المهذّب البارع - ج ٣

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

والتقي (١) وسلار (٢) وأبو علي (٣) والقاضي في الكامل (٤) ورواه الصدوق في كتابه (٥) واختاره العلامة مع الإقعاد (٦) ولم يذكره الشيخ في الخلاف ، وكذا القاضي في المهذّب ، وعدّ في المبسوط العيوب ستة : الجنون ، والجذام ، والبرص ، والرتق ، والقرن ، والإفضاء قال : وفي أصحابنا من ألحق به العمى وكونها محدودة في الزنا (٧) وقال ابن إدريس : عيوب المرأة سبعة ، ثمَّ قال : وألحق أصحابنا ثامنا وهو العرج البيّن ، ذهب إليه شيخنا في نهايته ، ولم يذهب إليه في مسائل خلافه (٨) وللصدوق في المقنع القولان (٩) واختار المصنف الثاني (١٠) لأصالة صحة العقد ولزومه إلّا مع الإقعاء.

احتج الأوّلون بأنه من الشين فنقص حظ الاستمتاع (١١)

وبصحيحة داود بن سرحان عن الصادق عليه السّلام في الرجل يتزوّج المرأة

__________________

أن قال : والعرج.

(١) الكافي : الضرب الأوّل من الأحكام ص ٢٩٥ س ١٥ قال : أو عرجاء إلى أن قال : كان له ردّها.

(٢) المراسم : ذكر شرائط الأنكحة ص ١٥٠ س ١٨ قال : ويردّ الى أن قال : والعرجاء.

(٣) المختلف : في العيوب والتدليس ، ص ٢ قال : مسألة قال المفيد والشيخ في النهاية تردّ العرجاء ، وبه قال ابن الجنيد وابن البراج في الكامل.

(٤) المختلف : في العيوب والتدليس ، ص ٢ قال : مسألة قال المفيد والشيخ في النهاية تردّ العرجاء ، وبه قال ابن الجنيد وابن البراج في الكامل.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ج ٣ (١٢٥) باب ما يردّ منه النكاح ص ٢٧٣ الحديث ٣.

(٦) المختلف : في العيوب والتدليس ص ٢ س ٢٧ قال : والأقوى الردّ بالعرج البيّن لما فيه من الشين.

(٧) تقدّم آنفا.

(٨) السرائر : باب العيوب والتدليس في النكاح ص ٣٠٩ س ١٠ قال : وأمّا العيوب الراجعة الى النساء فسبعة إلخ.

(٩) تقدّم نقل القولين عن المقنع.

(١٠) لاحظ ما اختاره في النافع.

(١١) تقدّم نقله عن العلامة في المختلف.

٣٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

فيؤتى بها عمياء أو برصاء أو عرجاء ، قال : تردّ على وليّها ، ويكون لها المهر ويرجع به على وليّها ، وإن كان بها زمانة لا يراها إلّا النساء أجيز شهادة النّساء عليها (١).

وعن محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام قال : تردّ البرصاء والعمياء والعرجاء (٢).

احتج المانعون بصحيحة الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال : إنما يردّ النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل (٣).

وأجاب الأوّلون بالعدول عن الأصل للدليل ، ودلالة الحديث الأوّل أخص ، ودلالته في المطلوب منطوق ، والحديث الثاني عام ودلالته مفهوم.

وكذا الخلاف في العمى هل يردّ به المرأة؟ قال في النهاية : نعم (٤) ، وبه قال المفيد (٥) وتلميذه (٦) والسيد (٧) والتقي (٨) والقاضي (٩) وأبو علي (١٠) وابن

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٣٨) باب التدليس في النكاح وما يردّ منه وما لا يردّ ، ص ٤٢٤ الحديث ٥ وفيه (لا يراها الرجال).

(٢) التهذيب : ج ٧ (٣٨) باب التدليس في النكاح وما يردّ منه وما لا يردّ ، ص ٤٢٤ الحديث ٧.

(٣) التهذيب : ج ٧ (٣٨) باب التدليس في النكاح وما يردّ منه وما لا يردّ ، ص ٤٢٤ الحديث ٤.

(٤) النهاية : باب التدليس في النكاح وما يردّ منه وما لا يردّ ، ص ٤٨٥ س ١٩ قال : أو عمياء كان له ردّها.

(٥) المقنعة : باب التدليس في النكاح وما يردّ منه وما لا يردّ ، ص ٨٠ س ٥ قال : وتردّ البرصاء والعمياء.

(٦) المراسم : ذكر شرائط الأنكحة ، ص ١٥٠ س ١٨ قال : ويردّ العمياء.

(٧) الناصريات : من جوامع الفقهيّة ، ص ٢١٢ المسألة الثامنة والخمسون والمائة قال : وعندنا أنّ البرص ممّا تردّ به النكاح وكذلك العمى والجذام والرتق.

(٨) الكافي : النكاح ، الضرب الأول من الاحكام ، ص ٢٩٥ س ١٥ قال : أو سليمة فخرجت برصاء أو عمياء الى أن قال : كان له ردّها.

(٩) المهذب : باب التدليس في النكاح ص ٢٣١ س ١٦ قال : واما ما يصح اشتراك الرجل والمرأة فيه الى أن قال : والعمى.

(١٠) المختلف : في العيوب والتدليس ص ١٠٤ س ٢ قال : وقد عدّ في النهاية العمى من عيوب المرأة

٣٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

حمزة (١) ، وابن إدريس (٢) ولم يذكره الصدوق لمّا عدّ عيوب النساء وجعله رواية ، وقد حكينا عبارته في أوّل الباب (٣).

والأقرب الردّ به ، وهو اختيار المصنف (٤) والعلامة (٥) لصحيحة داود بن سرحان المتقدمة (٦).

والمشهور اختصاصه بالمرأة ولا يردّ به الرجل ، وقال القاضي في المهذّب : إنه مشترك (٧) وهو ظاهر أبي علي (٨).

