المهذّب البارع - ج ٣

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

الثالثة : هل للحرة أن تفسخ عقد نفسها إذا دخلت الأمة عليها؟ قال الشيخان : نعم (١) ، وهو اختيار القاضي (٢) وسلار (٣) وابن حمزة (٤) ومنعه المصنف (٥) والعلامة (٦) لوقوعه صحيحا واختصاص الثاني بالنّهي ، فتختص بالحكم ، والاستدلال هنا كما في العمة وبنت الأخ ، ولابن إدريس مثل القولين.

الرابعة : لو اقترن العقد عليهما ولم يعلم الحرّة ولم يأذن ، تخيّرت في فسخ عقد الأمة ، وإمضائه ، ولها فسخ عقد نفسها هنا ، لكون العقد واحدا ، وقد وقع متزلزلا ، ولا أولوية ، وقال الشيخ : يمضى عقد الحرّة ، ويبطل عقد الأمة (٧) وكذا قال ابن إدريس (٨) وهو مذهب المصنف (٩) ولعل مرادهم ما ذكرناه أي وقوعه متزلزلا قابلا للفسخ ، لأنّ عقد الحرّة لمّا كان مبدأ للإمضاء والفسخ ، حكم بمضيّ عقدها وفساد

__________________

(١) المقنعة : باب العقود على الإماء ص ٧٨ س ١ قال : وإن شاءت أن تفارقه اعتزله ففارقته بذلك إلخ وفي النهاية : باب ما أحلّ الله تعالى من النكاح ص ٤٥٩ س ١٢ قال : وإن أبت واعتزلت كان ذلك فراقا إلخ.

(٢) المهذب : ج ٢ كتاب النكاح ص ١٨٨ س ٢٠ قال : وان لم ترض بذلك كان لها اعتزال الزوج.

(٣) المراسم : ذكر شرائط الأنكحة ص ١٥٠ س ٧ قال : فان فعل ، فالحرة مخيرة إلى قوله : وبين ان تعتزله.

(٤) الوسيلة : فصل في بيان من يجوز العقد عليه ص ٢٩٤ س ٤ قال : وان لم تعلم الى قوله : وفسخ عقد نفسها.

(٥) لا حظ عبارة النافع.

(٦) المختلف : كتاب النكاح ص ٨١ قال : المسألة الثالثة هل للحرة أن نفسخ عقد نفسها إلخ.

(٧) النهاية : باب ما أحلّ الله تعالى من النكاح ص ٤٥٩ س ١٤ قال : فان عقد في حالة واحدة كان العقد على الحرة ماضيا.

(٨) السرائر : كتاب النكاح ص ٢٩٢ س ١٨ قال : فان عقد في حالة واحدة كان العقد على الحرة ماضيا.

(٩) لاحظ عبارة النافع.

٢٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

عقد الأمة على التفسير المذكور.

وفي صحيحة أبي عبيدة عن الباقر عليه السّلام في رجل تزوّج حرّة وأمتين مملوكتين في عقد واحد ، قال : أمّا الحرّة فنكاحها جائز ، وإن كان سمّى لها مهرا فهو لها ، وأمّا المملوكتان فانّ نكاحهما في عقد مع الحرّة باطل يفرق بينه وبينهما (١) ويحمل على الفسخ من الحرة لعقدهما.

الخامسة : لو كان عنده أمة بالعقد وعقد على الحرّة ، قال الشيخ : يتخيّر الحرة بين الصبر والاعتزال (٢) وبه قال القاضي (٣) وابن زهرة (٤) واختاره المصنف (٥) والعلامة (٦) وأجاز لها في التبيان فسخ عقد الأمة (٧) ومنعه ابن إدريس (٨) للحكم بصحة عقد الأمة ، بل لها الخيار في نفسها.

* * *

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٣٠) باب العقود على الإماء ص ٣٤٥ الحديث ٤٥.

(٢) النهاية : باب ما أحل الله تعالى من النكاح ص ٤٥٩ س ١٥ قال : فان عقد على حرة وعنده أمة الى قوله : كان مخيّرة.

(٣) المهذب : ج ٢ كتاب النكاح ص ١٨٨ س ٢٣ قال : وان عقد على حرة وعنده امة الى قوله : كانت مخيّرة إلخ.

(٤)

(٥) لاحظ عبارة النافع.

(٦) القواعد : المقصد الثاني في التحريم غير المؤبّد ص ١٧ قال : الثامنة لو عقد على الأمة الى أن قال : ولو تزوّج الحرّة على الأمة إلخ.

(٧) المختلف : كتاب النكاح ص ٨١ قال : المسألة السادسة لو عقد على الحرة وعنده زوجة هي امة الى أن قال : عدا التبيان ، فإنه جعل للحرة الخيار أيضا في فسخ عقد الأمة.

(٨) السرائر : كتاب النكاح ص ٢٩٢ س ١٤ قال : ليس لها أن تفسخ نكاح الأمة إذا كان عقد الأمة متقدّما على عقدها إلخ.

٢٨٢

الخامسة : لا يحل العقد على ذات البعل ولا تحرم به ، نعم لو زنى بها حرمت ، وكذا في الرجعية خاصة.

السادسة : من تزوّج امرأة في عدتها جاهلا ، فالعقد فاسد ، ولو دخل حرمت أبدا ولحق به الولد ، ولها المهر بوطء الشبهة ، وتتم للأوّل وتستأنف أخرى للثاني ، وقيل : تجزى عدة واحدة ولو كان عالما حرمت بالعقد.

______________________________________________________

توضيح

يتصوّر اقتران العقدان والجمع بينهما في عقد ، في صور :

(أ) أن يزوّجه وكيلاه في وقت واحد ولم يعلم الحرّة بالعقد الآخر ، لكونهما في مكانين.

(ب) أن يجمعهما مكان وتكون جاهلة بكون المسمى لتزويج الأمة زوجها ، أو بكون الزوجة أمة.

