المهذّب البارع - ج ٣

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

لا تلد (١).

وقال عليه السّلام : تزوّجها سوداء ولودا ، ولا تزوّجها حسناء جميلة إذا كانت عاقرا (٢).

(ب) خسيس الأصل.

قال النبي صلّى الله عليه وآله : إيّاكم وخضراء الدمن ، قالوا : وما خضراء الدّمن؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء (٣).

قال الصادق عليه السّلام : ليس للمرأة خطر ، لا لصالحتهن ولا لطالحتهنّ ، أمّا صالحتهنّ فليس خطرها الذهب والفضة ، بل هي من الذهب والفضة ، وأمّا لطالحتهنّ فليس التراب خطرها ، بل التراب خير منها (٤).

وقال عليه السّلام : تخيّروا لنطفكم فإنّ الخال أحد الضجيعين (٥) (٦).

(ج) الحمقاء.

عن النبي صلّى الله عليه وآله : إيّاكم وتزويج الحمقاء ، فإنّ صحبتها بلاء

__________________

(١) تقدم نقلا عن التذكرة ، وفي الفقيه : ج ٣ (١٧٨) باب النوادر ص ٣٥٨ فيما اوصى رسول الله صلّى الله عليه وآله علي بن أبي طالب ولفظه (ولحصير في ناحية البيت ، خير من امرأة لا تلد).

(٢) تقدم.

(٣) الكافي : ج ٥ ، باب اختيار الزوجة ، ص ٣٣٢ الحديث ٤.

(٤) الكافي : ج ٥ ، باب اختيار الزوجة ، ص ٣٣٢ الحديث ١.

(٥) قوله عليه السّلام (أحد الضجيعين) لعل المراد بيان مدخلية الخال في مشابهة الولد في أخلاقه ، فكأنّ الخال ضجيع الرّجل لمدخليته فما تولد منه عند المضاجعة من الولد ، أو المراد قرب أقارب المرأة من الزوج وشدّة ارتباطهم به ، فكأنّ الخال ضجيع الإنسان ، لشدّة قربه واطلاعه على سرائره ، والأول أظهر ، والضجيعان إما الزوجان ، أو المرأة والخال ، وقيل : أى كما أن الأب ضجيع ابنه ومربية ، وكما أنه يكسب من أخلاق الأب ، كذلك يكسب من أخلاق الخال (مرآة العقول ج ٢٠ ص ٢٢).

(٦) الكافي : ج ٥ باب اختيار الزوجة ص ٣٣٢ الحديث ٢.

١٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

وولدها ضياع (١).

(د) السوداء والأكراد.

وعن أمير المؤمنين عليه السّلام : إيّاكم ونكاح الزّنج فإنه خلق مشوّه (٢) (٣).

وعن أبي الربيع الشامي قال : قال لي أبو عبد الله عليه السّلام : لا تشتر من السودان أحدا ، فإن كان لا بدّ فمن النوبة ، فإنّهم من الذين قال الله تعالى (وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمّا ذُكِّرُوا بِهِ» (٤) إنهم يتذكرون ذلك الحظ ، وسيخرج مع القائم منا عصابة منهم ، ولا تنكحوا من الأكراد أحدا فإنهن جيش من الجن كشف عنهم الغطاء (٥) (٦).

وعن علي بن داود الحداد عن أبي عبد الله عليه السّلام : لا تنكح الزنج والخوز ، فإنّ لهم أرحاما تدل على غير الوفاء ، قال : والسند والهند والقند ليس فيهم نجيب ، يعنى القندهار (٧) (٨).

__________________

(١) الكافي : ج ٥ باب كراهية تزويج الحمقاء والمجنونة ص ٣٥٣ الحديث ١ وقد تقدم أيضا.

(٢) في مصباح اللغة : الشوه : قبح الخلقة ، وهو مصدر من باب تعب ، ورجل أشوه قبيح المنظر وامرأة شوهاء (مرات العقول : ج ٢٠ ص ٥٥ الزنج بالفتح والكسر صنف من السودان واحدهم زنجي (الوافي : كتاب النكاح ص ١٤).

(٣) الكافي : ج ٥ ، باب من كره مناكحته من الأكراد والسودان وغيرهم ص ٣٥٢ الحديث ١.

(٤) المائدة ـ ١٤.

(٥) النوبة بالضم : بلاد واسعة للسودان بجنوب الصعيد ، منها بلال الحبشي (الوافي : كتاب النكاح ص ١٤).

(٦) الكافي : ج ٥ ، باب من كره مناكحته من الأكراد والسودان وغيرهم ص ٣٥٢ الحديث ٢.

(٧) الخوز بالضم صنف من الناس ، وفي بعض النسخ خزر بالمعجمتين ثمَّ المهملة ، وهو محركة ضيق العين وصغرها ، سمّى به صنف من الناس هذه صفتهم (الوافي : كتاب النكاح ، ص ١٤).

(٨) الكافي : ج ٥ باب من كره مناكحته من الأكراد والسّودان وغيرهم ص ٣٥٢ الحديث ٣.

١٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

(ه) الشّهبرة ، وهي الزّرقاء البذيئة ، بالباء المنقطة بواحدة ، والذال المعجمة ، والياء المهموزة المثناة من تحت ، والبذي‌ء : المتكلم بالفحش ، يقال : رجل بذي‌ء وامرأة بذيئة ، والبذاء بالمد ، الفحش.

(و) اللهبرة ، وهي الطويلة المهزولة.

(ز) النهيرة ، وهي القصيرة الذميمة.

(ح) الهيدرة ، وهي العجوز المدبرة.

(ط) اللّفوت ، وهي ذات الولد من غيرك.

روى الصدوق بإسناده إلى النبي صلّى الله عليه وآله أنه قال لزيد بن ثابت : يا زيد تزوجت؟ قال : لا ، قال : تزوج تستعفف مع عفتك ، ولا تزوجن خمسا ، قال زيد : من هنّ يا رسول الله؟ فقال صلّى الله عليه وآله : لا تزوجن شهبرة ، ولا لهبرة ، ولا نهبرة ، ولا هيدرة ، ولا لفوتا ، قال زيد : يا رسول الله ما عرفت ممّا قلت شيئا ، وإنى بأمرهن لجاهل؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ألستم عربا؟ أمّا الشهبرة فالزرقاء البذية ، وأما اللهبرة فالطويلة المهزولة ، وأما النهبرة فالقصيرة الذميمة ، وأما الهيدرة فالعجوز المدبرة ، وأما اللّفوت فذات الولد من غيرك (١).