وكذا المشهور في الجذام اختصاصه بها ، وقال القاضي في المهذب باشتراكه (٩) ورجحه العلامة في القواعد (١٠) لوجوب التحرز عن الضرر ، وقال عليه السّلام : فرّ

__________________

الى قوله : وكذا ابن الجنيد.

(١) الوسيلة : في بيان العيب المؤثر في فسخ العقد ، ص ٣١١ س ١٤ قال : وما يختص بالنساء الى قوله : والعمى إلخ.

(٢) السرائر : باب العيوب والتدليس في النكاح ص ٣٠٩ س ١٠ قال : وامّا العيوب الراجعة الى النساء الى قوله : والعمى على الأظهر.

(٣) المقنع : باب بدو النكاح ص ١٠٤ س ١٦.

(٤) لاحظ عبارة النافع.

(٥) المختلف : في العيوب والتدليس ص ١٠٤ س ٧ قال : والوجه أنّ العمى تردّ به المرأة.

(٦) التهذيب : ج ٧ (٣٨) باب التدليس في النكاح وما يرد منه وما لا يرد ص ٤٢٤ الحديث ٧.

(٧) المهذب : باب التدليس في النكاح ص ٢٣١ س ١٦ قال : وامّا ما يصح اشتراك الرجل والمرأة فيه إلى قوله : والعمى.

(٨) المختلف : في العيوب والتدليس ، ص ١٠٤ س ٢ قال : وقد عدّ في النهاية العمى من عيوب المرأة ، وكذا ابن الجنيد.

(٩) المهذب : باب التدليس في النكاح ص ٢٣١ س ١٦ قال : واما ما يصح اشتراك الرجل والمرأة فيه فهو الجنون والجذام والبرص إلخ.

(١٠) القواعد : في أصناف العيوب ، ص ٣٣ س ١ قال : واما المرأة فالمختص بها سبعة الجذام والبرص إلخ.

٣٦٣

وأمّا الأحكام فمسائل :

الأولى : لا يفسخ النكاح بالعيب المتجدّد بعد الدخول وفي المتجدّد بعد العقد تردّد عدا العنن ، وقيل : تفسخ المرأة بجنون الرجل المستغرق لأوقات الصلاة وإن تجدد.

الثانية : الخيار فيه على الفور ، وكذا في التدليس.

الثالثة : الفسخ فيه ليس طلاقا ، فلا يطرد معه تنصيف المهر.

الرابعة : لا يفتقر الفسخ بالعيوب إلى الحاكم ، ويفتقر في العنن لضرب الأجل.

______________________________________________________

من الأجذم كفرارك من الأسد (١) وقال القاضي في المهذب : البرص أيضا مشترك (٢) والأقرب اختصاصه بالمرأة.

قال طاب ثراه : وفي المتجدّد بعد العقد تردّد عدا العنن ، وقيل : نفسخ المرأة بجنون الرجل المستغرق لأوقات الصلاة وإن تجدّد.

أقول : العيب إمّا في الرجل أو المرأة ، فهنا قسمان :

(الأوّل) عيب الرجل ، وهو في المشهور : الجنون ، والجبّ ، والخصاء ، والعنّة ، والجذام على قول القاضي (٣) ومرجّح العلامة (٤) والبرص على ما انفرد به القاضي (٥).

وشرط الفسخ بالأخيرين سبقهما على العقد عند القائل به.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ج ٤ (١٧٦) باب النوادر وهو أخر أبواب الكتاب ص ٢٥٨ الحديث ٤ ولفظ الحديث (فرّ من المجذوم فرارك من الأسد).

(٢) نقلناه عنه آنفا.

(٣) و (٤) و (٥) تقدّم نقل الكل آنفا.

٣٦٤

الخامسة : إذا فسخ الزوج قبل الدخول فلا مهر ، ولو فسخ بعده فلها المسمّى ويرجع به الزوج على المدلس ، وإذا فسخت الزوجة قبل الدخول فلا مهر إلّا في العنن ، ولو كان بعده فلها المسمّى ، ولو فسخت بالخصاء ثبت لها المهر مع الخلوة ويعذر.

السادسة : لو ادّعت عننه فأنكر فالقول قوله مع يمينه ، ومع ثبوته يثبت لها الخيار ولو كان متجددا إذا عجز عن وطئها قبلا ودبرا ، وعن وطء غيرها. ولو ادّعى الوطء فأنكرت فالقول قوله مع يمينه.

السابعة : إن صبرت مع العنن فلا بحث ، وإن رفعت أمرها إلى الحاكم أجّلها سنة من حين الترافع فان عجز عنها وعن غيرها فلها الفسخ ونصف المهر.

______________________________________________________

وأمّا البحث في الأربعة الأولى فمدارها على أربعة أقطاب :

الأوّل : الجنون ، وتفسخ به المرأة إن كان سابقا على العقد إجماعا ، واشترط ابن البراج : أن لا يعقل أوقات الصلاة (١) وهو ظاهر كلام ابن حمزة (٢) ولم يشترط الباقون ، بل جعلوا التفصيل في المتجدّد ، وقالوا : إن كان سابقا على العقد كان لها الخيار ، وإن تجدّد ثبت الخيار ان لم تعقل أوقات الصلوات ، وأمّا الحادث بعد العقد والوطء ، فهل يشترط في جواز الفسخ به أن لا يعرف معه أوقات الصلوات؟

__________________

(١) المهذب : ج ٢ باب التدليس في النكاح ص ٢٣٣ س ١ قال : وعندنا انّ الجنون بالرجل إذا كان يعقل معه أوقات الصلوات فليس يتعلّق به خيار.

(٢) الوسيلة : في بيان العيب المؤثر في فسخ العقد ص ٣١١ س ١٨ قال : وما يعمّهما خلقة شي‌ء واحد وهو الجنون على وجه لا يعرف معه وقت الصلاة.

٣٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الأكثرون على ذلك ، وهو مذهب الشيخين (١) (٢) والقاضي (٣) وابن حمزة (٤) وابن إدريس (٥) ولم يشترطه العلامة وأثبت به الردّ لعموم النص (٦).

