المهذّب البارع - ج ٣

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

مسائل سبع

الأولى : التساوي في الإسلام شرط في صحة العقد وهل يشترط التساوي في الإيمان؟ الأظهر : لا ، لكنه يستحب ويتأكد في المؤمنة نعم لا يصح نكاح الناصب ولا الناصبة بالعداوة لأهل البيت عليهم السّلام.

______________________________________________________

المصنف (١) والعلامة (٢) وفخر المحققين (٣) لضعف سند الرواية ، فإن عمار فطحي.

قال طاب ثراه : وهل يشترط التساوي في الإيمان؟ الأظهر : لا ، لكنه يستحب ويتأكد في المؤمنة.

أقول : مذهب المصنف الاكتفاء بالإسلام ، فيجوز تزويج المؤمنة بالمخالف عنده على كراهية ، وهو مذهب ابن حمزة (٤) وظاهر المفيد (٥) وأبي علي (٦) ونقل عن عماد

__________________

(١) لا حظ عبارة النافع.

(٢) المختلف : في نكاح الإماء والمماليك ص ٢٣ س ٢٥ قال بعد الطعن في الرواية : نمنع المساواة في الحكم بين الارتداد والإباق.

(٣) الإيضاح : ج ٣ ، المطلب الخامس في النفقة ص ١٢٤ س ٢ قال : فالأولى الاعتماد على الأصل وهو البقاء.

(٤) الوسيلة : كتاب النكاح ص ٢٩١ س ٣ قال : ويكره أن يزوّج كريمته من خمسة : من المستضعف المخالف الّا مضطرا إلخ.

(٥) المقنعة : ص ٧٨ باب الكفاية في النكاح قال : والمسلمون الأحرار يتكافئون بالإسلام والحرية في النكاح الى ان قال : فالمسلم إذا كان واجدا طولا الى قوله : فهو كفو في النكاح إلخ.

(٦) المختلف : الفصل السابع في لواحق النكاح ص ٢٥ س ٦ قال : وقال ابن الجنيد : والإسلام جامع وأهلوه اخوة إلخ.

٣٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

الدين الطبرسي (١) وقال الشيخ في المبسوط : يعتبر الايمان (٢) وبه قال الراوندي (٣) وابن إدريس (٤) وهو مذهب العلامة (٥) وفخر المحققين (٦).

احتج الأوّلون بعموم الآية وبما رواه محمّد بن الفضيل الهاشمي قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : الكفو أن يكون عفيفا وعنده يسار (٧).

ومثلها رواية محمّد بن الفضيل عمّن ذكره عن أبي عبد الله عليه السّلام : الكفو أن يكون عفيفا وعنده يسار (٨).

احتج الآخرون بما رواه عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السّلام : ولا يتزوج المستضعف مؤمنة (٩).

وفي رواية زرارة عنه عليه السّلام قال : إنّ العارفة لا توضع إلّا عند عارف (١٠).

__________________

(١) مجمع البيان : قال في تفسيره لآية ٣٢ من سورة النور ص ١٤٠ ما لفظه : وقيل : ان معنى الصلاح ها هنا الايمان.

(٢) المبسوط : ج ٤ كتاب النكاح ص ١٧٨ س ١٥ قال : الكفاءة معتبرة بلا خلاف في النكاح ، وعندنا هي الإيمان إلخ.

(٣) فقه القرآن : ج ٢ باب ضروب النكاح ص ٩٤ س ١٨ قال : واما شرائط الأنكحة إلى قوله : وكون المتعاقدين متكافئين في الدين إلخ.

(٤) السرائر : باب الكفاءة في النكاح ص ٢٩٥ س ٤ قال : فعندنا أن الكفاءة المعتبرة في النكاح أمران الإيمان واليسار بقدر ما يقوم بأمرها إلخ.

(٥) و (٦) القواعد : المطلب الرابع : الكفاءة معتبرة في النكاح ، والمراد بها التساوي في الإسلام والإيمان إلخ وأورده في الإيضاح : ج ٣ ص ٢١ وارتضاه ولم يعلق عليه.

(٧) التهذيب : ج ٧ (٣٣) باب الكفاءة في النكاح ص ٣٩٤ الحديث ٣

(٨) التهذيب : ج ٧ (٣٣) باب الكفاءة في النكاح ص ٣٩٤ الحديث ١.

(٩) الكافي : ج ٥ باب مناكحة النصّاب والشّكاك ص ٣٤٩ قطعة من حديث ٨.

(١٠) الكافي : ج ٥ باب مناكحة النصّاب والشكّاك ص ٣٥٠ قطعة من حديث ١١ والراوي الفضيل بن يسار.

٣٠٢

ولا يشترط تمكن الزوج من النفقة ، ولا يتخيّر الزوجة لو تجدّد العجز عن الإنفاق ويجوز نكاح الحرة العبد ، والهاشمية غير الهاشمي ، والعربية العجمي ، وبالعكس.

______________________________________________________

وسئل الصادق عليه السّلام عن امرأة مؤمنة عارفة ، وليس بالموضع أحد على دينها ، هل تتزوّج منهم؟ قال : لا تتزوّج إلّا من كان على دينها ، وأنتم فلا بأس أن تتزوّج الرجل منكم المستضعفة البلهاء ، وأما الناصبة بنت الناصبة فلا ولا كرامة لأن المرأة البلهاء المستضعفة تأخذ من أدب زوجها ، ويردّها إلى ما هو عليه (١).

قال طاب ثراه : ولا يشترط تمكّن الزّوجة من النفقة «الإنفاق خ ل» ولا يتخير المرأة لو تجدد العجز عن الإنفاق.

