المهذّب البارع - ج ٣

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

نعم لو أوصى لمكاتب قد تحرّر بعضه ، مضت الوصية في قدر نصيبه من الحرية. وتصح لعبد الموصي ومدبّره ومكاتبه وأمّ ولده.

______________________________________________________

عن بعض أصحابنا (١) واختاره المصنف (٢) والعلامة صحة الوصية للذمي مطلقا ، لأصالة الصحة ، والجواز ، ولأنها نوع عطية ولا فرق بين وقوعها حال الحياة أو بعد الوفاة (٣) ، ولما رواه محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام في رجل أوصى بماله في سبيل الله ، قال : أعط لمن أوصى له وان كان يهوديا أو نصرانيا ، ان الله تعالى يقول «فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (٤) (٥).

قال طاب ثراه : ولو أوصى لمكاتب قد تحرّر بعضه ، مضت الوصية في قدر نصيبه من الحرية.

أقول : معناه : إذا أوصى لمكاتب قد تحرّر نصفه مثلا ، بوصية ، صحّ له منها نصفها ، ولو كان المتحرّر ثلثاه ، صحّ له منها الثلثان ، لكن بعد خروج ذلك من ثلث تركة الموصي. وهل المعتبر من الثلث ممّا صح له بنصيب الحرية ، أو التقسيط على نصيب الحرية يكون بعد اعتبار الثلث؟ مثلا أوصى له بمائة وتركته مائة وخمسون ، فعلى تقدير تقديم اعتبار التقسيط ، يصح له خمسون ، لأنا نعطيه نصف ما اوصى له به ، ثمَّ نقيسه على الثلث وقد خرج منه. وعلى تقدير تقديم اعتبار الثلث على التقسيط يصح له خمسة وعشرون ، لأنه لما أوصى له بمائة وهي زائدة على الثلث ، رددناها الى الثلث ، فكان الخارج خمسين ، فيقسط على ما فيه من الحرية ، وهو

__________________

(١) الخلاف : كتاب الوصايا ، مسألة ٢٦ قال : وفي أصحابنا خاصة من قيّدها إذا كانوا أقاربه.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) المختلف : في الوصايا ص ٥٢ س ٣٨ قال : والوجه صحة الوصية للذمي خاصة لأصالة الصحة إلخ.

(٤) البقرة : ١٨١.

(٥) الفقيه : ج ٤ باب إنفاذ الوصية والنهى عن تبديلها ، الحديث (١).

١٠١

ويعتبر ما يوصي به لمملوكه بعد خروجه من الثلث ، فان كان بقدر قيمته أعتق وكان الموصى به للورثة ، وان زاد اعطى العبد الزائد ، وان نقص عن قيمته سعى في الباقي ، وقيل : ان كانت قيمته ضعف الوصية بطلت ، وفي المستند ضعف.

______________________________________________________

النصف ، فيصحّ له خمسة وعشرون ، وهذا الوجه أشبه من الأول ، لأنه لو لا ذلك لكان مساويا للحرّ ، وهو محال.

قال طاب ثراه : ويعتبر ما يوصى به لمملوكه بعد خروجه من الثلث ، فان كان بقدر قيمته أعتق وكان الموصى به للورثة ، وان زاد اعطى العبد الزائد ، وان نقص عن قيمته سعى في الباقي ، وقيل : ان كانت قيمته ضعف الوصية بطلت ، وفي المستند ضعف.

أقول : إذا أوصى الإنسان للعبد ، لا يخلو إمّا أن يكون العبد للموصي ، أو لورثته ، أو لأجنبي ، والثالث لا يصح الوصية له إجماعا ، والثاني أجازه في المبسوط (١) وتبعه القاضي (٢) ومنعه الباقون والأوّل جائز بالإجماع ، وهو موضع البحث هنا.

إذا عرفت هذا فنقول : إذا أوصى لعبده بشي‌ء قيس ذلك الشي‌ء إلى قيمته تقويما عادلا ، فان كان بقدر القيمة عتق ولا شي‌ء له ولا عليه ، وان كان أكثر من قيمته عتق وأعطى الفضل ، وان كانت قيمته أكثر ممّا أوصى له قال المصنف : عتق منه مساوى الوصية وسعى في الباقي بالغا ما بلغ (٣) وعليه دل إطلاق

__________________

(١) المبسوط : ج ٤ كتاب الوصايا ص ٦١ س ١٩ قال : إذا أوصى لعبد نفسه أو لعبد ورثته صحت الوصية عندنا إلخ.

(٢) المهذب : ج ٢ كتاب الوصايا ص ١٠٨ س ٢٣ قال : وإذا أوصى لعبد نفسه أو لعبد ورثته كان ذلك صحيحا إلخ.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

١٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الفقيه (١) والتقي (٢) والشيخ في الخلاف (٣) وبه قال ابن إدريس (٤) واختاره العلامة (٥) وقال الشيخان في النهاية والمقنعة : يستسعى فيما تقي من قيمته زائدا عمّا أوصى له به إن كانت القيمة أكثر من الموصى به بقدر سدسه أو ربعه أو ثلثه ، وان كانت القيمة أكثر بالضعف ، أي بقدر الوصية مرتين بطلب الوصية مثل أن يكون الموصى به مائة والقيمة مائتين (٦).

والمستند ما رواه الحسن بن صالح عن الصادق عليه السّلام في رجل اوصى لمملوك له بثلث ماله ، قال : يقوم المملوك بقيمته ثمَّ ينظر ما ثلث الميت ، فان كان الثلث أقل من قيمة العبد بقدر ربع القيمة استسعى العبد في ربع القيمة ، وان كان الثلث أكثر من قيمة العبد أعتق العبد ودفع اليه ما فضل من الثلث بقدر القيمة (٧) وتعليق الحكم على وصف يقتضي عدمه عند عدمه ، قضيّة للتعليق ، فأمره

__________________

(١) المختلف : في الوصايا ، ص ٥٧ س ٣١ قال : وقال على بن بابويه : إذا أوصى لعبده بثلث ماله قوّم المملوك قيمة عادلة إلخ.

(٢) الكافي : فصل في الوصية ص ٣٦٥ س ٧ قال : وإذا اوصى بعتق عبده بعد موته ، أو أوصى له بثلث ماله وكانت قيمة العبد إلخ.