المقدمة السابعة ، في آداب وفوائد متفرقة :

(أ) يستحب السعي والوساطة في التزويج ، فإنه برّ وإعانة على معروف وتقوى.

روى السكوني عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : أفضل الشفاعات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتى بجمع الله بينهما (٢).

وعن سماعة بن مهران عن الصادق عليه السّلام قال : من زوّج أعزبا كان

__________________

(١) معاني الأخبار : باب معنى الشهبرة واللهبرة والنهبرة والهيدرة واللفوت ص ٣١٨ الحديث ١.

(٢) الكافي : ج ٥ ، باب من سعى في التزويج ص ٣٣١ الحديث ١.

١٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ممّن ينظر الله إليه يوم القيامة (١).

وعن زين العابدين عليه السّلام : من زوّج عزبا توّجه الله بتاج الملك (٢).

(ب) يستحب إيقاع العقد بالليل ، وكذا الدخول.

روى الحسن بن على الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال : سمعته يقول : من السنة التزويج باللّيل ، لأن الله جعل الليل سكنا ، والنساء إنما هن سكن (٣).

وعن الصادق عليه السّلام : زفّوا عرائسكم ليلا ، وأطعموا ضحى (٤).

وقال الباقر عليه السّلام لميسر بن عبد العزيز : يا ميسر تزوّج بالليل ، فإن الله جعله سكنا ولا تطلب حاجة بالليل ، فإنّ اللّيل مظلم ، قال : إنّ للطارق لحقا عظيما وإنّ للصاحب لحقا عظيما (٥) (٦).

(ج) يكره إيقاعه نصف النهار ، وفي الساعة الحارّة.

روى ضريس بن عبد الملك قال : بلغ أبا جعفر عليه السّلام أن رجلا تزوّج في ساعة حارّة عند نصف النهار ، أو نصف النهار ، فقال أبو جعفر عليه السّلام : ما أراهما

__________________

(١) الكافي : ج ٥ ، باب من سعى في التزويج ص ٣٣١ الحديث ٢.

(٢) عوالي اللئالى : ج ٣ ص ٣٠٣ الحديث ١٠٢ وقريب منه ما عن الفقيه : ج ٣ (١٠٦) باب من تزوّج لله عزّ وجلّ ولصلة الرحم ص ٢٤٣ الحديث ١.

(٣) الكافي : ج ٥ باب ما يستحب من التزويج بالليل ص ٣٦٦ الحديث ١.

(٤) الكافي : ج ٥ باب ما يستحب من التزويج بالليل ص ٣٦٦ الحديث ٢.

(٥) الطرق والطروق الإتيان بالليل ، لما كان منعه عليه السّلام عن طلب الحاجة بالليل مظنة لجواز عد التعرض لحاجة الطارق ، استدرك ذلك بقوله عليه السّلام (إنّ للطارق لحقا عظيما) وإنما عظيم حقه؟ لأنه لما لم يضطرّ لم يطرق ، والاضطرار يعظم الحق ، والصاحب من لك معه رابطة صحبة ، وربما يكون هو الطارق فيجتمع الحقان العظيمان (الوافي كتاب النكاح ، ص ٦٠).

(٦) الكافي : ج ٥ ، باب ما يستحب من التزويج بالليل ص ٣٦٦ الحديث ٣.

١٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

يتفقان ، فافترقا (١).

وروى عبيد بن زرارة وأبو العباس قالا : قال أبو عبد الله عليه السّلام : ليس للرجل أن يدخل بامرأته ليلة الأربعاء (٢).

وروى مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : سمعته يقول : وسئل عن التزويج في شوال؟ فقال : إنّ النبي صلّى الله عليه وآله تزوّج عائشة في شوال ، وقال : إنما كره ذلك في شوال أهل الزمن الأوّل ، وذلك أن الطاعون كان يقع فيهم في الأبكار والمملكات فيه فكرهوه لذلك لا لغيره (٣) (٤) (٥).

وروى علي بن أسباط ، عن إبراهيم بن محمّد بن حمران ، عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : من سافر أو تزوّج والقمر في العقرب لم ير الحسنى (٦).

(د) يستحب المبالغة في التستر بالفساد ، حتى البهائم.

__________________

(١) الكافي : ج ٥ ، باب الوقت الذي يكره في التزويج ص ٣٦٦ الحديث ١.

(٢) الكافي : ج ٥ ، باب الوقت الذي يكره فيه التزويج ص ٢٦٦ الحديث ٣.

(٣) قال عياض من علماء العامة : كانت العرب تكره ان يتزوج في شوال وتطير به ، لقولهم : شالت نعامتهم ، وشالت النوق بأذنابها ، وقال القرطبي : تطيّروا بذلك ، لأنّ شوال من الشول وهو الرفع والإزالة ، ومنه شالت الناقة بأذنابها ، اى رفعت ، وقد جعلوه كناية عن الهلاك ، فاذا قالوا : شالت نعامتهم فمعناه هلكوا عن آخرهم ، فكانوا يتوهّمون أنّ المتزوّجين فيه يقع بينهم البغضاء وترتفع خطوبها بمن عين الزوج ، وقد جاء الشرع بنفي هذه التطيّر (مرآة العقول ، ج ٢ ص ٤١٧).

(٤) بيان في التهذيب : (ففي الأبكار والمملكات من الأملاك) ، بمعنى التزويج ، أي قريبات العهد بالتزويج ، يعنى أن الطاعون كان يقع فيهم في شوال (الوافي كتاب النكاح ، ص ٦٠).

(٥) الكافي : ج ٥ باب نوادر ص ٥٦٣ الحديث ٢٩.