أقول : هنا مسألتان :

الأولى : هل يشترط تمكّن الزوج من النفقة ابتداء أم لا؟

قيل فيه ثلاثة أقوال :

(أ) نعم ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط (٢) ولعله نظر الى مشابهة العقد للمعاوضة ولهذا تسقط نفقتها لو أخلت بالتمكين ، ولو أرادت منعه بالكلية كرها له ، شرّع لها الخلع بعوض يرضى ببذله بالغا ما بلغ ، وسمّي فدية ، ولا تملك الرجوع إلّا مع رجوعها ، فكان معاوضة من هذه الوجوه ، ومع عجز المتعاوضين يفسد المعاوضة ،

__________________

(١) دعائم الإسلام : ج ٢ ص ١٩٩ الحديث ٧٣٢ والحديث عن أبي جعفر عليه السّلام ، وتمام الحديث (فتزوّجوا إن شئتم في الشكاك ، ولا تزوجوهم ، فأما أهل النصب لأهل بيت محمّد والعداوة لهم المباينين بذلك المعروفين به الذين ينتحلونه دنيا فلا تخالطوهم ولا توادّوهم ولا تنكاحوهم) مع اختلاف.

(٢) المبسوط : ج ٤ كتاب النكاح ص ١٧٩ س ٨ قال : واليسار عندنا شرط ، وحده ما امكنه معه القيام بنفقتها إلخ.

٣٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

كبيع الآبق وما لا ينتفع به.

(ب) لا يشترط ، لكن للمرأة خيار الفسخ مع عدم يساره بنفقتها إذا لم يعلم حالة العقد ، وهو اختيار ابن إدريس (١) ، لقوله تعالى «فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ» (٢) والإمساك مع تعذر الإنفاق ، ليس بإمساك بمعروف ، فتعين التسريح.

(ج) لا يشترط ، وليس للمرأة الخيار ، لقوله تعالى «وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ» (٣) ومع تسلط المرأة على الفسخ ينتفي فائدة الأمر هنا.

ولقوله عليه السّلام : إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه (٤).

سأله رجل فقال : لمن نزوّج؟ قال : الأكفاء ، قال : يا رسول الله صلّى الله عليه وآله من الأكفاء؟ قال : المؤمنون بعضهم أكفاء بعض (٥) فلو اشترط مع الإيمان في الكفاءة شرط آخر ، لكان الإيمان أعم ، ولا يجوز التعريف بالأعم ، بل بالمساوي في العموم والخصوص ، واختاره المصنف (٦) والعلامة (٧) وفخر المحققين (٨).

__________________

(١) السرائر : باب الكفاءة في النكاح ص ٢٩٥ س ٥ قال : والأولى أن يقال : إنّ اليسار ليس بشرط في صحة العقد ، وانما للمرأة الخيار إذا لم يكن موسرا بنفقتها إلخ.

(٢) البقرة : ٢٢٩.

(٣) النور : ٣٢.

(٤) التهذيب : ج ٧ (٣٣) باب الكفاءة في النكاح ص ٣٩٤ قطعة من حديث ٢ وص ٣٩٥ الحديث ٤ وص ٣٩٦ الحديث ٨ و ١٠.

(٥) التهذيب : ج ٧ (٣٣) باب الكفاءة في النكاح ص ٣٩٨ قطعة من حديث ١٢.

(٦) لا حظ عبارة النافع.

(٧) القواعد : المطلب الرابع الكفاءة ص ٦ س ٢٣ قال : وهل التمكن من النفقة شرط؟ قيل : نعم ، والأقرب العدم.

(٨) الإيضاح : ج ٣ في الكفاءة ص ٢٣ س ١٦ قال : والأصح عندي اختيار والدي.

٣٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الثانية : لو تجدّد العجز عن الإنفاق ، هل لها الفسخ؟

فنقول : على القول بالاشتراط ابتداء ، أو ثبوت الخيار ، يتسلط على الفسخ مع تجدّد العجز ، لفقدان الشرط ، وحصول الضرر بالصبر ، وقال تعالى «وَلا تُضآرُّوهُنَّ» (١) وعلى القول بعدمه ، هل يفسخ مع تجدّده؟ قال ابن الجنيد : نعم (٢) ، لأنّه ضرر عظيم على المرأة ، وهو منفيّ بالآية (٣) ، واختاره العلامة في المختلف (٤) دفعا للضرر الحاصل بها ، لاحتياجها إلى المؤنة ، وتحريم تزويجها بغيره ، ونقل ابن إدريس عن بعض أصحابنا ، ونقل المصنف عن بعض علمائنا : أن للحاكم أن ببينها (٥) (٦).

ولعلّ مستنده رواية ربعي والفضيل بن يسار جميعا عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : إن أنفق عليها ما تقيم حياتها مع كسوة ، وإلّا فرق بينهما (٧).

والمشهور عدم الفسخ ، لأصالة البقاء ، ولعموم قوله تعالى «وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ» (٨).

__________________

(١) الطلاق : ٦.

(٢) المختلف : الفصل الثامن في النفقات ، ص ٣١ قال : مسألة المشهور أنه لا خيار للزوجة في الفسخ بالإعسار من النفقة الى ان قال : وقال ابن الجنيد : بالخيار.

(٣) اى قوله تعالى (وَلا تُضآرُّوهُنَّ).

(٤) المختلف : الفصل الثامن في النفقات ، ص ٣١ س ١٤ قال بعد الجواب عن المعارض : بل نقول بالخيار في الفسخ ، ونحن في ذلك من المتوقفين.

(٥) لم أعثر عليه في كلام ابن إدريس.

(٦) الشرائع : في نفقة الأقارب ، الرابعة قال : إذا دافع بالنفقة الواجبة أجبره الحاكم ، فان امتنع حبسه إلخ. وليس فيه كلمة البينونة فلا حظ وتأمّل.

