه تأمل : وصحيحة عبيد الله بن على الحلبي (الثقة) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا بأس ان يقرء الرجل في الفريضة بفاتحة الكتاب في الركعتين الأولتين إذا ما أعجلت به حاجة أو يحدث شيئا (٢) كذا في الاستبصار : وفي التهذيب (أو تخوف شيئا) (٣) كأنه أصح : قال في القاموس : الباس القدر والشدة ، فلا يمكن ان يقال : مفهومها البأس في ترك السورة ، وهو لا يدل على التحريم ، والأولى مؤيدة ، فتأمل.

وفيهما أيضا دلالة على عدم الاكتفاء بها مع عدم القيد : فما بقي ما يدل على عدم الوجوب إلا الأصل ، وهو يضمحل بالدليل والشهرة ، والاحتياط أيضا مؤيد ، فتأمل فيه.

وكذا ما يدل على تعيين السورة في المواضع (٤) وعلى عدم العدول من سورة إلى أخرى (٥) : وفي بعض هذه الاخبار أيضا دلالة على وجوب إتمام السورة (٦) والظاهر ان كل من يقول بوجوبها يقول بوجوبه أيضا :

فما يدل على جواز التبعيض يؤل : مثل رواية عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام : يقرء الرجل السورة الواحدة في الركعتين من الفريضة؟ قال : لا بأس : إذا كانت أكثر من ثلاث آيات (٧) وعمر مشترك ، وان كان الظاهر أنه

__________________

(١) الوسائل باب ٢ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٥.

(٢) جامع احاديث الشيعة باب ١ في القراءة حديث ـ ١٥ ولكن في النسخة التي عندنا من الإستبصار (أو يحدث شي‌ء).

(٣) الوسائل باب ٢ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٢.

(٤) الوسائل باب ١٥ و ١٦ و ٢٣ و ٢٤ من أبواب القراءة في الصلاة.

(٥) الوسائل باب ٣٥ من أبواب القراءة في الصلاة فراجع.

(٦) الوسائل باب ٦٩ من أبواب القراءة في الصلاة فراجع.

(٧) الوسائل باب ٦ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٣.

٢٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

هو الثقة ، فيحمل على تكرارها في الركعتين ، ويؤيده انه ما يعرف القائل بمضمونها : وان الظاهر انه لا يوجد سورة أقل من ذلك ، مع احتمال التقية :

وصحيحة إسماعيل بن الفضل (الثقة) قال : صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام أو أبو جعفر عليه السلام فقرأ بفاتحة الكتاب وآخر سورة المائدة ، فلما سلّم التفت إلينا ، فقال : ما إني أردت أن أعلمكم (١) فحملت على التقية ، بقرينة قوله (فقال إلخ) ويحتمل ان يكون نافلة يجوز فيه الجماعة : أو أظهر ذلك ، تقية :

وحمل صحيحة سعد بن سعد الأشعري (الثقة) ـ عن أبي الحسن عليه السلام قال : سألته عن رجل قرء في ركعة الحمد ونصف سورة هل يجزيه في الثانية ان لا يقرء الحمد ويقرء ما بقي من السورة؟ فقال : يقرء الحمد ثم يقرء ما بقي من السورة (٢) ـ على النافلة : لصحيحة على بن يقطين (الثقة) قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن تبعيض السورة؟ فقال : اكره ، ولا بأس به في النافلة (٣) وحمل الكراهة على التحريم : ويحمل أيضا على الضرورة كما مر لما مر. وفي هذه الاخبار كلها دلالة ما ، على وجوب السورة ، فافهم : ولو كان القائل بالوجوب في الجملة ـ من غير وجوب الإتمام ـ لكان القول به لا بأس به ، لهذه الأخبار الصحيحة التي كالصريحة : وحمل الأول الدالة على وجوب إتمامها مع عدم الحاجة على الاستحباب ، وهذه على الجواز ، ولكنه غير ظاهر ، فالمشهور غير بعيد مع تأمل في دليله.

واعلم انه قد تحققت مما سبق ، انه ما بقي في خبر على بن رئاب بواسطة وغير واسطة ، دلالة على مذهب من يقول بعدم وجوب السورة على ما هو مقتضى الأصول. وان احتمال التقية ليس بموجب لأولوية حمله عليها ، من حمله على الضرورة ، ولا بمانع من حمل ما تضمن وجوبها على الاستحباب ، والأخرى على الجواز.

فقول الشارح ـ وحملتا على الضرورة ، جمعا بين الاخبار. أو على التقية ،

__________________

(١) الوسائل باب ٥ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ١.

(٢) الوسائل باب ٤ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٦.

(٣) الوسائل باب ٤ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٤.

٢٠٦

ويتخير في الزائد ، بين الحمد وحدها واربع تسبيحات ، وصورتها : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر.

______________________________________________________

لأنه مذهب العامة وهو أولى : إذ لولاها لأمكن الجمع بينهما بحمل ما تضمن السورة على الاستحباب والأخرى على الجواز ـ محل التأمل : لوجوب حمل المطلق على المقيد ، كما مر ، ولأن التقية موجبة لجواز الحمل عليها ، لا مانعة من الحمل على الجواز والاستحباب. ولأن دفع احتمال الحمل على الاستحباب على تقدير التقية ، ليس بموجب لأولويتها من الحمل على الضرورة (١) بل لا بد من المرجحات المقررة : على ان الدفع غير ظاهر ، بل هو أيضا احتمال ، فلا بد من رجحان أحد الثلاثة بالوجوه المقررة ، وقد عرفت الرجحان والدلالة والاحتمال ، فتأمل.

