المهذّب البارع - ج ٣

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

المسلمون ، فقيل يا رسول الله سبقت العضباء!؟ فقال : حقا على الله ان لا يرفع شيئا في الأرض الّا وضعه (١) وفي طريق آخر لا يرفع شيئا في الناس الّا وضعه (٢).

وأمّا الإجماع : فعامة المسلمين على جواز المسابقة ، وان اختلفوا في بعض مسائلها.

وأمّا في المراماة : فقوله تعالى «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ» (٣) روى عقبة بن عامر ان النبي صلّى الله عليه وآله قال : ألا أن القوة ، الرمي ، ثلاثا (٤).

وأمّا السنّة : فروي انه صلّى الله عليه وآله مرّ بقوم من الأنصار يترامون ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : انا في الحزب الذي فيه ابن الادرع ، فأمسك الحزب الأخر ، وقالوا : لمن يغلب حزب فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال : ارموا فانّي أرمي معكم ، فرمى مع كل واحد رشقا ، فلم يسبق بعضهم بعضا ، فلم يزالوا يترامون وأولادهم وأولاد أولادهم ولا يسبق بعضهم بعضا (٥).

وأمّا الإجماع : فلا يختلف أحد من الأمة في جواز المراماة.

إذا عرفت هذا فيقتصر في الجواز على الثلاثة المذكورة ، لقولهم عليهم السّلام : ان الملائكة لتنفر عند الرهان وتعلن صاحبه ما عدى الحافر والخف والريش (٦) فيدخل تحت الحافر الخيل والبغال والحمير ، وتحت الخف الإبل والفيل ، وتحت النصل النشاب ، وهي للعجم ، والسهام ، وهي للعرب ، والمزاريق ، وهي الردينات (٧)

__________________

(١) سنن الدار قطني : ج ٤ كتاب السبق بين الخيل ، الحديث ١٤.

(٢) سنن الدار قطني : ج ٤ كتاب السبق بين الخيل ، الحديث ١٢.

(٣) الأنفال : ٦٠.

(٤) الدر المنثور : ج ٤ ص ٨٣ في تفسيره لآية ٦٠ من سورة الأنفال.

(٥) الدر المنثور : ج ٤ ص ٨٥ في تفسيره لآية ٦٠ من سورة الأنفال.

(٦) الوسائل : كتاب السبق والرماية ، باب استحباب اجراء الخيل وتأديبها والاستباق الحديث ٦.

(٧) ردينة اسم امرأة ، والرماح الردينية منسوبة إليها. الجوهري القناة الردينية والرمح الرديني زعموا انه منسوب الى امرأة السمهري تسمّى ردينة ـ لسان العرب : ج ١٣ ص ١٧٨ في لغة ردن.

٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

والرماح والسيوف. ولا يجوز في غيرها سواء كان بعوض أو خلت عنه ، عملا بعموم النهي عن الرهان في غير الثلاثة ، ولأنها لهو وقداح إلّا ما خرج النص ، وهي الثلاثة المذكورة ، ولا يجوز فيما عداها.

وأجازه العامة في مسائل :

الأولى : المسابقة بالأقدام ، وهو ان يتعاديا فأيّهما تقدّم صاحبه فهو السابق ، أو يكون المدى قدرا معلوما منتهيا إلى غاية معينة ، فأيّهما وصل إليها قبل صاحبه كان هو السابق ، وأجازها بعضهم مطلقا والآخرون إذا خلت عن العوض.

واحتجوا على جوازها بما رووه عن عائشة قالت : كنت مع رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم في غزاة فقال للقوم : تقدّموا ، فتقدّموا فقال لي : تعالى أسابقك فسابقته برجلي فسبقته ، فلما كان في غزاة أخرى ، فقال للقوم تقدموا ، فتقدموا وقال : تعالى أسابقك ، فسابقته فسبقني ، فقال : يا عائشة هذه بتلك ، وكنت قد نسيت ، فندمت (١).

الثانية : المسابقة بالمصارعة ، فأجازها بعضهم إذا خلت عن العوض ، وبعضهم مطلقا.

واحتجوا بأنّ النبي صلّى الله عليه وآله خرج الى الأبطح فرأى يزيد بن ركابة يرعى أعنزا له ، فقال للنبي صلّى الله عليه وآله : هل لك ان تصارعني؟ فقال له النبي صلّى الله عليه وآله ما تسبق لي؟ قال : شاة فصارعه فصرعه النبي صلّى الله عليه وآله فقال له يزيد : هل لك في العود؟ فقال النبي صلّى الله عليه وآله ما تسبق لي؟ قال : شاة ، فصارعه فصرعه النبي ، فقال للنبي صلّى الله عليه وآله : هل لك في

__________________

(١) مسند احمد بن حنبل : ج ٦ ص ٢٦٤ وليس فيه (فسابقته برجلي) وسنن أبي داود : ج ٣ كتاب الجهاد ، باب في السبق على الرجل ، الحديث ٢٥٧٨ وفيه «انها كانت مع النبي في سفر) ورواه في المبسوط : ج ٦ ص ٢٩٠ كتاب السبق والرماية ، كما في المتن.

٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

العود؟ فقال النبي صلّى الله عليه وآله ما تسبق لي؟ قال : شاة ، فصارعه فصرعه ، فقال النبي صلّى الله عليه وآله اعرض عليّ الإسلام فما احد وضع جنبي على الأرض ، فعرض عليه الإسلام فأسلم ، وردّ عليه غنمه (١).

والجواب. منع السند في الأولى ، ولأن ذلك لا يليق بمنصب النبوة. والرواية الثانية لا تدل على الجواز في حق غير النبي صلّى الله عليه وآله ، لوجوه :

(أ) أجاز أن يكون من خصائصه ، فلا يلزم مشاركة غيره فيه.

(ب) أنّها قضية في واقعة ، أوجب مقتضى الحال التسويغ في تلك الصورة ، فلا يتعدى الى غيرها ، وذلك لأن طلب المشرك للمصارعة للنبي صلّى الله عليه وآله يجرى مجرى طلب المبارزة ، فلو لم يجبه الى ذلك لاجترء عليه واستشعر منه الوهن والضعف عن مقاومته ، فأجابه الى ذلك دفعا لهذه المفسدة العظيمة ، فلا يلزم منه جواز التعدّي.

(ج) علم عليه السّلام كون المصارعة في هذه سببا لإسلامه ، فأجاب إليها تحصيلا لهذه الفائدة.

الثالثة : المسابقة بالطيور ، فان كانت بغير عوض جاز عندهم ، وبعوض على قولين.

الرابعة : المسابقة بالسفن والزوارق (٢) ، وفيه عندهم قولان.

الخامسة : المسابقة بالأحجار ، بان يدحرجها ويدفعها من مكان الى مكان ، ليعرف الأشد منهم والكل عندنا حرام ، لأنه لا يعامل بهذه الأشياء ، فيدخل تحت

__________________

(١) سنن أبي داود : ج ٤ كتاب اللباس ، باب في العمائم ، الحديث ٤٠٧٨ وفيه ان ركانة صارع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فصرعه النبي صلّى الله عليه وآله وليس فيه السبق ولا الإسلام ورواه في المبسوط : ج ٦ س ٢٩١ كتاب السبق والرماية ، كما في المتن.

(٢) الزورق من السفن دون الخلج ، وقيل : هو القارب الصغير ـ لسان العرب : ج ١ لغة زرق.

٨٣

انعقادها إلى إيجاب وقبول. وفي لزومها تردّد ، أشبه اللزوم. ويصح أن يكون السبق عينا أو دينا. ولو بذل السبق غير المتسابقين ، جاز. وكذا لو بذل أحدهما ، أو بذل من بيت المال.

ولا يشترط المحلل عندنا. ويجوز جعل السبق للسابق منهما ، وللمحلّل ان سبق. وتفتقر المسابقة إلى تقدير المسافة والخطر ، وتعيين ما يسابق

______________________________________________________

القمار ، ولعموم الخبر.

قال طاب ثراه : وفي لزومها تردد ، أشبه اللزوم.

أقول : ما ذهب اليه المصنف ، هو مذهب ابن إدريس (١) وذهب الشيخ في الكتابين إلى انها عقد جائز (٢) واختاره العلامة (٣). احتج ابن إدريس بقوله تعالى «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (٤) والجواب : القول بالموجب فان الوفاء بالعقد هو العمل بمقتضاه ، فان كان لازما كان الوفاء به العمل بمقتضاه على سبيل اللزوم ، وان كان جائزا كان العمل بمقتضاه على سبيل الجواز ، وليس المراد به مطلق العقود ، والا وجب الوفاء بالوديعة والعارية وغيرهما من العقود. احتج العلامة : بأصالة عدم اللزوم ، ولأنه نوع جهالة ، فإن قوله «من سبق فله كذا» هو عين الجعالة (٥).

قال طاب ثراه : ولا يشترط المحلّل عندنا.

__________________

(١) السرائر : باب السبق والرماية ، ص ٣٧٦ س ١٢ قال : وقال آخرون : هو من العقود اللازمة ، وهو الذي يقوى في نفسي إلخ.

(٢) المبسوط : ج ٦ كتاب السبق والرماية ص ١٠٠ ص ١٧ قال : فهل ذلك من العقود الجائزة أو اللازمة؟ الى ان قال : والأقوى الأول. والخلاف : كتاب السبق ، مسألة ٩ قال : عقد المسابقة من العقود الجائزة إلخ.

(٣) المختلف : في السبق والرماية ، ص ٢٦ س ٣ قال : والوجه الأول ، أي انه من العقود الجائزة الى أن قال : لنا الأصل عدم اللزوم.

