المهذّب البارع - ج ٣

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

كتابنا الكامل في الفقه في هذا الموضع : أنه على طريق التوكيل ، والصحيح أنه على طريق الحكم ، لأنّه لو كان توكيلا لكان ذلك تابعا للوكالة ، وبحسب شرطها (١) وقال العلامة : الظاهر أنّه تحكيم (٢).

الثالثة : قال تعالى «فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما» (٣) اختلف فيما يرجع إليه الضميران من قوله (يريدا) وقوله (بينهما) على ثلاثة أقوال :

أن يكونا للحكمين ، أو الزوجين ، أو الأوّل للحكمين والثاني للزوجين ، وهذا الأخير هو الّذي فهمه عمر من الآية ، فروي أنه بعث حكمين ، فرجعا ، وقالا : لم يلتئم الأمر ، فعلاهما بالدرة وقال : الله أصدق منكما : لو أردتما (إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) (٤).

الرابعة : لا يشترط كونهما من أهل الزوجين ، إذا القرابة غير معتبرة في الحكم ولا في الوكالة ، إلّا أنّ الأهل أولى ، لأنّه أشفق وأقرب إلى رعاية الصلاح ، وأعرف ببواطن الأحوال ، ولأن القريب يفشي سرّه إلى قريبه من غير احتشام ، بخلاف الأجنبي ، وذهب ابن إدريس إلى اشتراطه (٥) عملا بظاهر الآية ، وجوابه :

__________________

أن يبعث إلخ.

(١) المهذب : ج ٢ ، باب الشقاق والحكمين ، ص ٢٦٦ س ٧ قال : وقد ذكرنا في كتابنا الكامل في الفقه إلخ.

(٢) المختلف : في الخلع ص ٤٥ س ٣٥ قال : والظاهر انه تحكيم كما قاله الشيخ وابن البراج.

(٣) النساء : ٣٥.

(٤) لم أعثر عليه مع الفحص الشديد.

(٥) السرائر : باب الخلع والمبارأة والنشوز ص ٣٣٨ س ١٩ قال بعد نقل قول الشيخ بالاستحباب : ذلك على طريق الإيجاب دون الاستحباب لظاهر القرآن.

٤٢١

(النظر الرّابع) في أحكام الأولاد :

ولد الزوجة الدائمة يلحق به مع الدخول ومضي ستة أشهر من حين الوطء ، ووضعه لمدّة الحمل ، أو أقل ، وهي تسعة أشهر ، وقيل : عشرة أشهر ، وهو حسن ، وقيل : سنة ، وهو متروك. فلو اعتزلها أو غاب عنها عشرة أشهر فولدت بعدها لم يلحق به. ولو أنكر الدّخول فالقول قوله مع يمينه. ولو اعترف به ثمَّ أنكر الولد لم ينتف عنه إلّا باللعان. ولو اتّهمها بالفجور ، أو شاهد زناها ، لم يجز له نفيه. ويلحق به الولد ، ولو نفاه لم ينتف إلّا باللعان. وكذا لو اختلفا في مدة الولادة.

ولو زنى بامرأة فأحبلها لم يجز الحاقة به ، وإن تزوّج بها. وكذا لو أحبل أمة غيره بزنا ثمَّ ملكها.

ولو طلّق زوجته فاعتدّت وتزوّجت غيره وأنت لولد لدون ستة أشهر ، فهو للأوّل ، ولو كان لستة فصاعدا فهو للأخير ، ولو لم تتزوّج فهو

______________________________________________________

التخصيص في الآية خرج مخرج الأغلب ، إذا لأغلب شدّة حرص الأهل على الشفقة ، ورعاية مصلحة قريبه ، خصوصا في القيام حال الزوجة ، ولو لم يكن لهما أهل جاز الأجنبي إجماعا.

الخامسة : ينبغي للحكمين قبل اجتماعهما للحكم ، أن يجتمع كلّ منهما بمن يرسل عنه ، فيخلو حكم الرجل به ، وحكم المرأة بها ، فيعرفان ما عندهما ، وما فيه رغبتهما ، وإذا اجتمعا لم يخف أحدهما ما علم من الآخر وأنفدا ما رأياه صوابا.

قال طاب ثراه : ووضعه لمدّة الحمل أو أقل ، وهي تسعة أشهر ، وقيل : عشرة أشهر ، وهو حسن ، وقيل : سنة ، وهو متروك.

٤٢٢

للأوّل ما لم يتجاوز أقصى الحمل. وكذا الحكم في الأمة لو باعها بعد الوطء.

وولد الموطوءة بالملك يلحق بالمولى ويلزمه الإقرار به ، لكن لو نفاه انتفى ظاهرا ، ولا يثبت بينهما لعان ، ولو اعترف به بعد النفي ألحق به ، وفي حكمه ولد المتعة.