قوله : «(ويتخير في الزائد إلخ)» دليل التخيير في الجملة ، الإجماع والنص ، وهو الاخبار الدالة على الحمد والتسبيح ، قال في المنتهى : ذهب إليه علمائنا. فلا كلام في التخيير وجواز كل منهما.

انما الكلام في تعيين التسبيح ، وكميته ، والأفضلية. والظاهر إجزاء الأربع ، كما هو مذهب الأكثر ، لصحيحة زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : ما يجزى من القول في الركعتين الأخيرتين؟ قال : ان تقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، وتكبر وتركع (٢) وهي صحيحة في الكافي والتهذيب.

ولكن ينبغي ان يزيد في آخره الاستغفار ، يقول : استغفر الله : أو اللهم اغفر لي ، لصحيحة عبيد بن زرارة الاتية (٣).

ولا يبعد التخيير بين الأربع والتسعة ، بحذف (الله أكبر) في الأخر ،

__________________

(١) وفي هامش بعض النسخ المخطوطة التي عندنا ، بعد قوله : (على الضرورة) هكذا (لانه على تقدير الحمل على الضرورة الاحتمال مرتفع ، وقوله : لأمكن الجمع بينهما ، بحمل ما تضمن السورة إلخ مشترك بينهما ، لان الحمل على التقية أيضا للجمع بين الاخبار ، فيمكن ان يقال حينئذ : الجمع ممكن بطريق آخر).

(٢) الوسائل باب ٤٢ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٥.

(٣) الوسائل باب ٤٢ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ١.

٢٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

والتكرار ثلاثا وهو مذهب الفقيه لصحيحة زرارة أيضا (١).

واما غيرهما ، فالظاهر أن الاولى تركه ، لصحة هذين ، وصراحتهما مع كثرة القائل ، فإن غيرهما اما لم يوجد معه قائل ، أو وجد ولم توجد الصحة والصراحة ، ولو وجدنا القائل لقلنا بالتخيير بينه وبين مضمون صحيحة عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الركعتين الأخيرتين من الظهر؟ قال : تسبح وتحمد الله وتستغفر لذنبك ، وان شئت فاتحة الكتاب فإنها تحميد ودعا (٢) وبين مضمون صحيحة عبيد الله بن على الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذ أقمت في الركعتين الأخيرتين لا تقرأ فيها. فقل الحمد لله وسبحان الله والله أكبر (٣) الظاهران المراد بقوله (لا تقرأ). عدم تعيين الفاتحة أو غيرها من السور : ويحتمل ان يكون نفيا حالا ، ويدل عليه عدم الفاء في (لا تقرأ) ووجوده في (فقل) وقال الشيخ في التهذيب : فإنما نهاه ان يقرء معتقدا بان غيرها لا يجزى.

والظاهر الاكتفاء بمرة واحدة : أو بالتسعة : لعدم ثبوت الزيادة بدليل ، فلا ينبغي اختيار الزيادة لا وجوبا ولا استحبابا : بمعنى استحباب زيادة ما فوق المرة ، والثلاثة مع حذف ، الله أكبر ، أو كون المجموع (اى تكراره ثلاثا) أفضل أفراد التخيير ، لعدم الدليل ، ا لا ترى لو زاد الفاتحة لاحتمل الضرر والبطلان ، وكذا لو زاد التسبيح على الثلاثة. ومجرد وجود القائل لا يجعله راجحا ، فقول بعض الأصحاب ـ بأنه أحوط ، وبعضهم بأنه مستحب ـ محل التأمل. ونجد الاختصار أولى في هذا الزمان لعدم ظهور دليل القائل مع عدمه ، لعل كان له دليلا ، وما وصل إلينا ، ولكن لا ينبغي اختياره لمجرد ذلك والّا فتقليد.

واما التفضيل : فلا شك في تفضيل القراءة عليه للإمام ، لصحيحة معاوية بن عمار. قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القراءة خلف الإمام في

__________________

(١) الوسائل باب ٥١ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ١ ـ ولفظ الحديث (محمد بن على بن الحسين بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ، انه قال : لا تقرأن في الركعتين الأخيرتين من الأربع الركعات المفروضات شيئا ، إماما كنت أو غير امام ، قال : قلت : فما أقول فيهما؟ قال : إذا كنت إماما ، أو وحدك فقل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ، ثلاث مرات ، تكمله تسع تسبيحات ، ثم تكبر وتركع).

(٢) الوسائل باب ٤٢ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ١.

(٣) الوسائل باب ٥١ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٧.

٢٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الركعتين الأخيرتين؟ فقال : الامام يقرء بفاتحة الكتاب ومن خلفه يسبح ، فإذا كنت وحدك فاقرأ فيهما وان شئت فسبح (١) ويفهم ان التسبيح للمأموم أفضل من السكوت.

