بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله بديع السّماوات والأرض وفاطرها وساطح المدحيات ووازرها ، ومطوّد الجبال وقافرها ، ومفجر العيون ونافرها ، ومرسل الرياح وزاجرها ، وناهي القواصف وآمرها ، ومزيّن السّماء وزاهرها ، ومدبّر الأفلاك ومسيّرها ، ومقسّم المنازل ومقدّرها ، ومنشئ السّحاب ومسخرّها ، ومولج الحنادس ومنوّرها ، ومحدث الأجسام ومقررها ، ومكوّر الدهور ومكرّرها ، ومورد الأمور ومصدرها ، وضامن الأرزاق ومدبّرها ، ومحي الرفات وناشرها.
أحمده على آلائه وتوافرها وأشكره على نعمائه وتواترها ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، شهادة تؤدّي إلى السّلامة ذاكرها ، وتؤمّن من العذاب ذاخرها ، وأشهد أن محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم الخاتم لما سبق من الرسل وفاخرها ، ورسوله الفاتح لما استقبل من الدعوة وناشرها ، أرسله إلى أمة قد شعر بعبادة الأوثان شاعرها ، فأبلغ صلىاللهعليهوآلهوسلم في النصيحة وافرها ، وأنار منار أعلام الهداية ومنابرها ، ومحا بمعجز القرآن دعوة الشيطان ومكائرها ، وأرغم معاطيس غواة العرب وكافرها ، حتى أصبحت دعوته الحق بأوّل زائرها ، وشريعته المطهرة إلى المعاد يفخر فاخرها ، صلىاللهعليهوآلهوسلم الدوحة العليا وطيب عناصرها.
أيّها الناس سار المثل وحقق العمل ، وتسلّمت الخصيان وحكّمت النسوان ، واختلفت الأهواء وعظمت البلوى ، واشتدّت الشكوى واستمرت الدعوى ، وزلزلت الأرض وضيّع الفرض ، وكتمت الأمانة وبدت الخيانة ، وقام الأدعياء ونال الأشقياء ، وتقدّمت السفهاء وتأخر الصلحاء وازورّ القرآن واحمرّ الدبران ، وكملت الفترة ودرست الهجرة ، وظهرت الأفاطس فحسمت الملابس ، يملكون السرائر ويهتكون الحرائر ، ويجيئون كيسان ويخربون خراسان ، فيهدمون الحصون ويظهرون المصون ، ويفتحون العراق بدم يراق ، فآه آه ثم آه لعريض الأفواه وذبول الشفاه ، ثم التفت يمينا وشمالا وتنفّس الصعداء ، لا ملالا ، وتأوّه خضوعا وتغيّر خضوعا.