(ج) أن يجمعهما مجلس واحد ، ويقول الزوج ، زوّجت سعدى على ألف ورشيدة على مائة ، فلسعدى الحرة أن تقول : زوّجتك وفسخت نكاح رشيدة.

(د) أن يقول : تزوّجتكما على ألف ، فتقول الحرة ، زوّجتك نفسي وأبطلت نكاح الأمة أما لو قال : تزوّجت رشيدة وسعدى بألف ، فقالتا : زوّجناك ، ثمَّ قال سعدى ، يعنى الحرّة : فسخت ، لم يصحّ ، ولزمها العقد ، وكذا لو قال : تزوّجت رشيدة وسعدى ، لم يكن لسعدى أن تقول : زوّجتك وفسخت نكاح الأمة إلّا على مذهب التبيان.

قال طاب ثراه : من تزوج امرأة في عدّتها جاهلا ، فالعقد فاسد ، ولو دخل حرمت أبدا ولحق به الولد ، ولها المهر بوطء الشبهة ، وتتم العدة للأوّل وتستأنف أخرى للثاني ، وقيل : تجزى عدة واحدة ، ولو كان عالما حرمت بالعقد.

أقول : إذا تزوّج الإنسان معتدّة لا يخلو إمّا أن يكون عالما بالعدّة والتحريم ، أو

٢٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

جاهلا بأحدهما ، فهنا قسمان :

الأوّل : أن يكون عالما ، وفيه مسائل :

(أ) يحرم عليه مؤبّدا بمجرّد العقد.

(ب) يجب عليه التكفير بخمسة أصواع من دقيق على أحوط القولين.

(ج) لا يقطع عدة الأوّل وإن دخل ، لعدم الاعتبار في نظر الشارع.

(د) للزوج الرجوع ، لكن لا يحلّ له الوطء في الطهر الذي وطأ فيه العاقد حتى تحيض ، لجواز حملها من الوطي ، والولد للزوج في الظاهر ، فيكون قد ألحق بنسبة من ليس منه ، وهو غير جائز.

(ه) لو راجع وقد حملت من الثاني ، جاز ، ويحل له الوطء في زمان الحمل.

(و) لو لم يراجع وجب احتساب العدّة للأوّل من حين الطلاق ، ولا تنقطع بالحمل ، فإن كان قد مضى قبل الحمل قرء ، فلا بدّ من قرئين آخرين ، فإن رأت الدّم وقلنا أنه حيض أكملت العدّة بقرءين ، وإن لم يرى الدّم ، أو رأته وقلنا لا يجامع الحمل صبرت حتى تضع ، ولا تنقضي عدتها إلّا بالأقراء ، لأنها من أهلها وانقطاعها لعارض معلوم تتوقع زواله ، ولو رأت قبل الوضع قرئين ، ثمَّ وضعت ورأت الدّم عقيبه ، بانت به وإلّا أكملت بقرء آخر وإن تأخّر لمكان الرضاع.

(ز) لو طلّقها الزوج بعد المراجعة والحمل ، صحّ طلاقها وان رأت وقلنا باجتماعه ، لأنّ المقصود من الاستبراء علم براءة الرحم من المطلّق وهو هنا حاصل.

فتحصّل هنا مخالفة القواعد الغالبة في أمور :

(أ) امرأة معتدّة وهي حامل ، ولم تنقض عدّتها بوضع حملها.

(ب) مشاركة النفاس الحيض في تعريفه بإحدى خاصيتيه ، أعنى قولهم : الحيض هو الذي له تعلّق بانقضاء العدّة.

(ج) جواز الطلاق من غير استبراء لمرأة ليست حاملا من مطلّقها ولا يائسة ولا صغيرة

٢٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

فرع

لو عقد جاهلا في العدّة ، ووطئ بعد خروجها لم يحرم ، لأنّ الحكم في الجاهل متعلق بالوطء لا العقد ، وقد حصل بعد العدّة ، وحينئذ لا فرق بين أن يتجدّد له العلم بعد العدّة أو قبلها إذا كان الوطء بعد العدّة.

القسم الثاني : أن يكون جاهلا ، وفيه مسائل :

(أ) لا تحرم عليه بمجرّد العقد.

(ب) تحرم مع الدخول مؤبّدا.

(ج) تنقطع عدة الأوّل بوطئه ، فإن حملت اعتدت له بوضعه وأكملت بعده عدة الأوّل بما بقي منها ، وإن لم تحمل أتمّت عدّة الأوّل بعد مفارقة الثاني ثمَّ استأنفت للثاني عدّة اخرى ، ولا تتداخل العدّتان ، لأنهما حكمان واجبان وتداخلهما على خلاف الأصل ، وهو مذهب الشيخ في النهاية (١) وابن إدريس (٢) واختاره المصنف (٣) والعلامة (٤).

وقال الصدوق وأبو علي : تجزي واحدة عنهما (٥) (٦).

__________________

(١) النهاية : باب ما أحلّ الله تعالى من النكاح وما حرم منه ص ٤٥٤ س ٢ قال : وكان عليها عدّتان إلخ.

(٢) السرائر : كتاب النكاح ص ٢٨٩ س ٢١ قال : وكان عليها عدّتان ، تمام العدّة الأولى من الزوج الأول إلخ.

(٣) لاحظ عبارة النافع.

(٤) القواعد : كتاب النكاح ص ١٥ قال : الثانية لو تزوّج امرأة في عدّتها الى أن قال : وتعتد منه بعد إكمال الأولى إلخ.

(٥) المقنع : باب الطلاق ص ١٢٠ س ١ قال : فان نعن الى امرأة زوجها الى أن قال : فإنها تعتد عدّة واحدة ثلاثة قروء.