ويدل عليه ما روى في الصحيح عن بكر بن محمد الأزدي ، (قال المصنف في المنتهى انه صحيح والظاهر انه كذلك) قال : قال أبو عبد الله عليه السلام انى لا كره للمؤمن ان يصلى خلف الإمام صلاة لا يجهر فيها بالقراءة ، فيقوم كأنه حمار. قال : قلت : جعلت فداك فيصنع ماذا؟ قال : يسبح (٢) ولرواية جميل قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عما يقرء الإمام في الركعتين في آخر الصلاة؟ فقال : بفاتحة الكتاب ولا يقرء الذين خلفه ويقرء الرجل فيهما إذا صلى وحده بفاتحة الكتاب (٣) وفي سندها على بن السندي (٤) المجهول : ولما ثبت جواز التسبيح للإمام أيضا بالإجماع ، حمل القراءة له على الأفضل ، فلا ينبغي تركها له ويحمل ما في هذه ، للمنفرد على الجواز فقط ، لرواية على بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : سألته عن الركعتين الأخيرتين ما اصنع فيهما؟ فقال : ان شئت فاقرأ فاتحة الكتاب ، وان شئت فاذكر الله فهو سواء ، قال : قلت : فأي ذلك أفضل؟ فقال : هما والله سواء ان شئت سبحت وان شئت قرأت (٥).

حمله الشيخ وغيره على المنفرد ، لما مر من ترجيح القراءة للإمام ولصحيحة منصور بن حازم (الثقة) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا كنت اماما فاقرأ في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب ، وان كنت وحدك فيسعك فعلت ا ولم تفعل (٦) ولو لا الإجماع على التخيير للإمام أيضا ، لكان الحمل على ظاهرها ، من وجوب القراءة للإمام متعينا ، فحمل على الاستحباب لذلك.

__________________

(١) الوسائل باب ٤٢ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٢.

(٢) الوسائل باب ٣٢ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ١.

(٣) الوسائل باب ٤٢ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٤.

(٤) سند الحديث كما في التهذيب هكذا (محمد بن على بن محبوب عن على بن السندي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج).

(٥) الوسائل باب ٤٢ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٣.

(٦) الوسائل باب ٥١ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ١١.

٢٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ويفهم منها التسوية للمنفرد حيث قال بعد الترجيح للإمام. (وان كنت) إلخ ومع ذلك لا يبعد أولوية اختيارها للمنفرد أيضا : لفضيلة الفاتحة : ووجود (فَاقْرَؤُا) (١) : ووجود الخلاف في التسبيح بأنه مرة أو ثلاثة أو غيرهما.

ولبعض ما مر ، مثل الأمر بالقراءة في صحيحة معاوية بن عمار بقوله (فاقرأ فيهما ، ثم الإتيان بأن شئت (٢) ، فإن سوق الكلام يدل على ان التسبيح رخصة ، وما في رواية جميل (٣).

ولرواية محمد بن حكيم قال سألت أبا الحسن عليه السلام أيما أفضل القراءة في الركعتين الأخيرتين أو التسبيح؟ فقال : القراءة أفضل (٤) ولا يحتاج الى الحمل على الامام فقط ، لاحتمال كونها أفضل للإمام ، وكان للمنفرد أيضا أفضل لكن دونه في الفضيلة ، ويكون الأمر للإمام ، والتخيير للمنفرد ، للمبالغة له ، دونه : مع عدم صحة ما يدل على التسوية في رواية على بن حنظلة مع عمومها المتروك بالدليل واحتمال التأويل ، ولا يعارض ذلك الخلاف في جهر البسملة ، فان الظاهران تحريمه ـ مع انه غير مصرح به عن ابن إدريس فيما نقل عنه في المنتهى وغيره ـ ضعيف كوجوبه ، لكون الجهر بها من علامات المؤمن لما ورد في الخبر المنقول في المصباح في زيارة الأربعين (٥) ولصحيحة صفوان. قال. صليت خلف أبي عبد الله عليه السلام أياما فكان يقرأ في فاتحة الكتاب ب بسم الله الرحمن الرحيم فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ب بسم الله الرحمن الرحيم واخفى ما سوى ذلك (٦) ، وظاهر التأسي يقتضي استحبابه ، لان الظاهران اختيار مثله (ع) لا يكون الا للرجحان ، والوجوب غير معلوم ، بل منفي بالأدلة ، فيبقى الاستحباب له ، فبالتاسى يثبت لغيره أيضا مطلقا اماما كان أو غيره ، مع احتمال اختصاصه بالإمام ، فلا إشكال في الاستحباب للإمام ، وهو

__________________

(١) المزمل ٢٠.

(٢) الوسائل باب ٤٢ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٢.

(٣) الوسائل باب ٤٢ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٤.

(٤) الوسائل باب ٥١ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ١٠.

(٥) الوسائل باب ٥٦ من أبواب المزار حديث ـ ١.

(٦) الوسائل باب ١١ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ١.

٢١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وجه آخر لرجحان الإمامة واختياره الفاتحة.

وبطل القول بالتحريم ، لانه ما يقول احد باختصاصه بالمنفرد ، بل المنقول عن ابن إدريس هو التحريم في الأخيرتين مطلقا.

وكذا ما نقل عن على بن الحسين عليهما السلام. قال : يا ثمالي انما هو الجهر ب بسم الله (١) وسيجي‌ء تحقيق هذا مع متن هذه الرواية ، وهو مطلق ، كذا في المنتهى ، وليس بمعلوم كونه إمام جماعة له مدخل ، بل منفي بالأصل ، ككونه إمام الأصل وغير ذلك : مع انه غير معلوم كونه مصليا بالجماعة لاحتمال الخلف (٢) بالمعنى اللغوي وعدم علمه عليه السلام بالمأمور.

