(ولكنّ التأمّل الصادق يقضي بصحّة ما أفاده الآخوند قدسسره من تقسيم القطع الموضوعي إلى الأقسام الأربعة (١) بيان ذلك أنّ القطع وإن كان أمرا بسيطا إلّا أنّه ينحلّ إلى امور ثلاثة :
الأوّل : جزم النفس وارتفاع تردّدها.
الثاني : انكشاف المعلوم وظهوره من حيث كونه انكشافا وظهورا.
الثالث : انكشاف الواقع.
فإن لوحظ من الجهة الاولى كان مأخوذا بنحو الصفتيّة تمام الموضوع أو جزؤه ، وإن لوحظ من الجهة الثانية وهي جهة الانكشاف المحض كان مأخوذا بنحو الكاشفيّة تمام الموضوع ، وإن لوحظ من الجهة الثالثة كان مأخوذا بنحو الكاشفيّة جزءا ، فأخذ القطع كاشفيّا تمام الموضوع ممكن ، بل واقع في مثل الفتوى والشهادة إذ المقصود أن تكون الفتيا عن علم له ، وكذا الشهادة عن انكشاف له وإن لم يكن الواقع كذلك. نعم مانعيّة العلم بالنجاسة لصحّة الصلاة اخذ العلم فيه جزءا بنحو الكاشفيّة ، ولذا لو علم بالنجاسة ثمّ نسي وصلّى ثمّ ظهر أنّه لم تكن نجاسة فصلاته صحيحة) (٢).
في قيام الأمارات مقام القطع
لا ريب في قيام الأمارات الّتي دلّ الشارع على حجّيّتها مقام القطع الطريقيّ في ترتيب آثار القطع بدليل حجّيّتها ، لأنّ دليل الحجّيّة دالّ على ترتيب آثار الواقع عليها وإلغاء احتمال الخلاف ، فتترتّب عليها آثار القطع من التنجيز عند المصادفة ، والإعذار عند الخطأ ، وإذا خالفه المكلّف يكون متجرّيا تجري عليه أحكام التجرّي وآثاره.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٠٣.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.