(٦) المختلف : كتاب الطلاق ص ٦٨ س ٣٠ قال : وقال ابن الجنيد : إذا نعي إلى المرأة زوجها ، أو أخبرت بطلاقه فاعتدّت ثمَّ تزوّجت إلخ.

٢٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

لرواية زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام في امرأة فقدت زوجها ، أو نعي إليها ، فتزوّجت ثمَّ قدم زوجها بعد ذلك فطلقها ، قال : تعتدّ منهما جميعا ثلاثة أشهر عدّة واحدة ، وليس للآخر أن يتزوّجها أبدا (١) وفي طريقها ابن بكير ، لكن أجمعوا على تصحيح ما صحّ عنه.

فقد استفيد من هذه الرواية ثلاثة أحكام :

(أ) الاكتفاء بالعدّة الواحدة.

(ب) إلحاق ذات البعل بالمعتدّة.

(ج) حكم وطء الشبهة بالنسبة إلى ذات البعل كالزنا بها في اقتضاء التحريم المؤبّد وحملها الشيخ على عدم الدخول (٢).

(د) لو أراد الزوج مراجعتها بعد وضع الحمل جاز ، لا قبله ، لكونها في عدّة غيره ، ويحتمل الجواز ، ويمنع من وطئها ، ولا منافاة كما لو وطئت الزوجة لشبهة.

وهل يجب لها الإنفاق عليه من حين الرجوع؟ يحتمل عدمه قويّا ، فأنّ شرطها التمكين وهو مفقود هنا ، ويحتمل وجوبه لأنّ المنع شرعي فأشبه الحيض والمرض.

(ه) هل يباح له منها الاستمتاع بما عدا الجماع؟ يحتمله لكونها زوجة ، ويحتمل عدمه لقوله تعالى «وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» (٣).

أمّا تحريم الجماع فلا فرق فيه بين القبل والدبر.

(و) لا قسمة لهذه على الزوج مع رجوعه في زمان الحمل على القول به إن حرمنا ما عدا الجماع.

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٢٦) باب من يحرم نكاحهن بالأسباب دون الأنساب ص ٣٠٨ الحديث ٣٧.

(٢) التهذيب : ج ٧ (٢٦) باب من يحرم نكاحهن بالأسباب دون الأنساب ص ٣٠٨ قال بعد نقل حديث ٣٧ و ٣٨ ما لفظه (ليس في هذه الاخبار انه كان قد دخل بها الى أن قال : فاما إذا لم يدخل بها فيجزيها عدّة واحدة).

(٣) الطلاق : ٤.

٢٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

(ز) إذا حملت من الثاني سقطت نفقتها عن الأول على أقوى الاحتمالين ، لفقدان التمكين ، وكذا لو لم يحمل ، في مدة العدّة.

(ح) لو ظاهر منها الزوج ، أو آلى في زمان الحمل ، صحّ لكونها زوجة ، لكن لا يحسب عليه مدّة العدّة ، ويحرم عليه العقد على الخامسة والأخت.

(ط) لو زنى كل من الزوج والزوجة في زمان الحمل ، لم يرجم.

(ى) لا يجوز له العقد على الأمة إلّا بإذنها ، وكذا لا يعقد على بنت أختها أو أخيها إلّا مع الإذن.

(يا) لو قلنا بجواز الرجوع في زمان الحمل ووجوب الإنفاق ، وقلنا بالنفقة ، وجب لها نفقتان.

(يب) لو قذفها كان له إسقاطه باللعان.

(يج) يتوقف فعل العبادات المندوبة على إذنه وان لم يرجع كالحج والصوم المندوبين ، وكذا النذر واليمين.

تذنيب

ولا فرق في العدة بين البائن والرجعي وعدة الوفاة.

فرع

لو وطأها الزوج في العدّة البائنة لشبهة ، هل تحرم عليه مؤبّدا؟ فيه احتمالان ، لا لحرمته ، وكذا لو زنى بها ، ويحتمل تحريمها مؤبّدا ، ولعلّه الأقرب ، لعموم النص.

تنبيه

المراد بالعقد الموجب للتحريم المؤبّد في المعتدّة والمحرمة ، انما هو العقد الصحيح

٢٨٧

ولو تزوج محرما عالما حرمت وإن لم يدخل ، ولو كان جاهلا فسد ولم تحرم ولو دخل.

السابعة : من لاط بغلام فأوقبه حرمت عليه أمّ الغلام وبنته وأخته.

______________________________________________________

الذي لو لا هذا المانع لترتّب عليه أثره ، أمّا الفاسد فلا يتعلّق به حكما إذا كان العاقد عالما بفساده ، ولو لم يعلم فساده كمن اعتقد نكاح الشغار فكالصحيح في التحريم.

قال طاب ثراه : ولو تزوّج محرما عالما حرمت وإن لم يدخل ، ولو كان جاهلا فسد ولم تحرم ولو دخل.

أقول : حاصل الشيخ في النهاية ، وهو المشهور ، أنّ المحرم إذا عقد ، فإن كان عالما حرم بمجرّد العقد وإن لم يدخل ، وإن كان جاهلا لم يحرم ولو دخل ، بل يفسد ذلك العقد وله تجديده (١) وبه قال ابن حمزة (٢) وهو ظاهر المفيد (٣).

وقال في الخلاف : يحرم مع الجهل بالدخول ، كالمعتدة (٤) والأوّل أكثر.

واعلم أنّ المؤبّدات في التحريم بالعارض ، عقوبة للمكلّف ، عشرة :

(أ) من دخل بمعتدّة رجعية مطلقا ، أو عقد عليها عالما.

(ب) من تزوّج محرما عالما.

(ج) من زنى بذات بعل ويريد به الزنا في نفس الأمر وان لم يكن في ظن الواطى زنا ، فلو وطئها لشبهة أو جاهلا بالتحريم ، ثبت الحكم ، فالمناط الوطء ،

__________________

(١) النهاية : باب ما أحلّ الله تعالى من النكاح وما حرم منه ص ٤٥٣ س ١١ قال : وإذا عقد المحرم على امرأة إلخ.

