المهذّب البارع - ج ٣

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

(ب) أنه عشر رضعات ذهب اليه المفيد (١) وتلميذه (٢) والتقي (٣) والقاضي (٤) والحسن (٥) وابن إدريس في القول الآخر (٦) ونقله عن السيد (٧) وهو مذهب ابن حمزة (٨) والعلامة في المختلف (٩) وهو المعتمد.

(ج) أنه ما وقع عليه اسم رضعة واحدة ، وهو ما ملأ بطن الصبيّ ، أو بالوجور وهو قول أبي علي (١٠).

(د) قال الصدوق في المقنع : أنه لا يحرم من الرضاع إلّا خمسة عشر يوما ولياليهنّ ، قال : وبه كان يفتي شيخنا محمّد بن الحسن رضى الله عنه ، قال : روي

__________________

(١) المقنعة : باب ما يحرم النكاح من الرضاع ص ٧٧ قال : والذي يحرم النكاح من الرضاع عشر رضعات متواليات آه.

(٢) المراسم : ذكر شرائط الأنكحة ص ١٤٩ س ١٥ قال : والمحرم من الرضاع عشر رضعات متواليات إلخ.

(٣) الكافي : فصل فيما يحرم من النكاح ص ٢٨٥ س ١٦ قال : ومنها إلى أن قال : أو عشر رضعات متواليات إلخ.

(٤) المهذب : ج ٢ باب ما يحرم من النكاح بالرضاع ص ١٩٠ س ٤ قال : فإن لم يعلم ذلك اعتبر بعشر رضعات متواليات آه.

(٥) المختلف : في الرضاع ص ٧٠ س ٢ قال بعد نقل قول المفيد : وهو قول ابن أبي عقيل من قدمائنا.

(٦) و (٧) السرائر : كتاب النكاح ص ٢٨٥ س ٣٦ قال : أو عشر رضعات متواليات على الصحيح من المذهب ، الى أن قال بعد نقل قول من قال بخمس عشرة رضعات : فالأول مذهب السيد المرتضى وخيرته إلخ.

(٨) الوسيلة : في بيان أحكام الرضاع ص ٣٠١ س ١٢ قال : أو بارتضاع عشر رضعات متواليات ريّا.

(٩) المختلف : في الرضاع ص ٧٠ س ١٥ قال : والوجه التحريم بالعشر لوجوه إلخ.

(١٠) المختلف : في الرضاع ص ٧٠ س ١١ قال : وقال ابن الجنيد الى أن قال : الّا ان الذي أوجبه الفقه عندي واحتياط الأمر لنفسه أن كل ما وقع عليه اسم رضعة وهو ما ملأت بطن الصبي إما بالمص أو بالوجور يحرم النكاح إلخ.

٢٤١

(الثالث) أن يكون في الحولين ، وهو يراعى في المرتضع دون ولد المرضعة على الأصح.

(الرابع) أن يكون اللبن لفحل واحد ، فيحرم الصبيان يرتضعان

______________________________________________________

أنه لا يحرم من الرضاع إلّا ما كان حولين ، وروي أنه لا يحرم من الرضاع إلّا من ارتضع من ثدي واحد سنة (١) ، وبالكل روايات ، وأكثرها عددا وأصحّها طرقا روايات الوجهين الأولين.

واحتج ابن الجنيد بصحيحة على بن مهزيار (٢) وهي قابلة للتأويل ، مع احتمال خروجها مخرج التقية.

وبالوجه الرابع رواية عن الصادق عليه السّلام قال : لا يحرم من الرضاع إلّا ما ارتضع حولين كاملين (٣).

قال الشيخ في حولين كاملين (٤).

وفي رواية العلاء بن رزين : لا يحرم من الرضاع إلّا ما ارتضع من ثدي واحد سنة (٥).

قال طاب ثراه : أن يكون في الحولين ، وهو يراعى في المرتضع دون ولد المرضعة على الأصح.

__________________

(١) ليس في المقنع ما زاده بقوله (وبه كان يفتي شيخنا) لا حظ المقنع : باب بدء النكاح ، ص ١١١ ص ١ ولكنه موجود في المختلف : في الرضاع ص ٧٠ س ١٣ الى قوله (من ثدي واحد سنة).

(٢) المختلف : في الرضاع ص ٧١ س ٧ قال : احتج ابن الجنيد : ما رواه علي بن مهزيار في الصحيح ، ولفظ الحديث (عن علي بن مهزيار عن أبي الحسن عليه السّلام انه كتب إليه يسأله عن الذي يحرم من الرضاع ، فكتب عليه السّلام قليله وكثيره حرام).

(٣) و (٤) الفقيه : ج ٣ (١٤٦) باب الرضاع ص ٣٠٧ الحديث ١٥ وفيه (الّا ما كان حولين كاملين) كما نقله عن الشيخ أيضا.

(٥) الاستبصار : ج ٣ (١٢٥) باب مقدار ما يحرم من الرضاع ص ١٩٨ الحديث ٢٣.

٢٤٢

بلبن واحد ، ولو اختلفت المرضعتان ، ولا يحرم لو رضع كل واحد من لبن فحل آخر وان اتّحدت المرضعة.

ويستحب أن يتخير للرضاع المسلمة الوضيئة العفيفة العاقلة ، ولو اضطر إلى الكافرة استرضع الذمية ويمنعها من شرب الخمر ولحم الخنزير ، ويكره تمكينها من حمل الولد الى منزلها.

______________________________________________________

أقول : أمّا المرتضع فاعتبار الحولين فيه إجماعي إلّا من أبي على فإنه نشر الحرمة بالرضاع المتصل بعد الحولين بما قبلها إذا لم يتخلّلهما فطام (١) والمشهور أنّه لو تمَّ الحولين ولم يرو من الأخيرة لم ينشر الحرمة ، لما رماه حماد بن عثمان في الموثق قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : لا رضاع بعد فطام ، قلت : جعلت فداك وما الفطام؟ قال : الحولان اللّذان قال الله عزّ وجلّ (٢).

وعلى هذا : لو فطم قبل الحولين نشر الحرمة ما وقع الرضاع فيهما ، لتحديده عليه السّلام الفطام بالحولين.

وقال الحسن : لا يحرم بعد الفطام.

لما رواه الفضل بن عبد الملك عن الصادق عليه السّلام قال : الرضاع قبل الحولين قبل أن يفطم (٣).