روى علي بن أبي حمزة قال : سئل أبو إبراهيم عليه السّلام عن امرأة يكون لها زوج قد أصيب في عقله بعد ما تزوّجها ، أو عرض له جنون ، قال : لها أن تنزع نفسها عنه إذا شاءت (٧).

ولما فيه من الضرر المنفي بالآية والرواية.

تذنيبان

(أ) لا فرق في المتجدّد بين الطاري على العقد ، أو الوطء صرّح به

__________________

(١) المقنعة : باب التدليس في النكاح ص ٨٠ س ١١ قال : وإن حدث بالرجل جنّة وكان يعقل معها أوقات الصلاة لم يكن للمرأة خيار إلخ.

(٢) النهاية : باب التدليس في النكاح ص ٤٨٦ س ١٥ قال : وان لم يعقل أوقات الصلوات كان لها الخيار.

(٣) المهذب : ج ٢ فيما لو حدث العيب بعد العقد ص ٢٣٥ س ١ قال : لم يجب الردّ إلّا ما ذكره أصحابنا من الجنون الذي لا يعقل معه صاحبه أوقات الصلوات إلى أن قال بعد أسطر : فإن كان لا يعقل ذلك ، كانت مخيرة بين المقام معه وبين فراقه إلخ.

(٤) الوسيلة : في بيان العيب المؤثر في فسخ العقد ص ٣١١ س ١٨ قال : وهو الجنون على وجه لا يعرف معه وقت الصلاة.

(٥) السرائر : باب العيوب والتدليس في النكاح ص ٣٠٨ س ٣٣ قال : وأمّا الجنون الحادث بعد العقد الى قوله : وان كان لا يعقل إلخ.

(٦) المختلف : في العيوب والتدليس ص ٣ س ٢ قال : والوجه التسلط على الفسخ سواء عقل أوقات الصلاة أو لا إلخ.

(٧) التهذيب : ج ٧ (٣٨) باب التدليس في النكاح ص ٤٢٨ الحديث ١٩.

٣٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

العلامة (١) والقاضي (٢) وهو اختيار أبي علي (٣) وابن زهرة (٤) وظاهر الفقيه (٥) وكلام الشيخ في النهاية عام (٦).

(ب) هل يفتقر فسخ المرأة في المتجدّد إلى طلاق؟ قال في النهاية : نعم (٧) وتبعه القاضي (٨) وابن زهرة (٩) ومنعه ابن إدريس (١٠) واختاره العلامة (١١) وهو المعتمد كغيره من العيوب.

الثاني : الجبّ ، وشرط الردّ به أن لا يبقى منه ما يمكن به الوطء ولو قدر الحشفة ،

__________________

(١) و (٢) المختلف : في العيوب والتدليس في النكاح ص ٣ س ٨ قال : الرابع لو تجدّد بعد الدخول فالأقرب أنّ لها التسلّط أيضا الى أن قال : وبه قال ابن الجنيد.

(٣) تقدّم مختاره آنفا.

(٤) الغنية من جوامع الفقهية : كتاب النكاح ، ص ٦١١ س ٢٣ قال : وان كان لا يعقل ذلك كان لها الخيار ، ولزم وليّه أن يطلقها عنه إن طلبت الفراق إلخ ولا يخفى ان كلامه عام بين الطاري على العقد أو الوطء.

(٥) لم أعثر عليه في المقنع والهداية ، وفي المختلف : في العيوب والتدليس ص ٣ س ١٠ قال : وظاهر كلام علي بن بابويه فإنه قال : وإذا تزوّج رجل وأصابه بعد ذلك جنون فبلغ به مبلغا لا يعرف أوقات الصلاة فرق بينهما إلخ.

(٦) تقدم نقل كلام الشيخ في النهاية آنفا.

(٧) النهاية : باب التدليس في النكاح ص ٤٨٦ س ١٧ قال : فان اختارت فراقه كان على وليّه أن يطلّقها.

(٨) المهذب : ج ٢ ، فيما لو حدث العيب بعد العقد ، ص ٢٣٥ س ١١ قال : فان اختارت فراقه كان على وليه ان يطلقها عنه.

(٩) تقدم آنفا.

(١٠) السرائر : باب العيوب والتدليس في النكاح ، ص ٣٠٨ س ٣٥ قال : فالمرأة بالخيار ، ولها فسخ النكاح بذلك.

(١١) المختلف : في العيوب والتدليس ص ٣ س ١٣ قال : والوجه أنه لا يفتقر الى طلاق.

٣٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ويفسخ به مع السبق على الأصح (قطعا خ ل) وهل يفسخ به مع تجدّده بعد الوطء والعقد أم لا؟ ، أثبته القاضي (١) والعلامة (٢) وفخر المحققين (٣) والشيخ في موضع من المبسوط (٤) ونفاه ابن إدريس (٥) وإن كان قبل الوطء إذا كان بعد العقد ، وهو قول الشيخ في الخلاف (٦) وموضع آخر من المبسوط (٧) والحق الفسخ لأنّ التضرّر به أعظم من العنّة ، ويثبت بها الردّ مع تجدّدها.

الثالث : الخصاء ، وهو سلّ الأنثيين ويثبت به الردّ مع سبقه على العقد إجماعا ، وهل يفسخ به مع تجدّده؟ قال القاضي : نعم (٨) وتبعه العلامة في المختلف (٩) لفوات ثمرة العقد من حصول النسل والتعفّف وهو ضرر منفي بالآية والرواية ،

__________________

(١) المهذب : ج ٢ ، فيما لو حدث العيب بعد العقد ص ٢٣٥ س ١ قال : لم يجب الرد الا ما ذكره أصحابنا إلى قوله : والجب والخصى والعنت.

(٢) المختلف : في العيوب والتدليس ، ص ٣ س ٣٥ قال : والمعتمد قول ابن البراج ، فإن الجبّ والخصا مساويان للعنة ، بل هما أبلغ إلخ.

(٣) الإيضاح : ج ٣ ، في العيب والتدليس ص ١٧٥ س ٢٠ قال : والأرجح عندي ثبوت الخيار لها لليأس من الوطء معه.