(٢) الوسيلة : فصل في بيان من يجوز العقد عليه ص ٢٩٢ س ١١ قال : أو في حال الإحرام من الرجل وهو عالم بتحريمه دخل بها أو لم يدخل الى أن قال : المعقود عليها في حال الإحرام جاهلا بالتحريم إلخ.

(٣) المقنعة : باب من يحرم نكاحهن ص ٧٧ س ٢ قال : ومن عقد على امرأة وهو محرم مع العلم بالنهي إلخ ولم يتعرض لصورة الجهل ولا للدخول وعدمه فلا حظ.

(٤) الخلاف : كتاب النكاح ، مسألة ٩٩ قال : إذا تزوّجها في حال إحرامها جاهلا فدخل بها لم تحل له أبدا.

٢٨٨

السبب الرابع ، في استبقاء العدد :

وإذا استكمل الحرّ أربعا بالغبطة ، حرم عليه ما زاد ، ويحرم عليه من الإماء ما زاد على اثنين ، وإذا استكمل العبد حرّتين ، أو أربعا من الإماء غبطة حرم عليه ما زاد ، ولكل منهما أن يضيف إلى ذلك بالعقد المنقطع وبملك اليمين ما شاء. وإذا طلّق واحدة من الأربع حرم عليه ما زاد غبطة حتى يخرج من العدّة ، أو تكون المطلقة بائنة ، وكذا لو طلق امرأة وأراد

______________________________________________________

وتردّد في التحرير في في وطء ذات البعل بالشبهة (١) ويعضد ما اخترناه رواية زرارة وقد تقدمت ونبّهنا عليه فيما سلف (٢).

(د) من فجر بعمّته أو خالته حرمت عليه بنتاهما أبدا.

(ه) الملاعنة لقوله عليه السّلام : المتلاعنان لا يجتمعان أبدا (٣).

(و) المطلّقة تسعا للعدّة ينكحها رجلان.

(ز) المفضاة قبل بلوغها تسعا تحرم مؤبّدا على المفضي إذا كان زوجا ، وقيل :

مطلقا.

(ح) من أوقب غلاما ذكرا حرمت عليه أمّه وإن علت.

(ط) وكذلك بنته وإن نزلت.

(ى) أخته خاصة دون بناتها ، وتتعلّق الحكم بإدخال بعض الحشفة وان لم

__________________

(١) التحرير : كتاب النكاح ، الفصل الثالث في باقي الأسباب ص ١٤ (ج) قال : ولو زنى بذات بعل لشبهة فالوجه التحريم.

(٢) التهذيب : ج ٧ (٢٦) باب من يحرم نكاحهن بالأسباب دون الأنساب ص ٣٠٨ الحديث ٣٧.

(٣) كنز العمال للمتقي : ج ١٥ ، الحديث ٤٠٦٠٥ ولفظه (عن ابن مسعود قال : لا يجتمع المتلاعنان ابدا) وحديث ٤٠٦١٠ عن علي عليه السّلام قال : (مضت السنة في المتلاعنين أن لا يجتمعا أبدا) وفي كنوز الحقائق للمناوى في هامش جامع الصغير : ج ٢ ص ١٢٥ حرف الميم نقلا عن الديلمي ، كما في المتن.

٢٨٩

نكاح أختها ولو تزوّجهما في عقد بطل ، وقيل : يتخير ، والرواية مقطوعة ولو كان معه ثلاث فتزوّج اثنتين في عقد ، فإن سبق بإحداهما صح دون اللاحقة ، وإن قرن بينهما بطل فيهما ، وقيل : يتخيّر أيّتهما شاء ، وفي رواية جميل : لو تزوّج خمسا في عقد واحد يتخيّر أربعا ويخلّي باقيهنّ ، وإذا استكملت الحرة طلقات ثلاثا حرمت حتى تنكح زوجا غيره ولو كانت تحت عبد ، وإذا استكملت الأمة طلقتين حرمت حتى تنكح زوجا غيره ، ولو كانت تحت حرّ ، والمطلقة تسعا للعدّة تحرم على المطلق أبدا.

______________________________________________________

يجب الغسل ، ولا تحرم هذه الثلاثة من الواطئ على الموطوء.

قال طاب ثراه : ولو تزوجهما (يعنى الأختين) في عقد بطل ، وقيل : يتخيّر ، والرواية مقطوعة.

أقول : البحث هنا في مواضع :

(الأوّل) يحرم الجمع بين الأختين ، وبين الخمس ، وبين الاثنين لصاحب الثلاث وبالعكس بالإجماع ، فإن فعل قال الشيخ في النهاية : يتخيّر أيّ الأختين شاء وكذا في الزائد على الأربع (١) وبه قال القاضي (٢) وابن الجنيد (٣) واختاره العلامة في المختلف (٤).

__________________

(١) النهاية : باب ما أحل الله تعالى من النكاح وما حرّم منه ص ٤٥٤ س ١١ قال : ولا يجوز له ان يجمع بين الأختين الى ان قال : فان عقد عليهما في حاله واحدة كان مخيرا بين أن يمسك أيّتهما شاء إلخ.

(٢) المهذب : باب في ذكر من يحرم نكاحه من النساء ص ١٨٤ س ١٢ قال : فان تزوّج بهما بلفظ واحد كان مخيّرا إلخ.

(٣) (٤) المختلف : كتاب النكاح ص ٧٨ س ٤ قال : فان فعل دفعة قال الشيخ في النهاية الى أن قال : وهو قول بن الجنيد ثمَّ قال بعد نقل قول ابن إدريس بالبطلان : والمعتمد الأوّل.

٢٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال ابن إدريس : يبطل العقد (١) وبه قال ابن حمزة (٢) والمصنف (٣) والعلماء في الإرشاد (٤).