(٣) الخلاف : كتاب الوصايا مسألة ٤٨ قال : إذا اوصى لعبد نفسه صحت الوصية وقوم العبد وأعتق إلخ.

(٤) السرائر : في الوصايا ص ٣٨٦ س ١٧ قال : وإذا أوصى الإنسان لعبده بثلث ماله إلخ.

(٥) المختلف : في الوصايا ص ٥٧ س ٣٥ قال : والمعتمد ان نقول : ان كانت الوصية بجزء مشاع كثلث أو نصف أو ربع إلخ.

(٦) النهاية : باب الوصية وما يصح منها وما لا يصح ص ٦١٠ س ٩ قال : وإذا أوصى الإنسان لعبده الى أن قال : وان كانت القيمة أكثر من الثلث بمقدار السدس أو الربع أو الثلث إلخ وفي المقنعة ، باب وصية الإنسان لعبده ص ١٠٢ س ٣١ قال : وان كانت قيمته أكثر من الثلث بمقدار إلخ.

(٧) الاستبصار : ج ٤ (٨١) باب من أوصى لمملوكه بشي‌ء ، ص ١٣٤ ، الحديث ١.

١٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

بالاستسعاء عند نقص القيمة بقدر الربع يوجب عدمه عند الزيادة ، ودلالة المفهوم ضعيفة وقد بيّن في موضعه ، والسند أيضا ضعيف ، لأنّ الراوي الحسن بن صالح بن حي أحد أركان الزيدية واليه نسبت الصالحية.

تنبيه

إطلاق الأصحاب اعتبار ما ذكرناه ، ولم يفصلوا بين كون الوصية للعبد بمشاع كثلث مالي ، أو ربعه ، أو بمعين كاعطوه هذه الدار. وقال ابن الجنيد : ان كانت الوصية للمملوك بمال مسمّى لم يكن عتاق لجواز إخراج ذلك من غير رقبته ، ولو كانت جزء من التركة كعشرة أو نحوه كان العبد بما يملكه من ذلك الجزء من رقبته محرّرا (١) وهذا بناء منه على انّ العبد يملك. وقال العلامة في المختلف : ان كانت الوصية بجزء مشاع قوم العبد أو عتق من الوصية ، فإن فضل من قيمته سعى في الفاضل للورثة ، سواء كان الفاضل ضعف قيمته أو أقل أو أزيد ، وان قصر عتق وأخذ الفاضل وان ساواه عتق ولا شي‌ء له ولا عليه ، وان كانت الوصية بمعين بطلت ولا شي‌ء له ولا يعتق منه شي‌ء لأنه قصد إعطاء عين فلا يجوز التخطي إلى غيرها ، لأنه يكون تبديلا للوصية ، ولان العبد لا يملك فلا يصح له الوصية ، ولا يمكن أن يحرر من قيمة العين لما فيه من التبديل للوصية المنهي عنه ، ولا مجانا إذ لا سبب له ، ولأنه إضرار بالوارث وزيادة على الوصية ، وعليه يحمل قول أحدهما

__________________

(١) المختلف : في الوصايا ، : ص ٥٧ س ٣٢ قال : وقال ابن الجنيد : لو أوصى للمملوك بثلث ماله الى أن قال : ولو كانت الوصية للمملوك بمال مسمى لم يكن عتاق ، ثمَّ قال العلامة : والمعتمد أن تقول : ان كانت الوصية بجزء مشاع الى قوله «ولا يعتق منه شي‌ء فبعد اقامة الدليل على الأوّل ، قال : وعلى الثاني ، انه لو قصد إعطاء عين فلا يجوز التخطي إلى غيرها إلخ».

١٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

عليهما السّلام : لا وصية لمملوك (١) فإنه أعم من الوصية لمملوك الغير ، هذا اختياره في المختلف (٢) واستشكله في القواعد (٣) وباقي الأصحاب مطبقون على الصحة من غير تفصيل ، واختاره فخر المحققين (٤) وكذا العلامة جزم بمتابعة الأصحاب في كتاب فتواه (٥) وهو مذهب الشهيد (٦).

وما امتن تحقيق المختلف ، لكن متابعة الأصحاب أمتن.

ويمكن ان يجاب عنه.

قوله «لأنه قصد إعطاء المعين ويلزم منه إمّا التبديل إن قاصصناه برقبة ، أو تمليك من لا يملك إن دفعنا إليه العين».

قلنا : نختار القسم الأول ، ونتخلص بأمرين.

أحدهما يلزمك مثله في باب المشاع ، لأنه قال : أعطوه ثلث مالي ، ومقتضى ذلك أن يعطى من كلّ شي‌ء ثلثه ، فالصرف إلى الرقبة تبديل.

__________________

(١) الوسائل : ج ١٣ كتاب الوصايا ص ٤٦٦ الحديث ٢ من باب ٧٨.

(٢) المختلف : في الوصايا ، ص ٥٧ س ٣٢ قال : وقال ابن الجنيد : لو أوصى للمملوك بثلث ماله الى أن قال : ولو كانت الوصية للمملوك بمال مسمى لم يكن عتاق ، ثمَّ قال العلامة : والمعتمد أن تقول : ان كانت الوصية بجزء مشاع الى قوله «ولا يعتق منه شي‌ء فبعد اقامة الدليل على الأوّل ، قال : وعلى الثاني ، انه لو قصد إعطاء عين فلا يجوز التخطي إلى غيرها إلخ».

(٣) القواعد : المطلب الثالث الموصى له ، ص ٢٩٣ س ٤ قال : ويصح بالجزء الشائع لعبد الموصي الى أن قال : وفي المعين إشكال.

(٤) إيضاح الفوائد : ج ٢ ص ٤٨٤ قال بعد نقل قول القواعد : أقول : هذا اختيار الشيخ في الخلاف الى أن قال : وهو الأقوى.

(٥) الإرشاد : الركن الثالث في الموصى له ، قال : ولو أوصى لعبده الى أن قال صح ثمَّ يقوم له بعد إخراج الوصية إلخ.

(٦) الدروس : كتاب الوصية ، ص ٢٤٣ س ١٩ قال : ولو أوصى لعبده صح وعتق من الوصية وفاضلها له إلخ.

١٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

لا يقال : ينعتق من شي‌ء قطعا وينعتق الباقي سراية ، وله فضل مال ملكه بسبب حرية جزئه فيسري عليه ، فيقاص بما كان موجودا ، ويسعى في الباقي ، وهذا المعنى غير متحقق في المعين.

لأنا نقول : لو صحّ هذا لوجوب أن يكون القدر المملوك له من المال على نسبة ما عتق منه ، ولم يقل به.

الثاني أنّ المعين يلزمه الإشاعة. وبيان ذلك :

ان الإنسان إذا أوصى له بمعين وخرج من الثلث لا يملكه مستقرا بالموت ، بل يكون متعلقا ببقاء ما يخرج منه من التركة ، فلو كان بعض التركة غائبا لم يطلق له من التصرف في العين إلّا بحسب ما اقتدر الوارث على مثله ، ولو تلف بعض التركة بحيث يعجز عن قصور المعين ملك الوارث منه بالنسبة ، وحينئذ نقول :

إذا أوصى لعبده بمعين كان له تعلق بجميع التركة ومن جملتها رقبته ، فيكون لها دخولا في الموصى به.

وأيضا فإنّ شاهد حال الموصي أنه قصد نفع الموصى له ، وأهمّ الأشياء إليه نفسه وأنفع الأشياء له خلاصه من الرقّ وملك نفسه ، فإنّه كالوجود الثاني ، ولهذا شابه النسب وترتب عليه الإرث لما كان سببا في تملكه وزوال الحجر عنه ، كما كان الأب سببا في وجود الولد.

وأيضا العتق مبنىّ على التغليب ، فيكفي في التوصل إليه بأدنى سبب.

وأيضا في تنفيذ الوصية حفظا لمقصد المسلم عن الضياع صونا للفظه عن الهدر.

وأيضا الأصل صحة الوصية ، فإبطالها يفتقر الى دليل شرعي ، وليس في الشرع ما يدلّ على بطلانها من كتاب أو سنة.

قوله «العبد لا يملك ولا يصح الوصية له».

١٠٦

ولو أعتقه عند موته وليس غيره وعليه دين ، فان كانت قيمته بقدر الدين مرتين ، صحّ العتق ، والّا بطل ، وفيه وجه آخر ضعيف.

______________________________________________________

قلنا : هذا لا يصلح للمنع في هذه الصورة ، لجوازه في المشاع.

قوله «وعليه يحمل ، لا وصية لمملوك وهو عام».

قلنا : العام يختص للديل ، وقد بيّناه من النص وعمل الأصحاب.

قال طاب ثراه : ولو أعتقه عند موته وليس غيره وعليه دين ، فان كانت قيمته بقدر الدين مرتين صح العتق ، والّا بطل ، وفيه وجه آخر ضعيف.

أقول : إذا أعتق عبده المستوعب عند موته وعليه دين ، أو أوصى بعتقه ، فهنا قسمان :

الأوّل : يتخير العتق ، وهو الذي فرضه المصنف هنا ، وفيه ثلاثة أقوال :

(أ) اشتراط المصنف في النافع في صحة العتق كون القيمة بقدر الدين مرتين (١) وهو اختيار المفيد (٢) لصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه السّلام ، في حديث طويل ، قلت : رجل مات وترك عبدا ولم يترك مالا غيره ، وقيمة العبد ستمائة درهم ودينه خمسمائة درهم فأعتقه عند الموت ، كيف يصنع فيه؟ قال : يباع فيأخذ الغرماء خمسمائة درهم ، وتأخذ الورثة مائة درهم ، ثمَّ قال : قلت : فان كانت قيمته ستمائة درهم ودينه أربعمائة درهم ، قال : كذا يباع العبد فيأخذ الغرماء أربعمائة ويأخذ الورثة مائتين ، ولا يكون للعبد شي‌ء ، قال : قلت : فان كانت قيمة العبد ستمائة درهم ودينه ثلاثمائة درهم ، قال : فضحك ، ثمَّ قال بعد كلام فالآن يوقف العبد ويستسعى فيكون نصفه للغرماء ، ويكون ثلثه

__________________

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) المقنعة : باب وصية الإنسان لعبده ص ١٠٢ س ٣٤ قال : وإذا كان على الإنسان دين ولم يخلف الّا عبدا أو عبيدا فأعتقهم إلخ.

١٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

للورثة ، ويكون له السدس (١).

(ب) تنفيذ العتق من الأصل وسقوط الدين ، وهو قول ابن إدريس (٢) وهو بناء على أنّ منجّزات المريض ماضيه من الأصل.

(ج) تقديم حق الديان وعتقه من ثلث الباقي وان قل ، ويستسعى فيما يخص الديان والوارث على النسبة ، مثلا ، كانت قيمته ثلاثمائة وعليه من الدين مائتان ، عتق تسعه ويسعى في ثمانية أتساعه ستة اتساع للديان وتسعان للورثة ، وهو قول العلامة قدّس الله روحه (٣) احتج بحسنة الحلبي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : رجل قال : إذا متّ فعبدي حرّ وعلى الرجل دين ، قال : ان توفي وعليه دين قد أحاط بثمن الغلام بيع العبد ، وان لم يكن أحاط بثمن العبد يستسعى العبد في قضاء دين مولاه ، وهو حرّ إذا أوفى (٤).

الثاني : ان يوصى بعتق المستوعب ولم يذكره المصنف في هذا الكتاب ، بل في الشرائع ، وفيه قولان :

(أ) عتق ثلث ما فضل من الدين بالغا ما بلغ وهو مذهب العلامة (٥) واختاره

__________________

(١) الفروع : ج ٧ كتاب الوصايا ص ٢٦ باب من أعتق وعليه دين قطعة من حديث ١.

(٢) السرائر : في الوصايا ، ص ٣٨٦ س ٣٠ قال : فإن أعتقه في الحال وثبت عتقه قبل موته مضى العتق وليس لأحد من الديان ولا للورثة عليه سبيل الى أن قال : وانما ذلك عطية منجزة في الحال وعطايا المنجزة صحيحة على الصحيح من المذهب إلخ.

