المهذّب البارع - ج ٣

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

وكل ما تصح إعارته تصح إجارته. واجارة المشاع جائزة. والعين أمانة لا يضمنها المستأجر ولا ما ينقص منها إلّا مع تعد أو تفريط.

وشرائطها خمسة :

(١) ان يكون المتعاقدان كاملين جائزي التصرّف.

(٢) وأن تكون الأجرة معلومة ، كيلا أو وزنا ، وقيل : تكفي المشاهدة ، ولو كان ممّا يكال أو يوزن. وتملك الأجرة بنفس العقد معجّلة مع الإطلاق أو اشتراط التعجيل ويصحّ تأجيلها نجوما ، أو الى أجل واحد

______________________________________________________

ولقائل أن يقول : هذا مصادرة على المطلوب ، لأنّ المانع لا يسلم صحة انتقالها بالميراث لأنّ المنافع تتجدّد وتحدث في ملك الوارث.

(ب) انها عقد صحيح فيستصحب حكمه.

(ج) انه عقد ناقل بالإجماع ، وإذا اقتضى نقل المنفعة إلى المكتري والأجرة إلى المؤجر كان الأصل بقاءها على ملكه لا يزول عنه ويعود إلى من صارت عنه الّا بالدليل ، وليس في الشرع ما يدلّ على ذلك.

احتجّ الآخرون بما احتج به الأوّلون في الشق الثاني.

قال طاب ثراه : وأن تكون الأجرة معلومة كيلا أو وزنا. وقيل : تكفي المشاهدة.

أقول : قال الشيخ في المبسوط : مال الإجارة يصح أن يكون معلوما بالمشاهدة ، وان لم يعلم قدره (١) وهو مذهب السيد (٢) وظاهر النهاية المنع (٣) وبه قال ابن

__________________

(١) المبسوط : ج ٣ كتاب الإجارات ص ٢٢٣ س ٧ قال : ومال الإجارة يصح ان يكون جزافا إلخ.

(٢) الجوامع الفقهية ، كتاب البيع من الناصريات ، المسألة الخامسة والسبعون والمائة ، ص ٢١٧ س ١٧ قال : ولم يشرط في الإجارة ان تكون الأجرة مضبوطة الصفات إلخ.

(٣) النهاية : باب الإجارات ص ١٦ قال : الإجارة لا تنعقد إلّا بأجل معلوم ومال معلوم إلخ.

٢١

ولو استأجر من يحمل له متاعا إلى موضع في وقت معين بأجرة معينة ، فان لم يفعل نقص من أجرته شيئا معيّنا ، صحّ ما لم يحط بالأجرة.

(٣) وان تكون المنفعة مملوكة للموجر ، أو لمن يؤجر عنه ، وللمستأجر أن يؤجر الّا أن يشترط عليه استيفاء المنفعة بنفسه.

______________________________________________________

إدريس (١) واختاره المصنف (٢) والعلامة (٣) لتحقق الجهالة ، إذ قد عهد في عرف الشرع ان المكيل والموزون انما يصح المعاوضة عليهما بعد اعتبارهما بالكيل أو الوزن ، ولم يكتف في البيع لهما بالمشاهدة ، ولا علة لذلك سوى الجهالة ، فيمنع من الإجارة ، لأنها الغرر المفضي إلى التنازع المنهي عنه.

احتج الشيخ بأصالة الصحة ، وبانتفاء الغرر بحصول العلم بالمشاهدة. والأصل مدفوع بالبطلان الناشي من الجهالة المتحققة هنا.

قال طاب ثراه : ولو استأجر من يحمل له متاعا الى موضع في وقت معين ، فان لم يفعل نقص من أجرته شيئا معيّنا ، صحّ ما لم يحط بالأجرة.

أقول : هذا هو المشهور في كتب أصحابنا ، وتوضيحه ما رواه محمّد الحلبي في الموثق قال : كنت قاعدا عند قاض وعنده أبو جعفر عليه السّلام جالس ، فأتاه رجلان ، فقال أحدهما : أنّي تكاريت إبل هذا الرجل ليحمل لي متاعا إلى بعض المعادن واشترطت أن يدخلني المعدن يوم كذا وكذا ، لأنّها سوق أتخوف أن يفوتني ، فإن احتبست عن ذلك حططت من الكر ، لكلّ يوم احتبسه كذا وكذا ، وانه قد

__________________

(١) السرائر : باب الإجارات ص ٢٧٠ س ١ قال : فأمّا مال الإجارة التي هي الأجرة فالأظهر من المذهب انّه لا يجوز الّا أن يكون معلوما ولا تصح ولا تنعقد الإجارة إذا كان مجهولا جزافا إلخ.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) التذكرة : ج ٢ كتاب الإجارة ص ٢٩١ س ٣٣ قال : مسألة يشترط في الأجرة المالية إلى أن قال : وأن يكون معلوما لأنه عوض في عقد معاوضة فوجب أن يكون معلوما كثمن المبيع الى أن قال : إذا كانت الأجرة من المكيل أو الموزون إلخ.

٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

حبسني عن ذلك الوقت كذا وكذا يوما ، فقال القاضي : هذا شرط فاسد وفه كراه ، فلمّا قام الرجل أقبل اليّ أبو جعفر عليه السّلام فقال : شرطه هذا جائز ما لم يحطّ بجميع كراه (١) وفي صحيحة محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام ، قال : سمعته يقول : كنت جالسا عند قاض من قضاة المدينة فأتاه رجلان فقال أحدهما : إنّي تكاريت هذا يوافي بي السوق يوم كذا وكذا ، وانّه لم يفعل ، قال : ليس له كراء ، قال : فدعوته فقلت له : يا عبد الله ليس لك أن تأهب بحقّه وقلت للأجير : ليس لك أن تأخذ كلّ الذي عليه اصطلحا ، فترادّا بينكما (٢) وقال ابن إدريس : الأولى عندي أن العقد صحيح والشرط فاسد ، لأنّ الله تعالى قال «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (٣) وهذا عقد فيحتاج في فسخه إلى دليل ، وإلّا فالشرط إذا انضم الى عقد شرعي صحّ العقد وبطل الشرط إذا كان غير شرعي (٤) وقال أبو علي : إذا استأجره على أن يبلغ به خمسة أيام بخمسين درهما ، فان لم يبلغها كان موضوعا من الأجرة لكل يوم خمسة عشر درهما ، فبلغه إلى المكان في مدة لا يستغرق الحطيطة الأجرة ، جاز ، وان استغرقت ، أو كان الشرط عليه إن تأخّر عن شرطه لم يكن له اجرة ، لكان الحكم في ذلك الصلح ، لا يسقط الأجرة كلّها ولا يأخذها جميعا (٥) وظاهر العلامة بطلان العقد ببطلان الشرط ووجوب اجرة المثل (٦).

__________________

(١) الفروع : ج ٥ كتاب المعيشة ، باب الرجل يكتري الدابة فيجاوز بها الحدّ ، ص ٢٩٠ الحديث ٥.

(٢) الفروع : ج ٥ كتاب المعيشة ، باب الرجل يكتري الدابة فيجاوز بها الحدّ ، ص ٢٩٠ الحديث ٤.

(٣) المائدة : ١.

(٤) السرائر : كتاب الإجارات ص ٢٧٢ س ٣٠ قال : والأولى عندي أنّ العقد صحيح والشرط باطل إلخ.

(٥) المختلف : في الإجارة ، ص ٥ س ١٠ قال : وقال ابن الجنيد : ولو استاجر على أن يبلغ به إلخ ثمَّ قال بعد تزييف قول ابن إدريس : وحينئذ يجب أجرة المثل.

(٦) المختلف : في الإجارة ، ص ٥ س ١٠ قال : وقال ابن الجنيد : ولو استاجر على أن يبلغ به إلخ ثمَّ قال بعد تزييف قول ابن إدريس : وحينئذ يجب أجرة المثل.

٢٣

(٤) وأن تكون المنفعة مقدّرة بنفسها ،كخياطة الثوب المعين ، أو بالمدة المعيّنة كسكنى الدار وتملّك المنفعة بالعقد. وإذا مضت مدّة يمكن استيفاء المنفعة والعين في يد المستأجر ، استقرت الأجرة ولو لم ينتفع. وإذا عيّن جهة الانتفاع لم يتعدها المستأجر ، ويضمن مع التعدّي. ولو

______________________________________________________

فالحاصل : أنّ هنا أربعة أقوال :

(أ) صحة هذا الشرط والعمل بموجبة ما لم يحط بالأجرة ، فيجب اجرة المثل ، قاله الشيخ في النهاية واختاره (١) وافتى به العلامة في المعتمد.

(ب) صحة هذا الشرط والعمل بموجبة ما لم يحط بالأجرة ، فيجب القضاء بالصلح ، قاله أبو علي (٢).

(ج) بطلان هذا الشرط وصحة العقد ، فيجب الأجرة بكمالها ، قاله ابن إدريس (٣).

(د) بطلانهما معا ، فيجب اجرة المثل سواء أوصله في المعين أو غيره ، وسواء أحاطت بالأجرة أو لا اختاره العلامة (٤) وفخر المحققين (٥) لعدم اليقين والجزم في العقد. وهو مشكل لأنه اجتهاد في مقابلة النص.

قال طاب ثراه : وإذا مضت مدة يمكن استيفاء المنفعة والعين في يد المستأجر استقرت الأجرة وان لم ينتفع.

__________________

(١) النهاية : باب الإجارات ، ص ٤٤٨ س ١٥ قال : ومن اكترى من غيره دابّة على أن تحمل له متاعا الى ان قال : ولزمه اجرة المثل :

(٢) تقدما آنفا.

(٣) تقدما آنفا.

(٤) لم أعثر على هذا الفتوى منه قدّس سرّه ولا حظ إيضاح الفوائد في شرح القواعد : في المطلب الثاني في العوض ج ٢ ص ٢٤٨ س ٢ قال : ولو استاجر لحمل متاع الى مكان في وقت معلوم إلخ وارتضاه فخر المحققين ولم يعلق عليه شيئا.

(٥) لم أعثر على هذا الفتوى منه قدّس سرّه ولا حظ إيضاح الفوائد في شرح القواعد : في المطلب الثاني في العوض ج ٢ ص ٢٤٨ س ٢ قال : ولو استاجر لحمل متاع الى مكان في وقت معلوم إلخ وارتضاه فخر المحققين ولم يعلق عليه شيئا.

٢٤

تلفت العين قبل القبض أو امتنع الموجر من التسليم مدة الإجارة بطلت الإجارة. ولو منعه الظالم بعد القبض لم تبطل وكان الدّرك على الظالم. ولو انهدم المسكن تخيّر المستأجر في الفسخ وله إلزام المالك بإصلاحه. ولا يسقط مال الإجارة لو كان الهدم بفعل المستأجر.

