إنّما يكون منافيا إذا صدر عمدا كالكلام مثلا ، فالاشتغال به لا يوجب صدق عنوان التجاوز إلّا إذا تعمّد ، والمفروض أنّه يحتمل نسيان السلام فيكون كلامه حينئذ سهويّا فلا يضرّ صدوره في أثناء الصلاة فلا يتحقّق عنوان التجاوز حينئذ ، فافهم.
بقي الكلام في المسألة السادسة ، وهي جريان قاعدة الفراغ عند الغفلة وعدمه.
فنقول : إنّ المكلّف تارة يحرز الغفلة حين العمل كمن دخل الخزانة للغسل وكان غافلا عن خاتمة ، فلمّا خرج شكّ في دخول الماء تحت الخاتم قهرا من جهة غلبة الماء عليه وعدمه ، وفي مثل هذا وأشباهه لا تجري فيه قاعدة الفراغ لما ذكرنا من أنّها أمارة من باب الظنّ النوعي في كون المكلّف العالم بترتيب العمل لا يأتي بالجزء اللاحق إلّا بعد الإتيان بالجزء السابق ، ومعلوم أنّ هذه لا يجري في صورة إحراز الغفلة ، إذ حينئذ ليس ملتفتا إلى الخاتم حتّى يكون كونه في مقام الامتثال كاشفا نوعيّا عن تحريكه خاتمه.
وكذا لو كان جاهلا بشيء يحتمل حاجبيّته مثلا ويحتمل أن يكون قد وصل الماء تحته لغلبة الماء ونفوذه مثلا. وما ذكره الميرزا من جريان قاعدة الفراغ وأنّ الأذكريّة حكمة لا علّة (١) لم يعلم وجهه بعد بنائه على الأماريّة ، والظاهر أنّه مناقضة. هذا كلّه فيما لو أحرز المكلّف الغفلة.
(وربّما يقال : إنّ قاعدة الفراغ تجري حتّى في صورة إحراز الغفلة أيضا استنادا إلى رواية الحسين بن أبي العلاء قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الخاتم إذا اغتسلت؟ قال عليهالسلام : حوّله من مكانه ، وقال : في الوضوء تديره فإن نسيت حتّى تقوم في الصلاة فلا آمرك أن تعيد الصلاة» (٢). ورواه ابن بابويه مرسلا
__________________
(١) انظر فوائد الاصول ٤ : ٦٥٠.
(٢) الوسائل ١ : ٣٢٩ ، الباب ٤١ من أبواب الوضوء ، الحديث ٢.