وكذا رواية حنان بن سدير قال : صليت خلف أبي عبد الله عليه السلام (أياما ئل) فتعوذ بإجهار ، ثم جهر ب بسم الله الرحمن الرحيم (٣) وان لم تكن صحيحة لجهل بعض رجاله. وهو عبد الصمد بن محمد (٤) ، مع القول في حنان بأنه واقفي ، واشتماله على جهر التعوذ ، المشهور خلافه ، ويفهم خلافه أيضا من صحيحة صفوان ، الا انه مؤيد ، وقد يقال باجهاره أيضا ، ولكن الظاهران الإخفاء أولى ، لصحيحة صفوان (٥) مع الشهرة ، وتحمل هذه على الجواز.

ثم الظاهر انه يجب مراعاة الترتيب والاعراب المنقولين في التسبيحات المذكورة والإخفات ان كان واجبا في القراءة ، كأن الدليل اجزاء المنقول ، مع عدم العلم باجزاء غيره ، وان كان واقعا في بعض الروايات كما مر في مثل صحيحة

__________________

(١) الوسائل باب ٢١ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٤ ـ ولفظ الحديث (عن أبي حمزة قال : قال على بن الحسين عليهما السلام : يا ثمالي ، ان الصلاة إذا أقيمت جاء الشيطان الى قرين الامام ، فيقول : هل ذكر ربه؟ فان قال : نعم ، ذهب ، وان قال : لا ، ركب على كتفيه ، فكان امام القوم حتى ينصرفوا ، قال : فقلت جعلت فداك : أليس يقرؤون القرآن؟ قال : بلى ، ليس حيث تذهب يا ثمالي انما هو الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم).

(٢) إشارة إلى صحيحة صفوان المتقدمة من قوله : (صليت خلف ابى عبد الله عليه السلام).

(٣) الوسائل باب ٢١ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٣.

(٤) سند الحديث كما في التهذيب هكذا (محمد بن على بن محبوب ، عن عبد الصمد بن محمد ، عن حنان بن سدير).

(٥) الوسائل باب ١١ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ١ ـ ونقله أيضا في باب ٥٧ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٢ ـ عن صفوان عن عبد الرحمن ابن أبي نجران بعكس ما هنا ، فلاحظ.

٢١١

ولو لم يحسن القراءة وجب عليه التعلم.

______________________________________________________

عبيد الله بن على الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا قمت في الركعتين لا تقرأ فيها فقل : الحمد لله وسبحان الله والله أكبر (١) لأن القائل بها غير ظاهر.

ويحتمل التأويل بحيث ينطبق على المشهور ، بأن الزيادة التي في الأخرى مقبولة : فيكون المراد ولا إله إلا الله والله أكبر ، مع الترتيب السابق ، لعدم ذكر الترتيب هنا ، وان كان ظاهره خلاف ذلك : مع أنها مشتملة على عدم القراءة مطلقا ، فيحتمل الحمل على الضيق. وبالجملة لا يخرج هنا عن المشهور ، فان الظاهر انه أسلم خصوصا الفاتحة ، الله يعلم.

قوله : «(ولو لم يحسن إلخ)» الظاهر ان لا يكون مراده التعلم بحيث يحفظ كما هو الظاهر ، إذ لا دليل على وجوبه من الحفظ ، بل الظاهر جوازه من المكتوب ، للأصل ، والسهلة ، وصدق القراءة ، فخرج عن عهدة الأمر. واجزئه لانه للاجزاء. وغير معلوم صيرورة القراءة حقيقة في القراءة عن الحفظ ، بحيث يصار اليه وجوبا ، ولهذا لو نذر القراءة تجزى في المصحف ، بل اولى كما قيل ، ودلت عليه الرواية.

كأنه لا خلاف في ان القراءة من المصحف أولى ، الّا أنها في الصلاة عن الحفظ اولى. لعدم بقاء التوجه ، والعادة ، والخروج عن الخلاف ، والجمع بين الأدلة ، مثل ما روى مرسلا في كتاب الحميري ، وسألته عن الرجل والمرأة يضع المصحف امامه ينظر فيه ويقرء ويصلى قال : لا يعتد بتلك الصلاة (٢) وتحمل على الكراهة ، مع ما في سندها ، ودلالتها ، وكأنه لذلك قال البعض باستحبابها حفظا.

بل أظن جوازها بطريق التقليد ، من غير استقلال ولا يجب التعلم الا مع عدم ذلك.

ويدل على الجواز من المصحف ما رواه في باب الزيادات عن الحسن بن زياد الصيقل قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ما تقول في الرجل

__________________

(١) الوسائل باب ٥١ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٧.

(٢) الوسائل باب ٤١ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٢.

٢١٢

فان ضاق الوقت قرء ما يحسن.

______________________________________________________

يصلى وهو ينظر في المصحف يقرء فيه يضع السراج قريبا منه؟ فقال : لا بأس بذلك (١) ورواته لا بأس بهم (٢) ، والكل ثقات ، الا ان فيهم ابان بن عثمان ولا يضر ، والحسن وهو غير معلوم ، ويحتمل ان يكون الحسن بن زياد العطار الثقة الموجود في كتب الرجال يكون له لقبان العطار والصيقل ، الله يعلم ، مع انه لا يضر جهالته لما مر.