(٧) الفقيه : ج ٣ (١٣١) باب حق المرأة على الزوج ص ٢٧٩ الحديث ٦ وفيه (ما يقيم ظهرها) بدل (ما يقم حياتها).

(٨) البقرة : ٢٨٠.

٣٠٥

وإذا خطب المؤمن القادر على النفقة وجب إجابته ، وإن كان أخفض نسبا ، وإن منعه الوليّ كان عاصيا.

ويكره أن يزوّج الفاسق ، ويتأكّد في شارب الخمر ، وأن تزوّج المؤمن المخالف ولا بأس بالمستضعف والمستضعفة ومن لا يعرف بعناد.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ولو خطب المؤمن القادر على النفقة وجب إجابته وإن كان أخفض نسبا وان منعه الوليّ كان عاصيا.

أقول : ذكر محمّد بن يعقوب في كتابه مرفوعا إلى علي بن مهزيار قال : كتب علي بن أسباط إلى أبي جعفر عليه السّلام في أمر بناته ، فإنه لا يجد أحدا مثله ، فكتب إليه أبو جعفر عليه السّلام : فهمت ما ذكرت من أمر بناتك وإنك لا تجد أحدا مثلك ، فلا تنظر في ذلك يرحمك الله ، فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه ، فزوّجوه ، (إِلّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ) (١).

وعن علي بن الحكم عن أبان عن رجل عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : الكفو أن يكون عفيفا وعنده يسار (٢).

قال العلامة : إلّا للعدول إلى الأعلى (٣) (٤).

والأولى يفسد ذلك بكونه منتفيا ، أو مع رضاها ، والّا فالأولى تزويجه إذا جمع

__________________

(١) الكافي : ج ٥ باب أخر منه ص ٣٤٧ الحديث ٢.

(٢) الكافي : ج ٥ باب الكفو ص ٣٤٧ الحديث ١.

(٣) القواعد : المطلب الرابع الكفاءة ص ٦ س ٢٥ قال : ولو امتنع الولي كان عاصيا الّا للعدول إلى الأعلى.

(٤) قال في جامع المقاصد : ج ٢ في الكفاءة ص ٣١٠ بعد نقل ما عن العلامة : بناء على القول بأن للأب أو الجد ولاية على البكر البالغ الرشيدة. ثمَّ قال : ولو أراد الولي العدول على الأعلى من المخاطب لم يكن عاصيا بالتأخير.

٣٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الوصفين ، ولا يضرّه خفاضة نسبه وفقره مع صلاحه.

قال الصادق عليه السّلام : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله زوّج مقداد بن الأسود ضباعة (١) بنت الزبير بن عبد المطلب ، ثمَّ قال : إنما زوجتها بالمقداد لتتّضع المناكح ، وليتأسّوا برسول الله صلّى الله عليه وآله ، ولتعلموا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ، وكان الزبير أخا عبد الله وأبي طالب لأبيهما وأمّهما (٢) (٣).

ويكره تزويج الفاسق ، ويتأكّد شارب الخمر.

لقوله عليه السّلام : الكفو أن يكون عفيفا (٤).

ولقوله عليه السّلام : من زوّج كريمته من شارب الخمر فقد قطع رحمها (٥).

وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : شارب الخمر لا يزوّج إذا خطب (٦).

وروى زرارة بن أعين عن الصادق عليه السّلام قال : تزوّجوا في الشّكاك ولا تزوّجوهم فإنّ المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها على دينه (٧).

وروى محمّد بن يعقوب مرفوعا إلى الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : إنّ لامرأتي أختا عارفة على رأينا ، وليس على رأينا بالبصرة إلّا قليل ،

__________________

(١) وفي رواية أخرى (ضبيعة) مصغرا.

(٢) بيان ضباعة بالضاد المعجمة وبالباء الموحدة والعين المهملة ، و (يتضع) من الاتضاع ضد الارتفاع (وافي كتاب النكاح باب الكفاءة ص ١٨).

(٣) الكافي : ج ٥ ، باب آخر منه (من أبواب انّ المؤمن كفو المؤمن) ص ٣٤٤ الحديث ٢.

(٤) تقدم في حديث علي بن الحكم ، وأيضا التهذيب : ج ٧ (٣٣) باب الكفاءة في النكاح ص ٣٩٤ الحديث ١ و ٣.

(٥) الكافي : ج ٥ باب كراهية أن ينكح شارب الخمر ، ص ٣٤٧ الحديث ١.

(٦) الكافي : ج ٥ باب كراهية أن ينكح شارب الخمر ، ص ٣٤٨ الحديث ٢.

(٧) الكافي : ج ٥ باب مناكحة النّصاب والشكاك ص ٣٤٩ الحديث ٥ ومثله الحديث ١ من تلك الباب عن أبي بصير.

٣٠٧

الثانية : إذا انتسب إلى قبيلة وبان من غيرها ، ففي رواية الحلبي تفسخ النكاح.

______________________________________________________

فأزوّجها ممن لا يرى رأيها؟ قال : لا ، ولا نعمة ولا كرامة ، إن الله عزّ وجلّ يقول :

«فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ» (١) (٢).

وفي هذه الرواية نصرة لمذهب العلامة (٣) وإيماء إلى مذهب علم الهدى رحمه الله (٤).

وروى جميل بن دراج عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام : إنى لأخشى أن لا يحلّ لي ، من ان أتزوّج على من لم يكن من أمري؟ فقال : ما يمنعك من البله من النساء؟ قلت : وما البله؟ قال : هنّ المستضعفات اللاتي لا ينصبن ولا يعرفن ما أنتم عليه (٥).

قال طاب ثراه : إذا انتسب الى قبيلة وبان من غيرها ، ففي رواية الحلبي تفسخ النكاح.

