المهذّب البارع - ج ٣

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

يشترط استدعاؤهما إلى السماع ، ويعتبر فيهما العدالة ، وبعض الأصحاب يكتفي بالإسلام. ولو طلق ولم يشهد ثمَّ أشهد كان الأوّل لغوا ، ولا تقبل فيه شهادة النساء.

______________________________________________________

وقيل : يبطل الطلاق.

أقول : الأول اختيار الشيخ في النهاية (١) والقاضي (٢) وابن زهرة (٣) وابن إدريس (٤) واختاره المصنف (٥) والعلامة (٦).

والثاني اختيار المرتضى (٧) وابن حمزة (٨) والحسن (٩) وظاهر سلار (١٠).

__________________

(١) النهاية : باب أقسام الطلاق وشرائطه ، ص ٥١٢ س ٥ قال : فان طلقها أكثر من ذلك ثنتين أو ثلاثا ، لم يقع أكثر من واحدة.

(٢) المهذب : ج ٢ ، باب بيان ما يقع به الطلاق ، ص ٢٧٩ س ٥ قال : وإذا قال لها : أنت طالق اثنين ، وقعت طلقة في الحال ، وما عدا ذلك لغو.

(٣) الغنية من جوامع الفقهية : في الطلاق واللعان ص ٦١٥ س ١ قال : ومن طلق ثلاثا بلفظ واحد كان مبتدعا في قوله ثلاثا ووقعت واحدة.

(٤) السرائر : كتاب الطلاق ، ص ٣٢٥ س ٢٩ قال : فان طلقها ثنتين أو ثلاثا الى قوله : لم يقع على الصحيح من المذهب إلا واحدة إلخ.

(٥) الشرائع : كتاب الطلاق ، في الصيغة قال : ولو فسر الطلقة باثنين أو ثلاث الى قوله : وقيل : يقع واحدة ويلقى التفسير وهو أشهر الروايتين.

(٦) المختلف : كتاب الطلاق ص ٣٦ س ١ قال : وابن زهرة وابن إدريس وافقا الشيخ في النهاية وهو المعتمد

(٧) الانتصار في الطلاق ص ١٣٦ قال : مسألة ، وممّا انفردت به الإمامية القول : بان الطلاق الثلاث بلفظ واحد لا يقع إلخ.

(٨) الوسيلة : أحكام الطلاق ، ص ٣٢٢ س ٤ قال : وبدعة في القول الى قوله : وإيقاع الطلاق ثلاثا بلفظ واحد ولا يقع كلاهما.

(٩) المختلف : كتاب الطلاق ، ص ٣٥ س ٣٧ قال : وقال ابن عقيل : لو طلقها ثلاثا بلفظ واحد وهي طاهر لم يقع عليها شي‌ء.

(١٠) المراسم كتاب الفراق ، ص ١٦١ طلاق السنة س ٧ قال : فما يرجع الى الزوج الى قوله : وان يتلفظ بالطلاق موحدا.

٤٦١

(النظر الثاني) في أقسامه ، وينقسم إلى بدعة وسنة.

فالبدعة طلاق الحائض مع الدخول وحضور الزوج ، أو غيبته دون المدة المشترطة ، وفي طهر قد قربها فيه ، وطلاق الثلاث المرسلة ، وكلّه لا يقع.

______________________________________________________

احتج الأولون : بوجود المقتضى ، وهو (أنت طالق) وانتفاء المانع ، إذ ليس إلّا الضميمة ، وهي هنا مؤكدة لا منافية.

ولصحيحة جميل بن دراج عن أحدهما عليهما السّلام قال : سألته عن الذي يطلق في حال طهر في مجلس ثلاثا؟ قال : هي واحدة (١).

وصحيحة بكير بن أعين عن الباقر عليه السّلام قال : ان طلقها للعدة أكثر من واحدة ، فليس الفضل على الواحدة بطلاق (٢).

احتج الآخرون بصحيحة أبي بصير عن الصادق عليه السّلام : من طلّق ثلاثا في مجلس فليس بشي‌ء ، من خالف كتاب الله ردّ الى كتاب الله (٣).

ولأنّ واحدة المفردة المقيدة بقيد الوحدة غير مرادة ، فلا يقع ، لاشتراط القصد في الطلاق والثلاث غير واقعة إجماعا.

أجاب العلامة بالقول بالموجب ، فان الثلاث لا يقع ، فكأنه ليس بشي‌ء يوجب ما قصده ، والفعل الاختيار الصادر عن الحيوان إذا لم يحصل غايته يسمى باطلا ، فلا يكون شيئا (٤).

قال طاب ثراه : وطلاق الثلاث المرسلة ، وكله لا يقع.

__________________

(١) الاستبصار : ج ٣ (١٦٩) ص ٢٨٥ الحديث ١.

(٢) الاستبصار : ج ٣ (١٦٩) ص ٢٨٦ الحديث ٥.

(٣) الاستبصار : ج ٣ (١٦٩) ص ٢٨٧ الحديث ١٠.

(٤) المختلف : كتاب الطلاق ص ٣٦ س ٨ قال : والجواب : انا نقول بموجب الخبر إلخ.

٤٦٢

وطلاق السنة ثلاث : بائن ، ورجعي ، وللعدة.

فالبائن ما لا يصح معه الرجعة ، وهو طلاق اليائسة على الأظهر ، (١) ومن لم يدخل بها ، والصغيرة ، والمختلعة والمبارأة ما لم ترجعا في البذل ، والمطلقة ثلاثا بينها رجعتان.

والرجعي ما يصح معه الرجعة ولو لم يرجع.

وطلاق العدة ما يرجع فيه ويواقع ، ثمَّ يطلق.

فهذه تحرم في التاسعة تحريما مؤبدا.

وما عداها تحرم في كل ثلاثة حتى تنكح غيره.

