[الاضطرار إلى المعيّن]
فأمّا إذا كان الاضطرار إلى بعض معيّن وكان بعد تنجّز العلم الإجمالي فصوره ثلاثة : لأنّه إمّا أن يضطرّ إليه بعد النجاسة والعلم بها ، أو قبلهما أو بعد النجاسة وقبل العلم بها :
ـ فإن كان بعدهما مثل أن يعلم بنجاسة أحد الإناءين اللذين أحدهما خلّا والآخر حليبا ثمّ اضطرّ إلى شرب الثاني لرفع عطشه فلا إشكال في ارتفاع حرمته ، إلّا أنّ الكلام في أنّ الاضطرار إليه يجوّز ارتكاب الثاني أم لا ، وبعبارة اخرى هل الاضطرار إليه رافع لأثر العلم الإجمالي له بخصوصه أم يرفع أثره كلّية؟ ذهب الشيخ الأنصاري قدسسره إلى بقاء الثاني على حرمة الارتكاب (١) لأنّ الاضطرار إنّما أباح له ارتكاب المعيّن فيبقى الثاني على حكمه.
وذهب الآخوند قدسسره إلى ارتفاع أثر العلم الإجمالي كلّية بدعوى أنّ العلم الإجمالي كان محدّدا إلى وقت الاضطرار أمّا بعد الاضطرار فلا علم إجمالي فالاضطرار من حدود التكليف ، ثمّ نقض على نفسه قدسسره بالفقدان لبعض الأطراف وإتيان بعض أطراف المعلوم وجوبه إجمالا ، وأجاب بأنّ الفقدان ليس من حدود التكليف كالاضطرار (٢). ولكنّه في حاشية الكفاية (٣) عدل عمّا اختاره في متنها ، بتقريب أنّ العلم الإجمالي تعلّق بوجود الحرام في هذا إلى حين الاضطرار أم في ذاك مطلقا فيكون الاضطرار من حدود تكليف بعض الأطراف لا جميعها.
وما ذكره قدسسره في الحاشية وهامش الكفاية متين جدّا ، وما ذكره في المتن ضعيف بما ذكره في الحاشية ، مضافا إلى أنّ ما زعمه من كون الاضطرار من حدود
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٢٤٥.
(٢) كفاية الاصول : ٤١٠.
(٣) انظر حاشية الكفاية المطبوعة مع حاشية فرائد الاصول : ٣٢٣.