وكلّ من أقرّ بولد ثمَّ نفاه لم يقبل نفيه ، ولو وطأها المولى وأجنبي حكم به للمولى ، فإن حصل فيه أمارة يغلب معها الظن أنه ليس منه لم يجز له إلحاقه ولا نفيه ، بل يستحب أن يوصى له بشي‌ء ولا يورثه ميراث الأولاد.

ولو وطأها البائع والمشتري فالولد للمشتري إلّا أن يقصر الزمان عن ستة أشهر. ولو وطأها المشتركون ، فولدت وتداعوه أقرع بينهم والحق بمن يخرج اسمه ، ويغرم حصص الباقين من قيمته وقيمة امه. ولا يجوز نفي الولد لمكان العزل ، ولا مع التهمة بالزنا. والموطوءة بالشبهة يلحق ولدها بالواطئ.

ولو تزوّج امرأة لظنه خلوّها من بعل فبانت محصنة ردّت على الأوّل بعد الاعتداد من الثاني ، وكانت الأولاد للواطئ مع الشرائط.

ويلحق بذلك أحكام الولادة :

وسننها استبداد النّساء ، بالمرأة وجوبا إلّا مع عدمهنّ ، ولا بأس بالزوج وإن وجدن.

ويستحب غسل المولود ، والأذان في أذنه اليمنى ، والإقامة في اليسرى ، وتحنيكه بتربة الحسين عليه السّلام ، وبماء الفرات ، ومع عدمه

٤٢٣

بماء فرات ، ولو لم يجد إلّا ماء ملح خلط بالعسل أو التمر. ويستحب تسميته الأسماء المستحسنة ، وأن يكنيه.

ويكره أن يكنى محمّدا بأبي القاسم ، وأن يسمى حكما ، أو حكيما ، أو خالدا ، أو حارثا ، أو مالكا ، أو ضرارا.

ويستحب حلق رأسه يوم السابع مقدّما على العقيقة ، والتصدّق بوزن شعره ذهبا أو فضة ، ويكره القنازع. ويستحب ثقب أذنه وختانه فيه ، ولو أخر جاز. ولو بلغ وجب عليه الاختتان. وخفض الجارية مستحب.

وان يعق عنه فيه أيضا ولا تجزى الصدقة بثمنها ولو عجز توقع المكنة ويستحب فيها شروط الأضحية.

وأن تخصّ القابلة بالرّجل والورك ، ولو كانت ذمية أعطيت ثمن الربع ، ولو لم تكن قابلة تصدّقت به الامّ ، ولو لم يعقّ الوالد استحب للولد إذا بلغ. ولو مات الصبي في السابع قبل الزوال سقطت ، ولو مات بعد الزّوال لم يسقط الاستحباب. ويكره أن يأكل منها الوالدان ، وأن يكسر شي‌ء من عظامها ، بل يفصل مفاصل الأعضاء.

ومن التوابع : الرضاع والحضانة.

وأفضل ما رضع لبن أمه ، ولا تجبر الحرّة على إرضاع ولدها ، ويجبر الأمة مولاها. وللحرة الأجرة على الأب إن اختارت إرضاعه. وكذا لو أرضعته خادمتها. ولو كان الأب ميتا ، فمن مال الرضيع. ومدّة الرضاع حولان. ويجوز الاقتصار على أحد وعشرين شهرا لا أقل ، والزيادة بشهر أو بشهرين لا أكثر. ولا يلزم الوالد أجرة ما زاد عن حولين ، والام أحق

٤٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : الأوّل قول الشيخين (١) (٢) وبه قال القاضي (٣) وأبو علي (٤) وسلار (٥) والمرتضى في المسائل الموصليات (٦) وهو اختيار المصنف في النافع (٧).

والثاني : حكاه ابن حمزة (٨) واختاره العلامة في أكثر كتبه (٩) واستحسنه المصنف في كتابيه (١٠).

__________________

(١) المقنعة : باب لحوق الأولاد بالآباء ، ص ٨٣ س ٣٥ قال : وأكثر الحمل تسعة أشهر إلى قوله : ولا يكون زمان الحمل أكثر من تسعة أشهر.

(٢) النهاية : باب إلحاق الأولاد بالآباء وأحكامهم ، ص ٥٠٥ س ٦ قال : وكذلك (أي يجوز نفي الولد) ان جاءت بالولد لأكثر من تسعة أشهر إلخ. وفي المبسوط : ج ٥ ، كتاب العدد ص ٢٩٠ س ٦ قال : وأكثر الحمل عندنا تسعة أشهر ، وقال بعض أصحابنا سنة إلخ.

(٣) المهذب : ج ٢ ، باب إلحاق الأولاد بالآباء وأحكام ذلك ص ٣٤١ س ٦ قال : ولا يكون مدة الحمل على ما ذكرنا أكثر من تسعة أشهر.