أقول : قال الشيخ في النهاية : إذا انتمى الرجل إلى قبيلة وتزوّج ، فوجد على خلاف ذلك ، بطل التزويج (٦) وبه قال ابن حمزة (٧) وأبو علي (٨) وجعله القاضي رواية (٩)

__________________

(١) الممتحنة : ١٠.

(٢) الكافي : ج ٥ باب مناكحة النصاب والشكاك ص ٣٤٩ الحديث ٦.

(٣) في هامش بعض النسخ ما لفظه (في انه يشترط التساوي في الايمان).

(٤) في هامش بعض النسخ ما لفظه (لأنه يقول بكفرهم وتنجيسهم وهذه الرواية دالة على ذلك).

(٥) الكافي : ج ٥ باب مناكحة النصاب والشكاك ص ٣٤٩ الحديث ٧.

(٦) النهاية : باب التدليس في النكاح ص ٤٨٩ س ١ قال : وإذا انتمى رجل الى قبيلة بعينها إلخ.

(٧) الوسيلة : فصل في بيان العيب المؤثر في فسخ العقد ص ٣١١ س ١٩ قال : وانتساب إلى قبيلة معينة وقد بان خلافه.

(٨) المختلف : الفصل الرابع في العيوب ص ٤ س ٢٥ قال بعد نقل قول الشيخ : واختاره ابن الجنيد.

(٩) المهذب : ج ٢ ، باب التدليس في النكاح ص ٢٣٩ س ٢ قال : وقد روي أن الرّجل إذا ادعى إلخ.

٣٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال في المبسوط : الأقوى انه لا خيار لها ، ومن الناس من قال : الخيار لها ، وقد روي ذلك في أخبارنا (١) ، وقال ابن إدريس : ليس لها الفسخ ، لأصالة بقاء العقد ولزومه ، ولقوله تعالى «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (٢) ثمَّ قال : ويردّ من حيث التدليس بالشرط ، وفرق بين التدليس والعيب ، فانّ العيب يردّ به وإن لم يشترط السلامة منه في حالة العقد ، بل بمجرد العقد يردّ النكاح بعيب الخلقة ، وأمّا التدليس فاذا شرط في نفس العقد وخرج بخلافه فإنه يردّ به النكاح (٣) وقال المصنف في الشرائع : لا يفسخ به (٤) واختاره العلامة في القواعد (٥) وقال في المختلف : إذا انتسب الى قبيلة فبان أدنى منها بحيث لا يلائم شرف المرأة كان لها الخيار في الفسخ ، محتجّا بصحيحة الحلبي في رجل يتزوج المرأة فيقول : أنا من بني فلان ، فلا يكون كذلك؟ قال : يفسخ النكاح ، أو قال : ترد النكاح (٦) (٧) وقال فخر المحققين : لها الفسخ إن شرط في نفس عقد النكاح وإلّا فلا (٨).

__________________

(١) المبسوط : ج ٤ ص ١٨٩ س ١ قال : وان كان الغرور بالنسب إلى أن قال : فالأقوى انه لا خيار لها ، وفي الناس من قال لها الخيار وقد روي ذلك في أخبارنا.

(٢) المائدة : ١.

(٣) السرائر : باب العيوب والتدليس في النكاح ص ٣٠٨ س ٣٧ قال : والأظهر أنه لا يفسخ بذلك النكاح الى أن قال : الّا ان هذا وان لم يكن عيبا فإنه يردّ به لأنه تدليس إلخ.

(٤) الشرائع : (الأولى الكفاءة) قال : ولو انتسب الزوج إلى قبيلة الى قوله : وليس لها وهو أشبه.

(٥) القواعد : المطلب الرابع الكفاءة ص ٧ س ١ قال : ولو انتسب الى قبيلة فبان من غيرها ، فالأقرب انتفاء الفسخ.

(٦) التهذيب : ج ٧ (٣٨) باب التدليس في النكاح ، ص ٤٣٢ قطعة من حديث ٣٥.

(٧) المختلف : في العيوب والتدليس ص ٤ س ٣٣ قال : والأقرب أنه إذا انتسب الى قبيلة فبان أدنى منها إلخ.

(٨) الإيضاح : ج ٣ المطلب الرابع في الكفاءة ص ٢٥ س ١٦ قال : والأقوى عندي أنه لا فسخ إن لم يشترط في نفس العقد.

٣٠٩

الثالثة : إذا تزوّج امرأة ثمَّ علم أنها كانت قد زنت ، فليس له الفسخ ، ولا الرجوع على الولي بالمهر ، وفي رواية لها الصداق بما استحلّ من فرجها ويرجع به على الوليّ ، وان شاء تركها.

______________________________________________________

فقد انشعبت المسألة إلى أربعة مذاهب :

(أ) الفسخ مطلقا ، قاله في النهاية.

(ب) عدمه مطلقا ، قاله في المبسوط.

(ج) الفسخ إن كان شرفها لا يلائم نسبه ، قاله العلامة في المختلف.

(د) الفسخ إن شرط في متن العقد وإلّا فلا ، قاله فخر المحققين.

ووجه قول العلامة وولده الجمع بين القولين المتقدّمين.

فرعان

(أ) لو انتسب إلى صناعة ، هل يكون الحكم فيه كالقبيلة؟ قال ابن الجنيد : نعم (١).

(ب) هل هذا الحكم مشترك بين الرجل والمرأة؟ نص عليه أبو علي (٢) وتبعه ابن حمزة (٣) ولم يتعرّض لها الباقون.

قال طاب ثراه : إذا تزوّج امرأة ثمَّ علم انها كانت زنت ، فليس له الفسخ ، ولا الرجوع على الولي بالمهر ، وفي رواية لها الصداق بما استحل من فرجها ، ويرجع به على الوليّ ، وان شاء تركها.