(٦) الفقيه : ج ٢ (٦٨) باب الأيام والأوقات التي يستحب فيها السفر ، والأيام والأوقات التي يكره فيها السفر ص ١٧٤ الحديث ١٣ وأورده أيضا في ج ٣ (١١٦) باب الوقت الذي يكره فيها التزويج ، ص ٢٥٠ الحديث ١ بحذف كلمة (سافر).

١٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

قال الصادق عليه السّلام : لا يجامع الرجل امرأته ولا جارية وفي البيت صبي ، فإن ذلك ممّا يورث الزنا (١).

وعن النبي صلّى الله عليه وآله : والذي نفسي بيده لو أنّ رجلا غشي امرأته وفي البيت صبيّ مستيقظ يراهما ويسمع كلامهما ونفسهما ما أفلح أبدا ، إذا كان غلاما كان زانيا أو جارية كانت زانية وكان علي بن الحسين عليه السّلام إذا أراد أن يغشى أهله أغلق الباب وأرخى الستور واخرج الخدم (٢).

وروى السكوني أن عليا عليه السّلام مرّ على بهيمة وفحل يسفدها على ظهر الطريق ، فأعرض عنه بوجهه ، فقيل له : لم فعلت ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال : لأنه لا ينبغي أن تصنعوا مثل ما يصنعون ، وهو من المنكر إلّا أن تواريه حيث لا يراه رجل ولا امرأة (٣) (٤).

(ه) يستحب التسمية عند الجماع كيلا يشاركه الشيطان.

قال عبد الرحمن بن كثير ، كنت عند أبي عبد الله عليه السّلام ، فذكر شرك الشيطان فعظمه حتى أفزعني ، قلت : جعلت فداك فما المخرج من ذلك؟ فقال : إذا أردت الجماع فقل : «بسم الله الرحمن الرحيم الّذي لا إليه إلّا هو بديع السّماوات والأرض اللهم إن قضيت مني في هذه الليلة خليفة ، فلا تجعل للشيطان فيه شريكا ولا نصيبا ولا حطا ، واجعله مؤمنا مخلصا مصفّى من الشيطان ورجزه ، جلّ ثناؤك» (٥).

__________________

(١) الكافي : ج ٥ باب كراهية أن يواقع الرجل أهله وفي البيت صبيّ ص ٤٩٩ الحديث ١.

(٢) الكافي : ج ٥ باب كراهية أن يواقع الرجل أهله وفي البيت صبيّ ص ٥٠٠ الحديث ٢.

(٣) يدل على كراهة مخل الضراب في المكان الذي يجتمع اليه الناس لقبحه ، وربما أدّى الى الحرام.

(روضة المتقين : ج ٨ ص ٥٣٧).

(٤) الفقيه : ج ٣ (١٤٤) باب النوادر ص ٣٠٤ الحديث ٤٠.

(٥) الكافي : ج ٥ باب القول عند الباه وما يعصم من مشاركة الشيطان ص ٥٠٣ الحديث ٤.

١٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وعن الصادق عليه السّلام : إن الشيطان ليجي‌ء حتى يقعد من المرأة كما يقعد الرجل منها ويحدث كما يحدث ، وينكح كما ينكح ، قلت : بأيّ شي‌ء يعرف ذلك؟ (١) قال : بحبّنا وبغضنا فمن أحبّنا كان نطفة العبد ، ومن أبغضنا كان نطفة الشيطان (٢).

وقال أمير المؤمنين عليه السّلام : إذا جامع أحدكم فليقل «بسم الله وبالله ، اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقني ، قال : فإن قضى الله بينهما ولدا لا يضره الشيطان بشي‌ء أبدا» (٣).

روى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السّلام في النطفتين اللتين للآدمي والشيطان إذا اشتركا ، فقال أبو عبد الله عليه السّلام : ربّما خلق من أحدهما وربّما خلق منهما جميعا (٤).

(و) يستحب الجماع ليلة الاثنين ، ليكون الولد حافظا للقرآن ، راضيا بالمقسوم.

وليلة الثلاثاء ، ليكون سهلا ، رحيم القلب ، سخي اليد ، طيّب النكهة ، طاهر اللسان من الغيبة والكذب والبهتان.

وليلة الخميس ، ليكون حاكما أو عالما ، ويومه عند الزّوال فإن الشيطان لا يقربه حتى يشيب ، ويكون فهما سالما.

__________________

(١) لعلّه سأل عن الدليل على أنه يكون الولد شرك الشيطان ، ثمَّ سأل عن العلامة التي بها يعرف ذلك ، والأظهر أنّ فيه تصحيفا لما سيأتي من خبر أبي بصير بسند آخر ، وفيه مكانه (ويكون فيه شرك الشيطان مرآة العقول : ج ٢٠ ص ٣١٣).

(٢) الكافي : ج ٥ باب القول عند الباه وما يعصم من مشاركة الشيطان ص ٥٠٢ قطعة من حديث ٢.

(٣) الكافي : ج ٥ باب القول عند الباه وما يعصم من مشاركة الشيطان ص ٥٠٣ الحديث ٣.

(٤) الكافي : ج ٥ ، باب القول عند الباه وما يعصم من مشاركة الشيطان ص ٥٠٣ الحديث ٦.

١٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وليلة الجمعة ، ليكون خطيبا قوالا مفوّها ، وبعد عصرها ، ليكون مشهورا عالما ، وليلتها بعد العشاء يرجى كونه بدلا من الأبدال (١).

(ز) وطء الحائض حرام ، مع ما فيه من سوء العاقبة.

فقد روى انه يورث الحول ، والحول من الشيطان (٢).

وروى الصدوق عن النبي صلّى الله عليه وآله : من جامع امرأته وهي حائض فخرج الولد مجذوما ، أو به برص فلا يلومنّ إلّا نفسه (٣).

وعنهم عليهم السّلام : أكثر هؤلاء المشوّهين من الذين يأتون نساءهم في الطمث (٤).

ويكره أن يجامع امرأته بشهوة غيرها ، خوفا من تخنيث الولد.

وأن يجامع من قيام ، خوفا من مجيئه بوّالا في الفراش.