(٣) المختلف : في الوصايا ص ٥٨ س ١٨ قال : والمعتمد أن نقول : الى أن قال : وان قصر الدين عن قيمته عتق ثلث الفاضل إلخ.

(٤) التهذيب : ج ٩ (١٨) باب وصية الإنسان لعبده وعتقه له قبل موته ، ص ٢١٨ الحديث ٧.

(٥) المختلف : في الوصايا ، ص ٥٨ س ١٨ قال بعد نقل قول المفيد : من انه إذا كان على الإنسان دين ولم يخلف الّا عبدا أو عبيدا فأعتقهم ما لفظه : وان قصر الدين عن قيمته ، عتق ثلث الفاضل واستسعى في الباقي.

١٠٨

ولو أوصى لأمّ ولده صحّ ، وهل تعتق من الوصية أو من نصيب الولد؟ قولان : فإن أعتقت من نصيب الولد كان لها الوصية. وفي رواية أخرى : تعتق من الثلث ولها الوصية.

______________________________________________________

المصنف (١) بحسنة الحلبي وقد تقدمت ، فالعلامة لم يفرق بين المنجز عتقه وبين الموصى بعتقه ، عملا بمقتضى الأصول المقررة ، وفرّق المصنف بينهما ، فعمل في المنجز بصحيحة عبد الرحمن ، وفي الموصي بعتقه بحسنة الحلبي ، اعتمادا في كل واقعة بما ورد على عينها من النص ، وما امتنه.

(ب) اشتراط كون قيمته ضعف الدين ، وهو اختيار الشيخ في النهاية (٢) وتبعه القاضي (٣).

قال طاب ثراه : ولو أوصى لأمّ ولده ، صحّ ، وهل تعتق من الوصية أو من نصيب الولد؟ فيه قولان.

أقول : هنا ثلاثة مذاهب :

(أ) وهو المشهور ، انها تعتق من الوصية ، فإن قصرت عن قيمتها عتقت من نصيب ولدها وهو مذهب ابن إدريس (٤) واختاره المصنف (٥) والعلامة في

__________________

(١) الشرائع : في الموصى له ، قال : وإذا أوصى بعتق مملوكه وعليه دين إلخ وأضاف في الجواهر : (ج ٢٨ ـ ص ٣٧٧) ولم يكن عنده سواه إلخ.

(٢) النهاية : باب الوصية وما يصح منها وما لا يصح ، ص ٦١٠ س ١٥ قال : وإذا أوصى الإنسان بعتق مملوك له وكان عليه دين إلخ.

(٣) المهذب : ج ٢ ، كتاب الوصايا ، ص ١٠٨ س ١ قال : وإذا أوصى بعتق مملوكه وكان عليه دين إلخ.

(٤) السرائر : باب الوصية ، ص ٣٨٦ س ٣٣ قال : والذي يقتضيه أصول مذهبنا : لأنها تنعتق بالوصية إلخ.

(٥) لاحظ عبارة المختصر النافع.

١٠٩

وإطلاق الوصية تقتضي التسوية ما لم ينصّ على التفضيل ، وفي الوصية لأخواله وأعمامه رواية بالتفضيل كالميراث ، والأشبه التسوية.

______________________________________________________

القواعد (١) وجزم به في كتاب فتواه (٢).

ووجهه : أن حق الورثة متأخر عن الوصايا ، لقوله تعالى «مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ» (٣) ولو فرض تساويهما كان تخصيصها بالغرامة أولى من ولدها ، لأن ذلك لمصلحتها.

(ب) انها تعتق من النصيب ولها الوصية بكمالها ، وهو مذهب الشيخ في النهاية (٤) واختاره العلامة في المختلف (٥) لأنّ التركة تنتقل إلى الورثة من حين الموت ، فثبت ملك الولد على جزء من امّه ، فتعتق عليه وتستحقّ الوصية.

(ج) أنّها تعتق من الثلث ولها الوصية لصحيحة ابي عبيدة قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام رجل كانت له أم ولد له منها غلام ، فلما حضرته الوفاة أوصى لها بألفي درهم أو بأكثر ، للورثة ان يسترقوها؟ قال : فقال : لا ، بل يعتق من ثلث الميت ويعطى ما أوصى لها به (٦).

قال طاب ثراه : وفي الوصية لأعمامه وأخواله رواية بالتفضيل كالميراث ، والأشبه التسوية.

__________________

(١) القواعد : المطلب الثالث ، الموضئ له ، ص ٢٩٣ س ١١ قال : ولو أوصى لأمّ ولده فالأقرب أنها تعتق من الوصية إلخ.

(٢) الإرشاد : الركن الثالث في الموصى له ، قال : وينعتق أم ولده من الوصية ، لا من نصيب الولد على رأي (مخلوط).

(٣) النساء : ١١.

(٤) النهاية : باب الوصية وما يصح منها وما لا يصح ص ٦١١ س ٢ قال : وإذا أوصى لأمّ ولده أعتقت من نصيب ولدها إلخ.

(٥) المختلف : في الوصايا ، ص ٥٨ س ٣٠ قال : والمعتمد الأول ، أي قول الشيخ في النهاية.

(٦) الفروع : ج ٧ كتاب الوصايا ، باب الوصية لأمهات الأولاد ، الحديث ٤.

١١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : تفضيل الأعمام على الأخوال كالميراث في الوصية مذهب الشيخ في النهاية (١) والقاضي (٢) وأبي علي (٣) والتسوية مذهب ابن إدريس (٤) واختاره المصنف (٥) والعلامة (٦).

احتج الشيخ بما رواه زرارة عن الباقر عليه السّلام في رجل اوصى بثلث ماله في أعمامه وأخواله ، فقال : لأعمامه الثلثان ولأخواله الثلث (٧) ووردت هذه بطرق ، فالشيخ رواها بطريق وقع فيه سهل بن زياد (٨) والصدوق رواه في الصحيح (٩) ومحمّد بن يعقوب رواها في الحسن (١٠)

احتج العلامة بأصالة التسوية ، وبأنها ثابتة في الأولاد الذكور والإناث ، وحمل

__________________

(١) النهاية : باب الوصية المبهمة والوصية بالعتق والحج ص ٦١٤ س ٨ قال : وإذا أوصى الإنسان بشي‌ء لأعمامه وأخواله كان لأعمامه الثلثان ولأخواله الثلث.