(٤) المبسوط : ج ٤ في العيوب التي يردّ بها النكاح ، ص ٢٥٠ س ٥ قال : وأمّا الجب الى قوله : فلها الخيار.

(٥) السرائر : باب العيوب والتدليس في النكاح ، ص ٣٠٩ س ٧ قال : وإذا حصل بالرجل جبّ أو خصاء بعد العقد فلا خيار للمرأة.

(٦) الخلاف : كتاب النكاح ، مسألة ١٢٧ قال : إذا حدث بالرجل جب الى قوله : لم يكن في حال العقد ، فإنه لا يردّ إلخ.

(٧) المبسوط : ج ٤ ، في العيوب التي يرد بها النكاح ص ٢٥٢ س ١٦ قال : وقال المخالف : إذا حدث واحد من الأربعة إلى قوله : والجب فلها الخيار ، وعندنا أنه لا خيار في ذلك.

(٨) تقدم نقل قوله في الخصي آنفا.

(٩) تقدّم مختاره في الخصي آنفا.

٣٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ومنعه الشيخ (١) وابن إدريس (٢) والمصنف (٣) وعليه الأكثر.

الرابع : العنة ، ويثبت بها الردّ وإن تجدّدت بعد العقد إجماعا ، وهل يفسخ مع تجدّدها بعد الوطء؟ قال المفيد : نعم (٤) وبه قال الصدوق (٥) وابن حمزة (٦) ومنع الباقون ، وتوقف العلامة في المختلف (٧).

احتج المفيد بعموم رواية محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال : العنين يتربص به سنة ، ثمَّ إن شاءت امرأته تزوّجت وإن شاءت أقام (٨) ت.

ورواية أبي الصّباح قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن امرأة ابتلى زوجها ، فلا يقدر على الجماع أبدا ، تفارقه؟ قال : نعم إن شاءت (٩) وترك الاستفصال مع قيام الاحتمال في حكاية الحال تدلّ على العموم في المقال.

احتج الباقون برواية إسحاق بن عمّار عن جعفر ، عن أبيه عليهم السّلام : إنّ

__________________

(١) المبسوط : ج ٤ ، في العيوب التي يردّ بها النكاح ص ٢٥٠ س ١١ قال : والثاني لا خيار لها لأنّ الخصىّ يولج ويبالغ أكثر من الفحل وإنما لا ينزل.

(٢) تقدم مختاره آنفا.

(٣) لاحظ عبارة النافع.

(٤) المقنعة : باب التدليس في النكاح ، ص ٨٠ س ١٠ قال : فان حدث بالرجل عنة بعد صحته الى قوله : كانت المرأة بالخيار.

(٥) المقنع : باب بدو النكاح ، ص ١٠٥ س ٤ قال : والعنين يتربص به سنة ، ثمَّ إن شاءت امرأته تزوّجت.

(٦) الوسيلة : في بيان العيب المؤثر في فسخ العقد ، ص ٣١١ س ١٢ قال : فان واقعها قبل مضيّ السنة إلى قوله : زال خيارها.

(٧) المختلف : في العيوب والتدليس ، ص ٤ س ١٣ قال : فنحن في ذلك من المتوقفين.

(٨) التهذيب : ج ٧ (٣٨) باب التدليس في النكاح وما يردّ منه وما لا يردّ ص ٤٣١ الحديث ٢٧.

(٩) التهذيب : ج ٧ (٣٨) باب التدليس في النكاح وما يردّ وما لا يردّ ص ٤٣١ الحديث ٢٨.

٣٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

عليا عليه السّلام كان يقول : إذا تزوّج الرجل امرأة فوقع عليها مرّة ، ثمَّ أعرض عنها ، فليس لها الخيار ، لتصبر فقد ابتليت ، وليس لأمّهات الأولاد ، ولا الإماء ما لم يمسّها من الدّهر إلّا مرّة واحدة خيار (١).

وهذا الحديث أرجح من الأوّل ، لكون التفصيل قاطعا للشركة ، وبأصالة لزوم العقد وعدم الخيار ، وتوقف العلامة نشأ من قوّة دليل اللزوم ، وكونه قول الأكثر من اشتماله على التضرّر بفوات فائدة النكاح وثمرته.

تذنيبات

(أ) المشهور توقّف الفسخ بالعنة على الأجل ، وهو مذهب الأربعة (٢) (٣) (٤) (٥) واختاره المصنف (٦) والعلامة (٧) وقال أبو علي : يثبت لها الخيار مع سبقه على العقد ، وإن ادّعى حدوثه بعد العقد ، وقف على الأجل المذكور (٨).

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٣٨) باب التدليس في النكاح وما يردّ منه وما لا يردّ ص ٤٣٠ الحديث ٢٦.

(٢) المقنعة : باب التدليس في النكاح ، ص ٨٠ س ٩ قال : انتظرت به سنة.

(٣) النهاية : باب التدليس في النكاح ، ص ٤٨٦ س ١٩ قال انتظر به سنة.

(٤) المقنع : باب بدو النكاح ص ١٠٥ س ٤ قال : والعنين يتربص به سنة.

(٥) الناصريات من الجوامع الفقهية : المسألة التاسعة والخمسون والمائة ، قال : فظهر انه عنين انتظرت به سنة.

(٦) الشرائع : في أحكام العيوب ، الثامنة : قال : أجلها سنة من حين الترافع.

(٧) التحرير ، في أحكام العيوب التدليس : ص ٢٩ قال (ى) إذا ثبت العنة إلى قوله : أجلها سنة من حين الترافع إلخ.

(٨) المختلف : في العيوب والتدليس ص ٤ س ١٤ قال : قال ابن الجنيد : العنن بالرجل قبل الدخول يوجب الفسخ إلخ.

٣٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

احتج الأصحاب بصحيحة محمّد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام قال : العنين يتربص به سنة ، ثمَّ إن شاءت امرأته تزوّجت ، وإن شاءت أقامت (١).