(٥) وان تكون المنفعة مباحة ، فلو آجره ليحمل الخمر ، وليعمله الغناء لم تنعقد. ولا تصح اجارة الآبق. ولا يضمن صاحب الحمام الثياب الّا أن يودع فيفرط. ولو تنازعا في الاستئجار فالقول قول المنكر مع يمينه. ولو اختلفا في ردّ العين فالقول قول المالك مع يمينه ، وكذا لو كان في قدر الشي‌ء المستأجر ، ولو اختلفا في قدر الأجرة فالقول قول المستأجر مع يمينه ، وكذا لو ادعى عليه التفريط. وتثبت أجرة المثل في كلّ موضع تبطل فيه الإجارة. ولو تعدى بالدابة المسافة المشترطة ضمن ،

______________________________________________________

أقول : هذا الكلام مجمل ويفتقر الى تفصيل وأشار إليه المصنف في الشرائع ولم يبيّنه (١) وقد سمعنا فيه مذاكرة أقوالا غير محصّلة لا نطول بإيرادها الكتاب ، لخلوّها عن الفائدة ، وأجود ما قيل فيه ما حكاه شيخنا قدّس الله روحه ورضي عنه.

قال : أنسب ما سمعت في هذا المعنى ما رأيته مكتوبا على نسخة قرئت على المصنف ، وصورته : أي إن كانت المنفعة معينة بالزمان لزمته الأجرة المعيّنة ، وإن لم يكن معيّنة يلزم في المدة الماضية أجرة المثل ، ولا يسقط المنفعة المقدّرة وتلزم الأجرة.

__________________

(١) الشرائع : كتاب الإجارة ، في شرائط الإجارة الرابع ، قال : وإذا سلّم العين المستأجرة ومضت مدة الى أن قال : وفيه تفصيل.

٢٥

ولزمه في الزائد أجرة المثل. وان اختلفا في قيمة الدابة أو أرش نقصها فالقول قول الغارم ، وفي رواية القول قول المالك.

ويستحب أن يقاطع من يستعمله على الأجرة ، ويجب إيفاؤه عند فراغه ، ولا يعمل أجير الخاص لغير المستأجر.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ولو اختلفا في قيمة الدابة ، أو أرض نقصها فالقول قول الغارم ، وفي رواية قول المالك.

أقول : مختار المصنف هو مذهب ابن إدريس (١) واختاره العلامة ، وقال الشيخ في النهاية : القول قول المالك في الدابة ، وفي غيرها القول قول الغارم (٢) عملا برواية أبي ولاد (٣)

__________________

(١) السرائر : في الإجارات ، ص ٢٧١ س ٢٣ قال : ومتى هلكت الدابة الى أن قال : فان لم يكن له بينة كان القول قول الغارم.

(٢) المختلف : كتاب الإجارة ص ٤ س ١٩ قال بعد نقل قول ابن إدريس : وهو جيّد.

(٣) النهاية : باب الإجارات ص ٤٤٦ س ٤ قال : ومتى هلكت الدابة الى أن قال : فان اختلفا في الثمن كان على صاحبها البيّنة فان لم تكن له بينة كان القول قوله مع يمينه الى أن قال : والحكم فيما سوى الدابة فيما يقع الحلف فيه إلخ.

(٤) الفروع : ج ٥ كتاب المعيشة ، باب الرجل يكتري الدابة فيجاوز بها الحد ص ٢٩٠ الحديث ٦.

قد فرغت من كتابته وتصحيحه وتحشيته صبيحة يوم السبت في الخامس من شهر صفر المظفر من شهور سنة ١٤٠٩ ه‍. ق والحمد لله كلما حمده حامد والصلاة والسّلام على نبيّه المصطفى وآله أولى الدراية والنهى بعدد أنفاس الخلائق.

٢٦

كتاب الوكالة

٢٧
٢٨

كتاب الوكالة

وهي تستدعي فصولا :

(الأوّل) الوكالة ، عبارة عن الإيجاب والقبول الدالين على الاستنابة

______________________________________________________

كتاب الوكالة

مقدّمة

الوكالة بكسر الواو وفتحها ، وهي استنابة في التصرّف.

والأصل فيها الكتاب والسنّة والإجماع.

أمّا الكتاب : فعموم قوله تعالى «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (١) وقوله تعالى «فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ» (٢) أي أعطوه دراهمكم واقيموه في الشراء مقامكم ، وقوله تعالى «فَلَمّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا» (٣) والعرب تسمى الوكيل والخادم فتى ، والمخاطب في الآية هو يوشع عليه السّلام ، وليس خادما ، فيكون وكيلا. فدلّت الآيتان ونظائرهما على مشروعية الاستنابة في التصرّف وهو معنى الوكالة.

__________________

(١) المائدة : ١.

(٢) الكهف : ١٩.

(٣) الكهف : ٦٢.

٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وأمّا السنّة : فروى جابر بن عبد الله أنّه قال : أردت الخروج الى خيبر فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّمت عليه وقلت له : إنّي أريد الخروج الى خيبر ، فقال : إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقا ، فإن ابتغى منك آية فضع يدك على ترقوته ، فأثبت عليه السّلام لنفسه وكيلا (١) وفيه دلالة على جواز تسليم العين إلى غير المالك بالعلامة وإخبار الثقة. وروي أنه عليه السّلام وكّل عمرو بن أمية الضمري في قبول نكاح أم حبيبة وكانت بالحبشة (٢) ووكّل أبا رافع في قبول نكاح ميمونة بنت الحرث الهلالية خالة عبد الله بن العباس (٣) ووكّل عروة بن الجعد البارقي في شراء شاة الأضحية (٤) ووكّل السعادة في قبض الصدقات (٥) وروي أنّ عليا عليه السّلام وكّل أخاه عقيلا في مجلس أبي بكر أو عمر فقال : هذا أخي ، فما قضي عليه فعليّ ، وما قضي له فلي (٦) ووكّل عبد الله بن جعفر في مجلس عثمان (٧).

وأمّا الإجماع ، فمن عامة المسلمين

__________________

(١) السنن الكبرى للبيهقي : ج ٦ ص ٨٠ كتاب الوكالة ، باب التوكيل في المال وطلب الحقوق. وسنن الدار قطني ج ٤ ص ١٥٤ باب الوكالة ، الحديث ١.

(٢) السنن الكبرى للبيهقي : ج ٧ ص ١٣٩ كتاب النكاح ، باب الوكالة في النكاح.

(٣) التذكرة : ج ٢ في الوكالة ص ١١٣ س ٣٥ قال : ووكل أبا رافع في نكاح ميمونة ، ولم أعثر فيما بأيدينا من كتب الحديث والرجال من العامة والخاصة على غيره.

(٤) عوالي اللئالى : ج ٣ ، باب الوكالة ص ٢٥٧ الحديث ٤ و ٥ ولا حظ ما علق عليه.

(٥) عوالي اللئالى : ج ٣ ، باب الوكالة ص ٢٥٧ الحديث ٤ و ٥ ولا حظ ما علق عليه.

(٦) السنن الكبرى للبيهقي : ج ٦ ص ٨١ كتاب الوكالة ، باب التوكيل في الخصومات مع الحضور والغيبة ، ولفظ الحديث «كان على بن أبي طالب عليه السّلام يكره الخصومة ، فكان إذا كانت له خصومة وكل فيها عقيل بن ابي طالب».

(٧) السنن الكبرى للبيهقي : ج ٦ ص ٨١ كتاب الوكالة ، باب التوكيل في الخصومات مع الحضور والغيبة ، ولفظ الحديث «عن رجل من أهل المدينة يقال له جهم عن علي رضي الله عنه انه وكّل عبد الله بن جعفر بالخصومة فقال : ان للخصومة أهلا».

٣٠

في التصرّف ، ولا حكم لوكالة المتبرّع.

ومن شرطها أن تقع منجّزة ، فلا يصح معلقة على شرط ولا صفة. ويجوز تنجيزها وتأخير التصرف إلى مدّة وليست لازمة لأحدهما. ولا ينعزل ما لم يعلم العزل وإن أشهد بالعزل على الأصح ، وتصرّفه قبل العلم ماض

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ولا حكم لوكالة المتبرّع.

أقول : هذه المسألة من خواص هذا الكتاب ، واختلف في تفسيرها على قولين :

(أ) ان تبرّع إنسان فيوكل آخر عن زيد مثلا ، وتقبل الوكيل هذه الوكالة ، فيكون الوكالة هنا بمعنى التوكيل ، أي لا حكم لتوكيل المتبرع ، بل يقع باطلا. أو يكون معناه : أنّ الوكيل تبرع بقبولها فضوليا ، لعلمه بصدورها عن غير مالك ، فهو متبرع.

(ب) وبيانه موقوف على مقدمة.

وتقريرها ان الوكالة الصحيحة لها حكمان :

(أ) إمضاء التصرفات الصادرة من الوكيل عن الموكّل.

(ب) استحقاق الوكيل عند فعل ما وكّل فيه أحد الأمرين ، إمّا الإجارة أو الجعل ، فالمتبرع بقبول الوكالة من غير اشتراط أحد الأمرين لا يستحق أحدهما ، فقوله : لا حكم لوكالة المتبرّع ، يريد به الحكم الثاني الذي هو الاستحقاق ، لا الأوّل. ولا نعني بقولنا : من غير اشتراط أحد الأمرين ، أن لا يشترط العوض لفظا ، بل أعم من اللفظ والنية إذا كان العمل ممّا له اجرة بالعادة ، فإنّه مع وقوعه بأمر المالك يستحق عليه اجرة المثل وان لم يشارطه ، بل التقدير انه فعله بنية التبرع ، أو كان الفعل ممّا لا يستأجر له بمجرى العادة كبرية القلم ، فاذا لم يذكر العوض لفظا لم يمكن له أجر وان نواه لتبرعه بقبولها ، والتعبير الأوّل أوجه.

قال طاب ثراه : ولا ينعزل ما لم يعلم العزل وان أشهد على الأصحّ.

٣١

على الموكل. وتبطل بالموت والجنون والإغماء وتلف ما يتعلق به. ولو باع الوكيل بثمن فأنكر الموكل الاذن بذلك القدر ، فالقول قول الموكّل مع يمينه ، ثمَّ تستعاد العين ان كانت موجودة ومثلها ان كانت مفقودة ، أو قيمتها إن لم يكن لها مثل ، وكذا لو تعذر استعادتها.