(٢) لم نعثر عليه في المهذب والجواهر ، وفي المختلف : في الوصايا ص ٦٠ س ٣٣ بعد نقل قول الشيخ في النهاية قال : وتبع الشيخ ابن البراج.

(٣) المختلف : في الوصايا ، ص ٦٠ س ٣٣ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية : ورواها ابن الجنيد.

(٤) السرائر : باب الوصية المبهمة والوصية بالعتق ص ٣٨٩ س ٢١ قال : والذي يقتضيه مذهبنا ان لكل واحد من أحواله مثل كل واحد من أعمامه.

(٥) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٦) المختلف : في الوصايا ، ص ٦٠ س ٣٣ قال بعد نقل قول ابن إدريس : وهو المعتمد ، لنا أصالة التسوية إلخ.

(٧) التهذيب : ج ٩ (١٦) باب الوصية المبهمة ، ص ٢١٤ الحديث ٢٢ وسند الحديث «سهل بن زياد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن زرارة».

(٨) التهذيب : ج ٩ (١٦) باب الوصية المبهمة ، ص ٢١٤ الحديث ٢٢ وسند الحديث «سهل بن زياد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن زرارة».

(٩) الفقيه : ج ٤ (١٠٣) باب الوصية للأقرباء والموالي ص ١٥٤ الحديث ١ وسند الحديث «روى الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن زرارة».

(١٠) الفروع : ج ٧ ، باب من أوصى لقراباته ومواليه ، ص ٤٥ الحديث ٣ وسند الحديث «عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد ، وعلى بن إبراهيم عن أبيه ، جميعا عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن زرارة.

١١١

وإذا أوصى لقرابته ، فهم المعروفون بنسبة ، وقيل : لمن يتقرب اليه بآخر أب في الإسلام. ولو أوصى لأهل بيته دخل الأولاد والآباء ، والقول في العشيرة والجيران ، والسبيل ، والبرّ والفقراء كما مرّ في الوقف.

______________________________________________________

الرواية على كون المراد انه جعله بينهم على كتاب الله (١).

قال طاب ثراه : وإذا أوصى لقرابته ، فهم المعروفون بنسبة. وقيل : لمن يتقرّب اليه بآخر أب وأمّ في الإسلام.

أقول : في تفسير القرابة ثلاثة أقوال :

(أ) انّهم المعروفون بنسبة ، سواء كانوا ورّاثا ، أو لا ، وهو مذهب الشيخ في الكتابين (٢). وبه قال ابن إدريس (٣) واختاره المصنف (٤) والعلامة (٥) حملا لللفظ على المعنى العرفي عند تجرده عن الوضع الشرعي ، كما هو عادة الشرع فيما لم يضع له حقيقة ، كالقبض والإحياء.

(ب) انّهم جميع ذوي نسبه الراجعين الى آخر أب وأمّ في الإسلام بالسوية ، قاله المفيد (٦) وقال في الخلاف : ولم أجد به نصا ، ولا عليه دليلا مستخرجا ، ولا له

__________________

(١) تقدم آنفا.

(٢) المبسوط : ج ٤ كتاب الوصايا ص ٤٠ س ٦ قال : ان هذه الوصية للمعروفين من أقاربه في العرف الى أن قال : سواء كان وارثا أو غير وارث ، وفي الخلاف ، كتاب الوصايا ، في الوصية لأقربائه ، مسألة ٢٤.

(٣) السرائر : باب الوصية المبهمة والوصية بالعتق ، ص ٣٨٩ س ٢٧ قال : وإذا أوصى فقال : أعطوا ثلثي لقرابتي الى أن قال : فهذه الوصية للمعروفين من أقاربه في العرف إلخ.

(٤) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٥) المختلف : في الوصايا ص ٥٥ س ٣٠ قال : والمعتمد قول الشيخ في الخلاف والمبسوط حملا للفظ على المعنى العرفي إلخ.

(٦) المقنعة : باب الوصية المبهمة ص ١٠٢ س ٢٣ قال : وإذا وصى الإنسان بثلث ماله لقرابته الى أن قال : الى آخر أب له وأم في الإسلام.

١١٢

وإذا مات الموصى له قبل الموصي ، انتقل ما كان الى ورثته ما لم يرجع الموصي على الأشهر. ولو لم يخلف وارثا رجعت إلى ورثة الموصي. وإذا قال : أعطوا فلانا دفع اليه يصنع به ما شاء.

______________________________________________________

شاهدا (١).

(ج) إنهم من تقرّب اليه من جهة والده أو والدته ، قاله أبو على ، قال : ولا اختار ان يتجاوز بالتعرفة الأب الرابع ، لأن النبي صلّى الله عليه وآله لم يتجاوز ذلك في تعرفة سهم ذوي القربى من الخمس (٢).

قال طاب ثراه : وإذا مات الموصى له قبل الموصي ، انتقل ما كان للموصى له الى ورثته ما لم يرجع الموصي على الأشهر.

أقول : مختار المصنف هو المشهور ، وهو خيرة المفيد (٣) ورواه الصدوق (٤) وقال أبو علي : يبطل الوصية (٥) واختاره العلامة في المختلف (٦) وعلى الأوّل أكثر الأصحاب وجزم به العلامة في المعتمد (٧).

احتجّ المفيد برواية محمّد بن قيس عن الباقر عليه السّلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل أوصى لآخر ، والموصى له غائب ، فتوفّي الذي

__________________

(١) الخلاف : كتاب الوصايا ، مسألة ٢٤ قال : وليس لأصحابنا فيه نص عن الأئمة عليهم السّلام.

(٢) المختلف : في الوصايا ص ٥٥ س ٢٧ قال : وقال ابن الجنيد : كانت لمن تقرب اليه من جهة ولده أو والديه الى أن قال : ولا اختار إلخ.

(٣) المقنعة : باب الموصى له بشي‌ء يموت قبل الموصى ، ص ١٠٣ س ٥ قال : كان ما وصى به راجعا على ورثته إلخ.

(٤) المقنعة : باب الوصايا ص ١٦٦ س ٢ قال : فإن الوصية لوارث الذي أوصى له إلخ.