______________________________________________________

أقول : مراده تعداد الطلاق البدعي ، وعدّ منه أصنافا ، كطلاق الحائض ، والثلاث المرسلة ، قال : (وكلّه لا يقع) لأنه غير مراد للشارع ، والأصل بقاء عصمة النكاح ، فيقف رفعها على موضع الاذن ، خلافا للعامة : فان عندهم أن طلاق الحائض بدعة ، لكنه يقع (١).

ويحتمل ان يعود الضمير في قوله : (وكله) إلى الثلاث المرسلة ، وقد تقدم ان الواقع منها واحدة على احد القولين ، ولا يقع شي‌ء على القول الأخر ، ومختار المصنف الوقوع ، فقوله هنا (وكلّه) يحتمل ان يكون المراد الكل المجموعي ، أي الثلاث بتمامها لا يقع ، بل واحدة منها ، ويحتمل ان يكون رجوعا عن الأول ، وقد صرح به المصنف في الشرائع ، حيث قال : والكل باطل لا يقع معه طلاق (٢) فاتى الطلاق منكرا في سياق النفي وهو يفيد العموم على ما تقرر في موضعه.

قال طاب ثراه : فالبائن لا يصح معه الرجعة ، وهو طلاق اليائسة على الأظهر.

__________________

(١) فصل : فان طلق للبدعة وهو ان يطلقها حائضا ، أو في طهر أصابها فيه ، اثم ووقع طلاقه في قول عامة أهل العلم (المغني لابن قدامة) ج ٨ ص ٢٣٨ مسألة ٥٨١٦.

(٢) تقدم آنفا.

٤٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : اختلف في اليائسة والصغيرة هل عليهما عدة أم لا؟

الأول مذهب المرتضى (١) وابن زهرة (٢).

والثاني مذهب الشيخين (٣) (٤) والصدوقين (٥) (٦) والتقي (٧) والقاضي (٨) وابن حمزة (٩) وابن إدريس (١٠) واختاره المصنف (١١) والعلامة (١٢).

__________________

(١) الانتصار ، في مسائل العدة ، ص ١٤٦ س ٤ قال : والذي أذهب إنا اليه : ان على الآئسة من المحيض والتي لم تبلغه ، العدة إلخ.

(٢) الغنية في الجوامع الفقهية ، ص ٥٥٤.

(٣) المقنعة : باب عدد النساء ، ص ٨٢ س ٢٢ قال : وان كانت قد استوفت خمسين سنة وارتفعت عنها الحيض وأيست منه لم يكن عليها عدة الى ان قال : وان صغرت عن ذلك لم يكن عليها عدة إلخ.

(٤) المبسوط : ج ٥ ، كتاب العدد ، ص ٢٣٩ س ٦ قال : الايسة من المحيض ومثلها لا تحيض لا عدة عليها مثل الصغيرة إلخ.

(٥) المختلف : الفصل السادس في العدد ص ٥٩ س ١٧ قال : لا عدة عليها (أي الصبية والايسة) وهو اختيار الشيخ علي بن بابويه.

(٦) المقنع باب الطلاق ص ١١٦ س ١ قال : واعلم الى ان قال : ان كان مثلها لا تحيض فلا عدة عليها.

(٧) الكافي : فصل في العدة وأحكامها ص ٣١٢ س ٣ قال : وقبل ان تبلغ تسع سنين إلى قوله : فلا عدة عليهما.

(٨) المهذب : ج ٢ باب طلاق المدخول بها ولم تبلغ المحيض ص ٢٨٤ س ١٥ قال : فاذا طلقها بانت منه إلخ.

(٩) الوسيلة : فصل في بيان العدة ص ٣٢٥ س ١٨ قال : والتي لم تبلغ المحيض ، والايسة لا عدة عليهما.

(١٠) السرائر : باب العدد ص ٣٣٩ س ١ قال : فقد اختلف أصحابنا في وجوب العدة عليهما الى قوله : والقول الأخر (أي عدم الوجوب) أكثر وأظهر.

(١١) لاحظ عبارة النافع.

(١٢) المختلف : ص ٥٩ الفصل السادس في العدد س ١٩ قال : والمعتمد الأول ، أي قول الشيخان.

٤٦٤

وهنا مسائل خمسة.

(الاولى) لا يهدم استيفاء العدّة تحريم الثلاثة.

______________________________________________________

احتج السيد بقوله تعالى (وَاللّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللّائِي لَمْ يَحِضْنَ) (١) وهذا صريح في الآيات من المحيض ، واللائي لم يبلغن عدتهن الأشهر على كل حال (٢).

احتج الآخرون بوجوه.

(أ) ان المقتضى للاعتداد ، وهو استعلام فراغ الرحم من الحمل غالبا منتف هنا قطعا ، فلا وجه لوجوب العدة روى محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام قال : التي لا تحبل مثلها ، لا عدة عليها (٣) وهو إيماء إلى ما ذكرناه من العلة.

(ب) ان غير المدخول بها لا عدة عليها إجماعا ، فكذا اليائسة والصغيرة ، إذا الدخول هنا لا اعتداد به.

(ج) موثقة عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه السّلام قال : ثلاث يتزوّجن على كل حال : التي لم تحض ومثلها لا تحيض ، قال : قلت : وما حدها؟ قال : إذا اتى عليها أقل من تسع سنين ، والتي لم يدخل بها ، والتي يئسن من المحيض ومثلها لا تحيض ، قال : قلت : وما حدها؟ قال : إذا كان لها خمسون سنة (٤).

قال طاب ثراه : لا يهدم استيفاء العدة تحريم الثالثة.

أقول : لم يختلف احد من أصحابنا في افتقارها بعد الثلاثة إلى المحلل ، سواء كانت الثلاث للعدة أو للسنة.

