بقي الكلام في أنّ الرواية إذا اشتملت على لفظ تعارض فيه كلام اللغوييّن هل يدخل في باب التعارض أم لا؟ الظاهر عدم الدخول ، لأنّه لا يصدق «يجيء عنكم الحديثان» وإنّما هو حديث واحد.
ثمّ إنّه إذا وردت الرواية الواحدة بصورتين كما إذا ذكر أحد تلاميذ الكليني الرواية بصورة ، وذكر التلميذ الثاني الرواية بصورة اخرى مغايرة للاولى في زيادة كلمة أو نقصان كلمة أو تقديم كلمة أو تأخيرها مثلا وكان المعنى مختلفا بذلك فهل يدخل ذلك في تعارض الروايتين فيرجّح بالمرجّحات المذكورة أم لا؟
الظاهر دخوله ، لأنّ كلّ واحدة من هاتين الروايتين مع عدم المعارض لها حجّة فبمقتضى تعارضهما يرجّحان بمرجّحات باب التعارض لصدق : «يجيء عنكم الحديثان المختلفان ...» والظاهر أنّه لا ريب فيه وإن أمر المحقّق الهمداني في مصباحه على إلحاقه باختلاف النسخ في عدم تحقّق الترجيح والتخيير فيه (١).
نعم ، لو اختلفت النسخ بنحو يكون مغيّرا للمعنى لا يدخل في اختلاف الروايتين بل هو من باب اشتباه الحجّة باللاحجّة.
بقي الكلام في أنّ التخيير تخيير اصولي أو عملي :
في أنّ التخيير في المتعارضين تخيير في مسألة اصوليّة
يظهر من السيّد الصدر شارح الوافية أنّه يذهب إلى كون التخيير تخييرا في العمل ورفعا للحيرة في مقام العمل (٢) وهو وإن كان لا يأباه بعض الروايات مثل قوله : «بأيّة عملت ...» (٣) إلّا أنّ الظاهر أنّ التخيير في العمل بالرواية ليس مثل التخيير
__________________
(١) انظر مصباح الفقيه ٢ : ٥٩٧ (طبع حجري) كتاب الصلاة.
(٢) شرح الوافية : ٥٠٠.
(٣) الوسائل ١٨ : ٨٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٤.