وليلة الفطر ، خوفا من أن لا تلد الولد الا كبير السن.

وليلة الأضحى ، خوفا من زيادة الإصبع أو نقصانها.

وتحت شجرة مثمرة ، خوفا من مجيئه جلادا قتالا عريفا.

وبين الأذان والإقامة ، خوفا من مجيئه حريصا على إهراق الدماء.

ومستقبل الشمس إلّا بستر ، خوفا من فقر الولد وبوسه حتى يموت.

وعلى غير وضوء ، خوفا من بخله وعمى قلبه.

وليلة نصف شعبان ، خوفا من شامة في وجهه وشعره.

__________________

(١) الفقيه : ح ٣ (١٧٨) باب النوادر ص ٣٥٨ مقتبسات من حديث ١ وهو ما اوصى به رسول الله صلّى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السّلام.

(٢) الفقيه : ح ٣ (١٧٨) باب النوادر ص ٣٥٨ مقتبسات من حديث ١ وهو ما اوصى به رسول الله صلّى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السّلام.

(٣) الفقيه : ج ١ (٢٠) باب غسل الحيض والنفاس ص ٥٣ الحديث ١٠.

(٤) الفقيه : ج ١ (٢٠) باب غسل الحيض والنفاس ص ٥٣ الحديث ١١ ولفظ الحديث (فقال : هم الذين يأتي اباؤهم نساءهم في الطمث).

١٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي الليلة التي يسافر فيها ، كيلا ينفق الولد ما له في غير حق.

وعلى سقوف البنيان ، خوفا من مجيئه منافقا مرائيا مبتدعا.

وأوّل ساعة من الليل ، خوفا من مجيئه ساحرا مؤثرا للدنيا على الآخرة.

وفي آخر درجة من شعبان ، بحيث يبقى منه يومان ، خوفا من مجيئه كذّابا.

وأن يجامع بشهوة أختها خوفا من كونه عشّارا ، عونا لكل ظالم ، ويهلك قبيلة من الناس على يديه.

وأن يمسحا بخرقة واحدة ، فإنه يوقع العداوة بينهما.

(ح) يستحب منعها في أسبوعها من اللّبن والخلّ والكزبرة والتفاح الحامض ، فإنه يعقم الرحم ويبرده ، وإذا حاضت على الخل لم يطهر بتمام ، والكزبرة تكثر الحيض في بطنها ويشدّد عليه الولادة ، والتفاح الحامض يقطع حيضها ، فيصير داء.

(ط) يستحب خلع خف العروس جئن يدخل عليه عند جلوسها ، وغسل رجليها ، وصبّ الماء من باب الدار إلى أقصاها ، ليخرج بذلك سبعون لونا من الفقر ، ويدخل عليه سبعين لونا من البركة ، وينزل عليه سبعين رحمة ترفرف على رأس العروس حتى ينال بركتها من كل زاوية من بيتك ، ويأمن العروس من الجنون والجذام والبرص ما دامت في تلك الدار (١).

__________________

(١) الفقيه : ج ٣ (١٧٨) باب النوادر ، ص ٣٥٨ الحديث ١ كل ذلك مقتبسات ممّا أوصى به رسول الله صلّى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السّلام ، وقال المحقق المحدث الكاشاني في الوافي : كتاب النكاح ص ١٠٩ بعد نقل الحديث : ولا يخفي ما في هذه الوصايا وبعد مناسبتها لجلالة قدر المخاطب بها ، ولذا قال بعض فقهائنا : أنها ممّا يشم منها رائحة الوضع.

١٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

(ى) ما يقال لطالب الولد.

قال سيد العابدين عليه الصلاة والسّلام لبعض أصحابه : قل في طلب الولد : «(رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) ، واجعل (لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي) في حياتي ويستغفر لي بعد وفاتي ، واجعله خلقا سويّا ، ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا ، اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك إنّك أنت الغفور الرّحيم» سبعين مرّة ، فإنّه من أكثر هذا القول رزقه الله ما تمنى من مال وولد ، ومن خير الدنيا والآخرة ، فإنه يقول : «اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً» (١) (٢).

(يا) من لم يستطع التزويج فعليه بالصوم وتوفير الشعر.

قال أمير المؤمنين عليه السّلام : ما كثر شعر رجل قط إلّا قلّت شهوته (٣).

وجاء شابّ إلى النبي صلّى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله اني تائق إلى النكاح ولا أجد الطول؟ فقال عليه السّلام : وفرّ شعر جسدك ، وأدمن الصوم ، فإنه له وجاء (٤).

(يب) قال الصدوق رحمه الله : إنما جعل مهر السنّة خمسمائة درهم؟ لأنّ الله تبارك وتعالى أوجب على نفسه أن لا يكبّره مؤمن مائة تكبيرة ، ولا يسبّحه مائة تسبيحة ، ولا يهلّله مائة تهليلة ، ولا يحمده مائة تحميدة ، ولا يصلّى على النبي وآله مائة مرّة ، ثمَّ يقول : اللهم زوّجني من الحور العين ، إلّا زوّجه حوراء من الجنة وجعل

__________________

(١) نوح : ١٠ ـ ١٢.

(٢) الفقيه : ج ٣ (١٤٥) باب الدعاء في طلب الولد ، ص ٣٠٤ الحديث ١.

(٣) الفقيه : ج ٣ (١٤٤) باب النوادر ص ٣٠٣ الحديث ٣٤.

(٤) الكافي : ج ٥ ، باب نوادر ، ص ٥٦٤ الحديث ٣٦ بتفاوت يسير في بعض الكلمات.

١٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ذلك مهرها (١).

(يج) شبه الولد إلى أبيه.

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : من نعم الله على العبد أن يشبهه ولده (٢).

وقال الصادق عليه السّلام : إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يخلق خلقا ، جمع كلّ صورة بينه وبين آدم عليه السّلام ثمَّ خلقه على صورة إحداهنّ ، فلا يقولنّ أحد لولده : هذا لا يشبهني ولا يشبه شيئا من آبائي (٣).

(يد) مواظبة النساء على التستر.