ولأنه منصوص القرآن (٥) وفي الثالثة لا بد من استيفاء العدة بالنسبة إلى المحلل ،

__________________

(١) الطلاق : ٤.

(٢) تقدم آنفا.

(٣) الاستبصار : ج ٣ (١٩٦) ص ٣٣٨ الحديث ٣.

(٤) الاستبصار : ج ٣ (١٩٦) ص ٣٣٧ الحديث ١.

(٥) قال تعالى (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) سورة البقرة ـ ٢٣٠.

٤٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ولو كان استيفائها كافيا في الحل في الأول وهادما للتحريم لجاز العقد للزوج مكان المحلل ، فيلزم عدم الافتقار الى المحلل ابدا ، وهو مخالف للكتاب العزيز ، وعليه طابقت الروايات (١).

نعم ورد في شواذها : عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة بن أعين قال : سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول : الطلاق الذي يحبه الله هو الطلاق الذي يطلق الفقيه ، وهو العدل بين المرأة والرجل ان يطلقها في استقبال الطهر بشهادة الشاهدين ، وارادة من القلب ، ثمَّ يتركها حتى يمضي ثلاثة قروء ، فإذا رأت الدم في أول قطرة من الثالثة ، وهو أخر القروء ، لأن الأقراء هي الأطهار ، فقد بانت منه ، وهي أملك بنفسها ، فان شاءت تزوجه وحلت له بلا زوج ، فان فعل هذا بها مائة مرة هدم ما قبله ، وحلّت بلا زوج ، وان راجعها قبل ان تملك نفسها ثمَّ طلقها ثلاث مرات ، يراجعها ويطلقها لم تحل له الّا بزوج (٢).

وعبد الله بن بكير فطحي كذاب.

وقال الشيخ : وسئل عن هذا؟ فقال : هذا ممّا رزقه الله من الرأي ، ولما رأى أصحابه لا يقولون به أسنده إلى زرارة نصرة لمذهبه الذي افتى به ، وانما هو عليه من الغلط في انحرافه عن اعتقاد الحق ، في اعتقاد مذهب الفطحية أعظم من الغلط في استناده فتيا يعتقد صحته لشبهة دخلت عليه الى بعض أصحاب الأئمة عليهم السّلام ولم يعمل بها احد من الأصحاب (٣).

قال طاب ثراه : يصح طلاق الحامل للسنة كما تصح للعدة.

__________________

(١) لاحظ الوسائل : ج ١٥ ، الباب ٤ من أبواب أقسام الطلاق واحكامه ص ٣٥٧.

(٢) التهذيب : ج ٨ (٣) باب احكام الطلاق ، ص ٣٥ الحديث ٢٦.

(٣) قطعة من كلام الشيخ بعد نقل الرواية ، لاحظ ص ٣٥ و ٣٦ من ج ٨ من التهذيب.

٤٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : هذه المسألة من مشكلات علم الفقه ، وقبل الخوض فيه يفتقر إلى توضيح (مقدمة).

وهي ان الطلاق ينقسم إلى قسمين :

سني وبدعي :

فالبدعى ما نهى عنه ، كطلاق الحائض ، والنفساء ، وفي طهر قربها فيه. وعندنا لا يقع البدعي ، ويقع عند العامة موقعه وإن أثم.

والسني مقابله ، وهو ما اذن فيه وجاز فعله.

وينقسم إلى قسمين : طلاق عدة ، وطلاق سنة.

فطلاق العدة ان يطلقها على الشرائط ، ثمَّ يراجعها في العدة ، ويواقعها فيها.

والسنة ان يتركها حتى تخرج من العدة ، ويراجعها بعقد ومهر جديد.

والسني الأول : يسمى طلاق السنة بالمعنى الأعم ، لعمومه ، فإنه يشمل البائن ، والرجعي ، والعدي ، والسني ، والسني الثاني الذي قابل العدي في التقسيم الثاني يسمى طلاق السنة بالمعنى الأخص.

إذا تقرر هذا فنقول :

الحامل يجوز طلاقها للعدة إجماعا : بأن يطلقها على الشرائط ، ثمَّ يراجعها قبل وضع حملها ، ويطأ قبل الوضع فقد حصل الرجوع والوطي في العدة ، لا انها هنا زمان الحمل ، وهل يجوز ان يطلقها للسنة أم لا؟ فيه إشكال :

لأنه إن أريد بالسنة ، السنة بالمعنى الأعم ، فهو تكرار ، لان الطلاق الأول الذي جاز إجماعا ، اعنى طلاق العدة سنيّ بالمعنى الأعم ، لأنه أحد أقسامه ، والمقسم صادق على الاقسام.

وان أريد بالمعنى الأخص ، فهو لا يتحقق الا بعد خروج العدة ، وهو تحصل بوضع الحمل ، وحينئذ يخرج عن كونها حاملا.

٤٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

فهذا تقرير الإشكال ، وتقرير حله يتوقف على إيراد أقوال الفقهاء في هذه المسألة وهي أربعة.

(أ) قال الصدوق في الرسالة والمقنع (١) (٢) إذا راجع الحبلى قبل وضعها ، ثمَّ أراد طلاقها ثانيا لم يكن له ذلك الّا بعد الوضع ، أو مضى ثلاثة أشهر ، ولم يفصلا العدي والسني.

(ب) قال أبو علي : إذا أراد طلاقها بعد الرجعة وكان قد واقع ، اشترط مضى شهر بعد الوقاع وكذا في الثالث ، ويحرم حتى المحلل (٣).

(ج) قال الشيخ في النهاية : إذا أراد الرجل ان يطلق امرأته وهي حبلى مستبين حملها ، فليطلقها أي وقت شاء ، فاذا طلقها واحدة كان أملك برجعتها ما لم تضع ما في بطنها ، فاذا راجعها وأراد طلاقها للسنة ، لم يجز له ذلك حتى تضع ما في بطنها ، وإذا أراد طلاقها للعدة ، واقعها ثمَّ طلقها بعد المواقعة (٤).

