التنبيه الثالث : [في ما لو ثبت المستصحب بأمارة أو أصل]
إذا كان الحكم المستصحب ثابتا بالعلم الوجداني فلا كلام في جريان الاستصحاب حينئذ ، وإنّما الكلام فيما إذا كان ثابتا بأصل أو أمارة ، فإن قلنا بأنّ الأصل والأمارة يوجبان جعل حكم ظاهري ، فلا إشكال في جريان استصحاب ذلك الحكم الظاهري إن لم يكن ثبوته بعنوان قيام الأمارة عليه المنفيّ بقاء ، وكذا إن قلنا : إنّ معنى جعل الحجّية جعل الإحراز وجعل ما ليس بعلم علما ـ كما هو الظاهر ـ فإنّ الحكم حينئذ يكون معلوما بالتعبّد. وإن لم نقل بالسببيّة وجعل الحكم وقلنا بجعل المنجزيّة والمعذريّة فكيف يستصحب الحكم؟ وأيّ حكم ثبت بالأمارة حتّى يستصحب؟ وعدم جريان الاستصحاب فيه يوجب الهرج والمرج في الشريعة المقدّسة. وقد أجاب الآخوند عن هذا الإشكال بأنّ مؤدّى الاستصحاب المستفاد من أدلّته هو أنّ ما ثبت يدوم ، وحينئذ فتنجيز الحكم بالطهارة مثلا بقاعدة الطهارة قد ثبت فيدوم بمقتضى أدلّة الاستصحاب حينئذ (١).
ولا يخفى عليك ما فيه :
أمّا أوّلا : فلأنّه خلاف ظواهر الأدلّة ، فإنّ : «لا تنقض اليقين بالشكّ» اعتبر اليقين والشكّ والنقض ، وهو ظاهر في بقاء اليقين خصوصا مع قوله : «اليقين لا يدفع بالشكّ».
(نعم ، إن أراد الآخوند أنّ المراد من قوله : «لا تنقض اليقين بالشكّ» لا تنقض المنجّز أيّا كان بالشكّ ، وذكر اليقين لكونه أظهر أفراد المنجّز تمّ قوله ثبوتا ، إلّا أنّه لا يتمّ إثباتا لكونه خلاف ظاهر الأخبار من غير قرينة. وأين هذا من قوله : ما ثبت يدوم؟) (٢).
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٦٠ ـ ٤٦١.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.