وعمر قد اختلفا في كثير من الأحكام ، فلا يمكن الاقتدا بهما. وأيضا : فإنه معارض بما رووه من قوله : أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم ، مع إجماعهم على انتفاء إمامتهم.
والجواب من وجوه أحدها : أن يقال : هذا الحديث أقوى من النص الذي يروونه في إمامة علي ، فإن هذا معروف في كتب أهل الحديث المعتمدة ، رواه أبو داود في سننه ، والإمام أحمد في مسنده ، والترمذي في جامعه. وأمّا النص على علي فليس في شيء من كتب أهل الحديث » (١).
فكتاب الجامع الصحيح للترمذي من كتب أهل الحديث المعتمدة عند ابن تيميّة ، ومن هنا يحتجّ به في مقابلة الشيعة ، ويجعل ما أخرج فيه أقوى من النص على أمير المؤمنين عليهالسلام ، والعياذ بالله.
وهل يجوز أن يكون هذا الكتاب معتمدا في مورد حديث الاقتداء المزعوم ـ بالرغم من ثبوت وضعه بوجوه عديدة ، وقد طعن الترمذي في بعض طرقه ـ ولا يكون معتمدا في مورد حديث مدينة العلم؟ لكن ابن تيميّة باحتجاجه بكتاب الترمذي قد أفحم نفسه في مورد حديث مدينة العلم الذي اعترف برواية الترمذي له ، وأوضح للملإ أنّ طعنه في هذا الحديث ليس إلاّ للعناد والتعصّب ، نستجير بالله.
ومن ذلك قوله :
« ومع هذا ، فقد أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم في حق عمر من العلم والدين والإلهام بما لم يخبر بمثله ، لا في حق عثمان ولا علي لا طلحة ولا الزبير ، ففي الترمذي عن ابن عمر : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه. قال : وقال ابن عمر : ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه عمر إلاّ نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر. وفي سنن أبي داود عن
__________________
(١) منهاج السنة ٤ / ٢٣٨.