وفي جميع ذلك نظر ؛ إذ أيّ دليل دلّ على حجّية هذا الظنّ؟ وأيّ دليل دلّ على حجّية هذا الاحتمال؟ وأيّ دليل دلّ على التخيير في صورة عدم الظنّ والاحتمال؟ ومقتضى القاعدة هو لزوم الاحتياط في الصور الثلاثة إلّا أن يقوم إجماع على ذلك وهو ما ذكروه ، وإلّا فالقاعدة تقضي بلزوم الاحتياط ، لأنّه يحتمل أعلميّة أحدهما ولم يشخّصه ، إذ الظنّ والاحتمال ليس بحجّة حتّى يشخّصه ، فهو من دوران الحكم بين الحجّة واللاحجّة فلا بدّ من الاحتياط إن أمكن.
وإن لم يمكن الاحتياط كما إذا اختلفا في الوجوب والحرمة أو كان موجبا للعسر والحرج تمّ ما قالوه من الرجوع إلى الظنّ أو الاحتمال وإلّا فالتخيير ، ولا يقاس المقام بصورة إمكان الاحتياط إذ لا علم بجعل الحجّة حينئذ في حقّه لإمكان الاحتياط ، بخلاف صورة تعذّره فإنّه لا بدّ فيها من مراعاة الظنّ ، لدوران الأمر بين التعيين والتخيير في مقام جعل الحجّية لانحصار الحجّة في حقّه بفتوى أحدهما ، فافهم.
في جواز تقليد الميّت وعدمه
المعروف بين الأصحاب على ما نسب إليهم عدم جواز تقليد الميّت مطلقا (١) وذهب بعضهم إلى جوازه مطلقا وهم المحدّثون (٢) (ووافقهم المحقّق القمّي في جامع الشتات (٣).
والظاهر أنّ هذه المخالفة لا تخلّ بدعوى الاصوليّين الإجماع على عدم الجواز ابتداء ، لأنّ مبنى الميرزا القمّي انسداد باب العلم والعلمي بالأحكام الشرعيّة ،
__________________
(١) انظر مفاتيح الاصول ٦١٨ ـ ٦٢٤ ، ورسائل المحقّق الكركي ٣ : ١٧٦ ، والمسالك ٣ : ١٠٩ ، ورسائل الشهيد الثاني ١ : ٤٤ ، والمعالم : ٢٤٧.
(٢) الفوائد المدنيّة : ١٤٩ ، ومفاتيح الشرائع ٢ : ٥٢ وانظر مطارح الأنظار ٢ : ٥٦٤.
(٣) جامع الشتات ٤ : ٤٦٩ ، كتاب النكاح.