إن قلت : ما هو الفارق بين حديث «رفع ما لا يعلمون» الّذي عمّمتموه للمستحبّات مع وروده مورد الامتنان وبين حديث رفع الضرر والحرج؟
قلت : إنّ حديث : رفع الضرر والحرج ، إنّما هما بمعنى : أنّا لم نجعلكم في الضرر والحرج وبجعل المستحبّ لم يوقعنا في ضرر بسبب جعله ؛ لأنّه قد رخّصنا في تركه ، فلو اخترناه لكان الضرر والحرج مستندين إلى اختيارنا لا إلى جعله ، فتأمّل.
[لو تيمّم لاعتقاد الضرر ثمّ انكشف خلافه]
بقي الكلام في فرع ذكره في العروة (١) كما ذكره الميرزا النائيني قدسسره لمناسبة ما (٢) وهو أنّه لو تيمّم لاعتقاد الضرر ثمّ انكشف أن لا ضرر أو لزعمه عدم الماء ثمّ انكشف له وجوده فنسب قدسسره إلى المشهور الحكم بصحّته وصحّة الصلاة الواقعة به ، وذكر أنّ بعضهم تخيّل أنّ اعتقاد الضرر له موضوعيّة في خصوص باب التيمّم ومن ثمّ صحّحوا تيمّم مثل هذا ، لوجدان الموضوع وهو الاعتقاد بالضرر ، ووجّهه قدسسره بأنّ موضوع التيمّم في الآية هو عدم الوجدان والمراد به عدم التمكّن من استعمال الماء ، وهذا بما أنّه يعتقد الضرر أو يعتقد عدم الماء فهو غير متمكّن من استعمال الماء ، والمراد من عدم الوجدان في الآية هو عدم التمكّن.
أقول : ما ذكره متين جدّا في معتقد عدم الماء ؛ لأنّ من اعتقد عدم الماء فهو غير واجد عقلا. ومتين في معتقد الضرر أيضا إن بنينا على حرمة الإضرار بالنفس ؛ لأنّ المنع الشرعي كالمنع العقلي. أمّا إذا قلنا بجواز إضرار الإنسان نفسه إذا لم يؤدّ إلى الهلكة وفرضنا أنّ الوضوء لا يؤدّي إلى الهلكة فمقتضى القاعدة بطلان تيمّمه ، إلّا أنّ في الأخبار الواردة عن أهل البيت عليهمالسلام ما يدلّ على أنّ خوف الضرر موجب
__________________
(١) انظر العروة الوثقى : أحكام التيمّم ، المسألة ١٨.
(٢) منية الطالب ٣ : ٤١٢.