روى الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ليس للنساء من سروات الطريق شي‌ء ، ولكنها تمشي في جانب الحائط والطريق (٤) (٥).

وعنه عليه السّلام : أيما امرأة تطيّبت ثمَّ خرجت فهي تلعن حتى ترجع إلى بيتها متى ما رجعت (٦) (٧).

وقال عليه السّلام : لا ينبغي للمرأة المؤمنة أن تنكشف بين يدي اليهودية

__________________

(١) علل الشرائع : ج ٢ باب ٢٥٨ العلة التي من أجلها صار مهر السنة خمسمائة درهم ص ١٨٥ الحديث ١.

(٢) الفقيه : ج ٣ (١٤٨) باب فضل الأولاد ص ٣١٢ الحديث ٢٢.

(٣) الفقيه : ج ٣ (١٤٨) باب فضل الأولاد ص ٣١٢ الحديث ٢٣.

(٤) قال الجوهري : السراة : واحد السروات ، وسراة كل شي‌ء ظهره ووسطه (مرآة العقول : ج ٢٠ ص ٣٣٦).

(٥) الكافي : ج ٥ باب التستر ص ٥١٨ الحديث ١.

(٦) قوله (فهي تلعن) على بناء المجهول ، أى تلعنها الملائكة ، وظاهره الحرمة ، ويمكن حمله على ما إذا كان بقصد الأجانب (مرآة العقول : ج ٢٠ ص ٣٣٦).

(٧) الكافي : ج ٥ باب التستر ، ص ٥١٨ الحديث ٢.

١٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

والنصرانية ، فإنهنّ يصفن ذلك لأزواجهن (١) (٢).

(يه) حق الرجل على المرأة.

روى محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال : جاءت امرأة إلى النبي صلّى الله عليه وآله فقالت : يا رسول الله ما حق الزوج على المرأة؟ فقال لها : أن تطيعه ولا تعصيه ، ولا تتصدق من بيته إلّا بإذنه ، ولا تصوم تطوعا إلّا بإذنه ، ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب (٣) ، ولا تخرج من بيتها إلّا بإذنه ، وإن خرجت بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء والأرض ، وملائكة الغضب ، وملائكة الرّحمة حتى ترجع إلى بيتها ، فقالت : يا رسول الله من أعظم الناس حقا على الرّجل؟ قال :

__________________

(١) ويدل على كراهة كشف المرأة يديها عند اليهودية والنصرانية ، وربما قيل بالتحريم ، لقوله تعالى : (أَوْ نِسائِهِنَّ) إذا الظاهر اختصاصها بالمؤمنات ، قال في مجمع البيان ، يعنى النساء المؤمنات ، ولا يحل لها أن يتجردن ليهودية أو نصرانية أو مجوسية إلّا إذا كانت أمة ، وهو معنى قوله (أو ما ملكت أيمانهنّ) أي من الإماء ، وقد يقال : الإضافة في النساء لأنهنّ من جنسهنّ ، لا من جهة الايمان ، فيشمل جميع النساء والأحوط ترك تجردهنّ عند الكافرات مطلقا ، وقال الشيخ : الذمية لا تنظر إلى المسلمة حتى الوجه والكفين لهذا الخبر وللآية ، وقال بعض العامة : المسلمة كلها عورة بالنسبة إلى نساء أهل الذمة ، كما أنّ كلها عورة بالنسبة إلى الأجنبي ، أقول : يمكن حمل الخبر على الكراهة كما هو الظاهر ، ويؤيّده ان التعليل المذكور مشتركة بين الذميات والمسلمات ، ولم يقل بالتعميم أحد من علمائنا (تلخيص من مرآة العقول : ج ٢٠ ص ٣٣٦ و ٣٣٧).

(٢) الكافي : ج ٥ ، باب التستر ص ٥١٩ الحديث ٥.

(٣) قوله (وان كان على ظهر قتب) وفي النهاية : القتب للجمل كالاكاف لغيره ، ومعناه الحث لهن على مطاوعة أزواجهن ، وانه لا يسعن الامتناع في هذه الحال فكيف في غيرها ، وقيل : ان نساء العرب كنّ إذا أردن الولادة جلسن على قتب ويقلن انه اسلس للخروج ، فأراد تلك الحالة ، قال أبو عبيد : كنا نرى ان المعنى : وهي تسير على ظهر البعير ، فجاء التفسير بغير ذلك (روضة المتقين : ج ٨ ص ٣٦٠).

١٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والده ، فمن أعظم الناس حقا على المرأة؟ قال : زوجها ، قالت : فما لي من الحق عليه مثل ما له عليّ؟ قال : لا ولا من كلّ مائة واحدة ، فقالت : والذي بعثك بالحق نبيا لا ملك رقبتي رجلا أبدا (١).

وعنه صلّى الله عليه وآله : إنما النكاح رقّ ، فإذا نكح أحدكم ابنته فقد أرقها ، فلينظر أحدكم أين يرقّ كريمته (٢).

وعن الصادق عليه السّلام قال : إن امرأة أتت رسول الله صلّى الله عليه وآله لبعض الحاجة ، فقال لها : لعلّك من المسوّفات؟ قالت : وما المسوّفات يا رسول الله؟ قال : المرأة التي يدعوها زوجها لبعض الحاجة ، فلا تزال تسوّفه حتى ينعس زوجها فينام ، وتلك لا تزال الملائكة تلعنها حتى يستيقظ زوجها (٣).

وعنه عليه السّلام : إن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال للنساء : لا تطوّلنّ صلاتكنّ لتمنعن أزواجكنّ (٤).

(يو) الوصية بالمرأة.

قال أمير المؤمنين عليه السّلام : في وصية لولده الحسن عليه السّلام ، لا تملّك المرأة من الأمر ما يجاوز نفسها ، فإنّ ذلك أنعم لحالها ، وأرخى لبالها ، وأدوم لجمالها ، فإنّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ، ولا تعد بكراهتها نفسها ، واغضض بصرها بسترك ، واكففها بحجابك ، ولا تطمعها أن تشفع لغيرها فيميل عليك بمن شفعت له معها ، واستبق من نفسك بقيّة فإنّ إمساكك عنهنّ وهنّ يرين أنك ذو اقتدار خير

__________________

(١) الفقيه : ج ٣ (١٣٠) باب حق الزوج على المرأة ص ٢٧٦ الحديث ١.