احتج أبو علي بما رواه غياث الضبي عن الصادق عليه السّلام في العنين إذا علم أنه عنين لا يأتي النساء فرّق بينهما ، وإذا وقع عليها وقعة واحدة لم يفرق بينهما ، والرجل لا يردّ بعيب (٢).

(ب) المشهور وجوب نصف المهر مع الفسخ ، نصّ عليه الصدوق (٣) والشيخ في النهاية (٤) وليس هنا فسخ من قبل الزوجة قبل الدخول يوجب شيئا إلّا هنا ، ولعلّ الأصل فيه إشرافه على الزوجة واطلاعه على محارمها ، وخلوته بها سنة ، وقال ابن الجنيد : يجب المهر كاملا (٥).

وهو بناء على أصله ، من وجوب المهر بالخلوة التامة ، وسيجي‌ء البحث فيه إن شاء الله تعالى فالحاصل : أنّ العنة تخالف غيرها من العيوب في أمور :

(أ) الافتقار إلى الحاكم.

(ب) ضرب الأجل.

(ج) تنصيف المهر.

(د) جواز الفسخ مع تجدّدها على العقد إجماعا ، ويشاركها في هذا الجنون ،

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٣٨) باب التدليس في النكاح ، ص ٤٣١ الحديث ٢٧.

(٢) التهذيب : ج ٧ (٣٨) باب التدليس في النكاح ص ٤٣٠ الحديث ٢٥.

(٣) المقنع : باب بدو النكاح ، ص ١٠٥ س ٢ قال : وأعطيت نصف الصداق.

(٤) النهاية : باب التدليس في النكاح ، ص ٤٨٧ س ٢ قال : وان اختارت فراقه كان لها نصف الصداق.

(٥) المختلف : في العيوب والتدليس ، ص ٤ س ٢٣ قال : وقال ابن الجنيد : إذا اختارت الفرقة وجب لها المهر.

٣٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

إجماعا.

(القسم الثاني) عيب المرأة ، وفيه بحثان :

الأوّل : في حصر أصناف العيب ، وفيه أقوال :

(أ) أنه أربعة : الجنون والجذام والبرص والعفل ، قاله الصدوق في المقنع (١).

(ب) أنّه ستة بإضافة الرتق والإفضاء ، قاله الشيخ في المبسوط (٢).

(ج) أنّه سبعة بإضافة العمى والعرج ، وإهمال العفل قاله في النهاية (٣).

(د) أنه ثمانية بإضافة كونها محدودة في الزنا ، قاله القاضي في المهذب (٤).

والمعتمد عند المحققين ثمانية : الجنون ، والجذام ، والبرص ، والإفضاء ، والرتق ، والقرن ، والعمى ، والعرج البالغ حدّ الإقعاد.

والقرن بسكون الراء ، قيل : هو عظم ينبت في الفرج يمنع الوطء (٥) وهو بعيد ، لأنّ العظم لا يكون في الفرج ، وقيل : هو العفل ، بحركة الفاء والعين المهملة ، وهو لحم ينبت في فرج المرأة لعارض يعتريها عند الولادة ، وحكمه حكم الرتق في

__________________

(١) المقنع : باب بدو النكاح ، ص ١٠٤ س ١٦ قال : واعلم أنّ النكاح لا يردّ الّا من أربعة أشياء.

(٢) المبسوط : ج ٤ ، في العيوب التي توجب الردّ في النكاح ص ٢٤٩ س ٣ قال : وفي المرأة إلى قوله : والرتق والإفضاء.

(٣) النهاية : باب التدليس في النكاح ، ص ٤٨٥ س ١٨ قال : إذا تزوّج الرجل بامرأة فوجدها إلى قوله : أو عمياء أو عرجاء.

(٤) المهذب : ج ٢ ، باب التدليس في النكاح ، ص ٢٣١ س ١٤ قال : وأمّا يختص المرأة إلى قوله : وكونها محدودة في الزنا.

(٥) وفي حديث علي عليه السّلام إذا تزوّج المرأة وبها قرن ، القرن بسكون الراء شي‌ء يكون في فرج المرأة كالسّنّ ، يمنع من الوطء ، ويقال له العفلة (النهاية ج ٤ لغة قرن). القرناء من النساء التي في فرجها مانع يمنع من سلوك الذكر فيه اما غدّة غليظة ، أو لحمة مرتتقة ، أو عظم ، يقال لذلك كله القرن (لسان العرب ج ١٣ ص ٣٣٥ لغة قرن).

٣٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

اشتراط بلوغه حدّا يمنع الوطء.

وقال الصدوق في المقنع : إذا زنت بعد العقد قبل الدخول كان له الفسخ (١) وبه رواية فيها ضعف (٢) وذهب كثير إلى الردّ بظهورها محدودة كالقاضي في المهذب (٣) والمفيد (٤) وتلميذه (٥) وابن الجنيد (٦) والتقي (٧) والقطب الكيدري (٨) (٩).

احتجوا برواية عبد الرّحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن رجل تزوّج امرأة فعلم أنها كانت زنت ، قال : إن شاء زوجها أخذ الصداق ممّن زوّجها ، ولها الصداق بما استحلّ من فرجها (١٠) ومنع الشيخ في النهاية من الردّ بذلك (١١).

__________________

(١) المقنع : باب بدو النكاح ص ١٠٩ س ٣ قال : وإذا تزوّج الرجل المرأة فزنى قبل أن يدخل بها لم تحل له إلخ.

(٢) التهذيب : ج ٧ (٤١) باب من الزيادات في فقه النكاح ، ص ٤٩٠ الحديث ١٧٦ ومتن الحديث (إسماعيل بن ابي زياد عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال : قال علي عليه السّلام : في المرأة إذا زنت قبل أن يدخل بها زوجها ، قال : يفرق بينهما. الحديث).

(٣) المهذب : ج ٢ باب التدليس في النكاح ص ٢٣١ س ١٥ قال : وكونها محدودة في الزنا.