______________________________________________________

أقول : للأصحاب هنا ثلاثة أقوال :

(أ) عدم انعزاله إلّا مع العلم ، وفعله ماض على الموكّل قبل العلم وان تأخّر عن العزل والإشهاد وهو قول ابي علي (١) وقواه في الخلاف (٢) واختاره المصنف (٣) والعلامة في الإرشاد (٤) وفخر المحققين (٥).

(ب) انعزاله بالعزل وإن لم تشهد وهو مذهب العلامة (٦) قال الشيخ في الخلاف : إذا عزل الموكّل وكيله عن الوكالة في غيبة الوكيل ، لأصحابنا فيه روايتان : إحداهما انه ينعزل في الحال وان لم يعلم الوكيل ، وكلّ تصرف تتصرّف فيه الوكيل يكون باطلا (٧) قال العلامة : ولم نظفر بهذه الرواية (٨).

__________________

(١) المختلف : في الوكالة ، ص ١٥٨ س ٣٦ قال : فقال ابن الجنيد : لا يصح عزل الموكل لوكيله الّا ان يعمله بالعزل إلخ.

(٢) الخلاف : كتاب الوكالة ، مسألة ٣ قال : والثانية انه لا ينعزل حتى يعلم الوكيل ذلك إلخ.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٤) الإرشاد : المقصد السابع في الوكالة ، المطلب الثاني في الاحكام قال : فلو عزله انعزل إن علم بالعزل ، والّا فلا (مخطوط).

(٥) الإيضاح : ج ٢ ، في الفسخ ص ٣٥٣ س ٢٤ قال : والوجه عندي الأوّل ، أي قول ابن الجنيد.

(٦) المختلف : في الوكالة ، ص ١٥٩ س ٢٢ قال : وقول الشيخ في النهاية لا بأس به لأنه توسط بين الأقوال.

(٧) الخلاف : كتاب الوكالة ، مسألة ٣ قال : إذا عزل الموكّل وكيله عن الوكالة في غيبة من الوكيل فلأصحابنا فيه روايتان ، إحداهما انّه ينعزل في الحال إلخ.

(٨) المختلف : في الوكالة ، ص ١٥٩ س ١٧ قال : ولم نظفر بالرواية الأخرى التي نقلها الشيخ في الخلاف

٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

(ج) قال في النهاية : فليشهد على عزله علانية بمحضر من الوكيل ، أو يعلمه بذلك ، كما أشهد على وكالته وكل أمر ينفذه بعد ذلك كان ماضيا على موكّله الى أن يعلم بعزله (١) ، وبه قال التقي (٢) والقاضي (٣) وابن حمزة (٤) وابن إدريس (٥).

احتج الأوّلون بأمور :

(أ) النهى لا يتعلق به حكم في حق المنهي عنه إلّا بعد علمه ، وكذا نواهي الشرع كلّها ، ولهذا لما بلغ أهل قبا أنّ القبلة حوّلت إلى الكعبة ، داروا وبنوا على صلاتهم ولم يؤمروا بالإعادة ، وكذلك نهي الموكّل وكيله عن التصرّف ينبغي أن لا يتعلّق به حكم في حق الوكيل الّا بعد العلم ، وهذا الدليل ذكره في الخلاف (٦).

(ب) رواية هشام بن سالم عن الصادق عليه السّلام (٧) وفي معناها رواية معاوية بن وهب عن الصادق عليه السّلام : أنّ من وكّل رجلا على إمضاء أمر من الأمور فالوكالة ثابتة أبدا حتى يعلم بالخروج منها كما أعلمه بالدخول فيها (٨) ومثلها

__________________

(١) النهاية : باب الوكالات ، ص ٣١٨ س ١٢ قال : وان عزله ولم يشهد على عزله الى أن قال : كان ماضيا على موكّله الى أن يعلم بعزله.

(٢) الكافي : فصل في الوكالة ص ٣٣٨ س ٩ قال : وكان ما يفعله الوكيل ماضيا حتى يعلم العزل.

(٣) المختلف : في الوكالة ، ص ١٥٩ ، س ٢ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية : وبهذا القول قال أبو الصلاح وابن البراج.

(٤) الوسيلة : فصل في بيان الوكالة ص ٢٨٣ س ٥ قال : وإذا عزله لم ينعزل إلّا بالإعلام إلخ.

(٥) السرائر : باب الوكالة ، ص ١٧٦ س ١٩ قال : وإن عزله ولم يشهد الى أن قال : وكل أمر ينفذه بعد ذلك كان ماضيا إلخ.

(٦) الخلاف : كتاب الوكالة ، مسألة ٣ قال : انّ النهي لا يتعلق به حكم في حق المنهي إلّا بعد حصول العلم به إلخ.

(٧) الفقيه : ج ٣ (٣٧) باب الوكالة ، ص ٤٩ الحديث ٥.

(٨) الفقيه : ج ٣ (٣٧) باب الوكالة ، ص ٤٧ الحديث ١.

٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

رواية العلاء بن سيابة عنه عليه السّلام انّ عليّا عليه السّلام قضى بذلك (١) قال العلامة في المختلف : فاذن الظاهر عدم عزل الوكيل إلّا أن يعلم لهذه الروايات (٢)

(ج) لو انعزل قبل علمه كان فيه ضرر ، لأنه قد يتصرّف بتصرّفات يتطرّق الضرر ببطلانها كما لو باع الجارية فيطأها المشتري ، والطعام فيأكله أو غير ذلك ، فيتصرّف فيه المشتري فيجب ضمانه ، فيتضرّر المشتري والوكيل ، وهذا الوجه الثالث ذكره العلامة في المختلف (٣) ثمَّ قال بعد هذا الكلام بلا فصل : والقول الآخر ليس برديّ ، لأنّ الوكالة من العقود الجائزة فللموكّل الفسخ وان لم يعلم الوكيل ، والّا كانت لازمة حينئذ ، هذا خلف ، لأنّ العزل رفع عقد لا يفتقر الى رضا صاحبه ، فلا يفتقر الى علمه ، كالطلاق والعتق (٤).