احتج ابن الجنيد بما رواه داود بن الحصين عن الصادق عليه السّلام قال :

__________________

(١) المختلف : في الرضاع ص ٧١ س ١٤ قال : وقال ابن الجنيد : إذا كان بعد الحولين ولم يتوسط بين الرضا عين فطام بعد الحولين ، حرم.

(٢) الكافي : ج ٥ باب انه لا رضاع بعد فطام ص ٤٤٣ الحديث ٣ والمراد قوله تعالى (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) البقرة : ٢٣٣.

(٣) المختلف : في الرضاع ص ٧١ س ١٩ قال : وقال ابن أبي عقيل : الرضاع الذي يحرّم عشر رضعات قبل الفطام فمن شرب بعد الطعام (الفطام) لم يحرم ذلك الشرب ، احتج بما رواه الفضل بن عبد الملك إلخ الكافي : ج ٥ ص ٤٤٣ باب انه لا رضاع بعد فطام الحديث ٢.

٢٤٣

ويكره استرضاع المجوسية ، ومن لبنها عن زنا ، وفي رواية : إذا أحلها مولاها طاب لبنها.

______________________________________________________

الرضاع بعد الحولين قبل أن يفطم يحرم (١).

وأجيب بشذوذه ، فلا يصلح معارضا للمشهور ، ولجواز حمله على التقية.

وأمّا ولد المرضعة ، فالمشهور قطع النظر عنه وعدم التعريض لذكره ، وقال التقي : من شرائط الرضاع أن يكون المرتضع ، والمرتضع من لبنه ينقص سهما عن الحولين (٢) وبه قال ابن زهرة (٣) وابن حمزة (٤) واختار المصنف الأوّل (٥) وكذا العلامة في أكثر كتبه (٦) وتوقف في المختلف (٧).

قال طاب ثراه : ويكره استرضاع المجوسي ، ومن لبنها عن زنا ، وفي رواية إذا أحلّها مولاها طاب لبنها.

أقول : يكره استرضاع الكافرة اختيارا ، ويتأكّد الكراهة في المجوس ، وكذا يكره استرضاع من ولادته عن زنا ، أى لبن ولادتها ، أو كونها حاملا من زنا ، لخبثه ،

__________________

(١) الفقيه : ج ٣ (١٤٦) باب الرضاع ص ٣٠٦ الحديث ٧.

(٢) الكافي : فصل فيما يحرم من النكاح ص ٢٨٥ س ١٤ قال : ومنها أنّ الراضع والمرتضع من لبنه ينقص سهما إلخ.

(٣) المختلف : في الرضاع ص ٧١ س ٢٥ قال بعد نقل قول أبي الصلاح : وكذا قال السيد ابن زهرة.

(٤) الوسيلة : في بيان أحكام الرضاع س ٨ قال : والثاني أن يكون للصبي المرتضع دون سنتين ، وأن تكون المرضعة إلخ.

(٥) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٦) التذكرة : في الرضاع ص ٦١٩ قال : مسألة لا شك أنّ الحولين شرط في المرتضع ، وهل هما شرط في ولد المرضعة؟ الى أن قال : ومنع بعض علمائنا اشتراط ذلك إلخ وفي التحرير : في الرضاع ص ٩ س ٢٢ قال : وهل يشترط في ولد المرضعة ذلك؟ الأقرب عدمه إلخ. وفي القواعد ، في الرضاع ص ١١ قال : الثاني أن يكون في الحولين إلى أن قال : ويعتبر في المرتضع إجماعا دون ولد المرضعة على الأقوى.

(٧) المختلف : في الرضاع ص ٧١ س ٣٨ قال : ونحن في هذه المسألة من المتوقفين.

٢٤٤

وهنا مسائل

الأولى : إذا أكملت الشرائط صارت المرضعة أما وصاحب اللبن أبا ، وأختها خالة وبنتها أختا ويحرم أولاد صاحب اللّبن ولادة ورضاعا على المرتضع ، وأولاد المرضعة ولادة ، لا رضاعا.

الثانية : لا ينكح أب المرتضع في أولاد صاحب اللّبن ولادة ورضاعا ، لأنهم في حكم ولده وهل ينكح أولاده الذين لم يرتضعوا في أولاد هذه المرضعة وأولاده فحلها؟ قال في الخلاف : لا ، والوجه الجواز.

______________________________________________________

ولو كانت مملوكة وأحلّها سيّدها بعد ما فعلت ذلك طاب لبنها وجاز ارتضاعه من غير كراهية.

ذهب اليه الشيخ في النهاية (١) واعتمد فيه على رواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن غلام لي وثب على جارية فأحبلها فولدت فاحتجنا إلى لبنها ، فإني أحللت لهما ما صنعوا أيطيب لبنها؟ قال : نعم (٢) وأطرحها الباقون.

قال طاب ثراه : وهل ينكح أولاده الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن في أولاد هذا الفحل؟ قال في الخلاف : لا ، والوجه الجواز.

أقول : وجه الجواز أصالة الإباحة ، وعموم قوله تعالى «فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ» (٣) ولأنّ أخ الأخ إذا لم يكن أخا يحلّ من النسب فأولى من الرضاع ، وهو

__________________

(١) النهاية : باب الولادة والعقيقة وحكم الرضاع ص ٥٠٤ س ١٣ قال : وإن كانت له أمة إلى أن قال : فليجعلها في حلّ من فعلها ليطيب بذلك لبنها.

(٢) التهذيب : ج ٨ (٥) باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع ص ١٠٨ الحديث ١٨.

(٣) النساء : ٣.

٢٤٥

الثالثة : لو تزوّج رضيعة فأرضعتها امرأته ، حرمتا إن كان دخل بالمرضعة ، وإلّا حرمت المرضعة حسب ولو كان له زوجتان فأرضعتها واحدة حرمتا مع الدخول ، ولو أرضعتها الأخرى فقولان : أشبههما أنها تحرم أيضا ولو تزوّج رضيعتين فأرضعتهما امرأته حرمن كلّهنّ إن كان دخل بالمرضعة ، وإلّا حرمت المرضعة.