(٤) المقنعة : باب التدليس في النكاح ص ٨٠ س ٦ قال : والمحدودة في الفجور.

(٥) المراسم : ذكر شرائط الأنكحة ، ص ١٥٠ س ١٨ قال : والمحدودة في الفجور.

(٦) المختلف : في العيوب والتدليس ، ص ٢ س ٧ قال بعد نقل قول المفيد : واختاره ابن الجنيد وقطب الدين الكيدري.

(٧) الكافي : الضرب الأوّل من الأحكام ص ٢٩٥ س ١٦ قال : أو مفضاة أو محدودة إلخ.

(٨) أبو الحسن محمّد بن الحسين البيهقي النيسابوري الإمامي ، كان معاصرا للقطب الراوندي وتلميذا لابن حمزة ، وله شرع نهج البلاغة فرغ منه سنة (٥٧٦) والكيدر قرية من قرى بيهق (الكنى والألقاب : ج ٣ ص ٧٤).

(٩) المختلف : في العيوب والتدليس ، ص ٢ س ٧ قال بعد نقل قول المفيد : واختاره ابن الجنيد وقطب الدين الكيدري.

(١٠) التهذيب : ج ٧ (٣٨) باب التدليس في النكاح وما يردّ منه وما لا يردّ ص ٤٢٥ الحديث ٩.

(١١) النهاية : باب التدليس في النكاح ص ٤٨٦ س ٧ قال : والمحدودة في الزنا لا تردّ.

٣٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وهي في رواية رفاعة بن موسى عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن المحدود والمحدودة ، هل يردّ به النكاح؟ قال : لا (١) وذهب أبو علي إلى أنّ الزنا قبل العقد وبعده من العيوب المسوغة للردّ في الرجل والمرأة (٢) وهو منقوض.

الثاني : في حكم العيب ، وحكمه تسلّط الرجل على الفسخ على سبقه على العقد إجماعا ، ولا يفسخ لو تجدّد بعد الدخول قطعا ، وهل يفسخ بالمتجدّد بينهما؟ فيه مذهبان :

أحدهما : نعم ، وهو اختيار الشيخ في الكتابين (٣) (٤) والآخر : لا تفسخ وهو اختيار ابن حمزة (٥) وابن إدريس (٦) وظاهر القاضي (٧) واختاره المصنف (٨)

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٣٨) باب التدليس في النكاح وما يردّ منه وما لا يرد ص ٤٢٤ قطعة من حديث ٨.

(٢) المختلف : في العيوب والتدليس ص ٦ قال : مسألة ، قال ابن الجنيد : الزنا قبل العقد وبعده يردّ به النكاح إلخ.

(٣) المبسوط : ج ٤ ، العيوب التي يرد بها النكاح ، ص ٢٥٢ س ١٩ قال : والثاني له الخيار وهو الأظهر لعموم الاخبار.

(٤) الخلاف : كتاب النكاح ، مسألة ١٢٨ قال : إذا حدث بالمرأة أحد العيوب التي تردّ به ولم يكن في حال العقد إلخ.

(٥) الوسيلة : في بيان العيب المؤثر في فسخ العقد ، ص ٣١٢ س ١ قال : وانما يكون لكل واحد منهما خيار الفسخ الى قوله : والامتناع من الدخول إذا علم بعد العقد.

(٦) السرائر : في العيوب والتدليس في النكاح ص ٣٠٩ س ١٥ قال : الصحيح أن كل عيب حادث بعد العقد لا يرد به النكاح.

(٧) المهذب : ج ٢ ، فيما لو حدث العيب بعد العقد ، ص ٢٣٥ س ١ قال : لم يكن حاصلا قبل العقد لم يجب الردّ إلخ.

(٨) لاحظ عبارة النافع.

٣٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

والعلامة (١).

احتج الأوّلون بعموم صحيحة داود بن سرحان عن الصادق عليه السّلام في الرجل يتزوّج المرأة فيؤتى بها عمياء أو برصاء قال : تردّ على وليّها الحديث (٢) وهو شامل لصورة النزاع.

احتج العلامة بأن العقد وقع صحيحا خاليا عن التدليس ، فيكون لازما ، كما لو تجدّد العيب بعد الدخول ، ولأنّه لم يوجد منها تدليس ، ويمكنه التخلص منها بالطلاق ، فلا يثبت له الخيار (٣).

وفيه نظر : لأنّ التخلص بالطلاق لا ينفك عن إضرار بالزوج ، للزوم نصف المهر ، وليس كذلك الفسخ ، فإنّه لا يجب به شي‌ء.

تذنيب

لا يتوقّف الفسخ في غير العنة على حكم الحاكم ، صرّح به القاضي (٤) والشيخ في غير المبسوط (٥) وتردّد فيه (٦) لأنّ الحق لها فلا يتوقف استيفاءه على

__________________

(١) و (٢) المختلف : في العيوب والتدليس ، ص ٣ س ٢٠ قال بعد نقل قول الوسيلة والسرائر : وهو الأقرب ، لنا أنه عقد وقع صحيحا خاليا عن التدليس إلخ.

(٣) التهذيب : ج ٧ (٣٨) باب التدليس في النكاح وما يردّ منه وما لا يردّ ، ص ٤٢٤ الحديث ٥.

(٤) المهذب : ج ٢ باب التدليس في النكاح ص ٢٣٢ س ٩ قال : ويجوز أيضا أن يفسخ الرجل ذلك بنفسه إلخ.

(٥) فإن الشيخ عنون في تمام موارد التدليس بقوله : فان له ردّها ، ولم يزد عليه شي‌ء آخر ، لاحظ النهاية ص ٤٨٤ باب التدليس في النكاح.

(٦) المبسوط : ج ٤ ، العيوب التي يردّ بها النكاح ويفسخ ص ٢٥٣ س ١٤ قال : كل موضع يثبت فيه الخيار بالعيب الى قوله : يأتي إلى الحاكم ويطالب بالفسخ الى أن قال : ولو قلنا على مذهبنا ان له الفسخ بنفسه كان قويا ، والأوّل أحوط.