وتبعه القاضي (٥) وابن حمزة (٦) فقد منع من طلاقها للسنة بالمعنى الأعم ،

__________________

(١) المختلف : كتاب الطلاق ، ص ٣٧ س ٢١ قال : وقال الشيخ علي بن بابويه في رسالته : فان راجعها يعنى الحبلى إلخ.

(٢) المقنع ، باب الطلاق ص ١١٦ س ٨ قال : فان راجعها من قبل ان تضع ما في بطنها ، أو يمضي بها ثلاثة أشهر ، ثمَّ أراد طلاقها إلخ.

(٣) المختلف : كتاب الطلاق ، ص ٣٧ س ٢٣ قال : وقال ابن الجنيد : والحبلى إذا طلقها زوجها وقع الطلاق وله ان يرتجعها آه.

(٤) النهاية : باب كيفية أقسام الطلاق ص ٥١٦ س ٢٠ قال : وإذا أراد ان يطلق امرأته وهي حبلى مستبين حملها فيطلقها أي وقت شاء إلخ.

(٥) المهذب : ج ٢ باب طلاق الحامل المستبين حملها ص ٢٨٥ س ١٢ قال : طلاق هذه المرأة إذا أراد زوجها إلخ.

(٦) الوسيلة ، فصل في بيان أقسام الطلاق ص ٣٢٢ س ١٢ قال : والحامل إذا استبان حملها طلقها متى شاء إلخ.

٤٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وأجازه للعدّة فكأنه يقول : لا يجوز طلاقها إلا نوعا واحدا من أنواع الطلاق ، وهو العدي فقط.

(د) قال ابن إدريس : يجوز طلاقها للسنة (١) واختاره المصنف (٢) والعلامة (٣) وفخر المحققين (٤) رضي الله عنهم.

احتج الصدوقان بصحيحة محمّد بن إسماعيل الجعفي عن الباقر عليه السّلام قال : طلاق الحامل واحدة ، فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت عنه (٥).

وبصحيحة أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال : الحبلى تطلق تطليقة واحدة (٦).

ورواية منصور الصيقل عنه عليه السّلام في الرجل يطلق امرأته وهي حبلى؟ قال : يطلقها ، قلت : فيراجعها؟ قال : نعم يراجعها ، قلت : فإنه بدا له بعد ما راجعها أن يطلقها؟ قال : لا حتى تضع (٧).

وأجاب الشيخ عن الأولين : بأن المراد بالوحدة ، الوحدة الصنفية ، أي لا يقع بها الّا صنف واحد من الطلاق ، وهو العدي ، لا صنفان أحدهما عدى والآخر

__________________

(١) السرائر ، كتاب الطلاق ، ص ٣٢٨ س ٥ قال : وإذا أراد ان يطلق امرأته وهي حبلى مستبين حملها فليطلقها أي وقت شاء إلخ.

(٢) لاحظ عبارة النافع.

(٣) المختلف : كتاب الطلاق ، ص ٣٧ س ٣٨ قال : والتحقيق في هذا الباب ان نقول إلخ.

(٤) الإيضاح : ج ٣ ص ٣١٧ س ٧ قال : (د) قول والدي المصنف قدّس الله سرّه : انه يجوز طلاقها للسنة كما يجوز للعدة إلى قوله : وهو الأقوى.

(٥) التهذيب : ج ٨ (٣) باب احكام الطلاق ص ٧٠ الحديث ١٥٣ وفيه (عن إسماعيل الجعفي) بحذف كلمة (محمّد).

(٦) التهذيب : ج ٨ (٣) باب احكام الطلاق ص ٧٠ الحديث ١٥٢.

(٧) التهذيب : ج ٨ (٣) باب احكام الطلاق ص ٧١ الحديث ١٥٧.

٤٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

سني (١) ولهذا منع من طلاقها إلّا بعد المواقعة ، ليكون للعدة.

واحتجّ الشيخ على هذا التأويل برواية إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام : الحامل يطلقها زوجها ثمَّ يراجعها ، ثمَّ يطلقها ، ثمَّ يراجعها ، ثمَّ يطلقها الثالثة؟ فقال : تبين منه ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره (٢).

فقد تضمنت هذه الرواية تعداد الطلاق صريحا ، فيكون معارضة للثالثة والأولتين أيضا.

وعن إسحاق بن عمّار أيضا عنه عليه السّلام قال : سالته عن الحبلى ، يطلق طلاق الذي لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره؟ قال : نعم ، قلت : ألست قلت : إذا جامع لم يكن له ان يطلق؟ قال : الطلاق لا يكون الا على طهر ، قد بان وحمل قد بان وهذه قد بان حملها (٣).

احتج أبو علي برواية يزيد الكناسي قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن طلاق الحبلى؟ فقال : يطلقها واحدة للعدة بالشهود ، قلت : فله ان يراجعها؟ قال : نعم وهي امرأته قلت : فان راجعها ومسّها وأراد أن يطلقها تطليقة أخرى؟ قال : لا يطلقها حتى يمضى لها بعد ما مسّها شهرا ، قلت : فان طلقها ثانية واشهد ثمَّ راجعها واشهد على رجعتها ومسها ثمَّ طلقها التطليقة الثالثة واشهد على طلاقها لكل عدة شهر ، فهل تبين كما تبين المطلقة على العدة التي لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره؟ قال : نعم ، قلت : فما عدّتها؟ قال : عدتها إن تضع ما في بطنها ، ثمَّ قد حلت

__________________

(١) قال في الاستبصار ، ج ٣ باب طلاق الحامل المستبين حملها ص ٢٩٩ ذيل حديث ٧ ما لفظه : قيل له : الوجه في هذا الخبر انه ليس له ان يطلقها أي طلاق ، وإذا لم يكن ذلك فيه ، حملناه على انه ليس له ان يطلقها إذا راجعها حتى تضع طلاق السنة ، فاما طلاق العدة فيجوز إذا وطئها.

