المتيقّن حينئذ ، بل من باب أنّ هذا هو موضوع حكمه ، فمع فقد خصوصيّة من هذه الخصوصيات إمّا أن يحكم أو لا يحكم ، ولا يعقل أن لا يدري أنّه يحكم أو لا يحكم أصلا.
نعم ، إشكاله على المقدّمة الثانية تبعا لصاحب الكفاية (١) صحيح من أنّ النقض إن اعتبر بالدقّة العقليّة فلا يتحقّق في مقام أصلا ، وإن اعتبر بالمسامحة العرفيّة والنظر المسامحي فقد يحكم العقل بحسن شيء أو قبحه ، وحينئذ فيتبعه حكم الشرع من باب الملازمة وبارتفاع أيّ خصوصيّة يرتفع الحكم العقلي ، ولكن لا يلزم من ارتفاعه ارتفاع الحكم الشرعي ، إذ لعلّ ما ارتفع ليس بنظر العرف مقوّما للملاك ، بل من حالات الموضوع الغير الدخيلة في ملاك الحكم ، وحينئذ فالموضوع واحد عرفا وإن فقد تلك الخصوصيّة ، فيصدق حينئذ نقض اليقين بالشكّ لو نقض الحكم السابق ، هذا تمام الكلام في ردّ ما ادّعاه الشيخ من نفي حجّية الاستصحاب في الأحكام العقليّة (*).
[التفصيل بين الشبهة الحكمية والموضوعية]
بقي الكلام فيما اخترناه من اختصاص حجّية الاستصحاب بخصوص الشبهات الموضوعيّة واستصحاب عدم النسخ من الشبهات الحكميّة دون بقيّة الشبهات
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ٤٨٦ ـ ٤٨٨.
(*) قد عدل سيّدنا الاستاذ أيّده الله عن تصويب الإشكال على المقدّمة الثانية فاختار صحّة ما ذهب إليه الشيخ قدسسره بدعوى أنّ فقد الخصوصيّة الرافعة لحكم العقل تكون رافعة لحكم الشرع التابع له ، ضرورة أنّ تبعيّة حكم الشارع للعقل في المستقلّات العقليّة من جهة حسن العدل وقبح الظلم ، فإذا ارتفع الحكم العقلي بالحسن لفقد خصوصيّة من خصوصيّات الموضوع فمعناه أنّ العقل أدرك ارتفاع حسنه فيرتفع الحكم الشرعي المعلّق على الإحسان ، واحتمال ثبوت ملاك آخر لا يحقّق حكما شرعيّا تابعا لحكم العقل.