(٢) الوسائل : ج ١٤ كتاب النكاح ، باب ٢٨ من أبواب مقدماته وآدابه ، الحديث ٨ نقلا عن الأمالي.

(٣) الكافي : ج ٥ باب كراهية أن تمنع النساء أزواجهنّ ص ٥٠٨ الحديث ٢.

(٤) الكافي : ج ٥ باب كراهية أن تمنع النساء أزواجهنّ ص ٥٠٨ الحديث ١.

١٩٣

وهل يشترط وقوع تلك الألفاظ بلفظ الماضي؟ الأحوط نعم ، لأنه صريح في الإنشاء ولو أتى بلفظ الأمر كقوله للوليّ : زوجنيها ، فقال : زوّجتك قيل : يصح كما في قصّة سهل الساعدي ولو أتى بلفظ

______________________________________________________

من أن يرين فيك حالا على انكسار (١) (٢).

(يز) يكره التبتل للنساء ، وهو ترك التزويج كما تكره العروبة للرجل.

روى عبد الصمد بن بشير قال : دخلت امرأة على أبي عبد الله عليه السّلام فقالت : أصلحك الله إنّي امرأة متبتلة ، فقال : وما التبتل عندك؟ قالت : لا أتزوّج ، قال : ولم؟ قالت : ألتمس بذلك الفضل فقال : انصرفي ، فلو كان ذلك فضلا لكانت فاطمة عليها السّلام أحق به منك ، انه ليس أحد يسبقها إلى الفضل (٣).

(يح) عن النبي صلّى الله عليه وآله من كان له صبيّ فليتصاب به (٤).

وروي أن أفضل ما يطبخ به العقيقة ماء وملح (٥).

وروي أنّ الصبيان إذا زوّجوا صغارا لم يكادوا يتألفون (٦).

قال طاب ثراه : وهل يشترط وقوع تلك الألفاظ بلفظ الماضي؟ الأحوط نعم ، لأنه صريح في الإنشاء إلى أخر الفصل.

__________________

(١) قوله (ما يجاوز نفسها) أي لا تكل إليها ولا تكلفها سوى ما يتعلق بتدبير نفسها ، وقال في النهاية : القهرمان ، هو كالخازن والوكيل والحافظ لما في تحت يده ، والقائم بأمور الرجل بلغة الفرس قوله (ولا تعد بكرامتها) اى لا تتجاوز بسبب كرامتها أن تفعل بها ما يتعلق بنفسها لئلا تمنعها عن الإحسان إلى أقاربه وغير ذلك من الخيرات لحسدها وضعف عقلها (مرآة العقول : ج ٢٠ ص ٣٢٣).

(٢) الكافي : ج ٥ باب إكرام الزوجة ص ٥١٠ الحديث ٣.

(٣) الكافي : ج ٥ باب كراهية أن تتبتل النساء ويعطلن أنفسهن ص ٥٠٩ الحديث ٣.

(٤) الفقيه : ج ٣ (١٤٨) باب فضل الأولاد ص ٣١٢ الحديث ٢١.

(٥) الفقيه : ج ٣ (١٤٩) باب العقيقة والتحنيك والتسمية والكنى وحلق الرأس ص ٣١٣ الحديث ١١.

(٦) الكافي : ج ٥ باب انّ الصغار إذا زوّجوا لم يأتلفوا ص ٣٩٨ الحديث ١.

١٩٤

المستقبل ، كقوله : أتزوجك ، قيل : يجوز كما في خبر أبان عن الصادق عليه السّلام في المتعة : أتزوّجك ، فإذا قالت : نعم ، فهي امرأتك.

ولو قال : زوّجت بنتك من فلان ، فقال : نعم ، فقال الزوج : قبلت ، صحّ ، لأنه يتضمن السؤال.

ولا يشترط تقديم الإيجاب.

ولا تجزي الترجمة مع القدرة على النطق ، وتجزي مع العذر كالأعجم ، وكذا الإشارة للأخرس.

______________________________________________________

أقول : الإنشاء لغة الابتداء ، واصطلاحا إيجاد عقد بلفظ يقارنه في الوجود ، إذا عرفت هذا : فاللّفظ الدالّ على الحدث ، لا يخلو إمّا أن يدلّ على الماضي أو الحال أو الاستقبال :

والمستقبل لا وثوق بحصوله ، لاحتماله الوعد ، والاستفهام والحال يشاركه في الصيغة ، فالتبس به ، فلم يبق ما يدلّ على وقوع الفعل قطعا إلّا الماضي ، فكان الماضي هو الصريح في الإنشاءات كلّها ، والأمر بعيد عن شبه الإنشاء ، فلا يصلح له وما عدا النكاح من البيع والصلح والوقف لا شك في عدم وقوعه بغير الماضي.

وانما وقع الخلاف في النكاح ، هل يقع بغير الماضي ، كأتزوّجك؟ قيل : نعم ، وقيل : لا ، والخلاف في أربع صيغ :

(الأولى) صيغة الأمر ، كقوله للوليّ (زوّجنيها) ويكون قبولا مقدّما ، فيقول الوليّ : زوّجتك ، هل يصح ذلك من غير أن يقبل الزوج بعد ذلك؟ فيه مذهبان :

الصحة ، وهو مذهب الشيخ في المبسوط (١) وظاهر المصنف في النافع (٢)

__________________

(١) المبسوط : ج ٤ ، فصل فيما ينعقد به النكاح ، ص ١٩٤ س ٤ قال : واما ان تأخر الإيجاب وسبق القبول : الى ان قال : صح وان لم يعد الزوج القبول بلا خلاف لخبر سعد الساعدي إلخ.

(٢) لاحظ عبارة النافع.

١٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

واستحسنه في الشرائع (١).

والمنع ، وهو مذهب ابن إدريس (٢) واختاره العلامة في كتبه (٣).