(٤) و (٦) المختلف : في لواحق النكاح ص ٢٨ س ٣٠ قال : وقال ابن الجنيد : أقل الحمل عندنا ستة أشهر وأكثره تسعة الى أن قال : وقال السيد في جواب المسائل الموصليات : الاولى أنه لا يجوز أن يتجاوز الحمل أكثر من تسعة أشهر.

(٥) المراسم : ذكر النفقات ، ص ١٥٥ س ٣ قال : والأكثر تسعة أشهر.

(٧) لاحظ مختارة في النافع.

(٨) الوسيلة : في بيان حكم الولادة وإلحاق الولد ، ص ٣١٨ س ٧ قال : وأكثر مدة الحمل فيه ثلاث روايات ، تسعة أشهر ، وعشرة ، وسنة.

(٩) القواعد : الفصل الثاني في إلحاق الأولاد بالآباء ، ص ٤٩ س ٢٤ قال : وهو عشرة أشهر ، وقيل : تسعة ، وقيل : سنة ، وفي التحرير : في أحكام الأولاد ، ص ٤٤ س ٢٣ قال : وهو تسعة أشهر ، أو عشرة ، وقيل : سنة وليس بمعتمد.

(١٠) قال في النافع : وقيل : عشرة أشهر وهو حسن ، وقال في الشرائع : في أحكام الأولاد ، وهو تسعة أشهر على الأشهر ، وقيل : عشرة أشهر وهو حسن.

٤٢٥

بإرضاعه إذا تطوّعت ، أو قنعت بما تطلب غيرها ، ولو طلبت زيادة عن ما قنع غيرها ، فللأب نزعه واسترضاع غيرها.

وأمّا الحضانة : فالأم أحق بالولد بمدّة الرضاع إذا كانت حرة مسلمة. وإذا فصل فالحرة أحق بالبنت إلى سبع سنين ، وقيل : إلى تسع سنين ، والأب أحق بالابن. ولو تزوّجت الامّ سقطت حضانتها. ولو مات الأب فالأمّ أحق به من الوصي. وكذا لو كان الأب مملوكا أو كافرا ، كانت الأم الحرة أحقّ به ولو تزوّجت ، فإن أعتق الأب فالحضانة له.

______________________________________________________

والثالث : قول المرتضى في الانتصار (١) وحكاه الشيخ (٢) وابن حمزة عن الأصحاب (٣) وهو نادر.

قال طاب ثراه : وإذا فصل فالحرّة أحق بالبيت إلى سبع سنين ، وقيل : إلى تسع ، والأب أحق بالابن.

أقول : وقع الإجماع على اشتراك الحصانة بين الأبوين مدة الحولين ، وعلى سقوطها بعد البلوغ وله الخيار في الانضمام إلى من شاء منهما ، والخلاف فيما بينهما.

وفيه أقوال :

(أ) الأمّ أحق بالولد ما لم تتزوّج ، قاله الصدوق في المقنع (٤).

__________________

(١) الانتصار : في مدّة أكثر الحمل ، ص ١٥٤ س ١٣ قال : مسألة ، وممّا انفردت به الإمامية القول : بأنّ أكثر مدة الحمل سنة واحدة.

(٢) المبسوط : ج ٥ ، كتاب العدد ص ٢٩٠ س ٩ قال : وقال بعض أصحابنا : إلى سنة.

(٣) الوسيلة : في بيان حكم الولادة ، ص ٣١٨ س ٧ قال : وأكثر مدّة الحمل الى قوله : وسنة.

(٤) لم أعثر على هذه العبارة في المقنع ، وفي المختلف : (في لواحق النكاح) ص ٢٦ س ٢٨ قال : وقال الصدوق في المقنع : إذا طلق الرجل إلخ.

٤٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

(ب) الأمّ أحق بالصبي إلى سبع سنين ، ولو بلغها وهو معتوه كان حكمه حكم الطفل في استحقاق الامّ إيّاه. وأما البنت فالأمّ أحق بها ما لم تتزوّج الامّ قاله أبو علي (١) وبمثله قال في الخلاف (٢) وقال القاضي في المهذب : إذا بانت المرأة ولها منه طفل لا يعقل ولا يميّز ، كانت هي أولى بحضانته من أبيه ، وإن كان صغيرا وقد ميّز ، وكان ذكرا ، كان امه أولى به إلى سبع سنين ، وإن كانت أنثى كانت الأم أحق بها الى تسع سنين ، وقيل : إلى بلوغها ما لم تتزوّج (٣).

وفيه دلالة على أنها لا تبلغ بالتسع عنده.

(ج) الأمّ أحق بالذكر مدة الحولين ، وبالأنثى إلى تسع ، قاله المفيد (٤) وتلميذه (٥).

(د) الأم أحق بالذكر مدة الحولين ، وبالأنثى سبع سنين ، قاله الشيخ في النهاية (٦) والقاضي في الكامل (٧) وابن حمزة (٨) وابن

__________________

(١) المختلف : في لواحق النكاح ، ص ٢٦ س ٢٨ قال : وقال ابن الجنيد : الأمّ أحق بالصبي إلى سبع سنين إلخ.