(٥) المختلف : في الوصايا ، ص ٦٥ س ٢١ قال : وقال ابن الجنيد : الى أن قال : وان مات أحدهم قبل موت الموصى بطل سهمه ، ثمَّ قال : ولا بأس بهذا القول عندي إلخ.

(٦) المختلف : في الوصايا ، ص ٦٥ س ٢١ قال : وقال ابن الجنيد : الى أن قال : وان مات أحدهم قبل موت الموصى بطل سهمه ، ثمَّ قال : ولا بأس بهذا القول عندي إلخ.

(٧) لم تطفر على كتابه المعتمد.

١١٣

الرابع : في الأوصياء ويعتبر التكليف والإسلام ، وفي اعتبار العدالة تردّد ، أشبهه انها لا تعتبر ، أمّا لو أوصى الى عدل ففسق بطلت وصيته.

______________________________________________________

أوصى له قبل الموصي ، قال : الوصية لوارث الذي أوصى له ، قال : ومن أوصى لأحد شاهدا كان أو غائبا فتوفّي الموصى له قبل الموصى ، فالوصية لوارث الذي أوصى له الّا أن يرجع في وصيته قبل موته (١) وبأن القبول حق للمورث ، فتثبت للوارث ، كخيار الردّ بالعيب.

احتجّ العلامة بأن الوصية عقد تفتقر إلى إيجاب وقبول ، وقد بينا ان القبول المنعقد به هو الذي يقع بعد الوفاة ، فصار الموت حينئذ العبرة به (٢) ويؤيده ما رواه أبو بصير ومحمّد بن مسلم في الصحيح عن الصادق عليه السّلام قال : سئل عن رجل أوصى لرجل فمات الموصى له قبل الموصي ، قال : ليس بشي‌ء (٣) ومثلها رواية منصور بن حازم في الموثق عنه عليه السّلام (٤) وأجاب عما تمسك به المفيد : بأنّ محمّد بن قيس مجهول ، وما تمسك هو به أصحّ طريقا ، وخيار العيب حق استقرّ للموروث فانتقل الى وارثه بخلاف القبول الذي هو جزء السبب ، فهو كقبول البيع ، والأول هو المشهور بين الأصحاب وعليه فخر المحققين (٥).

قال طاب ثراه : ويعتبر التكليف والإسلام ، وفي اعتبار العدالة تردّد ، أشبهه أنها لا تعتبر ، امّا لو أوصى الى عدل ففسق بطلت وصيته.

__________________

(١) الفروع : ج ٧ كتاب الوصايا ، باب من اوصى بوصية فمات الموصى له قبل الموصى ، ص ١٣ الحديث ١.

(٢) هكذا في النسخ المخطوطة الموجودة عندي ، وفي المختلف هكذا : «فصار الموت حينئذ لا عبرة به» لاحظ ص ٦٥. في الوصايا س ٢٤.

(٣) الاستبصار : ج ٤ كتاب الوصايا ، باب الموصى له يموت قبل الموصي ، ص ١٣٨ الحديث ٤.

(٤) الاستبصار : ج ٤ كتاب الوصايا ، باب الموصى له يموت قبل الموصي ، ص ١٣٨ الحديث ٥.

(٥) الإيضاح : ج ٢ ، في الوصايا ص ٤٧١ س ٧ قال : ولو مات قبل القبول قام وارثه مقامه في قبول الوصية هذه عبارة القواعد ، ولم يعلق عليه شيئا في الإيضاح.

١١٤

ولا يوصى الى المملوك إلّا بإذن مولاه. ويصحّ إلى الصّبي منضمّا إلى كامل ، لا منفردا ، ويتصرّف الكامل حتى يبلغ الصبي ، ثمَّ يشتركان ، وليس له نقض ما أنفذه الكامل بعد بلوغه. ولا تصح الوصية من المسلم الى الكافر ، وتصح من مثله. وتصح الوصية إلى المرأة.

______________________________________________________

أقول : هنا مسألتان :

(أ) اشتراط العدالة ابتداء مذهب الشيخين في المبسوط (١) والمقنعة (٢) وبه قال ابن حمزة (٣) والقاضي (٤) وسلار (٥) وجزم به العلامة في المعتمد (٦) واستقر به في القواعد (٧) وهو مذهب الشهيد (٨) واضطرب ابن إدريس ، فاعتبرها في أوّل بجثه ، لأنها أمانة فلا مناط بالفاسق ، ثمَّ قال بعد ذلك : والذي يقتضيه أصول مذهبنا ويشهد به أصولنا ورواياتنا أنّ العدالة في الوصيّ ليست شرطا في صحة الوصية

__________________

(١) المبسوط : ج ٤ ص ٥١ س ٣ قال : لا تصح الوصية الا الى من جمع صفات خمسة الى أن قال : والعدالة.

(٢) المقنعة : باب الأوصياء ص ١٠١ س ١٥ قال : وينبغي أن يكون الوصي عاقلا مسلما عدلا الى أن قال : ولا الى الفاسق إلخ.

(٣) الوسيلة : في بيان أحكام الوصية ، ص ٣٧٣ س ٣ قال : واما من يصح أن يوصى اليه الى أن قال : والعدالة.

(٤) المهذب : ج ٢ ، باب الأوصياء ص ١١٦ س ٣ قال : فليوص الى رجل مسلم عاقل مأمون حكيم الى أن قال : ولا كافر ولا فاسق إلخ.

(٥) المراسم : ذكر أحكام الوصية ص ٢٠٢ س ٣ قال : وتطلب في الأوصياء العدالة والعقل والحجى إلخ.

(٦) لم نظفر على كتابه.

(٧) القواعد : الرابع الوصي ص ٣٥٣ قال : الرابع العدالة وفي اعتبارها خلاف ، الأقرب ذلك.

(٨) الدروس : كتاب الوصايا ص ٢٤٧ س ٢٠ قال : ورابعها العدالة ، والمشهور اعتبارها فتبطل الوصية إلى الفاسق.

