أئمة مذهبه ـ نسب إلى الترمذي أنه قال عقب الحديث : « هذا منكر ». وقد أثبتنا سابقا عدم صحّة هذه النسبة ، وأنّ الترمذي لم يقل هذا بعد هذا الحديث أبدا ، بل صريح الشيخ عبد الحق الدهلوي في ( اللمعات في شرح المشكاة ) أنّ الترمذي قال : إنه حسن.
ويؤيّد هذا أنّ الترمذي قد حسّن حديث « أنا دار الحكمة » ـ المؤيّد لحديث :
« أنا مدينة العلم » ـ كما صرّح به المحبّ الطبري في ( ذخائر العقبى ) وفي ( الرياض النضرة ). وكما نسب بعض المفسّرين إلى الترمذي القدح في حديث « أنا مدينة العلم » فقد نسب إليه ذلك بالنسبة إلى حديث « أنا دار الحكمة » أيضا ، كما فصّلناه فيما مضى في ردّ كلام النووي.
على أنّ كثيرا من محققي أهل السنّة ينقلون الحديثين معا عن الترمذي ، وظاهر عباراتهم أنّه قد أخرجهما في ( الصحيح ) من دون أيّ غمز فيهما ، كما لا يخفى على من راجع ما ذكرناه سابقا في إثبات إخراج الترمذي لحديث مدينة العلم ، وفي إثبات إخراجه لحديث دار الحكمة ، من عبارات أئمة القوم الدالّة على ذلك ، وعليك بالتأمّل فيما ذكره ابن حجر المكي في ( الصواعق ) وما قاله العيدروس اليمني في ( العقد النبوي ) وما أورده الصبان المصري في ( إسعاف الراغبين ). فإن عبارات هؤلاء الأعلام أصرح في المقصود والمطلوب.
وعلى الجملة ، فإن نسبة السمهودي القدح في حديث « أنا مدينة العلم » إلى الترمذي كذب واضح ، ولعلّه ذكر ذلك من غير أن يراجع جامع الترمذي ، فلو كان راجع النسخة الصحيحة منه لما نسب إلى الترمذي ذلك ، بل النسخة المحرّفة من الترمذي كذلك ، لأنّ الذي فعله المحرّفون هو إسقاط حديث « أنا مدينة العلم » وإبقاء حديث « أنا دار الحكمة » مع إضافة كلمة « منكر » إليه ، ولم نجد نسخة صحيحة ولا محرّفة ذكر فيها حديث « أنا مدينة العلم » مع لفظة « منكر » ، ومن ادّعى فعليه البيان.
وأما نسبة القول بأنّه منكر إلى البخاري فباطلة كذلك ، ففي ( اللآلي