(٢) الخلاف : كتاب النفقات ، مسألة ٣٦ قال : إذا بانت المرأة من الرجل ولها ولد منه إلخ.

(٣) المهذب : ج ٢ ، باب النفقات ، ص ٣٥٢ س ٨ قال : وإذا بانت المرأة من زوجها إلى أخره.

(٤) المقنعة : باب الحكم في أولاد المطلقات ، ص ٨٢ س ١٦ قال : وإذا فصل الصبي من الرضاع كان الأب أحق بكفالته والام أحق بكفالة البنات حتى تبلغ تسع سنين إلخ.

(٥) المراسم : اللعان ، ذكر ما يلزم به ، ص ١٦٤ س ١٢ قال : فاذا فصل فلا يخلو أن يكون ذكرا أو أنثى إلخ.

(٦) النهاية : باب الولادة والعقيقة ، ص ٥٠٣ س ١٩ قال : والامّ أولى بالولد من الأب مدة الرضاع الى قوله : فان كانت أنثى فهي أحق بها الى سبع سنين إلخ.

(٧) المختلف : في لواحق النكاح ص ٢٦ س ٢٩ قال : وابن البراج في الكامل الى قوله : تبعوا شيخنا في النهاية ، ثمَّ بعد نقل قول المهذب قال : والوجه ما قاله الشيخ في النهاية.

(٨) الوسيلة : في بيان حكم الولادة وإلحاق الولد ص ٣١٦ س ٢ قال : والثاني : هي أولى برضاعه ،

٤٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

إدريس (١) واختاره المصنف (٢) والعلامة (٣).

احتج الصدوق بما رواه في كتابه عن حفص بن غياث وغيره قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل طلّق امرأته وبينهما ولد ، أيّهما أحق به؟ قال : المرأة ما لم تتزوّج (٤).

ورواه الشيخ عن المنقري عمّن ذكره (٥) وتأوّله بكون الأب عبدا (٦).

احتج الشيخ على قول النهاية : برواية داود بن الحصين عن الصادق عليه السّلام قال «وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ» (٧) قال : ما دام الولد في الرضاع هو بين الأبوين بالسويّة ، فإذا فطم فالأب أحق به من العصبة ، وإن وجد الأب من يرضعه بأربعة دراهم ، فقالت الامّ : لا أرضعه إلّا بخمسة دراهم فان له أن ينتزعه منها إلّا أن يعلم أنّ ذلك خير له وأوفق به ، تركه مع أمّه (٨).

__________________

رضي الأب به أو لم يرض.

(١) السرائر : باب أحكام الولادة ، ص ٣١٩ س ٢٦ قال : لا خلاف أنّ الأب أحق بالولد في جميع الأحوال ، فأخرجنا بالإجماع حولين كاملين في الذكر وفي الأنثى السبع إلخ.

(٢) لاحظ مختاره في النافع.

(٣) المختلف : في لواحق النكاح ص ٢٦ س ٢٩ ، قال : وابن البراج في الكامل الى قوله : تبعوا شيخنا في النهاية ، ثمَّ بعد نقل قول المهذب قال : والوجه ما قاله الشيخ في النهاية.

(٤) الفقيه : ج ٣ (١٢٧) باب الولد يكون بين والديه أيهما أحق به ص ٢٧٥ الحديث ٢.

(٥) التهذيب : ج ٨ (٥) باب الحكم في أولاد المطلقات ، ص ١٠٥ الحديث ٣.

(٦) النهاية : باب الولادة والعقيقة ص ٥٠٤ س ٤ قال : فان كان الأب مملوكا والامّ حرة ، كانت هي أحق بولدها وان تزوّجت إلخ هذا ولكن ما حمله في التهذيب بعد نقل الحديث غير هذا فراجع.

(٧) البقرة : ٢٣٣.

(٨) التهذيب : ج ٨ (٥) باب الحكم في أولاد المطلقات ، ص ١٠٤ الحديث ١.

٤٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

تنبيه

المراد بقول الأصحاب : الأمّ أحق بالست ما لم يتزوّج الامّ ، لا البنت ، وقد صرّح به ابن الجنيد فيما حكيناه عنه (١) وكذا ابن إدريس نص عليه في كتابه (٢). فلو طلّقت الأم بائنا ، قال الشيخ في كتابي الفروع عادت حضانتها (٣) (٤) ومنعه ابن إدريس (٥).

واحتج الشيخ بما رواه أبو هريرة أنّ النبي صلّى الله عليه وآله قال : الأم أحق بحضانة ابنتها ما لم يتزوّج (٦).

علق حقها بالتزويج ، فإذا زال التزويج فالحق باق كما كان.