__________________

(١) و (٢) المختلف : في العيوب والتدليس ص ٤ قال : مسألة ، قال ابن الجنيد : ولو نسب أحد الزوجين الى نسب أو صناعة ولم يكن كذلك كان النكاح منفسخا ان لم يرضه الآخر إلخ.

(٣) الوسيلة : فصل في بيان العيب المؤثر في فسخ العقد ، ص ٣١١ س ١٨ قال : وما يعمّهما (أي الرجل والمرأة) إلى قوله : وانتساب إلى قبيلة معيّنة ، أو أب بعينه وقد بان بخلاف ذلك.

٣١٠

الرابعة : لا يجوز التعريض بالخطبة لذات العدّة الرجعية ، ويجوز في غيرها ، ويحرم التصريح في الحالين.

الخامسة : إذا خطب فأجابت كره لغيره خطبتها ، ولا تحرم.

السادسة : نكاح الشغار باطل ، وهو أن تتزوّج امرأتان برجلين ، على أنّ مهر كل واحدة نكاح الأخرى.

السابعة : يكره العقد على القابلة المربية وبنتها ، وان يزوّج ابنه بنت زوجته إذا ولدتها بعد مفارقته لها ، ولا بأس بمن ولدتها قبل ذلك ، وأن يتزوّج بمن كانت ضرة لأمّه مع غير أبيه ، ويكره الزانية قبل ان تتوب.

______________________________________________________

أقول : العلم الحاصل للزوج قد يكون سببه التواتر ، أو المشاهدة ، أو قول المعصوم ، ويقوم مقامه الظن الشرعي كقيام البيّنة ، أو إخبار حاكم ، وهل يفسخ به النكاح؟ فيه أقوال :

(أ) ثبوت الخيار للزوج سواء أحدث فيه أو لا قاله الصدوق (١) وأبو علي (٢) وزاد ثبوته للمرأة بزنا الرجل واثبت به الخيار ، وإن حدث بعد العقد ، لاشتماله على العار.

ولرواية عبد الرحمن بن ابي عبد الله عن ابي عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن امرأة تزوّج ، فعلم بعد ما تزوّجها انها قد زنت قال : إن شاء زوجها أخذ الصداق ممّن زوّجها ، ولها الصداق بما استحلّ من فرجها ، وان شاء تركها (٣).

__________________

(١) المقنع : باب بدء النكاح ص ١٠٩ س ٥ قال : وإذا زنت المرأة قبل دخول الرجل بها فرق بينهما إلخ.

(٢) المختلف : في العيوب ص ٦ قال : مسألة ، قال ابن الجنيد : الزنا قبل العقد وبعده يرد به النكاح إلخ.

(٣) التهذيب : ج ٧ (٣٨) باب التدليس في النكاح ص ٤٢٥ قطعة من حديث ٩.

٣١١

.................................................................................................

______________________________________________________

(ب) ثبوت الخيار في المحدودة قاله المفيد (١) وتلميذه (٢) والتقي (٣) والقاضي (٤).

(ج) لا خيار في فسخ النكاح ، بل للزوج الرجوع على الوليّ بالمهر ، لتدليسه ، قاله في النهاية (٥) واختاره ابن إدريس (٦).

(د) لا خيار ولا رجوع ، وهو اختيار المصنف (٧) والعلامة (٨) ، أما نفي الخيار فلأصالة صحة العقد ، وعموم قوله تعالى «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (٩) ولصحيحة الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال : إنما يردّ النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل (١٠) وإنما للحصر.

__________________

(١) المقنعة : باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ص ٧٧ س ٢١ قال : وإذا كان للرجل امرأة ففجرت الى قوله : كان بالخيار إلخ وقال في باب التدليس في النكاح ص ٨٠ س ٥ : وترد البرصاء الى قوله : والمحدودة في الفجور.

(٢) المراسم : ذكر شرائط الأنكحة ص ١٥٠ س ١٨ قال : ويردّ العميا الى قوله : والمحدودة في الفجور.

(٣) الكافي : النكاح ، الضرب الأول من الأحكام ص ٢٩٥ س ١٤ قال : وإذا تزوّج الى قوله : أو محدودة ، كان له ردّها إلخ.

(٤) المهذب : ج ٢ باب التدليس في النكاح ص ٢٣١ س ١٤ قال : وامّا ما يختص المرأة إلى قوله : وكونها محدودة في الزنا.

(٥) النهاية : باب التدليس في النكاح ص ٤٨٦ س ٧ قال : والمحدودة في الزنا لا تردّ الى أن قال : الّا أن له أن يرجع على وليّها إلخ.

(٦) السرائر : باب العيوب والتدليس في النكاح ص ٢٠٩ س ١٢ قال : والذي يقوى في نفسي ان المحدودة لا تردّ بل يرجع إلخ.

(٧) لاحظ عبارة النافع.

(٨) المختلف : في العيوب والتدليس ص ٢ س ١٠ قال : والأقرب عندي عدم الردّ به إلخ.

(٩) المائدة : ١.

(١٠) التهذيب : ج ٧ (٣٨) باب التدليس في النكاح ، ص ٤٢٤ حديث ٤.

٣١٢

القسم الثاني : في النكاح المنقطع

والنظر في أركانه وأحكامه :

وأركانه أربعة :

الأوّل : الصيغة وهو ينعقد بأحد الألفاظ الثلاثة خاصة ، وقال علم الهدى : ينعقد في الإماء بلفظ الإباحة والتحليل.

______________________________________________________

وصريح رواية رفاعة بن موسى عن الصادق عليه السّلام أنه سأله عن المحدودة ، هل ترد من النكاح؟ قال : لا (١).