(٤) المختلف : في السبق والرماية ، ص ٢٦ س ٣ قال : والوجه الأول ، أي انه من العقود الجائزة الى أن قال : لنا الأصل عدم اللزوم.

(٥) المائدة : ١.

٨٤

عليه ، وتساوى ما به السباق في احتمال السبق ، وفي اشتراط التساوي في الموقف تردّد. ويتحقق السبق بتقدم الهادي ، وتفتقر المراماة إلى شروط تقدير الرشق ، وعدد الإصابة وصفتها ، وقدر المسافة ، والغرض ، والسبق وفي اشتراط المبادرة والمحاطة تردّد.

ولا يشترط تعيين السهم ، ولا القوس. ويجوز المناضلة على الإصابة وعلى التباعد ، ولو فضل أحدهما الآخر ، فقال : اطرح الفضل بكذا ، لم تصح ، لأنه مناف للغرض من النضال.

______________________________________________________

أقول : المحلّل هو الذي يدخل بين المتسابقين المتراهنين ، فيتسابق معهما من غير عوض يبذله ، إن سبق أخذ ، وان لم يسبق لم يغرم ، وهو بينهما كالأمير ، فيشرف عليهما. وهذا عندنا غير شرط ، فلو تراضيا بأنفسهما من غير ثالث جاز ، وعند العامة انه شرط في إباحة هذا العقد ومشروعيته ، لأنه كان في الجاهلية قداحا ، أي قمارا والمحلل يخرجه إلى حدّ الإباحة ، والجواب : أخرجه العقد الشرعي والاذن من صاحب الشرع ، وقد بيناه.

قال طاب ثراه : وفي اشتراط المبادرة والمحاطة تردّد.

أقول : معنى المبادرة أن يبادر أحدهما إلى إصابة العدد المشروط كون السبق به.

ومعنى المحاطة إسقاط ما تساويا فيه من الإصابة.

إذا عرفت هذا : فهل ذكرهما شرط في صحة عقد المراماة؟ قيل : نعم ، واختاره العلامة في التذكرة (١) وهو مذهب الشيخ في المبسوط (٢) فإن أهملا بطل العقد ،

__________________

(١) التذكرة : ج ٢ في السبق والرماية ، ص ٣٦٢ س ٤٠ قال : فالأقرب انه يشترط في عقد المسابقة التعرض للمبادرة والمحاطة.

(٢) المبسوط : ج ٦ ، كتاب السبق والرماية ، ص ٢٩٧ س ٢٤ قال : واما ذكر المبادرة والمحاطة ، قال قوم : هو شرط إلخ.

٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

لتفاوت الأغراض ، فإن من الرماة من تكثر اصابته في الابتداء وتقلّ في الانتهاء ، ومنهم من هو على عكس ذلك. وقيل : لا يشترط ، لأصالة الصحة وعدم الاشتراط ، واختاره المصنف (١) والعلامة في أكثر كتبه (٢) فعلى هذا يحمل على المحاطة لأنه الغالب في عرف الرماة ، وقال الشافعي : يحمل مع الإطلاق على المبادرة.

تذنيب

في هذا الباب ألفاظ يحتاج الى تفسيرها :

فالرشق بفتح الراء ، الرمي ، يقال : رشقت رشقا ، اى رميت رميا ، ويقال : قوس رشيقة ، أي خفيفة ، وبالكسر عدده الذي يتفقان عليه. ويسمّى أيضا الوجه واليد ، فيقال : رشق ووجه ويد ، وبالفارسية (دست) ومعناه أن يقول عند أحد الغرضين : يرمون رشقهم إلى الأخير ، فقالوا : وجه ، ويقال : رشق وجه ، ويراد به الرمي على ولاء حتى يفرغ الرشق.

والهدف بحركة الدال المهملة تراب يجمع ، أو حائط يبنى ، لينصب فيه الغرض.

والغرض رق أو رشق ، وهو الجلد البالي ، أو قرطاس يدور عليه شعر ، وقيل : ما ينصب في الهدف يقال له القرطاس سواء كان من كاغذ أو غيره ، وما تعلق في الهواء فهو الغرض. وقد يجعل في الشق نقش كالهلال يقال له الدائرة ، وفي وسطها نقش يقال له الخاتم ، وهذه الدائرة هي الغاية في المقصود من حذف الرماة.

والرقعة عظم ونحوه يجعل في الغرض.

إذا عرفت هذا فينبغي أن يعيّنا موضع الإصابة ، أهو الهدف ، أو الغرض ، أو

__________________

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) التحرير : كتاب السبق والرماية ، ص ٢٦٢ س ٣٥ قال : اما المبادرة أو المحاطة ففي اشتراط ذكر أحدهما نظر ، أقربه عدم الاشتراط.

٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الشق في الغرض ، أو الدائرة في الشن ، أو الخاتم في الدائرة. وقد يجعل العرب مكان الهدف ترسا ويعلق فيه الشن.

