نعم ، لو كان معرفته بمثل الرمل والجفر لا يجوز تقليده وإن وجب عليه العمل لنفسه إن كان قاطعا ، لأنّه يلزم أن تكون المعرفة بأسبابها العرفيّة وهي طلب العلم والتفقّه والنفر إلى المحلّ الّذي يطلب فيه العلم.
وبناء على ما ذكرنا يرتفع النزاع بين الاصوليّين والأخباريّين في الاجتهاد وأنّه بدعة كما عن الأخباريّين (١) لأنّ لفظ الاجتهاد لا أثر له ، بل إنّما جعل عبارة اخرى عمّا ذكرنا من الموضوع لجواز التقليد المأخوذ في لسان الأخبار ، بل رجوع الجاهل إلى العالم أمر فطري قد جبلت عليه الفطر ، بل كان في زمن الأئمّة عليهمالسلام ، فافهم.
بقي الكلام في أنّ المجتهد الّذي انسدّ عنده باب العلم بالأحكام هل يجوز تقليده في الأحكام أم لا؟ الظاهر العدم.
أمّا بناء على الحكومة فلأنّ حكومة العقل إنّما تعيّن كيفيّة العمل حيث ينسدّ باب العلم فليس فيه معرفة للحكم الشرعي ، فلا يصدق «عرف أحكامنا».
وأمّا بناء على تقرير المقدّمات بنحو الكشف فإنّما يكون الظنّ حجّة لخصوص من انسدّ عليه باب العلم وهو نفسه ، وأمّا غيره من العوامّ فلم ينسدّ عليهم باب العلم ، لأنّ من جملة المقدّمات هو عدم جواز التقليد وهذا للمقلد العاميّ جائز ، وإنّما لم يجز بالإضافة إلى المجتهد ، لأنّه ليس رجوع جاهل إلى عالم وإنّما هو رجوع عالم إلى من يعتقد جهله ، فافهم وتأمّل.
الكلام في التجزّي
قسّموا الاجتهاد إلى : مطلق وهو المرسل الغير المقيّد بمسألة أو باب خاصّ بل يكون عامّا في جميع مسائل الفقه ، وتجزّي وهو الاجتهاد في بعض مسائل الفقه دون البعض الآخر ، وكان ينبغي التعبير عنه بالمقيّد في قبال المطلق ، لأنّ التعبير بالتجزّي ممّا يعطي كونه ذا أجزاء وليس كذلك.
__________________
(١) انظر الفوائد المدنيّة : ٢ ـ ٤ ، وهداية الأبرار : ١٨٠.