وفي هذا الكلام نظر ، لأنّا نجيب عن الأوّل : سلّمنا أنّ الوكالة جائزة ، قوله «فللموكّل الفسخ» قلنا : جواز الفسخ مسلم ، لكن ترتّب أثر الفسخ عليه شرطه العلم ، ولم يحصل ، والمشروط عدم عند عدم شرطه ، قوله «والّا كانت لازمة» قلنا : قد تعرض اللّزوم للجائز كالجعالة بعد شروع العامل في العمل ، فإنها تكون لازمة للجاعل إلّا مع بذلك مقابل ما عمل مع اعلامه ، وأمثاله في الأحكام الشرعية كثير كحضور المسافر في مسجد الجمعة ، وشروع الإنسان في الحج المندوب ، وعن الثاني ، قوله «العزل رفع عقد لا يفتقر الى رضا صاحبه فلا يفتقر إلى علمه كالطلاق والعتق» قلنا : نمنع المساواة ، فإنّ العتق فك ملك وليس متعلّقا بغير العاقد وليس كذلك العزل في الوكالة لتعلّقه بثالث ، ثمَّ قال : وقول الشيخ في النهاية لا بأس به ، لأنّه

__________________

(١) الفقيه : ج ٣ (٣٧) باب الوكالة ، ص ٤٨ الحديث ٣ والحديث طويل.

(٢) المختلف : في الوكالة ص ١٥٩ س ١٨ قال فاذن الظاهر عدم عزل الوكيل لهذه الروايات ثمَّ قال : ولانّه لو انعزل قبل علمه إلخ.

(٣) المختلف : في الوكالة ص ١٥٩ س ٢٠ قال : والقول الآخر ليس برديّ إلخ.

٣٤

(الثاني) ما تصح فيه الوكالة. وهو كلّ فعل لا يتعلق غرض الشارع فيه بمباشر معيّن كالبيع والنكاح ، وتصح الوكالة في الطلاق للغائب والحاضر على الأصح. ويقتصر الوكيل على ما عيّنه الموكّل ، ولو عمّم الوكالة صحّ الّا ما يقتضيه الإقرار.

(الثالث) الموكّل ، ويشترط كونه مكلّفا جائز التصرف. ولا يوكّل العبد إلّا بإذن مولاه ، ولا الوكيل الّا أن يؤذن له. وللحاكم أن يوكّل عن السفهاء والبله. ويكره لذوي المروّات أن يتولّوا المنازعة بنفوسهم.

______________________________________________________

توسط بين الأقوال (١) وهذا يدل على تردّده. ورجح في القواعد العزل (٢) وجزم به في كتاب فتواه.

قال طاب ثراه : ويصح الوكالة في الطلاق للغائب والحاضر على الأصحّ :

أقول : منع الشيخ في النهاية من توكيل الحاضر في الطلاق (٣) وبه قال التقي (٤) والقاضي (٥) واختاره ابن إدريس (٦) والمصنف (٧) والعلامة (٨) لوجوه :

__________________

(١) المختلف : في الوكالة ص ١٥٩ س ٢٢ قال : وقول الشيخ في النهاية لا بأس به إلخ.

(٢) القواعد : في الوكالة ، المطلب الخامس في الفسخ ، ص ٢٥٨ س ١٧ قال : وتبطل بعزل الوكيل نفسه ، وبعزل الموكّل له سواء أعلمه العزل أولا على رأي.

(٣) النهاية : باب الوكالات ص ٣١٩ س ٩ قال : وان كان شاهدا لم يجز طلاق الوكيل.

(٤) الكافي : في الوكالة ص ٣٣٧ س ٧ قال : والوكالة في الطلاق جائزة كالنكاح بشرط غيبة أحد الزوجين إلخ.

(٥) المختلف : في الوكالة ، ص ١٥٧ س ٣١ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية : وتبعه ابن البراج.

(٦) السرائر : باب الوكالة ص ١٧٤ س ٢٥ قال : والطلاق يصح التوكيل فيه سواء كان الموكل حاضرا أو غائبا بغير خلاف إلخ. ونقله أيضا في ص ١٧٧ س ١٠ فلاحظ.

(٧) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٨) المختلف : في الوكالة ص ١٥٧ س ٣٢ قال بعد نقل قول ابن إدريس : وهو الأقوى.

٣٥

(الرابع) الوكيل ، ويشترط فيه كمال العقل. ويجوز أن تلي المرأة عقد النكاح لنفسها ولغيرها. والمسلم يتوكل للمسلم على المسلم ، والذمي ، وللذمي على الذمي. وفي وكالته له على المسلم تردّد. والذمي يتوكّل على

______________________________________________________

(أ) الأصل الصحة.

(ب) انه فعل يقبل النيابة ، فيصح دخولها فيه ، أمّا الأولى فلجوازه في الغائب ، وأمّا الثانية فكغيره من الافعال ، لعدم المانع الخاص بصورة النزاع الواجب لخروجها من القاعدة.

