وأنت بعد اطّلاعك على ما ذكرنا تعرف جريان الاستصحاب فيهما معا ، وكون أحدهما معلوم التاريخ إنّما يمنع جريان الاستصحاب في عمود الزمان ولا يمنع جريان الاستصحاب في معلوم التاريخ بالنسبة إلى الحادث الآخر ، فنقول : نشكّ في تحقّق الإسلام مثلا عند موت المورث فيجري استصحاب عدم إسلام الوارث إلى زمان موت المورث ، وإن كان الإسلام معلوم التاريخ إلّا أنّ كون حدوثه قبل الموت أو بعده مجهول ، والشكّ في تحقّق الإسلام حال الموت موجود بالوجدان فيستصحب العدم.
ومن هنا ظهر ما في منع الميرزا النائيني قدسسره من جريان الاستصحاب في معلوم التاريخ (١) استنادا إلى أنّ الاستصحاب عبارة عن جرّ المتيقّن في عمود الزمان ، وإذا علم تاريخه لا شكّ حتّى يجرّ ، فإنّه وإن لم يتحقق الشكّ في عمود الزمان إلّا أنّ الاستصحاب ليس إلّا جرّ المتيقّن إلى زمان الموت لا في عمود الزمان وهو مشكوك فيه فيجري الاستصحاب فيه.
وبالجملة ، لا فرق بين أن يكون الحادثان مجهولي التاريخ أو يكون أحدهما مجهول التاريخ والآخر معلوم التاريخ ، لأنّ الاستصحاب في عمود الزمان وإن كان ممتنعا في معلوم التاريخ إلّا أنّه بعنوان أنّه عند حدوث الآخر موجود أم لا مشكوك فيجري فيه الاستصحاب ، لما ذكرنا من أنّ عدم الجريان بعنوان لا ينافي الجريان بعنوان آخر.
بقي الكلام في أنّه هل يلحق بالموضوعات المركّبة الماء المسبوق بالقلّة المعلوم حدوث كرّيته وملاقاته للنجاسة المشكوك تقدّم أحدهما على الآخر؟ فإنّه على تقدير تقدّم الكرّية لا تؤثّر الملاقاة النجاسة ، وعلى تقدير تقدّم الملاقاة يتنجّس لمصادفتها قلّة الماء ، أم أنّه لا يلحق بالموضوعات المركّبة بل هو أمر بسيط؟
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٤ : ١٦٢.