(٢) الاستبصار : ج ٣ (١٧٤) باب طلاق الحامل المستبين حملها ، ص ٢٩٩ الحديث ٨.

(٣) الاستبصار : ج ٣ (١٧٤) باب طلاق الحامل المستبين حملها ص ٢٩٩ الحديث ٨.

٤٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

للأزواج (١).

احتج ابن إدريس بعدم المانع ، وعموم الايات كقوله تعالى (فَإِنْ طَلَّقَها) (٢) (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) (٣) (٤).

قال المصنف : الوجه الاعراض عن اخبار الاحاد ، والالتفات الى ما دل القران عليه من جواز طلاقها مطلقا (٥).

وقول المصنف في الشرائع : إذا طلق الحامل وراجعها جاز ان يطأها ويطلقها ثانية للعدة إجماعا (٦).

يريد بالإجماع هنا الحاصل بعد عصري الفقيهين وأبي علي ، لانقراض المخالف فيه (٧).

قال العلامة في المختلف : والتحقيق في هذا الباب ان طلاق العدة والسنة واحدة ، وانما يصير للسنة بترك الرجعة وترك المواقعة ، وللعدة بالرجعة في العدة والمواقعة ، فإذا طلقها لم يظهر أنه للسنة أو للعدة إلّا بعد وضع الحمل ، لأنه إن راجع

__________________

(١) الاستبصار : ج ٣ (١٧٤) باب طلاق الحامل المستبين حملها ص ٣٠٠ الحديث ٩.

(٢) البقرة : ٢٣٠.

(٣) البقرة : ٢٢٩.

(٤) السرائر : كتاب الطلاق ، ص ٢٢٨ س ٩ قال : والأصل الصحة والمنع يحتاج إلى دليل مع قوله تعالى : إلخ.

(٥) الظاهر ان المراد بقوله (قال المصنف) هو نجم الدين بن سعيد ، لان هذا القول منه ، لاحظ الإيضاح ، ج ٣ س ٥.

(٦) الشرائع : كتاب الطلاق ، واما طلاق العدة ، قال : (الثانية) إذا طلق الحامل وراجعها جاز له ان يطأها ويطلقها الى قوله : إجماعا.

(٧) الإيضاح : ج ٣ ، كتاب الفراق ، ص ٣١٨ س ١٢ قوله (إجماعا) المراد به إجماع أهل العصر الثالث ، أي بعد عصري ابن بابويه وابن الجنيد ، لانقراض المخالف فيه إلخ.

٤٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

قبله كان طلاق العدة ، وان تركها حتى تضع كان طلاق السنة ، فان قصد الشيخ ذلك فهو حق وتحمل الاخبار عليه (١).

وعجز هذا التحقيق يعطي كون النزاع لفظيا ، لان حاصله : ان طلاق السنة لا يتصور ، لان حقيقته تركها بعد الطلاق حتى تنقضي العدة ، وهي بوضع الحمل ، يخرج عن كونها حاملا ، ولم يقل أحد ببطلان الطلاق الذي لا يتعقبه رجعة إذ شرائط الطلاق تكون مقدمة عليه بوجوب تقدم الشرط على مشروطه.

وأورد عليه السيد عميد الدين عبد المطلب قدست نفسه (٢) ان قوله : (لا يعلم كونه للسنة أو للعدة إلّا بعد الوضع) مستدرك ، لأنه يعلم كونه للعدة قبل الوضع ، بان يراجعها قبله ، ثمَّ يواقعها ، ثمَّ يطلقها ، ثمَّ يجوز له ان يراجعها أيضا ويواقعها ثمَّ فيطلقها الثالثة ، فيحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره ، ولا يتوقف العلم بذلك على الوضع ، ولو قال : (لا يعلم كونه للسنة حتى تضع) ، كان حقا ، وذلك ليس مخصوصا بالحامل ، بل كل مطلقة رجعيا لا يعلم كون طلاقها للسنة حتى تنقضي عدتها ، سواء كان بالوضع ، أو بالأقراء ، أو بالأشهر ، فإنه متى انقضت عدتها ولم يراجع ، علم انه للسنة ، وقبل ذلك لا يعلم ، هذا أخر كلامه في شرحه (٣).

وأجاب عنه ولده فخر المحققين بان قوله : (إذا طلقها لم يظهر) أي بالطلاق لأيهما

__________________

(١) المختلف : كتاب الطلاق ، ص ٣٧ س ٣٨ قال : والتحقيق في هذا الباب ان نقول : إلخ.

(٢) قال في الذريعة : ج ١٤ ص ٢١ تحت رقم ١٥٦٧ في عنوان شرح القواعد : ما لفظه : السيد عميد الدين عبد المطلب مجد الدين ، ابي الفوارس محمّد بن على الأعرجي ابن أخت العلامة الحلي ، ولد سنة ٦٨١ وتوفى سنة ٧٥٤ ذكره سيدنا الصدر في التكملة ، وحكى في رياض العلماء عن نظام الأقوال بعنوان الحاشية أيضا ، وعند عدّه لشروح القواعد ذكر أولا شرح العميدي مصرحا بأنه ألفه بعد وفاة خاله العلامة.

(٣) مخطوط ولم نظفر عليه.

٤٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

هو ، وانما يظهر بأحد الأمرين اما بالرجوع قبله والمواقعة ، وهو علامة العدي ، أو بالوضع قبل الرجوع ، وهو علامة السني ، هذا مراده ولم يرد انه لا يظهر واحد منهما الا بعد الوضع (١).

