وبأساليب لا تتناسب حتى مع القيم الجاهلية التي تعيب ممارسة الوسائل الوضيعة مع الخصوم والاعداء.
وعلى سبيل المثال : بينا رسول الله صلىاللهعليهوآله ساجد وحوله ناس من قريش ، فقالوا : من يأخذ سلى هذا الجزور أو البعير فيقذفه على ظهره ؟ فجاء عقبة بن أبي معيط فقذفه على ظهر النبي صلىاللهعليهوآله (١).
واستمر مشركو قريش في مواجهة رسول الله صلىاللهعليهوآله ومن آمن به ، فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين ، فجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش ، وبرمضاء مكة إذا اشتد الحرّ.
وكان ممن عُذِّبوا بلال الحبشي ، وكان اميّة بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة ، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة ، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ، ثم يقول له : لا تزال هكذا حتى تموت ، أو تكفر بمحمّد ، وتعبد اللات والعزّى ، فيقول وهو في ذلك البلاء : أحد أحد.
وكان بنو مخزوم يخرجون بعمّار بن ياسر وبأبيه وأمه إذا حميت الظهيرة ، ويعذّبونهم برمضاء مكّة ، فيمرّ بهم رسول الله صلىاللهعليهوآله فيقول : « صبراً آل ياسر موعدكم الجنة » ، وقد قتل المشركون سميّة أم عمّار لانها أبت موافقتهم على كفرهم ، وبهذا استحقت وسام أوّل امرأة شهيدة في الإسلام (٢).
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يأمر المسلمين بالصبر ، ولم يتخذ أي موقف مسلح لردّ العدوان ، بل بقي يدعو إلى الصبر والاكتفاء بالحذر والاستتار عن أعين المشركين ، إلى أن يأذن الله تعالى بأمره.
__________________
(١) إعلام الورى بأعلام الهدى : ٥٧.
(٢) بحار الأنوار / العلاّمة المجلسي ١٨ : ٢٤١ ـ ٤١١.