(ج) قال ابن إدريس : لا خلاف أنّ حال الشقاق وبعث الحكمين : أنّ الرجل إذا وكّل الحكم الذي هو من أهله في الطلاق ، فطلّق مضى طلاقه وجاز وان كان الموكّل حاضرا في البلد (١).

احتج الشيخ برواية سماعة عن الصادق عليه السّلام قال : لا يجوز الوكالة في الطلاق فحمل على ما إذا كان الموكّل حاضرا في البلد ، والاخبار التي وردت لجواز التوكيل تحمل على الغيبة (٢).

والجواب ان الرواية ضعيفة السند (٣) مع قصورها عن إفادة المطلوب ، لأنها تدلّ على المنع مطلقا ، فما دلّ عليه لا يقول به ، وما ذهب اليه لا تدل الرواية عليه.

قال طاب ثراه : والمسلم يتوكل للمسلم على المسلم ، والذمّي ، وللذمي على الذمي ، وفي وكالته له على المسلم تردّد.

__________________

(١) السرائر : باب الوكالة ص ١٧٧ س ٢١ قال : فلا خلاف بيننا معشر الإمامية انّ حال الشقاق إلخ.

(٢) الاستبصار : ج ٣ (١٦٦) باب الوكالة في الطلاق ص ٢٧٩ الحديث ٦ ثمَّ قال بعد نقل الخبر : هذا الخبر محمول على انه إذا كان الرجل حاضرا إلخ.

(٣) سند الحديث كما في الاستبصار «محمّد بن يعقوب عن الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد عن الحسن بن على ، وحميد بن زياد عن ابن سماعة عن جعفر بن سماعة جميعا عن حماد بن عثمان عن زرارة»

٣٦

الذمي للمسلم والذمي ، ولا يتوكّل على مسلم. والوكيل أمين لا يضمن الّا مع تعدّ أو تفريط.

(الخامس) في الأحكام ، وهي مسائل :

الاولى : لو أمره بالبيع حالا فباع مؤجلا ولو بزيادة ، لم تصح ووقف على الإجازة. وكذا لو أمره ببيعه مؤجّلا بثمن فباع بأقل حالا ، ولو باع بمثله أو أكثر صحّ إلّا أن يتعلق بالأجل غرض ، ولو أمره بالبيع في موضع فباع في غيره بذلك الثمن صحّ. ولا كذا لو أمره ببيعه من إنسان فباع من غيره فإنه يقف على الإجازة ولو باع بأزيد.

______________________________________________________

أقول : البحث هنا منحصر في ثمان مسائل ، لأنّ الوكيل لا يخلو امّا أن يكون مسلما أو كافرا ، فإن كان مسلما فمسائله أربع :

(أ) أن يتوكّل لمسلم على مسلم.

(ب) أن يتوكّل لمسلم على ذمّي.

(ج) أن يتوكّل لذمي على ذمّي.

وهذه الثلاثة إجماعي لا نزاع فيها.

(د) أن يوكّل لذمي على مسلم. وهذه المسألة هي محل الخلاف ، وإليها أشار بقوله : وفي وكالته ، أي وكالة المسلم ، له ، أي للذمي على المسلم تردّد ، فظاهر الشيخ في النهاية والخلاف (١) و (٢) المنع ، وبه قال المفيد (٣).

__________________

(١) النهاية : باب الوكالات ص ٣١٧ س ١٧ قال : ولا يتوكّل للذمي على المسلم إلخ.

(٢) الخلاف : كتاب الوكالة ، مسألة ١٥ قال : يكره أن يتوكل مسلم لكافر على مسلم الى أن قال : لانّه لا دليل على جوازه.

(٣) المقنعة : باب الضمانات والكفالات والحوالات والوكالات ، ص ١٣٠ س ٣٢ قال : وللمسلم ان يتوكّل للمسلمين على أهل الإسلام وأهل الذمة إلخ.

٣٧

الثانية : إذا اختلفا في الوكالة ، فالقول قول المنكر مع يمينه. ولو اختلفا في العزل ، أو في الإعلام ، أو في التفريط ، فالقول قول الوكيل. وكذا لو اختلفا في التلف ولو اختلفا في الردّ فقولان : أحدهما : القول قول الموكّل مع يمينه ، والثاني : القول قول الوكيل ما لم يكن بجعل ، وهو أشبه.

______________________________________________________

وتلميذه سلار (١) والتقي (٢) وذهب في المبسوط إلى الكراهة (٣) وبه قال ابن إدريس (٤) واختاره المصنف (٥) والعلامة (٦) للأصل الدالّ على الجواز السالم عن معارضة إثبات السبيل للكافر على المسلم ، فيثبت الجواز. ولأنّ للذميّ أهليّة المطالبة بالحقوق واستيفائها من المسلمين فلئن يتولى ذلك المسلم من المسلم أولى.

وان كان ذميّا فمسائله أربع :

(أ) أن يتوكّل لمسلم على ذمي.

(ب) أن يتوكّل لذمي على ذمّي ، ولا شك في جواز هذين القسمين.

(ج) أن يتوكّل لذمي على مسلم ، ولا شك في بطلان هذا القسم.

(د) أن يتوكل لمسلم على مسلم ، ومنع منه أصحابنا لاستلزام السبيل.

