[الاستدلال على البراءة بالاستصحاب]
وقد استدلّ أيضا على جواز ارتكاب محتمل التحريم بالاستصحاب ، وهو مقرّر على نحوين :
أحدهما : أن يقرّر باستصحاب عدم المنع من الفعل وعدم استحقاق العقاب وبراءة الذمّة من التكليف.
وقد اشكل على هذا الاستصحاب بعدّة إشكالات :
أحدها : ما نسبه صاحب الكفاية (١) في ذيل الأصل المثبت إلى الشيخ الأنصاري قدسسره ومضمونه : أنّ الاستصحاب يعتبر فيه أن يكون المستصحب حكما شرعيّا أو موضوعا ذا أثر شرعي ، وعدم المنع عن الفعل ليس حكما شرعيّا ولا له أثر شرعي وعدم العقاب من لوازمه العقليّة.
ولكن لا يخفى أنّ الشيخ لم يرد ما ذكره صاحب الكفاية ، وإلّا فهو مصرّح بجريان استصحاب العدم في باب الاستصحاب.
وبالجملة ، فيرد على المناقشة المذكورة في جريان الاستصحاب أنّ المستصحب يلزم أن يكون قابلا للتعبّد الشرعي ولا يعتبر أزيد من ذلك ، إذ لم ترد رواية بلزوم كون المستصحب حكما أو موضوعا ذا أثر. وعدم التكليف قابل للتعبّد الشرعي ، إذ الشارع كما بيده جعل الحكم بيده رفعه أيضا. وحينئذ فعدم التكليف بترك محتمل التحريم الّذي هو المستصحب قابل للرفع ولأن يستصحب ، فلا يصلح عدم كونه حكما أو موضوعا ذا حكم لعدم جريان الاستصحاب فيه أصلا (مضافا إلى أنّ المستصحب مجعول في المقام كما سيأتي) (٢).
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٧٦.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.