وأما عدم الرجوع بالمهر ، فلأنّ التضمين وعدم الفسخ ممّا لا يجتمعان ، لأنّ الرجوع على الوليّ بالمهر لمكان تدليسه إيّاها ، إن كان ذلك نقصا ثبت معه الرجوع وخيار الفسخ ، وإن لم يكن نقصا لم توجب الرجوع.

القسم الثاني في النكاح المنقطع

قال طاب ثراه : وهو ينعقد بأحد الألفاظ الثلاثة خاصّة ، وقال علم الهدى : ينعقد في الإماء بلفظ الإباحة والتحليل.

أقول : قول السيد هنا مبنى على مسألتين :

(أ) انعقاد التحليل بلفظ الإباحة.

(ب) ان التحليل عقد متعة.

وحينئذ لا يكون عقد المتعة في الإماء منحصرا في الصيغ الثلاث ، بل هناك

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٣٨) باب التدليس في النكاح ص ٤٢٤ قطعة من حديث ٨.

٣١٣

الثاني : الزوجة ، ويشترط كونها مسلمة أو كتابية ، ولا يصح بالمشركة والناصبة.

ويستحب اختيار المؤمنة العفيفة ، وأن يسألها عن حالها مع التهمة ، وليس شرطا ويكره بالزانية وليس شرطا ، وأن يستمتع ببكر ليس لها أب ، فإن فعل فلا يفتضّها ، وليس محرّما ولا حصر في عددهنّ.

ويحرم أن يستمتع أمة على حرة إلّا بإذنها ، وأن يدخل على المرأة بنت أخيها أو بنت أختها ما لم تأذن.

الثالث : المهر وذكره شرط ، ويكفي فيه المشاهدة ، ويقتدر بالتراضي ولو بكف من برّ ولو لم يدخل ووهبها المدة فلها النصف ، ويرجع بالنصف عليها لو كان دفع المهر ، وإذا دخل استقر المهر تماما ، ولو أخلّت بشي‌ء من المدّة قاصّها ، ولو بان فساد العقد فلا مهر إن لم يدخل

______________________________________________________

لفظان آخران ينعقد بهما المتعة ، هما الإباحة والتحليل (١).

وأما على القول بأن التحليل ليس عقد متعة ، بل هو تمليك منفعة ، فإنّ عقد المتعة يكون منحصرا في الصيغ الثلاث ، وإن قلنا : أنّه عقد متعة ، وقلنا بعدم وقوعه بلفظ الإباحة كمذهب الشيخ (٢) كان عقد المتعة في الإماء منحصرا في أربع صيغ ، في الثلاث مع التحليل وعلى قول السيد في خمس.

__________________

(١) المختلف : في نكاح الإماء ص ١٩ قال : مسألة ، نقل ابن إدريس عن السيد المرتضى في الانتصار أن تحليل المالك جاريته لغيره عقد ، والتحليل والإباحة عبارة عنه إلخ.

(٢) المبسوط : ج ٤ فصل في نكاح المتعة وتحليل الجارية ص ٢٤٦ س ٨ قال : وأما تحليل الإنسان جاريته لغيره من غير عقد ، مدة فهو جائز عند أكثر أصحابنا إلخ.

٣١٤

ولو دخل فلها ما أخذت وتمنع ما بقي ، والوجه أنها تستوفيه مع جهالتها ، ويستعاد منها مع علمها ، ولو قيل بمهر المثل مع الدخول وجهلها كان حسنا.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ولو دخل فلها ما أخذت وتمنع ما بقي ، والوجه انها تستوفيه مع جهالتها ويستعاد منها مع علمها ، ولو قيل بمهر المثل مع الدخول وجهلها كان حسنا.

أقول : إذا بان فساد العقد ، إمّا بأن ظهر لها زوج ، أو ظهرت أمّ زوجته ، أو بنتها ، أو أختها ، فإن كان قبل الدخول بها فلا شي‌ء ، وإن كان بعده. قال الشيخ في النهاية : كان لها ما أخذت ولا يلزمه أن يعطيها ما بقي عليه (١) وقال ابن إدريس : كان ما أخذت حراما عليها (٢) قال المصنف : والوجه أنها إن كانت عالمة لم يكن عليها شي‌ء ، لكونها بغيّا ولا مهر للبغيّ ، ويستعاد منها ما أخذت ، وإن كانت جاهلة كان لها المهر أجمع بما استحلّ من فرجها (٣) وبه قال العلامة (٤) والمصنف في الشرائع (٥) واستحسن في النافع بوجوب مهر المثل (٦) وهو المعتمد لبطلان العقد ، فلا يتعيّن ما ذكر فيه.

__________________

(١) النهاية : باب المتعة وأحكامها ص ٤٩١ س ٩ قال : فان تبيّن بعد الدخول بها ان لها زوجا كان لها ما أخذت منه إلخ.

(٢) السرائر : باب النكاح المؤجل ص ٣١١ س ٣٧ قال : فان تبيّن له بعد الدخول بها ان لها زوجا ، أو هي في عدة لا يلزمه ان يعطها شيئا وكان ما أخذت منه حراما عليها.

(٣) لا حظ عبارة النافع.

(٤) المختلف : في نكاح المتعة ص ١٣ س ١٢ قال : والتحقيق أن نقول : إن كانت عالمة بأنّ لها زوجا إلخ.

(٥) الشرائع : في النكاح المنقطع ، وأمّا المهر ، قال : ولو تبيّن فساد العقد إمّا بان ظهر لها زوج الى قوله : ولو قيل لها المهر ان كانت جاهلة ويستعاد ما أخذت ان كانت عالمة كان حسنا.

(٦) لاحظ عبارة النافع.