______________________________________________________

مذهب ابن إدريس (١) واختاره المصنف (٢) والعلامة في أكثر كتبه (٣) وتوقف في المختلف (٤) وقال الشيخ في الخلاف : بالتحريم (٥) ، معوّلا على صحيحة أيوب بن نوح قال : كتب علي بن شعيب إلى أبي الحسن عليه السّلام ، امرأة أرضعت بعض ولدي هل يجوز لي أن أتزوج بعض ولدها؟ فكتب : لا يجوز ذلك لأن ولدها صارت بمنزلة ولدك (٦).

وهذا التعليل يعطى صيرورة ولدها إخوة أولاده ، فينشر الحرمة.

قال طاب ثراه : ولو كان له زوجتان فأرضعتها واحدة ، حرمتا مع الدخول ، ولو أرضعتها الأخرى ، فقولان : أشبههما انها تحرم أيضا.

__________________

(١) السرائر : باب الرضاع ومقدار ما يحرم من ذلك ص ٢٩٥ س ١ قال بعد نقل قول الشيخ في الخلاف : قول شيخنا في ذلك غير واضح ، وأي تحريم حصل من أخت هذا المولود المرتضع بين أولاد الفحل وليس هي اختهم إلخ.

(٢) لاحظ عبارة النافع.

(٣) القواعد : المطلب الثالث في الأحكام ص ١١ س ١٤ قال : ولأولاد هذا الأب الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن النكاح في أولاد المرضعة وأولاد فحلها ولادة ورضاعا على رأي ، وفي التحرير : في أحكامه ، ص ١٠ (ج) قال : أمّا أولاده الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن الى قوله : الوجه الجواز.

(٤) المختلف : الرضاع ص ٧٣ س ٢ قال بعد نقل الأقوال والأدلّة : ونحن في ذلك من المتوقفين.

(٥) الخلاف : كتاب الرضاع مسألة ١ قال : إذا حصل الرضاع المحرم لم يحل للفحل نكاح أخت هذا المولود المرتضع بلبنه إلخ وقال في النهاية ، باب مقدار ما يحرم من الرضاع ص ٤٦٢ س ٧ وكذلك يحرم جميع اخوة المرتضع إلخ.

(٦) الاستبصار : ج ٣ (١٢٦) باب ان اللبن للفحل ص ٢٠١ الحديث ٩.

٢٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : تصوير المسألة : أنّ رجلا له زوجة صغيرة ، وزوجتان كبيرتان ، فارتضعت الصغيرة من إحدى الكبيرتين رضاعا محرّما ، فإن لم يكن دخل بالكبيرة حرمت الكبيرة خاصة ، لعدم اشتراط الدخول بالبنت في تحريم الامّ ، وأمّا الصغيرة فلا يحرم مؤبّدا ، لأنّ مجرّد العقد على الامّ لا تحرم البنت ، لكن انفسخ عقدهما للجمع بينها وبين أمّها في نكاح واحد ، وإن أرادها حلّ له تجديد العقد عليها ، وإن كان قد دخل بها حرمتا مؤبّدا.

فإن أرضعتها الزوجة الكبيرة الأخرى ، فهل تحرم هذه المرضعة الثانية ، أم لا تحرم؟ قيل : بالثاني ، لأنّها أرضعتها بعد أن حكم بانفساخ عقدها وصارت بنتا له وأمّ بنت الرجل ليست محرّمة عليه ، وهو اختيار الشيخ (١) وأبي علي (٢) وقيل : بل يحرم لأنّ الصغيرة وإن كانت الآن بنتا ، تصدق عليها أنّها كانت حليلة ، ولا يشترط في صدق المشتق بقاء المعنى المشتق منه ، فصدق على الكبيرة أنها أمّ امرأته ، وقال تعالى «وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ» (٣) ولمساواة الرضاع النسب ، وهو يحرم سابقا ولاحقا وهو اختيار ابن إدريس (٤) والمصنف (٥) والعلامة (٦).

احتج الشيخ برواية علي بن مهزيار عن أبي جعفر عليه السّلام قال : قيل : إنّ

__________________

(١) المبسوط : ج ٥ كتاب الرضاع ص ٣٠٠ س ٢١ قال : إذا كان له اربع زوجات إحداها صغيرة الى أن قال : وروى أصحابنا في هذه انها لا تحرم ، والذي قالوه قويّ.

(٢) المختلف : في الرضاع ص ٧٣ قال : مسألة قال ابن الجنيد : إذا كان له زوجات فأرضعت إحداهما زوجته الصبية إلخ.

(٣) النساء : ٢٣.

(٤) السرائر : باب الرضاع ص ٢٩٤ س ٢٦ قال : إذا كان له اربع زوجات الى أن قال : وهذه كانت زوجته.

(٥) لا حظ عبارة النافع.

(٦) المختلف : في الرضاع ص ٧٣ س ١٣ قال : وقد بيّنا فيما تقدّم تحريم الجميع إلخ.

٢٤٧

السبب الثالث ، في المصاهرة : والنظر في الوطء والنظر واللمس.

(أما الأوّل) فمن وطأ امرأة بالعقد أو الملك حرمت على أمّ الموطوءة وإن علت ، وبناتها وإن سفلن ، سواء كن قبل الوطء أو بعده ، وحرمت الموطوءة على أبي الواطئ وان علا وأولاده وإن نزلوا ولو تجرّد العقد عن الوطء حرمت أمّها عليه عينا على الأصح وبنتها جمعا لا عينا ، فلو فارق الامّ حلت البنت ، ولا تحرم مملوكة الابن على الأب بالملك ، وتحرم بالوطء ، وكذا مملوكة الأب ، ولا يجوز لأحدهما أن يطأ مملوكة الآخرة ما لم يكن عقد أو تحليل ، نعم يجوز أن يقوّم الأب مملوكة ابنه الصغير على نفسه ثمَّ يطأها.

______________________________________________________

رجلا تزوّج بجارية صغيرة ، فأرضعتها امرأته ، ثمَّ أرضعتها امرأته الأخرى ، إلى قوله فقال : حرمت عليه الجارية ، وامرأته التي أرضعتها أوّلا ، أما الأخيرة فلم تحرم عليه (١).

ويمنع صحة السند.

السبب الثالث : المصاهرة

قال طاب ثراه : ولو تجرد العقد عن الوطء حرمت أمّها عليه عينا على الأصح.