ثم الظاهر من قوله رحمه الله الاكتفاء بما يحسن من الفاتحة والسورة ، من غير لزوم عوض ما لم يحسن منهما ، ودليله الأصل ، وان الواجب انما هو الفاتحة والسورة كاملة ، مع الإمكان ، واما مع عدمه فلا : وعليه : يمكن حمل ما تقدم من الاخبار ـ الدالة على الاكتفاء بالبعض ـ على ما مر. ووجوب العوض يحتاج الى دليل : وعدم دلالة قوله (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) ظاهر.

وأيضا المفروض ضيق الوقت ، فالظاهر أن المراد : انه ما بقي من الوقت الا مقدار قراءة ما يحسن ، مع ما بقي من الافعال ، فبالتعويض يخرج الوقت : الا ان يقيد بان المراد عدم الزيادة على مقدار الواجب من القراءة ، اى الفاتحة ، وسورة قصيرة كاملة : فعلى تقدير إمكان التعلم ، يجب الاشتغال ، الى ان لا يبقى الا وقت ما يعلم ، بناء على عدم وجوب العوض ، وعلى القول به الى مقداره أيضا.

أو يقال ، يحتمل ان يكون الوقت باقيا للتكرار والتعويض ، وغير باق للتعلم ، بحيث علم باليقين انه ما يتعلم في هذا المقدار من الوقت ، وأمكن فرض العلم باليأس من التعلم في زمان كثير ، فيكون هو المراد بالضيق.

ويفهم من كلام المصنف في المنتهى : عدم وجوب عوض السورة مع الجهل بها ، وتعذر التعلم وسعة الوقت ، وإمكانه مع ضيقه ، بالإجماع ، حيث قال : لو لم يحسن الا الحمد ، وأمكنه التعلم ، وكان الوقت واسعا ، وجب عليه التعلم ، لأنها كالحمد في الوجوب : اما لو لم يمكنه التعلم أو ضاق الوقت صلى بالحمد وحدها ، للضرورة : ولا خلاف في جواز الاقتصار على الحمد في هذه المواضع ،

__________________

(١) الوسائل باب ٤١ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ١.

(٢) رواة الحديث كما في التهذيب هكذا (احمد بن محمد بن عيسى ، عن العباس بن معروف ، عن على بن مهزيار ، عن فضالة بن أيوب ، عن ابان بن عثمان عن الحسن بن زياد الصيقل).

٢١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي النافلة للعارف المختار (١) :

وهذا الكلام كالصريح في سقوطها ، وعدم وجوب العوض عنها بالإجماع. فإيجاب بعض الأصحاب ـ مثل الشيخ على رحمه الله التعويض مطلقا ، ودعواه عدم التصريح لأحد بالسقوط حينئذ ، بل التصريح بعدم السقوط على ما نقل عنه في بعض الحواشي المنسوبة إليه ، حيث قال : وكذا يفهم من التقييد بسعة الوقت ، انه مع الضيق لا تجب ، وليس كذلك ، إذ لا دليل على السقوط هنا ، إذ لا يسقط شي‌ء من الأمور المعتبرة في الصلاة لضيق الوقت ، ولا أعلم لأحد التصريح بسقوط السورة للضيق ، بل التصريح بخلافه موجود في التذكرة ـ محل التأمل ، الا ان يكون مراده السقوط مع العلم بها لضيق الوقت ، الا انه خلاف ظاهر كلامه ، لأن الحاشية مكتوبة على قول المحقق في المختصر (وفي وجوب سورة مع الحمد في الفرائض للمختار مع السعة وإمكان التعلم قولان ، أظهرهما الوجوب) هذا هو الأصح. ويفهم من التقييد بالمختار ، ان المضطر كالمريض الذي يشق عليه قراءتها كثيرة ، أو من أعجلته حاجة ، لا يجب عليه السورة ، وهو حق : وكذا يفهم إلخ.

على انه لا يسقط شي‌ء من الأمور المعتبرة في الصلاة لمشقة أيضا إلا بدليل. والظاهر انه لا يحتاج إلى كثرة المشقة ، لخلو الخبر عن ذلك ، بل الموجود مطلق المريض ، ولانه معها ينبغي سقوط الفاتحة أيضا ، فتأمل فيه.

وانه لا يبعد إدخال سقوط وجوب سورة لضيق الوقت ، في الدليل : لان عدم فوت الوقت ، حاجة : أو أولى ، واعتباره أهم من ارتكاب مشقة : بل لا يبعد شمول قوله عليه السلام في الرواية (إذا كنت مستعجلا ، أو أعجلني شي‌ء) (٢) وقوله (أو تخوف شيئا) (٣) لما نحن فيه : مع الاخبار الصحيحة غير المقيدة بشي‌ء : فتحمل عليه : مع تصريح العلامة رحمه الله بالإجماع مرتين : أحدهما ، هو

__________________

(١) الى هنا كلام المنتهى.

(٢) الوسائل باب ٢ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٤.

(٣) الوسائل باب ٢ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٢.

٢١٤

ولو لم يحسن شيئا سبح الله تعالى وهلله وكبره بقدر القراءة ، ثم يتعلم.