ثمَّ قال فخر المحققين : وأقول على قول الشيخ : يلزم أحد أمور ثلاثة.

اما ان يجعل حصول وصف السني والعدي بالنية ، أو الرجعة سببا للصحة أو كاشفة ، لأن الطلاق حال وقوعه قدر مشترك بين صنفيه ، اعنى العدي والسني بالمعنى الأخص ، فالمميز له بحصول احد الوصفين ، أما النية ، أو الرجعة والمواقعة في العدة ، أو هي كاشفة ، ودليل الحصر الإجماع على انتفاء غيرها. أمّا النية فلم يقل به أحد ، وأمّا كون الرجعة سببا للصحة ، فلاستلزامه الدور ، لأن صحة الرجعة مشروطة بصحة الطلاق ، فلو كان الرجعة سببا في صحة الطلاق لزم الدور ، فبقي أن يكون الرجعة والمواقعة في العدة كاشفة ، فإن حصلا علمنا أنه للعدة ، وإن لم يحصلا حتى خرجت العدة بوضع الحمل علمنا أنه للسنة (٢).

وأقول : إن الذي ينبغي تحصيله في هذا المقام أن نقول :

موضوع المسألة : أن الحامل يجوز أن تطلق واحدة إجماعا.

وهل الواحدة نوعية ، أو شخصية؟ الصدوقان على الثاني (٣) ، والشيخ على الأول (٤) ، فيجوز عنده تعددها إذا كانت من صنف واحد من أصناف الطلاق ، وهو العدّي ، فيمنع من طلاقها ثانيا حتى يواقعها ، ولو لم يواقعها منع من طلاقها ، فالوقاع شرط في الطلاق الثاني للحامل ، فيزيد على شروطها ذلك ، ويكون معنى

__________________

(١) الإيضاح : كتاب الفراق ، ج ٣ ص ٣١٨ س ٧ قال : (فاذا طلقها لم يظهر ، أي بالطلاق انه لأيهما هو ، الى قوله : هذا مراده ، ولم يرد انه لا يظهر واحد منهما الّا بعد الوضع كما قد يقع في أوهام بعض العوام.

(٢) الإيضاح : ج ٣ ، كتاب الفراق ، ص ٣١٨ س ١٤ قال : وأقول على قول الشيخ إلخ.

(٣) تقدم نقل قولهما.

(٣) تقدم نقل قولهما.

٤٧٣

(الثانية) يصح طلاق الحامل للسنة كما تصح للعدة على الأشبه.

(الثالثة) يصح ان يطلق ثانية في الطهر الذي طلق فيه وراجع فيه ، ولم يطأ ، لكن لا يقع للعدة.

(الرابعة) لو طلق غائبا ثمَّ حضر ودخل بها ، ثمَّ ادعى الطلاق لم تقبل دعواه ، ولا بينته ، ولو أولدها لحق به.

(الخامسة) إذا طلق الغائب وأراد العقد على أختها ، أو على خامسة ، تربص تسعة أشهر احتياطا.

(النظر الثالث) في اللواحق وفيه مقاصد.

______________________________________________________

قول الشيخ : (فإذا راجعها وأراد طلاقها للسنة لم يجز له ذلك) السنة بالمعنى الأعم ، وقوله (حتى تضع) أي لا يجوز إيقاع طلاق آخر عليها على غير الوجه المذكور ، وهو الذي يتقدمه الوقاع ، بل يستمر معها حتى تضع.

وابن إدريس ومن تبعه على جواز طلاقها مطلقا (١) ، أي وان لم يتقدمه وطي ، فيكون للسنة بالمعنى الأعم.

ويجاب عن الاشكال (٢) قوله : (طلاق العدة سني بالمعنى الأعم لأنه أحد أقسامه).

قلنا : مسلم ، لكن لما اختص الجواز بقسم واحد من اقسامه ، صار كالقسيم لباقي الاقسام ، فقولهم : (يجوز طلاق الحامل للعدة) وهو داخل في السني العام لكن بقيد الرجوع والوطي في العدة ، ومع عدم الوطي يكون سنيا عاما شاملا لذلك وللسني الخاص ، فاعلم ذلك.

__________________

(١) تقدم نقل قوله ودليله.

(٢) أي الإشكال الذي طرحه في صدر المبحث.

٤٧٤

(الأول) يكره طلاق المريض ، ويقع لو طلق ، ويرث زوجته في العدة الرجعية ، وترثه هي ، ولو كان الطلاق بائنا ، إلى سنة ، ما لم تتزوج ، أو يبرئ من مرضه ذلك.

(الثاني) في المحلل.

ويعتبر فيه البلوغ والوطي في القبل بالعقد الصحيح الدائم.

وهل يهدم ما دون الثلاث؟ فيه روايتان ، أشهرهما : انه يهدم.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وهل يهدم ما دون الثلاث؟ فيه روايتان ، أشهرهما : انه يهدم.

أقول : إذا رجع المطلق عاد اليه النكاح بما بقي من الطلقات. وكذا ان بانت منه بطلقة أو طلقتين وارتجعا بعقد مستأنف قبل تزويجها بغيره ، أو بعده قبل إصابة الثاني.

أما لو كان بعد إصابته على الشرائط المحللة لو وقعت بعد ثلاث ، فهل يهدم هذا المحلل الطلاق السابق ، وتبقى مع زوجها على ثلاث مستأنفات؟ أو لا يهدم بعد الطلقة السابقة على النكاح الثاني من الثلاث وتبقى معه بعد تزويجها على طلقتين ، ولو كان السابق على نكاح الثاني طلقتين بقيت معه على طلقة؟

فيه روايتان.