وعن عبد الله بن عمر : أن امرأة قالت يا رسول الله : إنّ ابني هذا كان بطني له وعاء ، وثديي له سقاء ، وحجري له حواء ، وإنّ أباه طلّقني ، وأراد أن ينتزعه منّي!؟ فقال لها النبي صلّى الله عليه وآله : أنت أحق به ما لم تنكحي (٧).

احتج ابن إدريس : بأن الحق خرج عنها بالنكاح ، وعوده يحتاج إلى دليل ، والرسول صلّى الله عليه وآله جعل غاية الاستحقاق للحضانة تزويج الامّ ، وقد

__________________

(١) المختلف : في لواحق النكاح ، ص ٢٦ س ٢٨ قال : وقال ابن الجنيد : الى قوله : وأمّا البنت فالام أولى بها ما لم تتزوج الأمّ.

(٢) السرائر : باب أحكام الولادة ، ص ٣١٩ س ٣ قال : فان كان الولد أنثى إلى قوله : ما لم تتزوج الام ، ثمَّ قال بعد أسطر : وان كان بائنا فالأولى انه لا يعود ، لأنّ عوده يحتاج الى دليل ثمَّ قال بعد نقل قول بعض الأصحاب : هذه قد تزوّجت فخرج الحق منها إلخ.

(٣) الخلاف : كتاب النفقات ، مسألة ٣٩ قال : إذا طلقها زوجها عاد حقها من الحضانة.

(٤) المبسوط : ج ٦ كتاب النفقات ، ص ٤١ س ١٤ قال : ومتى طلّقها زوجها عاد حقها الى قوله : وقال بعضهم : إن كان بائنا عاد وهو الصحيح عندي.

(٥) السرائر : باب أحكام الولادة ، ص ٣١٩ س ٣ قال : فان كان الولد أنثى إلى قوله : ما لم تتزوج الام ، ثمَّ قال بعد أسطر : وان كان بائنا فالأولى انه لا يعود ، لأنّ عوده يحتاج الى دليل ثمَّ قال بعد نقل قول بعض الأصحاب : هذه قد تزوّجت فخرج الحق منها إلخ.

(٦) رواهما في الخلاف : كتاب النفقات ، في نقل دليل مسألة ٣٨.

(٧) رواهما في الخلاف : كتاب النفقات ، في نقل دليل مسألة ٣٨.

٤٢٩

(النظر الخامس) في النّفقات :

وأسبابها ثلاثة : الزوجية ، والقرابة ، والملك.

وأمّا الزوجية : فيشترط في وجوب نفقتها شرطان : العقد الدائم ، فلا نفقة لمستمتع بها ، والتمكين الكامل ، فلا نفقة لناشزة. ولو امتنعت لعذر شرعي لم تسقط ، كالمرض ، والحيض ، وفعل الواجب.

أمّا المندوب : فإن منعها منه فاستمرت ، سقطت نفقتها. وتستحق الزوجة النفقة ولو كانت ذمّية أو أمة. وكذا تستحقها المطلّقة الرجعية دون البائن ، والمتوفى عنها زوجها إلّا أن تكون حاملا ، فتثبت نفقتها في الطلاق على الزوج حتى تضع ، وفي الوفاة من نصيب الحمل على إحدى الروايتين. ونفقة الزوجة مقدمة على نفقة الأقارب ، وتقضى لو فاتت.

______________________________________________________

تزوّجت (١) واختار العلامة مختار الشيخ (٢) ، لأن الحضانة إرفاق بالصبي ، فإذا تزوّجت الامّ خرجت باشتغالها بزوجها ، وحقوقها عن الحضانة للطفل ربما منعت من الزوج بعض حقوقه لو حضنته ، فسقطت ، وإذا طلّقت زال المانع فبقي المقتضى سليما عن المعارض ، فيثبت حكمه.

قال طاب ثراه : وفي الوفاة من نصيب الحمل على إحدى الروايتين.

أقول : المتوفى عنها من جملة البائنات ، فلا نفقة لها مع الحيلولة إجماعا. وهل لها النفقة لو كانت حاملا كالمطلّقة ، أم لا؟ مذهبان.

__________________

(١) تقدم نقل احتجاجه.

(٢) المختلف : في لواحق النكاح ، ص ٢٦ س ٣٢ قال : والوجه ما قاله الشيخ في النهاية.

٤٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

فبالأوّل قال في النهاية (١) وأوجبها في نصيب الولد ، وبه قال القاضي (٢) والتقي (٣) وابن حمزة (٤) وأبو علي (٥) والصدوق في المقنع (٦).

والمستند رواية أبي الصباح الكناني عن الصادق عليه السّلام قال : ينفق عليها من مال ولدها الّذي في بطنها (٧).

وحملها بعض المتأخرين على إعسار الأمّ ، فيجب نفقتها من حيث يساره وعسرها.

وهو مدخول.

أمّا أوّلا : فلأنّ الحمل لا يملك مستقرا ، بل ملكه مشروط بانفصاله حيا ، فنسبة الملك إليه قبل ذلك مجاز وإنما يجب الإنفاق فيما يملكه المنفق حقيقة.