٣١٥

الرابع : الأجل ، وهو شرط في العقد ، ويتقدّر بتراضيهما ، كاليوم ، والسنة ، والشهر ، ولا بد من تعيينه ولا يصح ذكر المرّة والمرّات مجردة عن زمان مقدّر ، وفيه رواية بالجواز فيها ضعف.

______________________________________________________

احتج الشيخ بما رواه حفص البختري في الحسن عن الصادق عليه السّلام قال : إذا بقي عليه شي‌ء وعلم أنّ لها زوجا ، فما أخذته فلها بما استحلّ من فرجها ، ويحبس عنها ما بقي عنده (١) وأجاب العلامة بحمله على الجهل ، وقوله عليه السّلام : «ويحبس عنها ما بقي عنده» على ما إذا بقي عليها من الأيام بقدره (٢).

وأورد عليه فخر المحققين نظرا من وجهين :

(أ) بطلان المسمّى ببطلان العقد.

(ب) مهر المثل يجب بالدخول وجوبا مستقرا ، ولا تقسط على مدة ، ولا يسقط منه شي‌ء ، قال : ويمكن حمله على أن المقبوض هو مهر المثل (٣) وهو حسن.

قال طاب ثراه : ولا يصح ذكر المرّة والمرّات مجرّدة عن زمان مقدّر ، وفيه رواية بالجواز ، فيها ضعف.

أقول : البحث هنا يقع في مقامين :

(الأوّل) عدم ذكر الأجل ، فنقول : ذكر الأجل شرط في عقد المتعة ، فلو أخلّ به بطل العقد ، لأنّ المشروط عدم عند عدم شروطه ، ولأنّ الدائم غير مقصود لها ، والعقود تابعة للدواعي والقصود.

ولصحيحة زرارة عن الصادق عليه السّلام قال : لا يكون متعة إلّا بأمرين ،

__________________

(١) الكافي : ج ٥ ، باب حبس المهر إذا أخلفت ص ٤٦١ الحديث ٢.

(٢) المختلف : في نكاح المتعة ، ص ١٣ س ١٥ قال بعد نقل احتجاج الشيخ بما رواه حفص البختري : والجواب انه محمول على الجهل إلخ.

(٣) الإيضاح : ج ٣ ، في المنقطع ص ١٢٨ س ١٤ قال بعد نقل قول العلامة : وفيه نظر لبطلان المسمّى ببطلان سببه إلخ.

٣١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

بأجل مسمّى ومهر مسمّى (١).

وهو اختيار العلامة ونقله عن والده (٢) وقال ابن إدريس : يبطل العقد إن كان بلفظ المتعة ، وينقلب دائما إن كان بلفظ النكاح أو التزويج (٣) وأطلق الشيخ القول بصحته دائما (٤) وتبعه القاضي (٥) وابن زهرة (٦) والتقي (٧) واختاره المصنف (٨).

احتجوا : بأصالة صحة العقد ، وبأن لفظ المتعة من صيغ إيجاب الدائم والتمييز بينهما بذكر الأجل ، ولم يحصل ، فينصرف إلى الدوام ، لأصالة صحة العقد.

وبما رواه ابن بكير في الموثق عن الصادق عليه السّلام قال : إن سمّى الأجل فهو متعة ، وإن لم يسم الأجل فهو نكاح بات (٩) ويمكن حمله على من أراد الدائم وعقد بلفظ

__________________

(١) الكافي : ج ٥ باب شروط المتعة ص ٤٥٥ الحديث ١.

(٢) المختلف : في نكاح المتعة ص ٨ س ٣٢ قال بعد نقل قول ابن إدريس : وهو الذي كان يفتي به والدي وهو المعتمد.

(٣) السرائر : باب النكاح ، المؤجل ، ص ٣١١ س ٧ قال : ولا بد من هذين الشرطين ، فان لم يذكر المدة إلخ.

(٤) النهاية : باب المتعة وأحكامها ص ٤٨٩ س ٧ قال : فان عقد عليها متعة ولم يذكر الأجل كان التزويج دائما.

(٥) المهذب : ج ٢ ص ٢٤١ س ٤ قال : فان ذكر الأجر ولم يذكر الأجل كان النكاح دائما إلخ.

(٦) (جوامع الفقهية) الغنية : ص ٦١١ قال : فصل في نكاح المتعة الى أن قال : فان ذكر المهر دون الأجل كان دواما.

(٧) الكافي : ص ٢٩٨ س ١ قال : وأما نكاح المتعة الى أن قال : فان ذكر الأجر ولم يذكر الأجل كان دواما.

(٨) لا حظ عبارة النافع.

(٩) الكافي : ج ٥ باب في انه يحتاج أن يعيد عليها الشرط بعد عقدة النكاح ص ٤٩٥ قطعة من حديث ١.

٣١٧

واما الأحكام فمسائل :

الأولى : الإخلال بذكر المهر مع ذكر الأجل يبطل العقد ، وذكر المهر من دون الأجل يقلبه دائما.

الثانية : لا حكم للشروط قبل العقد ، ويلزم لو ذكرت فيه.

الثالثة : يجوز اشتراط إتيانها ليلا أو نهارا ، وأن لا يطأها في الفرج ، ولو رضيت به بعد العقد جاز ، والعزل من دون إذنها ، ويلحق الولد وإن عزل ، لكن لو نفاه لم يحتج إلى اللّعان.

______________________________________________________

التمتع ، جمعا بين الأدلّة.

(الثاني) لو ذكر أجلا مجهولا كما لو عين المرّة والمرّتين ولم يقرن بزمان محروس من احتمال الزيادة والنقصان ، فالأقرب البطلان ، وهو اختيار المصنف (١) والعلامة (٢).

وقال الشيخ في النهاية : ينعقد دائما (٣) ووجهه أنّ الأجل لما كان مجهولا ساوى غير المذكور ، وذلك يوجب انعقاده دائما ، وهما ممنوعان.

