علمه من شريك. فعلى هذا يكون تفرّده حسنا ».
وكذا قال الفيروزآبادي في كتابه ( نقد الصحيح ) بعد حديث : أنا دار الحكمة.
فعلى هذا لا يكون تفرّد شريك بمانع عن صحة الحديث أو حسنه ، ولا يوجب وهنا فيه أبدا ، فكيف مع اشتراك غير شريك من الثقات في رواية هذا الحديث الشريف!!
والثانية : إن إسناده مضطرب. وهذا باطل بحت ، فإن من نظر في أسانيد هذا الحديث وجدها متعددة ، وكلّها ثابتة بلا تزلزل واضطراب ، وأغلب الظن في سبب هذه الدعوى الباطلة هو الغلط في فهم كلام الترمذي في هذا المقام. وبيان ذلك هو : أنّ الترمذي أخرج حديث « أنا دار الحكمة » بإسناده عن : شريك عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن الصنابحي عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، ثم قال : « روى بعضهم هذا الحديث عن شريك ، ولم يذكروا فيه عن الصنابحي » وهذا الكلام مفاده رواية بعض المحدّثين هذا الحديث عن : شريك عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، فلمّا رأى البغوي وجود « الصنابحي » في رواية بعضهم ، وعدم وجوده في رواية البعض الآخر ، توهّم كون إسناده مضطربا ، ولم يتفطّن إلى أنّ كلا السندين صحيح ، لأن « سويد بن غفلة » من التابعين الرواة عن الامام أمير المؤمنين عليهالسلام بلا واسطة ، فهو يروي الحديث عنه عليهالسلام بلا واسطة تارة ، وبواسطة « الصنابحي » تارة أخرى ، فكلا الروايتين صحيح متّصل ، وذكر الصنابحي في أحدهما من باب المزيد في متّصل الأسانيد.
وبما ذكرنا صرّح بعض المحققين من أعلام السّنة ، فقد قال الحافظ صلاح الدّين العلائي : « ولا يرد عليه رواية من أسقط منه الصنابحي ، لأن سويد بن غفلة تابعي مخضرم ، أدرك الخلفاء الأربعة وسمع منهم ، فذكر الصنابحي فيه من المزيد في متّصل الأسانيد ».