وأمّا ثانيا : فلأنّ الحمل لا يجرى عليه من أحكام الآدميين المنفصلين إلّا صحة

__________________

(١) النهاية : باب العدد وأحكامها ، ص ٥٣٧ س ٨ قال : فان كانت حاملا أنفق عليها من نصيب ولدها الذي في بطنها.

(٢) المهذب : ج ٢ ، باب العدد والاستبراء ص ٣١٩ س ٢ قال : فان كانت حاملا أنفق عليها من نصيب ولدها التي هي حامل به.

(٣) الكافي : فصل في العدة وأحكامها ص ٣١٣ س ١٨ قال : وإذا كانت المتوفى عنها زوجها حاملا أنفق عليها من مال ولدها حتى تضع.

(٤) الوسيلة : فصل في بيان العدة وأحكامها ، ص ٣٢٩ س ١٠ قال : ولا يلزم لها النفقة إلّا إذا كانت حاملا فينفق عليها من نصيب ولدها.

(٥) المختلف : في العدد ، ص ٦٢ س ٦ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية : وبه قال ابن الجنيد.

(٦) المقنع : باب الطلاق ، ص ١٢١ س ٨ قال : والحبلى المطلقة ينفق عليها حتى تضع حملها. أقول : لم نعثر في المقنع على غير هذه العبارة التي قد مناها ، والبحث في الوفاة لا في الطلاق ، ولكن العلامة في المختلف : ص ٦٢ س ٦ بعد نقل قول الشيخ في النهاية قال : وبه قال : ابن الجنيد والصدوق في المقنع فلاحظ.

(٧) التهذيب : ج ٨ (٦) باب عدد النساء ، ص ١٥٢ قطعة من حديث ١٢٥.

٤٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

الإقرار له ، والوصية به وله ، وعزل الميراث ، وصحة ذلك كله موقوف على انفصاله حيّا ، فلا يجرى عليه غيرها من الأحكام المنفصلين ، لعدم الدليل.

وأمّا ثالثا : فلاشتمال هذا الإنفاق على التعرير بمال الغير ، والتصرّف فيه بغير إذنه ، وهو قبيح ، لجواز سقوطه ، فيرجع به إلى باقي الورثة ومع إنفاق الزوجة منه يكون قد تصرفنا فيما هو مملوك للوارث بغير إذنه ، وربما تعذّر استرجاعه من الزّوجة بإعسارها.

وبالثاني قال المفيد (١) والحسن (٢).

والمستند حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : المرأة الحبلى المتوفّى عنها زوجها لا نفقة لها (٣).

ولأن الأصل عدم وجوب النفقة في مال الغير إلّا مع دليل شرعي ، وليس ، ولأنها ليست مطلقة وهو مذهب ابن إدريس قال : وما اخترناه مذهب شيخنا المفيد في كتاب التمهيد ، فإنه قال : إنما يكون له مال عند خروجه إلى الأرض حيا ، فأمّا وهو جنين لا يعرف موته من حياته ، فلا ميراث له ولا مال فكيف ينفق على الحبلى من مال من لا مال له (٤) وقال العلامة في المختلف : التحقيق أن نقول : إن جعلنا النفقة للحمل ، فالحق ما قاله الشيخ ، وإن جعلناه للحامل فالحق ما قاله المفيد (٥).

__________________

(١) سيجي‌ء نقله عن التمهيد.

(٢) المختلف : في العدد ، ص ٦٢ س ١٢ قال : وقال ابن أبي عقيل : لا نفقة للمتوفى عنها زوجها سواء كانت حبلى أو غير حبلى.

(٣) التهذيب : ج ٨ (٦) باب عدد النساء الحديث ١٢١.

(٤) السرائر : باب العدد ، ص ٣٤٠ س ١٨ قال : والذي يقوى في نفسي إلا ينفق عليها من المال المعزول الى قوله : وما اخترناه وحرّرناه مذهب شيخنا محمّد بن محمّد بن النعمان في كتابه التمهيد فإنه قال : إلخ.

(٥) المختلف : في العدد ، ص ٦٢ س ١٢ قال : والتحقيق أن نقول : ان جعلنا النفقة للحمل الى قوله :

٤٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وفيه نظر : لما بينا من كونه لا يملك وهو جنين ، فكيف تنفق عليه من مال لم يحكم له بملكه ، وتجويز كونه مملوكا لباقي الورثة على تقدير الإسقاط.

تتمة

الأصل أنّ النفقة واجبة للزوجة مع بقاء زوجيتها ، ومع زوالها إذا كانت المطلّقة رجعية ، وتسقط في البائن مع خلوّها من الحمل قطعا ، ويجب معه إجماعا ، فهل النفقة للحامل بشرط الحمل ، أي الحمل شرط في استحقاقها ، أو النفقة للحمل؟

ذهب قوم إلى الأوّل : وبه قال ابن زهرة (١).