ويوصف السهم بألقاب :

(أ) الحابي ، وهو الواقع دون الهدف ثمَّ يحبو اليه ، مأخوذ من حبو الصبي ، وهو نوع من المزدلف يفترقان في الاسم ويستويان في الحكم ، لأن المزدلف هو الذي يضرب الأرض ثمَّ يثبّ إلى الغرض فهو أحدّ ، والحابي أضعف.

(ب) الخاصر ، وهو ما أصاب أحد جانبي الغرض ، ومنه الخاصرة لأنها في أحد جانبي الإنسان.

(ج) الخارم ، وهو الذي يخرم حاشيته. وقال في المبسوط : والخارم والخارق بالراء المهملة عبارة عن شي‌ء واحد ، وهو ما يخرم حاشية الغرض ، يثبّ أو لم يثب (١).

(د) الخارق ، وهو ما أخدشه ولم يثقبه.

(ه) الخاسر ، وهو ما ثقب الغرض وثبت فيه.

(و) المارق ، وهو ما نقد الغرض ووقع مرورا به ، ويسمّى الدائر والصادر بالصاد والدال والراء المهملان.

(ز) الحاصل ، وهو المصيب للغرض كيف كان ، ويطلق على القارع ، وهو ما أصاب الشن ولم يؤثر فيه.

(ح) الخاطف ، وهو المرتفع في الهواء يخطف نازلا ، فإن أخطأ حسب عليه ، وان أصاب قيل : يحسب له لحصوله برميه ، وقيل : عليه ، لأنّ تأثير الرمي في ارتفاع السهم ، وأمّا سقوطه فبثقله وهبوطه بطبعه ، فصار مصيبا بغير فعله ، وإذا لم يكن

__________________

(١) المبسوط : ج ٦ ، كتاب السبق والرماية ، ص ٢٩٧ س ١١ قال : والخازم والخارق معا عبارة عن الذي يخزم حاشية الغرض إلخ.

٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

مصيبا كان مخطئا. وقيل : لا يحسب عليه ولا له ، لأنه ما أخطأ واستوى حاله ان لم يكن مصيبا لا يكون مخطئا ، والثلاثة للشافعي. وقال العلامة : ان نزل السهم بعد ارتفاعه فأثر الحدّة لا بقطع مسافة أحتسب عليه خاطئا ، وان نزل في بقية حدته حابيا في قطع مسافته ، احتسب له صابئا ، لأنّ الرمي بالفتور منقطع وبالحدة مندفع (١).

(ط) الطامح ، فقيل : هو الذي قارب الإصابة ولم يصب ، وقيل : هو الواقع بين الشّن ورأس الهدف ، فيكون مخطئا على التفسير الأوّل ، وكذا على الثاني إن شرطت الإصابة في الشن ، ومصيبا إن شرطت في الهدف ، وقال العلامة في التحرير : الطامح الشاخص عند كبد القوس ذاهبا إلى السّماء ، ويسمى الفاحر (٢) بالفاء والحاء المهملة ، قال صاحب الصحاح : الفحر ، الوثبة والقلق ، والأوّل كلامه في التذكرة (٣).

(ى) الطانش ، وهو الذي لا يعرف مكان وقوعه ، وهو محسوب من الخطأ.

(يا) العابر ، وهو المصيب الذي لا يعرف راميه ، فلا تحسب لواحد من الراميين للجهل به.

(يب) العاضد ، وهو الواقع من أحد الجانبين.

(يج) الحابض بالحاء المهملة والباء الموحدة بعد الالف والضاد المعجمة ، وهو

__________________

(١) التذكرة : ج ٢ في أحكام الرمي ، ص ٣٦٠ س ٤١ قال : فالأقوى ان يقال : ان نزل السهم بعد ارتفاعه إلخ.

(٢) التحرير : في السبق والرمي ص ٢٦١ س ١٨ قال : واما الطامح والفاحر فهو الذي يشخص عن كبد القوس ذاهبا الى السماء.

(٣) التذكرة : ج ٢ في أحكام الرمي ، ص ٣٦٠ س ٣٦ قال : أحدها ان الطامح هو الذي قارب الإصابة ولم يصب ويكون مخطئا ، والثاني انه الواقع بين الشن ورأس الهدف إلخ.

٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الواقع بين يدي الرامي ، وهو خلاف الدابر.

(يد) الرّاهق ، وهو الذي يتجاوز الهدف من غير اصابة.

(يه) المرتدع ، وهو الذي ينشدخ وينكسر إذا أصاب الغرض.

(يو) المعظعظ (١) ، وهو الذي يميل يمينا وشمالا.

إذا تقرّر هذا فنقول : هل يجب ذكر صفة الإصابة من خواسق ، أو موارق؟ قيل : لا ، للأصل ويحمل على الحاصل واختاره العلامة (٢) وقيل : نعم ، واختاره المصنف (٣).