______________________________________________________

ما قاله في المنتهى ، في قوله : ولو لم يحسن الى آخره كما مر. وثانيهما ، ما قال فيه : انه لا خلاف بين أهل العلم في جواز الاختصار على الحمد في النافلة ، وكذا في جوازه مع ضيق الوقت في الفريضة ، فهو أدل على عدم الخلاف فيه : فعدم السقوط بما أولنا به كلامه أيضا غير ظاهر ، فتأمل : وبالجملة الأصل عدم الوجوب ، فالمدعى يحتاج الى دليل. ووجوب العوض ، لا يثبت بمجرد انه يمكن العوض ، وانه مثله وانه يجب القراءة والقيام بقدرها ، فإذا تعذر يجب القيام مع البدل.

نعم لما نقلوا العوض ـ بالتسبيح إذا لم يحسن شيئا من القرآن ، في حديث الأعرابي (١) على ما في الشرح ، مع عدم الخلاف فيه على الظاهر ـ يجب القول به ، والاختصار على ما يفهم من ظاهره وهو المرة الواحدة بالتسبيحات الأربع ، لا التكرار بحيث يساوي السورة والحمد ، بل لا يستحب أيضا كما نقله عن المعتبر ، لعدم الدليل ، واحتمال الضرر مع قصد الوجوب أو الاستحباب للوظيفة ، على انا ما نعرف اشتمال رواية الأعرابي على التسبيحات الأربع ، نعم الظاهر ذلك من الشرح (٢) على ما نقل من الذكرى من اختياره ما مر.

وظاهر المتن ليس فيه (الحمد) (٣) ، فيكفي التسبيح والتهليل والتكبير : الا ان يكون هو مرادا أيضا ، فحذف ، وكونه بدلا من الفاتحة في الجملة ، مؤيد لكون المختار الأربع ، كما قاله الشهيد والشارح : ولكن صحيحة عبد الله بن سنان

__________________

(١) سنن أبي داود : الجزء الأول : باب ما يجزى الأمي والأعجمي من القراءة ، حديث ـ ٨٣٢ ـ ولفظ الحديث (عن عبد الله بن أبي أوفى ، قال : جاء رجل الى النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فقال : انى لا استطيع ان أخذ من القرآن شيئا فعلمني ما يجزئني منه ، قال (قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لا حول ولا قوة إلا بالله) قال : يا رسول الله هذا لله عز وجل فما لي؟ قال قل (اللهم ارحمني وارزقني وعافني واهدني) فلما قام قال هكذا بيده ، فقال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : اما هذا فقد ملاء يده من الخير.

(٢) قال في روض الجنان : وفي الذكرى صرح بكون الخلاف في وجوب مساواته للفاتحة ، أو الاجتزاء بما هو أقل من ذلك ، واختار فيها وجوب ما يجزى في الأخيرتين ، وهو سبحان إلخ.

(٣) يعني ليس في كلام المصنف (الحمد لله) فافهم.

٢١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : ان الله فرض من الصلاة الركوع والسجود ، ا لا ترى لو ان رجلا دخل في الإسلام لا يحسن ان يقرء القرآن اجزئه ان يكبر ويسبح ويصلى (١) ـ يدل على اجزاء التكبير والتسبيح ، فلا يجب غيرهما ، ويكفي مرة.

فقول المصنف هنا : بقدر القراءة : غير ظاهر ، ولو قلنا ان المراد بها الفاتحة فقط لعدم وجوب التعويض بمقدارها عند الجهل على ما مر ، ونقل عدم الخلاف في عدم تعويض غيرها عن الذكرى ، وهو مؤيد لما مر في كلام المحقق.

وأيضا الظاهر انه يكفى التكبير والتسبيح لما مر في صحيحة عبد الله : فلو لم يكن في المتن التهليل أيضا لكان اولى : ويحتمل ان يكون المراد بالتكبير ، تكبيرة الإحرام : فيكون التسبيح وحده كافيا كما هو الظاهر : ويحتمل ان يكون المراد بالتسبيح تسبيحات الأربع كما هو مذهب الذكرى : وفي هذه دلالة على عدم تكرار الفاتحة وغيرها من القرآن للتعويض : لأنه إذا صحت الصلاة مع التسبيح والتكبير فقط ، فمع الفاتحة ، أو بعض القرآن ، تصح بالطريق الاولى ، من غير احتياج الى التعويض بما يعلم ، فتأمل.

ولو لم يعلم الكل ، لا يبعد إيجاب ما يعلم : وفرض عدم العلم بشي‌ء مع كونه مسلما مكلفا ، بعيد ، بل لا يمكن ، للشهادة ، ولفظ الله أكبر للإحرام.

ولا شك في انه كما يجب تعلم القراءة ، يجب تعلم التسبيح على تقدير عدم الباقي كباقي الأذكار.

واعلم انا ما علمنا وجوب التعويض في غير ما مر. وإذا ثبت في غير أيضا بدليل من إجماع ونحوه ، يجب.

وما علمنا دليلا على وجوب تكرار السورة بقدر الفاتحة لو كانت المعلومة إياها دونها وان قالوه : وقالوا أيضا غيره من الفروع الكثيرة في هذا الباب تركناها ، لعدم ظهور الدليل : وكأنه لذلك ترك أكثرها في المنتهى.

__________________

(١) الوسائل باب ٣ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ١.

٢١٦

والأخرس يحرك لسانه ويعقد قلبه.