احتج الأوّلون بوجهين :

(أ) حسنة جميل بن دراج عن الصادق عليه السّلام في رجل تزوّج خمسا في عقدة؟ قال : يخلّى سبيل أيّتهنّ شاء ويمسك الأربع (٥).

وروى جميل أيضا عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السّلام في رجل تزوّج أختين في عقدة واحدة قال : هو بالخيار أن يمسك أيّتهما شاء ويخلّي سبيل الأخرى (٦).

(ب) أنّ المقتضي للإباحة ثابت ، والمانع لا يصلح للمعارضة ، فيجب ثبوت الحكم ، أمّا المقتضي فهو العقد ، إذا العقد عليهما عقد على كل واحدة منهما ، وأمّا المانع فليس الّا لانضمام عقد الأخرى اليه ، وهو لا يقتضي تحريم المباح كما لو جمع بين محرّمة ومحلّلة عينا في عقد واحد كذات البعل والخالية منه ، وكما لو جمع بين المحرم والمحلّل في البيع ، ولا فرق إلّا الإطلاق والتعيين ، إذ في التعيين تحريم واحدة معينة فتبطل العقد عليهما ، وفي الإطلاق تحلّ واحدة مطلقة وتحرم اخرى مطلقة وقد

__________________

(١) السرائر : كتاب النكاح ص ٢٨٩ س ٣٣ قال : والذي يقتضيه أصول المذهب ان العقد باطل يحتاج أن يستأنف.

(٢) الوسيلة : فصل في بيان من يجوز العقد عليه ص ٢٩٣ س ٤ قال : والثاني (أي من يحرم نكاحه) عشر نسوة الى أن قال : وان عقد عليهما عقد مقارنة لم يصح إلخ.

(٣) لاحظ عبارة النافع.

(٤) الإرشاد : المطلب الثاني في أسباب التحريم قال : فان تزوّج الأختين صحّ السابق فان اقترنا بطل (مخطوط).

(٥) الكافي : ج ٥ باب الذي عنده أربع نسوة ص ٤٣٠ الحديث ٥.

(٦) الكافي : ج ٥ باب الجمع بين الأختين من الحرائر والإماء ص ٤٣١ الحديث ٣.

٢٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

عقد عليهما معا ، فيدخلان في العقد ، إذ لا وجود له الا في جريانه.

احتج الآخرون : بأنه عقد منهي عنه ، ولأنّ اختصاص إحدى الأختين بصحة عقدها دون الأخرى ترجيح من غير مرجّح.

والجواب : الفرق بين المحلّلة والمحرّمة ، وبين صورة النزاع ، فان في المحلّلة عينا والمحرّمة عينا ضمّ المحرمة في العقد لاغ لا عبرة به ، وفي صورة النزاع له صلاحية الوقوع على كلّ واحدة ، فان لم يؤثر حالة وقوعه بواحدة كان باطلا ، وإن أثّر في كلّ واحدة لزم وقوعه بهما ، وهو باطل بالإجماع ، وصرفه إلى أحدهما دون الأخرى ترجيح بلا مرجّح.

(الثاني) المناط في التقارن والترتب بالعقد ، لا بالخطبة في المشهور ، وقال أبو على : فان فعل ذلك في العقد على خمس صحّ العقد على أربع وبطل عن واحدة ، وكذلك في الأختين فيبطل العقد على المذكورة أخرهن إما في الخطبة أو إجابة الولي (١) وهو نادر.

(الثالث) لو ترتب العقد صحّ عقد الأولى وبطل الثانية ، فلو وطء الثانية فرق بينهما ، قال في النهاية : ولا يرجع الى الأولى حتى يخرج عدة الثانية (٢) وبه قال القاضي (٣) وابن حمزة (٤) وقال ابن إدريس : لا يمنع من وطأ امرأته الأولى (٥) وهو

__________________

(١) المختلف : كتاب النكاح ص ٧٨ س ١٤ قال : وقال ابن الجنيد : الى ان قال : ويبطل العقد على المذكورة آخرهن إمّا في الخطبة أو في إجابة الوليّ إلخ.

(٢) النهاية : باب ما أحلّ الله تعالى من النكاح ، ص ٤٥٤ ، س ١٥ قال : فإن وطأ الثانية فرّق بينهما ولم يرجع الى الأولى إلخ.

(٣) المهذب : ج ٢ باب في ذكر من يحرم نكاحه من النساء ص ١٨٤ س ١٤ قال : فإن وطأ الثانية فرّق بينهما وحرم عليه الرجوع الى الأولى حتى تخرج التي وطئها من عدّتها منه.

(٤) الوسيلة : فصل في بيان من يجوز العقد عليه ص ٢٩٣ س ٩ قال : فان دخل بالثانية فرّق بينهما إلخ.

(٥) السرائر : كتاب النكاح ص ٢٨٩ س ٣٦ قال : والذي يقتضيه أصول المذهب انه لا يمتنع من وطى امرأته الأولى إلخ.

٢٩٢

السبب الخامس ، اللعان : ويثبت به التحريم المؤبّد ، وكذا قذف الزوج امرأته الصّماء أو الخرساء بما يوجب اللعان.

______________________________________________________

المشهور ، وقال أبو علي : لو تزوّج الثانية ولم يعلم فرق بينهما إن لم يكن دخل بالأخيرة ، ولو دخل بها تخيّر أيّتهما شاء ، ولا يقرب من يختارها حتى يقضى عدة من خلا بها (١) وهو متروك.

والمعتمد قول ابن إدريس ، وعليه المصنف (٢) والعلامة (٣).

فالحاصل أنّ هنا ثلاثة أقوال :

(أ) التخيير مع الدخول ، مختار ابي علي.

(ب) بطلان الثانية ، ولا حكم لوطئها لو حصل ، ويعود إلى الاولى من غير ارتقاب خروج عدّة الثانية مختار ابن إدريس.