وذهب قوم إلى الثاني : وبه قال الشيخ في المبسوط (٢) وتبعه القاضي (٣) والعلامة في المختلف (٤) وهو ظاهر ابن حمزة (٥).

احتج الأوّلون بوجوه :

__________________

والوجه ما فصّلناه أوّلا.

(١) الغنية : من الجوامع الفقهية ، في الطلاق والعدة ص ٦١٦ س ٢٢ قال : الّا أن تكون حاملا ، فإن النفقة يجب لها بلا خلاف.

(٢) المبسوط : ج ٥ ، كتاب العدد ، ص ٢٥١ س ١٩ قال : وروى أصحابنا : أنّ لها النفقة إذا كانت حاملا من نصيب ولدها إلخ.

(٣) المهذب : ج ٢ ، باب النفقات ، ص ٣٤٨ س ٨ قال : فإن ابانها وكانت حاملا وجبت النفقة للحمل.

(٤) المختلف : كتاب الطلاق ، باب العدد ، ص ٦٢ س ٢١ قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط : والوجه ما قاله الشيخ عملا بالدوران.

(٥) الوسيلة : فصل في بيان العدة وأحكامها ، ص ٣٢٨ س ٢ قال : فالحامل يلزم لها النفقة والسكنى ، لمكان الحامل ، هذا ، والعلامة في المختلف قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط كما أشرنا إليه آنفا ، قال : وهو ظاهر كلام ابن حمزة ، فلاحظ.

٤٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

(أ) عدم وجوبها على الجدّ بالإجماع ، ولو كان للولد لوجبت عليه.

(ب) عدم سقوطها بيسار الولد ، ولو كانت له لسقطت بيساره ، عن الأب.

(ج) أنها مقدّرة ، ونفقة القريب غير مقدرة.

احتج الآخرون بوجوه :

(أ) بالدوران وجودا وعدما ، فيكون له ، كما دارت مع الزوجية.

(ب) وجوب نفقته منفصلا فكذا متّصلا.

(ج) إنّ أصحابنا رووا : أنه ينفق عليها من مال الحمل (١) فدلّ ذلك على أنّ النفقة له.

وهذه الوجوه الستة ذكرها الشيخ (٢).

ولا يخلو بعضها من دخل.

ويظهر الفائدة في مسائل :

(أ) إذا تزوّج حرّ بأمة ثمَّ أبانها وهو معسر ، فمن أوجبها للحمل أوجبها على الزوج ، ولا قضاء ومن أوجبها للحامل أوجب على الزوج ، وقضاه مع يساره.

(ب) إذا تزوّج عبد بأمة ، فعلى الأوّل يجب على سيد العبد دونه ، إن شرط مولاه الانفراد برقّ الولد ، وإلّا كانت على السيدين نصفين ، لأن العبد لا يجب عليه نفقة قريبه ، وعلى الثاني يجب على العبد ، ومحلها كسبه ، أو رقبة ، أو ذمة سيده على اختلاف الأقوال في ذلك.

(ج) إذا تزوّج عبد بحرّة ، فعلى الأوّل يجب على امّه ، لكونها حرة يجب عليها نفقة

__________________

(١) التهذيب : ج ٨ (٦) باب عدد النساء ، ص ١٥٢ الحديث ١٢٥.

(٢) المبسوط : ج ٦ ، كتاب النفقات ، ص ٢٨ س ١٥ قال : والثاني النفقة للحمل ، وهو أقواهما عندي ، بدليل إلخ.

٤٣٤

وأمّا القرابة : فالنفقة على الأبوين والأولاد لازمة. وفيمن علا من الآباء والأمهات تردّد ، أشبهه اللزوم. ولا تجب على غيرهم من الأقارب ، بل تستحب ، وتتأكّد في الوارث. ويشترط في الوجوب الفقر والعجز عن الاكتساب. ولا تقدير في النفقة ، بل يجب بذل الكفاية من الطعام والكسوة والمسكن. ونفقة الولد على الأب ، ومع عدمه أو فقره فعلى أب الأب وإن علا مرتبا ، ومع عدمهم تجب على الأم وآبائها الأقرب فالأقرب. ولا تقضى نفقة الأقارب لو فاتت.

______________________________________________________

ولدها ، وسقوطها عن الأب برقّه ، وعلى الثاني يجب على الأب (العبد خ ل) ومحلها ما تقدّم.

(د) المعتدة عن وطء الشبهة مع الحمل يجب لها الإنفاق على الأوّل ، للحوق الولد به ، دون الثاني لأنّ المستحق لها المطلّقة البائنة ، لا مطلق البائنات.

(ه) لو لا عن الحامل ثمَّ اعترف بالحمل ، وجب الإنفاق على الأوّل دون الثاني ، لما قلناه.