ولا يجزى الترجمة مع القدرة.

ولا مع إخلال حرف حتى التشديد والاعراب.

______________________________________________________

واما دليل تحرك لسان الأخرس مع الإشارة بالإصبع وعقد القلب معه ـ وقد مر مثله في تكبيرة الإحرام ـ فالرواية (١) ، وعدم سقوط الميسور بالمعسور (٢) ، ولا شك انه أحوط ، ومعه تحصل البراءة ، وبدونه غير معلوم. فتأمل.

وأيضا معلوم عدم إجزاء الترجمة ، مع القدرة : لعدم صدق القراءة : بل الظاهر عدمه مع العجز أيضا لذلك : ولانه كلام غير القرآن فلا يؤمن من البطلان مع قصد الوظيفة. فتأمل فيه ، فينبغي التسبيح مع العدم ، ثم لا يبعد ترجمته ، وكان المراد بقول (ولا تجزى الترجمة مع القدرة) عدم إجزاء ترجمة التسبيح مع القدرة عليه واجزائه مع العجز ، فيشعر بعدم إجزاء ترجمة القرآن مطلقا.

ومعلوم من وجوب القراءة بالعربية المنقولة تواترا ، عدم الاجزاء ، وعدم جواز الإخلال بها حرفا وحركة ، بنائية وإعرابية وتشديدا ومدا واجبا ، وكذا تبديل الحروف وعدم إخراجها عن مخارجها لعدم صدق القرآن : فتبطل الصلاة مع الاكتفاء بها ، ومع عدم الاكتفاء أيضا إذا كانت كذلك عمدا ، ويكون مثله من الكلام الأجنبي مبطلا ، والا فتصح مع الإتيان بالصحيح.

وكأنه لا خلاف في السبعة (٣) ، وكذا في الزيادة على العشرة ، واما الثلاثة التي بينهما فالظاهر عدم الاكتفاء ، للعلم بوجوب قراءة علم كونها قرآنا ، وهي غير معلومة : وما نقل انها متواترة غير ثابت.

ولا يكفي شهادة مثل الشهيد : لاشتراط التواتر في القرآن الذي يجب ثبوته ، بالعلم : ولا يكفي في ثبوته ، الظن ، والخبر الواحد ، ونحوه كما ثبت في

__________________

(١) الوسائل باب ٥٩ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ١.

(٢) رواه عوالي اللئالى.

(٣) يعني لا خلاف في جواز القراءة بقراءة احد القراء السبعة ، ولا خلاف في عدم جواز القراءة بقراءة ما زاد على قراءة العشرة كقراءة ابن مسعود وابن محيص على ما ذكره في روض الجنان ، واما الثلاثة التي بينهما وهي قراءة أبي جعفر ويعقوب وخلف فقد اختلفوا فيها.

٢١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الأصول : فلا يقاس بقبول الإجماع بنقله ، لانه يقبل فيه قول الواحد : وكيف يقبل ذلك ، مع انه لو نقل عنه صلى الله عليه وآله ذلك ، لم يثبت : فقول المحقق الثاني والشهيد الثاني ـ انه يجزى ما فوق السبع إلى العشرة ، لشهادة الشهيد بالتواتر ، وهو كاف ، لعدالته واخباره بثبوته كنقل الإجماع ـ غير واضح. نعم يجوز له ذلك إذا كان ثابتا عنده بطريق علمي وهو واضح.

بل يفهم من بعض كتب الأصول. ان تجويز قراءة ما ليس بمعلوم كونه قرآنا يقينا فسق ، بل كفر : فكل ما ليس بمعلوم انه يقينا قرآن ، منفي كونه قرآنا يقينا ، على ما قالوا.

ثم الظاهر منه وجوب العلم بما يقرأ قرآنا ، انه قرآن : فينبغي لمن يجزم انه يقرء قرآنا تحصيله من التواتر فلا بد من العلم. فعلى هذا فالظاهر ، عدم جواز الاكتفاء بالسماع من عدل واحد ، مع عدم حصول العلم بالقرائن ، مثل تكرره في الألسن بحيث يعلم.

واما لمجرد التلاوة ، فلا يبعد الاكتفاء بغير العدل أيضا ، لأن المنقول بالتواتر لا يختل ، مع ان خصوصية كل كلمة كلمة من الاعراب والبناء وسائر الخصوصيات قليلا ما يوجد العدل العارف بذلك : فاشتراط ذلك موجب لسرعة ذهاب القرآن عن البين ، ولما ثبت تواتره فهو مأمون من الاختلال لفسقه ، مع انه مضبوط في الكتب. حتى انه معدود حرفا حرفا وحركة حركة. وكذا طريق الكتابة وغيرها مما يفيد الظن الغالب ، بل العلم بعدم الزيادة على ذلك والنقص : فلا يبعد الأخذ في مثله عن اهله غير العدل ، والكتب المدونة : لحصول ظن قريب من العلم بعدم التغير.

على ان غفلة الشيخ والتلميذ حين القراءة عن خصوص الألفاظ ، كثيرة ، ولهذا لا يوجد مصحف لا يكون فيه غلط الّا نادرا ، مع انه قرء فيه على المشايخ وقرأه القاري ، بل القراء :

مع انا ما نجد أحدا يعرف خصوصية جميع ذلك بالحفظ بل يبنى على مصحفه الذي قرء فيه مع ما فيه.