قال طاب ثراه : ولو اختلفا في الردّ فقولان : أحدهما القول قول الموكّل مع يمينه ، والثاني قول الوكيل ما لم يكن بجعل وهو أشبه.

أقول : في المسألة قولان :

__________________

(١) المراسم : ذكر أحكام الضمانات والكفالات والحوالات والوكالات ، ص ٢٠١ س ١١ قال : فأما الذمي فلا يتوكل لأهل الذمة على أهل الإسلام.

(٢) الكافي : فصل في الوكالة وأحكامها ص ٣٣٨ س ٢ قال : ولا يتوكل لكافر على مسلم.

(٣) المبسوط : ج ٢ ، كتاب الوكالة ص ٣٩٢ س ١٧ قال : يكره أن يتوكل المسلم الكافر على مسلم إلخ

(٤) السرائر : باب الوكالة ص ١٧٦ س ٧ قال : ويكره ان يتوكل للذمي على المسلم.

(٥) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٦) المختلف : في الوكالة ، ص ١٥٨ س ٢٧ قال : والأقرب الجواز على كراهية.

٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

(أ) القول قول المالك في عدم الردّ ، لأنّه الأصل ولقوله عليه السّلام على اليد ما أخذت حتى تؤدّي (١) سواء كان بجعل أولا ، وهو قول ابن إدريس (٢) وهو مذهب المصنف في الشرائع (٣).

(ب) القول قول المالك ان كان بجعل ، وان لم يكن بجعل فالقول قول الوكيل لأنه أمين قبض المال لمنفعة غيره دون منفعته كالمودع وهو قول الشيخ في المبسوط (٤) وبه قال القاضي (٥) والمصنف في النافع (٦).

تنبيه

الامناء على ثلاثة أقسام :

(أ) من يقبل قوله في الردّ إجماعا ، وضابطه من قبض العين لنفع المالك ، وهو محسن محض ، فيقبل قوله في ردّها حذرا من مقابلة الإحسان بالإسائة ، كالمستودع ، واستشكله العلامة من حيث أنّ الأصل عدم الردّ (٧) وجزم به في كتاب فتواه

__________________

(١) عوالي اللئالى : ج ١ ص ٢٢٤ الحديث ١٠٦ وص ٣٨٩ الحديث ٢٢ وج ٢ ص ٣٤٥ الحديث ١٠ وج ٣ ص ٢٤٦ الحديث ٢ وص ٢٥١ الحديث ٣ ولاحظ ما علق عليه.

(٢) السرائر : باب الوكالة ص ١٧٥ س ١ قال : فالذين لا ضمان عليهم فهم الوكيل الى أن قال : والذي يقتضيه أصولنا أنّ المستام لا ضمان عليه إلخ.

(٣) الشرائع : في التنازع ، الثانية ، إذا اختلفا في دفع المال إلى الموكّل الى أن قال : وقيل : القول قول المالك وهو أشبه.

(٤) المبسوط : ج ٢ كتاب الوكالة ص ٣٧٢ س ١٢ قال : فان اختلفا في الردّ الى ان قال : فان كان وكيلا بغير جعل قبل قوله إلخ.

(٥) المختلف : في الوكالة ص ١٦٠ س ٢٦ قال بعد نقل قول المبسوط : وكذا قال ابن البراج.

(٦) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٧) المختلف : في الوكالة ص ١٦٠ س ٢٨ قال : وفي الودعيّ إشكال.

٣٩

الثالثة إذا زوّجه مدعيا وكالته ، فأنكر الموكّل الثالثة : إذا زوّجه مدعيا وكالته ، فأنكر الموكّل ، فالقول قول المنكر مع يمينه ، وعلى الوكيل مهرها ، وروي نصف مهرها لأنه ضيّع حقها ، وعلى الزوج ان يطلقها إن كان وكّل.

______________________________________________________

بموافقة الأصحاب.

(ب) مقابله ، وضابطه من قبض العين لنفعه ومصلحته كالمستعير والمسترهن والمستأجر.

(ج) من قبض العين ونفعها مشترك بين المالك والقابض كالمضارب والوكيل بجعل ، فمن غلب جانب النفع اعتبر قول المالك ، ومن غلب جانب الأمانة اعتبر قول العامل.

قال طاب ثراه : إذا زوّجه مدّعيا وكالته ، فأنكر الموكّل ، فالقول قول المنكر مع يمينه ، وعلى الوكيل مهرها ، وروي نصف مهرها ، لأنّه ضيّع حقها ، وعلى الزوج أن يطلقها إن كان وكّل.

أقول : في المسألة ثلاثة أقوال :

الأول : وجوب المهر كملا على الوكيل ، بوجوه ثلاثة :

(أ) انه ضيّع حقّها بترك الإشهاد على الوكالة ، فعليه ضمانها.

(ب) إنّ المهر يجب كلّه بالعقد ، وانما ينتصف بالطلاق ، ولم يحصل.

(ج) إنّه العار لها بالعقد عليها ومنع الأزواج منها ، وهو مذهب الشيخ في النهاية (١) وتبعه القاضي (٢) واختاره العلامة في كتاب فتواه.

__________________

(١) النهاية : باب الوكالات ص ٣١٩ س ٣ قال : وان عقد له على التي أمره الى أن قال : لزم الوكيل أيضا مهر المرأة إلخ.

(٢) المختلف : في الوكالة ص ١٥٩ س ٢٥ قال بعد نقل قول النهاية : وبه قال ابن البراج.

٤٠