بقي شيء وهو أنّ خبر الواحد قد يطلق ويراد به مقابل المتواتر كما هو موضوع بحثنا في المقام ، وقد يطلق ويراد به الخبر الضعيف ، وحينئذ فيمكن أن يكون مراد المانعين عن العمل بخبر الواحد ـ المدّعين الإجماع على المنع عن العمل به وأنّ تركه من ضروريات مذهب الشيعة ـ هو الخبر الضعيف ، وحينئذ فيرتفع النزاع ويعود لفظيّا. ويشهد له أنّ الشيخ الطوسي قدسسره المدّعي للإجماع على جواز العمل بأخبار الآحاد (١) قد يترك العمل بالخبر الضعيف معتذرا بأنّه خبر واحد لا نعمل به (٢) ويشهد له أيضا عمل جملة من المانعين بخبر الواحد الثقة ، فافهم وتأمّل.
بقي الكلام في أدلّة القائلين بحجّية الخبر الواحد ، فإنّ نهض دليل على حجّيته فذاك ، وإلّا فمقتضى الأصل العملي عدم حجّية كلّ ظنّ يشكّ في حجّيته ، وحينئذ فعدم الحجّية مقتضى الأصل.
[الاستدلال بالآيات الكريمة على حجّية خبر الواحد]
وقد استدلّوا بعدّة أدلّة :
الأوّل : آية النبأ وهي قوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)(٣) وقد استدلّ بهذه الآية بعدّة وجوه :
أحدها : مفهوم الوصف ، وتقريره : أنّ التبيّن ـ الّذي هو واجب لأجل العمل بقرينة ذيل الآية لا لنفسه ـ واجب حيث يكون المخبر فاسقا ، فلو كان عادلا لا يلزم التبيّن بل يجب العمل بلا تبيّن ، وإلّا لزم مساواته للفاسق أو أرجحيّة الفاسق عليه ، وكلاهما محال.
__________________
(١) العدّة ١ : ١٠٠ و ١٢٦.
(٢) انظر العدّة ١ : ١٣٢ و ١٥١.
(٣) الحجرات : ٦.