أقول : مجرد العقد على الامّ تحرم البنت إجماعا ، وأمّا العكس أعنى مجرّد العقد على البنت هل تحرّم الامّ؟ المشهور نعم لقوله تعالى «وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ» (٢) وهو عام «وَرَبائِبُكُمُ اللّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ» (٣) والربيبة بنت

__________________

(١) الكافي : ج ٥ ، باب نوادر في الرضاع ص ٤٤٦ قطعة من حديث ١٣.

(٢) و (٣) النساء : ٢٣.

٢٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الزوجة ، فأجرى الأول على عمومه ، وقيد الثاني بالدخول ، لأنّ الوصف ، أو الشرط ، أو الاستثناء إذا تعقّب الجمل ترجع إلى الأخيرة على ما تقرّر في موضعه.

ولما رواه إسحاق بن عمار عن الباقر عليه السّلام : إنّ عليا عليه السّلام كان يقول : الربائب عليكم حرام مع الأمّهات اللاتي قد دخلتم بهنّ ، هنّ في حجور وغير الحجور سواء والأمّهات مبهمات ، دخل بالبنات أو لم يدخل بهنّ ، فحرموا وأبهموا ما أبهم الله (١).

وهو اختيار الأكثر ، وذهب اليه الشيخان (٢) (٣) وسلار (٤) والتقى (٥) وقال الحسن والصدوق في كتابه : لا يحرم بل له العقد عليها أيضا إذا فارق بنتها كالعكس (٦) (٧) لأصالة الحلّ ، ولقوله تعالى «وَرَبائِبُكُمُ اللّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٢٥) باب من أحل الله نكاحه من النساء ص ٢٧٣ الحديث ١.

(٢) المقنعة : باب من يحرم نكاحهن ، ص ٧٧ س ٦ قال : ومن عقد على امرأة لها بنت فدخل بالمرأة لم تحل له بنتها ، ومن عقد على امرأة لها أمّ حرم عليه العقد على أمّها أبدا سواء دخل بالبنت أو طلقها قبل الدخول.

(٣) النهاية : باب ما أحلّ الله تعالى من النكاح ص ٤٥١ س ١٦ قال : ويحرم العقد على أمّ الزوجة سواء دخل بالبنت أو لم يدخل بها ، وإذا عقد على الامّ ودخل بها حرم عليه العقد على جميع بناتها إلخ.

(٤) المراسم : ذكر شرائط الأنكحة ص ١٤٧ س ١١ قال : والربيبة في المرأة المدخول بها إلخ.

(٥) الكافي : فصل فيما يحرم من النكاح ص ٢٨٦ س ٢ قال : أمّا المحرمات بالأسباب أمّ المرأة المعقود عليها وابنة المدخول بها.

(٦) المختلف : في تحريم المصاهرة ص ٧٤ س ٦ قال : وقال ابن ابي عقيل : الى قوله : فالشرط عند آل الرسول في الأمهات والربائب جميعا الدخول إلخ.

(٧) المقنع : باب بد والنكاح ص ١٠٤ س ١ قال : وقد روي : ان الأمّ والبنت في هذه سواء إذا لم يدخل بإحداهما حلّت له الأخرى إلخ والرواية التي أشار إليها ما رواه في الفقيه ج ٣ (١٢٤) باب ما أحلّ الله عزّ وجلّ من إنكاح ، من ٢٦٢ الحديث ٣٢ ولفظ الحديث (عن جميل بن دراج انه سئل أبو عبد الله عليه السّلام عن رجل تزوّج امرأة ثمَّ طلّقها قبل ان يدخل بها ، هل تحل له ابنتها؟ قال : الامّ والابنة في هذا

٢٤٩

ومن توابع هذا الفصل تحريم أخت الزوجة جمعا ، لا عينا ، وكذا بنت أخت الزوجة وبنت أخيها ، فإن أذنت إحداهما صحّ ، ولا كذا لو أدخل العمة أو الخالة على بنت الأخ والأخت ، ولو كان عنده العمة أو الخالة ، فبادر بالعقد على بنت الأخ أو الأخت كان العقد باطلا ، وقيل تتخيّر العمة أو الخالة بين الفسخ والإمضاء ، أو فسخ عقدها.

______________________________________________________

نِسائِكُمُ اللّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ» (١) فشرط الدخول في تحريمها ، قضية للعطف.

ولرواية جميل بن دراج وحماد بن عثمان في الصحيح عن الصادق عليه السّلام قال : الأمّ والبنت سواء إذا لم يدخل بها ، يعني : إذا تزوّج المرأة ، ثمَّ طلّقها قبل أن يدخل بها ، فإنّه إن شاء تزوّج أمّها ، وإن شاء ابنتها (٢).

ومثلها صحيحة منصور بن حازم (٣).

قال طاب ثراه : وقيل : تتخيّر العمة والخالة بين الفسخ والإمضاء ، أو فسخ عقدها.

أقول : النظر هنا يقع في مباحث :

(الأوّل) هل يحرم إدخال بنت الأخ والأخت على العمة والخالة ، أم لا؟ قال القديمان : لا يحرم (٤) (٥) لقوله تعالى «وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ» (٦) ، ولما رواه على

__________________

سواء إذا لم يدخل بإحداهما حلّت له الأخرى).

ولا يخفى ان الصدوق بعد ما قال كما قال المشهور نقل بعنوان (روى) ولا يعلم من ذلك أن هذه فتواه.

(١) النساء : ٢٣.

(٢) نقلناها آنفا عن الفقيه وفي التهذيب : ج ٧ (٢٥) باب ما أحلّ الله نكاحه من النساء ص ٢٧٣ الحديث ٤.

(٣) التهذيب : ج ٧ (٢٥) باب من أحلّ الله نكاحه من النساء وحرم منهنّ في شرع الإسلام : ص ٢٧٤ قطعة من حديث ٥.

(٤) و (٥) المختلف : النكاح ص ٧٩ س ٣٤ قال : وقال ابن أبي عقيل : لما عدى المحرمات في الآية قال : فهذه جملة النساء اللاتي حرّم الله عزّ وجلّ نكاحهنّ وأحلّ نكاح ما سواهّن ، الى أن قال وقال ابن الجنيد الى قوله : والحديث الذي روى فإنما هو نهي احتياط لا تحريم إلخ.

(٦) النساء : ٢٤.

