مطاعن معاوية والجواب عنها : « السادس : خروجه على علي كرم الله وجهه ومحاربته له ، مع أنه الامام الحق بإجماع أهل الحل والعقد ، والأفضل الأعدل الأعلم بنص الحديث ـ الحسن لكثرة طرقه خلافا لمن زعم وضعه ، ولمن زعم صحته ، ولمن أطلق حسنه ـ : أنا مدينة العلم وعلى بابها. قال الأئمة الحفّاظ : لم يرد لأحد من الصحابة رضي الله عنهم من الفضائل والمناقب والمزايا ما ورد لعلي كرّم الله وجهه. وسببه أنه رضياللهعنه وكرّم وجهه لما استخلف كثرت أعداؤه وساورت المتقوّلون عليه ، فأظهروا له معايب ومثالب زورا وبهتانا وإلحادا وعدوانا ، وورث ذلك من تبعهم على ضلالتهم ، فلما رأى الحفّاظ ذلك نصبوا نفوسهم لبيان الباطل من ذلك وإظهار ما يردّه مما ورد عندهم في حقه ، فبادر كلّ أحد إلى بثّ جميع ما عنده من فضائله ومناقبه.
والجواب : إن ذلك لا يكون قادحا في معاوية إلاّ لو فعله من غير تأويل محتمل. وقد تقرر المرّة بعد المرّة أنه لتأويل محتمل بنص كلام علي كرم الله وجهه ، وأنه من أهل الاجتهاد ، وغايته أنه مجتهد مخطئ ، وهو مأجور غير مأزور » (١).
ومن هذا الكلام يظهر أنّ قوله في ( الصواعق ) : « هذا الحديث مطعون » ليس إلاّ عن عناد وعصبيّة ، وإلاّ لأجاب عن الحديث بالطعن في سنده ، قبل أن يعتذر لمعاوية بالاجتهاد في محاربته لإمام وقته ... إلاّ أنّ قوله : « الحسن لكثرة طرقه خلافا لمن زعم وضعه ولمن زعم صحته ولمن أطلق حسنه » لا يخفى ما فيه ، لما عرفت من صحة هذا الحديث وثبوته فضلا عن إطلاق حسنه ، بل إنّه حديث متواتر مقطوع صدوره ، كما نصّ على ذلك الأئمة الكبار ، فلتكن منك على ذكر.
وقال ابن حجر في ( تطهير الجنان ) أيضا : « قال ابن عباس رضي الله عنهما :
وهذا ـ أي كون علي يخبر بالأشياء المغيّبة فيقع ـ لما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يخبره بالمغيبات ، فيخبر بها كما أخبره صلّى الله عليه وسلّم ، ومن استند إخباره
__________________
(١) تطهير الجنان ـ هامش الصواعق : ٧٤.