وما رواه ابن فضال عن القاسم بن محمّد ، عن رجل سماه قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يتزوّج المرأة عن فرد واحد؟ قال : لا بأس ، ولكن إذا فرغ فليحول وجهه ولا ينظر (٤) وهي مرسلة مع ضعف الطريق ، وهي غير دالة على مطلوب الشيخ ، لقوله : «فليحول وجهه ولا ينظر» دل على تحريمها بعد إيقاع

__________________

(١) لا حظ عبارة النافع.

(٢) المختلف : في نكاح المتعة ص ٩ س ٢ قال : مسألة يشترط في الأجل التعيين فلو ذكر مدّة مجهولة بطل العقد.

(٣) تقدم آنفا.

(٤) الكافي : ج ٥ باب ما يجوز من الأجل ص ٤٦٠ الحديث ٥ وفيه (على عرد واحد).

٣١٨

الرابعة : لا يقع بالمتعة طلاق إجماعا ، ولا لعان على الأظهر ، ويقع الظهار على تردّد.

الخامسة : لا يثبت بالمتعة ميراث بين الزوجين ، وقال المرتضى : يثبت ما لم يشترط السقوط نعم لو شرط الميراث لزم.

______________________________________________________

ما شرط ، وذلك ينافي انعقاده دائما.

قال طاب ثراه : ولا تقع بالمتعة طلاق إجماعا ، ولا لعان على الأظهر ، ويقع الظهار على تردّد.

أقول : قال السيد : يقع اللعان والظهار (١) وقال التقي : بوقوع الظهار دون اللّعان (٢) وسيأتي تحقيقه في موضعه إن شاء الله.

قال طاب ثراه : لا يثبت بالمتعة ميراث ، وقال المرتضى يثبت ما لم يشترط السقوط نعم لو شرط التوارث لزم.

أقول : للأصحاب هنا ثلاثة أقوال :

(أ) ثبوت الميراث في الأصل ، وتسقط باشتراط سقوطه حكاه المصنف عن السيد (٣) وهو مذهب الحسن (٤).

(ب) سقوطه في الأصل وتثبت بالشرط ، وهو مذهب الشيخ في النهاية (٥) وبه

__________________

(١) الانتصار : في نكاح المتعة ص ١١٥ س ١٣ قال في جواب اعتراضهم ما لفظه (والذي ذكروه رابعا) الى قوله : والظهار أيضا يقع على المتمتع بها وكذلك اللعان إلخ.

(٢) الكافي : واما نكاح المتعة ص ٢٩٨ س ١٤ قال : ولا يصح بينهما لعان ، ويصح الظهار.

(٣) الانتصار : المتعة ص ١١٤ س ١٦ قال في جواب إشكالهم ، على ان مذهبنا إن الميراث قد يثبت في المتعة إلخ.

(٤) المختلف : في نكاح المتعة ص ١٠ س ٢٠ قال : فقال ابن أبي عقيل : الى أن قال : فان لم يشترط أن لا ميراث بينهما فمات أحدهما قبل صاحبه ورثه الأخر.

(٥) النهاية : باب المتعة وأحكامها ص ٤٩٢ س ٣ قال : وليس في نكاح المتعة توارث ، الى ان قال :

٣١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

قال ابن حمزة (١) والقطب الكيدري (٢) وهو ظاهر القاضي (٣) واختاره المصنف (٤).

(ج) عدم ثبوته مطلقا لأنه ليس ثابتا في الأصل ، فاشتراطه يجري مجرى اشتراط توريث الأجنبي ، وهو مخالف للكتاب والسنة ، فيكون باطلا ، وهو مذهب التقي (٥) وابن إدريس (٦) واختاره العلامة (٧) وأطلق الصدوق والمفيد نفي التوارث (٨) (٩) ولم يتعرضا لذكر الشرط بنفي أو إثبات.

احتج الأوّلون : بأن الزوجية تصدق عليها ، فيدخل تحت عموم الآية.

وبموثّقة محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام قال : سمعته يقول : الرجل يتزوّج

__________________

اللهم إلّا ان يشترط إلخ.

(١) الوسيلة : فصل في بيان نكاح المتعة ص ٣٠٩ س ١٣ قال : ولا تثبت بهذا العقد النفقة والتوارث الا بشرط.

(٢) المختلف : في نكاح المتعة ص ١٠ س ٣٢ قال بعد نقل قول ابن حمزة : وكذا قال الكيدري.

(٣) المهذب : ج ٢ باب نكاح المتعة ص ٢٤٠ س ٤ قال : واما نفي التوارث فلا يثبت بينهما ولو اشترط ، وقال أيضا في ص ٢٤٣ س ٢ قال : فاما إن شرط التوارث ثبت ذلك إلخ ومراده ظاهر كما لا يخفى.

(٤) لا حظ عبارة النافع.

(٥) الكافي : واما نكاح المتعة ص ٢٩٨ س ١٤ قال : ولا توارث بينهما وإن شرط ذلك.

(٦) السرائر : باب النكاح المؤجّل ص ٣١٢ س ٨ قال : وقال الباقون لا توارث الى قوله : فهذا الذي افتى به إلخ.

(٧) المختلف : في نكاح المتعة ص ١٠ س ٣٧ قال : والوجه ما قاله أبو الصلاح وهو اختيار ابن إدريس.

(٨) المقنع : باب المتعة ص ١١٤ س ١٢ قال : ولا ميراث بينهما إذا مات واحد منهما في ذلك الأجل.

(٩) المقنعة : باب تفصيل أحكام ، ص ٧٦ س ٢٢ قال : ولا يجب به ميراث ولا نفقات.

٣٢٠