أحدهما الهدم ، وهي رواية رفاعة بن موسى النحاس ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : رجل طلق امرأته تطليقة واحدة ، فتبين منه ، ثمَّ يتزوجها أخر ، فيطلقها على السنة ، فتبين منه ، ثمَّ يتزوجها الأول ، على كم هي عنده؟ قال : على غير شي‌ء ، ثمَّ قال : يا رفاعة كيف إذا طلقها ثلاثا ثمَّ تزوجها ثانيا استقبل الطلاق ، فاذا طلقها واحدة كانت على الثنتين (١).

__________________

(١) الاستبصار : ج ٣ (١٦٤) باب ان من طلق امرأة ثلاث تطليقات للسنة ، لا تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره ص ٢٧٢ الحديث ٩.

٤٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ويؤيدها رواية عبد الله بن عقيل بن أبي طالب : ان عمر قضى على انها تبقى على ما بقي من الطلاق ، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام : سبحان الله أيهدم ثلاثا ، ولا يهدم واحدة (١).

ويعضدها الشهرة بين الأصحاب ، فأفتى بمضمونها الشيخ في كتبه الثلاثة في النهاية (٢) والمبسوط (٣) والخلاف (٤) والقاضي (٥) وابن حمزة (٦) وابن إدريس (٧) واختاره المصنف (٨) والعلامة (٩) والآخرين عدم الهدم.

وهي صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل طلق امرأته تطليقة واحدة ، ثمَّ تركها حتى قضت عدتها ، فتزوجت زوجا غيره ، ثمَّ مات الرجل ،

__________________

(١) الاستبصار : ج ٣ (١٦٤) باب من طلق امرأته ثلاث تطليقات للسنة لا تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره ص ٢٧٥ الحديث ٢٣.

(٢) النهاية : باب كيفية أقسام الطلاق ص ٥١٣ س ١٦ قال : فان تزوجت فيما بين التطليقة الاولى الى قوله : هدم ما تقدم من الطلاق.

(٣) المبسوط : ج ٥ فصل فيما يهدم الزوج من الطلاق ، ص ٨١ س ١٩ قال : وان وطئها الثاني ثمَّ طلقها الى قوله : فإنها تعود عندنا كما كانت أولا.

(٤) كتاب الخلاف ، كتاب الطلاق ، مسألة ٥٩ قال : الظاهر من روايات أصحابنا والأكثرين : ان الزوج الثاني إذا دخل بها يهدم ما دون الثلاث إلخ.

(٥) المهذب : ج ٢ باب صفة طلاق السنة ، ص ٢٨٢ س ٣ قال : فان تزوجت بين الطلقة الاولى والثانية إلى قوله : هدم هذا التزويج ما تقدم من الطلاق.

(٦) الوسيلة : فصل في بيان أقسام الطلاق ، ص ٣٢١ س ١٥ قال : فان تزوجها بعد الواحدة أو الاثنين رجل بالغ الى قوله : هدم ما تقدم من الطلاق.

(٧) السرائر : كتاب الطلاق ص ٣٢٣ س ٩ قال : وكذا ان تزوجت فيما بين الاولى والثانية إلى قوله : هدم ذلك ما تقدم من الطلاق.

(٨) لاحظ عبارة النافع.

(٩) المختلف : كتاب الطلاق ص ٣٩ س ٣٩ قال بعد نقل الأقوال : فالأقوى ما اختاره الشيخ.

٤٧٦

ولو ادعت انها تزوجت ودخل ، وطلقها ، فالمروي القبول إذا كانت ثقة.

(المقصد الثالث) في الرجعة.

تصح نطقا ، كقوله : راجعت ، وفعلا ، كالوطء والقبلة واللمس بالشهوة ، ولو أنكر الطلاق كان رجعة ولا يجب في الرجعة الإشهاد ، بل يستحب.

______________________________________________________

أو طلقها فراجعها زوجها الأول ، فقال : هي عنده على تطليقتين باقيتين (١).

ونقل ابن إدريس عن بعض أصحابنا : العمل بها (٢).

وحمل الشيخ هذه الرواية وما في معناها على احد أمور ثلاثة.

اما ان يكون الزوج الثاني صغيرا.

أو لم يدخل بها.

أو يكون متعة (٣).

قال طاب ثراه : ولو ادعت انها تزوجت ودخل وطلّق ، فالمروي القبول إذا كانت ثقة.

أقول : الرواية إشارة الى ما رواه الحسين بن سعيد عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل طلق امرأته ثلاثا فبانت منه ، وأراد مراجعتها ، قال : انى أريد أراجعك

__________________

(١) الاستبصار : ج ٣ (١٦٤) باب من طلق امرأة ثلاث تطليقات للسنة لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ص ٢٧٣ الحديث ١٠.

(٢) السرائر : كتاب الطلاق ، ص ٣٢٣ س ١٠ قال : في بعضها لا يهدم الزوج الثاني ما دون الثلاث إلخ.

(٣) الاستبصار : ج ٣ (١٦٤) باب من طلق امرأة ثلاث تطليقات للسنة لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ص ٢٧٣ قال بعد نقل حديث ١٤ : فالوجه في هذه الروايات أحد شيئين إلخ.

٤٧٧

ورجعة الأخرس بالإشارة ، وفي رواية بأخذ القناع.

ولو ادعت انقضاء العدة في الزمان الممكن ، قبل.

______________________________________________________

فتزوجي زوجا غيري ، قالت : قد تزوجت وحللت لك نفسي ، فيصدقها ويراجعها ، كيف يصنع؟ قال : إذا كانت المرأة ثقة صدقت في قولها (١).

قال طاب ثراه : ورجعة الأخرس الإشارة ، وفي رواية بأخذ القناع.

أقول : الأول هو المشهور ، وهو مختار الشيخ (٢) والقاضي (٣) وأبي علي (٤) وابن إدريس (٥) والمصنف (٦) والعلامة (٧).

وأخذ القناع مذهب الصدوقين (٨) (٩) وابن حمزة (١٠).