(ج) بطلان الثانية ولا يعود إلى الأولى حتى يخرج عدّة الثانية ، مختار النهاية.

احتج أبو علي بصحيحة أبي بكر الحضرمي قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام رجل نكح امرأة ثمَّ أتى أرضا فنكح أختها وهو لا يعلم؟ قال : يمسك أيّتهما شاء ويخلّي سبيل الأخرى (٤).

وأجيب : المراد بإمساك الأولى بالعقد الثابت عليها ، والثانية باستجداد العقد عليها بعد مفارقة الاولى :

__________________

(١) و (٢) المختلف : كتاب النكاح ص ٧٨ س ١٩ قال : وقال ابن الجنيد : فان دخل بالأخيرة تخيّر أيّتهما شاء إلخ ثمَّ قال بعد نقل قول الشيخ أوّلا وابن إدريس وابن الجنيد ثانيا : والمعتمد الأوّل.

(٣) لاحظ عبارة النافع.

(٤) الكافي : ج ٥ باب الجمع بين الأختين من الحرائر والإماء ص ٤٣١ الحديث ٢.

٢٩٣

السبب السادس ، الكفر ولا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابية إجماعا وفي الكتابية قولان : أظهرهما : انه لا يجوز غبطة ويجوز متعة ، وبالملك في اليهودية والنصرانية ، وفي المجوسية قولان : أشبههما الجواز.

ولو ارتدّ أحد الزوجين قبل الدخول وقع الفسخ في الحال ، ولو كان بعد الدخول وقف على انقضاء العدّة إلّا أن يكون الزوج مولودا على الفطرة ، فإنه لا يقبل عوده وتعتد زوجته عدّة الوفاة.

______________________________________________________

السبب السادس : الكفر

قال طاب ثراه : وفي الكتابية قولان : أظهرهما أنّه لا يجوز غبطة ويجوز متعة ، إلى قوله : أشبههما الجواز.

أقول : تحريم ما عدا الكتابيّات من الكفّار ثابت بالإجماع.

والكتابيّات قسمان :

(الأول) من له كتاب وهم اليهود والنّصارى ، وللأصحاب هنا ستة أقوال :

(أ) تحريم النكاح بكل أنواعه ، اختاره السيد (١) والشيخ في كتابي الأخبار (٢) وأحد قولي المفيد (٣) وقواه ابن إدريس (٤) واختاره فخر المحققين ، قال : وهو الّذي

__________________

(١) الانتصار : مسائل النكاح ص ١١٧ قال : مسألة وممّا انفردت به الإمامية خطر نكاح الكتابيات إلخ.

(٢) التهذيب : ج ٧ (٢٦) باب من يحرم نكاحهن بالأسباب ، ص ٢٩٦ الحديث ١ ـ ٢ ـ ٣ وفي الاستبصار : ج ٣ (١١٧) باب تحريم نكاح الكوافر من سائر أصناف الكفار.

(٣) المقنعة : باب من يحرم نكاحهن من النساء ص ٧٦ س ٣٣ قال : ونكاح الكافرة محرّم بسبب كفرها سواء كانت عابدة وثن أو مجوسية أو يهودية أو نصرانية إلخ.

(٤) السرائر : كتاب النكاح ص ٢٩١ س ٧ قال : وقال بعض أصحابنا : إنّه لا يجوز العقد على هذين الجنسين عقد متعه ولا عقد دوام وهو قويّ عندي يمكن الاعتماد عليه والركون اليه.

٢٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

استقر عليه رأي والدي يعني العلامة في البحث (١) ، والذي رجّحه في المختلف (٢).

(ب) جواز النكاح بكل أنواعه ، اختاره الحسن (٣) والصدوقان (٤).

(ج) إباحة المتعة اختيارا ، والدوام اضطرارا ، اختاره الشيخ في النهاية (٥) وابن حمزة (٦) وابن إدريس في القول الآخر (٧).

(د) جواز النكاح بملك اليمين ، لا بالعقد ، وهو أحد قولي المفيد في باب عقد الإماء (٨).

__________________

(١) الإيضاح : ج ٣ كتاب النكاح ، في الكفاية ، ص ٢٢ س ١٣ قال : والأول وهو التحريم مطلقا هو الصحيح عندي والذي استقر عليه رأي والدي المصنف في البحث.

(٢) المختلف : فيما يحرم بسبب الكفر ص ٨٣ س ١٢ قال : والمعتمد تحريم أصناف الكفار في الدوام وكراهية أهل الكتاب في المتعة إلخ.

(٣) المختلف : فيما يحرم بسبب الكفر ص ٨٢ س ٢٥ ، قال : وقال ابن أبي عقيل : الى قوله : وأمّا أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى فلا بأس إلخ.

(٤) المقنع : باب بدو النكاح ص ١٠٢ س ٣ قال : ولا بأس بتزويج النصرانية فإن تزوّجت يهودية فامنعها من شرب الخمر إلخ. وفي المختلف : (في التحريم بسبب الكفر ص ٨٢ س ٢٣) قال : قال على بن بابويه : وان تزوّجت يهودية أو نصرانية فامنعها من شرب الخمر إلخ.

(٥) النهاية : باب ما أحل الله تعالى من النكاح ص ٤٥٧ س ٣ قال : فأن اضطرّ الى العقد عليهن عقد على اليهودية والنصرانية وذلك جائز عند الضرورة ، ولا بأس أن يعقد على هذين الجنسين عقد المتعة مع الاختيار إلخ.

(٦) الوسيلة : فصل في بيان مقدمة الكتاب وكيفية العقد ص ٢٩٠ س ٢ قال : ويجوز لمؤمن أن يتمتع باليهودية والنصرانية إلخ.

(٧) السرائر : كتاب النكاح ص ٢٩١ س ٥ قال : فان اضطر الى العقد عليهن عقد على اليهودية والنصرانية وذلك جائز عند الضرورة إلخ.