وهل يشترط تعيين المبتدى من الرماة؟ قيل : نعم لاختلاف الأغراض في ذلك ، فإن أهملا بطل ، وقيل : لا للأصل ، ويبدأ بمن يخرجه القرعة.

وينبغي تعيين النوبة ، هل هي خمسة خمسة ، أو سهم سهم.

__________________

(١) المعظعظ من السهام الذي يضطرب ويلتوي إذا رمى به ، وعظعظ السهم عظعظة وعظعاظا التوى وارتعش ـ لسان العرب : ج ٧ ص ٤٤٧ لغة عظظ ـ

(٢) التذكرة : ج ٢ كتاب السبق والرماية ص ٣٦٢ س ١١ قال : مسألة ، ولا يشترط الاعلام بصفات الإصابة إلخ.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

٨٩
٩٠

كتاب الوصايا

٩١
٩٢

كتاب الوصايا

وهي تستدعي فصولاً

الأول : الوصية تمليك عين أو منفعة ، أو تسليط على تصرف بعد الوفاة. ويفتقر إلى الإيجاب والقبول. وتكفي الإشارة الدالة على القصد.

______________________________________________________

كتاب الوصايا

مقدمة

الوصايا جمع وصية ، واشتقاقها من وصى يصي ، إذا وصل.

قال الشاعر :

نصي الليل بالأيّام حتى صلاتنا

مقاسمة يشتقّ أنصافها السّفر

(١) معناه انه يصل تصرف الوصي بعد الموت بتصرفه ، ويقال : منه أوصى يوصي إيصاء ، ووصّى يوصّي توصية والاسم الوصية والوصاية.

والأصل فيه الكتاب والسنّة والإجماع.

أمّا الكتاب : فقوله تعالى «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ» (٢) وقال تعالى «يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ» (٣).

__________________

(١) القائل ذو الرمة ، يقول : رجع صلاتنا من أربعة إلى اثنين في أسفارنا ، لحال السفر ـ لسان العرب : ج ١٥ ص ٣٩٥ لغة وصى.

(٢) البقرة ـ ١٨٠.

(٣) النساء ـ ١١.

٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

فذكر الوصية فيها في أربعة مواضع :

(أ) (فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ) (١).

(ب) (فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ) (٢).

(ج) (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْتُمْ). (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ) (٣).

(د) (فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ) (٤).

وقرنت الميراث على الوصية ، فدل ذلك على ان الوصية لها حكم.

وأمّا السنّة : فكثير : منه ما روى عن ابن عمر انّ النبي صلّى الله عليه وآله قال : ما حق امرء مسلم له شي‌ء يوصى به ، يبيت ليلتين إلّا ووصيته تكون عنده (٥) وروى أبو هريرة عن عامر بن سعد عن أبيه انه مرض بمكة مرضة أشفى منها ، فعاده رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله ليس يرثني إلا البنت أفأوصى بثلثي مالي؟ فقال : لا ، قال : أفأوصى بنصف مالي؟ وفي بعضها ، بشطر مالي ، فقال : لا ، فقال : أفأوصي بثلث مالي؟ قال صلّى الله عليه وآله : بالثلث والثلث كثير ، وقال : انك ان تدع أولادك أغنياء خيرا من ان تدعهم عالة يتبلون الناس (٦) وروى أبو قتادة ان النبي صلّى الله عليه وآله لما قدم المدينة سأل عن البراء بن معرور فقيل يا رسول الله : إنه هلك وقد أوصى لك بثلث ماله ، فقبل رسول الله صلّى الله عليه

__________________

(١) النساء ـ ١١.

(٢) النساء ـ ١٢.

(٣) هكذا في جميع النسخ ، والصحيح «فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها» النساء ـ ١٢.

(٤) النساء ـ ١٢.

(٥) سنن ابن ماجه : ج ٢ كتاب الوصايا (٢) باب الحث على الوصية ، الحديث ٢٦٩٩ وسنن الترمذي : كتاب الوصايا (٣) باب ما جاء في الحث على الوصية الحديث ٢١١٨.

(٦) سنن الدارمي : باب الوصية بالثلث. وسنن الترمذي : كتاب الوصايا (١) باب ما جاء في الوصية بالثلث ، الحديث ٢١١٦ وسنن ابن ماجه : كتاب الوصايا (٥) باب الوصية بالثلث الحديث ٢٧٠٨.

٩٤

ولا تكفي الكتابة ما لم تنضم القرينة الدالّة على الإرادة. ولا يجب العمل بما يوجد بخط الميت ، وقيل : ان عمل الورثة ببعضها لزمهم العمل بجميعها ، وهو ضعيف ، ولا تصح الوصية بمعصيته كمساعدة الظالم. وكذا وصية المسلم للبيعة والكنيسة.

______________________________________________________

وآله ثمَّ رده على ورثته (١).

أمّا الإجماع : فمن عامة المسلمين لا يختلفون فيه.