احتج الأوّلون برواية سهل بن سعد الساعدي ، إنّ امرأة أتت النبي صلّى الله عليه وآله فقالت : إنى قد وهبت نفسي لك يا رسول الله إن يكن لك رغبة ، فقال عليه السّلام : لا رغبة لي في النساء فقامت طويلا ، فقام رجل فقال يا رسول الله : زوّجنيها إن لم يكن لك فيها حاجة فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : هل لك شي‌ء تصدقها إياه؟ فقال ما عندي إلّا إزاري هذا ، فقال النبي : إن أعطيتها جلست ولا إزار لك ، فالتمس شيئا ، فقال : ما أجد شيئا ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : هل معك شي‌ء من القرآن؟ قال : نعم سورة كذا وسورة كذا ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله زوّجتكها على ما معك من القرآن (٤).

__________________

(١) الشرائع : الفصل الثاني في العقد ، قال : ولو أتى بلفظ الأمر الى أن قال : وهو حسن.

(٢) السرائر : في الكفاءة في النكاح ص ٢٩٩ س ٢٣ قال : ولا يجوز ان يأتي بلفظ الأمر أو الاستفهام إلخ

(٣) التذكرة : ج ٢ ، الركن الأوّل في الصيغة ص ٥٨٣ س ٦ قال : وقال احمد : لا يصح العقد إذا قدّم القبول ، الى أن قال : ولا بأس بهذا القول. وفي القواعد ، الباب الثاني في العقد ص ٤ س ٨ قال : ولو قصد بلفظ الأمر الإنشاء قيل : يصح كما في خبر سهل الساعدي ، ولو قال : أتزوّجك بلفظ المستقبل جاز على رأي إلخ ، وفي المختلف : كتاب النكاح الفصل الثاني في العقد ص ٨٥ س ٢٦ قال بعد نقل الشيخ في المبسوط : والوجه المنع.

(٤) رواه أكثر أئمة الحديث من الخاصة والعامة باختلاف يسير في بعض ألفاظه ، لاحظ الكافي : ج ٥ باب نوادر في المهر ص ٣٨٠ الحديث ٥ والتهذيب : ج ٧ (٣١) باب المهور والأجور ص ٣٥٤ الحديث ٧ وصحيح البخاري كتاب النكاح ، باب تزويج المعسر ، وصحيح مسلم : ج ٢ كتاب النكاح (١٣) باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد وغير ذلك من قليل وكثير ، الحديث ٧٦ وسنن أبي داود : ج ٢ كتاب النكاح باب التزويج على العمل يعمل ، الحديث ٢١١١ و ٢١١٢ و ٢١١٣ وسنن ابن ماجه ، كتاب النكاح (١٧) باب صداق النساء الحديث ١٨٨٩ والترمذي (٣) كتاب النكاح (٢٣) باب منه ، والنسائي كتاب النكاح باب التزويج على سورة القرآن.

١٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

واعلم أنّ هذا الحديث قد دلّ على أمور سبعة غير ما ذكره الشيخ من جواز وقوعه بلفظ الأمر.

(أ) كون النبي صلّى الله عليه وآله أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، لأنّه عليه السّلام زوّجها ولم يأخذ إذنها ، وهو موافق لمنطوق الآية.

(ب) جواز جعل تعليم القرآن صداقا.

(ج) جواز تقديم القبول على الإيجاب.

(د) عدم اشتراط تقديم الخطبة.

(ه) جواز خروج المرأة إلى مجمع الرجال لحاجة تعرض لها.

(و) جواز خطبة النساء للرّجال.

(ز) اشتراط تمكّن الزوج من المهر حالة العقد.

(الثانية) لفظ المستقبل.

وفي وقوع النكاح به مذهبان :

الصحة : وهو مذهب المصنف في الشرائع (١) لرواية أبان بن تغلب عن الصادق عليه السّلام في المتعة : أتزوّجك مدّة كذا بكذا ، فاذا قالت : نعم فهي امرأتك (٢).

وقال ابن حمزة لا يقع (٣) واختاره العلامة في كتبه (٤) اقتصارا على المتيقن ، ومنع صحة سند الرواية.

__________________

(١) الشرائع : كتاب النكاح ، في العقد ، قال : ولو أتى بلفظ المستقبل الى قوله : جاز.

(٢) الكافي : ج ٥ باب شروط المتعة ص ٤٥٥ قطعة من حديث ٣.

(٣) الوسيلة : كتاب النكاح ، فصل في بيان مقدمة الكتاب وكيفية العقد ص ٢٩١ س ١٩ قال : ولا يجوز بلفظة الاستفهام ، ولا الاستقبال.

(٤) المختلف : كتاب النكاح ، الفصل الثاني في العقد ص ٨٥ س ٢٧ قال : مسألة الأقوى أنه لا ينعقد بلفظ الاستقبال إلخ وفي التذكرة ، الركن الأول الصيغة ص ٥٨٣ س ٢٠ قال : ولو أتى بلفظ المستقبل إلخ.

١٩٧

وأمّا الحكم فمسائل :

الأولى : لا حكم لعبارة الصبي ، ولا المجنون ، ولا السكران. وفي رواية إذا زوّجت السكرى نفسها ثمَّ أفاقت ، فرضيت به ، أو دخل بها وأقرته كان ماضيا.

______________________________________________________

(الثالثة) الكناية ، كنعم في جواب من قال له : هل تزوجت بنتك من فلان؟ فيقول : نعم ، فيقول الزوج : قبلت ، في الحال مع قصدهما الإنشاء ، هل تصح أم لا؟ مذهبان :

الصحة مذهب الشيخ (١) وجزم به المصنف في النافع (٢) لأنّ (نعم) يتضمّن إعادة السؤال فيكون تقدير الكلام ، نعم زوّجت ، فقد حصل القبول ومعنى الإيجاب ، فصحّ العقد لأصالة الصحة.

والمنع قاله العلامة (٣) وتردّد المصنف في الشرائع (٤).

(الرابعة) الترجمة ، ومنع الجمهور من الأصحاب من وقوعه بغير العربية ، وأجازه ابن حمزة (٥) والأقرب المنع في الأربع.