__________________

(١) الاستبصار : ج ٣ (١٦٤) باب ان من طلق امرأة ثلاث تطليقات لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، ص ٢٧٥ الحديث ٢٢.

(٢) الاستبصار : ج ٣ (١٧٥) باب طلاق الأخرس الحديث ١ ثمَّ قال بعد نقل الحديثين الذين فيهما أخذ المقنعة ووضعها على رأسها ما لفظه : فلا ينافي هذين الخبرين الخبر الأول إلخ.

(٣) المختلف كتاب الطلاق ص ٤٠ س ١ قال : مسألة المشهور أن طلاق الأخرس بالإشارة الى ان قال : ذهب اليه الشيخ وابن الجنيد وتبعهما ابن البراج.

(٤) المختلف كتاب الطلاق ص ٤٠ س ١ قال : مسألة المشهور أن طلاق الأخرس بالإشارة الى ان قال : ذهب اليه الشيخ وابن الجنيد وتبعهما ابن البراج.

(٥) السرائر : كتاب الطلاق ص ٣٢٥ س ٢٥ قال : ومن لم يتمكن من الكلام مثل أن يكون أخرس إلى قوله : فإذا أراد منه مراجعتها أخذ القناع من رأسها وهذه الرواية يمكن حملها على من لم يكن له كتابة مفهومة إلخ.

(٦) لاحظ عبارة النافع.

(٧) القواعد : كتاب الفراق ، ص ٦٦ الفصل الثاني في الرجعة ، س ٤ قال : والأخرس بالإشارة الدالة عليها ، وقيل : بأخذ القناع إلخ.

(٨) المقنع ، باب الطلاق ص ١١٩ س ١٥ قال : والأخرس إلى قوله : فاذا أراد أن يراجعها رفع القناع عنها إلخ.

(٩) المختلف : كتاب الطلاق ص ٤٠ س ٢ قال : وقال الصدوق في المقنع وأبوه في رسالته الى قوله : فإذا أراد مراجعتها رفع القناع عنها.

(١٠) الوسيلة : في بيان أحكام الرجعة ص ٣٣٠ س ١٣ قال : ويزداد للأخرس واحد وهو كشف

٤٧٨

(المقصد الرابع) في العدد ، والنظر في فصول.

______________________________________________________

واما الرواية بأخذ القناع تنصيا في الرجعة ، فلم نقف عليها ، بل في الطلاق.

وهي رواية السكوني عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : طلاق الأخرس ان يأخذ مقنعتها ويضعها على رأسها (١).

مقدّمة

العدّة مدّة مقررة بأصل الشرع بالأشهر أو الأقراء ، أو بهما ، أو الحمل.

يوجبها رفع النكاح الثابت بالعقد بالموت مطلقا ، وبعد الدخول بغيره ، أو وطى غير محرم لأجنبية.

وهي على ثلاثة أضرب.

تعبد محض ، كعدة الوفاة مع عدم الدخول.

واستبراء محض كعدة الحامل.

وبعدّة واستبراء بالشهور والأقراء.

وأيضا : العدّة قد يكون بالأقراء كمستقيمة الحيض ، وقد يكون بالشهور كالمسترابة ، وقد يتركّب منهما كما لو بانت بعد حيضة فإنها يكملها بشهرين ، ولو كان بعد حيضين أكملت بشهر.

والأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب : فلذوات الأقراء ، قوله تعالى (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) (٢) ولذوات الشهور (وَاللّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللّائِي لَمْ يَحِضْنَ) (٣) وللحوامل

__________________

المقنعة عن رأسها.

(١) الكافي : ج ٦ باب طلاق الأخرس ص ١٢٨ الحديث ٣.

(٢) البقرة : ٢٢٨.

(٣) الطلاق : ٤.

٤٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

(وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (١) وللأرامل (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) (٢).

واما السنة فكثيرة متواترة (٣).

واما الإجماع : فمن سائر المسلمين لا يختلفون في وجوب الاعتداد على الزوجات بعد مفارقة الأزواج ومن طريق النظر : انما حرم السفاح حذرا من اختلاط الأنساب ، ومع مفارقة الأول بعد وطئه لو جاز الوطي لامتزج الماءان ، وقال عليه السّلام : ماءان في رحم واحد (٤).

ويلزم اختلاط النسب المحذور في كل شريعة ، فلا بد من ضبط قدر يعلم به فراغ الرحم من الأول ليأمن الثاني على نسبه من التدنيس بالغير.

وقد كان يكفي الحيضة الواحدة كما جعله الشرع دلالة على فراغ رحم الجارية في الاستبراء ، فجعله ثلاثة قروء إعظاما للعقد وتفخيما لأمر الحرائر ، واحتياطا في المبالغة على حفظ الأنساب ، وإمهالا في التروّي لاختيار الزوجين الرجوع إلى التئام الحال ، وحفظا للعيال ، وصونا لعصمة الفرج وستر الحال والفراش أن يكثر التطلع عليه قال الله تعالى (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً» (٥). ومع عدم الوطي لا عدة ، لأمن الاختلاط المذكور ، ولا عيال يخشى ضيعتهم ، ولا فراش انكشف عليه بحافظ على ستره. وأوجبها في الوفاة تفجعا على الميت ، لتعظيم أمره ، ولئلا ينسى ذكره ، ويبعث الفكر على النظر في أمر الآخرة والتزهيد في الدنيا ، ولهذا

__________________

(١) الطلاق : ٤.

(٢) البقرة : ٢٣٤.

(٣) لاحظ الوسائل ج ١٥ ، الباب ٢ و ٤ من أبواب أقسام الطلاق وأحكامه.

(٤) عوالي اللئالى : ج ٣ ص ٣٨٤ الحديث ٤٩.

(٥) البقرة : ٢٢٨.

٤٨٠