٢٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

بن جعفر قال : سألت أخي موسى عليه السّلام عن الرّجل يتزوّج المرأة على عمّتها أو خالتها ، قال : لا بأس ، لأنّ الله عزّ وجلّ قال «وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ» (١) وللأصل الدالّ على الجواز.

وقال الثلاثة (٢) (٣) (٤) والتقى (٥) وسلار (٦) وابن حمزة (٧) وابن إدريس (٨) بالتحريم ، بل هو إجماعي إلّا من الحسن وأبي علي (٩) وقد انقرضا ، وسبقهما الإجماع وتعقّبهما ، وهو مذهب المصنف (١٠) والعلامة (١١).

ولصحيحة محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام قال : لا تزوّج ابنة الأخت على

__________________

(١) الوسائل : ج ١٤ باب ٣٠ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها ، الحديث ١١ نقلا عن المختلف.

(٢) المقنعة : باب نكاح المرأة وعمتها وخالتها ص ٧٧ س ٢٤ قال : لا يجوز له ان ينكح بنت الأخ على عمتها إلخ.

(٣) النهاية : باب ما أحل الله تعالى من النكاح وما حرم منه ، ص ٤٥٩ س ٢ قال : ولا يجوز العقد على امرأة وعند الرجل عمتها أو خالتها إلخ.

(٤) الانتصار : مسائل النكاح قال : مسألة وممّا انفردت به الإمامية إباحتهم أن يتزوّج الرجل المرأة على عمتها وخالتها بعد أن يستأذنها وترضيا به إلخ.

(٥) الكافي : الضرب الخامس المحرمات في حال دون حال ص ٢٨٦ س ١٨ قال : وبنت الأخ على عمتها وبنت الأخت على خالتها حتى تأذنا.

(٦) المراسم : شرائط الأنكحة ص ١٥٠ س ٣ قال : وان لا تكون المنكوحة بنت أخت امرأته إلخ.

(٧) الوسيلة : في بيان من يجوز العقد عليه ص ٢٩٣ س ١٥ قال : وبنت أخ الزوجة أو أختها إلخ.

(٨) السرائر : كتاب النكاح ص ٢٨٦ س ١١ قال : ويحرم تحريم جمع اربع ، والمرأة وعمتها الى أن قال : ومن تحريم الجمع بين المرأة وخالتها.

(٩) تقدم آنفا.

(١٠) لاحظ عبارة النافع.

(١١) المختلف : النكاح ص ٨٠ س ٣ قال بعد نقل قول المشهور أولا وقول من خالف المشهور ثانيا : والمعتمد الأوّل.

٢٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

خالتها إلّا بإذنها وتزوّج الخالة على ابنة الأخت بغير اذنها (١).

وصحيحتا أبي الصباح الكناني وابي عبيده الحذاء عن الصادق عليه السّلام لا تنكح المرأة على عمّتها ولا على خالتها (٢) (٣) محمولتان على المقيدة بعدم الرضا ، جمعا بين الأدلة.

وكذا يحمل رواية علي بن جعفر عن الرضا (٤).

وظاهر الصدوق في المقنع تحريم الجمع مطلقا (٥).

فالحاصل أنّ هنا ثلاثة مذاهب :

(أ) جواز الجمع مطلقا ، وهو مذهب القديمين.

(ب) تحريمه مطلقا ، وهو مذهب الصدوق.

(ج) جوازه مع الرضا وعدمه مع عدمه ، وهو مذهب جمهور الأصحاب.

(الثاني) لو ادخل بنت الأخ أو الأخت من غير إذن العمة أو الخالة ، ما الحكم فيه؟

قيل فيه قولان :

(أ) بطلان عقد الداخلة من رأس ، ولا يؤثّر في صحة رضا المدخول عليها ، بل

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٢٩) باب نكاح المرأة وعمتها وخالتها وما يحرم من ذلك وما لا يحرم ص ٣٣٢ الحديث ٢.

(٢) الاستبصار : ج ٣ (١١٦) باب نكاح المرأة على عمتها وخالتها ص ١٧٧ الحديث ٣.

(٣) الاستبصار : ج ٣ (١١٦) باب نكاح المرأة على عمتها وخالتها ص ١٧٨ الحديث ٦ وتمامه (ولا على أختها من الرضاعة).

(٤) تقدم نقلا عن الوسائل.

(٥) المقنع : باب بدو النكاح ص ١١٠ س ٦ قال : ولا تنكح امرأة على عمتها ولا على خالتها ، ولا على ابنة أخيها إلخ.

٢٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

يحتاج إلى استئنافه ، للنهي عنه ، فيقع فاسدا ، ولها الخيار في فسخ عقد نفسها واعتزاله من غير طلاق وهو مذهب ابن إدريس (١).

وفيه نظر ، لأنّ الموجب لتسلّطها على الفسخ إنما هو الجمع ، وعلى القول بالبطلان ، لا جمع فلا يكون لهما الاعتزال ، وقال المصنف : تقع باطلا ، وليس لهما الاعتزال (٢).

(ب) لا يقع باطلا في أصله ، بل يكون متزلزلا ، وللمدخول عليها فسخه ، وهو قول الباقين.

(الثالث) هل للعمة والخالة فسخ نكاح أنفسهما أم لا؟ قال الشيخان (٣) (٤) وسلار (٥) وأكثر الأصحاب بالأوّل ، وبالثاني قال العلامة (٦) وحكاه عن المصنف (٧) لأنّ المنهي عنه إنما هو العقد الثاني ، فيختص الحكم به ، ولأنّ التحريم بسبب حصل بعد الحكم بلزوم عقدهما فيكون الأصل فيه البقاء ، ولأنهما زوجتان قبل تجدّد الداخلة فكذا بعده عملا بالاستصحاب.

__________________

(١) السرائر : كتاب النكاح ص ٢٩٢ س ١ قال : كانت العمة والخالة مخيّرة ثمَّ قال : والذي يقتضيه أصول مذهبنا انه يحتاج الى عقد ثان إذا عقد بغير إذنها إلخ.

(٢) لاحظ عبارة النافع.

(٣) المقنعة : باب نكاح المرأة وعمتها وخالتها ص ٧٧ س ٢٧ قال : وان شاءتا فارقتا الرجل واعتزلتاه واعتدّتا منه وتزوّجتا بعد العدة بغيره ولم يحتاجا في ذلك الى طلاق أكثر من اعتزالهما إيّاه.