قال طاب ثراه : ولا يجب العمل بما يوجد بخط الميت ، وقيل : ان عمل الورثة ببعضها لزمهم العمل بجميعها.

أقول : القائل الشيخ في النهاية (٢) ومنع ابن إدريس (٣) وقال : الذي يقتضي أصول مذهبنا : انهم إذا أقرّوا بشي‌ء منها وقالوا : ان هذا حسب صحيح أوصى به لزمهم ، دون ما عداه ، وعليه الأكثر ، قال العلامة : ولا منافاة بين الأمرين ، فإن قول الشيخ يحتمل العمل بما وجدوه بخطه ، لأنه أوصى بذلك ، مستندين الى هذا الخط ، عارفين بصحته ، وحينئذ يجب العمل بالجميع ، ولعل الشيخ عوّل على ما رواه الصدوق عن إبراهيم بن محمّد الهمداني قال : كتبت الى ابى الحسن عليه السّلام : رجل كتب كتابا بخطه ولم يقل لورثته هذه وصيتي ، ولم يقل انى قد أوصيت ، إلّا انه كتب كتابا فيه ما أراد أن يوصى به ، هل يجب على ورثته القيام بما في الكتاب بخطه ، ولم يأمرهم بذلك ، فكتب عليه السّلام : ان كان ولده ينفذون شيئا منه ،

__________________

(١) الإصابة للعسقلاني : ج ١ حرف الباء تحت رقم ٦٢٢.

(٢) النهاية : كتاب الوصايا ، ص ٦٢١ س ٢٠ قال : وإذا وجدت وصية بخط الميت الى أن قال : فان عملوا بشي‌ء منها لزمهم العمل بجميعها.

(٣) السرائر : كتاب الوصايا باب الإقرار في المرض ، ص ٣٩٢ س ٢٦ قال : والذي يقتضيه أصول مذهبنا الى أن قال : دون ما عداه ممّا في هذا المكتوب ، فإنه لا يلزمهم العمل بجميع ما في المكتوب الّا بما أقروا به دون ما عداه إلخ.

٩٥

الثاني : في الموصى : ويعتبر فيه كمال العقل والحرية. وفي وصية من بلغ عشرا في البرّ تردّد. (١) والمروي : الجواز.

______________________________________________________

وجب عليهم أن ينفذوا كل شي‌ء يجدون في كتاب أبيهم في وجه البر وغيره (١).

قال طاب ثراه : وفي وصية من بلغ عشرا في البرّ تردّد.

أقول : إذا أوصى الصبيّ الّذي لم يبلغ ، وكانت وصيته في المعروف ، فيه أقوال أربعة :

(أ) قال الشيخ في النهاية : إذا جمع ثلاث شرائط ، بلوغ العشر ، ووضعها في الأشياء مواضعها ، وكونها في المعروف ، وسوّغ مع ذلك هبته (٢) ووافقه المفيد في الشرائط ومنع في الهبة (٣) وكذا سلار وافقهما في الشرائط ومنع في الهبة والوقف (٤).

(ب) ظاهر التقى جواز وصيته مع بلوغ العشر مطلقا ، ومع نقصه منها في المعروف ، حيث قال : لا يمضى وصية من لم يبلغ عشر سنين ، والمحجور عليه الّا ما تعلّق بأبواب البرّ (٥).

(ج) قال أبو علي : إذا أوصى الغلام وله ثمان سنين والجارية ولها سبع سنين بما يوصي به البالغ الرشيد جاز (٦) فقد سوى بينهما وبين البالغ مع بلوغ الثمان للذكر

__________________

(١) الفقيه : ج ٤ ، باب الوصية بالكتب والإيماء ص ١٩٨ الحديث ٣.

(٢) النهاية : باب شرائط الوصية ، ص ٦١١ س ٩ قال : فان بلغ عشر سنين الى أن قال : كانت وصيته ماضية ، ثمَّ قال بعد أسطر وكذلك يجوز صدقة الغلام إذا بلغ عشر سنين وهبته.

(٣) المقنعة : باب وصية الصبي والمحجور عليه ، ص ١٠١ س ١٢ قال : وإذا بلغ الصبي عشر سنين جازت وصيته الى أن قال : وهبتهما باطلة.

(٤) المراسم : ذكر أحكام الوصية ، ص ٢٠٣ س ٧ قال : فمن بلغها «أي عشر سنين» جازت وصيته من البرّ والمعروف ولا تمضى هبته.

(٥) الكافي : فصل في الوصية ، ص ٣٦٤ س ١٤ قال : ولا يمضى من وصيته من لم يبلغ عشر سنين الّا ما تعلّق بأبواب البرّ.

(٦) المختلف : في الوصايا ، ص ٦٢ س ٤ قال : وقال ابن الجنيد : إذا اوصى الصبي وله ثمان سنين

٩٦

ولو جرح نفسه بما فيه هلاكها ثمَّ أوصى لم تقبل ، ولو اوصى ثمَّ جرح قبلت. وللموصى الرجوع في الوصية متى شاء.

