وثانيا : أنّه في اصول الدين ولا يجوز التقليد فيها لبساطة المقدار الواجب منها وسهولته بخلاف المسائل الفقهيّة ، فافهم وتأمّل.
وقياس الفقه على الاعتقاديّات في عدم جواز التقليد فيه قياس ومع الفارق أيضا ، فافهم.
في لزوم تقليد الأعلم وعدمه
ويقع الكلام تارة في حكم العامي إذ أراد التقليد ، واخرى في حكم المسألة بحسب الدليل للمجتهد.
أمّا الكلام في الاولى فنقول : إنّ المقلّد بعد علمه بحرمة العمل بالظنّ إذا أراد التقليد وكان هناك مجتهدان متفاوتان في الفضيلة فالأمر دائر عنده بين التعيين للأفضل أو التخيير بينه وبين المفضول ، فالقدر المتيقّن له هو حجّية قول الأفضل ، ضرورة أنّ دوران الأمر بين التعيين والتخيير يقضي بالتعيين فلا يجوز له إلّا العمل بفتوى الأفضل ، فإذا أفتى الأفضل بجواز الرجوع الى المفضول فحينئذ يجوز لهذا العامي تقليده في ذلك ، فلو أفتى المفضول بطهارة الغسالة مثلا مع كون فتوى الأفضل نجاستها فللعامي أن يبني على طهارتها عملا ، وقد أفتى السيّد اليزدي في عروته بعدم جواز ذلك (١) ولم يعلم وجهه علميّا عدا فرض كون العامي قد استقلّ عقله بلزوم تطبيق الفروع على طبق فتوى الأعلم بالنجاسة في الغسالة ، فحينئذ لا يجديه تجويز الأفضل له متابعة المفضول وهو وجه نادر التحقّق جدّا ، فتأمّل.
وأمّا الكلام في حكم المسألة من حيث الدليل فنقول :
تارة يعلم المقلّد أنّهما مختلفان بحيث تكون فتاوى المفضول مخالفة لفتاوى الأفضل وعلى خلاف الاحتياط أيضا ، كأن يفتي الأفضل بنجاسة الغسالة ويفتي
__________________
(١) انظر العروة الوثقى في التقليد مسألة ٤٦.