يذكرون أن أبا عبد الرحمن فارق مصر في آخر عمره وخرج إلى دمشق ، فسئل بها عن معاوية بن أبي سفيان وما روي من فضائله فقال : ألا يرضى معاوية رأسا برأس حتى يفضل! فما زالوا يدفعون في حضنيه حتى أخرج من المسجد ، ثم حمل إلى مكة ومات بها » (١).
وقال الذهبي نقلا عن المأموني « سمعت قوما ينكرون على أبي عبد الرحمن كتاب الخصائص لعلي رضياللهعنه وتركه تصنيف فضائل الشيخين ، فذكرت له ذلك فقال : دخلت دمشق والمنحرف عن علي بها كثير ، فصنّفت كتاب الخصائص رجوت أن يهديهم الله. ثم إنه صنّف بعد ذلك فضائل الصحابة فقيل له وأنا أسمع : ألا تخرج فضائل معاوية؟ فقال : أي شيء أخرج! حديث اللهم لا تشبع بطنه! فسكت السائل. قلت : لعلّ هذه منقبة معاوية لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم : اللهم من لعنته أو شتمته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة ».
قال : « قال أبو عبد الله ابن مندة عن حمزة العقبي المصري وغيره : إن النسائي خرج من مصر في آخر عمره إلى دمشق ، فسئل بها عمّا جاء من فضائله فقال : ألا يرضى رأسا برأس حتى يفضل! قال : فما زالوا يدفعون في خصيته حتى أخرج من المسجد ، ثم حمل إلى مكة فتوفي بها. كذا في هذه الرواية إلى مكة وصوابه : الرملة » (٢).
وقال ابن الوردي : « وعاد إلى دمشق فامتحن في معاوية وطلب منه أن يروي شيئا من فضائله فقال : ما يرضى معاوية أن يكون رأسا برأس حتى يفضل » (٣).
وقال صلاح الدين الصفدي : « وأنكر عليه قوم كتاب الخصائص لعلي رضياللهعنه وتركه تصنيفه فضائل الشيخين ، فذكر له ذلك فقال : دخلت دمشق والمنحرف بها عن علي كثير ، فصنّفت الخصائص رجاء أن يهديهم الله تعالى. ثم
__________________
(١) تهذيب الكمال ١ / ٣٢٨.
(٢) تذكرة الحفاظ ١ / ٦٩٨.
(٣) تتمة المختصر حوادث : ٣٠٣.