______________________________________________________

والسبع للأنثى من غير تقييد بالبرّ وغيره.

احتجّ الشيخ بروايات متظافرة صحاح.

منها صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليه السّلام إذا بلغ الغلام عشر سنين جازت وصيته (١) وروى زرارة عن الباقر عليه السّلام قال : إذا اتى على الغلام عشر سنين فإنه يجوز وصيته في ماله ما أعتق وتصدق وأوصى على حدّ معروف وحق فهو جائز (٢).

وممّا يصح أن يتمسك به التقى عموم صحيحة عبد الرحمن المتقدمة. ولعلّ تمسّك أبي على برواية أبي بصير عن ابي عبد الله عليه السّلام : إذا بلغ الغلام عشر سنين وأوصى بثلث ماله في حق جازت وصيته ، وإذا كان ابن سبع سنين فأوصى من ماله بشي‌ء في حق جازت وصيته (٣).

(د) الذي عليه المصنف (٤) والعلامة المنع (٥) وهو مذهب ابن إدريس (٦) وهو أحوط ، لأنّ المناط في تنفيذ التصرف انما هو البلوغ.

قال طاب ثراه : ولو جرح نفسه بما فيه هلاكها ثمَّ اوصى لم تقبل ، ولو اوصى ثمَّ جرح قبلت.

__________________

والجارية ولها سبع سنين إلخ.

(١) الفروع : ج ٧ ، باب وصية الغلام والجارية التي لم تدرك ، ص ٢٨ الحديث ٣.

(٢) الفروع : ج ٧ ، باب وصية الغلام والجارية التي لم تدرك ، ص ٢٨ الحديث ١.

(٣) الفروع : ج ٧ ، باب وصية الغلام والجارية التي لم تدرك ، ص ٢٩ الحديث ٤.

(٤) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٥) المختلف : في الوصايا ، ص ٦٢ س ٢١ قال بعد نقل الأقوال والروايات : لكن الأحوط عدم إنفاذ وصيته مطلقا حتى يبلغ إلخ.

(٦) السرائر : باب شرائط الوصية ، ص ٣٨٨ س ٢٣ قال : الذي يقتضيه أصول مذهبنا ان وصية غير

٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : هذا هو المشهور بين الأصحاب : ذكره الشيخان (١) والقاضي (٢) والتقى (٣) وهو في رواية أبي ولّاد عن الصادق عليه السّلام : وان كان أوصى بوصية بعد ما أحدث في نفسه من جراحة أو فعل لعلّه يموت لم تجز وصيته (٤) وفي الدعائم : وعنه (يعنى الصادق عليه السّلام) أنه سئل عن وصية قاتل نفسه؟ قال : إذا أوصى بعد أن أحدث الحدث في نفسه ومات منه لم تجز وصيته (٥).

وقال ابن إدريس : يصح وصيته إذا كان عقله ثابتا ، واحتج بأنه عاقل رشيد فتنفذ وصيته كغيره ، ولعموم النهى عن تبديل الوصية (٦) قال العلامة : وقول ابن إدريس لا بأس به (٧) وهو نادر فاذن العمل على الأوّل أرجح ، لوجوه :

(أ) أنّه صار بهذا الحديث سفيها ، فلا ينفذ تصرّفه.

(ب) أنّه أشهر بين الأصحاب ، فيكون أرجح.

__________________

المكلف البالغ غير صحيحة ولا ممضاة.

(١) المقنعة : ص ١٠٢ س ٦ باب وصية القاتل لنفسه قال : ومن أحدث في نفسه حدث القتل الى ان قال : كانت وصيته مردودة ، وفي النهاية ، باب الوصية وما يصح منها وما لا يصح ص ٦١٠ س ٣ قال : فان جرح نفسه بما فيه هلاكها ثمَّ وصى كانت وصيته مردودة.

(٢) المهذب : ج ٢ ، كتاب الوصايا ، ص ١٠٧ س ٦ قال : وإذا جرح إنسان نفسه بما يكون منه هلاكه الى ان قال : كانت وصيته باطلة.

(٣) الكافي : فصل في الوصية ، ص ٣٦٤ س ١٩ قال : ولا تمضى وصية من جرح نفسه أو فعل بها ما تلف إلخ.

(٤) الفروع : ج ٧ باب من لا تجوز وصيته من البالغين ، ص ٤٥ الحديث ١.

(٥) دعائم الإسلام : ج ٢ ذكر ما يجوز من الوصايا وما لا يجوز منها ، ص ٣٦٣ الحديث ١٣٢٣.

(٦) السرائر : باب الوصية ص ٣٨٦ س ١٢ قال : وإذا أوصى بوصية ثمَّ قتل نفسه كانت وصيته ماضية الى أن قال : والذي يقتضيه أصولنا وتشهد بصحته أدلّتنا ان وصيته ماضية صحيحة إذا كان عقله باقيا إلخ.