(٤) النهاية : باب ما أحلّ الله تعالى من النكاح ص ٤٥٩ س ٥ قال : فان اعتزلت واعتدّت ثلاثة أقرء كان ذلك فراقا إلخ.

(٥) المراسم : شرائط الأنكحة ص ١٥٠ س ٥ قال : وان شاءت فارقت الزوج بغير طلاق وأعتدت منه.

(٦) و (٧) المختلف : النكاح ص ٨٠ قال : المقام الأول ثمَّ قال : ويحتمل أن يقال : إنه ليس لهما فسخ نكاحهما بل فسخ نكاح الداخلة وهو اختيار شيخنا أبي جعفر القاسم بن سعيد إلى قوله : لكن كلام الأصحاب ليس فيه استبعاد إلخ.

٢٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

قال العلّامة في المختلف : وكلام الأصحاب ليس فيه استبعاد ، لأنّ عقد الداخلة صحيح في نفسه ، لصدوره من أهله في محله ، جامعا لشرائطه ، ولا يؤثر تجدّد البطلان بفسخ العمة أو الخالة في صحته الأصلية كغيره من العقود الموقوفة على رضا الغير ، وإذا وقع صحيحا تساوت نسبته ونسبة عقد المدخول عليها ، فلما كان لها فسخ عقد الداخلة. كان لها فسخ عقدها (١).

(الرابع) هل للعمة والخالة فسخ نكاح الداخلة؟ نصّ عليه الشيخان (٢) (٣) وسلار (٤) وهو مذهب العلامة (٥) وقال القاضي : وإن لم ترض العمة أو الخالة بذلك ولم يفسخ الزوج العقد ، كان لهما اعتزاله (٦) وهذا يعطي أن العمة أو الخالة ليس لهما فسخ عقد الداخلة ، حيث علّق الفسخ على فعل الزوج.

(الخامس) قول القاضي يعطي جواز الفسخ للزوج من غير طلاق (٧) وهو مع

__________________

(١) المختلف : النكاح ص ٨٠ قال : المقام الأول ثمَّ قال : ويحتمل ان يقال : انه ليس لهما فسخ نكاحهما ، بل فسخ نكاح الداخلة وهو اختيار شيخنا أبي جعفر ، القاسم بن سعيد ، الى قوله : لكن كلام الأصحاب ليس فيه استبعاد إلخ.

(٢) المقنعة : باب نكاح المرأة وعمتها وخالتها ص ٧٧ س ٢٦ قال : كانتا بالخيار إن شاءتا أمضتا النكاح وإن شاءتا فسختاه.

(٣) النهاية : باب ما أحل الله تعالى من النكاح ص ٤٥٩ س ٣ قال : كانت العمة والخالة مخيّرة بين إمضاء العقد وبين الاعتزال فان امضت كان ماضيا ولم يكن لها بعد ذلك فسخ.

(٤) المراسم : شرائط الأنكحة ، ص ١٥٠ س ٤ قال : فنكاح المرأة على عمتها أو خالتها مراعى ، فان فسخته بطل إلخ.

(٥) المختلف : النكاح ص ٨٠ قال : المقام الثاني ، هل للعمة والخالة فسخ نكاح الداخلة نص الشيخان ، وهو المعتمد.

(٦) المهذب : ج ٢ ، باب في ذكر من يحرم نكاحه من النساء ص ١٨٨ س ١٥ قال : وإن لم ترضيا ولم يفسخ الزوج العقد إلخ.

(٧) تقدم آنفا تصريحه بذلك.

٢٥٤

وفي تحريم المصاهرة بوطء الشبهة تردد ، أشبهه أنّه لا يحرم.

______________________________________________________

ندوره ، ضعيف ، لأنه بالنسبة إلى الزوج لازم ، فلا يكون له فسخه.

(السادس) لو قلنا لهما فسخ نكاحهما لم يجب الارتقاب حتى يخرج عدة الفاسخة ، لكونها بائنة كغيره من الفسوخ ، ونص عليه ابن إدريس (١) فيحل له العقد على أختها ، وخامسة ، ولا نفقة لها ، وقال ابن حمزة : يجب الارتقاب إلى خروج العدّة ، فتحرم وطء بنت الأخ والأخت ، والعقد على الخامسة ، والأخت ، ويلزمه وجوب الإنفاق (٢).

(السابع) المشهور جواز العكس ، أي إدخال العمة والخالة على بنت أخيها وأختها ، وسوّى الصدوق في المقنع بينهما في التحريم (٣).

ومستنده رواية محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام : لا تتزوج العمة والخالة على ابنة الأخ وابنة الأخت بغير إذنهما (٤).

واحتج الباقون بالأصل ، وبرواية محمّد بن مسلم المتقدّمة (٥).

قال طاب ثراه : وفي تحريم المصاهرة بوطء الشبهة ، تردد ، أشبهه أنه لا يحرم.

أقول : ألحق الشيخ في النهاية الشبهة بالصحيح في المصاهرة ، لتبعيته له في لحوق النسب ، ووجوب المهر ، فتحصل التحريم لوجود أحكام الصحيح فيه ، ولأنّه

__________________

(١) السرائر : كتاب النكاح ص ٢٩٢ س ٤ قال : ولا يستحق في هذه العدة عليه نفقة ، وله أن يتزوّج بأختها في الحال.

(٢) الوسيلة : في بيان من يجوز العقد عليه ، ص ٢٩٣ س ١٨ قال : ويفرق بينهما حتى تخرج العمة أو الخالة من العدة.

(٣) المقنع : باب بدو النكاح ، ص ١١٠ س ٦ قال : ولا تنكح امرأة على عمتها ولا على خالتها ، ولا على ابنة أخيها ولا على ابنة أختها.

(٤) لا حظ عوالي اللئالى : ج ٣ ص ٣٢٨ الحديث ٢٠٤ وما علق عليه.

(٥) تقدّمت نقلا عن التهذيب : ج ٧ ص ٣٣٢ الحديث ٢.

٢٥٥

وأما الزنا فلا تحرم الزانية ، ولا الزوجة وإن أصرّت على الأشهر.

______________________________________________________

أحوط (١). واختاره العلامة في أكثر كتبه (٢) ومنع ابن إدريس لأصالة الإباحة (٣) واختاره المصنف (٤) والعلامة في التحرير (٥).