٣٧٥

تتمة

لو تزوّج على أنها حرة فبانت أمة فله الفسخ ، فلا مهر لو لم يدخل ، ولو دخل فلها المهر على الأشبه ويرجع به على المدلس. وقيل : لمولاها العشر أو نصف العشر إن لم يكن مدلّسا ، وكذلك تفسخ هي لو بان زوجها مملوكا ، ولا مهر قبل الدخول ، ولها المهر بعده ، ولو اشترط كونها بنت مهيرة فبانت بنت أمة فله الفسخ ولا مهر ، ويثبت لو دخل. ولو تزوّج بنت مهيرة فأدخلت عليه بنت الأمة ، ردّها ولها المهر مع الوطء للشبهة ، ويرجع به على من ساقها ، وله زوجته. ولو تزوّج اثنان فأدخلت امرأة كل منهما على الآخر ، كان لكلّ موطوءة مهر المثل على الواطئ ، للشبهة ، وعليها العدة ، وتعاد إلى زوجها ، وعليه مهرها الأصلي.

______________________________________________________

حكم الحاكم ، وقال ابن الجنيد : إذا أريدت الفرقة لم يكن إلّا عند من يجوز حكمه من والي المسلمين ، أو خليفته ، أو بمحضر من المسلمين إن كانا في بلد هدنة ، أو سلطان منقلب ، لأنها مسألة خلافية (١).

قال طاب ثراه : ولو تزوّج على أنها حرة فبانت أمة فله الفسخ ولا مهر لو لم يدخل ، ولو دخل فلها المهر على الأشبه.

أقول : إذا تزوّج الرجل امرأة على أنّها حرة ، فخرجت أمة ، فلا شك في كون ذلك تدليسا يوجب خيار الزوج ، لأنّ الحرية وصف كمال ، وفقدان وصف كمال المشروط يزلزل العقد ، ويعرضه للزوال بالفسخ. وأيضا في نكاح الأمة غضّا على

__________________

(١) المختلف : في العيوب والتدليس ، ص ٦ س ٢٧ وجملة (لأنها مسألة خلافية) ليست في كلام ابن الجنيد ، والظاهر انها من الماتن.

٣٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الحرّ ، خصوصا على القول بتحريمها.

إذا عرفت هذا ، فنقول : إن فسخ قبل الدخول فلا شي‌ء ، وإن حصل الفسخ بعده ، فما ذا يجب على الزوج؟ قيل فيه ثلاثة أقوال :

(أ) وجوب المهر المسمّى ، وهو ظاهر الشيخ في النهاية ، وعبارته : إذا عقد الرجل على امرأة على انّها حرّة فوجدها أمة كان له ردّها ، فإن كان قد دخل بها كان لها المهر بما استحل من فرجها ، وللزوج أن يرجع إلى وليّها الذي دلّسها بالمهر (١).

وفي قوله : «كان لها المهر» تساهل ، لأنّ المهر للسيد ، لا لها ، لكن لما كانت سببا للاستحقاق أضافه إليها مجازا ، وتابعه القاضي في العبارة (٢) ومثله عبارة المفيد حيث أطلق لزوم المهر مع الدخول (٣) وهو اختيار المصنف (٤) والعلامة قال : لأنه عوض بضع وقع صحيحا ، وتطرق الفسخ لا يقتضي فساده من أصله ، وإلّا لما صح بعد الرضا ، فإيجاب مهر المثل وإبطال المسمّى على ما ذهب إليه الشيخ وابن حمزة ليس بجيّد (٥).

(ب) بطلان المسمى ووجوب مهر المثل ، حكاه العلامة عن الشيخ (٦) وهو

__________________

(١) النهاية : باب التدليس في النكاح ، ص ٤٨٤ س ١٢ قال : إذا عقد الرجل على امرأة إلى قوله : دلّسها بالمهر.

(٢) المهذب : ج ٢ ، ص ٢٣٦ س ١٥ قال : وإذا تزوّج الرجل بامرأة على انها حرّة فبان انها أمة إلخ.

(٣) المقنعة : باب التدليس في النكاح ص ٨٠ س ١ قال : إذا تزوّج الرجل بالمرأة على انها حرة إلى قوله : الّا أن يكون قد دخل بها.

(٤) لاحظ عبارة النافع.

(٥) المختلف : في العيوب والتدليس ص ٧ س ٣٩ قال : والتحقيق ان نقول : الى قوله فإيجاب مهر المثل وابطال المسمّى على ما ذهب اليه الشيخ وابن حمزة ليس بجيد.

(٦) تقدم آنفا.

٣٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

اختيار ابن حمزة (١) إن كان المدلّس سيدها ، ويرجع به على السيد.

(ج) وجوب العشر مع البكارة ونصفه مع الثيبوبة ، قاله أبو علي (٢) وهو اختيار ابن حمزة (٣) إن كانت هي المدلّسة.

ولو كان الزوج عبدا ، وقف على إجازة مولاه ، فإن أجاز لزم العقد وما سمّى فيه ، وإن فسخ بطل ، فإن لم يكن دخل فلا شي‌ء ، وإن كان قد دخل وجب عليه ما وجب على الحرّ ، ثمَّ إن كان مأذونا له في النكاح لزم ذلك السيد ، وإلّا ففي ذمّته يتبع به

تذنيب

المهر للسيد هنا لكون البضع مملوكا له ، فعوضه لمالكه ، فإن لم يكن دفع إليها شيئا فلا كلام ، وإن دفع إليها استعاده ، وإن تلف أو بعضه رجع إليها بعد العتق واليسار ، وهو المشهور ، والذي يقتضيه أصول المذهب ، وقال المفيد : لا يرجع عليها بشي‌ء بعد الدخول (٤).