٢١٨

ولا مع مخالفة ترتيب الآيات.

ولا مع قراءة السورة أولا.

______________________________________________________

نعم لا بدان يكون موثوقا به وعارفا ناقلا (ناقدا ـ ظ) في الجملة ليحصل الوثوق بقوله ومصحفه في الجملة وهو ظاهر ، ومع ذلك ينبغي الاحتياط ، خصوصا إذا كانت القراءة واجبة بنذر وشبهه.

ويحتمل على تقدير حصول غلط في القراءة المنذورة ، عدم وجوب القضاء إذا كان الوقت معينا خارجا ، غاية ما يجب اعادة المغلوط فقط ، ويكون الترتيب ساقطا للنسيان ، وعدم التعمد ، سيما مع تصحيحة على العارف.

ويحتمل إعادة الآية فقط ، ومع باقي السورة ، والسورة أيضا.

وكذا في غير المعين ، مع احتمال أولوية إعادة الكل هنا : وفي المستأجر كذلك : مع احتمال إسقاط بعض الأجرة المقابل للغلط : وسقوط الكل ، لعدم فعله ما استأجر ، وهو بعيد ، لبذل الجهد ، وعدم توقف صحة البعض على آخر : مع ان الظاهر انه ينصرف الى المتعارف ، وهذا هو المتعارف هنا سيما في الصلاة ، فإنه لا يضربها تركها بالكلية سهوا وغلطا : ولانه ليس بأعظم من الصلاة والحج والصوم ، فإنه لا يبطل بترك كثير من الأمور غلطا ونسيانا ، بل البعض عمدا أيضا.

فتأمل فيه : نعم لو فرض الغلط الفاحش يتوجه ذلك ، ومع التقصير يحتمل البطلان بمجرد الغلط. الله يعلم.

واما باقي صفات الحروف. من الترقيق والتفخيم والغنة والإظهار والإخفاء فالظاهر عدم الوجوب بل الاستحباب ، لعدم الدليل شرعا ، وصدق القرآن لغة وعرفا ، وان كان عند القراء واجبا ، ما لم يؤد الى زيادة حرف ونقصانها ، وعدم إخراج الحروف عن مخرجه ، ومد وتشديد ، ومع ذلك ينبغي رعاية ذلك كله والاحتياط التام.

ومعلوم أيضا وجوب الترتيب بين الآيات ، فإن الفاتحة هي المرتبة.

وكان دليل وجوب تقديم الفاتحة على السورة : المواظبة ، مع قوله

٢١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

صلى الله عليه وآله صلوا ، (١) والصلاة البيانية (٢) وحصول البراءة به ، وعدم الحصول بغيره يقينا ، ولا يبعد كونه إجماعيا.

واما البطلان بالترك ، فيحتمل مع قصد التوظيف للعالم والجاهل : ويحتمل في الأخير الصحة ، مع احتمال الصحة في الأول أيضا ، مع الإتيان بالواجب بعد ذلك : لانه قرآن ، ولا يخرج بذلك القصد عنه ، فيكون القصد منهيا فقط ، فتأمل :

واما الناسي : فالظاهر انه يعيد ما لم يركع ، وبعده لا يضر : لان القراءة ليست بركن ، فلا تبطل بنسيانها بالكلية ، فبالتقديم بالطريق الاولى.

ويدل على البطلان عمدا ، وعدم البطلان نسيانا ، وكونه غير ركن اخبار ، مع الأصل ، والشهرة : وهي صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما. عليهم السلام قال : ان الله عز وجل فرض الركوع والسجود : والقراءة سنة ، فمن ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة ، ومن نسي القراءة فقد تمت صلاته ولا شي‌ء عليه (٣) وفي أخرى قلت لأبي عبد الله عليه السلام انى صليت المكتوبة فنسيت ان اقرء في صلاتي كلها؟ فقال : أليس قد أتممت الركوع والسجود؟ قلت : بلى ، قال فقد تمت صلاتك إذا كان ناسيا (إذا كانت نسيانا ـ خ ل) (٤) وأمثالهما كثيرة ، وفيهما كفاية.

والمراد بالسنة في الأولى ، الواجبة بها : وفيهما اشعار بعدم البطلان مع

__________________

(١) رواه البخاري والدارمي واحمد بن حنبل ، قال احمد بن حنبل في ج ٥ ص ٥٣ عن مالك بن الحويرث وهو أبو سليمان أنهم أتوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو وصاحب له أو صحبان له ، فقال أحدهما صاحبين له أيوب أو خالد ، فقال لهما إذا حضرت الصلاة فأذنا واقيما وليؤمكما أكبركما وصلوا كما تروني أصلي ، وروى الدارمي ، في الصلاة (باب من أحق بالإمامة) عن مالك بن الحويرث أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله في نفر من قومي ونحن شببة فأقمنا عنده عشرين ليلة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رفيقا فلما راى شوقنا الى أهلينا قال ارجعوا الى أهليكم فكونوا فيهم فمروهم وعملوهم وصلوا كما رأيتموني أصلي ، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ثم ليؤمكم اكبركم.

(٢) الوسائل باب ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث ـ ١.

(٣) الوسائل باب ٢٧ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٢.

(٤) الوسائل باب ٢٩ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ـ ٢ ـ والحديث مروي عن منصور بن حازم.

٢٢٠