فرع

يشترط في نشر الحرمة بالشبهة ، السبق ، فلو وطئ الأب زوجة الابن لشبهة لم يحرم على الابن زوجته ، لسبق الحلّ ، وقال في المبسوط : بالتحريم لقوله تعالى «وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ» (٦) وأجيب : بأن دلالة الآية في هذا الباب ظنية ، فلا ترفع الحلّ المتيقن.

قال طاب ثراه : وأمّا الزنا فلا تحرم الزانية ، ولا الزوجة وإن أصرّت على الأشبه (الأشهر خ ل).

أقول : هنا مسألتان :

__________________

(١) النهاية : باب ما أحل الله تعالى من النكاح ص ٤٥٢ س ١١ قال : وإذا زنى الرجل بامرأة حرم على أبيه وابنه العقد عليها إلخ. وقال في المختلف فيما يحرم بالمصاهرة ص ٧٧ : مسألة قد بينا فيما سلف ان الزنا ينشر حرمة المصاهرة إلى قوله : ويلزم القائل بذلك في الزنا القول به في عقد الشبهة ووطء الشبهة إلخ فعلى هذا إذا كان الشيخ قائلا بحرمة المصاهرة في الزنا فلا بد عليه من القول في عقد الشبهة كما لا يخفى.

(٢) التذكرة : ج ٢ كتاب النكاح ، في المحرمات بالمصاهرة ، ص ٦٣١ س ٣٧ قال : الثاني الوطء بشبهة الى أن قال : وهذا يتعلق به التحريم إجماعا ، وفي القواعد ، الفصل الثاني المصاهرة ص ١٤ س ١٨ قال : وهل يلحق الوطء بالشبهة والزنا بالصحيح خلاف.

(٣) السرائر : كتاب النكاح ص ٢٨٦ س ٢٥ قال : واما المرأة التي وطأها إلى أن قال : والّذي يدل على صحة ما اخترناه أن الأصل الإباحة والحذر يحتاج إلى دليل إلخ.

(٤) لا حظ عبارة النافع.

(٥) التحرير : كتاب النكاح ص ١٣ قال : (ح) وطء الشبهة وعقدها هل بنشر حرمة المصاهرة أم لا؟ قال الشيخ : نعم وفيه اشكال.

(٦) النساء : ٢٢.

٢٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الأولى : هل يحلّ نكاح الزانية أم لا؟ للشيخ قولان : التحريم قاله في النهاية (١) وبه قال المفيد (٢) والقاضي (٣) والتقي (٤) لوجوه :

(أ) قوله تعالى «وَالزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ» (٥) فالضمير إن عاد إلى الزنا كان تأكيدا ، وإن عاد إلى نكاح الزانية كان تأسيسا وهو أرجح.

(ب) إنّ أعظم حكمة الحدّ والزجر عن الزنا انما هو لمكان اختلاف الأنساب ، فلو أبيح نكاح الزانية لزم الاختلاط المحذور.

(ج) رواية أبي بصير قال : سألته عن رجل فجر بامرأة ثمَّ أراد بعد أن يتزوّجها ، فقال : إذا تابت حلّ له نكاحها ، قلت : كيف تعرف توبتها؟ قال : يدعوها إلى ما كان عليه من الحرام ، فان امتنعت واستغفرت ربّها عرفت توبتها (٦).

وفي معناها رواية عمّار (٧).

__________________

(١) النهاية : باب ما أحلّ الله تعالى من النكاح ص ٤٥٨ س ١٠ قال : وإذا فجر بامرأة غير ذات بعل فلا يجوز له العقد عليها إلخ.

(٢) المقنعة : باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ص ٧٧ س ١٧ قال : فان فجر بها وهي غير ذات بعل الى أن قال : والّا فلا.

(٣) المهذب : ج ٢ باب في ذكر من يحرم نكاحه من النساء ص ١٨٨ س ٨ قال : وان لم يكن للمرأة زوج وفجر بها رجل حرم العقد عليها إلخ.

(٤) الكافي : فصل فيما يحرم من النكاح ص ٢٨٤ قال : الضرب الثاني الزنا ومقدماته من رؤية وضم وتقبيل ومحادثة الى أن قال : والضرب الثالث ، والمعقود عليها بعد الزنا حتى تستبرئ.

(٥) النور : ٣.

(٦) التهذيب : ج ٧ (٢٨) باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ثمَّ يبدو له في نكاحها ص ٣٢٧ الحديث ٦.

(٧) التهذيب : ج ٧ (٢٨) باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ثمَّ يبدو له في نكاحها ص ٣٢٨ الحديث ٧.

٢٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

والأولى مقطوعة ، والثانية ضعيفة.

والجواز قاله في الخلاف (١) والاستبصار (٢) وبه قال ابن إدريس (٣) والمصنف (٤) والعلامة (٥) لأصالة الإباحة ، ولعموم (فانكحوا) ، ولصحيحة الحلبي قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : أيّما رجل فجر بامرأة حراما ثمَّ بدا له أن يتزوّجها حلالا ، فإنّ أوّله سفاح وآخره نكاح ، ومثله مثل النخلة أصاب الرّجل من ثمرها حراما ثمَّ اشتراها بعد فكانت له حلالا (٦).

ومثلها رواية أبي بصير عنه عليه السّلام (٧).

الثانية : لو أصرّت امرأته على الزنا قيل فيه ثلاثة أقوال :

(أ) التحريم قال المفيد (٨) وتلميذه (٩).

(ب) عدمه وهو اختيار الأكثر.

__________________

(١) كتاب الخلاف : كتاب النكاح ، مسألة ٦٧١ قال : إذا زنى بامرأة جاز له نكاحها فيما بعد إلخ.

(٢) الاستبصار : ج ٣ (١٠٩) باب كراهية العقد على الفاجرة ، ص ١٦٨ أحاديث ١ ـ ٢ ـ ٣.

(٣) السرائر : كتاب النكاح ص ٢٨٧ س ٢٣ قال : والزانية حتى تتوب على الزاني بها الى أن قال : ذلك على الاستحباب دون الوجوب : وهو الذي يقوى في نفسي وأفتي به لأن الأصل الإباحة إلخ.

(٤) لاحظ عبارة النافع.

