(وصوره ثلاثة ، لأنّه إمّا أن يعلم تاريخ الملاقاة ويجهل تاريخ الكرّية أو بالعكس أو يجهل تاريخهما ، وقد صار هذا الفرع بتمام صوره محطّا للأنظار فبين مفت (١) بالطهارة في تمام الصور ، لجريان الاستصحابين في الحادثين بعدم كلّ في زمن حدوث الآخر فتتساقط ويرجع إلى أصالة الطهارة كما هو الصحيح ، وبين مفصّل بين الصور (٢) ، وبين مفت بالنجاسة في تمام الصور كالميرزا النائيني قدسسره (٣) فقد) (٤) ذكر الميرزا قدسسره أنّ الموضوع لعدم النجاسة هو الكرّية السابقة على الملاقاة بدعوى استفادته من قوله : «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» (٥) وإنّه لا يمكن استصحاب عدم الملاقاة إلى زمان الكرّية ، أمّا إذا علم تاريخ الملاقاة فلما ذكره من عدم إمكان جرّ المتيقّن في عمود الزمان فتجري أصالة عدم الكرّية إلى زمان الملاقاة فيحكم بالنجاسة.
وقد ذكرنا أنّه لا يعتبر جرّه في عمود الزمان ، بل يعتبر أن يكون الشكّ متحقّقا بالإضافة إلى تحقّقه زمن الحادث الآخر وأنّه كان حال حدوثه أم لا يكن ، وأمّا إذا لم يعلم تاريخ الملاقاة وعلم تاريخ الكرّية فلزعمه أنّ الحكم بالعاصميّة مرتّب على الملاقاة حال الكثرة ، فاستصحاب عدم الملاقاة إلى زمان الكرّية يكون مثبتا لكون الملاقاة حال الكرّية.
ولا يخفى عليك أنّ عدم الملاقاة إلى زمان الكرّية كافية في إثبات طهارته ، فإنّ عدم ملاقاة الماء القليل للنجس كاف في طهارته لانتفاء جزء الموضوع
__________________
(١) انظر الفرائد ٣ : ٤٠٦ ـ ٤٠٧.
(٢) انظر كفاية الاصول : ٤٨٠.
(٣) أجود التقريرات ٤ : ١٥٨ ـ ١٦٣.
(٤) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٥) وسائل الشيعة ١ : ١٥٨ ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الحديث الأوّل.