إلى إنفاذ عدد التواتر لم يف بذلك جميع أصحابه وخلت دار هجرته عن أصحابه وأنصاره ، وتمكّن منه أعداؤه وفسد النظام والتدبير ، وذلك وهم باطل قطعا.
فتبين بهذا أنّ خبر الواحد موجب للعمل مثل التواتر ، وهذا دليل قطعي لا يبقى معه عذر في المخالفة. كذا ذكر الغزالي وصاحب القواطع.
قوله : وكذلك الصحابة عملوا بالآحاد وحاجّوا بها في وقائع خارجة عن العد والحصر من غير نكير منكر ولا مدافعة دافع ، فكان ذلك منهم إجماعا على قبولها وصحة الإحتجاج بها.
فمنها : ما تواتر أن يوم السقيفة لّما احتجّ أبو بكر رضياللهعنه على الأنصار بقوله عليه الصلاة والسلام : الأئمة من قريش ، قبلوه من غير إنكار عليه.
ومنها : رجوعهم إلى خبر أبي بكر رضياللهعنه في قوله عليه الصلاة والسلام : الأنبياء يدفنون حيث يموتون. وقوله عليه الصلاة والسلام : نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة. ومنها : رجوعه إلى توريث الجدّة بخبر المغيرة ومحمد بن مسلمة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أعطاها السدس ، ونقضه حكمه في القضية التي أخبر بلال أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حكم فيها بخلاف ما حكم هو فيها.
ورجوع عمر رضياللهعنه عن تفصيل الأصابع في الدية ـ حيث كان يجعل في الخنصر ستة من الإبل وفي البنصر تسعة وفي الوسطى والسبابة عشرة عشرة وفي الإبهام خمسة عشر ـ إلى خبر عمرو بن حزم أن في كل إصبع عشرة. وعن عدم توريث المرأة من دية زوجها إلى توريثها منها بقول الضحاك بن مزاحم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كتب إليه أن يورّث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها ، وعمله بخبر عبد الرحمن بن عوف في أخذ الجزية من المجوس وهو قوله عليه الصلاة والسلام : سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب ، وعمله بخبر حمل بن مالك وهو قوله : كنت بين جارتين لي يعني ضرّتين فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فألقت جنينا ميّتا ، فقضى فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بغرّة.
فقال عمر رضياللهعنه : لو لم