(و) لو تزوّج حرّ بأمة وشرط مولاها رقّ الولد ، فعلى الأوّل النفقة على سيدها ، وعلى الثاني على الزوج.

(ز) لو تزوّج عبده بحرّة وشرط مولاه رقّ الولد ، فعلى الأوّل النفقة على سيد العبد وعلى الثاني في كسبه.

(ح) لو طلّق الناشز رجعيا ، أو نشزت في العدّة ، كما لو سافرت بغير إذنه ، سقطت نفقتها ، ولو كانت حاملا وقلنا النفقة للحمل لم يسقط.

(ط) لا يجب فطرتها على الأوّل ، لعدم وجوبها على الجنين ، وتجب على الثاني ، لوجوبها عن زوجة يجب لها الإنفاق.

قال طاب ثراه : وفي من علا من الآباء والأمهات تردّد ، أشبهه اللزوم.

٤٣٥

وأمّا المملوك فنفقته واجبة على مولاه ، وكذا الأمة ، ويرجع في قدر النفقة إلى عادة مماليك أمثال المولى. ويجوز مخارجة المملوك على شي‌ء ، فما فضل يكون له ، فإن كفاه ، وإلّا أتمه المولى. وتجب النفقة على البهائم المملوكة ، فإن امتنع مالكها اجبر على بيعها ، أو ذبحها إن كانت مقصودة بالذبح.

______________________________________________________

أقول : التردّد من المصنف رحمه الله ، ومنشأ تردّده أنّ أب الأب هل يطلق عليه اسم الأب حقيقة أم لا؟ والثاني هو الوضع اللغوي ، والأصل عدم النقل وبراءة الذّمة من وجوب الإنفاق إلّا في موضع اليقين ، والأوّل مذهب السيد (١) والمشهور بين الأصحاب وجوب الإنفاق ، ولا أعرف فيه مخالفا.

__________________

(١) الناصريات من الجوامع الفقهية : كتاب الفرائض ، المسألة الحادية والتسعون والمائة ، ص ٢٢٢ س ١ في مسألة عدم ارث الجد مع الولد ولا ولد الولد وهم أولاد على الحقيقة ، قال : فان قيل : إذا كان أولاد ولد الميت وان سفلوا أولادا على الحقيقة ، فيجب أن يكون الجد أبا على الحقيقة إلى قوله : قلنا : لو تركنا والظاهر لحكمنا بان قوله (ولأبويه) يقع على الآباء والأجداد لكن اجتمعت الأمة الى آخره.

* * *

كتب في آخر النسخة المعتمدة ما لفظه :

ثمَّ الجزء الأوّل من المهذب ، ويتلوه في الثاني كتاب الطلاق على يد مصنّفه أحمد بن فهد أدام الله ظلاله ، والحمد لله رب العالمين وصلّى الله على سيد المرسلين محمّد وآله أجمعين ، آمين يا رب العالمين : وقع الفراغ في رابع والعشرين من صفر ختم الله بالخير والظفر على يد العبد الفقير المذنب الراجي إلى رحمة ربه على بن رستم الهمداني ، عفى الله عنه.

وكتب في هامش الصفحة ما لفظه : أنهاه أيده الله في مجالس متعددة ، آخرها سلخ شوال ختم بالإقبال من سنة خمس وثلاثين وثمانمائة قراءة ، وبحثا ، وشرحا ، وفهما ، وكتب أضعف العباد أحمد بن محمّد بن فهد مؤلف اللباب ، والحمد لله وحده ، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله.

* * *

٤٣٦
٤٣٧

كتاب الطلاق

٤٣٨
٤٣٩

بِسْمِ الله الرّحمنِ الرّحِيم

كتاب الطلاق

______________________________________________________

مقدّمة : الطلاق إزالة قيد النكاح بقوله : (أنت) أو ما شاكله (طالق).

وجوازه ثابت بالكتاب والسنة والإجماع.

روى عروة عن قتادة قال : كان الطلاق في صدر الإسلام بغير عدد ، وكان الرجل بطلق امرأته ما شاء من واحد إلى عشرة ، ويراجعها في العدة ، فنزل قوله تعالى (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) (١) فبيّن أن الطلاق ثلاث ، فقوله (مرّتان) إخبار عن طلقتين ، واختلفوا في الثالثة ، فقال ابن عباس : (أو تسريح بإحسان) وقال بعض التابعين (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) (٢).

وهو الذي قواه الشيخ (٣).

وقال تعالى (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) (٤) أى تصل عدتهن في طهر لم يجامعها فيه إذا كانت مدخولا بها.

واما السنة : فروى أنه صلّى الله عليه وآله طلق زوجته حفصة ثمَّ راجعها ...

__________________

(١) البقرة : ٢٢٩.

(٢) البقرة : ٢٣٠.

(٣) المبسوط : ج ٥ ص ٢ س ٩ قال بعد نقل قول بعض التابعين : وهو الأقوى.

(٤) الطلاق : ١.

٤٤٠