١١٥

ولو اوصى الى اثنين وأطلق ، أو شرط الاجتماع ، فليس لأحدهما الانفراد ، ولو تشاحّا لم يمض الّا ما لا بدّ منه ، كمئونة اليتيم ، وللحاكم

______________________________________________________

اليه ، وانما ذلك مستحب ، لا شرط في الصحة ، للإجماع على جواز إيداع الفاسق ، وهي أمانة ، فكذا الوصيّة (١) واختاره المصنف (٢) والعلامة في المختلف (٣) لأنها نيابة فيتبع اختيار المنوب ، وله قول آخر في القواعد باعتبارها فيما يعتبر فيه الأمانة ، كالولاية على اليتيم والتفرقة على المساكين (٤).

(ب) اشتراط استدامتها على تقدير حصولها ابتداء ، ثمَّ يطرء الفسق فهل يبطل وصيته؟ فمن قال باعتبارها ابتداء ، أبطل الوصية هنا لفوات شرط الوصية ، ومن لم يقل باعتبارها ابتداء ، أبطل به هنا ، لأنه ربما كان الركون إليه بالإيصاء في الابتداء وثوقا بعدالته ، وقد زالت ، ولا تعود ولايته. لو عادت العدالة ، لزوالها شرعا ، وهو إجماع الا من ابن إدريس ، فإنه قال : الأصل صحة الوصية ، ولان القول ببطلانها تبديل وهو حرام (٥) مع انه قال في كتاب الوصايا : فان مات أو فسق اقام الحاكم مقامه من يراه (٦).

قال طاب ثراه : ولو أوصى الى اثنين وأطلق ، أو شرط الاجتماع ، فليس لأحدهما الانفراد.

__________________

(١) السرائر : باب الأوصياء ، ص ٣٨٤ س ٤ قال : ولا يصح الوصية الّا الى من جمع صفات خمسة الى أن قال : والعدالة إلى قوله : فكذا الوصيّة.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) المختلف : في الوصايا ص ٦٢ س ٣٤ قال : والأقرب عدم الاشتراط ، لأنها نيابة فتتبع اختيار المنوب كالوكالة.

(٤) السرائر : باب الأوصياء ، ص ٣٨٤ س ١٣ قال : وان كان تغير حاله بفسق الى أن قال : والأصل صحة الوصية اليه والاعتماد عليه إلخ.

(٥) السرائر : باب الوصايا ، ص ٣٨٣ س ١٦ قال : فان مات أو فسق أقام مقامه من يراه لذلك أهلا.

١١٦

جبرهما على الاجتماع ، فان تعذر جاز الاستبدال ، ولو التمسا القسمة لم يجز ، ولو عجز أحدهما ضم اليه. أما لو شرط لهم الانفراد ، تصرّف كل واحد منهما ، وان انفرد ، ويجوز ان يقتسما. وللموصى تغيير الأوصياء وللموصى إليه ردّ الوصية ، ويصح ان بلغ الردّ ، ولو مات الموصي قبل بلوغه لزمت الوصية. وإذا ظهر من الوصيّ خيانة استبدل به ، والوصي أمين لا يضمن الّا مع تعدّ أو تفريط ، ويجوز ان يستوفي دينه ممّا في يده ، وأن يقوّم مال اليتيم على نفسه ، وأن يقترضه إذا كان مليئا ، وتختص ولاية الوصي بما عين له الموصي عموما كان أو خصوصا.

______________________________________________________

أقول : إذا أوصى الى أكثر من واحد ، فإما أن يطلق أو ينصّ على الاجتماع ، أو الانفراد ، فما نصّ عليه اتبع ، ويجوز خلافه من الانفراد الى الاجتماع ، دون العكس.

وان أطلق فالمشهور وجوب الاجتماع في كل تصرف ، وعليه الشيخ في المبسوط (١) وبه قال ابن حمزة (٢) وابن إدريس (٣) والفقيه (٤) والتقى (٥) واختاره

__________________

(١) المبسوط : ج ٤ ص ٥٤ س ٩ قال : الثالث إذا أطلق فقال : أوصيت إليكما فإن الحكم في هذا الفصل كالحكم في الفصل الثاني ، إذا أوصى إليهما ونهى كل واحد منهما أن يتصرف وينفرد بتصرّفه إلخ.

(٢) الوسيلة : في بيان أحكام الوصية ص ٣٧٣ س ١٧ قال : أو أطلق القول الى أن قال : لا يكون لأحدهما الاستبداد بالأمر إلخ.

(٣) السرائر : باب الأوصياء ، ص ٣٨٤ س ١٩ قال : أما أن يطلق الوصية إليهما أو يقيدها الى أن قال : لم يكن لكل منهما الاستبداد إلخ.

(٤) المختلف : في الوصايا ، ص ٦٤ س ١٧ قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط : وقال الشيخ علي بن بابويه : ما يقارب هذا فقال : إذا أوصى رجل الى رجلين الى أن قال : والمعتمد الأوّل ، لنا انه شرّك بينهما فلم يكن لأحدهما الانفراد إلخ.

(٥) الكافي : فصل في الوصية ص ٣٦٦ س ٥ قال : فان كانا اثنين فما زاد لم يجز لأحدهما التفرّد

١١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

المصنف (١) والعلامة (٢) وأجاز في النهاية الانفراد الا مع شرط الاجتماع (٣) وتبعه القاضي (٤).

فالحاصل أنّ الإطلاق كنص الاجتماع في المشهور ، وكنصّ الانفراد عند القاضي والنهاية.

فروع

(أ) لو تشاحا بالاجتماع وأبيا لم يمض تصرّف أحدهما إلّا في الضروري كمئونة اليتيم ، وعلف دوابّه ، وإحراز ماله ، وعلى الحاكم جبرهما على الاجتماع. وقال التقي : يرد الناظر إلى أعلمهم إذا كان أقوى (٥) ، وتبعه الباقون. واستشكله العلامة من حيث اشتماله على تخصيص أحدهم بالنظر وقد منع منه الموصي (٦).

__________________

بشي‌ء من النظر إلخ.

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) المختلف : في الوصايا ، ص ٦٤ س ١٧ قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط : وقال الشيخ علي بن بابويه : ما يقارب هذا فقال : إذا أوصى رجل الى رجلين الى أن قال : والمعتمد الأول ، لنا انه شرك بينهما فلم يكن لأحدهما الانفراد إلخ.