(٨) المقنعة : باب العقود على الإماء ص ٧٨ س ٩ قال : وينكح بملك اليمين النصرانية واليهودية ولا يجوز له ذلك بعقد نكاح إلخ.

٢٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

(ه) إباحته بملك اليمين والمتعة وتحريمه دائما اختاره التقي (١) وسلار (٢) والمصنف (٣).

(و) تحريمه اختيارا مطلقا وجوازه اضطرارا مطلقا وهو قول أبي علي (٤).

احتج الأوّلون بأنّهنّ مشركات ، ونكاح المشركة حرام.

أمّا الأولى : فلقوله تعالى «وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ،) ثمَّ قال في أخر الآيتين (سُبْحانَهُ عَمّا يُشْرِكُونَ) (٥) فسمّاهنّ مشركات.

واما الثانية : فلقوله تعالى «وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ» (٦) وقوله تعالى «وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ). (فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ» (٧).

ولأنّ النكاح يستلزم المودّة ، لقوله تعالى «وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً» (٨) ومودّة الكافر حرام ، لقوله تعالى «لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ» (٩).

واحتجّ المسوغون : بقوله تعالى «وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ» (١٠).

__________________

(١) الكافي : النكاح ، وأما نكاح المتعة ص ٢٩٩ س ٨ قال : ويجوز التمتع باليهودية والنصرانية دون من عداهما وفي ص ٣٠٠ س ١٠ قال : ويجوز وطئ اليهودية والنصرانية بملك اليمين إلخ.

(٢) المراسم : ذكر شرائط الأنكحة ص ١٤٨ س ١٦ قال : أمّا في عقود المتعة والأمة فجائز في الذميات خاصة إلخ.

(٣) لا حظ عبارة النافع.

(٤) المختلف : كتاب النكاح ، ص ٨٢ س ٣٢ قال : وقال ابن الجنيد إلى أن قال : وإن دعت إلى ذلك ضرورة في دار الإسلام إلخ ان يكون بالأبكار منهنّ إلخ.

(٥) التوبة : ٣٠ ـ ٣١.

(٦) البقرة : ٢٢١.

(٧) الممتحنة : ١٠ وفي نقل الآية الشريفة تقديم وتأخير.

(٨) الروم : ٢١.

(٩) المجادلة : ٢٢.

(١٠) المائدة : ٥.

٢٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وبما رواه أبو مريم الأنصاري عن الباقر عليه السّلام قال : سألته عن طعام أهل الكتاب ونكاحهم؟ حلال؟ فقال : نعم قد كانت تحت طلحة يهودية (١).

والجواب عن الآية : أنها منسوخة بقوله تعالى «وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ».

وعن الرواية : بضعف طريقها.

واحتجّ المفصّلون بالنسبة إلى الاختيار والاضطرار بحسنة محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام قال : لا ينبغي للمسلم أن يتزوّج يهودية ولا نصرانيّة وهو يجد حرّة مسلمة أو أمة (٢).

وبالنسبة إلى العقد : ما رواه أبان بن عثمان عن زرارة قال : سمعته يقول : لا بأس أن يتزوّج اليهودية والنصرانية متعة وعنده امرأة (٣).

والمعتمد الأوّل.

(الثاني) من له شبهة كتاب وهم المجوس ، فإنه كان لهم كتاب اسمه (جامست) ونبيّ اسمه (زرادشت) فحرّقوا الكتاب ، وقتلوا النبيّ ، وبقي في أيديهم صحف يشبهوا بها ، وهم يعبدون النار ، ويسمّون الثنوية ، لأنهم يقولون بإلهين اثنين ، النور والظلمة ، فالنور إله الخير ، فكلّ ما في العالم من خير فهو منه ، والظلّمة إليه الشرّ ، فكلّ ما في العالم من شر فهو منه ، ولهذا يدعون وقود النار ، ولهم في أصول الاعتقادات أقوال سخيفة كفرية بعيدة عن أقوال أهل الملل.

والمشهور عند الفقهاء : أنّ حكمهم حكم اليهود والنصارى في التقرير بالجزية وعصمة الدم والمال ، لقوله عليه السّلام : سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب (٤) ومنع ابن

__________________

(١) الاستبصار : ج ٣ (١١٧) باب تحريم نكاح الكوافر ص ١٧٩ الحديث ٤.

(٢) الاستبصار : ج ٣ (١١٧) باب تحريم نكاح الكوافر ص ١٨٠ الحديث ٨.

(٣) الاستبصار : ج ٣ (١١٧) باب تحريم نكاح الكوافر ص ١٨١ الحديث ١٠.

(٤) الموطأ : ج ١ كتاب الزكاة ٢٤ باب جزية أهل الكتاب والمجوس الحديث ٤٢ ولفظه (عن جعفر

٢٩٧

وإذا أسلم زوج الكتابية فهو على نكاحه ، سواء كان قبل الدخول أو بعده «ولو أسلمت زوجته دونه ، انفسخ في الحال ، إن كان قبل الدخول ، ووقف على انقضاء العدّة إن كان بعده ، وقيل : إن كان بشرائط الذمة كان نكاحه باقيا ، ولا يمكن من الدخول عليها ليلا ، ولا من الخلوة بها نهارا وغير الكتابيين يقف على انقضاء العدة بإسلام أيّهما اتفق ، ولو أسلم الذمّي وعنده أربع فما دون لم يتخيّر ، ولو كان عنده أكثر من أربع تخيّر أربعا.

______________________________________________________

إدريس عن مناكحتهم (١) وهو حسن ، والروايات خالية عن ذكر المجوسيات.

قال طاب ثراه : ولو أسلمت زوجته «أي زوجة الذميّ» دونه انفسخ في الحال إن كان قبل الدخول ووقف على انقضاء العدّة إن كان بعده ، وقيل : ان كان بشرائط الذمة كان نكاحه باقيا ، ولا يمكن من الدخول عليها ليلا ، ولا من الخلوة بها نهارا.