وإن كان المدلّس أجنبيا رجع عليه بالمدفوع إليها مع تلفه ، وبما يدفع إلى السيد. وشرط الشيخ في النهاية كونه عالما بدخله لأمرها (٥) وتبعه القاضي (٦) ، وإن كان

__________________

(١) و (٢) الوسيلة : في عقد العبيد والإماء ص ٣٠٣ س ٨ قال : أمّا لو دلّسها أحد بالحرية ، إلى قوله : ولسيدها عليه عشر قيمتها إن كانت بكرا ونصف العشر إن كان ثيّبا ، الى قوله : وإن دلّسها مولاها لزم مهر المثل.

(٣) المختلف : في العيوب والتدليس ، ص ٧ س ٢١ قال : وقال ابن الجنيد : الى قوله : وعلى الزوج إن كانت بكرا فافتضها عشر قيمتها أو نصف عشرها إن كانت ثيّبا.

(٤) المقنعة : باب التدليس في النكاح ، ص ٨٠ س ٣ قال : ولا يأخذ منها شيئا منه بعد الدخول.

(٥) النهاية : باب التدليس في النكاح ، ص ٤٨٤ س ١٤ قال : فان كان الولي لم يعلم دخيلة أمرها ، لم يكن عليه شي‌ء إلخ.

(٦) المهذب : ج ٢ باب التدليس في النكاح ، ص ٢٣٦ س ١٧ قال : وان كان غيرها هو الذي تولّى

٣٧٨

ولو تزوجها بكرا فوجدها ثيبا ، فلا ردّ ، وفي رواية ينقص مهرها.

______________________________________________________

المدلّس السيد لم يكن له مهر ، لأنه أباحه الوطء بعوض يعود ضمانه عليه ، فلا يرجع بشي‌ء.

قال طاب ثراه : ولو تزوجها بكرا فوجدها ثيّبا فلا ردّ ، وفي رواية ينقص مهرها.

أقول : البحث هنا يقع في مقامين :

الأوّل : هل يثبت الردّ بفوات البكارة مع شرطها؟ أم لا؟ بالثاني قال التقي (١) وهو المشهور بين الأصحاب ، وقال العلامة : يثبت الخيار إن ثبت سبق الثيبوبة (٢) ، لأنه شرط وصف كمال ، ولا يوجد ، فيثبت له خيار الشرط ، كالتدليس ، فكان له الفسخ ، لأنه معنى صحة الشرط.

الثاني : هل ينقص من مهرها شي‌ء أم لا؟ فيه مذهبان :

(أ) لا ينقص شي‌ء ، وهو مذهب التقي (٣) لثبوته بالعقد ، والأصل بقاؤه.

(ب) النقص ، وفي قدره أقوال :

(أ) ينقص شي‌ء مطلقا ، ولم يعين قدره ، قاله الشيخ في النهاية (٤) والقاضي (٥) ، اعتمادا على رواية محمّد بن جزك قال : كتبت إلى أبي عبد الله

__________________

العقد عليها وكان عالما بذلك إلخ.

(١) الكافي : النكاح ص ٢٩٦ س ٣ قال : وان تزوج بكرا فوجدها ثيّبا الى قوله : فليس بعيب يوجب الرد ولا نقصانا في المهر.

(٢) القواعد : في التدليس ص ٣٥ س ٥ قال : ولو شرط البكارة فإن ثبت سبق الثيبوبة ، فالأقرب أنّ له الفسخ إلخ.

(٣) تقدم في قوله آنفا (ولا نقصانا في المهر).

(٤) النهاية : باب التدليس في النكاح ص ٤٨٦ س ١٠ قال : وإذا عقد على امرأة على انها بكر الى قوله : ينقص من مهرها شيئا.

(٥) المهذب : ج ٢ ، فيما إذا بانت الزوجة ثيّبا ص ٢١٣ س ١١ قال : وإذا تزوّج امرأة على انها بكر الى قوله : جاز أن ينقص من مهرها شيئا.

٣٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه السّلام أسأله عن رجل تزوّج جارية بكرا فوجدها ثيّبا هل يجب لها الصداق وافيا أم ينقص؟ قال : ينقص (١) ولا بد من إضمار شي‌ء ممكن.

(ب) أنه السدس قاله الراوندي في شرح مشكل النهاية (٢) لأن الشي‌ء في عرف الشرع السدس.

وفيه نظر : لأنّ اللازم من الرواية إضمار (شي‌ء) وهو يصدق على القليل ، فيكون أعم من المدّعى ولا دلالة للعام على الخاص. والعرف في الوصية إلى السدس ، لا يطرد ، لعدم لزومه في الإقرار ، وفي قوله تعالى «وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً» (٣).

(ج) أنه ينقص من المسمّى ما بين مهرها بكرا وثيّبا ، وذلك يختلف باختلاف الجمال والسن والشرف وغير ذلك قاله ابن إدريس (٤) وأورد عليه السيد عميد الدين بأنه ربما يستغرق بالثيب مجموع مهرها المسمّى في هذا العقد ، فخلا النكاح من مهر (٥).

(د) الرجوع فيه إلى تقدير الحاكم والإحالة فيه على نظره ، لعدم التقدير الشرعي واللغوي فيه ، أي في تفسير (الشي‌ء) في هذا الموضع ، وهو اختيار المصنف في النكت (٦) ونقل فخر الدين عن والده طاب ثراهما أنه أجاب في درسه عن الوارد

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ ، باب التدليس في النكاح وما يردّ منه وما لا يردّ ص ٤٢٨ الحديث ١٧.

(٢) نقله في نكت النهاية في الجوامع الفقهية عن الراوندي ص ٤١٣ س ٢٣ بقوله : قال الراوندي في تفسير مشكل النهاية : ينتقص السدس إلخ.

(٣) البقرة : ٢٢٩.

(٤) السرائر : باب المهور ص ٣٠٣ س ٣٤ قال : والصحيح انه ينقص من المسمى إلخ.

(٥) نقله في إيضاح الفوائد : ج ٣ ص ١٨٦ س ١٥ بقوله : وأورد ربما استغرق فخلا النكاح من مهر.

(٦) نكت النهاية : من الجوامع الفقهية : ص ٤١٣ س ٣٠ قال : والوجه عندي إحالة ذلك على نظر الحاكم إلخ.

٣٨٠