(٣) النهاية : باب الأوصياء ص ٦٠٦ س ١٣ قال : وان لم يكن الموصى قد اشترط عليهما ذلك جاز لكل واحد منهما ان يستبد بما يصيبه إلخ.

(٤) المهذب : ج ٢ باب الأوصياء ، ص ١١٦ س ١١ قال : وان وصّى إلى اثنين بالغين ولم يجعل عليهما تنفيذ الوصية على الاجتماع الى قوله : لكان لكلّ واحد منهما الاستبداد بما يصيبه إلخ.

(٥) الكافي : فصل في الوصية ، ص ٣٦٦ س ٦ قال : فان تشاحوا ردّ الناظر في المصالح ، الأمر في التنفيذ الى أعلمهم به وأقواهم فيه.

(٦) المختلف : في الوصايا ، ص ٦٤ س ٣٤ قال : وفيه اشكال ، من حيث انه تخصيص أحدهم بالنظر فيه وقد منعه الموصي من ذلك.

١١٨

ويأخذ الوصي أجرة المثل ، وقيل : قدر الكفاية ، هذا مع الحاجة.

______________________________________________________

(ب) للحاكم الاستبدال إذا تعذّر الاجتماع ، أو رآه أصلح. وهل يجب التعدد في منصوب القاضي؟ يحتمل ذلك ، لأنّ الموصى لم يرض برأي واحد ، ويحتمل عدمه ، لتمحّض الولاية للحاكم ، فالمنصوب في الحقيقة أمين الحاكم ، ونصّ الشهيد على الأخير (١).

(ج) لو أذن أحدهما لصاحبه في التصرّف في صورة الاجتماع ، الظاهر جوازه إن جوّزناه للوصي التوكيل فيما له فعله ، وفرق بين هذه الصورة وبين القسمة ، فإنّ في القسمة يقع من أحدهما تصرّفات لا يعلم بها الآخر ، فيحصل استبداد الواحد بالرأي في التصرّف ، بخلاف صورة النزاع ، فإنّ التقدير أنّ أحدهما أذن للآخر في تصرّف معيّن ، لعلمه بكفايته فيه ، فكان التصرّف واقعا بنظرهما معا.

(د) لو نهاهما عن الانفراد ، يحتمل عدم تنفيذ الضروري ، لنصّ الموصي على عدمه ، بل يرفع الأمر فيه إلى الحاكم.

(ه) يجوز التعدّد في الإيصاء ، ترتيبا ، كأوصيت إلى زيد ، فان مات أو ردّ فإلى عمرو ، أو إن بلغ الطفل رشيدا فإليه.

(و) لو عجز أحد الوصيين ، أو فسق ضم الحاكم اليه معينا ، ولو مات احتمل قويا وجوب الضمّ ، لأنه لم يرض برأيه وحده ، ويحتمل عدمه ، لأنه لا عرضة للحاكم مع وجود وصي.

قال طاب ثراه : ويأخذ الوصي أجرة المثل ، وقيل : قدر الكفاية ، هذا مع الحاجة.

__________________

(١) الدروس : كتاب الوصايا ، ص ٢٤٨ س ١٤ قال : ولا يشترط مع عزلهما تعدّد منصوب الحاكم ، بل لو نصب واحدا جاز إذا كان فيه كفاية.

١١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : الأوّل اختيار المصنف (١) والعلامة (٢) وجزم به الشهيد (٣). والثاني اختيار الشيخ في النهاية (٤) وبه قال ابن إدريس (٥) ، وقال في المبسوط والتبيان له أقل الأمرين (٦) (٧).

هذا مع الحاجة ، واما مع الغنا فليستعفف. وهل هذا الاستعفاف على سبيل

__________________

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) التحرير : في الأوصياء ، ص ٣٠٤ (ك) قال : يجوز أن يجعل للوصي جعلا ، ويجوز لمن يتولى أموال اليتامى أن يأخذ أجرة المثل.

(٣) الدروس : كتاب الوصايا ص ٢٤٩ س ١٧ قال : ويجوز أن يوصي اليه يجعل الى أن قال : ولو لم يجعل فيه اجرة المثل عن عمله.

(٤) النهاية : باب التصرف في أموال اليتامى ص ٣٦١ س ٩ قال : فمن كان وليا الى ان قال : جاز له حينئذ أن يأخذ من أموالهم قدر كفايته.

(٥) السرائر : باب التصرف في أموال اليتامى ص ٢٠٥ س ٣١ قال : فمن كان وليا أو وصيا الى أن قال : جاز له أن يأخذ من أموالهم قدر كفايته.

(٦) المبسوط : ج ٢ ، كتاب البيوع ، فصل في تصرف الولي في مال اليتيم ، ص ١٦٣ س ١٢ قال : الولي إذا كان فقيرا الى قوله : أقل الأمرين إلخ.

(٧) مع ان ما قال ابن إدريس في السرائر : ص ٢٠٥ باب التصرف في أموال اليتامى ، س ٣٣ ما لفظه : «وقال شيخنا أبو جعفر في التبيان ومسائل الخلاف له أقل الأمرين إلى أخره» وقال العلامة في المختلف : في كتاب التجارة ص ١٦٧ س ١١ ما لفظه «وقال في الخلاف والتبيان : له أقل الأمرين ، ان كانت كفايته أقل من اجرة المثل فله قدر الكفاية دون الأجرة ، وان كانت اجرة المثل أقل من كفايته فله الأجرة دون الكفاية» ولكن ما عثرت عليه في التبيان على خلاف ذلك ، وهو الحكم بان له أجرة المثل ، لاحظ ج ٣ ص ١١٩ س ١٤ عند تفسيره لآية ٦ من سورة النساء قال : والظاهر في أخبارنا ان له اجرة المثل سواء كان قدر كفايته أو لم يكن ، وفي ص ١٢٥ عند تفسيره لآية ١٠ من تلك السورة س ٢٠ قال : وانما علق الله تعالى الوعيد في الآية لمن يأكل أموال اليتامى ظلما ، لأنه قد يأكله على وجه الاستحقاق ، بأن يأخذ منه اجرة المثل على ما قلناه ، أو يأكل منه بالمعروف على ما فسرناه إلخ فتأمل ولعل الله يحدث بعد ذلك امرا.

١٢٠