أقول : القول المحكي للشيخ في النهاية وكتابي الأخبار (٢) (٣).

معوّلا على رواية جميل بن درّاج عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السّلام

__________________

بن محمّد بن علي عن أبيه : ان عمر بن الخطاب ذكر المجوس ، فقال : ما أدرى كيف أصنع في أمرهم فقال : عبد الرحمن بن عوف : أشهد لقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : سنوا بهم سنة أهل الكتاب) ونقله العلامة في التذكرة.

(١) السرائر : كتاب النكاح ص ٢٩١ س ١٢ فبعد نقل قول الشيخ في التبيان وقول المفيد في المقنعة بالمنع ، قال : وهو الصحيح الذي لا خلاف فيه ويقتضيه أصول المذهب ، وقوله تعالى إلخ.

(٢) النهاية : باب ما أحلّ الله تعالى من النكاح ص ٤٥٧ س ١٣ قال : فإن أسلمت المرأة ولم يسلم الرجل إلخ.

(٣) سيأتي.

٢٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

أنه قال : في اليهودي والنصراني والمجوسي إذا أسلمت امرأته قبله ، ولم يسلم؟ قال : هما على نكاحهما ، ولا يفرق بينهما ، ولا يترك يخرج بها من دار الإسلام إلى دار الكفر (١) وهي مرسلة ، ومعارضة بصحيحة البزنطي قال : سألت الرضا عليه السّلام عن الرجل يكون له الزوجة النصرانية ، فتسلم ، هل يحلّ لها أن تقيم معه؟ قال : إذا أسلمت لم تحلّ له ، قلت : جعلت فداك فإن أسلم الزوج بعد ذلك أيكونان على النكاح؟ قال : لا ، إلا بتزويج جديد (٢) وبالأوّل قال في الخلاف (٣) وهو مختار القاضي (٤) وابن إدريس (٥) واختاره المصنف (٦) والعلامة (٧). لأنّ التزويج نوع سلطنة على الزوجة لقوله تعالى «الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلَى النِّساءِ» (٨) والكافر منفيّ السلطنة على المسلم ، لقوله تعالى «لَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً» (٩) وللرواية المتقدمة.

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٢٦) باب من يحرم نكاحهن بالأسباب ص ٣٠٠ الحديث ١٢.

(٢) التهذيب : ج ٧ (٢٦) باب من يحرم نكاحهن بالأسباب ص ٣٠٠ الحديث ١٣.

(٣) الخلاف : كتاب النكاح مسألة ١٠٥ قال : وهكذا إذا كانا كتابيين فأسلمت الزوجة إلخ.

(٤) المهذب : ج ٢ كتاب النكاح ص ١٨٧ س ١٣ قال : فإن أسلمت الزوجة ولم يسلم الرجل لم يكن له عليها سبيل إلخ.

(٥) السرائر : كتاب النكاح ص ٢٩١ س ١٤ قال : فإن أسلمت المرأة ولم يسلم الرجل فإنه ينتظر به عدّتها إلخ.

(٦) لاحظ عبارة النافع.

(٧) المختلف : كتاب النكاح ص ٨٤ س ٥ قال بعد نقل قول ابن البراج وابن إدريس : وهو المعتمد.

(٨) النساء : ٣٤.

(٩) النساء : ١٤١.

٢٩٩

وروى عمار عن أبي عبد الله عليه السّلام : أنّ إباق العبد بمنزلة الارتداد ، فإن رجع والزوجة في العدّة فهو أحق بها ، وإن خرجت من العدّة فلا سبيل له عليها ، وفي الرواية ضعف.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وروى عمار عن أبي عبد الله عليه السّلام إنّ إباق العبد بمنزلة الارتداد ، فإن رجع والزوجة في العدّة فهو أحقّ بها ، وإن خرجت من العدّة فلا سبيل له عليها ، وفي الرواية ضعف.

أقول : هذه رواية عمار الساباطي عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن رجل أذن لعبده في تزويج امرأة حرّة ، فتزوّجها ، ثمَّ إنّ العبد أبق من مواليه ، فقال : ليس لها على مولاه نفقة ، وقد بانت عصمتها منه ، فإنّ إباق العبد طلاق امرأته ، وهو بمنزلة المرتد عن الإسلام ، قلت : فإن رجع إلى مواليه يرجع إليه امرأته؟ قال : إن كانت قد انقضت عدّتها منه ثمَّ تزوّجت غيره فلا سبيل له عليها ، فإن لم تتزوّج ولم تنقض العدّة فهي امرأته على النكاح الأوّل (١) وبمضمونها أفتى الشيخ في النهاية (٢) وخصّ ابن حمزة الحكم المذكور بكون العبد زوجا لأمة تزوّجها بإذن السيدين (٣) ومنع ابن إدريس وقال : النفقة لازمة للسيد ولا تبين منه الّا بالطلاق (٤) واختاره

__________________

(١) الفقيه : ج ٣ (١٤١) باب أحكام المماليك والإماء ، ص ٢٨٨ الحديث ١٦ وفيه (فجاءت امرأة العبد تطلب نفقتها من مولى العبد).

(٢) النهاية : باب السراري وملك الأيمان ص ٤٩٨ س ١٥ قال : وإذا أذن الرجل لعبده في التزويج إلخ.

(٣) الوسيلة : فصل في بيان العقد على العبيد والإماء ص ٣٠٧ س ١ قال : وإذا تزوّج عبد بامة غير سيده ورضي سيدهما.

(٤) السرائر : باب السراري وملك الأيمان ص ٣١٦ س ٢٥ قال : والذي يقتضيه الأدلة أن النفقة ثابتة على السيد إلخ.

٣٠٠