(٧) المختلف : في الوصايا ، ص ٥٧ س ٢٥ قال : وقول ابن إدريس لا بأس به.

٩٨

الثالث : في الموصى له : ويشترط وجوده ، فلا تصح لمعدوم ، ولا لمن ظن بقاؤه وقت الوصية فبان ميتا. وتصح الوصية للوارث ، كما تصح للأجنبي ، وللحمل بشرط وقوعه حيّا.

وللذمي ولو كان أجنبيا ، وفيه أقوال ، ولا تصح للحربي ، ولا لمملوك غير الموصي ولو كان مدبرا أو أم ولد.

______________________________________________________

(ج) ان قول ابن إدريس اجتهاد في مقابلة النص فيكون مردودا.

(د) أنه قاتل نفسه ، فلا يتصرّف في ماله ، كالوارث لو قتله منع منه.

قال العلامة في القواعد : لأنه في حكم الميت ، فلا يتصرف في مال غيره (١) وفيه نظر ، لأنّ علاقة الإنسان لا ينقطع عن ماله بعد الموت ، فكيف إذا كان حيا ، وان كان في حكم الميت ، وذلك في وجوه :

(أ) وجوب قضاء ديونه منه.

(ب) وجوب مئونته مقدّما على الديون كما تقدم نفقة يومه في الحجر عند القسمة.

(ج) عدم انتقالها الى الوارث وبقاؤها على حكم ماله إذا كانت الديون محيطة بها ، فلو نمت كان النماء للميت يقضى منه الديون على مذهب المصنف.

(د) لو حفر بئرا عدوانا حال حياته ، فوقع فيها إنسان بعد موته تعلق الضمان بالمال.

(ه) لو نصب شبكة قبل موته فوقع فيها صيد بعد موته دخل في ملكه ابتداء ، ثمَّ منه الى الورثة ، فإن كان عليه ديون قضيت منه ويتسع التركة للوصايا.

قال طاب ثراه : وللذمي ولو كان أجنبيا ، وفيه أقوال ، ولا تصح للحربي.

__________________

(١) القواعد : في الوصايا ، المطلب الثاني في الموصى ص ٢٩٢ س ١٢ قال : ولو جرح الموصي نفسه بما فيه هلاكها ثمَّ أوصى لم يقبل إلخ. وليس في القواعد جملة «لأنه في حكم الميت» نعم تلك الجملة مذكورة في إيضاح الفوائد : لا حظ ج ٢ ص ٤٧٩ س ١٥ فتأمل.

٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : الكافر إمّا حربيّ ، أو ذمي ، فالحربي لا يصح الوصية له على المشهور بين الأصحاب ، لأنها مودّة وصله ، ولا يحل للحربي لقوله تعالى «إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ» الآية (١) وظاهر المبسوط يقتضي الجواز إذا كان رحما (٢) وكذا إطلاق المفيد (٣) وتلميذه (٤) وكذا التقى (٥) فإنهم لم يفصّلوا ، بل أجازوا الوصية للكافر إذا كان رحما وأطلقوا ، وهو يتناول الحربي والذمي. وصرح في الخلاف بالمنع (٦).

وأمّا الذمي فهل تصح الوصية له؟ فيه ثلاثة أقوال :

(أ) لا تصح الوصية له مطلقا ، لتحريم مودة الكافر ، وهو قول القاضي (٧).

(ب) يصح مطلقا رحما كان أو غيره ، وهو قول ابن إدريس (٨).

(ج) تصح الوصية إذا كان رحما ، ولا يصح لو كان أجنبيا ، حكاه في الخلاف

__________________

(١) الممتحنة : ٨.

(٢) المبسوط : ج ٤ ، كتاب الوصايا ص ٤ س ٦ قال : فمن لا تصح له الوصية عندنا الكافر الذي لا رحم له من الميت.

(٣) المقنعة : باب الوصية لأهل الضلال ص ١٠١ س ٣٧ قال : فان تصدق بماله على كافر وكان من ذوي أرحامه مضت صدقته.

(٤) المراسم : ذكر أحكام الوصية ص ٢٠٣ س ١٥ قال : فالضال قد روي جواز الوصية له ، وروي خلافه ، وهو أثبت.

(٥) الكافي : في الوصية ص ٣٦٤ س ١٥ قال : وإذا أوصى لكافر الى أن قال : وان كان ذا رحم مضت إذا كان تبرّعا إلخ.

(٦) الخلاف : كتاب الوصايا ، مسألة ٢٦ قال : وأمّا الحربي فلا تصح الوصية له.

(٧) المهذب : ج ٢ ، كتاب الوصايا ص ١٠٦ س ١٤ قال : والصحيح انه لا يوصي لكافر.

(٨) السرائر : في الوصايا ص ٣٨٦ س ١٠ قال : وكذلك من لا بينه وبينه قرابة من الكفار على ما قدّمناه.

١٠٠