(٥) المختلف : في النكاح ص ٧٩ قال : مسألة يكره العقد على الفاجرة وان كان الزاني هو العاقد الى قوله : لنا أصالة الإباحة.

(٦) التهذيب : ج ٧ (٢٨) باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ثمَّ يبدو له في نكاحها ص ٣٢٧ الحديث ٣.

(٧) الكافي : ج ٥ باب الرجل يفجر بالمرأة ثمَّ يتزوّجها ص ٣٥٦ الحديث ٣.

(٨) المقنعة : باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ثمَّ يبدو له في نكاحها ، ص ٧٧ س ٢٢ قال : ولا يجوز له إمساكها وهي مصرّة على الفجور إلخ.

(٩) المراسم : ذكر شرائط الأنكحة ص ١٤٩ س ١٢ قال : وإن زنت امرأته لم تحرم عليه إلّا أن تصرّ.

٢٥٨

وهل تنشر حرمة المصاهرة؟ قيل : نعم إن كان سابقا ، ولا تنشر إن كان لا حقا ، والوجه : أنّه لا تنشر.

______________________________________________________

(ج) انفساخ النكاح ، حكاه ابن حمزة عن بعض الأصحاب (١).

احتج سلار بأنّ أعظم فوائد النكاح التناسل ، ولا يؤمن امتزاج الأنساب مع الزنا ، وهو محذور (٢).

احتج المسوّغون بقوله عليه السّلام : لا يحرم الحرام الحلال (٣).

وبرواية عباد بن صهيب عن الصادق عليه السّلام قال : لا بأس بأن يمسك الرجل امرأته إذا رآها تزني ولم يقم عليها الحدّ فليس عليه من إثمها شي‌ء (٤).

وروى عن النبي صلّى الله عليه وآله أنه سأله رجل فقال : يا رسول الله صلّى الله عليه وآله ما ترى في امرأة عندي ما ترد يد لامس؟ قال : طلّقها ، قال : إني أحبّها ، قال : فأمسكها إن شئت (٥).

قال طاب ثراه : وهل تنشر حرمة المصاهرة؟ قيل : نعم إن كان سابقا ، ولا تنشر إن كان لا حقا ، والوجه أنّه لا تنشر.

أقول : الزنا بالمرأة هل تنشر حرمة التزويج بأمّها ، أو بنتها ، وتنشر حرمة التزويج

__________________

(١) الوسيلة : فصل في بيان من يجوز العقد عليه ص ٢٩٤ س ١٢ قال : وإذا أصرّت المرأة عند زوجها على الزنا انفسخ نكاحها على قول بعض الأصحاب.

(٢) لم أعثر على هذا الاحتجاج في المراسم ولكن نقله في المختلف : كتاب النكاح ص ٧٩ س ٢٠ قال : احتج سلار إلخ.

(٣) التهذيب : ج ٧ (٢٨) باب القول في الرجل يفجر بالمرأة يبدو له في نكاحها ص ٣٢٨ الحديث ٩ ولفظه (إنّ الحرام لا يحرم الحلال ، وفي سنن ابن ماجه ج ١ كتاب النكاح (٦٣) باب لا يحرم الحرام الحلال ، الحديث ٢٠١٥.

(٤) التهذيب : ج ٧ (٢٨) باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ثمَّ يبدو له في نكاحها ص ٣٣١ الحديث ٢٠.

(٥) سنن النسائي : ج ٦ كتاب النكاح (تزويج الزانية).

٢٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

بها على أب الزاني وابنه كالنكاح الصحيح؟ اختلف فيه الأصحاب ، فأثبته الشيخ (١) والتقي (٢) والقاضي (٣) وابن حمزة (٤) وابن زهرة (٥) واختار العلامة في المختلف (٦) ومنعه المفيد (٧) وتلميذه (٨) والسيد (٩) وابن إدريس (١٠) والصدوق في المقنع (١١) واختاره المصنف (١٢).

__________________

(١) النهاية : باب ما أحل الله تعالى من النكاح ، ص ٤٥٢ س ١١ قال : وإذا زنى الرجل بامرأة حرم على أبيه وابنه العقد عليها إلخ.

(٢) الكافي : النكاح ص ٢٨٦ س ٢ قال : وأمّا المحرمات بالأسباب الى أن قال : وأمّ المزني بها قبل العقد.

(٣) المهذب : ج ٢ باب في ذكر من يحرم نكاحه من النساء ص ١٨٨ س ١١ قال : وإذا فجر رجل بامرأة حرم عليه العقد على أمّها.

(٤) الوسيلة : فصل في بيان من يجوز العقد عليه ص ٢٩٤ س ٩ قال : وكل وطء لشبهة أو حرام ينشر تحريم المصاهرة.

(٥) لم أظهر عليه في الغنية ، وفي المختلف : فيما يحرم بالمصاهرة ص ٥٧ س ١٧ قال في عداد من قال بالحرمة : وابن زهرة.

(٦) المختلف : كتاب النكاح ص ٧٥ س ١٨ قال بعد نقل قول الشيخ أوّلا ومنع المفيد ثانيا : والمعتمد الأول.

(٧) المقنعة : باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ص ٧٧ س ٢٠ قال : ولا بأس للرجل أن يتزوج بامرأة قد سافح أمّها أو ابنتها ولا يحرم ذلك عليه نكاح الام والبنت سواء كانت المسافحة قبل العقد أو بعده.

(٨) المراسم : ذكر شرائط الأنكحة ص ١٤٩ س ١١ قال : فان زنى بأجنبية لم تحرم عليه أمّها ولا بنتها.

(٩) الناصريات ، المسألة التاسعة والأربعون والمائة ، قال : الزنا لا يوجب تحريم المصاهرة ، الذي يذهب إليه أصحابنا انه من زنى بامرأة جاز له ان يتزوّج بأمّها وابنتها سواء كان الزنا قبل العقد أو بعده.

(١٠) السرائر : كتاب النكاح ص ٢٨٩ س قال : وأمّا الوطء الحرام فعلى الصحيح من المذهب لا ينشر تحريم المصاهرة إلخ.

(١١) المقنع : باب بدء النكاح ص ١٠٨ س ١٥ قال : فان زنى بأمّها فلا بأس أن يتزوّجها بعد أمّها وابنتها وأختها إلخ.

(١٢) لا حظ عبارة النافع.

٢٦٠