قال طاب ثراه : وفي رواية : إذا زوّجت السكرى نفسها ثمَّ أفاقت ، فرضيت به ، أو دخل بها فأقرته كان ماضيا.

__________________

(١) المبسوط : فيما ينعقد به النكاح ، ص ١٩٣ س ٢٢ قال : وكذلك (أى ينعقد العقد) لو قال : زوجت بنتك من فلان ، فقال : نعم إلخ.

(٢) لاحظ عبارة النافع.

(٣) التحرير : في العقد ، ص ٤ س ٣٤ قال : ولو قيل : زوّجت بنتك من فلان فقال : نعم ثمَّ قال : وعندي فيه نظر.

(٤) الشرائع : في العقد ، قال : ولو قال : زوّجت بنتك من فلان فقال : نعم الى أن قال : وفيه تردّد.

(٥) الوسيلة : في بيان مقدمة الكتاب وكيفية العقد ص ٢٩١ س ٢١ قال : وان قدر المتعاقدان الى أن قال : وان عجز أجاز بما يفيد مفادها من اللغات.

١٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : الرواية إشارة إلى ما رواه محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن امرأة ابتليت بشرب النبيذ ، فسكرت ، فزوّجت نفسها رجلا في سكرها ، ثمَّ أفاقت فأنكرت ذلك ، ثمَّ ظنت أنه يلزمها ، فأقامت مع الرجل على ذلك التزويج ، إحلال هو لها؟ أم التزويج فاسد لمكان السكر ولا سبيل للزوج عليها؟ فقال : إذا قامت معه بعد ما أفاقت فهو رضا منها ، قلت : ويجوز ذلك التزويج عليها؟ فقال : نعم (١) (٢).

وبمضمونها قال الشيخ في النهاية (٣) والصدوق في المقنع (٤) والشيخ سلّم بطلان العقد وحكم بإمضائه بعد إجازتها ، وهو مشكل ، لأنّ مقتضى البطلان الإلغاء ، وقال ابن إدريس : بالبطلان وإلغاء الإجازة (٥) وهو مذهب المصنف (٦) والعلامة (٧) وحمل الرواية على تقدير عدم بلوغ الإسكار إلى مزيل التحصيل.

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٣٢) باب عقد المرأة على نفسها النكاح. ص ٣٩٢ الحديث ٤٧.

(٢) واعلم انه لو أفاق السكران فأجاز العقد الواقع في السكر ، فالمشهور أنه لا يصح وان كان بعد الدخول ، وقال الشيخ في النهاية : وإذا عقدت على نفسها وهي سكرى كان العقد باطلا ، فإن أفاقت ورضيت كان العقد ماضيا ، وحمل في المختلف الرواية على ما إذا لم يبلغ السكر الى حدّ عدم التحصيل ، وفيه ما فيه (ملاذ الأخيار : ج ١٢ ص ٣٠٥).

(٣) النهاية : باب من يتولّى العقد على النساء ، ص ٤٦٨ س ٥ قال : وإذا عقدت المرأة على نفسها وهي سكرى كان العقد باطلا ، فإن أفاقت ورضت بفعلها كان العقد ماضيا.

(٤) المقنع : باب بدء النكاح ص ١٠٣ قال بعد نقل الحديث : فان التزويج واقع إذا قامت معه بعد ما أفاقت ، وهو رضاها ، والتزويج جائز عليها.

(٥) السرائر : باب من يتولى العقد ، ص ٢٩٨ س ١٣ قال بعد نقل الحديث : والذي يقوى عندي أن هذا العقد باطل ، فاذا كان باطلا فلا يقف على الرضا والإجازة إلخ.

(٦) لاحظ عبارة النافع.

(٧) المختلف : كتاب النكاح ، ص ٩٠ س ١٨ قال بعد نقل قول الشيخ وابن إدريس : وقول ابن إدريس لا بأس به ، الى أن قال : والتحقيق أن يقول : ما بلغ السكر بها الى عدم التحصيل كان العقد باطلا

١٩٩

الثانية : لا يشترط حضور شاهدين ، ولا وليّ إذا كانت الزوجة بالغة رشيدة على الأصح.

الثالثة : لو ادعى زوجية امرأة ، وادّعت أختها زوجيته ، فالحكم لبيّنة الرجل ، إلّا أن يكون مع المرأة ترجيح من دخول ، أو تقديم تاريخ. ولو عقد على امرأة وادّعى آخر زوجيّتها لم يلتفت إلى دعواه إلّا مع البينة.

الرابعة : لو كان لرجل عدّة بنات ، فزوّج واحدة ولم يسمها ، ثمَّ اختلفا في المعقود عليها ، فالقول قول الأب ، وعليه أن يسلم إليه التي قصدها في العقد ، ان كان الزوج رآهن ، وإن لم يكن رآهن فالعقد باطل.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : لا يشترط حضور شاهدين ولا ولىّ إذا كانت الزوجة بالغة رشيدة على الأصح.

أقول : البحث هنا يقع في فصلين :

(أ) حضور الوليّ.

(ب) اشتراط الإشهاد.

وكلاهما غير شرط عندنا الّا من شذّ كابن عقيل (١) وهو مذهب العامة (٢).

لنا عموم قوله تعالى «فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ

__________________

وان لم يبلغ السكر الى ذلك الحدّ صحّ العقد ويحمل عليه الرواية.

(١) المختلف : في الأولياء ص ٨٧ قال : مسألة المشهور عند علمائنا انه لا يشترط في العقد الوليّ ولا الشهود وقال ابن عقيل : ولا يجوز إلا بوليّ مرشد وشاهدي عدل إلخ.

(٢) الفقه على المذاهب الأربعة : ج ٤ ص ٢٥ الشهود والزوجان قال : (٧) اتفق الثلاثة على ضرورة وجود الشهود عند العقد ، فاذا لم يشهد شاهدان عند الإيجاب والقبول بطل ، وقال في ص ٢٦ : الوليّ في النكاح هو الذي يتوقف عليه صحة العقد ، فلا يصح بدونه.

٢٠٠