الدعوة إلى الهجرة
لما رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله ما يصيب أصحابه من البلاء ، وماهو فيه
من العافية ، بمكانه من الله ومن عمه أبي طالب عليهالسلام
، وأنّه لا يقدر على أن يمنعهم ممّاهم فيه من البلاء ـ إلاّ بالقتال ـ أمرهم
بالخروج إلى أرض الحبشة ، وقال : إنّ بها ملكاً صالحاً لا يظلم ولا يظلم عنده أحد
، فاخرجوا إليه حتى يجعل الله عزّوجلّ للمسلمين فرجاً .
وهكذا اختاروا الهجرة على أي موقف آخر ،
لانّ الإسلام لايرغب في القتال ابتداءً ، ولا يرغب في المواجهة المسلحة في بداية
الطريق لتجنب الدماء وللحفاظ على أرواح الناس من مسلمين ومشركين مادام هنالك أمل
في انضوائهم تحت راية الإسلام عاجلاً أم آجلاً ، فكانت الهجرة تجنباً لحدوث صراع
دموي يخلّف الاحقاد في القلوب والمشاعر ، ويحول دون تحقيق أهداف الدين الجديد في
دعوته إلى هداية الناس جميعاً.
المقاطعة الشاملة
لما رأت قريش أنّ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله قد نزلوا بلداً أصابوا منه أمناً
وقراراً ، وأنّ النجاشي قد منع من لجأ إليه منهم ، وجعل الإسلام يفشو في القبائل ،
اجتمعوا وتآمروا أن يكتبوا كتاباً يتعاقدون فيه على بني هاشم وبني عبدالمطّلب ؛
على أن لا ينكحوا إليهم ولا ينكحوهم ، ولا يبيعوهم شيئاً ، ولا يبتاعوا منهم ،
فلما كتبوا الصحيفة وعلقوها في جوف الكعبة ، انحازت بنو هاشم وبنو عبدالمطلب إلى
أبي طالب عليهالسلام فدخلوا معه
شعبه ، فأقاموا على ذلك أربع
__________________